الإخوان المسلمون جماعةٌ شرعيةٌ وهيئةٌ إسلاميةٌ شعبيةٌ جامعةٌ

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون جماعةٌ شرعيةٌ وهيئةٌ إسلاميةٌ شعبيةٌ جامعةٌ

رسالة من الأستاذ محمد مهدي عاكف - المرشد العام للإخوان المسلمين

الإخوان المسلمون جماعةٌ شرعيةٌ وهيئةٌ إسلاميةٌ شعبيةٌ جامعةٌ

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وعلى آله وصحبه ومن والاه...

وبعد، فيقول الحق جل وعلا: ﴿ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 104).

لقد ظهرت جماعة الإخوان المسلمين منذ أكثر من خمسة وسبعين عامًا على يد مؤسسها الإمام الشهيد حسن البنا وإخوانه، الذين بايعوه على الحق وساروا معه على درب النبوة خلف القائد والزعيم محمد- صلى الله عليه وسلم-، ولقد كانت أهدافها ومبادئها واضحة كفلق الصبح، أعلنها الإمام المؤسس صرخة مدوية ودعوة عالمية لا تحدها حدود ولا تقف أمامها حواجز الجنس أو الدين أو اللسان، وإنما كل المسلمين قومنا والناس جميعًا يرحمهم ربهم إذا لبَّوا نداء رسولنا وقدوتنا صاحب الرسالة الكبرى رسالة الإسلام ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107) ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ (سبأ: 28) ﴿إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وأُنثَى وجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ (الحجرات: 13).

إن الله قد كلفنا بما كلف به الأنبياء والمرسلين بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿ولْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إلَى الخَيْرِ ويَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ ويَنْهَوْنَ عَنِ المُنكَرِ وأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 104)، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عمل دعوي شعبي جماهيري مستمر دؤوب لا يتوقف ولا يتراجع ولا يهدأ ولا ينتهي في جميع الأحوال حتى في دولة الخلافة الراشدة، فما بالنا إن كانت تلك الخلافة غائبة.

ولقد وجَّه رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الأمة إلى الجهاد بكل أنواعه: بالسنان وباللسان، واعتبره ذروة سنام الأمر"رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد"، وخصّ الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بأعلى مراتب الشهادة في سبيل الله؛ فقد قال- صلى الله عليه وسلم-: "خير الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمامٍ جائرٍ فأمره ونهاه فقتله"، أي أمره بالمعروف ونهاه عن المنكر بالحكمة والموعظة الحسنة، فقتله الإمام الظالم، فهو في نفس درجة حمزة سيد شهداء أحد.

الشورى والديمقراطية

و الإسلام الصحيح الكامل هو منهج الله للناس جميعًا بشعائره وشرائعه، ويمثل نظام حكمٍ وأسلوب حياةٍ، له من السمو والدوام والكمال ما يجعله يفوق كل مناهج البشر إلى قيام الساعة، ويحقق السعادة في الحياة الدنيا، والفوز برضوان الله في الآخرة.

وقد اعتبر الإسلامُ الأمةَ مصدرًا للسلطات، وهذا بالضبط ما أجمعت عليه شعوب الأرض جميعًا في آلية اختيار حكامها ومسئوليها، فالشعب أو الأمة تعطي الحق لمن تشاء في التعبير عنها، وفي إدارة شئونها بحريةٍ كاملة في الاختيار، وهذا الأمر محل اتفاقٍ كامل بين الشورى والديمقراطية، وفي هذا الصدد نؤكد مجددًا على قبولنا لمبدأ التعددية السياسية، وبالتداول السلمي للسلطة، والفصل الحقيقي بين السلطات، وضرورة إطلاق الحريات العامة؛ من حيث: حرية تكوين الأحزاب: وإصدار الصحف، وإلغاء كافة المحاكم والقوانين الاستثنائية المقيدة للحريات، وحق الشعب في إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة.

الجماعة والأمة والشرعية

في هذا الإطار فإن الأمة التي رأت جماعة الإخوان المسلمين على مدار ثلاثة أرباع القرن وفهمت مقاصدها وجربت التعامل معها فالتفت حولها وانحازت إليها وانضوت تحت لوائها وحرصت على الدخول فيها وبهذه الأعداد التى لا ينافسها فيها حزب ولا جمعية ولا هيئة أخرى، ألا يُعد ذلك شرعية شعبية صادقة لهذه الهيئة الإسلامية الجامعة، وإلا فما معنى التأييد الشعبي وما معنى حرية الاختيار (الديمقراطية) إذًا؟

هل رأيتم يا سادة في عالمنا العربي حزبًا أو جماعة أخرى يحتشد أنصارها بهذه الأعداد رغم الإعاقة والمنع والمتابعة والحبس والترهيب والتعذيب مثل ما يحدث مع جماعة الإخوان المسلمين؟ وما أدل على ذلك من مواكب تشييع مرشدي الجماعة التي قدرها المراقبون بعدة مئات من الألوف، وكان آخرها المرحوم المستشار المأمون الهضيبي- رحمه الله- التي سار فيها قرابة النصف مليون من أعضاء الجماعة في مصر، غير النساء اللاتى لا يحضرن الجنائز.

منهج الحكم في الشورى ومنهج البشر

و الإسلام يقدم المنهج لإدارة شئون الناس بكلياته وثوابته ومرجعيته في كل الأمور، وبتفاصيله أحيانًا في بعض الأمور، وهذا هو تمام الجزء الثاني من الشورى؛ فالمنهج إسلامي الهيكل، والمرجعية بَشرِىُّ الوسائل والآليات، وشتان بين هذا وبين المناهج البشرية الأخرى في النُّظم الأرضية الأخرى حيث الضلال أحيانًا والظلم أحيانًا أخرى ﴿أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ﴾ (الملك: 14)، ﴿ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ والْبَحْرِ ورَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً﴾ (الإسراء: 70).

والإخوان دائمًا يعلنون أنهم يدعون الناس إلى الإسلام، والحكومة جزء منه، والحرية فريضة من فرائضه، وهذا هو الإسلام الذي نعرفه ونتعامل به وهذه هي سياستنا ﴿اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا﴾ (المائدة: 3).

دروس التاريخ عبرة لمن يعتبر

وكم عانت الأمة من جوْر الحكام ومن ظلم الإنسان لأخيه الإنسان، وحاربت الأنظمة جماعة الإخوان وسجنت وعذبت وغيَّبت وقتلت، ولأن الجماعة شرعيةٌ بمنهجها الرباني، وبالتفاف الناس حولها عبر ثمانية عقود متتالية؛ بسبب صدق العمل بعد صدق القول، وإخلاص الأفعال بعد إخلاص النيات- ولا نزكي بذلك على الله أحدًا أبدًا- ولكننا نقرأ التاريخ ونرصد الواقع الذي نعيش فيه، ولأن ذلك كذلك ارتدت السهام دائمًا إلى صدور راميها، وما لانت للرجال قناة، وإنما صبروا واحتسبوا، وخرجت الجماعة من كل محنة وهي أصلب عودًا وأقوى شكيمة.

لكن الأمة التي عانت كثيرًا على أيدي الظالمين تأخرت وتقهقرت، واستشرت فيها الفتن، واهتز الولاء في نفوس أبنائها وضعفت مناعتها، فاعتدى عليها الأعداء المتربصون من بني صهيون وغيرهم، فكانت الهزائم والخسائر والنكسات والكبوات؛ فلقد هُزمت الجيوش وتراجع دور الدول أمام الصهاينة، وأُعلن عن قيام دولة العدو، وتزامن ذلك مع اعتقال المجاهدين من أرض الرباط في فلسطين من الإخوان المسلمين، ولما عُلق الإخوان على أعواد المشانق ظلمًا وزورًا وبهتانًا في عام 1954م، تلا ذلك العدوان الثلاثي على مصر عام 1956م.

الشهيد سيد قطب

الأستاذ سيد قطب

وحين أعدم الجبارون "سيد قطب" وإخوانه الأبرار عام 1965 كانت النكسة في 5 يونيو عام 1967 التي تمرُّ بنا الآن ذكراها و الإخوان رهن الحبس والقيد في السجون.. ضحايا المطالبة بالإصلاح لخير الأمة والوطن ﴿ومَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إلا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ العَزِيزِ الحَمِيدِ﴾ (البروج: 8).

ونذكر- ويذكر الناس معنا- اعتقالات 1981 وما تلاها من فتنةٍ كبرى أنجى الله منها البلاد، ووقع ما وقع لرئيس الدولة حينئذ، وبدأ مسلسل الضلال وتسميم الأفكار، وعانت البلاد من ذلك الكثير، فهل لنا فيما مضى معتبر؟!

إن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ينام الظالم والأمهات والزوجات والأبناء يدعون على من حرمهم من آبائهم وأزواجهم وأبنائهم وعين الله لا تنام، إن الله يسمع ويرى، وإذا كانت دولة الظلم ساعة، فدولة الحق إلى قيام الساعة، إن هؤلاء الرجال الذين حالت الأسوار بيننا وبينهم يقفون الآن بكل عزٍّ وفخار يدافعون عن الإصلاح وإنهاء القمع والاستبداد، ويدفعون ثمن المطالبة بالحرية لكل أبناء مصر من المسلمين ومن غير المسلمين.

ونقول لهم أيها الأحباب: ﴿اصْبِرُوا وصَابِرُوا ورَابِطُوا واتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران: 200)، وتمثلوا يا رجال الحق قولَ الله جل وعلا عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من أتباع رسولنا- صلى الله عليه وسلم- ﴿الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ* الَّذِينَ قَالَ لَهُمْ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ* فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ* إِنَّمَا ذَلِكُمْ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِي إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ (آل عمران:172- 175).

أيها الإخوان أقبِلوا على الله بقلوبٍ راضية ثابتة مطمئنة، وأكثروا من الدعاء والذكر وتلاوة القرآن، واهتدوا بهدي نبيكم- صلى الله عليه وسلم-، سيروا على دربه، واقتفوا أثرَ المجاهدين الصادقين من بعده، فإن هذه الأمة لن يصلح آخرها إلا بما صلح به أولها، وكونوا على قلب رجلٍ واحد..

﴿واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا ولا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانًا وكُنتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ (آل عمران: 103) ﴿وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ* إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ* وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ* أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾ (آل عمران:139- 142).

والله مولاكم والظالمين لا مولى لهم، فطوبى للشهداء من أجل الإصلاح، وطوبى لكم ولأسركم يا رجال الإصلاح، وإن غدًا لناظره قريب، والله المستعان وهو معكم ولن يتركم أعمالكم. ﴿واللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ولَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾

القاهرة

في: 2 من جُمادى الأولى 1426هـ

الموافق 9 من يوليو 2005م.