فى ذكرى النكبة دولتين ام دولة يهودية ؟ وحق العودة اين؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
فى ذكرى النكبة دولتين أم دولة يهودية ؟ وحق العودة أين ؟
  • بقلم : جاد الله صفا
لاجئين فلسطينين في طريقهم الى لبنان اكتوبر 1948

التصريحات التي ادلى بها رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامبن نتنياهو الذي يشترط بها على الفلسطينين الاعتراف بيهودية الدولة، فهذه التصريحات لم تاتي وليدة مرحلة او رغبة لدى رئيس الوزراء الصهيوني الحالي، ثلاث محطات اساسية كانت تؤكد على يهودية الدولة حدثت على مدار نصف قرن، اولها المؤتمر الصهيوني التاسيسي الذي عقد عام 1897 بمدينة بازل بسويسرا، ووعد بلفور الممنوح للحركة الصهيونية عام 1917، وقرار الجمعية العامة للامم المتحدة رقم 181 ( قرار التقسيم)، هذه المحطات الثلاثة اكدت على يهودية الكيان الصهيوني.عندما اكد وعد بلفور على الحقوق السياسية لليهود، منع على الفلسطينين والعرب حقوقهم الوطنية والسياسية، واكد لهم على حقوقهم الدينية والمدنية وعدم المساس بها، وعندما يصرح بنيامين نتنياهو بمنح الفلسطينين حكما ذاتيا، فهذا ليس كرما منه وانما تماشيا مع قرارات سابقة مضى على اتخاذها قرنا من الزمن، ولكن الظروف والمراحل التي مرت بها عملية الصراع لم تكن ناضجة لمنح الفلسطينين حكما ذاتيا، والمخطط لم نصل الى نهايته، وتخوفات ملك الأردن ومطالبته بحل الدولتين تاتي من ادراكه الكامل الى خطورة الخطوة القادمة التي سيدفع الأردن ثمنها غاليا.

الخطوات الصهيونية منذ اقامة هذا الكيان كانت نابعة اساسا من تفريغ الارض من سكانها، وخلق وقائع جديدة يصعب التراجع عنها، وقائع تشكل اساسا عقبة امام اي مبادرة سلام مستقبلية لاستقرار بمنطقة الشرق الاوسط، اما الاداء الفلسطيني بادارة الصراع مع هذا الكيان كان غير موفقا نتيجة الطبيعة الطبقية للقيادة الفلسطينية، ولعدم تمكن قوى اليسار الفلسطيني من التاثير على قرارات القيادة الفلسطينية ومنعها من تقديم تنازلات مجانية للكيان الصهيوني.

الجدل الذي يخوضه الجانب الفلسطيني ببعض الحالات بان المفاوض او القيادة الفلسطينية لم تتنازل عن الثوابت الوطنية والتاريخية للشعب الفلسطيني، والسؤال العالق، ماهي التنازلات التي قدمتها القيادة الفلسطينية للكيان الصهيوني اذا هي لم تتنازل عن حق العودة؟ الجواب اذا كان اعترافها باقامة الكيان الصهيوني على جزء من الارض الفلسطينية واعني منطقة ال 48 ، فكيف يجوز لنا ان نطلب بعودة فلسطينين الى ارض دولة ليست دولتهم؟ الا يعني هذا الاعتراف بتنازل عن حق العودة؟ فمنظمة التحرير الفلسطينية بالواقع منذ توقيعها على اتفاق اوسلو واعترافها بالكيان الصهيوني هي منعت على الفلسطيني حقه بالعودة، ووقعت على اتفاق انسلاخ مسؤوليتها عن فلسطيني ال 48 سواء كانوا بالداخل او الخارج، بهذه الحالة تكون منظمة التحرير الفلسطينية باعترافها بوجود الكيان الصهيوني قد فقدت شرعيتها التمثيلية، فكيف يمكن لمنظمة ان ترفع راية النضال والكفاح لعودة شعب او بشر او ناس الى ارض ليست ملكا لهم؟ اليست منطقة ال 48 هي منطقة اسرائيلية ودولة اسرائيل بوجهة نظر منظمة التحرير الفلسطينية؟

بوجهة نظر قادة الكيان الصهيوني، ان انتزاع اعتراف من منظمة التحرير الفلسطينية بدولة اسرائيل مقابل اعتراف الكيان بتمثيل المنظمة الغير كامل للشعب الفلسطيني ليس نهاية الطريق، فهناك العديد من الاشكاليات العالقة التي هي بحاجة الى حل وتفاهم مع الجانب الفلسطيني، والتي تتعلق بالوجود الفلسطيني وكيفية التعامل والتعاطي معه، فهناك تواجد فلسطيني بمنطقة ال 48، واخر بمنطقة ال 67، فالكيان الصهيوني يبحث عن حلول يتخلص بها من هذا التواجد الفلسطيني بمنطقة ال 48، اضافة الى اجراء تغييرات ديمغرافية وجغرافية بالضفة الغربية والقدس، تشكل عقبة اساسية امام اي مطلب فلسطيني لمستقبل سياسي له، فكان بنيامين نتنياهو واضح عندما طرح النقاط الثلاث، وهي تحسين الوضع الاقتصادي للفلسطينين، حكم ذاتي، ودولة يهودية.

ايضا مجرد موافقة القيادة الفلسطينية كما يحلو للبعض تسميتها على حل الدولتين، هو تاكيد هذه القيادة على التنازل عن حق العودة وعن تحرير الارض الفلسطينية، فهذه القيادة بالواقع هي فقدت شرعيتها ودورها، وادائها اصبح مشكوكا به، فهذه القيادة غير معنية بمنظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات الشعب الفلسطيني التمثيلية، فدورها اليوم اقتصر على الغاء كافة الاطر الوطنية الفلسطينية التي تؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة اراضيه ووحدة نضاله، وهي اصبحت بكل اجهزتها اداة غير مرغوب بها عند الاغلبية الساحقة من ابناء شعبنا الفلسطيني.

القيادة الفلسطينية غير قادرة على الخروج من الوحل الذي وقعت بها، نتيجة سياستها العمياء، فرغم مرورما يزيد على خمسة عشرة عاما على اتفاق اوسلو، واستمرار رهاناتها التسووية مع الكيان الصهيوني، ورهاناتها على امكانية اجراء تغيير بالمواقف الغربية والاوروبية، الا ان هذه القيادة ما زالت تصر على سياستها، وهي ترى الانحياز الكامل من قبل اوروبا الى جانب الكيان الصهيوني، فمع كل رئيس او مسؤول اوروبي جديد، يؤكدون على امن هذا الكيان، ومع كل تجديد كل حكومة لهذا الكيان تزداد على القيادة الفلسطينية الشروط الجديدة، وتستمر هذه القيادة بمناشدة الدول الاوروبية والغربية والامم المتحدة التي هي مهدت وسهلت ومولت ودعمت وجود هذا الكيان، فهل بامكان مناشدتها،

الامم المتحدة شرعت دولة يهودية في فلسطين من خلال التقسيم، كيف سنقنع هذه المؤسسة اننا نريدها دولة علمانية لكل مواطنيها؟ وما هو حقنا بهذا المطلب؟ واذا كان وعد بلفور اقر حقوقا سياسية ومدنية ودينية لليهود وغير اليهود، واعترف لليهود بوطن قومي، فكيف يمكن لهذه القيادة ان تقنع الدول الاوروبية بدولة ديمقراطية لكل مواطنيها؟ اذا كان طرد الفلسطينين من ارضهم وديارهم كان عام 1948 و 1949 وامام عيون العالم اجمع، فلماذا على مدار ما يزيد على 60 عاما لم يتحرك هذا العالم ؟

ما هو المخرج لهذه المازق؟ ان اي بحث سيجد ان القضية الفلسطينية مستعصية، والناتجة عن السياسة السابقة التي اوصلتها الى هذه الحالة، فالتخلي عن اتفاق اوسلو بحالة التمزق والانقسام التي تمر بها الساحة الفلسطينية هي انتحار، حل السلطة الفلسطينية بهذا الوضع ايضا هي انتحار، اعادة تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية على قاعدة الميثاق الوطني الفلسطيني فهو يعني وفاق فلسطيني ويقود الى تمرد على الشرعية الدولية التي شرعت هذا الكيان فهل هذا يعني ايضا انتحارا؟ الرهان على هذه السلطة وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية لانقاذ الوضع، والحفاظ على الهوية السياسية والوطنية للشعب الفلسطيني، هو رهان خاسر وغير واقعي، ومن هنا تاتي اهمية البحث عن بدائل لهذه القيادة التي قادت هذه المرحلة من تاريخ النضال الفلسطيني قبل فوات الاوان، فسياسة القيادة الفلسطينية وضعف ادائها وافوضى التي تمر بها وحالتها المتردية لا تأخذ القضية الفلسطينية الا الى خانة التصفية، وتحويلها الى قضية انسانية وسيكسب شعبنا عطف العالم ليقدم له مساعدات انسانية وسيقوم العالم بالضغط على الكيان الصهيوني للسماح للمسلمين باداء صلواتهم بالاماكن الدينية بالمدينة المقدسة.

فلا يوجد امام الشعب الفلسطيني الا ان يمنع تجدد النكبة الفلسطينية في هذه المرحلة، من خلال التاكيد على حقه بالنضال وتجديد اساليب نضاله بما يتلائم والمرحلة، والتي تؤكد على وحدته وانتمائه الوطني، في الفترة التي ترتفع فيها وتيرة التهديد الصهيونية لتصفية قضيته، بعد ان وصلت القيادة الفلسطينية الى ما وصلت اليه من عجز وتفريط، فهذه القيادة التي تبحث عن ذاتها فلا تجده، فكيف سيجدها الشعب الفلسطيني لقيادة نضاله.


المصدر : نافذة مصر