أبجديات الحرب وانتصار المقاومة في غزة .. بقلم: يسري الغول

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


أبجديات الحرب وانتصار المقاومة في غزة

بقلم: يسري الغول

رجال القسام

بدأت الترجيحات الإسرائيلية تصدر –بعد ثلاثة وعشرين يوماً من الحرب على غزة- بعدم الاتفاق مع حركة حماس، والاكتفاء بوقف إطلاق النار من جانب واحد، وذلك لمنع تحقيق أي مكاسب سياسية لحركة حماس التي فرضت أبجديات الانتصار من خلال ضراوة المقاومة وبسالة التصدي لقوات الاحتلال المتمركزة في ترسانتها الحديدية. لذلك فإن إسرائيل قررت الذهاب وحدها إلى وقف إطلاق النار من جانب واحد بالاعتماد على الحليف المصري صاحب الضوء الأخضر للحرب على غزة.

ولعل المجازر النازية التي ترتكب كل لحظة في قطاع غزة وبصورة غير مسبوقة في التاريخ الإنساني لها أبعاد كبيرة وخطيرة، حيث أن إسرائيل ترفض أن تقع في شِرك الهزيمة التي منيت بها خلال حرب لبنان تموز الأخيرة، والتي أصبحت عقدة لكل جنرالات الجيش الذي لا يقهر. فكانت تلك المذابح والمجازر بمثابة خروج من الأزمة من خلال الضغط على حماس بوقف إطلاق الصواريخ والموافقة على أي مبادرة هزيلة قد تعقد بعد ذلك كالمبادرة المصرية. كما أنها جاءت كتبرير للشعب اليهودي بتحقيق انجازات على صعيد الفكر التلمودي النازي والانتصار على حماس بعد فشل جيشها في اجتياح قطاع غزة بأي حال.

لقد انتصرت المقاومة الفلسطينية، وانتصرت حماس على الترسانة اليهودية، بعد أن وقفت حجر عثرة أمام تحقيق الأهداف الإسرائيلية، ولعل جميعنا يدرك بأن الأهداف التي جاءت بها تلك الحرب كانت تمثل أكثر من سقف، لذلك فإن الصهاينة اجتمعوا أكثر من مرة، وعقدوا مجموعة من ورشات العمل وغيرها للتوصل إلى آلية تعمل على تحقيق تلك الأهداف، لكنهم ورغم ذلك لم يستطيعوا تحقيق أيٍ من أهدافهم، فالسقف الكبير الذي كانت ترتجيه الإدارة الصهيونية من خلال تلك الحرب هو إنهاء دور حركة المقاومة الإسلامية حماس عن الخارطة السياسية الفلسطينية، والقضاء على الحكومة الشرعية في غزة، وإعادة الشرعية لرئيس السلطة المنتهية ولايته محمود عباس وزمرته التي مازالت تنتظر القضاء على حماس للدخول إلى القطاع عبر معبر رفح ومعبر بيت حانون على ظهر الدبابة الإسرائيلية كما هو معلوم لإعادة احتلال القطاع بمجموعات المرتزقة اللحدية تلك. كما أن الهدف الثالث من تلك الحرب هو القضاء على المقاومة المسلحة بكل أشكالها وتفرعاتها، وذلك لم ولن يتحقق بفضل الصمود الأسطوري المقاومين الفلسطينيين الذين أدخلوا الرعب في صفوف جنود البامبرز الإسرائيلي. أما السقف المتدني من تلك الحرب فيتمثل في وقف إطلاق صواريخ القسام وغيرها ومنع وصول تلك الصواريخ إلى البلدات المحتلة التي لم تسلم معظمها من صواريخ المقاومة خلال هذه الحقبة.

لذلك وبسبب الفشل الإسرائيلي الغير متوقع في هذه الحرب، فإن إسرائيل عمدت إلى الضرب بيد حديدية كل المناطق والتجمعات السكنية بمن فيها وعليها، وبصورة عشوائية، كما استهدفت المساجد والمدارس، والمؤسسات الخيرية والمدنية، والصحفية وغيرها، وربما استشهاد الأستاذ سعيد صيام كان بمثابة القشة التي تعلقت بها قيادة الأركان الإسرائيلية بعد الفشل الذريع في اجتياح قطاع غزة والذي اعتبرته إسرائيل انتصاراً استخباراتياً لها، رغم أنه لا يمثل للفلسطينيين سوى مزيداً من التحدي والبسالة لإنهاء الاحتلال.

لذلك فإن الكيان الصهيونى وبعد نجاحها في استهداف القائد صيام و نزار ريان ستقول بأنها نجحت في تحقيق أهدافها الغير ثابتة أصلاً، وستخرج مصر وبعض الدول العربية المتأمركة لتبارك الحملة رغم كل هذا الدمار والقتل في أبناء الشعب الفلسطيني. وستبرر للمحتل همجيته وبربريته كما حدث منذ اليوم الأول للمحرقة على لسان نمر حماد مستشار رئيس السلطة المنصرم حين حمّل حركة حماس مسؤولية تلك الحرب، وكما صرّح الطيب عبد الرحيم بكفره حين قال بأن "الشرعية ستعود قريباً إلى غزة وستسقط كل الأجندة الخارجية"، كرسالة واضحة ومعلومة بأن هناك موافقة عربية للقضاء على المشروع الوطني الفلسطيني المقاوِم.

المقاومة الفلسطينية ربحت الحرب، لأنها لم تتقاعس ولم تنحني للريح كما فعل البعض، بل بقيت صامدة على الثغور تقاوم ببسالة وشرف حتى منعت الاحتلال من التقدم قيد أنملة لاجتياح قطاع غزة. والمقاومة ربحت أيضاً لأنها انتصرت إعلامياً، وأظهرت مدى نازية الصهاينة وتشوقهم للولوغ في دماء الفلسطينيين، حتى بات القاصي والداني يعرف من هم قتلة الأطفال، ومن هم أعداء الإنسانية، وأكبر دليل على ذلك هو المظاهرات التي خرجت من كل حدب وصوب تضامناً مع أهل غزة.

وختاماً، فإن البشرى التي ترددها غزة لكل العرب هي أن المقاومة ما زالت بخير، ثابتة لم تتزحزح قيد أنملة عن حقها، ولن تفعل حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، وليس أدل على ذلك سوى ما قاله رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية سابقاً "لن تسقط القلاع، ولن تخترق الحصون، ولن ينتزعوا من شعبنا المواقف" فهنيئاً لغزة نصرها، وعزها بمقاومتها وشهدائها.

المصدر : كتائب الشهيد عز الدين القسام -المكتب الإعلامي