المئوية الأولى لميلاد الإمام حسن البنا

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المئوية الأولى لميلاد الإمام حسن البنا


بقلم / الأستاذ محمد فريد عبدالخالق ... " عضو الهيئة التأسيسية للإخوان المسلمين"


مقدمة

إن الكتابة في مناسبة المئوية الأولى للإمام الشهيد حسن البنا أمر عظيم الشأن من جملة وجوه، منها: كونه مؤسس حركة إصلاحية الهدف إسلامية الرؤية والمنهج، سياسية دعوية في الوقت نفسه عمرها ثمانية وسبعون عاما، ولا تزال متعاظمة المسئولية متنامية التواجد بما تملك من أسباب الاستمرارية على الوجود والعطاء على الصعيد العربي والإسلامي في زمن التحديات الصعبة والمتعددة التي تواجهها أمتنا في صراعها ضد الاحتلال الأجنبي الغربي.

وفى الدراسة التالية نطوف مع الأستاذ محمد فريد عبدالخالق "عضو الهيئة التأسيسية لجماعة الإخوان المسلمين وهو واحد من الرعيل الأول للجماعة، وهى الدراسة التي ألقى فيها الضوء على شخصية البنا ودوره في إحداث نهضة إسلامية في العصر الحديث.


لماذا البنا؟

الإمام حسن البنا

تواجه الأمة صراعا متواصلا مع الاحتلال على أكثر من صعيد وفي أقطار شتى، مثل: فلسطين وأفغانستان والعراق، وليس غائبا ما جرى في لبنان، وما أدته ولاتزال تؤديه حركة حزب الله الموفقة في دفاعها عن استقلال لبنان، وعن شرف أمتنا العربية والإسلامية ووحدتنا وحضارتنا في مواجهة عسكرية مخططة شجاعة ضد العدو الصهيوني والعدو الأمريكي ومسانديه من دول أوروبية وعلى رأسها بريطانيا المتمثل في المشروع الإمبراطوري الأمريكي اللحمة والصهيوني السداة المسمى بالشرق الأوسط الجديد، الذي أتت تنفذه في العراق وجنوب لبنان توصلا إلى القضاء على مقاومة حزب الله وإلى نزع سلاحه؛ مؤججة للفرقة في داخلنا باسم الخلاف المذهبي بين شيعة وسنة؛ وبترويج مخاوف كاذبة في الخليج العربي من إيران التي أثبتت قوتها الإسلامية لحساب العرب والمسلمين عامة؛ حماية لنا من التفتيت المراد لنا بكل الطرق ولأمتنا الواحدة التي يراد أن يفرض عليها تجزئة لاغتيالها كلها دون تفرقة بين دول المنطقة، كما هو مشاهد ومخطط له باستخدام قوة السلاح المنظور ومجلس الأمن الدولي وهيئة الأمم المتحدة تحت ذرائع كاذبة، مثل: الحرب على الإرهاب الدولي، ومن أجل نشر الديمقراطية والحرية الغائبتين في المنطقة، ومن أجل سرقة مقدراتنا السيادية وعلى رأسها النفط، وإعاقة تنميتهاالمتمثلة في حرب إيران، بزعم وقف طموحاتهم النووية، ولو كانت سلمية في عصر لزوم الطاقة النووية للتقدم الاقتصادي والصناعي، كما هو معلوم ولا يحتاج إلى تفصيل ، وواضح للعالم أن المسلمين بسبيل تحقيق حريتهم واستقلالهم ، وعدم التبعية للغرب ، ثقافة وحضارة وقوة ومنعة .

وما حركات المقاومة المتتابعة في أفغانستان والعراق ولبنان بل وفي كشمير والشيشان إلا امتداد طبيعي لدعوة وحركة حسن البنا التي تمثلت سياسيا في حكومة " حماس "، وفي نجاح التيار الإسلامي في كثير من الدول العربية والإسلامية في كسب مقاعد متتابعة في مصر والأردن والكويت ، الأمر الذي أفزع بعض أنظمة الحكم في المنطقة، كما أفزع أمريكا خاصة والغرب عامة ، وجعل بينها تواطؤا لا يكتب له نجاح؛ لأن شعوبنا العربية والإسلامية تمر الآن بعصر الصحوة؛ لتؤكد حقها المشروع دينا وسياسة وديمقراطية في المشاركة الفاعلة في حكم نفسها ومساءلة حكامها، والتي من آلياتها وصلاحياتها عزل الحاكم إذا اصر على الاستبداد والفساد ولم ينزل على إرادة الشعب في تحقيق حريته وهدايته وتقدمه، ومحاسبة كل أسباب التخلف وهي الفقر والبطالة والانحلال التي بلغت حد عموم البلوى.

ولم يعد لشعوبنا من خيار في ضرورة تحقيق حقوقها المشروعة دينا وقانونا وديمقراطية ، وعلى رأسها الحق في الحياة الكريمة بكل معانيها وصورها، ورفض كل ما يعد إهانة للآدمية في كل مناحي الحياة ، سياسية كانت أو اقتصادية أو اجتماعية ، وليس في الوسع هنا في مقام تناول موضوع المسئولية الأولى لإمامنا حسن البنا ودعوته وحركته كما هو بادٍ من هذه التقدمه السالفة وغيرها إلا الاكتفاء بإيراد بعض لقطات ، وذكر بعض وقفات ، في سيرته العطرة لبعدها الرأس والأفقي عاكسة فكره الأصيل، وأساسيات دعوته وحركته على أرض الواقع، ومن منظور رؤية مستقبلية لها ومظهره بعض ملامح شخصيته ، ومحاور قدرته كداعية إصلاحي كبير في زمنه الذي عاشه، واللافت للنظر من أنه استشهد عن واحد وأربعين عاما وبضعة أشهر ، ورحل إلى ربه في سن باكرة ، بعد أن أدى دورا عظيما في وطنه وأمته، يقر به أعداؤه ومؤيدوه على السواء على الصعيد العالمي ، داعية ومعلما ومربيا ومنظما وقائدا ، نذر حياته لدعوته وحركته ، وتحمل الكثير من أجل إرساء قواعدهما بإحكام منقطع النظير ، وصبر يشهد له بقوة إيمانه بربه ، وفقهه لدينه وشريعته ودرايته بأحوال عصره ومستدات زمانه، داخليا وخارجيا، وقدرته على التعامل الناجح من مختلف القوى والتيارات التي وجدت إبان مباشرته لمسئولياته قبل دعوته وحركته في ظروف صعبة تمثلت محليا في فساد القصر ، وعجز الحكومات ، وخارجيا في تدخل المستعمر البريطاني عسكريا وسياسيا واجتماعيا، وما فرضته الدول الاستعمارية في معاهدة " سايكس بيكو " على دول المنطقة من احتلال وإفساد ، ونهب للثروات ، وتغييب لإرادة الشعوب ، وسلب حقوقها في الحياة والتقدم مما يستوجب من دعاة الحركة المعاصرين الدراسة والمراجعة .

ونحن نرى من دولة القطب الواحد ، ومؤيديها من دول أوروبا ما يؤكد أننا بصدد معاهدة " سايكس بيكو " جديدة ، بكل أغراضها ووسائلها عسكرية وسياسية ، يراد فرضها على دول المنطقة ، الأمر الذي يتطلب من الإخوان المسلمين وكل حملة تيار الإصلاح الإسلامي والديمقراطي من ذوي الانتماءات الأيديولوجية المختلفة من يساريين وليبراليين وعلمانيين ومذهبيين، تنسيقا فيما بينهم لتعبئة كافة القوى الوطنية وتعاونها فيما هو مجمع عليه من ضرورة الإصلاح والتغيير، ومن ذلك حشد كل القوى حول الأهداف المشتركة ، ونبذ كل خلاف بينها .


حسن البنا ودعوته وحركته من خلال رؤية مستقبلية

أولا .. من خصائص إسلامية مكتشفة إلى خصائص مستقرة ذائعة :

من الجديد الذي أضافة الإمام البنا مجدد عصره :

ثمة مفاهيم وأصول إسلامية مستقاة من شرعة الإسلام ومناهجه أبرزها الإمام البنا في تراثه الفكري الدعوي والحركي زادت من بعدها وضوحا وتأكدا على يد الفقهاء المستنيرين مثل شمولية الإسلام، وعدم اقتصاره على مباحث العقائد والعبادات التي كانت رائجة من قبله، فانتظمت أمور الدنيا والسياسة والمعاملات المختلفة، فلم تعرف الفصل بين الدين والسياسة كما نادت بذلك ثقافة الغرب المسيحي ، ولا بين الدين والاجتماع كما أكدت على ذلك علمانية العصر السائدة، ولم تقف عند القومية والوطنية انتظمتها وجاوزتها إلى شمولية الإسلام لكل أوجه الحياة تسدد مسارها بالصدق والعدل اللذين بهما تمت كلمة ربك، وعلى أساسهما تقوم الحضارة الإنسانية الراشدة لبعده عن العنصرية وازدواجية المعايير، كما نجد ذلك سمة من سمات الحضارة المادية النفعية اللاأخلاقية و اللاإنسانية ، ومن سمات السياسات الخارجية الغربية أمريكية وأوروبية ، كما تنعكس هذه السياسات بوضوح في غزو الولايات المتحدة لأفغانستان والعراق ، وما فعلته في حربها ضد لبنان التي قامت فيها إسرائيل بالتنفيذ العسكري الإجرامي الذي أدانته منظمات حقوق الإنسان، ووصفته بأنه جرائم حرب محظورة لا تقرها هيئة الأمم المتحدة، ولا المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ، ولا الشرعية الدولية التي غيبت بمخطط إمبراطوري استعماري أمريكي هدفه تنفيذ مشروع المحافظين الجدد المسمى بالشرق الأوسط الجديد، ومقصوده ضرب المقاومة الإسلامية المسلحة ضد هجمات إسرائيل في لبنان وفي فلسطين، والوصول إلى تفتيت عالمنا العربي والإسلامي، وسرقة ثرواته من نفط وغيره، وإذلال شعوبنا وإرغامها على التبعية لغزاتها بكل السبل ، والانسلاخ عن دينها وخصوصيتها الحضارية ، وإعاقة نموها ، وإشاعة الفتن الداخلية والأمنية فيها ، والخلافات العرقية والمذهبية إلى حد اقتتال الشيعة والسنة كما في العراق ، وسد الطريق إلى الوحدة الوطنية والأمنية من أجل التوصل إلى تنفيذ مشروعاتهم الاستعمارية في غفلة من الشعوب والحكام، وسلبية القوى السياسية والإصلاحية ، دينية ومدنية ، وعدم تبني استراتيجية نهضوية تعبئ هذه القوى على قلب رجل واحد ، رغم ما بينها من خلافات سياسية ومذهبية وعرقية لتحمي وجودها واستمراريتها ، وتحمي أمنها واستقرارها ، وتتخلص من الفساد الذي دب في أنظمتها وتعاملاتها، وهدم حرياتها العامة وحقوقها الأساسية، وأنذر بأوخم العواقب إن هي لم تستيقظ من سباتها ، وتتخلص من سلبياتها ، وتعتمد على نفسها في تغيير أحوالها وإصلاح أمرها ، وتؤهل نفسها لدفع ثمن ما ترجوه من حرية وتنمية، واستقلال وعدم تبعية، وحفاظا على هويتها العقدية والحضارية، ومن أبرز هذه الخصائص الإسلامية التي تذكر مع مبدأ شمولية الإسلام ووسطية وقاعدة التدرج في حركة التغيير والإصلاح، لا العجلة والقفز وإيثار الرفق على العنف واعتماد سياسية النفس الطويل لا ردود الفعل، ولا الانجرار إلى معارك جزئية أو جانبية يخطط لها أعداؤها لصرفهم عن معاركهم الحقيقية، وعن الأصول إلى الفروع ، وعن الأصل المهم إلى العاجل الوقتي ، وقد كانت هذه الأصول التي ذكرت وما إليها مما تشابهها ويدخل في إطارها – تحكم سياسة البنا في تحرك الجماعة نحو أهدافها الأساسية وفهمها لما يدور حولها من أحداث على الصعيدين الداخلي والخارجي ، وأراها الآن أكثر رسوخا ووضوحا والتزاما عند فقهاء الدعوة الإسلامية المعاصرين، وقادة التيار الإسلامي من داخله وخارجه على السواء .


ثانيا : من طرق باب المجالس التشريعية دون التمكن من ولوجها إلى تواجد ملحوظ في برلمانات مصر وغيرها: مثل فلسطين:

حيث استطاعت حركات المقاومة الإسلامية " حماس " أن تشكل حكومة دستورية بإرادة الشعب الفلسطيني، ومن خلال انتخابات برلمانية نزيهة ، مما يبشر في حسابات المحللين السياسية بزيادة تمثيل التيارات الإسلامية في البرلمانات المحلية ، كما يبشر بإقامة حكومات ذات توجه إسلامي فيها ، مثل: حركة حكومة " حماس " في صورتها الأولى، وفي صورة حكومة ائتلافية تضم حركة فتح في تعاون رشيد تحقق طموحات الشعب الفلسطيني في تحرير أرضه وإقامة دولته ، وعاصمتها القدس الشريف ، وحفاظ أمنه ، وفي عودة المهاجرين وإطلاق سراح الأسرى المعتقلين في سجون إسرائيل ، الذين يجاوز عددهم الآلاف مما يجعلنا نعنون هذه الفقرة بقولنا : " من حسن البنا إلى حسن نصر الله في لبنان ، وإلى خالد مشعل وهنية في فلسطين " .

  • وإن غدا لناظره قريب ( ويأبى الله إلا أن يتم نوره نولو كره الكافرون ) [التوبة: 32 ] .
  • ( ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره ) [الطلاق : 13 ] .
  • ( ألا أن نصر الله قريب ) [ البقرة : 214 ] .

وأعتقد أن لا خلاف عند الراصدين لتطور الأوضاع في المنطقة ، وتحويلها من تعامل سلبي فاشل من أنظمة الحكم وحكام دول المنطقة إلى مقاومة شعبية مسلحة ناضجة ضد الاحتلال واستخدام المحتلين لأرضنا وثرواتنا، رغم وجود ظاهرة التواطؤ بينهم، وبين هذه الأنظمة الاستبدادية الحريصة على البقاء في السلطة بكل السبل، ولو على حساب شعوبهم ومصالح أوطانهم لم تنشأ من فراغ ، وإنما هي ثمرة طبيعية لأول حركة مقاومة شعبية مسلحة قامت بها كتائب المتطوعين من الإخوان ففي فلسطين ، كما تشهد أدبيات دور الإخوان في حرب فلسطين من دخول قوات الإخوان معارك بطولية ضد عصابات الصهاينة بعد قرار تقسيم فلسطين في 29 فبراير 1947 الذي استنكره العرب، ودفع بالإخوان إلى مظاهرة كبرى لتأييد فلسطين في 15/12/1947 ، اهتزت لها جنبات القاهرة، واشترك فيها الأزهر و جامعة الدول العربية، وتجمعت في ميدان الأوبرا حيث خطب فيهم رياض الصالح ، والأمير فيصل بن عبدالعزيز والشيخ محمود أبوالعيون و جيل مردم و صالح حرب ، والقس ميتاس الأنطوني و إسماعيل الأزهري ، والمرشد العام حسن البنا، وكانت المظاهرة أشبه بمؤتمر على أعلى المستويات الشعبية والرسمية في فندق الكونتينتال وخطب المرشد فيها : لبيك فلسطين .. دماؤنا فداء فلسطين وأرواحنا للعروبة.. يا زعماء العرب.. ياقادة الأمة العربية إنني أنادي الأمم المجاهدة، الحجاز و سوريا و العراق وشرق الأردن و لبنان ووادي الني وكل عربي يجري في عروقه الدم الحر.. لقد تألبت علينا الدنيا تريد أن تسلبنا حقنا، وقد عاهدنا الله أن نعيش كراما أو نموت كراما؛ إنني أعلن من فوق هذا المنبر أن الإخوان المسلمين قد تبرعوا بدماء عشرة آلاف متطوع للاستشهاد في سبيل فلسطين.

وفي مايوا 1948 كان زعماء الدول العربية مجتمعين في ضاحية بلبنان؛ فأرسل لهم المرشد برقية يعدهم فيها بما وعد من قبل بإدخال عشرة آلاف من مقاتل كدفعة أولى إلى فلسطين، وقد أشعل هذا الإعلان الحماس في نفوس مجموعة كريمة من ضباط الجيش المصري، واستقالت من الجيش وأعلنت تطوعها.

ومما يذكر أن المرشد اشترط أن يكون المتطوع قد تطوع برضا والديه، ومن بين من لم يحصلوا على موافقة الوالدين من حاول بكل الطرق التشفع له عند المرشد، ولكنه لم يحصل على طلبه وكان يتلقى من المرشد تأكيدا على أن رضا الوالدين أولى، فكان ينصرف باكيا ، مما يؤكد تعريفه للإخوان بأنهم روح تسري في الأمة فألحقها بالرعيل الأول من صحابة رسول الله يوم جاء جيش المسلمين استعدادا لغزوة بدر فرد من استصغر سنه ، وكان ممن ردهم أسامة بن زيد ، ورافع بن خديج والبراء بن عازب وغيرهم ، وكان منهم من بكى فأجازه، وكان فيهم من وقف على أطراف أصابعه ليبدو طويلا فيجيزه. ولست في مقام الوفاء بدور الإخوان في فلسطين، ولكن في مقام الإفادة عن تبني الجماعة لحركة المقاومة ضد الاحتلال منذ تزعم حسن البنا والمجاهدون معه خيار المقاومة، وكان من نصح الإخوان للحكومة المصرية برفض الهدنة، و الاستمرار في الحرب، ولو فعلت لتغيرت نتيجة هذه الحرب، ولما كانت هناك مشكلة تسمى مشكلة فلسطين ولا دولة تسمى إسرائيل، ولما كانت اتفاقية كامب ديفيد إثر حرب أكتوب 73 ، وإعلان العرب أن السلام هو خيارنا الإستراتيجي يعني نبذ المقاومة وإدانتها ، وهذا خطأ سياسي فادح بكل المقاييس.

وإذا كان الإمام البنا بدعوته وحركته قد وضع بذرة المقاومة الشعبية الفاعلة ضد الرأسمالية الإمبريالية؛ فإنه لعب دورا فاعلا في مقاومة الفكرة الشيوعية والمد الشيوعي في مصر والمنطقة في الأربعينات ، فقد نجحت الحركة الشيوعية في كسب أنصار يؤمنون بفكرتها وفلسفتها في الإصلاح أغلبهم من طلاب الجامعة ، وطبقة العمال المستنيرين وبعضهم علماء أزهريون من ألمعهم الشيخ . "خالد محمد خالد" الذي كان من شباب الإخوان .

وكان نظام الحكم المعادي للتيار الإسلامي ونظام الإقطاع الفاسد مما يهيئ تربة صالحة للمد الشيوعي، باعتبار الشيوعية فكرة اقتصادية واجتماعية وسياسية ، وأنها تصلح أن تكون منطلقا للإصلاح والتغيير عندنا ، أذكر أن الصدام بين هؤلاء الناشطين الشيوعيين وبين الإخوان المسلمين وجد مجالا له في الجامعة وفي الجيش ، وطبقة العمال وبلغ هذه الصدام في الجامعة المصرية حد استخدام العنف والاقتتال والتشابك بالأيدي ، لاسيما عندما يدعو طلبة الإخوان إلى مؤتمر وطني لهم فيه فرصة الإعلان عن دعوتهم ودورهم في الإصلاح ، وكانت هتافاتهم الإخوانية تستفز الشيوعيين إلى درجة أدت إلى الصدام في محاولة الشيوعيين لإفشال المؤتمر وصرف الطلاب عن الاشتراك فيما ينظمون من مظاهرات وطنية ضد المستعمر البريطاني والمناداة بالإستقلال ووحدة وادي النيل ، وأذكر أن صداما حاميا وقع بين الإخوان والشيوعيين في أثناء أحد هذه المؤتمرات الوطنية التي أقامها الإخوان في الجامعة ، وكان الإخوان أعز نفرا وأرسخ قدما في وسط الطلاب ، وأقوى إيمانا بدعوتهم وفكرتهم ومرجعيتهم الإسلامية ، فقد عولوا على تأديبهم وكسر شوكتهم ووضع حد لشغبهم عليهم ، فكان ما كان مما تسامع به الناس وبلغ المرشد والإخوان خبره ، وشد اهتمامي بصفة خاصة باعتباري رئيسا لقسم الطلاب ولي دوري في نشاط طلبة الإخوان بالجامعة وغيرها ممن كانوا ينضمون إلى زملائهم الجامعيين ويخرجون في مظاهرات من المدارس الثانوية، لاسيما المجاور منها للجامعة ، ومهمتي بالدرجة الأولى متابعة ما يجري من صدام وما ينجم عنه من إصابات ، فقد كنت في عصر هذا اليوم قريبا من المرشد في فناء المركز العام حينما قدم إلينا ممثلون لطلبة الإخوان بالجامعة، وراحوا يقصون عليه تفاصيل المعركة التي حدثت في سرور بنجاحهم تلقين الشيوعيين درسا لا ينسى، وكأنهم توقعوا رضا من المرشد لما أحرزوه من نجاح في معركتهم مع الشيوعيين المناوئين لهم في الجامعة، والمعادين للفكرة الإسلامية ولكل عقيدة دينية .

وشاركني مندوبو الإخوان الجامعيون النظر إلى وجه المرشد العام لنرى الانطباع الذي ارتسم على ملامحه وأذهلهم ما أبداه من استيا للجوئهم إلى القوة البدنية في مواجهة زملائهم الشيوعيين ، ولم يذهلني ذلك وإنما استرعى انتباهي لتلقي الدرس الكبير من المرشد العام في منهج الدعوة حيال مخالفيها في العقيدة والمنهج ، وقال كلمات قليلة العدد كبيرة الأثر: ليس من الدعوة ولا نهجها أن نعتدي على مخالفينا في العقيدة والفكر، وأن الذي حدث من طلبة الإخوان خطأ في حساب الدعوة والمنهج ، وطلب منهم إقامة لقاء يدعى إليه من يرون من الناشطين الشيوعيين وبحضرة المرشد العام ، وليكن فوق سقف المركز العام في وقت قريب للاعتذار لهم عما حدث، وبين لنا أن الفكرة لا تقاوم بالعنف، وإنما تقاوم بفكرة الاعتماد فيها على الحجة والبيان لا على القوة والعدوان ، وأنهم جميعا مواطنون ووطنيون يبغون فيما يرونه من خير لأمتهم ، وأن التفاهم أولى من التدابر والإبقاء على وحدتهم أجدى من الخلاف والفرقة لقوله تعالى على لسان نبيه معلما له منهج الدعوة : ( وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين ) [سبأ:24 ] وهذا من الكلام المنصف الذي كل من سمعه من موال أو مناف قال لمن خوطب به قد أنصفك صاحبك وتعلمت الدرس الأعلى


التربية على التضحية

ولما كان الشيء بالشيء يذكر فثمة درس آخر مما تعلمت من إمامنا الفذ – وهو كثير – وله صلة بما أسلفت من كلام عن قضية فلسطين أنه كان لي دوري في إعداد مجموعات المتطوعين من الطلبة ، وقد استرعى انتباه المرشد العام المشرف العام على العملية، أن المجموعات التي أعدت كانت كلها من الإخوان المسلمين ، فنصحني بأن تنتظم كل مجموعة عددا من الراغبين في التطوع من غير الإخوان المسلمين؛ لتوسيع دائرة التطوع وعدم قصرها على الإخوان، حتى تشمل أكبر قطاع من الشعب ليتربى الشعب على معاني التضحية والبذل والمشاركة في الهم العام، ويغير ما بها من سلبية إلى إيجابية تواجه المشكلات الحاضرة والقادمة العربية والإسلامية، وتوجهه إلى الوعي بها والمشاركة في حلها، وتحمل تبعاتها بوازع من عقيدته وضميره وانتمائه إلى أمته ، فالبتضحية في سبيل مصلحة الأمة تتربى الشعوب وتنهض الأمم ، وتتأهل للدفاع عن كرامتها وحريتها واستقلالها، وتألف بذلك الرخيص والغالي من أجلها حتى تصبح شعوبا لا ترضخ لإذلال غاز ولا استبداد حاكم، وتوقن بأن أمرها إليها وأنها على كفاءة لتحقيق قدر الله – الحكم العدل – وأن تجاهد في سبيل وجودها ورقيها .. واتبعت النصيحة ، وتعلمت الدرس الكبير المعاني العميم الفائدة . طالما أكد الإمام البنا على أن وحدة أمتنا دين لقوله تعالى ( وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون ) .. [ المؤمنون : 52 ] .. أي اتقوا الله في وحدة أمتكم بالمحافظة عليها وتجنب كل ما يدعو إلى الفرقة والاختلاف بإطلاق ، فهي مناط قوتكم ومنعتكم وتقمكم ، وكما في قوله تعالى : ( واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ) .. [ آل عمران : 103 ] .

فبين أن الإستمساك بكتابه هو ما يحقق وحدة الأمة مؤكدا نهيه عن التفرق والاختلاف والخلافات المذهبية ، كالطائفية والعرقية ، وهي من أظهر وأهم أسباب التفرق ، فلا يجب أن يكون بين السنة والشيعة عداوة وتفرق عن جهل بحقائق الإسلام أو بسبب تعصب كل لمذهبه، وهي خلافات في الفروع لا الأصول ، مما يسهل معه تجاوزها وتداعياتها التي يعم خطرها الأمة كافة ، ومثل ذلك ما وجدناه في عصرنا في حرب العراق بعد احتلال الجيش الأمريكي ومعاونيه، وتنفيذ إسرائيل لدورها في مخططهم الاستعماري التآمري وتصدى حركة المقاومة الشعبية لهذا الاحتلال بقيادة حزب الله في لبنان التي أفلشت المخطط رغم تفوق الغزاة في السلاح والعتاد ، الأمر الذي أذهل أمريكا وحلفاءها وإسرائيل ، بل الغرب كافة .. قادة عسكريين وسياسيين ، وألجأ الولايات المتحدة إلى استصدار قرار مجلس الأمن بوقف الحرب واستقدام قوات حفظ سلام دولية في لبنان ، لكن الذي أفجع الأمة الإسلامة ما جرى من صراعات دموية بين الشيعة والسنة في العراق، وما صدر من بعض علماء السنة من آراء داعمة لأنظمة الحكم العربية في موقفها العدائي من حزب الله، واصفة إياه بأنه يمثل خطرا على أهل السنة من منظور مذهبي وسياسي وأمني يتعين مواجهته ، متناسين أن الإسلام حرم الخلافات المذهبية ويحذر من مغبتها ، وأن وراء تأجيج هذه الخلافات أمريكا وإسرائيل لتنفيذ المشروع الإمبراطوري الأمريكي المعروف بالشرق الأوسط الجديد المبني على الخلافات الفقهية والعرقية في المنطقة وهذا – بالطبع – تفكيك لها وتمزيق لوحدتها وقضاء على استقلال دول المنطقة وتغييب لدينها سنة وشيعة ، وإعاقة لتقدمها ، وخدمة لمصالح أمريكا في المنطقة، ومصالح إسرائيل فيها، وفي فلسطين ولأمنها المزعوم باستخدامها أسلحة محظورة دوليا ، لأمريكا من وراء ذلك مخططها في تهيئة الظرف المناسب لضرب إيران عسكريا بدعوى إصرارها على طموحاتها النووية .


وأد الفتنة

والذي يعنيني هنا تنبه الإمام البنا إلى خطورة الخلافات المذهبية بعامة ، وخاصة بين الشيعة والسنة، ومنذ أكثر من ستة عقود ، في وقت كانت فيه الفتنة نائمة ، حيث تعاون مع الإمام القمي الشيعي ، في إنشاء جماعة التقريب بين المذاهب في الأربعينيات ، وقد كنا نرى الشيخ (القمي) في المركز العام وهو يلقى من البنا حفاوة واهتماما ملحوظين تمثلا في إلقائه بعض دروس الثلاثاء في المركز العام، وفي صلاة الجماعة خلفه، ولم نكن لننتظر مستقبلا للأمة على النحو الذي شهده عالمنا العربي والإسلامي في نكبة الاحتلال العسكري للعراق من ويلات وفظائع وسفك دماء وترويع المدنيين ونهب الثروات ، وقد رأيت في إيراد هذه الوقائع وتداعياتها في منطقتنا العربية والإسلامية في زمننا الحالي ما يوقظ الأمة من سباتها ، ويزيل عن عينيها عمايتها ، ويضعها أمام الخطر الذي يتهدها ويوحدها بما لا يدع سبيلا إلى تفرقها إن الأمر جلل ، ولم يعد ثمة وقت لدفع الخطب وقد تزايدت النذر ، ألم يكف الأمة العربية والإسلامية أن يعلن رئيس أمريكا – القطب الأوحد – أنها حرب صليبية في أول كلمة له بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ، وأن يُسب الرسول - صلى الله عليه وسلم - ويساء إلى الإسلام باسم حرية التعبير في صحافة الدانمرك ، ثم تصريحات البابا بنديكت السادس عشر بابا الفاتيكان ضد الإسلام ونبيه - صلى الله عليه وسلم -، إنها كلها تشكل منظومة عدوان مخطط أمريكي أوروبي بابوي لا إنساني ضد الإسلام ، حيث يرمونه بالإرهاب والعنف ومحور الشر ، ولاشك أن هذا يجافي العقل ، جهلا وتعصبا .. إن هذا تبييت للغدر ، ومخطط صليبي في مواجهة الصحوة الإسلامية المعاصرة ، والمقاومة الشعبية المتنامية في كل البؤر الساخنة في مختلف أنحاء العالم ، من الشيشان وكشمير إلى إندونيسيا والصومال ، أفغانستان والعراق ، وإلى إيران متمثلة في طموحاتها النووية وصلابة موقفها ، وفلسطين متمثلة في حكومة " حماس " ، فالمخطط الغربي العدواني هذا متزامن مع صحوة عالمنا العربي والإسلامي؛ متمثلا في المقاومة الشعبية المسلحة الناجحة والواعدة ، وهو ما يشكل عبئا ثقيلا، ويتطلب نقله نوعية بالنسبة للتيار الإسلامي عامة – والإخوان المسلمين خاصة - في مصر وغيرها من الدول العربية ، في زمن التباس الرؤى والخلط بين الحق والباطل وعموم البلوى المتمثل في استبداد الحاكمين واستشراء فسادهم وإفسادهم ، وفي غزو ديار المسلمين وسفك دمائهم، و إعاقة نموهم ممن أغضبو الله بظلمهم لنا ونهب أموالنا ، ومحاولة فتنتنا عن ديننا بكل السبل .


الإخوان والخلافة

وأما الموضوع الثاني: فهو " الخلافة " في صورتها الجديدة ، فقد تكلم إمامنا البنا تحت عنوان " الإخوان المسلمون والخلافة " في رسالة المؤتمر الخامس المنعقد في 1938 ": إن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية ، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام ، وإنها شعيرة إسلامية يجب على المسلم التفكير في أمرها والاهتمام بشأنها منذ حورت عن مناهجها ، ثم ألغيت عام 1924 ، لهذا يجعل الإخوان المسلمون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم .

وإن الخطوة المباشرة لإعادة الخلافة لابد أن يسبقها خطوات ، لابد من تعاون ثقافي واجتماعي واقتصادي بين الشعوب الإسلامي يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد ، وإن المؤتمر البرلماني لقضية فلسطين ، ودعوة وفود الممالك الإسلامية إلى لندن للمناداة بحقوق العرب في الأرض المباركة لظاهرتان طيبتان وخطوتان واسعتان في هذا السبيل ، ثم يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية ، حتى إذا تم ذلك للمسلمين نتج عنه الاجتماع على الإمام الذي هو واسطة العقد، ومجتمع الشمل، ومهوى الأفئدة " .

والخلافة صيغة اجتهادية توصل إليها الخلفاء الراشدون عقب وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وظلت سارية لعقود عديدة ، وهي شكل ومضمون ؛ والشكل يختاره المسلمون وفق ما يرونه أكثر ملاءمة للزمن ، وأكثر تحقيقا لمضمون الخلافة .

ومضمونها هو ما أمرتنا به شريعة الإسلام من تأكيد وحدة الأمة وعدم تفرقها ، ومن حماية أمن الأمة الإسلامية من الغزاة الطامعين فيها ، لاسيما في فترات ضعف الأمة وعجز حكامها من تحقيق تنميتها وتقدمها .

ومن أوجب واجبات الأمة الإسلامية البحث عن صيغة للخلافة في هذا العصر الذي عرف بعصر التكتلات التي توفر القوة والمنعة ، والذي وجدناه في واقع الحياة السياسية المعاصرة، مثل: إنشاء الاتحاد الأوروبي ،والاتحاد الفيدرالي الأمريكي ، واتحاد الأفارقة واتحاديات أخرى عربية ، كالذي بين الخليج العربي ، والاتحاد المغربي بدرجات متفاوتة من قوة التماسك والفعالية السياسية والاقتصادية والاجتماعية .

ولاشك أن على التيار الإسلامي عامة ، والإخوان المسلمين خاصة ، إعطاء هذا الأمر – خاصة – من الاجتهاد الذي يضطلع به المتخصصون من خبراء القانون الدولي والسياسة ، وأعتقد أن الولايات المتحدة الأمريكية قدمت نموذجا يستحق دراسة متأنية إضافة إلى الاتحاد الأوروبي ، ويمكن استلهامها في إيجاد صيغة عصرية للخلافة تحقق مضمونها وتتلاءم مع عصرها .

واستوقفني في معالجة هذه المهمة الكبيرة الشأن أمور اعتبرها بالغة الأهمية في موضوعها ، وفي حساب التيار الإسلامي عامة – والإخوان المسلمين خاصة – فلا مَعدَى عن الإشارة إليها وفاء لحق صاحبها، وتبصرة لنا بما نحن مطالبون به من استكمال خطاه في إطار دعوة الإصلاح الذي نذر حياته له ، وتوجب على الإخوان المسلمين الاضطلاع به لإبراء ذمتهم أمام الله سبحانه ثم أمام أمتهم والتاريخ ، وإنها لمهمة شاقة لا سبيل إلى أدائها إلا بعون الله وتوفيقه ( واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولى ونعم النصير ) .[الحج : 78 ] .

و أول هذه الأمور المشروع الحضاري الإسلامي الذي حدد أساسياته حسن البنا فكرة وممارسة وقطع في إنفاذه خطوات أقدره الله عليها ، ثم عهد بها الإخوان ، فالمشروع يقوم أساسا على بعث الأمة الإسلامية من رقادها ، وعلى تحقيق نهضتها من جديد ، واتخاذها الأسباب التي توصلهم إلى أهدافها ، والصبر على تكاليف الدعوة والثبات على نهج الحركة ، ودوام المراجعة للأسباب والخطوات لتدارك الخطأ ، و تسديد الخطى ، وتفعيل التواصل بين الإخوان المسلمين وسائر القوى الفكرية السياسية التي نعايشها في الداخل والخارج؛ بحثا عما يخدم مشروعنا الحضاري والإسلامي من تعريف بالدعوة والحركة وكسب أنصار جدد أو تحييد لبعض أعدائها ، أو تذليل لبعض ما يوضع من عقبات في طريقها، واغتنام للفرص التي تسمح لمزيد من الوعي العام الداعم لنا ، وتحسين المناخ العام الذي نتحرك فيه داخليا وخارجيا .. كان هذا نهج إمامنا البنا في حركته ودعوته ، الدعوة عنده إحياء للأمة كما بين الله لنا في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ الأنفال : 24 ] .. وكما عبر عنه الإمام في وصيته للإخوان في رسالة بين الأمس واليوم : " أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزبا سياسيا، ولا هيئة موضعية لأغراض محدودة ، ولكنكم روح جديدة تسري في قلب هذه الأمة ، فيحييه بالقرآن ، ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله ، وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلى الإسلام والحكومة جزء منه ، والحرية فريضة من فرائضه .. فإن قيل لكم هذه سياسة !! قولوا هذا هو الإسلام ، وإذا قيل لكم أنتم دعاة ثورة .. فقولوا نحن دعاة حق وسلام نعتقد ونعتز به " .. فقد بين في رسائله ومؤتمراته ودروسه مرتكزات النهضة ، و أساسيات مشروعة الإسلامي النهضوي ، وبناء الدولة المسمة؛ مؤكدا على نهج الاعتدال وسياسة النفس الطويل ، واعتبار الزمن جزءا من العلاج ، وفي كتاب أساسيات المشروع الإسلامي لنهضة الأمة قراء ة في فكر الإمام حسن البنا لمؤلفه الأستاذ الدكتور عبدالحميد الغزالي بداية جيدة في موضوعه الهام ، لتكون – كما قال - : خطوة جادة وتقدم فكرا كاملا وناضجا نحو فهم أعمق لثقافة المشروع ، ونحو تنفيذ مأمول وشامل لنهضة الأمة .. نحن إذن نملك العناصر الأولية للحراك النهضوي ، وهي الإنسان والموارد ،والزمن والعقيدة المحركة ، فإن أهم واجبات الدعاة صورة كلية لمشروع النهضة المرتقبة، وخارطة حراك في ظلها يتم تفاعل الإنسان والموارد والزمن وتؤدي الطاقة العقائدية دورها لتصل بهذا التفاعل إلى قمته إذ إن ثقافة المشروع تحتاج إليها الأمة كلها ، ويحتاج إليها العاملون في مجال الدعوة بصورة أكبر لأنهم قادة الركب وهداته .


حسن البنا والجماعة

إن جماعة الإخوان المسلمين وقد تعددت المكاتب الإدارية، كما تعددت الشعب التابعة لها ، وتضاعف عدد الأعضاء إلى ما يزيد عن نصف مليون ، لم تكن تشكل عبئا مرهقا عن كاهل قائدها ، ينتظر أفرادها صدور الأوامر والأفكار منه في سلبية، كما لم يكن قائد الجماعة عبئا على أعضائها يهمش طاقاتهم وتحركاتهم ، وإنما كانت الجماعة على تنامي عدد أعضائها بسرعة ملحوظة مددا لقائدها وعونا له ، ومشاركة له في تحمل أعباء الدعوة ومتطلبات الحركة ، فعقول الأعضاء واعية بأهداف الجماعة وبوسائلها في تنفيذها ،وبمراحلها التي رسمت لها ووقتت أطوارها ، وشركاء للمرشد العام وقائد الحركة في البصيرة بالدعوة ، وعمق الإيمان بها ، وصدق التوكل على الله في كل خطواتهم ، وتوطين النفس على الصبر على تكاليفها ، وطول مسيرتها ، والاستعانة بمدد الله وعونه لهم على بلوغ أهدافها فكل من انتظمتهم الجماعة – من أعضاء – رباني الوجهة حريص على تلاوة القرآن ، وتربية نفسه وتزكيتها بإحسان العبادة وتلاوة المأثورات ، فيتفتح العقل حر الفكر ، قوي الإرادة ، مجاهدا في الله يبتغي مرضاته حريصا على الصف واستقامة الطريق ، باذلا من نفسه وما له لنصرة دينه وعزة أمته ، وأداء أمانته متمثلين قوله تعالى : ( قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ) فالدفع الذاتي في الجماعة متحقق ، والإحساس بالمسئولية عن الدعوة والحركة متحقق ، والإحساس بالمسئولية عن الدعوة والحركة وبلوغ أهدافها جامع بين المرشد والأعضاء ، وبين الأعضاء بعضهم بيد بعض ، الكل يشارك برأيه ، ويقدم مشورته ، ويراجع الأعضاء مرشدهم ، ولا يستعلي المرشد على أحد من جماعته ، فالكل فقير إلى ربه هدى واستعانة به ، وعطاء منهم غير ممنون .

وهذه هي القيادة الناجحة والجماعة المسلمة الراشدة عشناها مع البنا ومع من تبعه بإحسان من مرشدين بعده .

كانت الدعوة هي الغاية ، وكانت الجماعة وسيلة لبلوغها ، وكان مرشد الجاعة العام وأعضاؤها ينطلقون في حركة الدعوة على قلب رجل واحد ، يعضد كل منهما الآخر في إخوة إيمانية جامعة ، وعلى بصيرة واحدة دافعة ، ويغير ذلك تتعثر خطى الجماعة وتتآكل من داخلها .


حسن البنا بين الواجبات الشخصية والواجبات العامة

وكان يعجبني منه جمعه بين الواجبات الشخصية، وواجباته العامة على تعددها وضخامتها .

كان بارا بوالده الشيخ الجليل صاحب الفتح الرباني في ترتيب وشرح مسند الإمام أحمد بن حنبل في أجزائه الأربعة والعشرين الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا ، يراسله بخطابات غاية في الأدب والرقة والحب خلال عمله بعيدا عن مسقط رأسه ، ومنذ تسلم أول راتب شهري من المدرسة التي عمل بها عقب تخرجه دأب على اقتسامه فلأبيه نصف الراتب ، وكانت زيارته لوالديه وذوي رحمه لا تنقطع خاصة في المناسبات الدينية ، لا يشغله عن ذلك ازدحام وقته بأعباء الدعوة وتأسيس جماعة الإخوان المسلمين لا سيما إثر انتقاله إلى القاهرة ، وقد دعاني ذات مرة بصحبته لذوي رحمه في مناسبة المولد النبوي وأجبته ، وركبنا سيارة أجرة انطلقت بنا من منزله الذي لم يغيره إلى ما هو أوسع مساحة وأكثر غرفا بعد أن انتشرت الجماعة ، وعظم مكانها في المجتمع ، واستقباله زوارا لهم مكانتهم الرسمية والاجتماعية ، وكثر عدد أبنائه ، وفارق الحياة ولم يغيره ، ولازلت أذكر تواضع سكنه في الدور الأرضي والدرجات القليلة المتهرئة التي يرقاها الداخل حتى يبلغ باب منزله أو باب غرفة مكتبه المجاورة .

وقبل أن تتحرك السيارة بنا نقلنا معا أكثر من عشر علب حلوى من حلوى المولد المشهورة لدى الصغار والكبار ... وانطلقنا في رحلتنا هذه، وكان يوجه السائق إلى مواقع سكني أهله وذوي رحمه ، وكلما وقفنا بإحداها هبط هو منها، وحمل معه إحدى هذه العلب ، وغاب علىّ فترة وجيزة لا تتجاوز قرابة ربع الساعة ، وبقيت أنا بالسيارة في انتظاره ، ولما انتهت هذه الزيارات قفلنا راجعين إلى منزله ، وصرف السيارة ، وأمضيت أنا معه بعض الوقت بمكتبه ، مستحضرا الدرس الذي تلقيته عمليا ، في بر ذوي الأرحام ، وراجعت نفسي فيما كنت أقع فيه ويقع فيه كثيرون بحكم دواعي العمل وكثرة الواجبات العامة الشاغلة التي كانت تحول دون محاكمة سلوكه هذا .. إن في واقع حياتنا غفلة عن تغليظ القرآن في وجوب صلة ذوي الأرحام وبرهم وعن نهيه عن قطعها في مثل قوله تعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ) [محمد : 22 ] .

وقوله تعالى ( واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام ) [ النساء : 1 ] .

ومنذ تلقيت هذا الدرس غيرت من سلوكي في هذا الشأن ولزمت ذلك إلى يومنا هذا ، بحرص على بر الأرحام ، وعيادة مريضهم ، ومشاركتهم أفراحهم ، بكل ما وسعني من صنوف البر والصلة .


حسن البنا وعنصر الوقت

مما لفت نظري في سلوكيات إمامنا البنا ، وما يشكل بعدا محوريا فيها تعامله مع عنصر الوقت تعاملا إيجابيا متميزا ، وتجلي لي ذلك في جملة وقائع ، مما أكد أنني بصدد قضية محورية لا مجرد وقائع عابرة أو أحداث فردية .

ومن ذلك ما استوقفني من اختياره للافتات على مكتبه ، حسنة الخط والعرض ؛ كتب في إحداها : الوقت هو الحياة ، وفي أخرى : الآمال أكثر من الأوقات ، وهو بذلك ينبه من حضر إليه مراعاة الإيجاز لا الإسهاب في الحديث ، وحسن الإنصات إلى ما يقول مما لا يحتاج معه إلى تكرار وإطناب ، وهو مع ذلك لا يظهر استياء لمن لم يراع ذلك ، لاسيما مع الضيوف من غير الإخوان ، يمنعه من ذلك حياء يتميز به ، وأدب مع الغير لا يفارقه .

ومن ذلك أيضا ما حدثني به في رحلة اختصني فيها بصحبته ، وكانت في صعيد مصر بدءا من أسوان ومرورا بمحافظات الصعيد ،وانتهاء بالقاهرة ، وكانت المناسبة تحدثني إليه في مطالعة له أثناء الرحلة لمرجع جامعي في الفقه الدستوري لقانوني كبير ، وكون الإطلاع على مثل المرجع القانوني أثناء رحلة شاقة كهذه أمرا صعبا فرد على ملاحظتي بأنه عود نفسه على سرعة الاطلاع مراعاة للوقت بأنه اكتشف في نفسه أن تحرك العينين عبر السطور يصحبه تحرك عضلي تشترك فيه الشفتان واللسان فعود نفسه بالتدريب الصبور على الاكتفاء بتحريك العينين دون تحريك الشفتين واللسان فصار في إمكانه الفراغ من الصفحة في دقائق ثلاث أو أربع مع تمتعه بذاكرة جيدة تمكنه من استعياب المعاني ورصدها في ذاكرته بحيث يستطيع أن يعيد عليك ما قرأ ويحدد موقعه في الكتاب وصفحاته ، وقد كان له ذاكرة خارقة في حفظ الأسماء وما يتصل بأصحابها من معلومات اجتماعية ومشكلات مختلفة صرح له بها محدثه ولو بشكل عابر أو عارض، حتى لو مر عليها زمن ليس بالقصير ، فهو يسأله عما تم في هذه المشكلات ، وعن أخبار أحد أبنائه في الدراسة مع تحديد الاسم وسنة الدراسة أو ظروفه الصحية الراهنة بعد عملية أجراها ، وقد عرفها من زمن طويل ، وقد مكنته ذاكرته الجيدة من حفظ القرآن في سن باكرة ، أنبأني بأنه حفظ قرابة نصفه وهو صبي صغير ، حفظ تلاوة لا حفظ تدبر ، فهو يستطيع أن يتلو ، عليك في يسر ما بقي له الترابط اللفظي حاضرا فإذا استوقفته وقفة تدبر أذهلته عن التداعي اللفظي فصعب عليه التسميع ، وقد حفظ نصفه الآخر في سن الوعي العقلي بالمعاني ، بحيث إذا شغل عن التداعي الموضوعي في الآيات صعب عليه التسميع .

ومن ذلك أيضا أنه وقت لمراحل الدعوة أوقاتها ، فعندما تكلم عن وسائل الإخوان العامة في رسالة المؤتمر السادس المنعقد في يناير 1941- بدأها بالإقناع ونشر الدعوة حتى يفقهها الرأي العام ويناصرها عن عقيدة وإيمان ، ثم استخلاص العناصر الطيبة لتكون هي الدعائم الثابتة لفكرة الإصلاح ، ثم النضال الدستوري حتى يرتفع صوت هذه الدعوة في الأندية الرسمية وتناصرها القوي التنفيذية ، وعلى هذا الأساس سيتقدم مرشحو الإخوان حين يجيء الوقت المناسب إلى الأمة ليمثلوها في الهيئات النيابية ،

ونحن واثقون بعون الله من النجاح ما دمنا نبتغي بذلك وجه الله ( ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) [ الحج : 40 ] .

وقد جاء الوقت في الانتخابات البرلمانية في مصر عام 2006 التي فاز فيها الإخوان بعضوية ثمانية وثمانين نائبا بما يزيد على مجموع ما حصلت عليه أحزاب المعارضة وبما يمثل خمس أعضاء التشريع رغم العوائق الأمنية وسائر أنواع التجاوزات التي مارسها الحزب الحاكم بما هو معروف أمره محليا ودوليا.

وقد برز أهمية عنصر الوقت أو التوقيت عند إمامنا واستمساكه به في منهج الحركة في خلافه مع بعض أعضاء الجماعة الذين تعجلوا المسيرة أو ما أسماه الخطوة العملية التي تظهر بعدها الثمار الكاملة لدعوة الإخوان المسلمين، كما جاء في رسالة المؤتمر الخامس عام 1938 حيث حذر من العجلة ومصادمة نواميس الكون فإنها غالبة ، وحذر من الخضوع لنزوات العواطف ونبه إلى ضرورة إلجامها بنظرات العقول ، حيث صارح الإخوان ، وبخاصة المتحمسين المتعجلين ، بقوله : إن طريقكم هذا مرسومة خطواته ، موضوعة حدوده، ولست مخالفا هذه الحدود التي اقتنعت كل الاقتناع أنها اسلم طريق إلى الوصول .

أجل قد تكون طريقا طويلة ، ولكن ليس هناك غيرها ، فمن أراد منكم أن يستعجل ثمرة قبل نضجها فلست معه في ذلك وخير له أن ينصرف عن هذه الدعوة إلى غيرها من الدعوات ، ومن صبر معي حتى تنمو البذرة وتنبت الشجرة وتصلح الثمرة ويحين القطاف فأجره في ذلك على الله ، ولن يفوتنا وإياه أجر المحسنين ، إما النصر والسيادة وإما الشهادة والسعادة .

إنكم تبتغون وجه الله وتحصيل مثوبته ورضوانه ، وذلك مكفول لكم ما دمتم مخلصين .

ولم يكلفكم الله نتائج الأعمال ولكن كلفكم صدق التوجه وحسن الاستعداد .

ونحن بعد ذلك إما مخطئون فلنا أجر العاملين المجتهدين ، وإما مصيبون فلنا أجر المصيبين .. على أن تجارب الماضي والحاضر قد أثبتت أنه لا خير في طريقكم ولا إنتاج إلا مع خطتكم ، فأعدوا أنفسكم وأقبلوا عليها بالتربية الصحيحة والاختبار الدقيق وأثخنوها بالعمل ، العمل القوي البغيض لديها الشاق عليها، وافطموها عن شهواتها ومألوفاتها وعاداتها ، وفي الوقت الذي يكون فيها منكم -معشر الإخوان المسلمين- ثلاثمائة كتيبة ، وكل منهم عامر روحيا بالإيمان والعقيدة وفكريا بالعلم والثقافة ، وجسميا بالتدريب والرياضة في هذا الوقت طالبوني بان أخوض بكم لجج البحار ، وأقتحم بكم عنان السماء ، وأغزو بكم كل عنيد جبار فإني فاعل إن شاء الله .

وفي خطته أو مشروعه الحضاري هذا ما يدل على وعيه الصحيح بالإسلامي وعلى أمته وما تواهجهه من تحديات ومستجدات عصره وزمانه ، وتحديده حركة ومراحل دعوته وامتلاكه للعناصر الأولية لحراكه النهضوي ، ألا وهي الإنسان والموارد والزمن والعقيدة، كما ذهب إليه الدكتور الغزالي في كتابه حول أساسيات المشروع الإسلامي لنهضة الأمة .

أسأل الله أن يعيد المئوية الثانية وما بعدها لذكرى حسن البنا داعية مصلحا ، ورائدا لحركتها المخططة على أيدي أتباعه الجدد عبر القرون القادمة تذكرة وتبصرة بالأمانة التي يحملونها من بعده، وإن لم يروه ويعايشوه إنسانا ، فإنهم يعايشونه فكرة وحركة ورسالة تصدر عن قلوبهم المؤمنة وعقولهم النيرة وكأنهم يعايشونه داعية زمانه ، وقدوة صالحة لمن بعده وقوة إيمان وإخلاص وبذل وصبر .. ولعل الله أن يختار من بينهم من يجدد لهم دينهم ، ويواصل جهاده ، وتعز به الملة والأمة، كما كان شأن حسن البنا في الربع الثاني من القرن العشرين الذي أثبت عنه جدارة بشرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثه الصحيح [ إن الله يبعث على رأس كل مائة من يجدد للأمة دينها ] فينتفعون بتجربته ويكملون مسيرته ويحققون الدين معه. ومن بعده ممن شاركوه ما وسعهم الجهد في تأسيس الجماعة وتحملوا أمانة الدعوة وصبروا على ما لاقوه من أذى واعتداء من عتاة زمانهم ، ومن حكامهم الذين استحبوا العمى على الهدى ، واستبدوا وأفسدوا فساموا الإخوان سوء العذاب حتى استشهد منهم كثيرون وقضى حكم التأبيد في منافي الواحات ، وصبرت بيوتهم على قطع أرزاق عائليهم في بطولة وشرف وكرامة ، في ملحمة الصمود والمقاومة لنصرة الحق ، فيلحقون من سبق ببركة دعاء من لحق إلى أبد الآبدين ، وذلك قول الله عز وجل ماض إلى يوم الدين ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون .. فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون .. يستبشرون بنعمة من الله وفضل، وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين .. الذين استجابوا لله وللرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم ).. [ آل عمران :169- 173 ] .

وأوصى نفسي وإياكم بتقوى الله ، والصبر على طاعته ، وعلى تكاليف الدعوة جيلا بعد جيل ، حسب سنة لله في دفع الناس بعضهم بعضا ، إحقاقا للحق وإبطالا للباطل ، ولدفع حركة المؤمنين في جهادهم نحو أهدافهم العليا بالسلم ما وجدوا إليه سبيلا ، وبالقتال إن اضطروا إليه لمواجهة مقاتليهم دفعا للمفسدة في الأرض ، وللمفسدة التي تحيق بعقيدتهم ومناسكهم كما في قوله تعالى : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ) .. [ البقرة 251 ] .

وقوله : ( ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز ) .. ونستغفر الله ونتوب إليه ونسأله حسن الخاتمة ودوام التوفيق في بلوغ ما أوجبته علينا في مثل قوله :

  • ( وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ) .. [ الحج : 78 ] .
  • وقوله : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) .. [ آل عمران : 200 ].