أفغانستان المجاهدة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
نحو جيل مسلم أفغانستان المجاهدة

عز العرب فؤاد

دار التوزيع والنشر الإسلامية

المركز الإسلامي للدراسات والبحوث

بسم الله الرحمن الرحيم
"كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم "
صدق الله العظيم

مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله ورضي الله عن آله وأصحابه وعترته وأحبابه وكل من تبع هداه وبعد:

فإن المسلم يفهم من دين الله أن شريعة الإسلام كاملة شاملة فهي منهج حياة للبشر على أرض الله ويفهم أيضا أن هذه الشريعة كما تصلح لأرض الله بلا حدود فهي أيضا تصلح لكل زمان أعني بها شمولية مكانا وزمانا .
والمسلم يفهم من معني الأخوة أن المسلمين في بقاع الأرض هم إخوانه وأن الأرض التي يعيشون فيها ويحيون عليها هي وطنه الإسلامي الكبير ولسان حاله

يردد قول القائل:

فحيثما ذكر اسم الله في بلد
عددته من لب أوطاني

فالسملم بهذا الفهم الواسع لمعنى الوطنية لا يعترف بتلك الحدود التي وضعها المستعمر لتفتيت أمة الإسلام ولتحويل الوطن الإسلامي الكبير إلى أجزاء متفرقة باسم الوطنية الإقليمية تارة وباسم القوميات تارة أخري.
إن الجيل المسلم المعاصر يجب أن يعلم أن وطنه الإسلامي الكبير وحدة واحدة لا انفصال لها وأنه إذا احتل جزء من أرضه وجب على المسلمين كافة طرد المعتدي وإجلاؤه عن هذا الجزء العزيز من وطنه .
فأمة الإسلام تشترك في ماضيها وحاضرها ومستقبلها كما تشترك في آمالها وآلامها فهي كالجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الأعضاء بالسهر والحمى كما علمنا رسول الله صلي الله عليه وسلم من أجل ذلك فإن سلسلة "نحو جيل مسلم"
تحرص على أن تقدم تعريفا بالوطن الإسلامي الكبير ممثلا في الدول الإسلامية ولقد بدأنا بالتعريف في هذا البحث الموجز عن "أفغانستان المجاهدة " التي تدفع عن نفسها وعن المسلمين ذلك العدوان الشيوعي الملحد .

والله أسأل أن يجعله عملا خالصا لوجهه الكريم.

عز العرب فؤاد
القاهرة في يوم السبت الموافق
13 من جمادي الآخرة 1406هـ
22 من فبراير 1986م

أفغانستان والفتح الإسلامي

فتح العرب أفغانستان في أزمنة مختلفة وإن كانت متقاربة فقد أنفذ عمر بن الخطاب رضي الله عنه الصحابي الجليل الأحنف بن قيس إلى خراسان "وبها جزء كبير من أفغانستان الحالية " سنة 18 هـ فدخلها وتملك مدنها

وظل الحال كذلك حتى توفي عمر وولي عثمان رضي الله عنهما وبعد سنتين من ولايته ثار أهل خراسان وأجلوا عمال المسلمين عليها فأرسل إليهم عبد الله بن عامر بن كريز وعبد الله بن بشر فاستوليا عليها وأعادا عمال المسلمين إليها .

وافتتح الأحنف بن قيس بلخ من قبل عبد الله بن عامر بن كريز في أيام عثمان رضي الله عنه وكذلك فتحت زابلستان وعاصمتها غزنة في أيام عثمان رضي الله عنه وكان فتحها بعقد وهو أقل من المعهد .

أما سجستان فقد فتحها عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب في أيام عثمان أيضا . وأما الجوزجان فقد استولي عليها الأقرع بن حابس التميمي من قبل الأحنف بن قيس سنة 33 هـ .وأما كابل فقد فتحت في عهد بني مروان وأهلها مسلمون .

ويتضح مما تقدم أن فتح العرب لأفغانستان بدأ في عهد عمر واستمر في عهد عثمان رضي الله عنهما وأن العاصمة لم تفتح إلا في أيام بني مروان كما يظهر أن طريق الغزو بدأ من الشمال الغربي لأفغانستان ثم تفرع الجيش العربي إلى فرعين توغل أحدهما في شمال أفغانستان ثم انعطف نحو الجنوب حتى غزنة واخترق الثاني غرب أفغانستان مارا بسجستان وانتهي إلى زمنداور وهي الآن مديرية في ولاية هلمند بعد أن صالح أهلها .

ويلاحظ أن الإسلام سبق الجيش الفاتح إلى بعض مدن أفغانستان بدليل أن كابل افتتحت وأهلها مسلمون كما تقدم.ولقد نبغ رجال من أهل أفغانستان في شتى العلوم والمعارف ابتداء من القرن الثاني الهجري حتى أوائل القرن السابع الهجري؛

وإليك بعض الأمثلة:

ففي الفقه والحديث: الإمام أبو حنيفة ومحمد بن يوسف الفارياني ومكحول وابن حبان والهروى وشجاع أبن أبي نصر البلخي وأبو سليمان الجوزجاني وغيرهم ممن تشهد لهم المكتبة الإسلامية بوجودهم وتأثيرهم في مدرسة الفقه والحديث .
وفي التفسير: عبد الله بن الثقة بن المأمون الهروى وعمار بن عبد المجيد وأبو زيد البلخي وشيخ الإسلام الصابوني وغيرهم .
وفي التصوف: منهم شقيق البلخي وأبو على الجوزجاني وعبد الله الأنصاري الهروي .
وفي الطب: ابن سينا وأبو منصور الهروى .
وفي الفلسفة وعلم الكلام: أبو سليمان محمد بن معشر وأبو القاسم الكعبي وابن سينا ومحمد بن عبد الكريم بن حمد .
وفي السياسة والإدارة: أبو زيد البلخي والسائح الهروي .
وفي الجغرافيا: أبو زيد البلخي والسائح الهروي أيضا .
وفي التاريخ: أبو الريحان الباروني والنضر بن محمد ابن عبد الجبار العتبي .
وفي اللغة والنحو: أبو عمرو الهروي وأبو منصور الأزهري وأبو سعد النحو اللغوي ومحمد بن آدم بن كمال وأبو القاسم الضحاك بن مزاحم البلخي وأبو المعاني محمد بن تميم البرمكي وغيرهم كثير .
وفي الأدب والشعر: يحيي بن خالد البرمكي بشار بن برد وأبو سعيد محمد جعفر الغوري وأبو القاسم الضحاك وغيرهم كثيرا أيضا .

جغرافية أفغانستان

الموقع الجغرافي

لعب موقعها الجغرافي أدوارا هامة وثابتة في تحديد تاريخها بحيث كان لموقعها الجغرافي الأثر الأكبر في التأثير على مجري التاريخ فيها .

لذلك فإن النظرة الفاحصة إلى جغرافية أفغانستان وإلى موقعها في العالم قديما وحديثا تلقي كثيرا من الضوء على تاريخها وعلى المتغيرات التي حدثت خلال هذا التاريخ .

فموقع أفغانستان المميز والفريد جعل من هذا البلد الصغير الذي تبلغ مساحته حوالي 270,000 ميلا مربعا مفتاح وسط آسيا وجسرا يؤدي إلى أكبر دول القارة المحيطة بها أعني الاتحاد السوفيتي والصين وإيران وشبه القارة الهندية لذلك طمع فيها الجميع باعتبارها الباب الموصل إلى بقية جيرانها .

وأفغانستان دولة ليست لها منافذ أو حدود بحرية يحدها من الشمال الجمهوريات الإسلامية التابعة للإتحاد السوفيتي ومن الغرب إيران , ومن الشرق والجنوب حدود طويلة من باكستان ومن الجهة الشرقية حدود مشتركة مع الصين تبلغ حوالي 100 ميل .

التضاريس

وأفغانستان من أجمل أقطار آسيا الوسطي الغربية ففي أجزائها الشمالية والوسطي بوجه خاص تبدو الطبيعة الساحرة والجبال الشم والغابات الشاسعة والأحراش البرية الفسيحة التي تأوى إليها سلالات عجيبة من الحيوان الوحشي كما يوجد في أفغانستان المراعي الكثيرة الواسعة؛

كما تعتبر أيضا بلد الحدائق والزهور ,وتكثر في ربوعها جدول الماء العذبة والشلالات الهادرة والممرات الجبلية الشاهقة والأخاديد السحيقة وتحتضن جبالها وهضابها مجموعة فريدة من البحيرات .

والسمة الغالبة على سطح أفغانستان هي كثرة الجبال العالية والهضاب الواسعة والانحدار العام للسطح من الشمال الشرقي والشرق إلى الجنوب الغربي والجنوب حيث توجد بعض السهول الفسيحة في الحوض الأدني لكل من نهري " هرى رود "و " هلمند" في مقاطعة " سيستان "

وتشكل الطبيعة الجبلية الوعرة والصحراوية حوالي 80% من مساحة أفغانستان ومن أبرز مظاهر السطح في أفغانستان الجبال وشبه القارة الهندية .

لذلك طمع فيها الجميع باعتبارها الباب الموصل إلي بقية جيرانها وأفغانستان دولة ليست لها منافذ أو حدود بحرية يحدها من الشمال الجمهوريات الإسلامية التابعة للإتحاد السوفيتي ومن الغرب إيران, ومن الشرق والجنوب حدود طويلة مع الباكستان ومن الجهة الشرقية حدود مشتركة مع الصين تبلغ حوالي 100 ميل .

المناخ

وأفغانستان قطر داخلي مناخها متطرف وجوها قاري فالصيف شديد الحرارة والجفاف وكثيرا ما ترتفع درجة الحرارة في بعض السهول المنخفضة إلى أكثر من 45 درجة مئوية وأشد شهور السنة حرارة يونيو ويوليو وأغسطس أما الشتاء فهو قارس البرد وقد تنخفض الحرارة في بعض المناطق وبخاصة الأقاليم المرتفعة إلى 20 درجة تحت الصفر .

أما الربيع والخريف فالطقس فيهما معتدل وتهب على أفغانستان شتاء الرياح الغربية وتجلب هذه الرياح بعض المطر على شكل ثلوج تكسو الأرض لأن درجة الحرارة تنخفض في ذلك الوقت إلى ما دون الصفر .

ويسقط المطر في فترات متقطعة من أول ديسمبر إلى نهاية فبراير وهذه الثلوج تذوب في أوائل الربيع وأوائل الصيف وتغذي الأنهار بالمياه كما أنها تساعد على نمو الأعشاب والمراعي التي تعتمد عليها في الرعي كثيرا.

أما في فصل الصيف فالرياح السائدة على أفغانستان باستثناء المناطق الشرقية وهي الرياح الشمالية الجافة لذلك فالصيف شديد الجفاف أما المناطق الشرقية وهي مناطق جبال سليمان فإنها تتعرض وقتئذ لهبوط أطراف الرياح الموسمية الصيفية بحكم جوارها للهند .

ولذلك يصيبها مطر صيفي قليل وتظهر تباشير الربيع في منتصف شهر مارس يستمر الطقس معتدلا مع بعض الأمطار الخفيفة حتى أوائل شهر يونيو عندئذ تأخذ درجة الحرارة في الارتفاع .

النباتات الطبيعية

وتكثر الغابات التي تكسو منحدرات جبال هندوكس وسليمان وهضبة تامير حيث تنمو أشجار الصنوبر والجوز والبندق والفستق واللوز والخوخ وأنواع شتى من الأشجار المزهرة وقد حققت أفغانستان الاكتفاء الذاتي بفضل هذه الغابات بأنواع الأخشاب التي تستخدم في صنع الأثاث والمباني ومواد الوقود للبلاد الباردة .

وفي أفغانستان مناطق شاسعة تجود فيها المراعي التي تربي عليها العديد من الحيوانات المستأنسة وعلى المنحدرات تنمو أشجار الزيتون والسنط كما تنمو الأحراش الواسعة ذات النباتات الشوكية التي ترعاها الإبل والماعز .

الثروة الزراعية

تعتبر أفغانستان بلدا زراعيا إذ نحو 85% من سكانها يشتغلون بالزراعة لذلك تنتشر الزراعة والحدائق في جميع أنحار البلاد وتعتبر الزراعة من دعامات الاقتصاد الوطني وبسبب الظروف المناخية الممتازة والمختلفة وبسبب اختلاف وتنوع التربة؛

فقد تمكنت أفغانستان من إنتاج جميع الحاصلات الزراعية وتحتل زراعة القمح المقام الأول يليه الشعير والذرة والأرز ويزرع القطن في السهول الشمالية وتستهلك الجانب الأكبر منه المصانع المحلية ويصدر الباقي للخارج .

وتمتاز أفغانستان بأجود أنواع الفاكهة إذ يوجد بها أكثر من سبعين نوعا من العنب وستين نوعا من التفاح وأربعين نوعا من المشمش أما التوت فيعتبر أجود أنواع التوت في العالم على الإطلاق ويجففونه على الشجر ثم يسحقونه ويخلطونهعلى الجوز ويضغطونه حتى يصير جامدت متماسكا وهو من أقوي الأغذية وأجودها ويسمونه "تلخان" وتكون المحاصيل الزراعية 65% من الداخل القومي .

الثروة الحيوانية

وللثروة الحيوانية هناك أهمية خاصة إذ تعتبر المناطق الشمالية في طليعة بلاد العالم من حيث كثرة الخيول:أما الأغنام فهي من أهم أنواع الثروة الحيوانية وتمثل لحومها وجلودها وأصوافها وفراؤها أهم موارد الثروة في البلاد.

ومن الحيوانات المستأنسة "الياك" ويستخدم في النقل ويمتاز بشعره الغزير الذي تصنع منه الأكلمة والسجاد والعباءات الشتوية وتربي دودة القز من قديم لذلك اشتهرت بمنسوجاتها الحريرية الطبيعية كما تزخر جبالها بخلايا النحل ويوجد في مقاطعة "مشرقي" مركز رئيسي لتربية النحل على أسس علمية حديثة.

الثروة المعدنية

تحتوي جبال أفغانستان الشاهقة ووديانها المتشعبة وسهولها المترامية على الكثير من الثروات المعدنية والكنوز المطمورة وتعتبر المناطق الشمالية والمناطق الواقعة شمال شرقي جبال هندوكوش من المناطق الغنية بالبترول وترتكز على بحيرة من الزيت وهذا من الأسباب الرئيسية الحقيقية للعدوان السوفيتي الشيوعي على أفغانستان .

وبجانب البترول يوجد أيضا الفحم الحجري من منجمي "كركر وأشبته" في الشمال وكذلك حجر اللازورد ذلك الحجر الأزرق الذي كان يتزين به قدماء المصريين .

كما يوجد أنواع ممتازة من الرخام والمرمر والحديد والرصاص والنحاس والأنتيمون والجبس والكبريت والجرانيت والذهب والفضة والياقوت والكرافيت .

السكان

إن البيئة الجغرافية لكل بلد تشكل طرق معيشة سكانه وتحدد مجالات اهتمامهم وبالنسبة لأفغانستان نجد أن أراضيها الخصبة تضم أكثر من 50% من السكان لذلك نجد أن مهنة الزراعة في المقام الأول بالنسبة لهم وبحكم هذه البيئة الزراعية يميل الفلاح الأفغاني إلى الهدوء والاستقرار بخلاف سكان الجبال فهم كثيرو التنقل والترحال وتسيطر عليهم روح الكبرياء والقوة والطابع العنيف ويبلغ عدد السكان حوالي عشرين مليونا .

وإلى جانب الزراعة نجد الرعي وتنشر المراعي على طول البلاد وعرضها وتشغل مساحات شاسعة من منحدرات الجبال والهضاب وبعض السهول التي لا تصلح للزراعة ويشتغل حوالي 40% من الأفغانيين بالرعي كحرفة رئيسية ومورد أول لمعيشتهم .

وبحكم ترحالهم وتنقلهم فهم يعملون أيضا في نقل البضائع في قوافل من الإبل والخيل والياك وهذه القوافل تؤدي دورا هاما في حياة أفغانستان الاقتصادية .

أما سكان المدن والريف فيزاولون عدة صناعات قومية اشتهرت بها أفغانستان مثل صناعة السجاد الفاخر على أنوال يدوية وصناعة التطريز وصناعة الأحجار الكريمة والنقش على المعادن والجلود ونسج القطن والصوف والحرير على الأنوال اليدوية أيضا وصناعة الأواني الفخارية .

ومن السكان من يعمل في المصانع الحديثة مثل مصانع حلج الأقطان والسيارات والخزف والسكر وتجفيف الفاكهة.ومن السكان من يشتغل بالتجارة ومزاولة المهن الحرة كالطب والمحاماة والهندسة والصيدلة وفي الشركات والمؤسسات والمصالح الحكومية .

إن موقع أفغانستان الجغرافي في قلب آسيا جعلها على مر العصور ملتقي لكثير من الغزوات وميدانا لالتقاء وتفاعل العديد من الثقافات واللغات واللهجات والتقاليد والعادات .

ولقد لعب الدين الإسلامي دورا هاما في حياة المواطنين ويعتبر التمسك بآداب الدين وفضائله من دواعي التكريم والاحترام ويلي مركز الدين في المجتمع ذلكم الترابط العائلي فالعائلة هي الوحدة الأساسية لبناء هذا المجتمع الذي تعددت أجناسه وتعددت قبائله .

وهناك عرف يقضي بأنه ينبغي على الأفغاني إيواء من يلوذ بداره ويكرمه حتى ولو كان عدوا له فإذا تعرض أحد الأفراد لمشكلة ما أو لخطر ما فإنه يقصد إلى بيت أحد المواطنين ممن يتوسم فيهم الخير والشهامة طالبا المساعدة والحماية ويرفض أن يجالسه أو يشاركه طعامه إلا إذا منحه الرجل الأمان ووعده بالمساعدة أو الحماية ويسمي هذا التقليد "ننوات" أى الاحتماء في كنف الغير ويلتزم الأفغاني بوعده إذ أن خلف الوعد عار لا يمحي .

أما المرأة فإذا تعرضت لمشكلة ما فإنها تبعث بغطاء رأسها إلى أحد جيرانها طالبة منه المساعدة والحماية فإذا رفض الجار هذه الحماية أو المساعدة لحق به العار إلى الأبد وإذا هاجم قطاع الطرق إحدي القبائل وألفت النساء بطرف ردائهن في طريقهم رجعوا عن القبيلة وامتنعوا عن مهاجمتها .

أما السيدة فتسمى " دي " أى السيدة الفاضلة وقد سميت بهذا اللقب " دي غازي " المجاهدة الأفغانية الشهيرة .وتوجد في أفغانستان حوالي 20 لغة وأشهرها البشتور والفارسية وهما اللغتان الرسميتان كما دخلت اللغة العربية مع الدين الإسلامي .

وتدرس اللغة العربية في جميع مدراس أفغانستان على أساس أنها تتمة للغتين البشتونية والفارسية وليست على أساس أنها لغة أجنبية .

وتتكون أفغانستان من تسع عشرة ولاية يرأس كل منها وال وأهم هذه الولايات:

كابول: وهي العاصمة وكانت منذ أقدم العصور معبرا للفاتحين والغزاة من مختلف بلاد العالم .
وقندهار: وتقع في الجنوب الغربي لأفغانستان في واد خصيب لنهر "أرغنداب" وكانت عاصمة لأفغانستان في عهد "أحمد شاه دراني" الذي كان يحكم الإمبراطورية الأفغانية الممتدة إلى دلهي في الهند .
وهرات: وتقع في الجزء الغربي من أفغانستان وهي أقرب المدن إلى حدود إيران وهي ملتقي هام لطرق القوافل القادمة من شتى الطرق .
وننكرهار: وعاصمتها جلال أباد والتي تبعد عن العاصمة كابول بنحو 90 ميلا والتي تمتاز بشتائها الدافئ وشمسها المشرفة وتعتبر مشتا جميلا وفريدا في أفغانستان وهي التي أنجبت المجاهد الكبير جمال الدين الأفغاني .
وبلخ: وتقع شمال أفغانستان وعاصمتها مزار شريف:وتسمى حاليا المقاطعة باسمها ومعني مزار شريف الضريح الطاهر لاعتقادهم أن ضريح الإمام على بن أبي طالب هناك .
وطخارستان: ومركزها مدينة "بفلان" وتضم مدنا كثيرة مثل " خان أباد" و" تالقان " ،" قندور " و" بلخمري " التي ظهر حولها الغاز الطبيعي والبترول وغزني التي ارتبط إسمها بالفتوحات في عهد السلطان محمود الغزنوي وقد سميت باسمه .
وبكتيا: وتقع جنوبي أفغانستان ومدينتها المركزية "كردنير" وهي مركزا استراتيجي ممتاز وسوق تجارية عظيمة .

الأجناس

الأفغانيون شأنهم شأن كثير من شعوب العالم الأخري نتاج عناصر بشرية متعددة قدمت إلى أفغانستان في فترات متعاقبة من التاريخ واستقرت فيها واتخذتها موطنا ومقاما .

ومن الثابت أن أقدم العناصر البشرية التي استقرت في أفغانستان وأهمها شأنا تنتمي إلى الجنس القوقازي وقد جاءت هذه العناصر إلى آريانا "أفغانستان القديمة" أقدم العصور واحترفوا الزراعة .

كما يوجد في أفغانستان أجناس بشرية أخري ترجع في أصلها إلى عناصر تركية ومغولية وتترية . ولقد دخلت هذه العناصر في شتي عصور التاريخ وبخاصة في فترة غزو الأتراك والمغول والتتر لهذه البلاد .

وتقيم بعض هذه العناصر الآن في السهول الفسيحة الواقعة شمال سلاسل جبال الهندوكوش ويقيم البعض الآخر منهم في هضبة بامير كما أن بعض هذه العناصر التركية والمغولية انحدرت واستقرت في قندهار .

وتبلغ كثافة السكان 49 في الميل المربع ويمكن تقسيم سكان أفغانستان الحديثة إلى أربع جماعات رئيسية هي:

  1. جماعة البشتون: وهي تكون ما يقرب من 60% من مجموع الشعب الأفغاني وتتشابه مع بعض الجماعات التي تسكن حوض البحر الأبيض المتوسط وهي قبائل يعيش أغلبها في الويالات الشرقية والجنوبية الشرقية من أفغانستان وفي هرات وسيستان ويعرف البشتوني بالشجاعة وقوة التحمل والميل إلى الحياة الخلوية الهادئة كما يعشقون الحرية الفردية والاستقلال لوطنهم وهم يتكلمون لغة البشتو وقد أصبحت الآن إحدى اللغتين الرسميتين للبلاد بناء على دستور 1963م ويميل البشتوني إلى سكنى الجبال ويقوم برعي الماشية والإبل أو يقود قوافل التجارة بين أفغانستان وجيرانها وكان معظم ملوك الطوائف والسلاطين في أنحاء أفغانستان من أبنا البشتون .
  2. جماعة التاجيك: وتكون هذه الجماعة 31 % من الشعب الأفغاني . وهذه الجماعة شعبة من الجنس القوقازي من أصل إيراني ويقطنون السهول الزراعية الخصبة في غرب أفغانستان وبخاصة في مقاطعة هرات فهم زراع مسالمون ومع أنهم من أصل إيراني إلا أنهم من السنة المتشددين على نقيض أبناء إيران الذين يعتنقون المذهب الشيعي .وهناك عدد كبير منهم يسكنون العاصمة والمدن الأفغانية ويحترفون الصناعة والتجارة ويتكلمون الفارسية .
  3. الأوزبك: وتكون هذه الجماعة 4% من مجموع السكان ويكثر وجودهم في سهول نهر جيجون شمال أفغانستان وملامحهم شبيهة تماما بالمغول ويشتغلون بالزراعة ويعنون بتربية أنواع ممتازة من الخيول الأصيلة كما يربون أغنام القراقل وقد عرفوا بالجد والمسالمة .
  4. الهزارة: وتكون هذه الجماعة 3% من مجموع السكان ويعتبر الهزارة من أصلاب رجال جيش جنكيز خان الذي غزا أفغانستان في القرن الثالث عشر الميلادي وفيهم سمات مغولية واضحة وهم يتبعون المذهب الشيعي ويتكلمون لغة هي خليط من التترية والفارسية ويشغل مواطنهم مساحة واسعة من هضاب أفغانستان الوسطي جنوب سلاسل جبال هندوكوش ما بين مدينتي كابل وهرات وهم يحترفون الرعي في المقام الأول ولا ينتجون من الغلات الزراعية إلا بقدر حاجتهم فقط ويتصف الهزارة بالأمانة والشجاعة وطيب القلب .
  5. جماعات أخري:وهناك جماعات أخري صغيرة وتكون في مجموعها ما يقرب من 3% من مجموع السكان ومنهم:
  1. جماعة التركمان: وتكون 2,% من أبناء الشعب وهم يقيمون على الضفة الجنوبية لنهر جيجون ويشتغلون بالزراعة وصفاتهم مغولية ولهم صلات وثيقة بالأوزبك في أفغانستان وبين أبناء عمومتهم من أهل تركستان الروسية .
  2. جماعة باميري أفغاني " قرغيز" ويكونون 5,% من مجموع الشعب وسماتهم مغولية أيضا وموطنهم الحالي هضبة بامير حيث المراعي الجيدة وفوق هذه الهضبة تلتقي ثقافات متعددة فتجد المسلم جنبا إلى جنب مع البوذي والهندوكي وتشاهد المساجد قائمة بجوار المعابد البوذية والهياكل الهندوكية . وهم يتبعون في حياتهم حتى الآن النظام القبلي وهم بدو رحل ويقيمون في القرى والخيام ويسيرون وهم يحملون الأسلحة النارية الحديثة.
  3. جماعة البلوتش "البلوخي" وتكون 6,% من مجموع السكان ويتكلمون لغة البلوتش وينتسبون إلي بلوخستان .
  4. جماعة نورستاني: وتكو 7,% من مجموع السكان وتتكلم لغة نورستاني .
  5. هذا وفي أفغانستان اليوم أقليات من عناصر بشرية أخري منها بعض الهنود واليهود والعرب وهؤلاء العرب هم أحفاد العرب الذين جاءوا إلى أفغانستان مع الفتح الإسلامي للبلاد .

اللغات والتعليم

اللغات: توجد في أفغانستان حوالي 20 لغة وأشهر هذه اللغات البشتو والفارسية وهما اللغتان الرسميتان وكما أنهما لغتا التعليم في المدارس والجامعات وتوجد أكاديمية للبشتو لنشر آداب اللغة ودراسة تاريخها .

وامتزجت اللغة الفارسية بالكلمات العربية بعد الفتح الإسلامي وخاصة في عهد السامانيين والغزنويين وتقدر الكلمات العربية المستعملة في الفارسية بنحو 60% من مجموع كلماتها .

اللغة العربية: دخلت اللغة العربية مع الدين الإسلامي في القرنين الأول والثاني للهجرة وامتزجت باللغتين البشتوية والفارسية وتدرس اللغة العربية في جميع المدارس على أساس أنها متممة للغتين هناك وليست على أساس أنها لغة أجنبية .

التعليم: بدأ التعليم في أفغانستان في مسجد القرية أو كتابها وكان الطفل يدرس القرآن الكريم والدين ومبادئ الحساب واللغة وآدابها ثم ينتقل إلى مدرسة المدينة التي كانت تهتم بالدراسات الدينية من حيث ارتباطها بالحياة كما كانوا يدرسون الفلسفة وآداب اللغة وتخرج من هذه المساجد والمدارس آلاف الأفغان المتبحرين في علوم الدين المختلفة .

وفي عام 1904 م أنشئت أول مدرسة ابتدائية نظامية وفي عام 1907 م أنشئت أول مدرسة ثانوية وبعد ذلك أخذ عدد المدارس يتزايد وكانت تسير على نسق المدارس الإسلامية في الهند وأدخلت اللغة الانجليزية كأول لغة أجنبية تدرس في هذه المدارس .

وفي عام 1911م أنشئ أول مجلس تعليمي لدراسة وتنظيم وتطوير التعليم وقد ساهم في تنظيم التعليم الابتدائي والثانوي . وفي عام 1912م افتتحت أول مدرسة لتخريج معلمي المرحلة الابتدائية .وفي عام 1919 م أنشئت أول وزارة للمعارف وقد بدأت بتطوير نظم التعليم ومناهجه .

وفي عام 1922 م افتتحت مدرستان ابتدائيتان إحداهما لتدريس اللغة الفرنسية والثانية لتدريس اللغة الألمانية ثم اتسعت المدرستان لتشملا المرحلة المتوسطة والمرحلة الثانوية ثم افتتحت مدرسة لتدريس اللغة الانجليزية وهكذا بدأت الوزارة في عام 1922 م نهضة شاملة لتطوير التعليم وأدخلت المواد الحديث حتى تساير ركب التطور العالمي .

وفي عام 1929 م أوفدت الحكومة البعثات إلى أوربا وأمريكا وأقر البرلمان الأفغاني قانون التعليم الإجباري للمرحلة الابتدائية . وفي عام 1937 م افتتح معهدان لتخريج المدرسين للمرحلتين الابتدائية والوسطى.

وفي عام 1942 م أصدرت الوزارة بعض التشريعات المنظمة للتعليم الثانوي وعدلت مناهجه وأصبح التعليم الثانوي مجانا , ولكنه ليس إجباريا على أن تتولي الدولة إمداد الطلبة بكل ما يلزمهم من الكتب والأدوات المدرسية والإقامة المجانية مع الأكل .

أما التعليم الفني فقد بدأت العناية به في أعقاب عام 1929م فأنشئت المدارس الثانوية الفنية الزراعية والصناعية والإدارية أما التعليم الجامعي فقد بدأ في عام 1932م حيث أنشئت أول مدرسة للطب كنواة للجامعة وفي عام 1946م افتتحت جامعة كابول رسميا وفي عام 1960م خصصت كلية واحدة للبنات بينما الدراسة في باقي الجامعات مشتركة .

وفي عام 1963م افتتحت جامعة فنجرهار في جلال أباد أما المدارس الدينية فكثيرة أهمها مدرسة "أبو حنيفة" ومدرسة دار العلوم العربية في كابول وتتبع مدرسة "أبو حنيفة" مدرسة دار العلوم العربية في كابول .

وتسير على النظام المتبع في الأقسام الثانوية بالأزهر الشريف بالقاهرة وخريج هذه المدارس يعمل في الإمامة والوعظ بالمساجد والتدريس والعمل بوزارة العدل ويعتبر الدين مادة أساسية في جميع المدارس الأفغانية أما المخطوطات العربية في أفغانستان؛

فتمثل ثروة علمية ضخمة وتزخر المكتبات الحكومية والخاصة بهذه المخطوطات فقد اشتهر عن الأفغان ولعهم بدراسة علوم الدين والفلسفة والمنطق لذلك لا يخلو بيت من مكتبة تضم بين جنباتها المخطوطات العربية والفارسية .

سياسة أفغانستان قبل الغزو الشيوعي

عاشت أفغانستان مرحلة التوازن السياسي بين القوتين المتصارعتين بإعلان حيادها وفي مارس 1921 تم توقيع معاهدة صداقة بين روسيا وأفغانستان يتضمن أحد بنودها استقلال إمارة بخاري ولكن في عام 1923 نقض الاتحاد السوفيتي الاتفاق واحتل بخاري .

وفي ذلك الوقت كان الملك أمان الله خان قد استقر حكمه بعد انتصاراته وأدخل نظاما جديدا للضرائب ووضع المناهج التعليمية المتطورة في جميع مراحل التعليم وطور الجيش بما يضمن حماية أمن البلاج وأدخل به السلاح الجوي لأول مرة .

لكنه لم يحظ بتأييد قبائل البشتور المتمركزة على الحدود الفاصلة بين باكستان والبلاد بسبب بعض البنود الواردة في الدستور ثارت القبائل وتقدمت إلى كابول ولكنه تمكن من التغلب عليها باستخدام السلاح الجوى الجديد..

وبدأ الغرور يتسلل إلى الملك أمان الله خان كما بدأ يعتمد على أعوان ضعاف ينافقونه ويتملقونه ولم يكونوا على مستوى المسئولية فلجأوا إلى العنف في تنفيذ الأوامر وانصرفوا إلى طيب العيش وبالتالي زادت الضرائب على المواطنين .

وكان لهذه الظواهر الأثر الكبير في وقوف رجال الدين أمام رجال الحكم وحثهم على العودة إلى تعاليم الإسلام وفي أثناء الحربين العالميتين الأولي والثانية اتخذت أفغانستان سياسة الحياد تجاه القوى المتصارعة وبذلك استطاعت على مدار تاريخها أن تحتفظ بعلاقات متوازنة مع جميع الدول المجاورة لها .

وفي عام 1965 صدر الدستور الجديد تدعيما للديمقراطية السليمة في البلاد وعين الملك وزارة جديدة كل أعضائها من أبناء الشعب وافتتح البرلمان الجديد في نفس العام .

وسارت أفغانستان في نهضتها سيرا حثيثا وأعدت خمسية أولي للتنمية من عام 19561961 ثم خطة خمسية ثانية من 19671972 وعقدت الاتفاقيات والقروض مع بعض الدول مثل الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والصين وأوربا الغربية لتمويل مشروعاتها .

التدخل السوفيتي

ظلت أفغانستان متمسكة بسياسة عدم الانحياز بعيدة عن الصراع العالمي وأحلافه حتى أواخر الستينات إذ انحرفت سياسة التوازن هذه إلى الغرب على يد الملك محمد ظاهر شاه مما أثار مخاوف الاتحاد السوفيتي .

فبدأ هذا الأخير يتغلغل داخل باسم القروض والمعونات الاقتصادية والعسكرية والخبراء من أجل الحفاظ على التوازن مع الغرب داخل أفغانستان واستدرج الشباب لغرس الفكر الشيوعي في عقولهم وأثار الفتن بين القيادة الحاكمة وبين المبعدين عنها مثل محمد داود خان .

انقلاب محمد داود خان

وفي فجر يوم 17 من يوليو 1973 وقع الانقلاب العسكري والذي أنهي الحكم الملكي وأعلن النظام الجمهوري برئاسة محمد داود خان ابن عم الملك وصهره ورئيس الوزراء الأسبق وأعلن الرئيس الجديد اتفاق النظام الجمهوري مع روح الإسلام وأن سياسته هي السلام والصداقة مع جميع دول العالم .

وفور الإعلان عن نجاح الانقلاب كان الاتحاد السوفيتي أول دولة تعترف بالانقلاب الجديد ثم تلاها اعتراف الهند والسبب في ذلك أن محمد داود حينما كان رئيسا للوزارة في الفترة 19531963 استطاع إقامة علاقات قوية ممتازة مع الاتحاد السوفيتي من خلال أربع زيارات لموسكو .

وكان اعتراف موسكو بالوضع الجديد فور إعلانه بمثابة ضربة للمعارضين لأن في مقدور الاتحاد السوفيتي إمداد قوي الصراع بالسلاح كما أن اعتراف الهند ليس إلا تضامنا مع الاتحاد السوفيتي .

لقد أثر الوضع الجديد على توازن القوى في منطقة وسط آسيا بين الهند وباكستان وإيران والصين الشعبية والاتحاد السوفيتي إذ أن الوضع الجديد أعطي الاتحاد السوفيتي الضوء الأخضر عبر أفغانستان نحو الهند والاقتراب من المحيط الهندي لأول مرة

كما اعتبرت الصين الشعبية الوضع الجديد انتصارا سياسيا سوفيتيا عليها .أما بالنسبة للباكستان فقد أصبحت باكستان بين فكي نيودلهي وكابول مما يسهل ابتلاعها واحتواؤها بالحزام الأحمر .

الإطاحة بحكومة محمد داود

  1. بدأ محمد داود فور اعتلائه السلطة تحركاته في إبراز مشكلة الحدود مع باكستان والخاصة بإقليم بلوخستان بمساعدة الاتحاد السوفيتي والعراق والهند والشيوعيين الأفغان مما دفع رئيس باكستان ذو الفقار على بوتو إلى إحداث قلاقل داخل أفغانستان على أيدي الشباب الأفغاني الرافض للنظام مدعما إياهم بالمال والسلاح ونجحوا في إثارة الاضطرابات مما دفع الرئيس محمد داود إلى مهادنة النظام الباكستاني .
  2. اتبع محمد داود سياسة إثارة الفتنة بين البلوخ وسائر الأقوام في باكستان وقامت بسبب ذلك عدة حركات انفصالية داخل القبائل وأصبح هو الواقف وراء الحركات التي يتطلع من وراء نجاحها إلى ضم الإقليم الشمالي الغربي الواقع على حدود باكستان وأفغانستان .
  3. وافق محمد دواد على التخطيط المطروح من الرئيس السوفيتي برجنيف والخاص بالأمن والتعاون الجماعي الآسيوي والذي يهدف محاصرة الصين تحت اسم الأمن والتعاون الآسيوي طمعا في المزيد من التأييد السوفيتي .
  4. بدأ منذ اللحظة الأولي التضامن مع حزب الشعب الديمقراطي الذي يتكون من جماعتي "خلق وبرجام " المعلنين لاتجاههما الماركسي منذ عام 1965 لإثبات حسن نيته تجاه الاتحاد السوفيتي أيضا.
  5. قام بتغييرات جذرية في الوظائف العليا فأسند الكثير منها إلى العناصر الماركسية .
  6. وباشتراك العناصر الماركسية في السلطة ثارت الحركة الإسلامية بزعامة الدكتور غلام محمد خان نيازي وأعلنت رفضها لهذا الخط المنافي لتعاليم الإسلام . وقامت بتعبئة الشعب فكريا وعقائديا لمناهضة الحكومة .
  7. توالت بعد ذلك أعمال العنف والاغتيالات وتم اغتيال رئيس الوزراء الأسبق محمد هاشم ميوندال.
  8. وزادت المقاومة من فاعليتها وكفاءتها القتالية مما اضطر الرئيس محمد داود إلى مراجعة حساباته فأدخل بعض الإصلاحات لتهدئة الموقف الداخلي والحد من نشاط المقاومة .تمكنت المملكة العربية السعودية بالتعاون مع شاه إيران السابق من احتواء الرئيس محمد داود بقصد إبعاده عن الاتحاد السوفيتي وعدم تنفيذ مخططاته وتمت بعد ذلك المصالحة بين محمد داود وباكستان مما جعل الاتحاد السوفيتي يشك في ولاء الرئيس الأفغاني .
  9. بدأ الاتحاد السوفيتي يخطط مرة أخري لقلب نظام الحكم في أفغانستان والإطاحة بالرئيس محمد داود وشعر هذا الأخير بذلك فاتجه إلى الغرب والأنظمة الموالية له في المنطقة طالبا الحماية وزار عدة دول إسلامية وكان يرتدي ثوب الزعيم الإسلامي الكبير ظنا منه أن العالم الإسلامي تناسي أفعاله المحزنة .
  10. بدأ تنفيذ التخطيط بموجة من الاغتيالات بادئة باغتيال على أحمد طموح وزير التخطيط في وضح النهار ليعود الرئيس داود إلى صوابه ولكن داود أراد أن يظهر قوته واستدار ليضرب الشيوعيين فاغتيل "مير أكر خبير" وهو من زعماء الشيوعيين وقامت على أثر الاغتيال مظاهرات ضخمة في كابول متوعدة بقتل رجال داود .
  11. وجه داود ضربة قوية للعناصر الشيوعية فأمر باعتقال سبعة من زعمائهم وتأخر في اعتقال "حفيظ الله أمين" المسئول عن تنظيم حزب الشعب الديمقراطي في القوات المسلحة الأفغانية فأتاح له الفرصة في إحداث انقلاب مسلح فحاصرت القوات المسلحة القصر الجمهوري ثم تم اقتحامه وإطلاق سراح المعتقلين وبدأت المذبحة التي راح ضحيتها الرئيس داود وأسرته والعديد من أقاربه وأعوانه . وقامت حكومة جديدة يوم 27 من أبريل 1978 برئاسة نور محمد تراقي وأصبح حفيظ الله أمين نائبا للرئيس ورئيس الوزراء .

حكومة حفيظ الله أمين

  1. لم تدم حكومة نور محمد تراقي طويلا , إذ ما لبث أن قاد نائبه ورئيس وزرائه حفيظ الله أمين انقلابا دمويا فلقد دارت معركة دموية داخل القصر الجمهوري في كابول استمرت يومين وانتهت بمصرع نور محمد تراقي وبعض وزرائه وإعلان حفيظ الله أمين رئيسا جديدا لجمهورية أفغانستان الديمقراطية كما أعلن أنه قد أباد جميع معارضيه السياسيين الذين استبدوا بالشعب .
  2. هذا الإعلان قوبل من جميع الدول حتى الاتحاد السوفيتي باستياء شديد لأن هذا الانقلاب كان بمثابة ضربة قاضية لمخططات الزعماء السوفيت لكنهم أقروا الاستمرار في تقديم العون للحكومة الجديدة للاستمرار في قمع المقاومة الأفغانية إلى أن يتبلور الموقف أمامهم تمهيدا لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب .
  3. حاول حفيظ الله أمين أن يضع جميع مسئوليات القمع التي حدثت للشعب الأفغاني على عاتق الرئيس السابق تراقي ووعد بأنه سيأتي بحكومة وطنية تستمسك بالحق والعدل لتصون الشعب من الاعتداءات عليه والأعمال المنافية للإنسان التي كان يمارسها الدكتاتور تراقي وحكومته ولكن الشعب رفض هذه الأباطيل لعلمه بأن حفيظ الله أمين كان اليد الباطشة للحكم السابق ولعلمه أيضا بالكثير عن سلوكه وعقائده وتاريخه السياسي .
  4. وفي أول ديسمبر 1979 اكتسبت قوات الثوار المسلمين في العاصمة كابول وحولها تقدما جديدا وقامت بحملة اغتيالات ضد نظام أمين وضد السوفيت وكان الحزب الإسلامي الأفغاني قد أعلن أن الثوار المسلمين قد أصبحوا يسيطرون سيطرة كاملة على إقليم "ثاخار" الاستراتيجي بعد معارك عنيفة مع قوات الحكومة الماركسية الموالية للإتحاد السوفيتي والذي يساندها بخبرائه .كما أعلن الثوار أنهم خاضوا أعنف قتال على الإطلاق وأنهم أسروا البريجادير "العميد" عبد الواحد خان الذي كان يقود قوات المشاة , وأنهم أيضا استطاعوا قطع بعض الطريق المؤدية من الإقليم إلى العاصمة .
  5. هذا الوضع المتدهور بالنسبة للحكومة أدي إلى طلب تعزيزات من الاتحاد السوفيتي الذي أرسل كتيبة مدرعة لحماية القاعدة الجوية "باجرام"
  6. وفيما بين 11- 15 من ديسمبر 1979 بدأ الاتحاد السوفيتي في حشد جنوده في المناطق السوفيتية القريبة من الحدود الأفغانية . وفي 13 من ديسمبر 1979 وصل إلى أفغانستان الجنرال "فكتور بابوتين " الرجل الثاني في بوليس موسكو وهو من الخبراء المخططين للاغتيالات والانقلابات وتعتمد عليه موسكو كثيرا في المناطق الساخنة وكان قد أعلن عن السبب الظاهري لوصوله إلى أفغانستان وهو إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد ولكن السبب الحقيقي كان التخطيط للغزو السوفيتيو
  7. ويوم 19 من ديسمبر 1979 قتل "فكتور بابوتين" على يد "أسد الله أمين" شقيق حفيظ الله أمين وكان ذلك سببا مباشرا في بداية الغزو العسكري السوفيتي
  8. حانت ساعة الصفر من يوم 27 ديسمبر 1979 حيث ترك جميع السوفيت الحفل طبقا لما هو مخطط لهم ولما حاول الأفغان مغادرة المكان فوجئوا بالأبواب مغلقة عليهم وبعدها سمع دوي الانفجارات في أماكن كثيرة من كابول ثم بدأ الغزو العسكري السوفيتي ومعظم عناصر الجيش الأفغاني بلا قادة وبلا مساعدة أو تخطيط وقاد الجنود المظليون السوفيت هجوما آخر على محطة إذاعة كابول وبعد معارك طاحنة بين الفريقين أعلن عن مقتل حفيظ الله أمين ثم تحركت القوات السوفيتية إلى بعض الوحدات العسكرية الأفغانية وجردتها من أسلحتها .
وسرعان ما تدفقت القوات السوفيتية على أفغانستان وقد عبرت طريقين بريين من أوزبكستان السوفيتية متحركة عبر شمال أفغانستان إلى قاعدة باجرام الجوية حتى شمال كابول
وفي نفس الوقت عبرت الفرق الميكانيكية التخوم من جهة " توركمانيا " و" تور كمانستان " السوفيتية متحركة أولا نحو غرب هيرات على بعد 70 ميلا من إيران ثم شمالا نحو عاصمة إقليم قندهار ومن هناك تحركت هذه القوات إلى العاصمة كابول في الشمال .
وهكذا استخدمت موسكو حركة الكماشة التي انتزعت عددا من مفاتيح المدن وفتحت مدخلين هائلين للطرق إلى أفغانستان استخدمت فيها جميع التعزيزات وبذلك تم تطويق أفغانستان .

هدف التدخل السوفيتي

أولا: الوصول إلى المياه الدافئة غاية عزيزة المنال وبالأخص في المحيط الهندي حيث تتاح الفرصة لتوسيع مناطق نفوذها ومنأواة الولايات المتحدة الأمريكية وتهديد المصالح الغربية .

ثانيا: استخدام أفغانستان كقاعدة للعمليات العسكرية السوفيتية في جنوب غرب آسيا والتسلل إلى منابع البترول في الخليج والعمل على تحييد أوروبا الغربية بالسيطرة على مناطق الثروة البترولية بالخليج باعتبارها شريان الحياة للغرب .

ثالثا: إمكان عقد اتفاقيات مع دول المنطقة بحكم تواجده وتزويده بالبترول اللازم لسد احتياجاته حيث أصبح استهلاكه الداخلي للطاقة يزيد على المنتج المحلي .

رابعا: قمع الحركة الإسلامية خاصة بعد الثورة الإيرانية خوفا على نفوذهم داخل الجمهوريات الإسلامية السوفيتية .

خامسا: السيطرة الكاملة الناجمة عن سيادة النظام الماركسي .

سادسا: توفير العمق الاستراتيجي الذي يوفر للإتحاد السوفيتي مزيدا من الأمن وإبعاد ميادين العمليات الحربية عن قلب جمهورياته .

العوامل التي ساعدت على التدخل السوفيتي

أولا:العوامل الداخلية

  1. عدم الاستقرار السياسي داخل أفغانستان منذ فترة حكم محمد داود ومن بعده بسبب إدخال عناصر شيوعية في السلطة مما أحدث آثارا واضحة في نفس الشعب الأفغاني فقام بمحاولتين للتخلص من حكم الرئيس محمد داود .
  2. فشل الحكومات الموالية للسوفيت في السيطرة على البلاد خاصة بعد أن بدأ الثوار المسلمون في مهاجمة معسكرات الجيش وأقسام الشرطة والمصالح الحكومية منذ ديسمبر 1978 .
  3. معرفة الشعب بتخطيط المخابرات السوفيتية لاغتيال الوطنيين مما كان له أكبر الأثر في زيادة السخط على الشيوعيين في جميع أنحاء البلاد .

ثانيا:العوامل الخارجية

  1. انشغال الولايات المتحدة الأمريكية بالتغييرات والتطورات التي أحدثتها الثورة الإيرانية والتي أدت إلى اهتزاز التوازن القائم في المنطقة لغير صالح الولايات المتحدة وانشغالها أيضا بالتأثيرات المترتبة على عداء الثورة الإيرانية لها وكان لاحتلال الطلبة الإيرانيين لمبني السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز موظفيها كرهائن أكبر الأثر في انشغال الساسة الأمريكيين عما يحدث في الساحة الدولية .
  2. إدراك الاتحاد السوفيتي ضعف الإدارة الأمريكية على توجيه الأحداث في إطار خطط ثابتة , وبالتالي عدم إمكان تدخله في حرب مع الاتحاد السوفيتي بسبب أفغانستان .
  3. إدراك الاتحاد السوفيتي بأن زعماء أوربا يبحثون عن صياغة جديدة لعلاقاتهم مع أمريكا مع الاحتفاظ بعلاقاتهم معه دون تغيير .
  4. اهتزاز ثقة دول المنطقة الموالية لأمريكا في مدى القدرة الأمريكية على حماية الأنظمة القائمة بعد عجزها عن وقف تيار الثورة الإيرانية .

الأحزاب الإسلامية

على مدى التاريخ الطويل لأفغانستان ظهر القادة العظماء الذين حاربوا الوحشية والظلم والدكتاتورية انطلاقا من روح الدين الحنيف وشريعته السمحاء وقاد هؤلاء الزعماء الشعب الأفغاني وسجل لهم التاريخ البطولات والانتصارات المجيدة .

ومن هذا التاريخ المجيد كانت الانطلاقة الجديدة في تاريخ أفغانستان المعاصر لمقاومة الخطر السياسي الجديد الذي تبنته القيادة الحاكمة المنحرفة والعميلة وبدأ نشاط الحركة الإسلامية بالانتفاضات الطلابية في بداية الستينات كرد فعل للحركة الشيوعية التي زحفت بفكرها وآرائها إلى العقل الأفغاني .

وكان لابد لهذه الحركة من تحديد معالمها وجهودها في نطاق السلطة القائمة فتألف عدد من العلماء مع الطلاب للقيام بتوعية الشعب ومناهضة الشيوعية من خلال أول حركة نشطة تحت اسم "الشباب المسلم" ثم "الجمعية الإسلامية" و"جمعية خدام الفرقان"

وبدأت "الجمعية الإسلامية" حركة النضال الإسلامي عام 1965 خلال حكم الملك محمد ظاهر شاه تحت زعامة الدكتور محمد خان نيازي عميد كلية الشريعة بجامعة كابول وعضوية عدد كبير من المثقفين والعلماء والأقطاب .

وقامت حكومة محمد داود خان رئيس الوزراء بإجراءات تعسفية ضد النشاط الإسلامي وارتكبت العديد من الجرائم الوحشية إرضاء للعناصر الشيوعية واستشهد الكثير من قادة الجمعية .

وبعد انقلاب محمد داود خان في يوليو 1973 اشتدت الحركة الإسلامية الثورية النضالية من خلال الجمعية الإسلامية مما دعي رئيس الدولة إلى تصفية الجمعية وإلقاء القبض على عدد كبير من الأعضاء وعلى رأسهم الدكتور غلام محمد خان وعبد رب الرسول سياف كما استشهد الكثير أثناء العمليات القمعية .

وكان هذا هو الدافع الأكبر لقيام الإسلاميين بتوسيع عملياتهم الانتقامية ضد الشيوعية الحاكمة والموالين لهم ورأت الحكومة التخلص من الدكتور محمد خان نيازي وعدد من زملائه بالقتل وهم سجناء وظل عبد رب الرسول سياف سجينا مع زملاء آخرين .

بعد هذه المرحلة وقفت الحركة الإسلامية وقفة موضوعية مع نفسها لوضع أيديولوجية لها في العمل المناهض للشيوعية لا بأعضائها فقط بل بإثارة عامة الشعب ضد هؤلاء الشرذمة الشيوعية العميلة .

فكان ولابد من تعرية الحكومة أمام الشعب وحث الشعب على المطالبة بحكومة إسلامية .ونجحت الحركة الإسلامية في بث هدفها الأساسي في نفس الشعب وهو رفض الحكومة العميلة والمطالبة بإقامة حكومة إسلامية ومن المهجر قامت الحركة الإسلامية بإجراء تنظيمات في صفوفها وأعلنت الحرب المسلحة ضد النظام الماركسي القائم في أفغانستان .

ووجدت حكومة باكستان الفرصة السانحة للانتقام من الرئيس الأفغاني محمد داود فقدمت الدعم العسكري للحركة الإسلامية لتنفيذ ضرباتها الانتقامية ضد حكومة داود وكانت الضربات ناجحة تماما حتى أصبح المنفذ لها المهندس حكمتيار هو العنصر الخطير ضد أمن واستقرار النظام الشيوعي .

اتفق كل من الأستاذ برهان الدين رباني والمهندس حكمتيار في عام 1974 م على إعادة تنظيم الجمعية الإسلامية الأفغانية التي تعتبر الحركة الأم في أفغانستان بمنطقة المهجر "بيشاور" على أن يتولي الأستاذ برهان الدين رئاسة الجمعية وشئون العلاقات الخارجية؛

بينما يتولي المهندس حكمتيار الشئون الداخلية والعسكرية ولكن سرعان ما حدث انشقاق بينهما لاختلافهما على سياسة الجمعية وانتهي الأمر بانفصال المهندس حكمتيار والموالين له عن الجمعية التي احتفظ برئاستها الأستاذ برهان الدين .

قام المهندس حكمتيار بتكوين حزب جديد عام 1976 م وتدخل بعض المجاهدين في محاولة التوحيد بين الجمعية الإسلامية الأفغانية والحزب الإسلامي لتكثيف العمل المناهض للشيوعية في البلاد من خلال حركة إسلامية موحدة وتم ذلك تحت اسم "حركة الانقلاب الإسلامي "

غير أن العالم الأفغاني محمد يونس خالص انسحب من حركة الانقلاب الإسلامي وأعلن قيام حزب جديد تحت اسم الحزب الإسلامي الأفغاني لكن قيام حركة الانقلاب الإسلامي لم تدم طويلا إذ حدث انشقاق جديد أدي في النهاية إلى انفصال برهان الدين وحكمتيار والعودة بحزبيهما للعمل بعيدا عن إطار حركة الانقلاب الإسلامي الذي احتفظ برئاسته "مولوي محمد بن محمدي"

وبذلك تكون التنظيمات الإسلامية الأفغانية حتى النصف الأخير من عام 1978م كالآتي:

  1. الجمعية الإسلامية الأفغانية برئاسة برهان الدين رباني .
  2. الحزب الإسلامي الأفغاني برئاسة المهندس حكمتيار .
  3. حركة الانقلاب الإسلامي برئاسة مولوي محمد بن محمدي .
  4. الحزب الإسلامي الأفغاني برئاسة مولوي محمد إبن يونس خالص .

إن هذه المرحلة القاسية المريرة التي تمر بها أفغانستان جعلت الكثير من الوطنيين الأفغان الموجودين خارج بلادهم يتركون ما يشغلهم من أعمال أو دراسة لينضموا إلى الثوار لصد البلاء عن بلادهم للمشاركة في الجهاد المقدس .

وكان على رأس هؤلاء الشيخ صبغة الله المجددي الذي كان يعمل إماما بالمركز الإسلامي في كوبنهاجن , وفور وصوله كون الجبهة الوطنية لإنقاذ أفغانستان وساعدته الجمعية الإسلامية وتلقي بعض المساعدات المادية والمعنوية واتفق مع برهان الدين على الاندماج في جبهة واحدة .

وبالتحرك النشط بدأت الجبهة الوطنية لإنقاذ أفغانستان تمد يد العون مدنيا وعسكريا في الساحة الأفغانية ضد النظام الشيوعي في أفغانستان .

وبعد انقضاء حكم نور الدين محمد تراقي في أوائل عام 1979 م ظهر مجاهد إسلامي آخر هو شيخ الطريقة القادرية سيد أحمد جيلاني الذي كان مشهودا له بمواقف إسلامية وأسس تنظيما تحت اسم الجبهة الوطنية الإسلامية لتحرير أفغانستان ويعاونه عدد كبير من أتباع الطريقة القادرية في القبائل الأفغانية.

وهكذا ظهرت على ساحة النضال ست تنظيمات أفغانية إسلامية تعمل لهدف واحد هو الجهاد ضد الزحف الشيوعي الأحمر وقد تم الاتفاق والتنسيق بين تلك التنظيمات واختير الشيخ عبد رب الرسول سياف أميرا للجهاد ورئيسا لاتحاد مسلمي أفغانستان .

العميل بابراك كارميل

قام الاتحاد السوفيتي بنقل بابراك كارميل زعيم جناح برجام في حزب الشعب الديمقراطي من منفاه في أوربا الشرقية جوا إلى أفغانستان وتنصيبه رئيسا للجمهورية وأعلن قادة المجاهدين الثورة ضد النظام الجديد .

ودارت المعارك الدامية بين الفريقين وقامت القوات السوفيتية في محاولة لبسط سيطرتها على جميع مناطق الدول وتوجيه ضربة قاضية للثوار لتثبيت النظام الجديد الذي يفتقر إلى التأييد الشعبي وفي كابول قامت المظاهرات التي اشترك فيها آلاف الطلبة والطلبات .

وأصدر الرئيس الجديد أوامره بإطلاق النار على المتظاهرين فسقطوا شهداء الغدر الغاشم وحاولت موسكو تبرير تدخلها بأنه كان دفاعا عن أفغانستان ضد تدخل أمريكا وأن القوات السوفيتية ستنسحب عندما تنقضي ضرورة وجودها في أفغانستان ولم يكن هذا الادعاء إلا للإستهلاك والخداع .

تضامن المواطنون مع الثوار وأعلنوا في كابول يوم 13 مايو 1980 الإضراب العام لعدة أيام بعد أن ألقت السلطات العميلة القبض على مئات الثوار .

وجرت مصادمات دامية بين الثوار وقوات الحكومة في إقليم "براون" شمال كابول ومنطقة "بنجشير" حيث لقي 200 جندي مصرعهم ودمرت عشر مصفحات وطائرتي هليوكبتر ووصف ذلك بأنه أكبر الانتصارات خلال العامين الماضيين وأصبح السوفيت يواجهون طريقا مسدودا لعام إرساء سلطات بابراك ولفشله في توسيع نطاق قاعدته السياسية وإخفاقه عسكريا .

وبدأ بابراك تحركا سياسيا للوصول إلى قلب الشعب الأفغاني وطرح عدة مقترحات تستهدف تسوية الخلافات مع الثوار لكن الثوار رفضوها وأكدوا تصميمهم على مواصلة الجهاد حتى يسقط النظام العميل وتجلوا القوات السوفيتية عن البلاد .

وتصاعدت أعمال المقاومة لإجراء ضربة ساحقة للقوات السوفيتية وعملائهم وإحكام السيطرة على المدن الكبرى والطرق الرئيسية وخاصة المؤدية إلى كابول مما شل حركة النقل العسكرية وسقوط بعض القولات في كمائن الثوار .

وفي 10 من مايو 1980 دارت معارك عنيفة بين الجانبين واستعاد الثوار سيطرتهم على إحدى المقاطعات بعد مصرع ما يقرب من 90 جنديا وإسقاط 4 طائرات هليوكبتر ومصرع أحد الجنرالات وشنت القوات السوفيتية بعد ذلك هجوما وحشيا وقتلوا آلاف القرويين وعززوا قواتهم خوفا من سقوط مقاطعات أخري

الإبادة الجماعية والمقاومة الأفغانية

في 30 من مايو 1980 حشد السوفيت شودا في كل من مطار كابول وباراقان وشيدان تمهيدا لحملة عسكرية واسعة النطاق وبدأت في حرب إبادة جماعية في إقليم " كونار " وإقليم " هرات " واستخدمت فيها جميع أنواع الأسلحة من طائرات ودبابات ووحدات مدرعة ومشاة راكبة .

فقتل الكثير من الثوار والمدنيين شيوخا ونساء وأطفالا ودمرت المساجد وتدفقت على باكستان أفواج اللاجئين هربا من القنابل المدمرة بعد أن أصبحت ديارهم أنقاضا ومزارعهم رمادا .

وكان لذلك الإجرام الهائل ردود فعل عنيفة فشهدت العاصمة كابول أ‘نف اضطرابات دموية وتفجرت المظاهرات الطلابية التي قادتها الطالبات وهن يرددن "سنحمل السلاح" وقتل العديد من الطلبة والطلبات الذين تتراوح أعمارهم من 13 – 17 عاما؛

كما أصيب الكثيرون منهم وهكذا قام الثوار الأفغان بالدخول في معارك ضارية ضد القوات السوفيتية والأفغانية في طول البلاد وعرضها خاصة كابول العاصمة ولم تهدأ الثورة حتى الآن وبعد مضي أكثر من ست سنوات .

وهكذا فشلت القوات السوفيتية بتقدمها العلمي في التخطيط والإستراتيجية العسكرية في فرض سيطرتها على أفغانستان في محاولة لنزع عقيدتها الإسلامية وغرس التعاليم الماركسية أمام الثوار المسلمين الذين حملوا السلاح البدائي المتواضع في يد وكتاب الله في اليد الأخرى لصد الغزو العسكري والزحف الشيوعي الأحمر فكان الله معهم وهو خير الناصرين .وصدق الله العظيم (وكان حقا علينا نصر المؤمنين)

أقول: لا يزال المجاهدون الأفغان برغم قلة عددهم وعدتهم وضعف إمكاناتهم ماضين بثبات واطمئنان في مسيرة الجهاد يقدمون الشهيد تلو الشهيد حتى بلغ من استشهد مليونا ونصف مليون شهيد .

وأمام هذا الثبات الإصرار على مواصلة طريق الحق لطرد الغزاة كان لابد أن تشهد ساحة القضية عدة متغيرات فقد سقط خيار البندقية واستعصت أفغانستان على المستعمر ولم تنفع الطائرات والدبابات والقاذفات وقنابل النابالم المحرقة في إخضاعها كما خضعت تشكوسلوفاكيا في ست ساعات؛

واتجه السوفيت للبحث عن تسوية سلمية عبر مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة وأدرجت القضية في قائمة الصراع والتنافس الدولي , وتم اتخاذ قرار بصددها ففي ديسمبر 1985 ختمت مفاوضات جنيف غير المباشرة بين حكومة أفغانستان المدعومة بالسوفيت وحكومة باكستان بإعلان أمريكا رسميا عن إستعدادها لأن تكون طرفا ضامنا لتسوية سلمية للقضية الأفغانية .

ويتحدث أمير الجهاد الشيخ عبد رب الرسول سياف عن الثمن الغالي الذي دفعه المجاهدون فيقول:

" ولكن هذه العزة والكرامة والهيبة التي وهبها الله المجاهدين والرعب الذي قذفه في قلوب أعدائهم لم يتحقق دون أن يدفع المجاهدون ثمنا غاليا من أنفسهم وأموالهم لقد دمر أكثر من 70% من القرى وتحولت إلى رماد والحقول والغابات والحدائق أحرقت لا تجد أسرة من شمالي أفغانستان إلى جنوبها ومن شرقيها وإلى غربيها إلا وقد أصيبت في أنفسها وأموالها إن أفغانستان تعتبر اليوم أرض الشهداء "

وأوضح سياف أن الروس في المقابل تكبدوا خسائر لم يتكبدوها منذ نشأة دولتهم واستنادا إلى المصادر الأجنبية التي تتابع أحداث أفغانستان يقول:

"إن المجاهدين أسقطوا منذ بدء القتال وإلى الآن 630 طائرة وفي عام 1984 وحده دمرت للعدو 4500 دبابة ومدرعة وشاحنة ولا تجد مدينة من مدن أفغانستان ولا شارعا إلا وحطام الدبابات والمدرعات متناثرة فيه "

وأنحي باللائمة على وسائل إعلام العالم الإسلامي ووصفها بالتقصير الكبير وقال:

"إنها لم تعط لهذا الجهاد ما تعطيه لمباريات كرة القدم من قيمة واهتمام ولذلك فإن المسلمين خارج أفغانستان ظلوا بعيدين عن الصورة الحقيقية للجهاد"
"إن أفغانستان تشهد يوما معارك تتمثل فيها بدر وأحد ولكن ما تسمعون عن الجهاد من خلال الصحف ووكالات الأنباء الأجنبية ليس أكثر من 5% مما يجري على أرض أفغانستان المجاهدة"

ثم ختم حديثه بقوله سنسير في هذه المعركة ونواصل خوضنا لهذا الجهاد مرددين قول الشاعر:

سنبذل روحنا في كل وقت
لرفع الحق خفاق مبينا

فإن عشنا فقد عشنا لحق
ندك به عروش المجرمينا

وإن متنا ففي جنات عدن
لنلقي إخوة في السابقينا

كرامات المجاهدين والشهداء

رأيت أن أختتم هذه الرسالة الموجزة عن أفغانستان المجاهدة بتسجيل بعض كرامات المجاهدين والشهداء في معركتهم المقدسة في الذود عن الوطن ضد الملحدين المعتدين .وهذا الذي ستقرأه هو حقيقة أغرب من الخيال .

يقول الدكتور عبد الله عزام:

"هذه حقائق سمعتها بأذني وكتبتها من أفواه الذين حضروا من المجاهدين . سمعتها من رجال ثقات لا زالوا في خضم المعركة وهي كثيرة جدا وتصل إلى حد التواتر تقريبا" ولكن المجال يقصر عن سردها: (وما جعله الله إلا بشري ولتطمئن به قلوبكم) أما الرجال الذين رووا معظم القصص فإني أظن والله أعلم أن البخاري لو كان حيا لكانوا من أسانيده .

الشهداء

أصبح من المتواتر أن كثيرا من أجساد الشهداء لا تتغير ولا تتعفن وقد نص فقهاء الحنفية والشافعية على هذا جاء في نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: ج5 صفحة 131 للرملي الشافعي في شرح عبارة المنهاج في كتاب العارية "إلا إذا أعار أرضا للدفن فلا يرجع حتى يندرس أثر المدفون" وعلم من تعبيره بالإندراس لزومها "العارية" في دفن النبي والشهيد لعدم بلائهما .

وكذلك نص ابن عابدين الحنفي في حاشيته كتاب الجهاد (3- 238) أن جسد الشهيد حرام على الأرض أكله وقد روي البيهقي بإسناد حسن أن العين عندما فاضت زمن معاوية سنة 46هـ قرب قبر حمزة رضي الله عنه وجرفت التراب وجدوا جثة حمزة لم تتغير .

الشهداء الأفغان

حدثني عمر حنيف في بيت نصر الله منصور "قائد جبهة الإنقلاب الإسلامي" وعمر هذا اسمه "قائندا محمد" وهو قائندا عسكري في منطقة زرمة وأرجون في محافظة بكتيا أفغانستان فقال:

  1. لم أر شهيدا واحدا متغير الجسم أو منتن الرائحة .
  2. لم أر شهيدا واحد نهشه الكلاب رغم أن الكلاب تأكيل الشيوعيين .
  3. لقد كشفت عن اثني عشر قبرا بنفسي بعد سنتين ولم أجد واحد متغير الرائحة .
  4. لقد رأيت شهداء بعد أكثر من سنة جروحهم حية تنزف دما .

شهيد يصافح أباه

حدثني عمر حنيف: في سنة 1981م جاء جيش كبير من الروس معه سبعون دبابة وبعض الآليات وتظله 12 طائرة وكان عدد المجاهدين 115 مجاهدا ووقعت معركة شديدة وأخيرا هزم العدو بعد أن دمرنا 13 دبابة .

استشهد منا أربعة شهداء منهم "ابن جنة جل" ومعناه بالعربية " ابن ورد الجنة" فدفناه في أرض المعركة وبعد ثلاثة أيام جئنا ونقلناه إلى بيت والده ليدفنه في المقبرة .

جاء والده وقال له مخاطبا: يا بني:إن كنت شهيدا فأرني آية أنك شهيد فإذا بالشهيد يرفع يده ويسلم على أبيه وبقي مصافحا والده مدة ربع ساعة ثم نزعها ووضعها على جرحه قال والده كادت يدي تكسر وهو يضغط عليها . قال عمر حنيف:رأيت هذا بعيني .

دعاء المجاهدين سلاح فتاك

حدثني مولوي أرسلان وهو من أشهر المجاهدين في أفغانستان كلها ومن رعبه في قلوب الروس أنهم يعطون عنه محاضرات ويقولون إنه يأكل لحوم البشر .

قال أرسلان: كانت معنا قذيفة واحدة مع مضاد واحد للدبابات فصلينا ودعونا الله أن تصيبهم هذه القذيفة وكان مقابلنا "مائتا دبابة وآلية" فضربنا القذيفة فإذا بها تصيب السيارة التي تحمل الذخيرة والمفجرات فانفجرت ودمرت " 85" دبابة وناقلة وآلية وانهزم العدو وغنمنا كثيرا .ولقد قابلت بنفسي " باطور " الشاب الذي ضرب القذيفة .

الطيور تحارب مع المجاهدين

  1. حدثني أرسلان قال: نحن نعرف أن الطائرات ستهاجمنا قبل وصولها وذلك عن طريق الطيور التي تأتي وتحوم فوق معسكرنا قبل وصول الطائرات فعندما نراها تحوم نستعد لهجوم الطائرات .
  2. حدثني مولانا جلال الدين حقاني وهو من أشهر المجاهدين قال:لقد رأيت مرات كثيرة الطيور تأتي تحت الطائرات تحمي المجاهدين من قذائف الطائرات.
  3. وحدثني الحاج محمد جل: مجاهد في كنر رأيت الطيور مع الطائرات أكثر من عشر مرات والطيور تسابق طائرات الميج النفاثة .

وما يعلم جنود ربك إلا هو:

  1. حدثني أرسلان: كنا في مكان اسمه "شاطوري" عددنا خمسة وعشرون مجاهدا هاجمنا ألفان من الشيوعيين ودارت بيننا معركة وبعد أربع ساعات هزم الشيوعيون وقتل منهم 70–80 شيوعيا وأسرنا 26 شخصا.قلنا للأسري: لماذا هزمتم؟ فقالوا: كانت المدافع والرشاشات الأمريكية تقصفنا من الجهات الأربعة.قال أرسلان: ولم يكن معنا لا رشاش ولا مدفع إنما هي بنادق فردية وكنا في جهة واحدة.
  2. وحديني أيضا فقال: هاجمتنا الدبابات وكان عددها حوالي 120 دبابة ومعهم هاون وسيارات كثيرة ونفدت ذخيرتنا حتى تأكدنا من الأسر فلجأنا إلى الله بالدعاء وبعد قليل وإذا بالقذائف والرشاشات تفتح على الشيوعيين من كل مكان وهزم الشيوعيون ولم يكن في المنطقة أحد غيرنا ثم قال:إنها الملائكة.
  3. وحدثني أرسلان كذلك قال: في مكان اسمه "ارجون رقم 23 " هاجمتنا الشيوعيين فقتلنا خمسمائة وأسرنا 83 شخصا فقلنا لهم ما سبب هزيمتكم ولم تقتلون منا سوي شهيد واحد ؟قال الأسري : كنتم تركبون على الخيل فعندما نطلق عليها تفر ولا تصاب . أقول: والثابت بنص القرآن أن الملائكة نزلت في بدر (إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان) وقد روي مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: "بينما رجل من المسلمين يؤمئذ يشتد في رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول:أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيا فنظر إليه فإذا قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال:صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة" .
  4. وحدثني محمد ياسر قال: إن الشيوعيين إذا دخلوا قرية بدباباتهم يسألون عن اصطبلات خيول الإخوان المسلمين فيتعجب الناس لأنهم لا يركبون خيولا ثم يفطنون أن هذه خيول الملائكة.
  5. حدثني جلال الدين حقاني قال: أعطيت مجاهدا بضع رصاصات ونزل المعركة وأطلق رصاصا كثيرا ولم تنقص الرصاصات وعاد بها .
  6. حدثني عبد الجبار نيازي قال: مرت دباباة وأنا أري على مجاهد "غلام محيي الدين" تحتها وبقي حيا .
  7. وحدثني الحاج محمد يوسف نائب أمير منطقة لوكر قال : مرت دبابة على جسد المجاهد "بدر محمد جل" ولم يمت ولم يجرح .
  8. حدثني عبد الصمد ومحبوب الله: أقام الشيوعيون مخيما في سهل مدينة قندوس فهجمت عليهم العقارب ولدغتهم فمات ستة وهرب الباقون .
  9. حدثني جلال الدين حقاني فقال: كنا ثلاثين مجاهدا فبدأت الطائرات تقذفنا فكل القذائف انفجرت وجاءت بيننا قذيفة وزنها حوالي 45 كيلو جرام فلم تنفجر ولو انفجرت لقتلت معظمنا .
  10. وحدثني عبد المنان فقال: كنا ثلاثة آلاف مجاهد في مركزنا فجاءت الطائرات وألقت علينا ثلاثمائة قذيفة نابالم فلم تنفجر ولا واحدة ونقلناها جميعا إلى كؤتة "بلد باكستاني فيه مجاهدون"
  11. وحدثني جلال الدين قال: لقد رأيت الكثيرين من المجاهدين معي يخرجون من المعركة وألبستهم محرقة من الرصاص ولكن لم يدخل جسدهم رصاصة واحدة .
  12. وحدثني الشيخ أحمد شريف قال: خرج ابني من المعركة لباسه مخرقا ولم يجرح واحدا .
  13. وحدثني مولوي بير محمد قال: كنا في محافظة بكتيا 12 مجاهدا وهاجمتنا قوة حوالي مائة وثماني طائرات وحاصرتنا في سهل وبدأت تقصفنا فخرجنا من المعركة وألبستنا مخرقة ولكننا لم نجرح .
  14. وقتلنا 160 شيوعيا ودمرنا ثلاثة دبابات واستشهد منا اثنان فقط .
  15. وحدثني المجاهد عبد المنان محمد قائد في هيلمان غرب قندهار : كنا المجاهدين ستمائة شخص وعدد الروس ستة آلاف ومعهم ستمائة دبابة 45 طائرة فهجموا علينا واستمرت المعركة 18 يوما وكانت النتائج:استشهد 33 مجاهدا .وخسر العدو: 450 قتيلا وأسر 36 أسيرا ودمرنا ثلاثين دبابة وأسقطنا طائرتين .

وهذه المدة " 18 يوما" في الصيف ولم يتغير جسد واحد من الشهداء ولم ينتن . ومن بين الشهداء شهيد اسمه عبد الغفور بن دين محمد كان النور ينبعث منه كل ليلة يرتفع إلى السماء ويبقي لمدة 3 دقائق ثم ينزل وقد رأي النور جميع المجاهدين .

وبعد فهذه بعض الكرامات في إحدى معارك القرن العشرين الميلادي الخامس عشر الهجري رأينا أن نختم بها الحديث عن جزء من الوطن الإسلامي الحبيب العزيز أعني أفغانستان المجاهدة .

أسأل الله عزوجل أن يأخذ بيدها وينصرها ويجعلها درعا واقيا للمسلمين كما أسأله سبحانه وتعالي أن يمن على الأمة الإسلامية بصحوة تجعلها تفئ إلى أمر الله إن ربي على ما يشاء قدير .

نداء

إن العالم المعاصر اليوم سواء أكان في الشرق أم في الغرب خاصة القوى الكبرى الممثلة في الولايات المتحدة وجمهوريات الاتحاد السوفيتي ليقف مندهشا وحائرا أمام دفاع وصلابة المجاهدين الأفغان الذين يعيشون معركتهم وحدهم دون عون مادي ومعنوي من دول العالم الإسلامي والعالم العربي الغني بذهبه وبتروله .

إن روسيا المعتدية قد أصبحت الآن في حيرة من أمر هذا الشعب المناضل العظيم فهي الآن وقبل الآن تبحث عن مخرج كريم لها لتستجيب لنداء الواقع الذي فرضه المجاهدون وهو الخروج من تلك الحرب التي لم تنته بعد والتي أحدثت للعدو خسائر باهظة لم تكن في حسبانه ولم تخطر له على بال .

وإن زعامة الغرب أعني الولايات المتحدة الأمريكية لتعجب أشد العجب من تلك المعارك الضارية غير المتكافئة بين فريق خال من العدة والعتاد الحربي وفريق مجهز بأحدث أدوات الفتك والدمار وما زالت المعارك مستمرة حتى الآن وبعد مرور سنوات .

إن المجاهدين الأفغان يناشدون إخوانهم المسلمين في أنحاء العالم أن يعيشوا معركتهم الإسلامية لأن أفغانستان هي جزء عزيز وغال من الوطن الإسلامي الكبير الذي يجب على العالم الإسلامي كله في مشارق الأرض ومغاربها أن يتعاون معه بكل الوسائل الممكنة وأن يقف بجانبه بكل إمكاناته .

وإننا نهيب بالحكام الذين يحكمون العالم الإسلامي والعربي أن يسرعوا بمد يد العون والمساعدة دون إبطاء لأن وضع أفغانستان الجغرافي يجعلها هي الدرع الواقي أمام التتار الجدد " الشيوعيين " وإلا فالدمار سيحيق بالعالم الإسلامي المتراخي لا محالة ويومئذ لا ينفع الندم كما لا تنفع المعارك في قلب العالم الإسلامي بعد ذلك إن وجدت .

كما نهيب بالشعوب الإسلامية على اختلاف مواقعها أن تدفع عن نفسها ما سوف يحيق بها من أخطار بمد يد المعونة إلى الشعب الأفغاني الذي يعيش معركة الإسلام وحده .إننا نذكر الذين يجوبون أرجاء الأرض للتنزه والسياحة بحديث الرسول العظيم صلوات الله وسلامه عليه "سياحة أمتى الجهاد"

ونلفت أنظارهم إلى الحديث :" من لم يغز أو يجهز أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة يوم القيام"

وأذكر المسلمين جميعا بقوله صلي الله عليه وسلم "مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عاما"

أخي المسلم "إن كل ما تدفعه في هذه المعركة سيقاتل فإما أن يقتات به أفغاني أو يقتل به شيوعي".