"رضا حمودة" يكتب: ركوع حاكم عربى أمام إسحق رابين

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"رضا حمودة" يكتب: ركوع حاكم عربى أمام إسحق رابين


(10 أبريل 2016)

لم يعد غريباً خذلان وصمت الأنظمة العربية إلى حد التواطؤ ضد القضية الفلسطينية والتى لم تعد قضية العرب والمسلمين المركزية كما كانوا يزيفون وعى الأمة بتلك الفرية الكبرى ، إذ بات المدهش حقاً أن نرى عكس تلك المواقف المخزية والمؤسفة لحكامنا إزاء كل ما يتعلق بقضايانا المصيرية العادلة وخاصة كل ما هو إسلامي

لذا أعتقد أن من المنطق عدم التعويل طويلاً على هؤلاء الحكام أو التباكى على خزى مواقفهم أو التعويل على نوبة صحيان قد تطرأ فجأة لصالح شعوبهم أوقضايا الأمة ، لكن لابد فى المقابل إلقاء الضوء على مؤامراتهم على أوطانهم ، وارتمائهم فى أحضان العدو رغم ادعاءاتهم عكس ذلك.

لا تسأل كثيراً عن سبب عدم تأييد الأنظمة العربية للمقاومة والجهاد المسلح ضد عدونا الصهيونى فى الأراضي الفلسطينية المحتلة لأن السبب واضح وهو أن هذه المقاومة تكشفهم وتعريهم تماما كما تكشفهم أى تحركات ثورية معارضة فى بلداننا العربية (ثورات الربيع العربى)، ذلك أن المقاومة والجهاد ضد المحتل كشفت الصهاينة العرب في بلادنا

فصار جهاد المحتل دفاعاً عن الأرض إرهاباً ودعوة للتطرف تماهياً مع الرواية الغربية الصهيونية وبالتالى نرى تحركاتهم الحثيثة الخبيثة لإجهاض أى صوت أو تحرك ثورى على الأرض ينادى بالحرية والاستقلال والإنعتاق من التبعية للغرب بشتى الوسائل المادية والمعنوية والإعلامية.

هزتنى رسالة مخزية عبر الفاكس لحاكم عربى ارتضى لنفسه ولأمته الذل والمهانة بعثها لرئيس وزراء العدو الصهيونى(إسحاق رابين) بتاريخ الثالث من يوليو من عام 1995 تعمّدت إسرائيل تسريبها وللمصادفة القدرية أن يتزامن تاريخ الرسالة الفاضحة مع انقلاب الجنرال السيسى على إرادة الشعب المصرى من عام 2013..

هذا الحاكم هو" محمد إبراهيم عقال "رئيس الصومال"، هذا البلد العربى الاسلامى المنكوب بحكامه دائماً، فقد كان الغرض من الرسالة هو طلب تأسيس شركة إستراتيجية مع إسرائيل قائلاً فى نهاية رسالته بحالة من الانسحاق والانبطاح المثير لكل معانى الأسف والدونية فى ذات الوقت (ونعرب لسعادتكم عن إعجاب شعبنا الشديد بإسرائيل التى هزمت العرب فى ثلاث معارك رئيسية حتى حصلت على مبتغاها ، وعلى كل حال فنحن منكم كالقزم أمام العملاق.شالوم ولى الشرف أن أبقى خادمكم المطيع.

انتهت رسالة الحاكم المنبطح لكن مازال دويّها الهائل وأثرها بالغ السوء على كل ذى ضمير ونخوة إسلامية وعربية بل وإنسانية ويمتلك الحد الأدنى من الكرامة وحمرة الدم البشرى، ورغم أن الرسالة قديمة تاريخياً لكنها حديثة فى جوهرها تعززها الشواهد على أرض الواقع وكأنها كتبت للتو، ويبدو أنها ليست الأولى ولن تكون الأخيرة وربما هناك الكثير من الرسائل المماثلة لحكام آخرين لم يتم الكشف عنها بعد ، تجسد مدى الحميميّة القائمة على الدونية وليست الندية بين حكامنا المستأسدون على شعوبهم فقط وبين زعماء الكيان الصهيونى من جانبٍ آخر.

ولعل أبرز ما يجسد هذه الحالة ما قاله الوزير الصهيونى المتطرف "أفيجدور ليبرمان" في (يونيو 2014) مكرراً مقولة رئيس جهاز الموساد الأسبق" مائير داجان" : إن الدولة الإسرائيلية مثل العشيقة فى الشرق الأوسط ، الجميع(يقصد الحكام العرب) يستمتعون بالعلاقة معها، ولكنهم لا يعترفون بذلك..إلى أن وصل به حد الغطرسة والاستعلاء القول بأن إسرائيل بإمكانها العيش والصمود بدون(العرب) ، ولكن هذه الدول لا يمكنها العيش بدون إسرائيل.

هكذا تحدث الصهيونى ليبرمان وغيره من مسؤولى الدولة الصهيونية من واقع معرفتهم الواقعية لطبيعة العلاقة التى تربط دولتهم بالحكام العرب ذلك أن العلاقة بين الجانبين تخطت حد العلاقات العادية إلى علاقات المودة الوطيدة فضلاً عن التبادلات التجارية فى السر والعلن وصفقات سلاح وغاز وما خفي كان أعظم ، فكما أن العلاقة بين الدولة المصرية وأمريكا كعلاقة الزوج وزوجته

وليست علاقة عابرة كما قال وزير خارجية الانقلاب نبيل فهمى فإننا نستطيع الزعم بأن دولة الكيان الصهيونى على علاقة غرام وعشق لكنه العشق الحرام مع دول وأنظمة عربية(وأقصد هنا الأنظمة وليس الشعوب) أشبه بالاغتصاب ولكن بالتراضى والاستمتاع مع كامل الأسى والأسف ، فضلاً عن اغتصاب كامل للأرض والعرض يتحمل أسبابه بلا شك أصحاب الجلالة والفخامة والسمو من حكامنا الأجلاء مهما قالوا ونفوا ورفعوا من شعارات الممانعة والعروبة والإسلام فقد كشفتهم الثورات وقامت بتعريتهم الانقلابات التى دبروها وأداروها بأموالنا.

قمة الخذلان والتعرى لتلك الأنظمة فى الصواريخ الإبداعية للمقاومة الإسلامية حماس وغيرها من فصائل المقاومة التى وصلت تل أبيب وطائراتها بدون طيار والمصنعة محلياً والتى حلقت فوق وزارة الدفاع الصهيونية بالامكانيات الذاتية ورغم حصار الأشقاء ، فقط الإيمان والإرادة والعزيمة والأخذ بأسباب القوة كفيل بكسر أنف العدو ، واهانة كبرياءه الزائف نيابةً عن الأمة كلها

وكشفت حجم الخيانة والتواطؤ والتآمر العربى الرسمى المخزى لحكام وملوك كان لهم ظهير من العلماء والقضاة والأبواق المأجورة صدق فيهم قول العلاّمة الراحل الشيخ محمد الغزالي "إنما فسدت الرعية بفساد الملوك ، وفساد الملوك بفساد العلماء ، فلولا القضاء السوء والعلماء السوء لقل فساد الملوك خوفاً من إنكارهم".

المصدر