الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل...الحلقة الأولى

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل : مطالعة في الوثائق الأصلية .. (الحلقة الأولى)

بقلم / الشيخ محمد الأمين بن الشيخ بن مزيد


مقدمة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أما بعد فهذه أوراق بعنوان الإخوان المسلمون من النشأة إلى الحل مطالعة في الوثائق الأصلية تهدف إلى توفير معلومات كافية عن هذه الجماعة، ووسائلها ونضالها السياسي ، ووثائقها ، ولمحة عن مؤسسها ، بالإضافة إلى نظامها الأساسي ولا ئحتها الداخلية ، وقد صارت هذه المعلومات مهمة بعد الخلط المتعمد الذي تمارسه بعض الأجهزة ، بين الحركات الإسلامية السلمية التي تتبنى الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن ، وبين اتجاهات أخرى لها وسائلها في العمل فأقول وبالله التوفيق:


المؤسس والنشأة

الإمام حسن البنا

مؤسس جماعة الإخوان المسلمين هو: حسن أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الساعاتي

ولد حسن البنا سنة1324 الموافق 1906 بمدينة المحمودية في مصر ، ونشأ وترعرع في كنف والده أحمد عبد الرحمن ، وهو عالم اشتغل بالحديث وصنف فيه ، وقد قام بعمل عظيم في هذا المجال هو ترتيب مسند الإمام أحمد على الأبواب في كتابه الذي سماه الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني وله بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن

وقد نشأ رحمه الله تعالى نقي الفطرة ، مائلا إلى العبادة ، محبا للخير .

التحقحسن البنا بمدرسة الرشاد الدينية ، ثم التحق بالمدرسة الإعدادية وكانت " على غرار المدرسة الابتدائية اليوم بحذف اللغة الأجنبية وإضافة بعض مواد القوانين العقارية ، والمالية ، وطرف من فلاحة البساتين مع التوسع نوعا في دراسة علوم اللغة الوطنية والدين . "

وكان في هذه المدرسة " يقسم وقته بين الدرس نهارا ، وتعلم صناعة الساعات التي أغرم بها بعد الانصراف من المدرسة إلى صلاة العشاء ، ويستذكر هذه الدروس بعد ذلك إلى النوم، ويحفظ حصته من القرآن الكريم بعد صلاة الصبح ، حتى يذهب إلى المدرسة . "

ثم التحق حسن البنا بمدرسة المعلمين وهو في منتصف الرابعة عشرة ، وكانت أيامه في هذه المدرسة أيام الاستغراق في عاطفة التصوف والعبادة . "

وضاعف في هذا الاستغراق أن أحد أساتذته كان مثالا من أمثلة التعبد والصلاح والتقوى والتأدب بأدب الطريق .

وكانت تمر به هو وزملاؤه أيام صمت لا يتكلم أحدهم إلا بذكر أو قرآن.

وكانت المدرسة في دمنهور ، فكان حسن البنا يعود ظهر الخميس إلى أهله في المحمودية ويتبع نظاما ثابتا شرحه بقوله : " كنت أنزل من قطار الدلتا إلى الدكان مباشرة فأزاول عملي في الساعات إلى قبيل المغرب ، حيث أذهب إلى المنزل لأفطر إذ كان من عادتنا صوم الخميس والاثنين ، ثم إلى المسجد الصغير بعد ذلك للدرس والحضرة ، ثم إلى منزل الشيخ شلبي الرجال ، أو منزل أحمد أفندي السكري ، للمدارسة والذكر ، ثم إلى المسجد لصلاة الفجر ، وبعد ذلك استراحة يعقبها الذهاب إلى الدكان ، وصلاة الجمعة ، والغداء ،والدكان إلى المغرب ، فالمسجد فالمنزل . وفي الصباح إلى المدرسة وهكذا دواليك ، في ترتيب لا أذكر أنه تخلف أسبوعا إلا لضرورة طارئة . "

والتحق حسن البنا بعد ذلك بدار العلوم " وقبل أن يلتحق بها كان في صراع نفسي عنيف بين قناعته بأهمية العلم للفرد والجماعة ، وبين تعاليم الغزالي التي تعرف العلم الواجب بأنه العلم المحتاج إليه في أداء الفرائض وكسب العيش ، ثم الانصراف بعد ذلك إلى العمل . "

وانتصر العلم في النهاية.

وحصل على دبلوم دار العلوم سنة 1927 وهو ابن إحدى وعشرين سنة ، وكان ترتيبه الأول , وعين مدرسا في مدينة الإسماعيلية في المدرسة الابتدائية الأميرية في الدرجة السادسة بمرتب 15 جنيها وتسلم عمله في 20/9/1927 وكان من بين الذين ودعوا حسن البنا رجل ذو تقوى وصلاح فكان مما قال له : " إن الرجل الصالح يترك أثرا صالحا في كل مكان ينزل فيه ، ونحن نأمل أن يترك صديقنا أثرا صالحا في هذا البلد الجديد عليه . "

وكان لهذه الكلمات أثر كبير في نفس حسن البنا.


في مدينة الإسماعيلية

قضى البنا أربعين يوما في مدينة الإسماعيلية لا يختلط بأحد إنما يشغل وقت فراغه بدراسة هذا الوطن الجديد ، من حيث أهله ومناظره وخصائصه ، أو مطالعةٍ أو تلاوةٍ . وقد درس حسن البنا الناس والأوضاع دراسة دقيقة فعرف عوامل التأثير في هذا المجتمع وقد وجدها أربعة:

1. العلماء .

2. وشيوخ الطرق .

3. والأعيان .

4. والأندية .

يقول حسن البنا : " أما العلماء فقد سلكت معهم مسلك الصداقة والتوقير والإجلال الكامل ، وحرصت ألا أتقدم أحدا منهم في درس أو محاضرة أو خطبة . " أما شيوخ الطرق فقد شرح طريقته معهم بقوله: " كانت طريقتي مع هؤلاء الشيوخ الكثيرين الذين يزورون الإسماعيلية أن أتأدب معهم بأدب الطريق وأخاطبهم بلسانها ، ثم إذا خلونا معا شرحت لكل واحد منهم حال المسلمين ، وجهلهم بأوليات دينهم ، وتفكك رابطتهم ، وغفلتهم عن مصالحهم الدينية والدنيوية ، وما يهددهم من أخطار جسام ، في كيانهم الديني بزحف الإلحاد والإباحية على معسكراتهم ، وفي كيانهم الدنيوي بغلبة الأجانب على خيرات بلادهم ، وكان المعسكرُ غربَ الإسماعيلية ، ومكاتب شركة قناة السويس في شرقها ، مددا لا ينضب من الأمثلة على ذلك ، ثم أذكرهم بالتبعة التي على كاهلهم لهؤلاء الأتباع الذين وثقوا بهم وأسلموهم قيادهم ليدلوهم على الله ، ويرشدوهم إلى الخير ، ثم أطلب إليهم في النهاية أن يوجهوا كل جهودهم إلى إثارة أذهان هؤلاء الناس بالعلم والمعرفة ، وإلى التربية الإسلامية الصحيحة ، وجمع كلمتهم على عزة الإسلام ، والعمل على إعادة مجده . "

وأما الأعيان : فقد حاول حسن البنا الإصلاح بينهم ، وكانوا متنافسين وحاول أن يكسب صداقتهم جميعا .

وأما النوادي: فقد كان في الإسماعيلية نادي العمال ، وقد استعمله حسن البنا لإلقاء المحاضرات الدينية والاجتماعية والتاريخية .

وهكذا بدأ حسن البنا دعوته على ضوء معرفة كاملة بطبيعة المدعوين.

وقد اتجه إلى الدعوة في المقاهي فاختار ثلاث مقاهي كبيرة ليلقي في كل منها درسين في الأسبوع ، وكان يختار موضوع الدرس بعناية .

وقد ظل حسن البنا طيلة حياته يدعو إلى الله ، ويتجول في أنحاء القطر المصري لا يترك بلدا إلا زاره ، وبات فيه واجتمع بالناس في بيوتهم ومساجدهم . وقد اكتسب من رحلاته خبرة اجتماعية عظيمة في معرفة الطبائع والميول ، وكان يخاطب كل أحد بلغته ، فيتحدث إلى الفلاحين والعمال بلغتهم ، ويتحدث مع المثقفين وعلماء الدين ورحال التصوف ورجال القانون بلغتهم . "

وصفه إحسان عبد القدوس في مقال بعنوان (الرجل الذي يتبعه نصف مليون) بقوله:

" يستقبلك الأستاذ حسن البنا بابتسامة واسعة ، وآية من آيات القرآن الكريم يعقبها بيتان من الشعر يختمهما بضحكة كلها بشر وحياة !! والرجل ليس فيه شيء غير عادي ، ولو قابلته في الطريق لما استرعى نظرك اللهم إلا بضآلة جسمه ولحيته السوداء التي لا تتلاءم كثيرا مع زيه الإفرنجي وطربوشه الأحمر الغامق ، ولن تملك نفسك عن التساؤل كيف استطاع الرجل أن يجمع حوله كل هؤلاء الإخوان ؟ وكيف استطاع أن ينظمهم كل هذا التنظيم بحيث إذا عطس فضيلته في القاهرة صاح رئيس شعبة الإخوان في أسوان يرحمكم الله.

ولكنك لن تلبث قليلا حتى تقتنع بأن قوة الرجل في حديثه وفي أسلوبه الهادئ الرزين ، وفي تسلسل أفكاره التي يعبر عنها تعبيرا منطقيا ، وربما كان أغرب ما في حديثه أنه يحس بما يقوم في نفسك من اعتراضات فيجيبك عنها ويفندها لك قبل أن يترك لك الفرصة لتصدمه بها وهو لبق يستطيع أن يحلل شخصيتك ويدرس نفسيتك من النظرة الأولى . "

وكان كاسمه بناء عبقريا في البناء " منظما يعمل في هدوء ويبني في اطمئنان " حكيما في دعوته حريصا على الطاقات بصونها أن تتبدد أو تذهب في غير طائل ، وكان يبحث عن الأفراد الصالحين لحمل الدعوة وتبليغها للناس ، وتنفيذ تعاليمها . وقد ظل كذلك إلى أن اغتيل في أحد شوارع القاهرة في 14/ربيع الثاني 1368الموافق 12/2/1949


خطة الإغتيال

الإمام حسن البنا يصلى في جمعية الشبان المسلمين فى أخر صورة له قبل إستشهاده

دعي الشيخ حسن البنا للقاء مفاوضة مع الحكومة ، في جمعية الشبان المسلمين وهناك كانت الحكومة قد نصبت كمين الاغتيال ، المكون من بعض الضباط والجنود ، الذين أطلقوا الرصاص على الشيخ حسن البنا ، وهو خارج من جمعية الشبان المسلمين ، ولم تكن الرصاصات قاتلة،حيث خرج الشيخ حسن البنا من السيارة ، وطلب الإسعاف بنفسه تليفونيا ، ولكن سيارة الإسعاف كانت على أتم الاستعداد لتنقله إلى مستشفى القصر العيني، ليترك رحمه الله حتى يموت وكان ذلك في عهد إبراهيم عبد الهادي .


الإخوان المسلمون: النشأة

الأستاذ عبد الرحمن حسب الله من الرعيل الأول من الأسماعيلية

في ذي القعدة 1347 الموافق 1928 بايع ستة هم : حافظ عبد الحميد ، وأحمد المصري ، وفؤاد إبراهيم ، وعبدالرحمن حسب الله ، وإسماعيل عز ، وزكي المغربي ، بايع هؤلاء حسن البنا على العمل للإسلام والجهاد في سبيله .

وعندما سألوه بم نسمي أنفسنا ؟ قال : نحن أخوة في خدمة الإسلام فنحن إذن الإخوان المسلمون .

ثم استأجروا حجرة متواضعة وسموا هذا المكان : مدرسة التهذيب للإخوان المسلمين ، وكان المنهاج " دراسة إسلامية قوامها تصحيح تلاوة القرآن ، بحيث يتلوه الأخ المنتسب إلى هذه المدرسة -وبالتالي إلى الدعوة - وفق أحكام التجويد ، ثم محاولة حفظ آيات وسور ، ثم شرح هذه الآيات والسور وتفسيرها تفسيرا مناسبا ، ثم حفظ بعض الأحاديث وشرحها كذلك ، وتصحيح العقائد والعبادات ، وتعرف أسرار التشريع وآداب الإسلام العامة ، ودراسة التاريخ الإسلامي ، وسيرة السلف الصالح ، والسيرة النبوية بصورة مبسطة ، تهدف إلى النواحي العملية والروحية ، وتدريب القادرين على الخطابة والدعوة تدريبا علميا بحفظ ما يستطاع من النظم والنثر ومادة الدعوة ، وعمليا بتكليفهم التدريس والمحاضرة في هذا المحيط أولا ، ثم في أوسع منه بعد ذلك .

وقد وصل عدد الإخوان في نهاية العام الدراسي 1927-1928 حوالي سبعين .

وقد كان الجيل الأول من الإخوان جيلا نموذجيا في الحب والتآخي والإيثار والعزة الإسلامية . وفي السنة الثانية كانت جماعة الإخوان قد " تشكلت بوضع الجمعيات القانونية ، وصار لها نظام أساسي ، ومجلس إدارة ، وجمعية عمومية . "

الأستاذ أحمد المصري أحد الستة المؤسسين لجماعة الإخوان

وقد تعرضت الدعوة إلى مضايقات في هذه السنة واتهم القائمون عليها بشتى التهم وكان الشيخ حسن البنا لا يهتم بذلك ويقول :

" أنا أعلم قاعدة أفادتني كثيرا في سير الدعوة العملي ، وهي أن الإشاعة والأكاذيب لا يقضى عليها بالرد ، ولا بإشاعة مثلها ، ولكن يقضى عليها بعمل إيجابي نافع ، يستلفت الأنظار ، ويستنطق الألسنة بالقول ، فتحول الإشاعة الجديدة وهي حق مكان الإشاعة القديمة وهي باطل ."

وبنى الإخوان المسجد ودار الإخوان أي المدرسة التي أطلقوا عليها اسم : " معهد حراء الإسلامي " وكان معهدا نموذجيا .

وقد كان هدفُ الدعوة في السنوات الأولى توسيعَ نطاق الجماعة داخل مدينة الإسماعيلية والمناطق المحيطة بها .

وكان حسن البنا ربما زار منطقة لا يعرفها ، فيذهب يتجول في شوارعها يتوسم الوجوه ويبحث عن الخير فيها ، فإذا رأى من بتوسم فيه الخير تحدث معه ، فيحدثه عن سمو مقاصد الإسلام ، وعما في المجتمع من فساد ، وأن سبب ذلك إهمال أحكام الإسلام ، وأن الدعوة إلى تصحيح هذه الأوضاع واجب ، وأن الطريقة الفردية وحدها لا تكفي ، بل لا بد من تكوين رأي عام يناصر هذه الفكرة ، وجماعة من الطيبين في كل قرية يؤمنون بالدعوة ويجتمعون عليها ونسميهم "الإخوان المسلمون ".

وفي سنة 1932 نقل الأستاذ حسن البنا إلى القاهرة بطلب منه وقد أثار تعيين خلف له في مدينة الإسماعيلية أول خلاف يدور داخل الجماعة .

وقد التزم الأستاذ حسن البنا في القاهرة نظاما روتينيا ثابتا فكان منهجه : " أن يزور المركز العام في الصباح الباكر ، ويترك فيه مذكرات ، فيها توجيهات وأعمال تتطلب الإنجاز ، ثم يقصد مدرسته ، فإن كان مسافرا يتوجه من المدرسة إلى المحطة ، وإن لم يكن يعرج على المركز ثانية يقابل ويوجه ويصرف ما يجد من عمل ، وفي المساء يزور المركز ثالثة ويقضي فيه وقته مقابلا الوفود الزائرين ، أو مجتمعا في لجان ، أو محاضرا .

الأخوات المسلمات

في غرة محرم 1352 الموافق إبريل 1933 في مدينة الإسماعيلية أنشأ الشيخ حسن البنا فرقة الأخوات المسلمات على أساس أنها فرقة أدبية إسلامية تتألف من نساء الإخوان وقريباتهم .

وفي سنة 1944 صار هناك في المركز العام قسم الأخوات المسلمات واختار البنا سكرتيرا لهذا القسم يباشر مهمته بمعاونة عقيلته ووصل عدد النساء في هذا القسم سنة 1948 إلى خمسة آلاف أخت


المصادر

[1] كناب: في قافلة الإخوان المسلمين.

[2] مذكرات الدعوة والداعية للشيخ حسن البنا (دار التوزيع والنشر الإسلامية – القاهرة .

[3] مجلة روز ليوسف العدد 900 بتاريخ 11 سبتمبر 1945 .

[4] الإخوان المسلمون والمجتمع المصري تأليف محمد شوقي زكي (كار الأنصار – القاهرة)

[5] انظر الإخوان المسلمون للسيد يوسف (مركز المحروسة- القاهرة)