رؤياي في حِمَى الحرم

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عبدالباسط البنَّا : رؤياي في حِمَى الحرم

HARAM14.JPG

مُناجاتي لأستاذي الشقيق شهيد الإسلام الإمام (حسن البنَّا) لا تنقطع، وهي مني الأمل الباقي في هذه الحياة، والنور الذي يهديني لمراقبة الله، وتعودتُ كل عام أن أستعيد النجوى في يوم الذكرى، فأبعثها إليه نفثات مهجة حرَّى، أُطفئ بها لظى ما بالفؤاد من شوقٍ وما بالنفسِ من حسرةٍ وأسى، وقد تجلت النجوى هذا العام في الأرض المباركة حيث وُلدَ المختار، وهبط الوحي الأمين على ساكن الغار، وأُقِيمَ البيت العتيق مثابة للناس وأمنَّا، ذكرت إمامي- رضوان الله عليه- عند كل ركن من أركان الكعبة الغراء في كل طواف، ولم يبرحْ شخصه الكريم بالي لحظة في مكة المكرمة؛ حيث كان يقيم في سبيل الله الندوات، وفي (منًى) حيث شدت السواعد بهديه لرمي الجمرات وعلى (جبل الرحمة) في (عرفات).

كنت أنزل عند المطوِّف "صالح المداح"- القريب مسكنه من بيت الله الحرام- ورأيت وأنا نائم ذات ليلة أني دخلت الكعبة، وما كدت أستيقظ لصلاة الفجر حتى علا صوتي وانطلق لساني مرددًا، بيت الله الحرام.. بيت الله الحرام.. والتفت إلى كل من بالمكان من النازلين عند الحاج "صالح المطوف"، فلم أتمالك نفسي ولم أكتم فرحتي وأخبرتهم أني دخلت بيت الله الحرام.. وشاء الله أن أدخله في صبيحة اليوم نفسه مع جلالة الملك "سعود" والسيد أمير الحج البكباشي "حسين الشافعي"، وكان لي شرف غسله من زمزم وماء الورد، وأذن الله- تبارك وتعالى- لي مرة ثانية، وكان لي شرف ربط الكسوة الجديدة مع خادم البيت الكريم بسطح الكعبة، وصدق الله الرؤيا.

وأُشهد ربَّ البيت يا إمامي- وأنت في رحاب ربي مقربًا منه عني- أني رأيتك، ففي اليوم التالي رأيت جمعًا من أبنائك وما أكثرهم، وخيَّم صمت رهيب وما هي إلا كلمح البصر حتى لمحتك- يا إمامي الشهيد- يشرق نورك من خلف الجميع بوجهك المتهلل وثيابك البيضاء، وإذا بصوت من الحاضرين يجهش بالبكاء وإذا بالهتاف يدوي لله، وكان آخر ما رأيت في هذا المشهد ابتسامة هادئة علت وجهك الكريم، ملؤها الإيمان بالله والثقة به.

يا إمامي الشهيد: لو كنت قد تعودت أن أُحيي ذكراك الطاهرة بنشيد، أو أهدئ نفسي الثائرة لفقدك بقصيدة، فإن نشيدي وقصيدي ما كنت أردده في حمى الحرم حين نفضت النوم عن هذه الرؤيا وأنا أقول:

حسن البنَّا حسن البنَّا

ما غاب بطلعته عنَّا

لو ضاع العهد فلا كنَّا

سيقود الجيلَ دمُ البنَّا

حسن البنَّا

والسلام عليك يا إمامي مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.


المصدر

  • إخوان اون لاين
  • مجلة (الدعوة)، السنة الخامسة، العدد (207)، (22جمادى الآخرة 1374هـ=15من فبراير 1955م).
  • الأستاذ "عبد الباسط البنا": ولد في (16 من شوال 1334هـ= 16 من أغسطس 1915م)، تربى في (الإسماعيلية) في كنف الإمام الشهيد، وناصر فكرته وأيدها، عمل متطوعًا في مدرسة معهد حراء للبنين، التحق بالبوليس، وعمل ضابطًا به، ورافق الإمام الشهيد أيام حادث اغتياله. كان شاعرًا مجيدًا، وكتب كثيرًا من أناشيد جوالة الإخوان، استقال من خدمة البوليس وعمل بالسعودية بقية حياته، ودُفن بالبقيع بناء على وصيته.