الرنتيسي.. حياةٌ حافلةٌ بالجهاد والتضحيات وشهادةٌ كما تمناها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الرنتيسي.. حياةٌ حافلةٌ بالجهاد والتضحيات وشهادةٌ كما تمناها

القسام ـ خاص:

مقدمة

تمر علينا ذكرى استشهاد الدكتور المجاهد عبد العزيز الرنتيسي، التي تقع في السابع عشر من نيسان أبريل من كل عام ،وإن هذه الذكرى كلما مرَّت لمعت معها ومضاتٌ جهاديةٌ رائعةٌ تميَّزت بها حياة الشهيد، فاعتقالٌ وإبعادٌ وتضحياتٌ وتعذيبٌ وصبرٌ وثباتٌ.. معاني الصمود تجسَّدت في مقارعة القائد الفذ لقوات الاحتلال الصهيوني، التي وقفت عاجزةً أمام عظمة الرجل الذي انتصر في النهاية ونال ما كان يتمنَّى وبالطريقة ذاتها التي وصفها قبل استشهاده.

في ذكراك يا أبا محمد ... يا أسد فلسطين .. يا صوت حماس الهادر .. يا صوت المقاومة .. يا صوت الحق في وجه الظالمين.. يا من زلزلت عروش الظالمين .. يا من أحييت في نفوس الشباب حب الجهاد والاستشهاد في سبيل الله عز وجل .. يا من رفعت معنويات المجاهدين في عنان السماء .. يا من قهرت سجانك يا أبا محمد، حتى أعداء الإسلام قد وقروك واحترموك لكبريائك وشموخك .. يا من كنت ليثا هصورا في سجنك ومبعدك وأرضك .. يا من رفعت راية الإسلام خفاقة وعلمتنا معنى العزة والكرامة .. علمتنا أن الأرض لا تعود إلا بالدماء والأشلاء، علمتنا أن طريق المفاوضات هو طريق الانهزام والانبطاح، علمتنا أن نسير في طريق الشوك والدروب الصعبة من أجل عزتنا وكرامتنا، علمتنا ألا نتخلى عن مبادئنا وقدسنا، علمتنا أن نتمسك بأرضنا وحقوقنا مهما كلفنا ذلك من تضحيات جسيمة.

لقد أضاءت شمس أبي محمد الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي في سماء فلسطين كل فلسطين، فكان نعم القائد ونعم الناطق باسم المقاومة، ونعم المجاهد، ونعم العابد الزاهد الملازم للمساجد .

لقد أنار الدكتور للمجاهدين طريق العزة والكرامة، فما خاب من سار على درب الشهيد الدكتور، وما خاب من تمسك بوصيته أن عدونا لا يفهم الحوار إلا عبر فوهة البندقية، وأن طريق البندقية هو الطريق الصحيح لاستعادة حقوقنا وأرضنا من مغتصبيها الصهاينة.

ولادة القمر المنير

في الثالث والعشرين من شهر أكتوبر لعام ألف وتسعمائة وسبعة وأربعين ميلادية، أطل قمر ثان على الدنيا، ليزيل عتمة الليل الحالكة، وينير طريق المجاهدين والمقاومة إنه الدكتور الشهيد عبد العزيز الرنتيسي .

ولد أسد فلسطين في قرية يبنا المحتلة (بين عسقلان ويافا)؛ حيث لجأت أسرته بعد حرب عام 1948 إلى قطاع غزة، واستقرَّت في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وكان عمره وقتها 6 أشهر، ونشأ عبد العزيز الرنتيسي بين تسعة إخوة وثلاث أخوات، وبعد أن تزوج رزقه الله بستة أبناء (ابنين وأربع بنات)، وأصبح بعد ذلك جدًّا لعشرة أحفاد.

التحق الدكتور عبد العزيز الرنتيسي في سن السادسة بمدرسةٍ تابعةٍ لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وقد اضطرته ظروف عائلته الصعبة إلى العمل وهو في سن السادسة ليُساهم في إعالة أسرته الكبيرة فنشأ قويا قادرا على تحمل الظروف الصعبة.

أنهى الدكتور دراسته الثانوية عام 1965 م وتوجَّه إلى جمهورية مصر العربية، وتحديدًا مدينة الإسكندرية، ليلتحق بجامعتها ويدرس الطب؛ حيث أنهى دراسته الجامعية بتفوُّقٍ، وتخرَّج عام 1971 م ، وعاد إلى قطاع غزة ليعمل في 'مستشفى ناصر' المستشفى الرئيسي في خان يونس.

وبعد أن خاض إضرابًا مع زملائه في المستشفى احتجاجًا على تعمد إدارة الصحة منعهم من السفر لإكمال دراستهم العليا، تمكَّن من العودة إلى الإسكندرية ليحصل على درجة الماجستير في طب الأطفال، وفي عام 1976 عاد إلى عمله في المستشفى.

شغل الدكتور عبد العزيز الرنتيسي عدة مواقع في العمل العام؛ منها عضوية هيئة إدارية منتخبة في المجمع الإسلامي، وعضو الهيئة الإدارية المنتخبة لعدة دوراتٍ في 'الجمعية الطبية العربية' في قطاع غزة إلى أن اعتقله عام 1988 م قوات الاحتلال الصهيوني وهو عضوٌ في الهلال الأحمر الفلسطيني.

عمل الدكتور محاضرًا في 'الجامعة الإسلامية' في مدينة غزة منذ عام 1986 م بعد إقصائه تعسفيًّا من قِبل الاحتلال عن عمله في المستشفى عام 1984 م وعدم السماح له بالعودة إليه ثانية، وقد كتب ضابط ركن الصحة الصهيوني على ملفِّه (لا يسمح له بالعودة إلا بكتابٍ خطيٍّ من وزير الدفاع.

اعتقل عبد العزيز الرنتيسي عام 1982 م بعد أن قاد 'الجمعية الطبية' في إضرابٍ عن دفع الضرائب لسلطات الاحتلال استمرَّ ثلاثة أسابيع احتجاجًا على الضريبة المضافة؛ ففُرضت عليه الإقامة الجبرية خلاله، وقد حدثت انتفاضةٌ فلسطينيةٌ في قطاع غزة خلال هذه الفترة تضامنًا مع الأطباء.

انتسب عبد العزيز الرنتيسي إلى جماعة الإخوان المسلمين ليصبح أحد قادتها في قطاع غزة ويكون أحد مؤسِّسي حركة المقاومة الإسلامية حماس في غزة عام 1987 م.

أول من اعتقل من قادة الحركة

وكان أول من اعتقل من قادة الحركة بعد إشعالها الانتفاضة الفلسطينية الأولى في التاسع من ديسمبر 1987 م؛ ففي (15-1- 1988 م) جرى اعتقاله لمدة 21 يومًا بعد عراكٍ بالأيدي بينه وبين جنود الاحتلال الذين أرادوا اقتحام غرفة لصدهم عن الغرفة، فاعتقلوه دون أن يتمكنوا من دخول الغرفة.

وبعد شهرٍ من الإفراج عنه تم اعتقاله بتاريخ (4-3- 1988 م)؛ حيث ظل محتجزًا في سجون الاحتلال لمدة عامين ونصف العام؛ حيث وُجِّهت إليه تهمة المشاركة في تأسيس وقيادة ' حماس ' وصياغة المنشور الأول للانتفاضة، بينما لم يعترف في التحقيق بشيءٍ من ذلك فحوكم على قانون 'تامير' ليطلق سراحه في (4-9- 1990 م)، ثم عاود الاحتلال اعتقاله بعد مائة يوم فقط. حيث اعتقل بتاريخ 14/12/ 1990 م إداريًّا لمدة عام كامل.

وفي 17/12/ 1992 م ) تم إبعاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مع 416 مجاهدًا من نشطاء وكوادر حركتي ' حماس ' و'الجهاد الإسلامي' إلى جنوب لبنان؛ حيث برز كناطقٍ رسميٍّ باسم المُبعَدين الذين رابطوا في مخيم العودة في منطقة مرج الزهور وتعبيرًا عن رفضهم قرار الإبعاد الصهيوني ولإرغام سلطات الاحتلال على إعادتهم، وقد نجحوا في كسر قرار الإبعاد والعودة إلى الوطن وإغلاق باب الإبعاد إلى يومنا هذا.

اعتقلته سلطات الاحتلال فور عودته من إبعاده في مرج الزهور، وأصدرت محكمة صهيونية عسكرية عليه حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف السنة، ليفرج عنه في (21-4- 1997 م) بعد انتهاء مدة الحكم.

وخرج من المعتقل ليباشر دوره في قيادة حركة المقاومة الإسلامية حماس التي كانت قد تلقَّت ضربةً مؤلمةً من السلطة الفلسطينية عام 1996 م، وأخذ يدافع بقوةٍ عن ثوابت الشعب الفلسطيني ومواقف الحركة الخالدة، ويشجِّع على النهوض من جديد، ولم يَرُقْ ذلك للسلطة الفلسطينية التي قامت باعتقاله بعد أقل من عامٍ من خروجه من سجون الاحتلال بتاريخ (10-4- 1998 ) بضغطٍ من الاحتلال كما أقرَّ له بذلك بعض المسئولين الأمنيين في السلطة الفلسطينية، .

وأفرج عنه بعد 15 شهرًا بسبب وفاة والدته وهو في المعتقلات الفلسطينية، ثم أعيد إلى الاعتقال بعدها ثلاث مرات ليُفرج عنه بعد أن خاض إضرابًا عن الطعام، وبعد أن قُصف المعتقل من قِبل طائرات العدو الصهيوني وهو في غرفةٍ مغلقةٍ في السجن المركزي في الوقت الذي تم فيه إخلاء السجن من الضباط وعناصر الأمن خوفًا على حياتهم؛ ليُنهيَ بذلك ما مجموعه 27 شهرًا في سجون السلطة الفلسطينية.

وحاولت السلطة اعتقاله مرتين بعد ذلك، ولكنها فشلت بسبب حماية الجماهير الفلسطينية لمنزله.

الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تمكَّن من إتمام حفظ كتاب الله في المعتقل عام 1990 بينما كان في زنزانةٍ واحدةٍ مع الشيخ المجاهد أحمد ياسين، وله قصائدُ شعريةٌ تعبِّر عن انغراس الوطن والشعب الفلسطيني في أعماق فؤاده، وهو كاتب مقالةٍ سياسيةٍ نشرتها له عشرات الصحف، كما وأمضى معظم أيام اعتقاله في سجون الاحتلال وكل أيام اعتقاله في سجون السلطة في عزلٍ انفراديٍّ.

تعرَّض الدكتورعبد العزيز الرنتيسي لعدة محاولات اغتيالٍ من قِبل قوات الاحتلال الصهيوني؛ حيث كشفت حركة حماس محاولةً لاغتيال عبد العزيز الرنتيسي نجا منها قبل ثلاثة أسابيع من استشهاده، وأكدت مصادرُ في الحركة أن الشهيد الدكتور كان قد تعرَّض لمحاولة اغتيالٍ في اليوم الثالث من اغتيال الشيخ أحمد ياسين وقد نجا منها بأعجوبة.

ولقد تم اختيار الدكتور عبد العزيز الرنتيسي خليفة للشيخ أحمد ياسين في قيادة الحركة، وقد استشهد بعد تعرُّضه لمحاولة اغتيالٍ استهدفته عندما كان يسير في سيارةٍ وسط مدينة غزة مساء السبت (17-4- 2004 ) أسفرت عن استشهاد اثنين من مرافقيه ولحق الدكتور بالشيخ أحمد الياسين ولم يطل عليه فمضي سريعا يعتجل الخطى نحو ربه ونحو الأحباب الشهداء محمد والصحب والرفقاء.

وغاب القمر غيابه الأخير لتنطوي صفحة من صفحات المجد والبطولة والعزة والإباء، من حياة شيخ مجاهد عابد، غرس في النفوس حب الجهاد والشهادة في سبيل الله، فرحم الله شيخنا الدكتور وأسكنه فسيح جناته مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا والملتقى الجنة بإذن الله تعالى.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.