تمام أبو السعود راهبة المحراب وقاهرة الطغاة / أ.عماد الحديدي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
"تمام أبو السعود" راهبة المحراب وقاهرة الطغاة


بقلم:أ.عماد الحديدي


"تمام أبو السعود" الفلسطينية الأسطورة التي ذاقت من ظلم ذوي القربى الويلات التي لم تكن يوما تخطر على البال، وصدقت بها كلمات الشاعر "وظلم ذوي القربى اشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند" هذه المرأة الفلسطينية لم يشفع لها كبر سنها (42عاما) ولا تاريخ عائلتها (أبو السعود) ولا تفوقها وشهادتها العلمية (الشريعة) ولا فقدان زوجها (أرملة منذ 2005) ولا تربيتها وكفاحها ( خمسة أولاد أيتام عامر ومعتصم وخضر ونجائب وآفاق) ولا كلمات نجائب التي أبكت الملايين "أمّي بكيت حتى جفّ الدمع في عيني ...

بكيت لعلّ الدمع يخفف حرقتي ...

لكن يا أمّي دموعي ذكرتني بلحظات بكائي بين يديك ..

حينما كنت تقولين لي: ليش تبكي يا ماما ...تبكي وربنا موجود ....

ففهمت من نفسي حينها كيف لجأت إلى الناس أشكو لهم ونسيت أنّ ربّ العزة في صفي....

أماه لطالما استودعتني لله ....

وما كنت أدري أنه سيأتي اليوم الذي أستودعك فيه أنا..

ربنا وخالقنا ..

إني استودعتك أمي وإخوتي ووفوضتك أمرهم يا إله العلمين"

ولا فكرها ودعوتها (الإسلامية) التي لقبت ب (راهبة المحراب) من كثرة تنقلاتها بين محاريب الضفة الغربية لنشر الدعوة الإسلامية وتعليم نسائها أمور دينهن فقربت عندها المسافات بين المدن والقرى البعيدة وتذللت أمامها الصعاب وتحملت المشاق في السفر والتنقلات من مسقط رأسها (نابلس) إلى بيت زوجها ((رفيديا) ومنها إلى باقي مدن وقرى الضفة الغربية فأصبحت علما يهتدى به.

حتى جاء وقت الامتحان الصعب والابتلاء الأعظم لترتفع بصبرها وجلدها وتحملها وصبرها إلى درجة الأنبياء والصحابة والصالحين فابتليت بفقدان الزوج واعتقالات الأبناء (حتى كان من عامر أن يهاجر إلى كندا من كثرة الاعتقالات الصهيونية والسلطوية ومن ثم منعته السلطة من العودة إلى الضفة في سابقة منزوعة من ذاكرة الشعب الفلسطيني) والبعد القسري عن فلذات الكبد ومهجة القلب (نجائب وآفاق) فصبرت صبر أيوب، وضحي بها ليلة عيد الأضحى المبارك 17/11/2010م حين اقتحمت خفافيش الليل وغربانه بيتها الآمن لتقتلعها وابنها خضر (16عاما) لتترجم واقعا ابتلاء إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام ولترمي بها في غيابات الزنازين لتنال من جسدها ونفسها ومعنوياتها لتتقاسم أنات الألم وصرخات العذاب مع ابنها خضر لنعيش فصلا حيا من فصول معاناة النبي صلى الله عليه وسلم ولتكون سمية بنت خياط وابنها عمار بن ياسر في القرن الواحد والعشرين، وما زالت تمام وابنها خضر في سجن جنيد بينما ابنها معتصم والذي اعتقل في اليوم الأول لعيد الأضحى في سجون الاحتلال في سيناريو هولويدى ممجوج.


دخلت تمام السجن وغيبت فيه وأصبحت نسيا منسيا، صمتت وصمتت معها كل الأبواق الأرضية التي تنادي بحرية المرأة ودورها في المجتمع كشفت تمام زيف ادعاء هؤلاء فلا مؤسسات مجتمع مدني ولا مؤسسات حقوق إنسان ولا فصائل ولا تكتلات وأجسام مستقلة صمتوا صمت أصحاب الكهف والقبور، فهي ليست من ثوبهم وليست من شللهم فهي طاهرة مطهرة لا تتماشى مع أهدافهم فهي ليست ممن يلبسون الميني جيب ويتلونون بألوان الطيف وليست من رواد صالونات التجميل أو المقاهي أو الحانات والسهرات الليلية وليست من أصحاب الفكر المنحل المتحلل من القيم والأخلاق الحميدة وليست من الملتزمات بالأعراف الفلسطينية الكريمة وليست من أصحاب الأقلام المسمومة والمنحرفة والإباحية، وإلا لوجدنا المسيرات والفعاليات والاعتصامات والمناشدات والزيارات والتصريحات ولوجدنا المحافل الدولية والمنابر الأممية تطالب وتتدخل مباشرة في إطلاق سراحها من هذه التهم الباطلة الزائفة والتي بدا خيطها يتكشف رويدا رويدا بعد انكشاف المستور بين الرئيس المغادر والرئيس اللاهث، ولكن تمام بكمال خلقها ورجاحة عقلها وعفة نفسها وطهر جسدها ستبقى شامخة شموخ جبل الجرمق الفلسطيني، مشرئبة الرأس في عنان السماء لتشهد المرحلة السوداء في تاريخ شعبنا فتسطر كلماتها بدمائها ودموعها.


دخل اسم تمام أبو السعود قاموس المصالحة الفلسطينية وأصبحت مطلباً من مطالبه، بل كشفت زيف ونوايا الطرف الذي يهديني الموقف تلو الموقف لدعم نظريتي ورؤيتي بأن المصالحة هي أكذوبة، والحديث فيها للاستهلاك المحلي ولإرضاء بعض العرب.

تمام أبو السعود، كان اسمها عنوان صفقة ما بين الطرفين "أفرجوا عن تمام ونسمح لأعضاء الثوري بمغادرة القطاع، ونسمح لوفدكم الزائر بدخوله" صفقة (معيبة) عندما يكون تحرير امرأة فلسطينية من بين الأيدي الفلسطينية صفقة سياسية، والأدهى أن الصفقة باءت بالفشل، فأين يكمن هذا الفشل، أهو غي إبعاد حرائر فلسطين عن دائرة الصراع الفلسطيني-الفلسطيني، أم في عدم تمثيل غزة ورفع صوتها في المحافل الفتحاوية-الفتحاوية.

وحتى أكون مع قرائي واضحاً، أنا لست مع منع أعضاء الثوري من الخروج وتمثيل غزة، بل أدعم وبقوة، لأن أهلنا في غزة هم أهلاً لتمثيلنا في أي موقع مهما كان فكرهم واتجاههم.

آن الأوان لإخراج المرأة الفلسطينية من صراعاتنا الداخلية، آن الأوان لإنزال المرأة الفلسطينية منزلها بين نساء العالم وليس في فلسطين فحسب، آن الأوان لنستحي على أنفسنا ولنوقف مسلسل "الدم الفلسطيني النازف" الذي مؤلفه ومخرجه (شلومو) وللأسف "الكمبرس" هو (الفلسطيني).