حوار خاص مع زوجة الشهيد الرنتيسي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
حوار خاص مع زوجة الشهيد الرنتيسي
16-04-2005

حاورها: حبيب أبو محفوظ

كثيرٌ من الناس قد يؤثرون في مسيرة الحياة، لكن قليلاً منهم مَن يصرُّ على أن يجعل من سيرته آثارًا منحوتة تستعصي على المحو والإزالة.

فمع مرور الذكرى الأولى لاستشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي وغيابه عن أعيننا جسدًا، بقيت أعماله ومواقفه وأقواله خطًّا مقدسًا في حياتنا، نستنير من خلالها ظلمة الطريق ومشاقه.. لقد ارتضى شهيدنا عبد العزيز الرنتيسي لنفسه السير في طريق الصعاب، والبُعد عن الأهل والأحبة، فكان أن اعتُقل وأُبعد وعُذب في السجون الصهيونية، وأخيرًا لقيَ ربَّه شهيدًا كما أراد.

ويقال: "إن وراء كل رجل عظيم امرأة"، وهذه المقولة تنطبق حرفيًا على شهيدنا وزوجته، فالزوجة الصابرة المحتسبة لا تقل شأنًا عن زوجها، فهي التي تحمَّلت مشاقَّ وعناءَ بُعد الزوج عن بيته، وفقدانها وأولادها لحنانٍ الزوج والوالد يملأ عليهم البيت لشهور وربما لسنوات طِوال.

وربما نكون قد أصبنا إن اختصرنا الكلام عنها من خلال حديثها، حينما قامت تخاطب النساء يوم قدومهن لتهنئتها باستشهاد زوجها حين قالت: "إنه والله لموقف فخر واعتزاز، أقف فيه في هذا اليوم، في عرس زوجي حين يزفُّ إلى 72 حوريةً من الحور العين.. أسأل الله العلي القدير أن يهنَأ بهن".

( إخوان أون لاين) التقت زوجةَ الشهيد عبد العزيز الرنتيسي السيدة "أم محمد"، وذلك بعد مرور عام على استشهاده؛ حيث كان لنا معها الحوار التالي:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين، وسيد الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه ومن سار على دربه إلى يوم الدين، وبعد..!!
بالنسبة لصفات الشهيد الدكتور فقد كان عزيزًا أبيًا، قويًا في الحق، جريئًا، شجاعًا، سمحًا، رحيمًا، مخلصًا، متفانيًا، متجردًا، فطنًا، ذكيًّا، بعيدَ النظر.
  • كيف تلقيتم نبأ استشهاد الشهيد الدكتور؟ وكيف كان تصرفه قبيل استشهاده؟
لقد تلقيتُ نبأ استشهاد الدكتور عبدالعزيز الرنتيسي كما تتلقى أي زوجة نبأَ استشهاد زوجها، فلقد هزَّني النبأ من الأعماق، ولكني لم أفقد صوابي، ولم أفقد إيماني وثقتي بالله، فأصبَح لساني يلهَج بحمد الله، ثم توضأت وصلَّيت العشاء، ودعوت الله أن يثبِّتني ويثبِّت أولادي، وبفضل الله كان ذلك.
أما عن تصرفاته قبل استشهاده فلم تختلف عن تصرفاته في الحياة العادية، فكان عادةً حين يكون معنا يكرِّس وقتَه في مناقشة أمور الأسرة، وإعطائنا حقوقنا، أما المميز في ذلك اليوم نضارةُ وجهِه المنقطعة النظير، ثم حرصُه على إنهاء ترتيبات زواج ابننا أحمد.
استشهاد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي لم يكن أول غياب للدكتور من حياتنا، فلقد غاب قبل ذلك طويلاً.. ما بين الاعتقال والإبعاد والمطاردة، وليس معنى هذا أن وجودَه في البيت وغيابه سواء، فلقد كان للدكتور مكانةٌ سامقةٌ في قلبي، ولكني عرفتُ أن هذا الطريق ليس مفروشًا بالورود، ولكن هناك ابتلاءات في طريق الدعوة، ويجب أن نؤدي رسالتنا.
  • كيف كان يجمع الشهيد الدكتور بين عمله التقليدي- وما يرافقه من جهد وحزم- وبين شئونه الأسرية؟
كان الدكتور عبد العزيز الرنتيسي شخصيةً إسلاميةً متكاملةً، يتمثل الآية التي تقول "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ" (الذاريات:56)، فطبق تلك الآية، فأصبحت حياتُه كلها عبادة في أخلاقه، معاملاته، عبادته، علاقاته الاجتماعية والأسرية، في جهاده، في برِّه لأمه، في معاملته الحسنة لزوجته، محبته لأخواته، إكرامه لبناته، مداعبته لأحفاده، في شدَّته على الكفار وإغاظتهم، في تواضعه مع كل من يتعامل معه، كان يصِلُ الليل بالنهار، لا يعرف الكلل ولا الملل مقابل مرضاة الله.
  • كيف كان شعوركِ عندما تولى الدكتور قيادة حركة حماس في غزة بعد استشهاد الشيخ أحمد ياسين ؟ وهل كان يراودك شعورٌ لإقناعه بالتخلي عن موقعه الجديد في قيادة الحركة خوفًا على حياته؟
بعد استشهاد الشيخ وتولِّي الدكتور قيادة حماس كان شعوري شعور الزوجة التي تعرف ما هو قدر الأمانة والتبعات التي أُنيطت بزوجها؛ لذلك كنت مشفقةً عليه خوفَ التفريط ولو اليسير، ومساءَلة الله له يوم القيامة عما استرعاه.. أحفِظ أم ضيَّع، مثَلي في ذلك قول عمر بن الخطاب- رضي الله عنه-: "والله لو عثرت بغلة في بغداد لخِفت أن يسألني الله لمَ لمْ تعبِّد لها الطريق يا عمر"، ثم عن خوفي على حياته، فالأجل واحد، والاستهداف واحد.. إن كان قبل استشهاد الشيخ أو بعد ذلك.
  • هل من الممكن أن تروي لنا بعض المواقف المؤثرة للدكتور؟
لقد كانت حياة الدكتور كلها مواقف مؤثرة.
  • كلنا يذكر مقابلات الشهيد الدكتور عبر القنوات الفضائية، وكيف أنه كان قويَّ الحجة قويَّ الطرح، برأيك من أين استمد قوته تلك؟
كان قويَّ الحجة قويَّ الطرح، استمدها من قوة يقينه وقوة صلته بالله- سبحانه وتعالى- وبتطبيقه للإسلام بشموليته.
  • لو تذكرين لنا ما هو أكثر موقف أسعد الشهيد الدكتور؟ وما هو أكثر موقف أغضبه؟
أكثر موقف أسعد الدكتور حينما تسلَّم ادخاره من الجامعة بعد استقالته، وقد استطاع أن يسدِّد ديونَه، وحينها شعُرتُ بسعادته حقًّا، وقال الآن استرحت وسأَخرج من الدنيا لا لي ولا عليَّ.
  • هل ترَين أبناءك نموذجًا لأبيهم؟ وهل تخشين أن يكون مصيرهم نفس مصير والدهم؟
بالنسبة لأولادي بفضل الله يتنكَّبون خُطى والدهم، وأسأل الله أن يصبحوا نموذجًا له، أما أن يكون مصيرهم نفس مصير والدهم فهذا ما أتمناه وأدعو الله دومًا أن يقرَّ عيني بهم شهداء.
  • هل تعتقدين أن الشهيد الدكتور قد دفع ثمنًا لمواقفه الجريئة؟
هو لم يدفع ثمنًا لمواقفه الجريئة، بل أخذ ثمنًا، وهو الشهادة "إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ" (التوبة111)، ولقد ربح البيع بفضل الله.
  • في الختام.. هل من كلمة توجهينها إلى زوجات الشهداء وأمهاتهم؟
إذا أردت أن أوجِّه رسالةً إلى زوجات الشهداء وأمهاتهم، فأقول لقد قدمتنَّ وضحيتنَّ وصبرتنَّ على فقد أزواجكن وأبنائكن، وأكرمكن الله بذلك، فأكملنَ الرسالة في تربية الأبناء والوقوف أقوياء في وجه المؤامرات التي تحاك ضد المسلمين عامةً وأسر الشهداء خاصةً لإضعاف ذلك الحصن المنيع، احفظنَ دماء الشهداء فإنها غالية.
أما رسالتي ل حركة حماس وكتائب القسام فأقول: بدايةً أنتم الشامة التي تزيِّن وجه الأمة الإسلامية.. أنتم العزة والكرامة، أمِنتم قدَرَ الله- سبحانه وتعالى- في هذه الأرض، أنتم القوم الذين يحبُّهم الله ويحبونه، فاثبُتوا على ذلك.. وفقكم الله.
  • أبناء الحركة الإسلامية خارج فلسطين ؟

رسالتي لأبناء الحركة الإسلامية خارج الأراضي الفلسطينية "وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" (آل عمران:139).
رسالتي إلى المعتقلين في سجون الصهاينة: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (آل عمران:200) واعلموا أن الله سيفرج عنكم، واعلموا أن هذا السجن خلوة ووسام، فأنتم الأُسُود الرابضة في عرينها، الثابتة في مواقفها، فصبرًا إخوتي.
  • السلطة الفلسطينية برئاستها الجديدة؟
رسالة إلى السلطة الفلسطينية برئاستها الجديدة: قِفوا أنتم وشعبكم في خندق واحد في مواجهة العدو.. كفاكم مراوغةَ عدوكم.. ماذا نلتم حتى الآن "وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ" (البقرة: 120).
أما رسالتي لأبناء الشعب الفلسطيني كافة: فأقول الإسلام مصدر عزة وكرامة "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام وإن ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"، عودوا إلى مصدر عزتكم وكرامتكم، كتاب الله وسنة رسوله، تخلَّقوا بأخلاق القرآن وطبِّقوه في كل أمور حياتكم، واعلموا أنه إنما جاء الإسلام ليكون رائدًا لهذا العالم "هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ" (التوبة:33)، وحتى يظهر الإسلام يحتاج إلى من يحمله بقوة، فأقيموا شريعته في أنفسكم، وفي مجتمعكم، وفي كل مكان تذهبون إليه.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.