ماذا يحدث؟؟ / عماد زقوت

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ماذا يحدث؟؟


بقلم:عماد زقوت


سؤال يدور في خلد الكثير من العرب والمسلمين وحتى الفلسطينيين، ماذا يحدث في فلسطين؟ ماذا يحدث في الضفة وغزة؟ هل أصبح الانقسام أمرا واقعا؟ هل أصبحت الضفة لفتح وغزة لحماس؟ أين المقاومة هنا وهناك أم كل حزب بما لديهم فرحون؟ هل تتبع الضفة لأمريكا والكيان الصهيوني وغزة لإيران وسوريا؟ أين الحريات والإعلام في الضفة وغزة؟

طبيعي أن تأتي تلك التساؤلات على خاطر المواطن في ظل حرب الكلمات والخطابات النارية على لسان هذا المسئول أو ذاك.

ومن الواجب أن نقف عند تلك التساؤلات التي ما سكت عنها لسان حال الجماهير.

مصطلح الانقسام لم يخط في القاموس الفلسطيني حديثا، وإنما خط في زمن الستينيات مع بداية الثورة الفلسطينية وظهر جليا في الثمانينيات وخاصة في لبنان عندما قتل العديد من الفلسطينيين بسبب الخلافات والاختلافات بين فصائل منظمة التحرير، حتى جاءت أوسلو لتعلن رسميا شق الصف الوطني الفلسطيني بأن البعض اختار لنفسه طريق المفاوضات والاستسلام للعدو الصهيوني والبعض الآخر أراد لنفسه طريق الشوكة والجهاد والمقاومة.

إذا من غير المنطق على الإطلاق أن تُحمل حركة حماس مسئولية الانقسام بعد أحداث الرابع عشر من يونيو من العام 2007، والواقع يقول أن نبحث في جذور ذلك، وللأسف تلعب بعض الفصائل الفلسطينية ولاسيما اليسارية منها على وتر الانقسام لصالحها وما تلبث أن تغذي هذا الانقسام عبر تصريحات قيادييها وتظهر نفسها أنها هي النظيفة والمستقيمة وحامية الديار وغيرها من العبارات الرنانة ولكنها ربما تتناسى أن قرارها ليس بيدها وإنما في جيب غيرها.

وحركة حماس لا تعتاش من الانقسام وتؤكد أن فلسطين للكل الفلسطيني فلا الضفة لفتح ولا غزة لحماس، وإنما المرحلة التي تحياها ما هي إلا مرحلة مؤقتة وبداية الطريق إلى تحرير كامل فلسطين ورفع راية الإسلام خفاقة كما جاء على لسان السيد إسماعيل هنية في ذكرى انطلاقة حماس ال23.

فمن غير المعقول أن نقول إن حماس اكتفت بقطاع غزة وانتهت القضية، ولكنها تعد العدة للمرحلة المقبلة مرحلة التحرير الكامل بإذن الله تعالى وما ذلك ببعيد عنا.

والناظر لواقع غزة يجد أن حركة حماس بأجهزتها كافة تتهيأ لما بعد غزة، فهي لا تستكين عن الإعداد والتدريب ليس فقط على الجانب العسكري على أهميته وإنما على جانب البنيان الروحاني والعقائدي فمراكز تحفيظ القران مستمرة على قدم وساق في تحفيظ الأشبال والكبار القرآن الكريم والذين قدر عددهم ما يزيد عن أكثر من عشرين ألف حافظ في العام 2010، هكذا هي غزة كلها نشاط وحيوية ونفير عام استعدادا ليوم الالتحام رغما عن الحصار الذي طال شتى مجالات الحياة في القطاع كافة.

والعكس صحيح في الضفة فالسلطة القائمة هناك ما تنفك عن مطاردة المجاهدين واعتقالهم وتعذيبهم أشد التعذيب وتمنع أي شكل من أشكال المقاومة وتغلق مراكز تحفيظ القران والتي طالت مؤخرا إذاعة القران الكريم في نابلس، وتدمر البنيان العقائدي لدى الشباب الفلسطيني هناك عبر السماح للمراقص الليلية والخمارات والتشجيع على التطبيع مع الصهاينة عبر زيارات متتالية لتل أبيب وغيرها.

هذه هي السلطة المتحكمة في الضفة التي يسيطر عليها فكر السلام والاستسلام للعم سام وحليفه العدو الصهيوني وما ملايين الدولارات التي تنفق على حكومة فياض إلا ثمن لذلك.

وأيضا دايتون الذي أسس قوات الأجهزة هناك على عقيدة "ارفع يدك على أخيك وطأطئ رأسك أمام احتلالك"، وجاء خلفه مولر ليكمل المسيرة ويضيف على عقيدة سلفه ان احرق قلب ام اخيك على اخيك وأطفئ نار الكرمل كرمال نصيرك الاحتلال.

هذه مفارقة بين عقيدة غزة وعقيدة الضفة؟؟

الضفة ممنوع فيها الحريات العامة والإعلام موجه برموت كنترول يحركه الاحتلال ومن لف لفه، حتى حلفاء عباس ممنوع عليهم حتى الاحتفال بذكرى انطلاقتهم وكان آخرها انطلاقة الجبهة الشعبية التي لم نرَ لها أي احتفالية في الضفة عكس غزة التي نقلت الفضائيات على الهواء مباشرة مهرجانها المركزي منها.

وما قمع تظاهرة لجمع من الفصائل اليسارية في رام الله عنا ببعيد لأنها قالت لا للمفاوضات، وحدث ولا حرج على منع وقمع حركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب التحرير.

وكذلك إغلاق المحطات الإذاعية والتلفزيونية المحلية، واعتقال الصحفيين عوضا عن تهديدهم بالقتل.

وبالمقابل نرى العكس في غزة فجميع الفصائل لها حرية العمل وتنظيم المهرجانات المركزية وصدقوني إن بعضها لم تكن تجرؤ على حتى التجمع في ظل عهد السلطة البائدة.

وتجد مئات وكالات الأنباء تنتشر في كل قطاع غزة بحرية دون مضايقات عوضا عن عدد كبير من الإذاعات المحلية والتي تتبع في معظمها لفصائل فلسطينية ونذكر منها الجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية وحركة المقاومة الشعبية.

هذه بعض جوانب المفارقة بين غزة والضفة.

هنا لنا نداء بأن لا يتغول الانقسام على النسيج الاجتماعي حتى لا يصبح الانقسام بين الأخ وأخيه وقد حدث للأسف الشديد في بعض الحالات، وهذا يدفعني للحديث عن حملة المودة التي نظمتها حركة حماس في قطاع غزة للعام الرابع على التوالي، والتي أضفت المحبة والمودة والتواصل بين الناس، وهنا ربما تريد أن تقول حركة حماس إن الانقسام سياسي وليس اجتماعيا كما قال الأخ الدكتور محمود الزهار يجب أن نتصالح اجتماعيا قبل أن نتصالح سياسيا، وكذلك حملة كرامة المواطن التي تنظمها وزارة الداخلية تسير على هذا النهج والتي لاقت استحسانا كبيرا من قبل المواطنين. وعلى الجانب الآخر نجد شيئا مغايرا، فحملة الاعتقالات مستمرة بل مستعرة وتعذيب الناس في سجون عباس تسير بشكل متسارع والذي يتغاضى عن آهات وبكاء الأمهات والزوجات وعن صوت قرقعة أمعاء المضربين عن الطعام في سجونه.

فشتان شتان بين حملة المودة في غزة وحملة المهانة في الضفة.