ماذا يعني انتمائي للإسلام؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟


المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة علي رسوله وبعد :

فان هذا الكتاب يقع في جزأين اثنين .. الجزء الاول منه يعرض للمواصفات التي يجب ان تتوفر في المسلم , كل مسلم , ليكون بالتالي مسلما ..

فهو يبين الشروط التي يجب توفرها في كل من انتمي لهذا الدين .. ان كثيرا من الناس مسلمون بالهوية .. او مسلمون لانهم ولدوا من ابوين مسلمين .. وهؤلاء واولئك لا يدركون _ في الحقيقة _ معني انتمائهم للإسلام ؟ ولا يعرفون مستلزمات هذا الانتماء .. ولذلك تلراهم في واد والإسلام في واد ؟

وغاية الجزء الاول من هذا الكتاب هي الاجابة علي هذة التساؤلات جميعا .. وتبيان ما يطلبة الإسلام ليكون انتماؤه للإسلام انتماء صحيحا وحقيقيا , وبالتالي ليكون مسلما حقا ( هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علي الناس فاقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم فنعم المولي ونعم النصير ) .

اما الجزء الثاني من الكتاب فيبين وجوب العمل للإسلام والانتماء للحركة الإسلامية , كما يعرض لمواصفات الحركة الإسلامية واهدافها ووسائلها وفلسفتها وطريق عملها والصفات الواجب توفرها في المنتمين اليها ..

وان ما تجدر الاشارة اليه في هذا المقام هو ان كل الاحداث التي تجري في العالم الإسلامي بوجه عام وفي المنطقة العربية بوجه خاص تؤكد حقيقة كبري وهي ان الامة تعيش فراغا قاتلا في شتي نواحي حياتها ..

لقد مرت الامة خلال الفترة المنصرة في ظروف قاسية , سقطت فيها كثير من النظم والمبادئ وتعرت فيها كثير من الحركات والزعمات , عندما وضعت هذة جميعا في خط المواجهة مع تحديات العصر المختلفة .. سقطت لانها لا تملك في الاصل عوامل البقاء والاستمرار ؟! .

سقطت لانها كانت شعرات فارغة زائفة لا قيمة لها ولا محتوى .. سقطت لانها لم تكن اصلية .. لم تكن لتعبر عن شخصية هذة الامة ..كانت دخيلة , مصطنعة , مستوردة , تماما كما نستورد الاحذية والكلسات .

ولهذا لم تدم طويلا .. سرعان ما انكشفت .. سرعان ما ظهرت سوءلتها ..

من اجل ذلك لفظتها الجماهير , لانها كانت غريبة عنها , غير متجانسة مع مبادئها ومعتقداتها , شانها شان الكلوة او القلب يزرعان في جسم الانسان , فان قبلهما فلفترة قصيرة – كلها عذاب وآلام – ثم لا يلبث هذا الجسم ان يضوى ويموت .

هذا ما حدث بالفعل للامة الإسلامية يوم افاقت علي نفسها الهزيلة المريضة , فلم تفكر فيما تصنع , وانما سارعت الي استيراد ما تظنه صالحا من المبادئ والنظم الوضعية , وهو يحمل في طياته عوامل التخريب والتدمير , عوامل الفوضي والفساد , عوامل الضياع والشرود !..

تمت العملية الاولي بزراعة ( الحضارة الغربية ) والفكر الراسمالي في كيان هذة الامة , وكانت النتيجة بؤر سرطانية برزت في كل ناحية من نواحي حياتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية .. بؤر سرطانية عمليت علي تشويه شخصيتها , علي بلبلة افكارها , علي افساد اخلاقها .. واخيرا علي تحضيرها لتلقي الهزيمة الاولي , هزيمة عام 1948.

وعلي ضراوة التجربة وقسوة الفاجعة , فان الامة بقيت اسيرة ضيلعها وشرودها , مشدودة الي عواطفها , ماخوذة بالشعارات الزائفة والمظاهر الخادعة .. وهذا ما جعلها وللمرة الثانية والثالثة والرابعة تتجرع كؤوس الهزيمة الواحدة تلو الاخري .. لم تغن عنها انظمتها – التقدمية- الثورية- الاشتراكية – شيئا .. بل لم تدفع عنها صداقاتها الحميمة ضرا ؟ .

فان كانت هزيمة عام 1948 حصاد الذيلية الغربية الامبريالية , فان هزيمة 1967 هي قطوف التبعية اليسارية البروليتارية !!.

وخرجت الأمة من هذة الأحداث والتجارب مثقلة بالهموم , مثخنة بالجراح .. فخابت آمالها فيمن عقدت عليهم الآمال .. وتزعزعت ثقتها فيمن حولها من زعماء وقادتها واتجاهات واحزاب .

فهل صحت الامة بعدئذ يا تري ؟

هل افائت من هول الصدمة وضراوة التجربة ؟

هل ادركت ان القوي الدولية – كل القوي الدولية – متواطئة عليها !؟

هل ادركت الامة ان الشرق والغرب , اليمين واليسار , عدولها , حاقد عليها , متربص بها ؟

انه لضلال ما بعده ضلال ان لا تكون الامة الا لهذا الطرف او ذاك , فاذا لم تكن يمينية وجب ان تكون يسارية , واذا لم تكن شيوعية وجب ان تكون راسمالية ؟

ان علي الامة الإسلامية ان تدرك ان لها شخصية مستقلة متميزة ..

شخصية ليست باليمينية ولا باليسارية , شخصية اصيلة , تستمد مواصفاتها وملامحها من الإسلام دين الفطرة ورسالة الفطرة .. وانها بحكم هذا التميز والاصالة يمكن ان تتولي مكان الريادة الفكرية والسياسية في العالم ..

ان عليها ان تدرك ان هذا الفراغ الكبير الذي تعيشة لا تملؤه مشاريع البيت الابيض الامريكي ولا مشروعات الكرملين السوفياتي , لا تملؤه افكار ماركس ولينين , ولا مبادئ غيفارا وهوشي منه ..

ان هذا الفراغ لا يملؤه الا الإسلام .. عقيدة ونظاما .. اخلاقا وتشريعا .. كل ذلك .. من شانه ان يجعل الحركة الإسلامية امام مسؤولية تاريخية مصيرية .. مسؤولية بحاجة الي فعا ايمان وارادة تصميم فهل يعي دعاة الإسلام مسؤوليتهم ؟

أبو بلال


القسم الاول: ماذا يعني انتمائي للإسلام ؟

الموضوعات:

1- أن اكون مسلما في عقيدتي

2- أن اكون مسلما في عبادتي

3- أن اكون مسلما في اخلاقي

4- أن اكون مسلما في اهلي وبيتي

5- أن انتصر علي نفسي

6- أن اكون واثقا بان المستقبل للإسلام


مدخل الي القسم الاول

ان القسم الاول من هذا الكتاب وهو بعنوان ( ماذا يعني انتمائي للإسلام ) يعرض لاهم المواصفات التي يجب ان تتوفر في الانسان ليكون مسلما حقا ..

فالانتماء للإسلام ليس انتماء بالوراثة . ولا انتماء بالهوية .. كما انه ليس انتماء بالمظهر الخارجي .. انما هو انتماء للإسلام , والتزام بالإسلام , وتكيف بالإسلام , في كل جوانب الحياة ؟

وفيما يلي سنبين باختصار ابرز الصفات التي يفترض توفرها في المسلم ليكون انتماؤه لهذا الدين انتماء صحيحا صادقا .( هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء علي الناس )


أولا: أن أكون مسلما في عقيدتي

ان اول شرط من شروط الانتماء الي الإسلام والانتساب لهذا الدين ان تكون عقيدة المسلم سليمة صحيحة , متوافقة مع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم . يؤمن بما آمن به المسلمون الاوائل سلفنا الصالح وائمة الدين المشهود لهم بالخير والبر والتقوي والفهم السليم لدين الله عز وجل ..

وحتي اكون مسلما في عقيدتي فان ذلك يوجب علي ما يلي :

1- ان اكون مؤمنا بان خالق الكون حكيم اله قدير عليم قيوم , بدليل ان هذا الكون من الاحسان والاتقان والتناسق , وافتقار بعض اجزائه الي بعض بحيث يستحيل عليه البقاء والاستمرار دون امساك هذا الاله العلي القدير ( لوكان آلهة الا الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون ) .

2- ان اكون مؤمنا بان الخالق جل شانه لم يخلق هذا الكون عبثا ولا سدى , لانه لا يتأتى لمن اتصف بالكمال ان يكون عابثا فيما خلق , ويستحيل فهم مراد الله بهذا الخلق بالفصيل الا عن طريق رسول منه ووحي .. ( افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون * فتعالي الله الملك الحق لا اله الا هو رب العرش العظيم ) .

3- ان اكون مؤمنا بان الله سبحانة وتعالي قد ارسل الرسل وانزل الكتب لتعريف الناس به وبغايته خلقهم ومنشئهم ومعادهم , وكان آخر اولئك الرسل الكرام محمد صلي الله عليه وسلم الذي ايده الله بالقرآن الكريم المعجزة الخالدة . ( ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت فمنهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة ) .

4- ان اكون مؤمنا بان الغاية من الوجود الانساني هي معرفة الله عز وجل كما وصف نفسه , وطاعته وعبادته . ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون * ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعيمون * ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) .

5- ان اكون مؤمنا بان جزاء المؤمن المطيع هو الجنة , وان جزاء الكافر العاصي هو النار . ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) .

6- ان اكون مؤمنا بان الانسان يكسب الخير والشر باختياره ومشيئته , ولكنه لا يوقع الخير الا بتوفيق من الله وعون , ولا يوقع الشر حبرا عن الله , ولكنه في اطار اذنه ومشيئته . ( ونفس وما سواها * فالهمها فجولرها وتقواها * قد افلح من زكاها * وقد خاب من دساها ) .. ( كل نفس بما كسبت رهينة ) .

7- ان اكون مؤمنا بان التشريع حق الله وحده لا يجوز تعديه , وانه يمكن للعالم المسلم ان يجتهد في اتنباط الاحكام في اطار ما شرعه الله . ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه الي الله ذلكم الله ربي عليه توكلت واليه انيب ) .

8- ان اتعرف الي الله من اسماء وصفات تليق بجلاله .. فعن ابي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ( لله تسعة وتسعون اسما – مائة الا واحدا – لا يحفظها احد الا دخل الجنة , وهو وتر يحب الوتر ) .

9- ان اتفكر في خلق الله وليس في ذاته , امتثالا لقول الرسول صلي الله علية وسلم ( تفكروا في خلق الله ولا تتفكروا في الله , فانكم لن تقدروا قدره ) .

10- اما صفاته تعالي فقد اشارت اليها آيات كثيرة من القرآن الكريم , والتي يقتضيها كمال الالوهية .. فهنالك آيات اشارت الي وجود الله تبارك وتعالي .. وهنالك آيات اشارت أي صفتي البقاء والقدم لله تبارك وتعالي .. وهنالك آيات اشارت الي مخالفة الله تبارك وتعالي للحوادث من خلقة , وتنزهه عن الولد والوالد والشبيه والنظير .. وهنالك آيات اشارت الي قيام الله تبارك وتعالي بنفسه واستغنائه عن خلقه مع حاجتهم اليه ..

وهنالك آيات اشارت الي وحدانية الله في ذاته وصفاته وافعاله وتصرفاته .. وهنالك آيات اشارت الي قدرة الله تعالي وباهر عظمته .. وهناك آيات اشارت الي سعة علم الله تبارك وتعالي واحاطته بكل شئ .. وهنالك آيات اشارت الي ارادة الله وانها فوق كل ارادة ومشيئة .. وهنالك آيات اشارت الي اتصاف الله بالحياة الكاملة .. وهناك آيات وآيات اشارت الي صفات وكمالات لله تبارك وتعالي لا تتناهي ولا تدرك كنهها عقول البشر , سبحانه لا نحصي ثناء عليه كما اثني علي نفسه ..

11- ان اعتقد ان راى السلف اولي بالاتباع حسما لمادة التاويل والتعطيل , ولتفويض علم هذه المعاني الي الله تبارك وتعالي .. وان تاويلات الخلف لا توجب الحكم عليهم بكفر ولافسوق , ولا تستدعي هذا النزاع الطويل بينهم وبين غيرهم قديما وحديثا ..

12- ان اعبد الله لا اشرك به شيئا , استجابة لدعوة الله علي مدار الرسالات والرسل التي دعاهم الي عبادته وحده وعدمالخضوع لسواه . ( ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) .

13- ان اخشاه لا اخشي غيره .. وان تكون خشيتي له دافعة للبعد عن مساخطه ومحاربة . ( ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقيه فاولءك هم الفائزون ) .. ( ان الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة واجرا كبير ) .

14- وان اذكره واديم ذكره , وان يكون صمتي فكرا ونطقي ذكرا , فذكر الله تعالي هو العلاج النفسي الاقوي وهو السلاح الامضى امام عاديات الزمن وكروب الحياة ونائباتها وهذا ما تفتقر اليه البشرية اليوم .. وصدق الله تعالي حيث يقول ( الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب ) .. ( ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين * وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون ) ولقد اعترف الدكتور ( بريل ) بذلك حيث قال < ان المرء المتدين حقا لا يعاني قط مرضا نفسيا > كما قال العالم النفسي ( ديل كارنيجي ) ان اطباء النفس يدركون ان الايمان القوي والاستمساك بالدين كفيلان بان يقهرا القلق والتوتر العصبي وان يشفيا من الامراض.

15- وان احب الله حبا يجعل قلبي مشغوفا بجلالة متعلقا به مما يحفزني الي الاستزادة من الخير دائما والي التضحية والجهاد في سبيله ابدا , لا يمنعني عن ذلك حطام دينا او وشيجة قربي امتثالا لقوله تعالي ( قل ان كان آباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال لقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي ياتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) . وطمعا في حلاوة الايمان التي اشار اليها الرسول الاعظم صلي الله عليه وسلم بقوله ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان : ان يكون الله ورسوله احب اليه مما سولهما , وان يحب المرء لا يحبه الا لله , وان يكره ان يعود في الكفر كما يكره ان يقذف في النار .

16- ان اتوكل علي الله في كل شاني وان اعتمد عليه في كل امري .. وهذا من شانه ان يبعث في نفسي من القوة والروح المعنوية ما استيسر به الصعاب ( ومن يتوكل علي الله فهو حسبه ) . ومن اروع ما اوصانا به الرسول صلي الله علية وسلم < احفظ الله يحفظك , احفظ الله تجده تجاهك , اذا سالت فاسال الله , واذا استعنت فاستعن بالله , واعلم ان الامة لو اجتمعوا علي ان ينفعوك بشئ لم ينفعوك الا بشئ قد كتبه الله لك , ولو اجتمعوا علي ان يضروك بشئ لم يضروك الا بشئ قد كتبه الله عليك , رفعت الاقلام وجفت الصحف > .

17- ان اشكر الله تعالي علي نعمائه التي لا تحصى وفضلة ورحمته التي لا تدرك . والشكر من صفات التادب مع من انعم واحسن وتفضل ( والله اخرجكم من بطون امهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والافئدة لعلكم تشكرون ) .. ( وآية لهم الارض الميتة احييناها واخلاجنا منها حبا فمنه ياكلون * وجعلنا فيها جنات من نخيل واعناب وفجرنا فيها من العيون * لياكلوا من ثمره وما عملته ايديهم افلا يشكرون ) . ولقد وعد الله تعالي الشاكرين بمزيد من الانعام كما توعد اهل الجحود والنكران بمزيد من الخسران ( واذ تاذن ربكم لئن شكرتم لازيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد).

18- ان استغفر الله واديم استغفاره .. فالاستغفار كفارة للخطيئة ومجدد للتوبة والايمان وباعث علي الراحة والاطمئنان .. ( ومن يعمل سوءا او يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ) . ( والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون * اولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم ) .

19- ان اراقب الله تعالي في سري وجهلري مستشعرا قول الله تعالي ( ما يكون من نجوى ثلاثة الا هو رابعهم ولا خمسة الا هو سادسهم ولا ادني من ذلك ولا اكثر الا هو معهم اين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم القيامة ان الله بكل شئ عليم ) .

ثانيا: أن أكون مسلما في عبادتي

العبادة في الإسلام هي نهاية الخضوع وقمة الشعور بعظمة المعبود .. وهي مدارج الصلة بين المخلوق والخالق , كما انها ذات آثار عميقة في التعامل مع خلق الله . وتستوي في ذلك اركان الإسلام من صلاة وصوم وزكاة وحج وسائر الاعمال التي يبتغي بها الانسان وجه الله ويتحرى شرعه .. ومنطق الإسلام يقضي ان تكون الحياة كلها عبادة وكلها طاعة , وهذا هو معني قوله تعالي ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون * ما اريد منهم من رزق وما اريد ان يطعمون * ان الله هوالرزاق ذو القوة المتين ) وقوله ( قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ) .

وحتى ان اكون مسلما في عبادتي فان ذلك يوجب علي ما يلي :

- ان تكون عبادتي حية متصلة بالمعبود .. وهذة درجة الاحسان في العبادة . فقد سئل رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الاحسان فقال < ان تعبد الله كانك تراه فان لم تكن تراه فان لم تكن تراه فانه يراك > .

- ان تكون عبادة خاشعة استشعر فيها حرارة الوصال ولذة الخشوع .. قالت عائشة رضي الله عنها : ( كان الرسول صلي الله علية وسلم يحدثنا ونحدثة , فاذا حضلات الصلاة كانه لم يعرفن ولم نعلرفه ) والي هذا يشيلا الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله ( كم من قائم حظه من صلاة التعب والنصب ) وقوله ( كم من صائم حظة من صومه الجوع والعطش ) .

- ان اكون في عبادتي حاضر القلب , منخلعا عما حولي من مشاغل الدنيا وهمومها . والي هذا يشير الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله ( لا ينظر الله الي صلاة لا يحضر الرجل فيها قلبه مع بدنه ) . وقيل ( الصلاة من الاخرة فاذا دخلت فيه خرجت من الدنيا ) . وروى عن الحسن انه قال ( كل صلاة لا يحضر فيها القلب فهي الي العقوبة اسرع ) .

- ان اكون في العبادة طمعا لا اقنع ونهما لا اشبع .. اتقرب الي الله بالنوافل استجابه لقول الله تعالي في الحديث القدسي ( من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب , وما تقرب الي بشئ احب , وما تقرب الي عبدي بشئ احب الي مما افترضة علية . وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه , فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به , وبصره الذي يبصر به , ويده التي يبطش بها , ورجله التي يمشي بها , وان سالني لاعطينه , ولئن استعاذني لاعيذنه , وما تلرددت عن شئ انا فاعله ترددي عن نفسي عبدي المؤمن يكره الموت وانا اكرة مساءته ) .

- ان احرص علي قيام الليل , واروض نفسي علي ذلك حتي تعتاده , فان قيام الليل من اقوي المولدات الايمانية .. وصدق الله تعالي حيث يقول ( ان ناشئة الليل هي اشد وطئا واقوم قيلا ) ولقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله ( كانوا قليلا من الليل ما يهجعون * وبالاسحار هم يستغفرون ) . ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وصمعا ومما رزقناهم ينفقون ) .

- ان تكون لي مع القران الكريم جلسات وتاملات وبخاصة عند الفجر لقوله تعالي ( ان قرآن الفجر كان مشهودا ) اتلوه بتدبر وتفكر وخشوع وحزن لقوله صلي الله عليه وسلم ( ان هذا القرآن نزل بحزن فاذا قراتموه فتحازنوا ) كما ان علي ان اتذكر قول الله تعالي ( لو انزلنا هذا القرآن علي جبل لرايته خاشعا متصدعا من خشية الله ) وقول رسول الله صلي الله عليه وسلم ( ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ) وقوله ( افضل عبادة امتي تلاوة القرآن ) .

- وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ( ان هذا القران مادبة الله فاقبلوا ما استطعتم ان هذا القران حبل الله والنور المبين والشفاء النافع , عصمة لم تمسك به , ونجاة لمن اتبعه , لا يزيغ فيستعتب , ولا يعوج فيقوم , ولا تنقضي عجائبه , ولا يخلق من كثرة الرد , اتلوه فان الله ياجركم علي تلاوته كل حرف عشر حسنات , اما اني لا اقول لكم ألم حرف , ولكن ألف ولام وميم ) وفي وصيته لابي ذر ( عليك بتلاوة القران فانه نور لك في الارض وذخر لك في السماء ) .

- أن يكون الدعاء معراجي الي الله في كل شان من شؤوني , فالدعاء هو العبادة .. وان احرص علي الماثور منه , وصدق الله حيث يقول ( ادعوني استجب لكم ) ومن هذة الادعية الماثورة :

  • عند النوم : باسمك ربي وضعت جنبي وبك ارفعه , ان امسكت نفسي فارحمها , وان ارسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين .
  • عند الاستيقاظ : الحمد لله الذي احيانا بعد اماتنا واليه النشور .
  • عند لبس الثوب وخلعه : اللهم اني اسئلك من خيره وخير ما هو له , واعوذ بك من شره وشر ما هو له .
  • عند الخروج من المنزل ودخوله : باسم الله توكلت علي الله ولا حول ولا قوة الا بالله .
  • عند المشي الي المسجد : اللهم اجعل في قلبي نورا وفي بصري نورا وفي سمعي نورا وعن يميني نورا وعن يساري نورا وفوقي نورا وتحتي نورا وامامي نورا وخلفي نورا واجعل لي نورا .
  • عند دخول المسجد : اللهم افتح لي ابواب رحمتك , فاذا خرج فليقل : اللهم اني اسالك من فضلك .
  • عند الطعام : اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار باسم الله .
  • عند الانتهاء من الطعام : الحمد لله الذي اطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين .
  • عند دخول الخلاء : اللهم اني اعوذ بك من الخبث والخبائث .
  • عند الخروج من الخلاء : الحمد لله الذي اذاقني لذته وصرف عني اذاه .
  • عند الجماع : اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا .
  • عند الارق : اللهم غارت النجوم وهدات العيون وانته حى قيوم لا تاخذك سنة ولا نوم يا حي يا قيوم اهد ليلي وانم عيني .
  • عند ختام الصلاة : من سبح في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين , وحمد الله ثلاثا وثلاثين , وكبر ثلاثا وثلاثين , وقال تمام المئة , لا اله الا الله وحده لا شريك له , له الملك وله الحمد وهو علي كل شئ قدير غفرت خطاياه وان كانت مثل زبد البحر .
  • عند ختام المجلس : سبحانك اللهم وبحمدك , اشهد ان لا اله الا انت استغفرك واتوب اليك .
  • عند ركوب السيارة : الحمد الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا الي ربنا منقلبون .
  • عند السفر : بك اصول , وبك اجول , وبك اسير , اللهم اني اسالك في سفري هذا البر والتقوي , ومن العمل ما ترضي , اللهم هون علينا سفرنا هذا واطوعنا بعده , اللهم انت الصاحب في السفر والخليفة في الاهل , اللهم اني اعوذ بك من عثاء السفر وكآبة المنظر وسوء المنقلب في المال والاهل والولد .
  • عند هطول المطر : اللهم صيبا نافعا ( مرتين او ثلاثا ) .
  • عند سماع الرعد : اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك , وعافنا قبل ذلك .
  • عند رؤية الهلال : الله اكبر , اللهم اهله علينا باليمن والايمان والسلامة والإسلام والتوفيق لما تحب وترضي , ربي وربك الله ...
  • عند المباركة بالزواج : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير .
  • عند رؤية طفل : اعيذك بكلمات الله التامة , من كل شيطان وهامة , ومن كل عين لامة .
  • عند الهم والحزن : لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين .
  • عند زيارة المريض : اللهم اذهب الباس رب الناس , اشف وانت الشافي , لا شفاء الا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما .
  • عند التعزية بميت : ان لله ما اخذ وله ما اعطي , وكل شئ عنده باجل مسمي فلتصبر ولتحتسب .
  • وفي صلاة الجنازة : اللهم اغفر له وارحمه , وعافه واعف عنه , واكرم نزله , ووسع مدخله , واغسله بالماء والثلج والبرد , ونقه من الخطايا كما ينق الثوب الابيض من الدنس , وابدله دارا خيرا من داره , واهلا من اهله , وزوجا خيرا من زوجه , وادخله الجنة واعفه من عذاب القبر ومن عذاب النار ..

ثالثا: أن أكون مسلما في أخلاقي

  • التورع عن الشبهات
  • غض البصر
  • صون اللسان
  • الحياء
  • الحلم والصبر
  • الصدق
  • التواضع
  • اجتناب الظن والغيبة وتتبع عورات المسلمين
  • الجودة والكرم

الخلق الكريم هو الهدف الاساسي لرسالة الإسلام كما يعبر عنه الرسول صلي الله عليه وسلم في حديثه < انما بعثت لاتمم مكارم الاخلاق > وكما تؤكد الآية الكريمة ( الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الذكاة وامروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور ) والآية ( ليس البر ان تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكنه البر من آمن بالله واليوم الاخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال علي حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب واقام الصلاة وآتى الزكاة والموفون بعهدهم اذا عاهدوا والصابرين في الباساء والضراء وحين الباس اولئك الذين صدقوا واولئك هم المتقون )

والخلق وسئل رسول الله ما الدين ؟ قال < حسن الخلق > وسئل ما الشؤم ؟ قال < سوء الخلق > .

والخلق الكريم محصلة العبادات في الإسلام . وبدون ذلك تبقي طقوسا وحركات لا قيمة لها ولا فائدة .. فقد ورد في الصلاة قوله تعالي ( ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر ) وقوله صلي الله علية وسلم < من لم تنهة صلاة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله الا بعدا > وورد في الصوم قوله صلي الله عليه وسلم < اذا كان يوم صوم احدكم فلا يرفث ولا يصخب , فان سابه احد او قاتله فليقل اني صائم > وورد في الحج قوله تعالي ( الحج اشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج ) وقوله صلي الله عليه وسلم < من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه .

صفات المسلم :

ومن أهم الصفات الاخلاقية التي ينبغي ان يتمتع بها الانسان ليكون مسلما في اخلاقه ما ياتي :

• التورع عن الشبهات :

ان يتورع الانسان عن المحارم ويحتاط من الشبهات وذلك امتثالا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < الحلال بين والحرام بين وبينهما امور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس , فمن اتقي الشبهات اسبرا لدينه وعرضه , ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام , كالراعي يرعي حول الحمي يوشك ان يرتع فيه , الا وان لكل ملك حمي , الا وان حمى الله محارمه , الا وان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله , واذا فسدت فسد الجسد كله , الا وهي القلب > اما ارفع مستويات الورع فما ذكره رسول الله صلي الله عليه وسلم في حديثة < لا يبلغ العبد ان يكون من المتقين حتي يدع ما لا باس به حذرا مما به باس > .

• غض البصر :

ان يغض البصر بصره عن محارم الله , فان النظر يورث الشهوة ويستدرج صاحبه للوقوع في الاثم والعصيان .. ولهذا حذر القران الكريم من فضول النظر فقال تعالي ( قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ) وقال الرسول صلي الله عليه وسلم < النظرة سهم من اسهم ابليس > وقال < لتغضن ابصاركم , ولتحفظن فروجكم , او ليكسفن الله وجوهكم > .

• صون اللسان :

ان يصون لسانه عن فضول الكلام وفحشاء الحديث وبذاءة الالفاظ والتعابير وعن عموم اللغو والغيبة والنميمة .. يقول الايمام النووي < اعلم انه ينبغي لكل مكلف ان يحفظ لسانه عن جميع الكلام , الا كلاما ظهرت فيه المصلحة , ومتي استوي الكلام وتركه في المصلحة فالسنة الامساك عنه , لانه قد يجر الكلام المباح الي حرام او مكروه , وذلك كثير في العادة , والسلامة لا يعدلها شئ > ولقد وردت احاديث كثيرة عن الرسول صلي الله عليه وسلم تبين ما يجلب اللسان علي صاحبة من سوء وبلاء من ذلك قوله < وهل يكب الناس في النار علي وجوههم الا حصائد السنتهم > وقوله < ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفحاش ولا البذئ > . وقوله : < من كثر كلامه كثر سقطه , ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه , ومن كثرت ذنوبه كانت النار اولي به > .

• الحياء :

ان يكون حييا في كل احواله دون ان يمنعه ذلك من الجراة في الحق .. ومن الحياء عدم التدخل في شؤون الاخرين , وغض البصر , وخفض الجناح , وعدم رفع الصوت , والقناعة وما شابه ذلك من خصال .. ولقد روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم انه كان اشد حياء من العذراء في خدرها .. وكان يقول < الايمان بضع وسبعون او بضع وستون شعبة , فافضلها قول لا اله الا الله , وادناها اماطة الاذي عن الطريق , والحياء شعبة من الايمان > ولقد قال العلماء في الحياء < حقيقة الحياء خلق يبعث علي ترك القبيح , ويمنع من التقصير في حق ذي الحق > .

• الحلم والصبر :

ان من ابرز الصفات التي يجب ان تتوفر في المسلم صفة الصبر والحلم فالعمل للإسلام يمتلئ بالمكارم , وطريق الدعوة محفوف بالمصاعب , فالايذاء والبطش والتهام والتعبير والسخرية كلها من العقبات التي تزدحم في وجه العاملين كيما تثبط هممهم وتشل حركتهم وتصرفهم عن الدعوة الي الله ..

من هنا يتبين ان مهمة الاخ الداعية من اصعب المهمات , فعليه ان يحمل الي الناس كل الناس , علي مختلف امزجتهم وعقولهم وطباعهم .. يحملها الي الجاهل والعالم , الي العاقل والي العاطفي , والي المرن والمتحجر , الي الهادئ والمنفعل .. ثم عليه بالتالي ان يخاطب الناس علي قدر عقولهم , وان يسعهم جميعا , ويحاول الدخول الي نفوسهم جميعا .. وهذا وحده بحاجة الي طاقة ضخمة من الصبلر والتحمل والحلم .

ولهذا كانت التوجيهات القرانية والنبوية تفيض بالحث علي التحلي بالصبر والحلم والاناة .

1- فمن التوجيهات القرآنية :

- ( ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الامور ) .

- ( فاصفح الصفح الجميل ) , ( انما يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب ) .

- ( وليعفوا وليصفحوا الا تحبون ان يغفر الله لكم ) .

- ( واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ) .

2- ومن التوجيهات النبوية :

- إن العبد ليدرك بالحلم درجة الصائم القائم .

- الا انبئكم بما يشرف الله به البنيان , ويرفع به الدرجات ؟

قالوا : بلي يا رسول الله , قال : تحلم علي من جهل عليك , وتعفو عمن ظلمك , وتعطي من حرمك , وتصل من قطعك .

- قال الرسول صلي الله عليه وسلم < اذا جمع الله الخلائق نادى مناد اين اهل الفضل ؟ قال : فيقوم ناس وهم يسير , فينطلقون سراعا الي الجنة , فتتلقاهم الملائكة , فيقولون : وما فضلكم ؟ فيقولون : كنا اذا ظلمنا صبرنا , واذا اسئ الينا حلمنا , فيقال لهم : ادخلو الجنة فنعم اجر العاملين > .

3- ومن المتطلبات النبوية :

- يوم حنين قال رجل < والله ان هذة لقسمة ما عدل فيها وما اريد بها وجه الله > , فاخبر رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال < رحم الله موسى قد اوذي اكثر من هذا فصبر > .

- وعن انس قال : دخل رسول الله صلي الله عليه وسلم يوما الي المسجد وعليه برد نجراني غليظ الصنعة , فاتاه اعرابي من خلفه فاخذ بجانب ردائه حتي اثرت الصنعة في عنق الرسول صلي الله عليه وسلم فقال : يا محمد اعطنا من مال الله الذي عندك , فالتفت رسول الله فتبسم وقال مروا له .

- اخرج ابو هريرة ان اعرابيا قال للرسول : يا محمد , احملني علي بعيرين فانك لا تحملني من مالك ولا من مال ابيك , وجذب بردائه حين ادركه فاحمرت رقبته , فامر رسول اله له بحمل شعير وحمل تمر .

- واخرج الطبراني : ان امرة كانت ترافث الرجال < أي تكلمهم كلاما بذيئا > فمرت بالنبي وهو ياكل ثريدا علي الارض , فقالت انظروا اليه بجالس كما يجلس العبد وياكل كما ياكل العبد .

- وعن ابي هريرة ان رجلا قال : يا رسول الله , ان لي قرابة اصلهم ويقطعوني , واحسن اليهم ويسيئون الي , واحلم عنهم ويجهلون علي , فقال كنت كما قلت فكانما تسفهم المل < أي تجعلهم يسفون رمادا > ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت علي ذلك .

- قوله صلي الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب وقد هم بضرب عنق اليهودي الذي جاء يقاضي الرسول بمال له عنده ويقول < انكم بني عبد مناف قوم مطل > فقال : كان عليك ان تطالبه بحسن الطلب وتطالبني بحسن الاداء ياعمر ..

- ولروي ان عيسي عليه السلام كان يتنقل بين القرى للدعوة الي الله ومعه اصحابه < حواربوه > فكان يقول للناس خيرا فيقولون له شرا ويسبونه ويشتمونه , فتعجب الحواريون من امره وسالوه عن سر ذلك فقال < كل ينفق مما عنده > .

كل هذة الشواهد وغيرها تؤكد ضرورة تحلي الدعاة بالحلم والصبر والصفح وبخاصة اذا كان الايذاء من ذوي القربي او الاصحاب والاحباب, او الخلان والإخوان, فان ذلك يورث المحبة والالفة ويزيل الشقاق والخلاف , وحسبه انه يحقق رضاء الله عز وجل ..

• الصدق :

ان يكون صادقا لا يكذب , يقول الحق ولو علي نفسه دون ان يخشى في الله لومة لائم .. والكذب من ابشع الخصال وارذلها وهو مدخل تالي كثير من المزالق الشيطانية , والتحوط من لمم الكذب يكسب النفس مناعة تقيها وسوسات الشيطان والقاءاته وتبقي علي صفائها ونقائها وسموها فالكذب يحطم النفس ويستذل شخصية الانسان .. ولهذا حرم الإسلام الكذب واعتبره آفة من الافات اللعينة , فقال الرسول صلي الله عليه وسلم < ان الصدق يهدي الي البر , وان البر يهدي الي الجنة , وان الرجل ليصدق حتى يكتب كند الله صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، و‘ن الفجور يهدي إلى النار ، وأن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا > .

• التواضع :

ان اكون متواضعا وبخاصة بين اخوانه المسلمين لا يفرق في ذلك بين غني وفقيلر .. والرسول صلي الله علية وسلم كان يشتعيذ بالله من نفخة الكبرياء , وكان يقول < لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر > ويحدث عن ربه فيقول < العز اراري والكبرياء ردائي فمن ينازعني في واحد منهما فقد عذبته > .

• اجتناب الظن والغيبة وتتبع عورات المسلمين :

امتثالا لقول الله تعالي ( يايها الذين امنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن اثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ايحب احدكم ان ياكل لحم اخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله ان الله تواب رحيم ) , ( والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ) وامتثالا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < يا معشر من امن بلسانه ولم يدخل الايمان الي قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم , فانه من يتتبع عورة اخيه المسلم يفضحه الله ولو في عقر داره > .

• الجود والكرم :

ان يكون جوادا كريما باذلا نفسه وماله في سبيل الله , ومن ابرز ما يكشف شح النفوس التعامل معها بالدينار والدرهم .. فكم من مقامات وهامات تداعت وسقطت لدى قدحها علي زناد التعامل المادي .. وفى القران الكريم عشرات من الايات تتلازم فيها صفات الايمان مع صفة الانفاق ( ومما رزقناهم ينفقون ) , ( وما تنفقوا من خير فلانفسكم وما تنفقون الا ابتغاء وجه الله وما تنفقوا من خير يوف اليكم وانتم لا تظلمون ) وليسمع الممسكون الاشحاء قول الرسول صلي الله عليه وسلم < ما من يوم يصبح به العباد الا ملكان ينزلان فيقول احدهما : اللهم اعط منفقا خلفا , ويقول الاخر : اللهم اعط ممسكا تلفا > .

واخيرا , لا اخرا ان يكون قدوة حسنة بين الناس وترجمانا فعليا لمبادئ الإسلام وادابه في ماكله ومشربه ومابسه وكلامه وسلامه وسفرة وحضره وفي كافة حركاته وسكناته .

رابعا: أن أكون مسلما في أهلي وبيتي

  • مسؤولية الزواج
  • مسؤولية ما بعد الزواج
  • مسؤولية تربية الاولاد

إن انتمائي الي للإسلام يجب ان يجعل من صاحب رسالة في الحياة .. بل يجب ان يجعل حياتي – كل حياتي – موجهة وفق هذة الرسالة ..

فان كان انتمائي للإسلام يفرض علي ان اكون مسلما في نفسي عقيدة وعبادة واخلاقا , فانه يفرض علي كذلك ان اعمل ليكون المجتمع الذي اعيش فيه مسلما ..

انه لا يكفي ان اكون مسلما وحدي دونما اهتمام بمن حولي .. ذلك ان من الاثار التي يبعثها الإسلام ويسكبها في النفس البشرية – ان هي امنت واحسنت – الاهتمام بالاخرين ودعوتهم والنصح لهم والغيرة عليهم مصداقا لقول القائل < بات ولم يهتم بامر المسلمين فليس منهم > .

ومن هنا تترتب علي مسؤولية جديدة , هي مسؤولية اقامة المجتمع المسلم ومسؤولية حمل الإسلام الي المجتمع ..

واول خطوة في هذا المجال – وهي الخطوة الطبيعية – ان يكون بيتي مسلما .. ان احمل رسالة الإسلام الي ( مجتمعي الصغير ) .. الي اهلي .. الي زوجتي .. الي اولادي . ثم الاقرب فالاقرب وهو ما انتهجه رسول الله صلي الله عليه وسلم في بدء الدعوة ( فلا تدع مع الله الها اخر فتكون من المعذبين * وانذر عشيرتك الاقربين * واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين ) .

ومن هنا كانت اول ( مهمة ) تعهد الي المسلم بعد ( نفسه ) مباشرة هي مسؤولية تجاه اهله وبيته واولاده بدليل قوله تعالي ( يايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .

• مسؤولية الزواج :

ان الإسلام كيما يساعدني علي النجاح في انشاء البيت المسلم دلني علي الطريق , واشار الي جملة عوامل واسباب تسهل مهمتي وتحقق غايتي , منها :

• ان يكون زواجي لله .. أي لانشاء البيت المسلم .. لانجاب ذرية صالحة تضطلع بحمل الامانة وتحقق توالد الهداية واستمرارها ( ذرية بعضها من بعض ) .

• ان اكون من مقاصد زواجي ان اعف بصري واحفظ فرجي واتقي الله ربي .

• وفي هذا يقول الرسول صلي الله عليه وسلم < ثلاثة حق علي الله عونهم , المجاهد في سبيل الله , والمكاتب الذي يريد الاداء , والناكح الذي يريد العفاف > ويقول < من تزوج فقد استكمل نصف دينه فليتق الله في النصف الباقي > .

• ان احسن اختيار زوجتي وشريكة حياتي ورفيقة دربي لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < تخيروا لنطفكم فان العرق نزاع , وفي رواية دساس وفي رواية فانكحوا اليهم > .

• ان اختار صاحبة الخلق والدين , وان كانت دون غيرها مالا وجمالا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسي حسنهن ان يرديهن , ولا تزوجوهن لاموالهن ان تطغيهن , ولكن تزوجوهن علي الدين , ولامة خرماء خرقاء ذات دين افضل > .

• ان احذر من مخالفة امر الله في ذلك , واتقي سخطه وانتقامه .. فقد قال الرسول صلي اله عليه وسلم < من تزوج امراة لعزها لم يزده الله الا ذلا .. ومن تزوجها لمالها لم يزده الا فقرا .. ومن تزوجها لحسبها لم يزده الله الا دناءة .. ومن تزوج امراة لم يرد بها الا ان يغض بصره ويحصن فرجه او يصل رحمه , بارك الله له فيها وبارك لها فيه > .

• مسؤولية ما بعد الزواج :

ان حسن اختياري لزوجتي لا يعفيني من متابعة مسؤوليتي تجاهها بعد الزواجي .. ومن هنا تترتب علي جملة تبعات منها :

• ان احسن اليها , واكرم معاملتها , لتتحقق الثقة بيني وبينها تحقيقا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < خيركم خيركم لاهله وانا خيركم لاهلي > وقوله < اكمل المؤمنين ايمانا احسنهم اخلاقا والطفهم باهله > .

• ان لا تقتصر علاقتي بها علي علاقة الفراش والشهوة .. وانما يجب ان يتحقق بيننا قبل هذا وفوقه ( التجانس ) الفكري والروحي والعاطفي .. نقرا معا .. نؤدي بعض العبادات معا .. ننظم شؤون البيت معا .. ثم تكون لنا بعض الفرص للمداعبة واللعب .. في مجال العبادة يقول الله تعالي ( وامر اهلك بالصلاة واصطبر عليها ) , ( وكان يامر اهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا ) وفي مجال المداعبة والترويح عن النفس كان الرسول صلي الله عليه وسلم يتسابق وعائشة رضي الله عنها بالركض : وفب مجال التعاون المنزلي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم ينهض باعباء كثيرة ومنها خصف النعال .

• ان تكتسب علاقتي مع زوجتي – ما ذكر منها وما لم يذكر – صفة الشرعية .. فلا تكون علي حساب الإسلام او فيما حرم الله , فقد ورد عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله < ما من احد يطيع امراة فيما تهوى الا كبه الله في النار > وقوله < لا يلتقي الله احد بذنب اعظم من جهالة اهله > .

• مسؤوليتنا معا في تربية الاولاد :

في الواقع ان النجاح في الزواج .. في اختيار المراة الصالحة .. في انصهار الزوجين في بوتقة الإسلام .. يساعد الي حد كبير علي تربية الاولاد تربية اسلامية المنشودة . اما الفشل في تحقيق الزواج الإسلامي , وسوء اختيار المراة , فان ذلك يفضي الي عواقب مهلكه وينذر بشر مستطير للبيت كله ..

ان أي تناقض يقع في حياة الزوجين سينعكس تلقائيا وبشكل مباشر وسريع علي تربية الابناء وعلي نفوسهم , وبالتالي سيورثهم كثيرا من العقد والانحرافات .. لذلك كان العامل الاول في تحقيق التربية الإسلامية للابناء هو تحقيق اسلامية الزواج كما اسلفنا ..

والحقيقة ان الثمرة المرجوة لنشاة البيت المسلم هي ايجاد الذرية الصالحة ( ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة اعين واجعلنا للمتقين اماما ) .

والولد يولد علي الفطرة .. فان تهيات له التربية السليمة كان صالحا .. وان نشا بين ابوين متناقضين او منحرفين غدا بحسب ذلك مصداقا لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < يولد الولد علي الفطرة فابواه يهودانه او ينصرانه او يمجسانه > .

لهذا شدد الإسلام واكد علي حسن تربية الاولاد , وعلي توفير كل الاسباب والمقومات والاجواء والمناخات التي تحقق حسن التربية , فقال صلي الله عليه وسلم < لان يؤدب الرجل ولده خير له من ان يتصدق بصاع > وقال < ما نحل والد ولدا من نحل افضل من ادب حسن > وقال < اكرموا اولادكم واحسنوا ادبهم > وقال < اذا مات ابن ادم انقطع عمله الا من ثلاث : من صدقة جارية , او علم ينفع به , او ولد صالح يدعو له > .


خامساً: أن انتصر علي نفسي

  • أصناف الناس
  • مقومات النصر في معركة النفس
  • مظاهر الانهزام النفسي
  • أسباب التحصن من مداخل الشيطان

الانسان في صراع مع نفسه حتي ينتصر عليه او ينتصر عليه , او يبقي الصراع قائما , والمعركة سجالا , الي ان يدركه الموت وهو علي ذلك ( ونفس وما سواها * فالهما فجورها وتقواها * قد افلح من زكاها * وقد خاب من دساها ) والي هذا المعني يشير الرسول صلي الله عليه وسلم بقوله < تعرض الفتن علي القلوب كالحصير عودا عودا , فايما قلب اشربها نكت فيها نكت سوداء , وايما قلب انكرها نكت فيها نكتة بيضاء , حتي تصير علي احد قلبين : علي ابيض مثل الصفاة فلا تضره فتنة , والاخر اسود مربادا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا > . والناس في معركة النفس اصناف ثلاثة :

1- صنف انتصر عليهم اهواؤهم , فركنوا الي الارض , واخلدوا الي الدنيا , وهؤلاء هم الكفرة ومن نهج نهجهم ممن نسوا الله فانساهم انفسهم , ويصفهم الله تعالي في قرانه بقوله ( افرايت من اتخذ الهه هواه واضله الله علي علم وختم علي سمعه وقلبه وجعل علي بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله افلا تذكرون ) .

2- وصنف يجاهدون انفسهم , ويصارعون اهواءهم .. فينتصرون تارة وينهزمون اخري , يخطئون فيتوبون .. يعصون الله فيندمون ويستغفرون ( والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب الا الله ولم يصروا علي ما فعلوا وهم يعلمون ) وهؤلاء اشار اليهم رسول الله صلي الله عليه وسلم بقوله < كل نبي ادم خطاء , وخير الخطائين التوابون > .

ومما يروي في هذا المعني عن ( وهب بن منبه ) انه قال : ان ابليس لقي يحي ابن زكريا عليهما السلام , فقال له يا يحي بن زكريا , اخبرني عن طبائع ابن ادم عندكم ؟ قال ابليس : اما صنف منهم فهم مثلك معصومون لا نقدر منهم علي شئ .. والصنف الثاني : فهم في ايدين كالكرة في ايدي صبيانكم وقد كفونا انفسهم .. والصنف الثالث : فهم اشد الاصناف علينا , فنقبل علي احدهم حتي ندرك حاجتنا منه ثم يفزع الي الاستغفار فيفسد به علينا ما ادركنا منه .. فلا نحن نيئس منه ولا نحن ندرك حاجتنا منه ..

• مقومات النصر في معركة النفس :

القلب : ما كان حيا رقيا صافيا مشرقا لقول علي ابن ابي طالب رضي الله عنه < ان لله تعالي في ارضه انية وهي القلوب .. فاحبها اليها تعالي ارقها واصفاها واصلبها , ثم فسرها فقال : اصلبها في الدين ,واصفاها في اليقين , وارقها علي الإخوان > وقوله < قلب المؤمن اجرد فيه سراج يزهر , وقلب الكافر اسود منكوس > .

والقران الكريم يصور قلوب المؤمنين فيقول ( الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا ) بينما يصور قلوب الكافرون فيقول ( فانها لا تعمي الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) ويقول ( افلا يتدبرون القران ام علي قلوب اقفالها ) .

العقل : ما كان بصيرا , مدركا , مميزا , مقتبسا العلوم التي بها ينال القرب من الله ويدرك عظمته وقدرته وهو مناط قوله تعالي ( انما يخشي الله من عباده العلماء ) .

ولقد اشار الرسول صلي الله عليه وسلم الي قيمة هذة النعمة بقوله < ما خلق الله خلقا اكرم عليه من العقل > وقوله لعلي بن ابي طالب رضي الله عنه < اذا تقرب الناس الي الله تعالي بانواع البر فتقرب انت بعقلك > وقوله < ما اكتسب رجل مثل فضل عقل يهدي صاحبه الي هدى ويره عن ردى > .

ولذلك دفع الإسلام الي العلم والمعرفة , والي التفقه في الدين , لياخذ العقل من الاسباب ما يستعين به علي التمييز بين الخير والشر والحق والباطل , فقال صلي الله عليه وسلم < من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين > وقال < فضل العالم علي العابد كفضلي علي ادني رجل من اصحابي > كل ذلك لما للعلم من قيمة واثر في تعميق الايمان في النفوس وفي تعريف الانسان علي حقائق هذا الكون ..

فعقل المؤمن عقل واع يميز بين الخير والشر , والحلال والحرام , والمعروف والمنكر لانه ينظر فيه الله من وراء ستر رقيق ( ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور ) .

ونور العقل لا يطفئه الا المعاصي والدوام عليها والمجاهرة بها وعدم التوبة منها لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < من قارف ذنبا فارقه عقل لا يعود اليه ابدا > وقوله < لولا ان الشياطين يحومون علي قلوب بني ادم لنظروا الي ملكوت السموات والارض > .

وعن انس بن مالك رضي الله عنه قال < لما دخلت علي عثمان رضي الله عنه , وكنت قد لقيت امراة في طريقي فنظرت اليها شزرا , وتاملت محاسنه , فقال عثمان لما دخلت : يدخل احدكم ولثر الزنا علي عينيه , اما علمت ان زنا العينين النظر ؟ لتتوبن او لاعزرنك ؟ فقال : اوحي بعد النبي ؟ فقال : لا , ولكن بصيرة وبرهان وفراسة وصادقة > .

مظاهر الانهزام النفسي :

ان الانسان حين يموت قلبه او يقسو , ويحن ينطفئ عقله او يزيغ .. انه حين ينهزم في معركته مع الشيطان , تتكاثر مداخل السوء الي نفسه خاصة وان الشيطان يسري من ابن ادم مسري الدماء ؟؟ ..

وان الانسان حين تتحطم المقاومة والمناعة النفسية لديه يصبح الشيطان قرينه ( استحوذ عليهم الشيطان فانساهم ذكر الله ) والي هذا المعني تشير الاية الكريمة ( قال فبما اغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لاتينهم من بين ايديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم ولا تجد اكثرهم شاكرين ) .

هذا وان اخطر ما يصاب به المنهزمون هو مرض الوسوسة , يوسوس له الشيطان في كل شان من شؤون حياتهم ليصدهم عن سبيل الله , وفي ذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم < ان الشيطان قعد لابن ادم بطرق .. فقعد له بطريق الإسلام فقال : اتسلم وتترك دينك ودين ابائك ؟ فعصاه واسلم .. ثم قعد له بطرق الهجرة , فقال : اتهاجر ؟ اتدع ارضك وسماءك ؟ فعصاه وهاجر , ثم قعد له بطريق الجهاد فقال : اتجاهد وهو تلف النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح نساؤك ويقسم مالك ؟ فعصاه وجاهد .. ثم قال الرسول صلي الله عليه وسلم : فمن فعل ذلك فمات كان حقا علي الله ان يدخل الجنة > وحبذا لو يراجع الاخ القارئ ( قصة الشيطان وراهب بني إسرائيل ) في تفسير قوله تعالي ( كمثل الشيطان اذ قال للانسان اكفر فلما كفر قال اني برئ منك اني اخاف الله رب العالمين )

• أسباب التحصن من مداخل الشيطان :

ان الإسلام كيما يساعد الانسان علي مواجهة التحديات الشيطانية والالقاءات الابليسية ارشده الي امور كثيرة تساعده علي الصمود في المعركة وتمكنه من الغلبة علي اعدى اعدائه .. وقد اجملها احد الصالحين بقوله : ( نظرت وتفكرت من أي باب ياتي الشيطان الي الانسان , فاذا هو ياتي من عشرة ابواب :

الاول : الحرص وسو الظن فقابلته بالثقة والقناعة ..

والثاني : حب الحياة وطول الامل , فقابلته بخوف مفاجات الموت ..

والثالث : طلب الراحة وطلب النعمة , فقابلته بزوال النعمة وسوء الحساب ..

والرابع : العجب , فقابلته بالمنة وخوف العاقبة ..

والخامس : الاستخفاف بالناس وقلة احترامهم , فقابلته بمعرفة حقهم وحرمتهم ..

والسادس : الحسد : فقابلته بالقناعة والرضي بقسمة الله تعالي في خلقه ..

والسابع : الرياء ومدح النفس , فقابلته بالإخلاص ..

والثامن : البخل , فقابلته بفناء ما في ايدي الخلق وبقاء ما عند الله تعالي ..

والتاسع : الكبر , فقابلته بالتواضع ..

وعاشرها : الطمع , فقابلته بالثقة بما عند الله والزهد بما عند الناس ..

ومن التوجيهات التي اكد عليها الإسلام كسبيل لاتقاء سهام ابليس ومكائد ذكر الله تعالي في بدء كل عمل .. وقد روي عن ابي هريرة في هذا النطاق الرواية التالية : ( التقي شيطان المؤمن وشيطان الكافر .. فاذا شيطان الكافر دهين سمين كاسر , وشيطان المؤمن مهزول اشعث اغبر عار .. فقال شيطان الكافر لشيطان المؤمن ما لك مزولا ؟ قال : انا مع رجل اذا اكل سمى الله فافظل جائعا .. واذا شرب سمي الله فاظل عطشانا , واذا لبس سمى الله فاظل عريانا .. واذا ادهن سمى الله فاظل شعثا .. فقال شيطان الكافر : ولكني مع رجل لا يفعل شيا من ذلك .فانا اشاركه في طعامه وشرابه ولباسه ؟ ) .

ومن اسباب التحصن محاذرة السبع والتخمة وان كان حلالا صافيا لقوله تعالي ( وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ) وقوله صلي الله عليه وسلم < ان الشيطان ليجري من ابن ادم مجرى الدماء فضيقوا عليه المجاري بالجوع > .

ومنها قراءة القران وذكر الله تعالي والاستغفار , لقوله صلي الله عليه وسلم < ان الشيطان واضع خرطومه علي قلب ابن ادم , فان هو ذكر الله تعالي خنس .. وان نسي تعالي التقم قلبه > . ومنها دفع العجلة والتثبت من الامور لقوله صلي الله عليه وسلم < العجلة من الشيطان والتاني من الله تعالي > .

وانه ليضيق المجال عن ذكر الاسباب والاعمال والوصايا التي اوصى بها الإسلام للتحوط من غوائل الشيطان ومكائده .. وصدق الله تعالي حيث يقول ( ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فاذا هم مبصرون ) .

سادسا: أن أكون واثقا بان المستقبل للإسلام

إن ايماني بالإسلام ينبغي أن يصل الي درجة اليقين بان المستقبل لهذا الدين .. فكون الإسلام من عند الله , يجعله الاجدر والاقدر علي تنظيم شؤون الحياة وقيادة ركب الانسانية وريادتها , فهو المنهج – الاوحد – الملائم لاحتياجات الفطرة والتنسيق بين متطلبات الانسان النفسية والحسية ( الا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) .

فربانية المنهج الإسلامي : هي الصبغة التي تجعل له القوامه علي سائر المناهج الوضعية , وتفرده بخصائص البقاء والعطاء في كل زمان ومكان وعلي كل صعيد ..

وعالمية المنهج الإسلامي : تجسد الصبغة الانسانية فيه .. صبغة الانفتاح والقدرة علي تحمل مسؤولية هذا الانفتاح .. الصبغة التي تجعله يتجاوز كل الاعتبارات الاقليمية والعنصرية والقومية والجنسية والعرقية .. الصبغة التي تستمد انفتاحها وشمولها وانسانيتها من صبغته ( الربانية ) ..

ومرونة المنهج الإسلامي : هي الصبغة التي تمنحه القدرة علي استيعاب مشاكل الحياة المتجددة والمتنوعة والمتعددة .. الصبغة التي تفسح المجال للاجتهاد في استنباط الاحكام فيما لا نص فيه – عن طريق القياس واعتبار المصلحة المرسلة والاستحسان وغير ذلك من الادلة الشرعية ..

وشمول المنهج الإسلامي : هو الصبغة التي تميزه عن سواه من المناهج الارضية والنظم الوضعية ذات المقاصد المحدودة .. فالمنهج الإسلامي منهج العليم الخبير , العالم بشؤون الناس وبما يحتاج اليه الناس وبما يصلح لهم , وبما يضرهم وينفعهم , وبما يسعدهم ويشقيهم .. ولذلك كان الإسلام المنهج القادر علي اشباع احتياجات الحياة الانسانية الفردية والجماعة , التشريعية والتوجيهية , الداخلية والخارجية ( صبغة الله ومن احسن من الله صبغة ) .

أن اكون مؤمن بقصور المناهج الوضعية

ثم ان علي ان ادرك مدى ( التخبط والفشل ) الذي تكابده النظم الوضعية في كل انحاء المعمورة – سواء منها الراسمالية والديمقراطية والحرة او الاشتراكية والشيوعية – بسب ( وضعيتها ومحدوديتها وعجزها وقصورها وزمنيتها ) .

فعلي الصعيد الاجتماعي : فشلت النظم ( يمينية ويسارية ) في تامين السعادة والطمانينة والاستقرار للانسان .. بل انها تسببت في اشقاء الانسان واتعاسة .. فكان ان تهدمت الاواصر العائلية والمجتمعية .. وتفسخت الاخلاق وانعدمت القيم والمكارم , وحل التوتر والتشنج محل الطمانينة والاستقرار , وحلت الانانية والاثرة وحب محل التعاون والايثار وحب الاخرين والعطف عليهم ؟ .

وعلي الصعيد الاقتصادي : لم تتمكن الانظمة ( راسمالية واشتراكية ) من ايجاد ( الجنة التي تحلم بها ) ومجتمع الكفاية والعدل الذي تدعو اليه .. ففي ظل النظامين نشات مشاكل ( حرب الطبقات – والظلم الاجتماعي – والاستغلال الحزبي – والاحتكار – والفقر – والبطالة - , والي ما لا نهاية له من المشاكل اليومية ) ؟ .

وعلس الصعيد السياسي : تتحمل النظم ( ديمقراطية وعسكرية , جمهورية وملكية , رئاسية وبرلمانية ) مسؤولية العفن والانحراف الذي اصاب الحياة السياسية علي كل صعيد .. فالاستغلال والمحسوبية والرشوة والتسلط , فضلا عن ان الفتن والمجازر والثورات والانقلابات والتصفيلت والاغتيالات وغيرها قد غدت طابع هذة النظم جمعاء ؟.

وعلي الصعيد العسكري : تتحمل هذة النظم جمعاء مسؤولية التفريط بقضايا الشعوب الإسلامية المستضعفة كقضية كشمير والحبشة وارتريا والفليبين وغيرها وبقضية فلسطين بشكل خاص فضلا عن المتاجرة بها واستغلالها زهاء ربع قرن ؟ وبالتقصير الاعداء النفسي والحسي الذي يمكن الامة من مغالبة الاستعمار – ايا كان – ومن سحق اسرائيل ؟ .


القسم الثاني: ماذا يعني انتمائي للحركة الإسلامية

الموضوعات:

1- أن اعيش للإسلام.

2- أن اكون مؤمنا بوجوب العمل للإسلام .

3- الحركة الإسلامية .. مهمتها – خصائصها – عدتها.

4- أن ادرك طرائق العمل الإسلامي.

5- أن ادرك ابعاد انتمائي للحركة الإسلامية .

6- أن اكون مدركا لمرتكزات العمل الإسلامي .

7- أن ادرك شروط البيعة والعضوية


مدخل الي القسم الثاني

ان القسم الثاني من هذا الكتاب وهو ماذا يعني انتمائي للحركة الإسلامية يعرض لاهم المواصفات التي ينبغي توفرها فيمن كان انتماؤه للإسلام انتماء صحيحا .

فاساس الانتماء للحركة الإسلامية اذن ان تتحقق في المنتمي صفات ومواصفات انتمائه للإسلام , وهذا ما يجعل الحركة الإسلامية معنية بتهيئة الفرد ليكون مسلما حقا قبل تهيئته ليكون عضوا فيها ..

ذلك ان الانتماء الي الإسلام هو الاساس , والانتماء للحركة انما هو جزء لا يتجزا من صدق الانتماء لهذا الدين ..

والله الموفق وبه نستعين

المؤلف


أولا : أن أعيش للإسلام

  • صنف يعيشون للدنيا
  • أناس ضائعون بين أمرين
  • أناس يعتبرون الدنيا مزرعة الآخرة
  • كيف أعيش للإسلام
  • صفات من يعيشون للإسلام

اذا كان انتمائي للإسلام يفرض علي ان اعيش للإسلام عقيدة وعبادة واخلاقا .. اعيش في نفسي وبيتي واهلي .. فانه يفرض علي – كذلك – ان اعيش ( له ) , ان اوجه حياتي – كل حياتي – من ( اجله ) , وان اسخر كل طاقاتي وامكاناتي لما يعزز سلطانه ويرفع بنيانه ..

والناس في هذة الدنيا ثلاثة اصناف , فمن أي الاصناف انا يا تري ؟

• صنف يعيش للدنيا :

وهم الماديون – اعتقادا او واقعا – ولقد سماهم القران الكريم بالهريين فقال فيهم ( وقالوا ان هي الا حياتنا الدني وما نحن بمبعوثين ) , ( وقالوا ما هي الا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا الا الدهر وما لهم بذلك من علم ان هم الا يظنون ) .

والشيوعيون حديثا ومن لف لفهم من العلمانين والوجوديين يصدرون عن نفس هذا المعتقد .. فقد علق ( لينين ) علي قول احد الفلاسفة ( ان العالم لم يخلقه أي اله او انسان , وقد كان ولا يزال سيكون شعلة حية الي الابد تشتعل وتنطفئ تبعا لقوانين معينة ) فقال ( ياله من شرح رائع لمبادئ المادية الدياليكتيكية ؟ ) .

وعندما يكفر الانسان بوجود حياة بعد هذة الحياة يحاسب فيها الانسان عما كسبت يداه , تصبح الدنيا اكبر همه , ومبلغ علمه , يعيش لها , يلهث وراءها , ويغرق في شهواتها ولذائذها بدون حساب ..


• وصنف ضائعون بين امرين :

وهم عموم الناس الذين اضطربت معتقداتهم وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا .. وهؤلاء وان كانوا مؤمنين بالله وباليوم الاخر , الا ان معتقداتهم هذة صورية منفصلة انفصالا كليا عن واقعهم العلمي . فهؤلاء ماديون ( حقيقة ) وان كانوا يمارسون في الواقع بعض الطقوس الروحية في اثال هؤلاء قول الشاعر :

نرفع دنيانا بتمزيق ديننا

فلا ديننا يبقي ولا ما نرقع

يقول الامام الشهيد حسن البنا في رسالة ( الي أي شئ ندعو الناس ) :

ان القرار حدد غايات الحياة , ومقاصد الناس فيها .. فبين ان قوما همهم من الحياة الاكل والمتعة , فقال تبارك وتعالي ( والذين كفروا يتمتعون وياكلون كما تاكل الانعام والنار مثوى لهم ) .

وبين ان اقواما اخرين مهمتهم الزينة والعرض الزائل فقال تبارك وتعالي ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ) .

وبين ان قوما اخرين شانهم في الحياة ايقاذ الفتن واحياء الشرور والمفاسد اولئك الذين قال الله فيهم ( ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو الد الخصام * واذا تولي سعى في الارض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد ) .

تلك مقاصد من مقاصد الناس في الحياة نزه الله المؤمنين عنها وبراهم منها وكلفهم مهمة ارقي , والقي علي عاتقهم واجبا اسمى , ذلك الواجب هو هداية البشر الي الحق , وارشاد الناس جميعا الي الخير , وانارة العالم كله بشمس الإسلام ..


• وصنف يعتبرون الدنيا مزرعة الاخرة :

وهؤلاء هم المؤمنون حقا .. الذين يدركون حقيقة هذة الحياة , كما يدركون قيمة الدنيا من الاخرة ( وما الحياة الدنيا الا لعب ولهو وللدار الاخرة خير للذين يتقون افلا تعقلون ) فلا تلهيهم او تشغلهم عن تحقيق الغاية التي من اجلها خلقوا ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) .

فالمنتمون الي الإسلام بحق يعتبرون الدنيا ميدان تنافس علي طاعة الله ورضاه .. حياتهم كلها ( علمهم , تجارتهم , اموالهم , بيوتهم , اوقاتهم ,اذهانهم ) مسخرة في هذا السبيل , بعكس الماديين الذين يسخرون كل شئ من اجل الاهواء والشهوات ؟.

وان مما يؤكد هذا ان جملة ما تنتجه المدينة الحديثة وتتفتق عنه قول الخترعين لا يستهدف غير تامين اكبر قسط ممكن من المتعة والراحة الجسدية لهذا الانسان وليس فيها ما يستهدف عمارة هذا الكون بالخير والامن والسلامة .. فالسيارة والطائرة والغسالة والثلاجة والجلاية والعصارة والخفاقة والكناسة , وادوات الزينة والاثاث واللباس وادوات الترفيه والتسلية , بل مئات بل الاف من الادوات تنتجها المصانع في شتى انحاء الارض من اجل المتعة والراحة الحسية لهذا الانسان ..

ان الانسان لا يمنع من البحث والتقصي والاختلراع والانتاج ولكن :

اولا : بالقدر الذي لا يعود علي الانسان بالضرر , وثانيا : علي الوجه الذي يحقق الخير ويشيع البر في المجتمع ويلحظ شرعية واخلاقية استعمالها والاستفادة منها ..

ولقد اشار الامام الشهيد البنا الي هذا المعني فقال في رسالة ( الي أي شئ ندعو الناس ؟): فبربك يا عزيزي هل فهم المسلمون من كتاب ربهم هذا المعني , فسمت نفوسهم ورقت ارواحهم , وتحرروا من رق المادة ؟ وتطهروا من لذة الشهوات والاهواء , وترفعوا عن سفاسف الامور ودنايا المقاصد , ووجهوا وجوههم لله الذي فطر السموات والارض حنفاء يعلمون كلمة الله ويجاهدون في سبيله , وينشرون دينه , ويذودون عن حياض شريعته , ام هم اسرى الشهوات وعبيد الاهواء والمطامع , كل همهملقمة لينة وملركب فاره وحلة جميلة ونومة مريحة وامراة وضيئة ومظهر كاذب ولقب اجوف ؟

رضوا بالاماني وابتلوا بحظوظهم وخاضوا بحار الجد دعوى فما ابتلوا وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يقول < تعس عبد الدينار , تعس عبد الدرهم , تعس عبد القطيفة > .


• كيف اعيش للإسلام :

وكيما تكون حياتي موجهة في طريق الإسلام , ومن اجل الإسلام , لابد من ادراك جملة امور والالتزام بها , من ذلك :

1- ادراك الغاية من الحياة : ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) , ( وهو الذي خلق السماوات والارض في ستة ايام وكان عرشه علي الماء ليبلوكم ايكم احسن عملا ) .

2- ادراك قيمة الدنيا من الاخرة : ( ارضيتم بالحياة الدنيا من الاخرة فما متاع الحياة الدنيا في الاخرة الا قليل ) , < ذلك متاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وابقي > ولقد روي ان رسول الله صلي الله عليية وسلم وقف يوما علي ( مزبلة ) ونادى اصحابه قائلا :

هلموا الي الدنيا , ثم اخذ خرقة قد بليت وعظاما قد نخرت وقال (هذة هي الدنيا ) .. وراي رسول الله صلي الله عليه وسلم يوما ( شاة ) ميته قد رماها اصحابها , فالتفت الي اصحابه قائلا ( ارايتم كيف هانت هذة علي اهلها ؟ والله للدنيا اهون علي الله من هذة علي اهلها , ولو كانت الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقي منها كافرا شربة ماء ) وقال ( اقتربت الساعة , لا يزداد الناس علي الدنيا الا حرصا , ولا يزدادون من الله الا بعدا ) وقال ( الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر ) .

3- ادراك حتمية الموت والتعاظ به : ( كل من عليها فان * ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام ) , ( كل نفس ذائقة الموت وانما توفون اجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وادخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا الا متاع الغرور )

ولقد روي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال > اكثروا ذكر هادم اللذات ومفرق الجماعات > وقال ابو ذر الغفاري رضي الله عنه قلت يارسول الله : فما كانت صحف موسي عليه السلام ؟ قال < كانت عبرا كلها : عجبت لمن ايقن بالموت ثم هو يفرح – عجبت لمن ايقن بالنار ثم هو يضحك – عجبت لمن ايقن بالقدر ثم هو ينصب – عجبت لمن راي الدنيا وتقلبها باهلها ثم اطمان ايها – وعجبت لمن ايقن بالحساب غدا لم لا يعمل ؟> وروي عن ابي هريرة رضي الله عنه قال , خرجنا مع رسول الله صلي اله عليه وسلم في جنازة , فجلس الي قبر منها فقال < ما ياتي علي هذا القبر يوم الا وهو ينادي بصوت ذلق طلق , يا بن ادم نسيتني ؟ الم تعلم اني بيت الوحدة وبيت الغربة وبيت الوحشة وبيت الدود وبيت الضيق الا من وسعني الله عليه ؟ ثم قال : القبر روضة من رياض الجنة او حفرة من حفر النار > .

4- ادراك حقيقة الإسلام : وذلك بالتفقه والتعلم ومعرفة اصوله واحكامه وحرامه .. ( وقل ربي ذدني علما ) ويقول الرسول صلي اله عليه وسلم < انما العلم بتعلم والفقه بالتفقه , ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين > < ان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما , انما ورثوا العلم , فمن اخذه اخذ بحظ وافر > .

5- ادراك حقيقة الجاهلية : وذلك بالتعرف الي افكارها ومذاهبها ومخططاتها واكتشاف مثالبها وعيوبها , ودراك اخطارها واضرارها ليؤمن مكرها , ولتؤخذ العدة اللا زمة لمكافحتها ومحاربتها , وصدق رسول الله صلي اله عليه وسلم حيث يقول < من تعلم لغة قوم امن مكرهم > .

• صفات من يعيشون للإسلام :

انني حين اعيش الإسلام وللإسلام لابد وان تتسم حياتي بسمات وقسمات تميزها عن حياة سائر الناس .. من ذلك :

أ‌- الالتزام العمل بالإسلام : ذلك ان الايمان ليس بالتمني ولكن ما وقر في القلب وصدقه العمل ( الذين امنوا وعملوا الصالحات ) ( اتامرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وانتم تتلون الكتاب افلا تعقلون ) ( كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون ) يقول حجة الإسلام الغزالي : قصم ظهري رجلان , عالم متهتك , وجاهل متنسك , فالجاهل يغر الناس بتنسكه والعالم يغرهم بتهتكه ..؟ ويوصي رسول الله صلي الله عليه وسلم المسلمين فيقول < كونوا للعلم رعاة ولا تكونوا له رواة > .

ب‌- تقصي مصلحة الإسلام لقوله صلي الله عليه وسلم < دوروا مع كتاب الله حيثما دار > وقوله < من اصبح لا يهتم للمسلمين فليس منهم > وقوله < انت علي ثغر من ثغور الإسلام فلا يؤتين من قبلك > وفي غزوة احد كان سعد بن الربيع يلفظ انفاسه الاخيرة وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة رمح وضربة سيف ورمية سهم , ومع هذا التفت الي زيد بن ثابت قائلا ( قل لرسول الله اني اجد ريح الجنة .. وقل لقومي الانصار , لا عذر لكم عند الله ان خلص الي رسول الله وفيكم عين تطرف , ثم فاضت نفسه من وقته ) .

ت‌- الاعتزاز بالحق والثقة بالله : وهذة صفة من صفات المؤمنين ( ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين ) ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وانتم الاعلون ان كنتم مؤمنين ) ويروي ان المهاجرين من المسلمين الذين التجؤوا الي الحبشة فرارا بدينهم دخلوا علي النجاشي فابتدرهم من عنده من القسيسين والرهبان ان اسجدوا للملك ؟ فقال جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه وكان علي راسهم ( نحن قوم لا نسجد الا لله ) .. وفي التاريخ الإسلامي مئات من مواقف العزة والجراة والشجاعة سجلها الرعيل الاول من امثال الخبيب بن عدي وزيد بن الدثنة وربعي بن عامر ومصعب بن عمير وسعيد بن حبير وسعيد بن المسيب وغيرهم ممن يحسن الاطلاع علي سيرتهم وتقصي اخبارهم والاقتداء بهم .. ث‌- التزام العمل للإسلام والتعاون مع العاملين : ذلك ان انتمائي للإسلام يفرض علي ان اعمل للإسلام .. ان اعمل له ضمن جماعة .. ان اتعاون مع العاملين غيري في الدعوة الي الله والامر بالمعروف والنهي عن المنكر واقانة الفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم والدولة الإسلامية وصدق الله تعالي حيث يقول ( سنشد عضدك باخيك ) ( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان ) وقوله صلي اله عليه وسلم < لامسلم للمسلم كلبنيان يشد بعضه بعضا > < يد الله مع الجماعة وانما ياكل الذئب من الغنم القاصية > < عليك بجماعة المسلمين وامامهم > وقوله < الجماعة بركة > وقوله < الجماعة رحمة والفرقة عذاب > .

ثانيا: أن أكون مؤمنا بوجوب العمل للإسلام

  • وجوبه مبدأ..
  • وجوبه حكما ..
  • وجوبه ضرورة ..
  • وجوبه فرديا وجماعا ..
  • من جاهد فانما يجاهد لنفسه ..

ان العمل للإسلام .. لايجاد الشخصية التي تتمثله عقيدة واخلاقا ..

لايجاد المجتمع الذي يلتزمة فكرا وسلوكا .. لايجاد الدولة التي تطبقه شريعة ومنهجا ودستورا , وتحمله دعوة هادية لاقامة الحق والعدل في لالعالمين .. ان هذا العمل , وما يحتاج اليه ويتصل به ويتفرع عنه ويتطلبه هو واجب اسلامي شرعي لا يسقط حتي تقوم ( السلطة ) التي تتولي القيام بهذة المسؤولية وترعي شؤون المسلمين ..

وما دامت هذة السلطة غير موجودة , فان كل تقصير من العالمين او قعود من المسلمين هو في شرع الله ( اثم ) لا يرفعه الا المبادرة السريعة للنهوض بتكاليف العمل للإسلام ؟ .

وان ما يؤكد وجوب العمل للإسلام , وانه تكليفي وليس تطوعيا , كون وجوبه يقينيا من عدة وجوه :

الاول : وجوبه مبدا:

فالعمل للإسلام واجب للإسلام واجب مبدا , لانه مناط تكليف الله للبشر جميعا .. للانبياء والمرسلين اولا , ثم للناس اجمعين حتي يرث الله الارض ومن عليها بدليل قوله تعالي ( والعصر * ان الانسان لفي خسر * الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) وقوله ( يايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك وان لم تفعل فما بلغت رسالته ) ( ان الذين يكتمون ما انزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب اولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون ) .

والسنة المطهرة تزخر بما روي عن الرسول صلي الله عليه وسلم من احاديث تحض علي الدعوة الي الحق ومكافحة الباطل , منها قوله صلي الله عليه وسلم < من راي منكم منكرا فليغره بيده , فان لم يستطع فبلسانه , فان لم يستطع فبقلبه , وذلك اضعف الايمان , وليس وراء ذلك حبة خردل من ايمان > وقوله < يايها الناس , ان الله يقول لكم : مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر قبل ان تدعوني فلا استجيب , وتسالوني فلا اعطيكم , وتستنصروني فلا انصركم > وقوله < اذا رايت امتي تهاب ان تقول للظالم يا ظالم فقد تودع منها > .

ثانيا : وجوب حكما:

والعمل للإسلام واجب حكما , لان تعطل حاكمية الله في الارض , وهيمنة النظم والتشريعات الوضعية علي المجتمعات البشرية يفرض علي المسلمين العمل لاقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية , وتعبيد الناس لله في معتقداتهم واخلاقهم ونظمهم بدليل قوله تعالي ( فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) وقوله ( وما اختلفتم فيه من شئ فحكمه الي الله ذلكم الله ربي عليه توكلت واليه انيب ) وقوله ( ومن لم يحكم بما انزل الله فاولئك هم الكافرون وفي آية الظالمون وفي آية الفاسقون ) .

فاذا كان تحقيق المجتمع الإسلامي والحكم بما انزل الله واجبا بذاته , فيصبح العمل لاقامته وايجاده واجبا حكما بدليل القاعدة الشرعية ( ما لم يتم الواجب الابه فهو واجب ) .

ان معظم الاقطار الإسلامية - ان لم نقل كلها – تحكم بانظمة وضعية هي خليط من تشريعات رومانية ويونانية وفرنسية وغيرها , والنظم الاقتصادية السائدة في هذة الاقطار هي الراسمالية والاشتراكية مما يجعل العمل لهدم هذة الكيانات الجاهلية واستئناف الحياة الإسلامية فريضة عين علي كل مسلم حتي تعود للإسلام القيادة والقوامة ..

ثم ان كثيرا من الواجبات الشرعية يتوقف تنفيذها وممارستها علي اقامة خليفة او امام وهذا بالتالي مرتبط بوجود سلطة اسلامية .. فكل التشريعات المتعلقة بالانظمة الإسلامية الاجتماعية والاقتصادية والسياسية , كل التشريعات المتعلقة بالحكم والعقوبات والسلم والحرب والجهاد والصلح والمعاهدة وبالمعاملات الاجتماعية والاقتصادية , هذا وغيرها من جوانب التشريع الإسلامي لا يمكن تنفيذها الا عن طريق دولة تقوم علي اساس الإسلام ؟..

ثالثا: وجوبه ضرورة:

والعمل للإسلام – كذلك – واجب بالضرورة لمواجهة تحديات العصر ومؤامرات اعدء الإسلام .. لوقف الموجات المادية والزحوف الالحادية التي تهدد الوجود الإسلامي بالاستئصال والزوال .

ان نظرة فاحصة الي الاوضاع التي تعيشها اقطار العالم الإسلامي تؤكد ضرورة قيام مجابهة اسلامية .. بل وتجعل القيام بذلك تكليفا شرعيا لا يجوز عنه او التهاون فيه .

فهنالك اقطار , تشكو من سيطرة غير المسلمين عليها وتحكمهم فيها كفلسطين وكشمير وارتريا وقبرص وبخاري وسمرقند وغيرها ..

فهناك اقطار , تشكو من تسلط اقليات طائفية حاقدة , وتحكمها رقاب المسلمين بقوة الحديد والنار ..

وهنالك اجزاء اخرى من العالم الإسلامي تشكو من تسلط احزاب يسارية او يمينية عليها كما تعيش اجزاء اخرى صراعات دمويةرهيبة من جراء التطاحن بين قوى اليمين واليسار علي السلطة ؟ .

وفضلا عن كل هذا وذاك , فان اقطار العالم الإسلامي جمعاء تعيش حالة ضياع .. حالة فوضي .. فوضي سياسية .. فوضي اجتماعية .. فوضي اقتصادية . تعيش تدهورا مريعا في الاخلاق والقيم كما في الافكار والمعتقدات ؟ . كل ذلك وغيره يؤكد وجوب العمل – ولو بالضروة – لمواجهة هذة التحديات التي يواجهها الإسلام ,سواء من الاستعمار والقوي الدولية في الخارج او من عملائه وزبانيته والمتعاونين معه في الداخل ( وقاتلوهم حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) .

رابعا : فرديا وجماعيا:

ان مسؤولية العمل للإسلام – من حيث هي واجب تكليفي شرعي – تعبير مسؤولية ( فردية ) شانها شان كل الواجبات والمسؤوليات الشرعة الاخري التي يترتب علي القيام بها الثواب كما يترتب علي تركها العقاب ( كل نفس بما كسبت رهينة ) ( وكلهم اتيه يوم القيامة فردا ) ( ان احسنتم احسنتم لانفسكم وان اساتم فلها ) ( ولا تزر وازرة وزر اخري ) ( ومن جاهد فانما يجاهد لنفسه ) .

فالإسلام كيما يشرك الناس جميعا في عملية البناء والتعمير .. بناء الحياة علي الحق واعمارها بالخير – جعل كل انسان مسؤولا عن حيز من البذل والعطاء في حدود امكانياته وطاقاته , مادام هذا الانسان بالغا عاقلا قادرا .. مما يجعل المجتمع خلية حية نابضة .. كل فرد فيها يبني ويحرص عي البناء .. وكل انسان فيها يعطي ويتنافس في العطاء ..

ومن هنا كان وجوب العمل للإسلام ( فرديا ) كنكليف شرعي وواجب اسلامي ..

واذا كان العمل للإسلام واجبا فرديا من هذا الجانب , فهو واجب جماعي من حيث كسؤوليته الحركية التنفيذية .. وهذا ما تؤكده وقائع وحيثيات غير قابلة للجدل اساسا , من ذلك :

أ‌- تكاليف العمل للإسلام اكبر من ان يتصدي لها انسان بمفرده ..فالعمل للإسلام يستهدف هدم الجاهلية برمتها واقامة الإسلام مكانها .. وهذا يتطلب من التكاليف والامكانيات والجهود ما يعجز عن القيام باعبائه فرد , بل لا يقوى علي النهوض به مع الجهد والمكابدة والمعاناة الا تنظيم حكي يكون في مستوى المواجهة وعيا وتنظيما وقدرة ..

ب‌- ان عمل الرسول صلي الله علية وسلم في مواجهة الجاهلية واقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية دليل شرعي علي وجوب ( الجماعية ) في العمل للإسلام .. فالرسول صلي اله عليه وسلم لم يعتمد اسلوب العمل الفردي قط .. وانما حرص من اول يوم علي اقامة ( جماعة ) كان يختار عناصرها اختيارا وينتقي افرادها انتقاء لتكون اداة الإسلام في عملية التغيير ؟ وهذا ما تنطق به وقائع السيرة النبوية في كل المراحل وعلي كل صعيد ..

ت‌- ثم ان طريق العمل للإسلام مفروشة بالاشواك محفوفة بالمحن .. فالتحديات التي تعترض السبيل كبيرة .. والقوى التي تتربص بالإسلام واهلة كثيرة .. وهذا ما يفرض وجود تنظيم حركي عريض كيفا وكما لمواجهة كل راحل العمل وظروفة واحتمالاته .. وفي ثنايا الايات القرانية اشارات ودلالات واضحة كما في الاحاديث النبوية تؤكد ضرورة ان يكون العمل للإسلام , جماعيا وحركيا ومنظما ( وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الاثم والعدوان ) .

خامسا: من جاهد فانما يجاهد لنفسه:

ثم ان اول ما يتوجب علي العاملين للإسلام ان يدركوه بعمق انهم هم المحتاجون الي الإسلام .. وانهم حين يعملون ويجاهدون ويكابدون فلتزكية ذواتهم , ولتطهير نفوسهم , ولتادية بعض حقوق الله عليهم , وليحتسبوا ذلك عند الله يوم تزيغ الابصار ويبلغ القلوب الحناجر ..

فهم هم الرابحون ان اقبلوا وهم وحدهم الخاسرون ان ادبروا ( ان الله لغني عن العالمين ) ( وان تتولوا يستبل قوما غيركم ثم لا يكونوا امثالكم ) .

كما ان عليهم ان يدركوا ان قيمتهم الحقيقية تكون لالإسلام ولا قيمة لهم بدونه فهم عندئذ ( كالانعام بل هم اضل سبيلا ) . وان الكرامة الحقيقية والعزة الحقيقية لا يمكن ان تتحقق الابالمشاركة في مسيرة الإسلام , وبالاستمرار في هذة المشاركة وان ( من شذ شذ في النار ) وان من احتوته المسيرة بحق فقد اتصل باشرف نسب وارتبط بقافلة الهداة , من الذين انعم الله عليهم من النبيين والشهداء وحسن اولئك رفيقا ..

كما ان علي العاملين للإسلام ان يدركوا ان البقاء في المسيرة شرط للثبات ( وانما ياكل الذئب من الغنم القاصية ) ..

فالمجتمع الذي تموج فيه الفتن كقطع الليل المظلم , لا يمكن ان يعيش فيه دون التاثير بلوثاته من كان بعيدا عن الذكرى ( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين ) او بعيدا عن التناصح والتواصي بالحق والصبر ( والعصر * ان الانسان لفي خسر * الا الذين امنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .

فلابد من العيش في رحاب اسرة الايمان , ولابد من الالتحاق بمسيرة الرحمن والعيش في كنفها دائما وابدا ( واصبر نفسك مع الذين ذيدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من اغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان امره فرطا ) .كما ان علي العاملين للإسلام ان يدركوا انهم انما يعملون لله ويجاهدون في سبيله .. وان هذا الطريق طويل , وشاق .. وان الجنة حفت بالمكاره وان النار حفت بالشهوات ..

انه طريق لا يقوى علي السير فيه من يخاف الغد علي رزقه , وحياته ؟؟

وانه طريق لا يقوى علي السير فيه صاحب المزاج والهوى , وضيق الصدر وخائر القوى .. ومن لا يصبر علي كلمة فضلا عن ملمة .. والمعتد برايه الذي لا يدري ولا يدري انه لا يدري ؟ والذي يشق عليه النزول عند حكم المجموعة والالتزام براي الجماعة ؟؟

انه طريق التطهر والتعفف والتنظف .. طريق الرحمة والمكرمة ..

طريق المصابرة والمرابطة , طريق التجرد والسمو , طريق الصدق والإخلاص , وان طريقا هذة مواصفاتها لا يمكن ان يثبت عليها غير المؤمنين المعلقة قلوبهم بواحد احد , الناظرة نفوسهم الي فرد صمد ( ومن يتوكل علي اله فهو حسبه ان الله بالغ امره قد جعل الله لكل شئ قدرا ) ( فمن نكث فانما ينكث علي نفسه ومن اوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما ) .


ثالثاً: الحركة الإسلامية (مهمتها - خصائصها - عدتها)

  • مهمة الحركة الإسلامية
  • خصائصها المبدئية : ربانية - ذاتية - تقدمية - شاملة
  • خصائصها الحركية :
    • البعد عن هيمنة الحكام
    • التدرج في الخطوات
    • ايثار العمل علي الدعاية
    • النفس الطويل
    • علانية العمل وسرية التنظيم
    • العزلة النفسية لا الحسية
    • الغاية لا يبرر الوسيلة
  • عدة الحركة الإسلامية :
    • الايمان بالله ونصره وتاييده
    • الايمان بالمنهاج ومزيته وصلاحيته
    • الايمان بالاخاء وحقوقه وقدسيته
    • الايمان بالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته
    • الايمان بالنفس
    • الجهاد

مهمة الحركة الإسلامية :

مهمة الحركة الإسلامية هي تعبيد الناس لله تبارك وتعالي افرادا وجماعات بالعمل لاقامة المجتمع الإسلامي الذي يستمد احكامه وتعالميه من كتاب اله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم .

والحركة الإسلامية تنظيم عالمي يمتد ليشمل العاملين في الحقل الإسلامي في كل انحاء الارض .. وهو يعتمد لتحقيق هذة الغاية علي تبليغ الدعوة الإسلامية نقية صافية , متصلة بالعصر ومقتضياته والحاضر ومتطلباته , ودعوة الناس اليها , وتنظيمهم عليها , وتهيئتهم للايمان بها والعمل لها والجهاد في سبيلها ..

ومن مقتضيات ذلك , مكافحة الاستعمار ومخلفاته وافكاره وفلسفاته شرقيا كان ام غربيا , حتي تعود للامة شخصيتها المستقلة الاصلية ..

ولقد حرصت الحركة الإسلامية – من اول يوم – علي ان تزيل عن الإسلام ركام البدع والخرافات , وتقدمه للناس بصورته المشرقة الصافية التي تتوافق مع عظمته وشموخه ..

فهي تؤمن : بان احكام الإسلام وتاليمه شاملة تنتظم شؤون الناس علي كل صعيد ..

وهي تعتبر : ان القاعدة الاساسية التي يقوم عليها الإسلام علي مدار التاريخ البشري هي قاعدة ( لا اله الا الله ) أي افراد الله سبحانه في الالوهية والحاكية .. افراده بها اعتقادا في الضمير وعبادة في الشعائر وشريعة في واقع الحياة ..

والحركة الإسلامية تؤمن بالإسلام قوة اساسية لنهضة المسلمين , وانقاذ العاملين , وتحرير المستضعفين من الطواغيت والظالمين حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ..

وتري الحركة الإسلامية في تبني النظم الراسمالية والاشتراكية والشيوعية وغيرها من النظم الوضعية , كفرا بالإسلام العظيم , وجحودا بالله رب العالمين , وسيرا علي غير هدى , وتخبطا بدون طائل , واستفادا للجهود واضاعة للزمن ( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ) .

ولقد اجما الامام البنا رضي الله عنه وارضاه مهمة الحركة الإسلامية فقال :

مهمتنا اجمالا ان نقف في وجه هذة الموجة الطاغية من مدينة المادة وحضارة المتع والشهوات التي جرفت الشعوب الإسلامية, فابعدتها عن زعامة النبي صلي الله عليه وسلم وهداية القران , وحرمت العالم انوار هديها , واخرت تقدمها مئات السنين , حتي تنحسر عن ارضنا ويبرا من بلئها قومنا , ولسنا واقفين عند هذا الحد , بل سنلاحقها في ارضها , وسنغزوها في عقر دارها , حتي يهتف العالم كله باسم النبي صلي الله عليه وسلم , وتوقن الدنيا كلها بتعاليم القران , وينتشر ظل الإسلام الوارف علي الارض , وحينئذ يتحقق للمسلم ما ينشده , فلا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ( لله الامر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون * بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم ) .

هذة مهمتنا اجمالا .. فاما في بعض تفاصيلها فهي ان يقوم في الامة :

1- نظام داخلي للحكم : يتحقق به قول اله تبارك وتعالي ( وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما ازل الله اليك ) .

2- ونظم للعلاقات الدولية : يتحقق به قول القران الكريم ( وكذلك جعلناكم امة وسطا لكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا ) .

3- ونظام عملي للقضاء : يستمد من الاية الكريمة ( فلا وربك لا يؤمنون حتي يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما ) .

4- ونظام للدفاع والجندية : يحقق مرمى النفير العام ( انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا باموالكم وانفسكم في سبيل الله ) ,.

5- ونظام اقتصادي : استقلالي للثروة والمال والدولة والافراد اساسة قوله تعالي ( ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما ) .

6- ونظام للثقافة والتعليم : يقضي علي الجهالة والضلال , ويطابق جلال الوحي في اول اية نزلت من كتاب الله ( اقرا باسم ربك الذي خلق ) .

7- ونظام للاسرة والبيت : ينشئ الصبي المسلم والفتاه المسلمة والرجل المسلم ويحقق قوله تعالي ( يايها الذين امنوا قوا انفسكم واهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) .

8- ونظام للفرد : في سلوكه الخاص يحقق الفلاح المقصود بقوله تعالي ( قد افلح من زكاها ) .

9- وروح عام يهيمن علي كل فرد في الامة من حاكم او محكوم قوامه قول الله تعالي ( وابتغ فيما اتاك الله الدار الاخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الارض ) .

10- نحن نريد : الفرد المسلم .. والبيت المسلم .. والشعب المسلم .. والحكومة المسلمة .. والدولة التي تقود الدول الإسلامية , وتضم شتات المسلمين , وتستعيد مجدهم , وترد اليهم ارضهم المفقودة , واوطانهم المسلوبة وبلادهم المغصوبة , ثم تحمل علم الجهاد ولواء الدعوة الي الله , حتي تسعد العالم بتعاليم الإسلام .

خصائصها المبدئية :

إن ابرز ما في خصائص الحركة الإسلامية ما يلي :

1- انها ربانية : فهي تستمد تصورها واحكامه واخلاقها وتقاليدها وافكارها من دين الله الخالد ورسالته الخاتمة .. وهي دعوة الله وليست لذوات العاملين فيها او القائمين عليها ( قل ان صلاتي ونسكي ومحياي وممامتي لله رب العالمين ) فهي ليست تنظيما حزبيا ( شان التنظيمات الحزبية الحديثة ) .. وليست تنظيما زعاميا يهدف الي تحقيق بعض المكاسب والمارب الشخصية ( شان التنظيمات الزعامية المعروفة ) .. والاصل لديها ان يخضع الكبير فيها قبل الصغير والقائد قبل الجندي لحدود ما شرع اله ..

2- انها ذاتيه : بمعني انها منبثقة من واقع المجتمع الإسلامي غير ( مستوردة ) او ( مستوحته ) من الشرق او مالغرب شان التنظيمات والهيئات الاخرى .. فدعوتنا دعوة الي الدين , والدين من اقوي خصائص هذة الامة عرفت به وعرف بها احقابا طويلة من الزمن , ولا يصلح اخر هذة الامة الا بما صلح به اولها ..

3- انها تقدمية : فهي في مضمونها العقيدي والتشريعي وفي تصورها للكون والانسان والحياة اسبق واقدر علي حل مشكلات الانسان والحياة من التشريعات البشرية العاجزة القاصرة .. ولكن تقدمية الإسلام ليست – كما يريد او يفهم المتسمون بالتقدميين زورا وبهتانا – انفلاتا من القيم الاخلاقية والاداب الكريمة .. بل هي تقدم في الارتقاء بمشاعر الناس وافكارهم واخلاقهم .. وهي تقدم في مضمار العلم الموجه واكتشاف افاق هذا الكون العظيم , ليس من اجل تسجيل سبق علمي وانما من اجل الاستزادة من التعرف علي جلال وجمال وقدرة وعظمة الله رب العالمين ..

وتقديمة الإسلام تامر بالاستفادة من كل ما تتفتق نه العقول من مبتكرات ووسائل شريطة ان تكون موضوعة في اطر الخير عامة , وهذا معني قوله صلي الله عليه وسلم < خذوا الحكمة من أي وعاء خرجت > وقوله < الحكمة ضالة المسلم اني وجدها فهو احق بها > .

4- انها شاملة : أي انها دعوة لا تقتصر علي صلاح جانب من جوانب الحياة دون الاخر .. فاسلاميتها تعني عموميتها وشمولها ..

فهي دعوة سلفية لانها تدعو الي العودة بالإسلام الي معينه الصافي من كتاب الله وسنة رسوله .

وهي طريقة سنية لانها تعمل علي احياء السنة المطهرة في افرادها وفي المجتمع ..

وهي رابطة ربانية تدرك ان اساس الخير طهارة النفس ونقاء القلب وحسن الصلة بالله .

وهي حركة سياسية تعمل علي رعاية شؤون الامة بالإسلام علي كل صعيد ..

5- البعد عن مواطن الخلاف الفقهي : لانها تعتقد ان الخلاف في الفرعيات لابد منه , وهي لذلك تدعو الي جمع المسلمين حول اصول الإسلام وقواعده ..

ولقد لخص الإمام الشهيد ذلك بقوله :

( لسنا حزبا سياسيا , وان كانت السياسة علي قواعد الإسلام من صميم فكرتنا .. ولسنا جمعية خيرية اصلاحية , وان كان عمل الخير والاصلاح من اعظم مقاصدنا .. ولسنا فرقا رياضية , وان كانت الرياضة البدنية والروحية من اهم وسائلنا .. لسنا شيئا من هذة التشكيلات فانها جميعا تخلقها غاية موضعية محددة لمدة محدودة , وقد لا يوحي بتاليفها الا مجلرد الرغبة في تاليف هيئة , والتحلي بالالقاب الادارية فيها .. ولكننا .. فكرة وعقيدة .. ونظام ومنهج , لا يحدده موضع ولا يقيده جنس , ولا يقف دونه حاجز جغرافي , ولا ينتهي بامر حتي يرث الله الارض ومن عليها , ذلك لانه نظام رب العالمين , ومنهاج رسوله الامين ..

نحن ايها الناس ولا فخر اتباع اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم . واتباع صحابته وحملة رايته من بعده , ورافعو لوائه كما رفعوه , وناشرو لوائه كما نشروه , وحافظو قرانه كم حفظوه , والمبشرون بدعوته كما بشروا ورحمة للعالمين ( ولتعلمن نباة بعد حين ) .


خصائصها الحركية

1- البعد عن هيمنة الحكام والسياسين :

وان كان من الطبيعي ان يكون من افرادها حكام وسياسيون .. وهذة الخاصة من شانها ان تحفظ الحركة الإسلامية بعيدا عن الاستغلال والمتاجرة وتبقي عليها صفة التجرد والصدق والإخلاص ..

2- التدرج في الخطوات :

لانها تدرك ان طريقها شاق وطويل .. وان اهدافها ضخمة وكبيرة .. وان التدرج في الخطوات واعطاء كل خطوة حقها من شانه ان يصل بالجماعة الي ما تبغي وتريد .. ولقد حدد الامام الشهيد للدعوة ثلاث مراحل هي : مرحلة التعريف ومرحلة التكوين ومرحلة التنفيذ .. جاء في رسالة التاليم للامام الشهيد ما يلي :

مرحلة التعريف : بنشر الفكرة العامة بين الناس , ووسيلتها الوعظ والارشاد واقامة المنشات النافعة وغير ذلك من الوسائل العملية ..

مرحلة التكوين : باستخلاص العناصر الصالحة لحمل اعباء الجهاد وضم الناحية الروحية , وعسكرية بحت من الناحية العملية .. والدعوة في هذة المرحلة لا يتصل بها الا من استعد استعدادا حقيقا لتحمل اعباء جهاد طويل المدى كثير التبعات , واول بوادر هذا الاستعداد ( كمال الطاعة ) كذلك ..

3- ايثار العمل والانتاج علي الدعاية والاعلام :

ولقد دفع الحركة الإسلامية الي ذلك امور : منها ما جاء في الإسلام خاصة بهذة الناحية بالذات , ومخافة ان تشوب هذة الاعمال شوائب الياء فتنتهي الي التلف والفساد .. ومنها نفور الطبيعة الإسلامية من اعتماد الدعايات المضخمة والتهريج الذي ليس من ورائه عمل .. ومنها عدم اضاعة الجهد والوقت الا فيما هو مثمر وبناء .. ومنها ما يفرضه امن الحركة وامن افرادها مصداقا لقول الرسول الاعظم صلي الله عليه وسلم < استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان > .

4- سياسة النفس الطويل :

ان ضخامة العبء , وثقل التبعات , الملقاة علي عاتق العاملين في الحقل الإسلامي يؤكدان ان الطريق طويل والعمل شاق والجهاد مرير , وان السائرين علي هذا الدرب يجب ان يهيئوا انفسهم لمواجهة كل عنت ومشقة ولكل بذل وتضحية ( ألم * احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون * ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ) .

ان علي المنتمين للحركة الإسلامية ان يعتمدوا سياسة ( النفس الطويل ) فتكون الدعوة الي الله علي بصيرة بقصد مرضاته , فلا عتسفوا الطريق , ولا يستعجلوا الثمرة قبل نضوجها , وهذا لن يتم الا اذا فهموا لن لبحكم الإسلامي وسيلة لغاية اسمي .. فان تحقيق علي ايديهم حمدوا الله وان لم يتحقق فلا ياس ولا قنوط ولا تراجع ولا خوف ؟ وبهذا يكونون قد ادوا الامانة وقاموا بواجب الدعوة ( وما النصر الا من عند اله ) , ( وما تشاءون الا ان يشاء الله رب العالمين ) .

وقد يقول قائل : ولكن ما بال الأحزاب التافهة العميلة تصل الي الحكم وتقفز الي السلطة هنا وهناك في مدة اقصر وبطريقة ايسر ؟. والجواب علي ذلك ان الطريقين مختلفان وان الحركة الإسلامية لن تصل الا بطريق متميز نظيف , ولو رضيت ان تكون مطية لهذة القوة او تلك , ولهذا الاستعمار , او ذاك لوصلت كما وصل الكثير ؟ ( فلذلك فادع واستقم كما امرت ولا تتبع اهواءهم ) .

5- علانية العمل وسرية التنظيم :

ثم ان العمل للإسلام لا يمكن ان يكون سرا من الاسرار , يقوم به الدعاة وراء الحجب والاستار , يخشون ان يتخطفهم الناس , ويفلسفون ذلك علي انه مصلحة وحكمة ؟ فصوت الإسلام يجب ان يعلو , وكلمة الحق يجب ان تقال , والساكت عن الحق شيطان اخرس , < من راي منكم منكرا فليغيره بيده , فان لم يستطيع فبلسانه , فان لم يستطع فبقلبه , وذلك اضعف الايمان > .

فالداعية يجب ان يقول كلمة الحق , في مكانة حيث يعمل , وفي بيئته حيث يقطن , سواء بالكلمة التي يستطيع القاءها , او بالمقالة التي يتمكن من نشرها ( بالحكمة والموعظة الحسنة ) .

ولكن هذا لا يعني بحال ان تكشف الحركة كل ما عندها من مخططات وتنظيمات , فليس في ذلك مصلحة علي الاطلاق , بل ان ذلك يعد جهلا بالإسلام وتعريضا للحركة ولافرادها لمكر الاعداء وغدرهم وايذائهم ؟ والقاعدة التي يجب تبنيها في هذا المجال هي ( علانية العمل وسرية التنظيم ) عملا بقول الرسول صلي الله عليه وسلم < استعينوا علي قضاء حوائجكم بالكتمان ) وقوله < الحرب خدعة > .

6- العزلة النفسية لا الحسية :

ولقد كثر الكلام اخيرا عن العزلة الشعورية التي دعا اليها الشهيد سيد قطب حيث قال < انه لابد من طليعة , تعزم هذة العزمة , وتمضي في الطريق .. تمضي في خضم الجاهلية الضاربة الاطناب في ارجاء الارض جميعا .. تمضي وهي تزاول نوعا من العزلة من جانب ونوعا من الاتصال من الجانب الاخر بالجاهلية المحيطة > .

ومفهوم العزلة هنا التي يشير اليها الشهيد هو عزلة الشعور من أن يدنسه رغام الجاهلية .. عزلة النفس واستعلاء ايمانها وهي تمضي في ( خضم الجاهلية ) وتكشف الزيف , تتحدى الباطل , تكابد وتجاهد دون ان تخشى في الله لومة لائم ؟.

والعزلة هنا تعني التمايز .. تمايز الفئة المؤمنة عن الفئة الكافرة .. تمايزها بالكفر والتصور , وبالاخلاق والسلوك , وبالمشاعر والاحاسيس ؟؟ وهذا ما دعا اليه الإسلام وعبر عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم في كثير من اقواله منها < كونوا كالشامة بين الناس > < لا يمكن احدكم امعة يقول انا مع الناس ان احسن الناس احسنت وان اساؤوا اسات .. ولكن وطنوا انفسكم , ان احسن الناس ان تحسنوا , وان اساؤوا ان تجتنبوا اساءتهم > .

اما العمل والحركة والاحتكاك والدعوة فلا مجال للعزلة او للافراد فيها والا تعطل العمل والحركة والاحتكاك والدعوة .. والعاملون للإسلام اليوم امام اصناف من الناس لا يجوز ان يعتتدوا حكما واحدا في معاملتهم ..

فمن الناس من هم مسلمون ملتزمون التزاما فرديا باحكامه , وعدم قيامهم بواجب العمل الحركي للإسلام لا يجعلهم وغيرهم علي حد سواء ؟.

ومن الناس من هم مسلمون معتزون بالإسلام مع جهلهم له وعدم التزامهم باحكامه وهؤلاء يمثلون السواد الاكبر من المسلمين اليوم ولا يجوز اعتبارهم والكفار في منزلة واحدة ؟ .

ومن الناس من هم اعداء للإسلام يحادون الله ورسوله سواء كانوا افرادا ام احزابا ام حكاما ؟.

ومواقف الدعاة من هؤلاء يجب ان تتفاوت بحسب قربهم وبعدهم , وبحسب اقبالهم وادبارهم , وبحسب ولائهم او عدائهم .. فمنهم من يلزمه التعهد والتوجيه , ومنهم من تلزمه التوعية والتثقيف .. ومنهم من لا يفلح معه الا السيف ( واخر الدواء الكي ) وهذا يفرض ان يكون الدعاة علي صلة دائمة ومتصلة بالمجتمع , لانه ارضية العمل وميدان الجهاد .. ولكنها صلة متميزة .. صلة التاثير لا التاثير .. وصلة التطهير لا التجنس , وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم حيث يقول < لصبر احدكم ساعة في موطن من مواطن الجهاد خير من عبادة احدكم ستين عاما > .

7- الغاية لا تبرر الوسيلة :

ان جرثومة فساد الاتجاهات والتنظيمات غير الإسلامية هي ( ميكيافيليتها ) .. او بعبارة اخري ( مصلحيتها ) التي تتعدى في كثير من الاحيان حدود المبادئ والنظريات التي ترفعها وتنادي بها ..

فكم من اتجاهات عقائدية ( تسيست ) وخرجت عن اطرها الفكرية عند اول تجربة عملية لها .. علي مستوى الحكم او حتي في التمثيل البرلماني ؟

هذة الاتجاهات – في الحقيقة – لا تفترض في نفسها وفي المنسبين اليها ذلك البعد العقيدي الذي يمكن ان يقيها غوائل الانحراف والتلون والنفاق مما هو مائل في معترك الصراع السياسي والفكري , وفيما يبدو من تصرفات السياسين التقليديين والزعماء العقائديين علي حد سواء ؟.

فمصلحة الشعب تتحول الي مصلحة للحزب .. ومصلحة الحزب تغدو مصلحة ( شخصية ) لزعماء الحزب .. وقضايا الامة تضحي اوراقا رابحة في سوق المتاجرة والاستهلاك والمساومة .. واعداء الامس يصبحون اصدقاء اليوم .. واصدقاء اليوم اعداء الغد .. وهكذا حتي لا يبقي من عقائدية هذة الاتجاهات سوى اسماء وشعارات كاذبة مزيفة ؟ هذا ما يجري علي ساحة القوى والاتجاهات الوضعية , وهذا يفسر ويكشف سر الحركة الكامنة فيها وسبب انتشارها وسرعة وصولها الي السلطة ؟ ليس لديها التزامات عقائدية واخلاقية بالمعني الصحيح .. ليس لديها مواقف واضحة وثابته .. انما هناك ( استراتيجيات ) اخذ بعضها برقاب بعض , وتسابق لاهث لانتهاز كل فرصة واستغلال كل ظرف والمتاجرة بكل قضية مهما كان الثمن فادحا , ولو كان التضحية بالقضية نفسها او بالشعب كله ؟

اما ما يجري في الساحة الإسلامية , او ما يفترض ان يجري فيها , فمختلف كليا عما يجلري هناك وهنالك .. فالحركة الإسلامية لا تفرق بين الغاية والوسيلة من حيث وجوب شرعيتها وعقائديتها واخلاقيتها .. والعاملون في الحقل الإسلامي لا يعملون لذواتهم او وفق ما تمليه ذواتهم .. انهم مقيدون بحدود والتزامات عقائدية واخلاقية ليس لهم ان يحيدوا عنها او يغيروا فيها ؟

أ‌- فالعمل للحق لا يجوز ان يتوسل بالباطل لبلوغ غاياته واهدافه , ولو كان هذا الباطل مجرد كلمة اوشعار ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) .

ب‌- والحق كل لا يتجزا .. والتنازل عن جزء من الحق تنازل عن الحق كله .. فليس بعد الحق الا الباطل , وليس بعد الهدى الا الضلال .. فهذة قريش تعرض علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عروضا سخية مقابل تنازلات عقائدية منه , فيبتدرهم بقوله تعالي ( قل يا ايها الكافرون * لا اعبد ما تعبدون * ولا انتم عابدون ما اعبد * ولا انا عابد ما عبدتم * ولا انتم عابدون ما اعبد * لكم دينكم ولي دين ) .

ت‌- والحق ينبغي ان يعمل له بقوة .. ويضحي في سبيله في كل شئ , دون ان يساوم عليه بسبب من ترغيب او ترهيب .. فسحرة فرعون عندما تبين لهم الحق تمردوا علي كل تهديد واستعلوا بايمانهم فوق كل مصلحة وقالوا لفرعون ( فاقض ما انت قاض انما تقض هذة الحياة الدينا * انا امنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما اكرهتنا عليه من السحر والله خير وابقى ) . ورسول الله صلي الله عليه وسلم يوم عرض عليه الملك والجاه والمال مقابل ان يخفف من دعوته ينتفض قائلا < والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري علي ان اترك هذا الامر نا تركته حتي يظهرة الله او اهلك دونه > .

ث‌- واصحاب الحق يجب ان يكونوا واعين حذرين , معتصمين بحبل الله مهتدين بهداه .. فلا تستدرجهم مواقف , او او تفرض عليهم حلول غير متناسبة مع منطلقاتهم العقيدية والاخلاقية ( وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع اهواءهم واحذرهم ان يفتنوك عن بعض ما انزل الله اليك فان تولوا فاعلم انما يريد الله ان يصيبهم ببعض ذنوبهم وان كثيرا من الناس لفاسقون ) .

وتحدثنا السيرة النبوية , انه عندما حاول (ملك غسان ) ان يستدرج ( كعب ابن مالك ) احد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك وظلوا في المدينة ولم يخرجوا مع الرسول صلي الله عليه وسلم كتب له رسالة جاء فيها ( انه قد بلغني ان صاحبك جفاك – وكان رسول الله قد قاطع هؤلاء الثلاثة فلا يكلمهم احد المسلمين – ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة , فالحق بنا فقال كعب عندما قرا الرسالة : وهذا من البلاء ايضا , قد بلغ بي ما وقعت فيه –يعني التخلف – ان طمع بي رجل من اهل الشرك , ثم عمد الي تنور فاحرق الرسالة فيه ؟.

ج‌- واخيرا فان الحق هو الذي يملية الشرع لا الناس , ولوكان مخالفا لاهوائهم وارائم وتصوراتهم جميعا .. فالإسلام يرفض تملق الجماهير فيما يخالف شرع الله مهما كان يسيرا , وهو في منطق الإسلام نفاق وتعد علي حدود الله < من اشترى رضى الله بسخط الناس ما زاده الله الا عزا > وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم او كما قال < لا يكن احدكم امعة يقول انا مع الناس , ان احسن الناس احسنت وان اساؤوا اسات , ولكن وطنوا انفسكم , ان احسن الناس ان تحسنوا وان اساؤوا ان تجتنبوا > .

عدة الحركة الإسلامية:

يشير الامام الشهيد الي عدة الحركة الإسلامية فيقول :

( عدتنا هي عدة سلفنا من قبل , والسلاح الذي غزا به زعيمنا وقدوتنا محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم وصحابته العالم , مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد , هو السلاح الذي سنحمله لنغزو به العالم من جديد ..

1-لقد امنوا اعمق الايمان واقواه واقدسه واخلده بالله ونصره وتاييده ( ان ينصركم الله فلا غالب لكم ) .

2- وبالمنهاج ومزيته وصلاحيته ( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ) .

3- وبالاخاء وحقوقه وقدسيته ( انما المؤمنون اخوة ) .

4- وبالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته ( ذلك بانهم لا يصيبهم ظما ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلا الا كتب لهم به عمل صالح ان الله لا يضيع اجر المحسنين ) .

5- وبانفسهم , فهم الجماعة التي وقع عليها اختيار القدر لانقاذ العاملين , وكتب الفضل بذلك , فكانوا خير امة اخرجت للناس .لقد سمعوا المنادي ينادي للايمان فامنوا , ونحن نرجوا ان يحبب الله الينا هذا الايمان ويزينه في قلوبنا كما حببه اليهم وزينه من قبل في قلوبهم .. فالايمان اول عدتنا ..


الجهاد من عدتنا كذلك :

- ولقد علموا اصدق العلم وافقهه , ان دعوتهم لا تنتصر الا بالجهاد والتضحية والبذل وتقديم النفس والمال , فقدموا النفوس وبذلوا الارواح وجاهدوا في الله حق جهاده .

- وسمعوا هاتف الرحمن يهتم بهم ( قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتي ياتي الله بامره والله لا يهدي القوم الفاسقين ) فاصاخوا للنذير , خرجوا عن كل شئ طيبة بذلك نفوسهم , راضية قلوبهم , مستبشرين ببيعهم الذي بايعوا الله به ..

يعانق احدهم الموت وهو يهتف : ( ركضا الي الله بغير زاد ) ..

ويبذل احدهم المال كله قائلا : ( ابقيت لعيالي الله ورسوله ) .

ويخطر احدهم والسيف علي عنقه .

(ولست ابالي حين اقتل مسلما علي أي جنب كان في الله مصرعي)

كذلك كانوا : صدق جهاد , وعظيم تضحية , وكبير بذل , وكذلك نحاول ان نكون .

رابعا: إدراك طرائق العمل الإسلامي

  • الاتجاه الروحي
  • الاتجاه الثقافي
  • الاتجاه الخيري
  • الاتجاه السياسي
  • التكامل في الحركة الإسلامية

ولماذا الحركة الإسلامية

ان انتمائي للحركة الإسلامية يفرض علي ان اعرف لماذا في الحركة الإسلامية ولست في غيرها ؟ ما الذي جعلني هنا , ولم يجعلني هناك او هنالك ؟ هل هي الصدفة ( والصدفة مرفوضة في منطق الشرع ) ام هي نتيجة البحث والاطلاع والتمحيص ؟.

ان علي ان اتعرف للي طرائق العمل الإسلامي الاخرى ليكون لنتمائي للحركة الإسلامية انتماء واعيا عاقلا وليس انتماء عشوائيا او هوائيا ؟

ان علي ان ادرك حين انتمي للحركة الإسلامية ان طرائق العمل الإسلامي الاخري ومنظماته المختلفة , لا تمثل الخط الإسلامي الاصيل .. وان واحدة منها لا تلتزم بمنهج الرسول صلي الله عليه وسلم اتزام كاملا وان كان بعضها يختلف عن بعض اختلافا كبيرا في نسبة الالتزام ومدى جزئيته او كليته ..

والحقيقة ان الذي ينظر الي اقطار العالم الإسلامي يرى عددا من الواجبات والهيئات الإسلامية ..

فهنالك هيئات ذات اتجاه (روحي) محض , تعني بالتربية الروحية وقد اسقطت من حسابها بالكلية الجوانب الاخري من الاهتمامات الإسلامية الفكرية والسياسية والجهادية والتنظيمية والتخطيطية الخ ..

مما جعلها بعيدة عن الواقع الحياة , جاهلة بما يجري حولها من احداث ومجريات , عاجزة عن فهم الظروف التي تعيشها فضلا عن التاثير فيها وتغييرها ؟

وهناك هيئات ذات اتجاه (ثقافي) نشات في الاصل كردة فعل عاطفية , او بفعل بالمثل لمنظمات ( مسيحية او يهودية ) كجمعيات الشبان المسلمين مثلا .. مما جعل هذة الهيئات ملتزمة بخطها التقليدي الذي انطلقت علي اساسه وقامت ابتداء بفعل ضغطه وتاثيره .. بل ان مثل هذا النوع من الواجهات الإسلامية كان يسئ للإسلام احيانا كثيرة بمسايرته لانظمة وعهود عرفت بعدائها الصارخ للإسلام واهله ؟ وهذا ما ياباه الشرع وتباه طبيعة االإسلام المتميزة ..

وهنالك جمعيات ذات اتجاه (خيري) نشات تحت ضغط الحاجة الي اعانة البائسين , وتامين العلاج للمرضي والمحرومين (كجمعيات مكارم الاخلاق واسعاف المحتاجين ودور الايتام وغيرها )هذة الجمعات وان كانت تقوم بجهود مشكورة في نطاق ما ندبت نفسها له – وهو واجب اسلامي – الا انها تبقي محدودة في اطار ما قامت من اجله , ولايمكن اعتبارها بحال ( الحركة التغييرية ) التي تستهدف اقامة المجتمع الإسلامي واستئناف الحياة الإسلامية ؟.

وهناك احزاب اسلامية ذات اتجاه (سياسي) صرف .. تتبني لونا من العمل لا تتخطاه او تتعداه , وهو المناورة باسم الإسلام , ورفع الشعارات الإسلامية ولكن من غير محتوى عقيدي تلتزم به كتنظيم وافراد .. وهذة الاحزاب لا تتورع احيانا عن مخالفة اصل من اصول الإسلام او الخروج عن مبدا من مبادئه بحجة (المرونة والانفتاح ) ودعوى تحقيق مصلحة المسلمين , كالاشتراك في الحكم في ظل انظمة وضعية كافرة , او طرح قضايا جانبية وافراغ الجهد فيها والانشغال بها عن القضايا الاساسية التي جاء بها الإسلام ؟

ان هذة الهيئات والواجبات والاحزاب الإسلامية وتلك لا تمارس العمل الإسلامي الاصيل المتكامل .. العمل الذي يمكن ان يحقق النقلة الكبيرة من الجاهلية الي الإسلام .. العمل الذي يمكن ان ينقذ العالم الإسلامي من تحكم الحضارة الغربية الفاجرة وحكم الكفر والطاغوت ..العمل الذي يستهدف تكوين الفرد المسلم , والبيت المسلم , والمجتمع المسلم , والدولة المسلمة التي تحكم بما انزل الله ..

ولذلك تبقي اعمال كل هذة الفئات مبتورة شوهاء فضلا عن ان بعضها قد يتسبب في اساءات بالغة للإسلام باسم الإسلام ؟ وجزئية هذة الفئات وقصور عملها قد يوحيان ان الإسلام كذلك , وتعالي الإسلام عن ذلك علوا كبيرا ؟ او قد يخففان من خطورة النظم الوضعية وينفسان من غلواء المسلمين عليها ويساعدانها علي الاستمرار والبقاء ؟

ان العمل الإسلامي الذي يقوم علي اساس (التغير الكلي) والاعداد من اجل التغير الكلي .. والذي يحمل الإسلام (جملة) ويسعى لتطبيقه جملة- وان عجز حينا وتعثر في بعض مراحل العمل احيانا – هو العمل السليم الذي يمثل الخط الاصيل , كائنا ما كانت اسماؤه ومسمياته الخارجية , لانه يلتقي علي وحدة فهم ووحدة اسلوب ووحدة طريق ووحدة غاية وان تناءت الاقطار وتباعدت الديار .

ولقد عبر الاما م الشهيد حسن البنا رضوان الله تعالي عليه عن مواصفات هذة الفئة من العاملين اوضح تعبير فقال : ( ايها الإخوان .. انتم لستم جمعية خيرية , ولا حزبا سياسيا , ولا هيئة موضعية , لاغراض محدودة المقاصد .. ولكنكم روح جديد يسري في قلب هذه الامة فيحييه بالقران , وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلي الله عليه وسلم ) .

خامسا: أن ادرك أبعاد انتمائي للحركة الإسلامية

  • الانتماء العقيدي
  • الانتماء المصيري

أدرك انتمائي للحركة الإسلامية

ان الانتماء للحركة الإسلامية لا يكون بتقديم طلب انتساب وتسجيل اسم فحسب .. ولا يكون بالتردد الي متنديات الحركة ومراكزها وحضور اجتماعاتها فقط .. انما ينبغي ان يكون لهذا الانتماء ابعاد تتجاوز الحدود الشكلية والاعتبارات المظهرية .. ابعاد تؤكد العمق العقيدي وقوة الارتباط الفكري والتنظيمي ..

الإنتماء العقيدي :

واول الابعاد التي يجب لن ندركها في انتمائنا للحركة الإسلامية هو البعد العقيدي , ذلك ان الحركة ترفض ( الانتماء الشخصي ) المعهود في التكتلات الزعامية , والذي يعتبر جرثوم فنائها واندثارها ..

فالانتماء للحركة الإسلامية هو اولا انتماء لهذا الدين , وهو بتالي امتثال لامر الل وطمع في رحمته ورضاه .. وهذا ما يجعل الانتماء في مناى عن التاثير بموت الاشخاص او زوالهم او غيابهم عن مسرح الدعوة لسبب او لاخر لانه يجعل ارتباط الافراد بالله واجتماعهم عليه سبحانة وتعالي , وهذا في الواقع سر خلود هذة الدعوة وبقائها واستمرارها ( من كان يعبد محمدا فان محمد قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ) ( ان الذين يبايعون انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم فمن نكث فانما ينكث علي نفسه , ومن اوفي بما عاهد عليه الله فسيؤتيه اجرا عظيما ) .

والحركة الإسلامية ترفض كذلك ( الانتماء العفوي او العاطفي ) لان الإسلام منهج حياة يقوم علي مفاهيم محددة عن الكون والانسان والحياة .. ولان العمل للإسلام يهدف الي تحقيق هذا المنهج في المجتمع , تحقيقه بوعي وعمق وموضوعية , ولذلك يكون الوعي العقائدي والحركي والالتزام العملي من الابعاد التي تشترط لهذا الانتماء .. بل ان الثبات علي الدعوة وعملها والبقاء في المسيرة الإسلامية وتحقيق الانتاج فسها يفرضان توفر الفهم الصحيح والوعي السليم لابعاد الانتماء , واكثر الذين يتساقطون علي الطريق , او يتركون المسيرة بسرعة هم ممن ساروا بعفوية واندفعوا بعاطفية – تحت ظرف من الظروف – ولم يدركوت ابعاد الطريق ؟.

والحركة الإسلامية ترفض –كذلك- الانتماء المصلحي أي الانتماء الذي يتوسل به الناس لتحقيق بعض اغراضهم ومصالحهم الشخصية , ويتذرعون به للوصول الي مارب خاصة مادية او اجتماعية ؟

ان الانتماء للحركة الإسلامية يعني : تجنيد طاقة الفرد لخدمة الجماعة .. يعني اخضاع مصالحة لمصلحة الإسلام وليس العكس .. وهذا ما يربط العمل بالنية , والانتماء اطار العمل فلابد وان يزكو ويصفوا ويطهر ( انما الاعمال بالنيات , وانما لكل امرئ ما نوى , فمن كانت هجرته الي الله ورسوله فهجرته الي الله ورسوله , ومن كانت هجرته لدينا يصيبها او امرة ينكحها فهجرته الي ما هاجر اليه ) .

الإنتماء المصيري :

والبعد الاخر الذي ينبغي ان يتحقق في الانتماء للحركة الإسلامية هو البعد المصيري , أي ان يكون انتماء مصير .. بمعني ان يرتبط مصير المنتمي بمصير الجماعة كائنا ما كانت الظروف ..

فلا يكون انتماء مرحلة ينتي بانتهائها او انتماء ظرف ينتهي بزواله ؟

لا يكون انتماء في مرحلة الشباب ( والعزوبية ) وادبارا في مرحلة الرجولة ( والزواج )؟

لا يكون انتماء في حالة الفقر والعسر وهروبا في حالة الغنى واليسر ؟

لا يكون انتماء في الرخاء ونكوثا في البلاء ؟

انما يجب ان يكون الانتماء للحركة انتماء مؤبدا لا انفكاك فيه او نكوث عنه او هروب منه حتي يلقي المنتقي ربه وهو علي ذلك .. وهذا ما كان عليه اسلافنا الصالحون , بل هذا ما اكدته كثير من ايات الله البينات منها قوله تعالي ( ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن انا كنا معكم اوليس الله باعلم بما في صدور العالمين * وليعلمن الله الذين امنوا وليعلمن المنافقين ) وقوله ( ومن الناس من يعبد الله علي حلرف فان اصابه خير اطمان به وان اصابته فتنة انقلب علي وجهه خسر الدنيا والاخرة ذلك هو الخسران المبين ) وقوله ( وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين * وما كان قولهم الا ان قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا علي القوم الكافرين * فاتاهم الله ثواب الدنيا وحسن ثواب الاخرة والله يحب المحسنين ) .

ان دعوة الحق دعوة التزامات .. دعون ايمان وعمل .. دعوة جهاد ورباط ومصابرة .. دعوة تضحية وبذل وفداء .. ومن طبيعة دعوة الحق ان يتعرض اصحابها لتحديات اهل الباطل وتعدياتهم ولمكرهم وغدرهم ( ولنبلونكم حتي نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو اخباركم ) .

ان المنتمين للحركة الإسلامية يجب ان يكونوا نمطا اخر من الناس , في اخلاقهم ومعاملاتهم ومشاعرهم .. ان عليهم ان يعيشوا مبادئهم ولمبادئهم كائنا ما كانت الظروف والاحوال , بل ان عليهم ان يخرجوا من انانياتهم وذاتياتهم الي ذاتية الدعوة ومصلحتها .. هذة الصفات وسواها لا يمكن ان تشرق بها الشخصية ويتسم بها العامملون الا بعد تمحيص طويل عبر المكابدة والمعاناة ( فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الارض ) .

من هذة الزاوية تكون المحنة من الله يميز بها الخبيث من الطيب ويستخلص ويصطفي من هو اهل للاستخلاف في الارض ولحمل الامانة العظمى التي ابت السموات والارض والجبال ان يحملنها واشفقن منها , وصدق الله العظيم حيث يقول ( ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين * وليمحص الله الذين امنوا ويمحق الكافرين ) .

محنة الدعاة نوعان اساسيان تتفرع عنهما صنوف المحن والفتن :

الاول : يتعرض فيه الدعاة لشتى الوان الاغراء والاغواء , كالمال والجاه والسلطان والمنصب – مقابل التنازل عن بعض مبادئهم او كلها – ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والانعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن الماب * قل ؤنئكم بخير من ذلكم للذين اتقوا عند ربهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها وازواج مطهرة ورضوان من الله والله بصير بالعباد ) .

الثاني : ويتعرض فيه الدعاة لصنوف الارهاب والترهيب والوان الاضطهاد والتعذيب , يضربون ويسجنون او يقتلون او يحاربون في ارزاقهم , وواجبهم هنا الصبر والثبات حتي يقضي الله بامره ( الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل عظيم ) .

وهذا ما يجعل المحنة في الحياة الدعاة عنصرا من عناصر التمحيص , ووسيلة من وسائل الترقية والتنقية .. مثلها في ذلك مثل النار تنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد .. وصدق اله تعالي حيث يقول ( ونبلوكم بالشر والخير فتنة والينا ترجعون ) .

يقول الامام الشهيد في رسالة ( بين الامس واليوم ) تحت عنوان :

العقبات في طريقنا :

احب ان اصارحكم ان دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس , ويوم يعرفونها ويدركون مراميها واهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوةقاسية وستجدون امامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العثبات .. في هذا الوقت وحده تكونون قد بداتم تسلكون سبيل اصحاب الدعوات .. اما الان فلا زلتم مجهولين ولا زلتم تمهدون للدعوة وتستعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد .. سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة في طريقكم .. وستجدون من اهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم في سبيله .. وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطان .. وستقف في وجهكم كل الحكومات علي السواء , وستحاول كل حكومة ان تحد من نشاطكم وان تضع العراقيل في طريقكم ..

وسيتذرع الغاصبون بكل طريق لمناهضتكم واطفاء نور دعوتكم , وسيستعينون في ذلك بالحكومات الضعيفة والاخلاق والايدي الممتدة اليهم بالسؤال واليكم بالاساءة والعدوان ..

وسيثيرون جميعا حول دعوتكم غبار الشبهات وظلال الاتهامات , وسيحاولون ان يلصقوا بها كل نقيصة , وان يظهروها للناس في ابشع صورة معتمدين علي قوتهم وسلطانهم , ومعتدين باموالهم ونفوذهم : ( يريدون ان يطفئوا نور الله بافواههم ويابى الله الا ان يتم نوره ولو كره الكافرون ) ..

وستدخلون بذلك ولا شك في دور التجربة والامتحان .. فتسجنون وتعتقلون وتنقلون وتشردون وتصادر مصالحكم وتعطل اعمالكم وتفتش بيوتكم .. وقد يطول بكم مدى هذا الامتحان ( احسب الناس ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون ) ولكن الله وعدكم من بعد ذلك كله نصرة المجاهدين ومثابة العاملين المحسنين ( يايها الذين امنوا هل ادلكم علي تجارة تنجيكم من عذاب اليم .. فايدنا الذين امنوا علي عدوهم فاصبحوا ظاهرين ) فهل انتم مصرون علي ان تكونوا انصار الله ؟

سادساً: أكون مدركاً لمرتكزات العمل الإسلامي

  • وضوح الغاية
  • وضوح الطريق
  • طبيعة تغييرية
  • طبيعة كلية
  • طبيعة عالمية
  • طريق الرسول صلي الله عليه وسلم
  • مكانة القوة في استراتيجية الحركة


ثمة ثلاثة مرتكزات لنجاح العمل الإسلامي يجب ان يدركها العاملون للإسلام وهي :

1- وضوح الغاية .

2- وضوح الطريق .

3- الالتزام بهما .

أولا : وضوح الغاية

ان وضوح الغاية من العمل الإسلامي يوفر علي العاملين كثيرا من الجهود , وبالتالي يحفظ هذه الجهود من ان تستهلك وتضيع في قضايا هامشية ومعارك جانبية لا تتصل من قريب او بعيد بالغاية الاساسية التي يستهدفها ( العمل الإسلامي ) والتي ينبغي ان تفرد لها كل الطاقات والامكانيات ..

ومن خلال دراستنا للمنهج الإسلامي .. من خلال تدبرنا لكتاب الله تعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم .. ومن خلال الممارسات التطبيقية العملية في شتى مراحل التاريخ الإسلامي يتاكد لنا ان المبرر الاساسي لرسالة الإسلام , والغاية الاصيلة لهذا الدين هي : تعبيد الناس لربهم افرادا ومجتمعات .. تعبيدهم له في المسجد اثناء الصلاة كما في السوق اثناء البيع والشراء .. تعبيدهم له في (الصوم) كما في (الحكم) .. وفي الدعاء كما في القضاء سواء بسواء ( وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ) .

وبصراحة اكثر .. تعبيد الناس لله يعني ان يكون ولاؤهم له في كل شان من شؤون حياتهم .. ليس في شؤون الدين فحسب وانما في شؤون الدين والدنيا .. ذلك انه لا انفصال او انفصام في المفهوم الإسلامي بين شؤون الدين وشؤون الدنيا .. وهذا ما يفسر رفض الإسلام (للعلمنة) التي تقوم علي اساس فصل الدين عن الدولة , وان ما لقيصر لقيصر وما لله لله , وان الدين لله والوطن للجميع ؟

ان تعبيد الناس لله – في المفهوم الإسلامي – يعني بالتالي نقض كل المناهج البشرية التي من شانها تعبيد الناس للطاغوت .. نقض هذة المناهج لانها تمثل اولا : الاعتداء الصارخ علي حق الله في العبودية والحاكمية ( ان الحكم الا لله ) ولكونها ثانيا : فاشلة في ذاتها عاجزة في امكانياتها عن تحقيق انسانية الانسان في معركة تحقيق الذات ( افمن خلق كمن لا يخلق افلا تذكرون ) .

ثانيا : وضوح الطريق

ويجب ان ندرك كذلك ان العمل للإسلام , يعني العمل لتطبيق شرعة الله في الارض .. يعني احلال هذة الشريعة مكان شرائع الهوى والطاغوت .. ومنهج الله وشريعته فيها من ( الكفاية ) ما يغنيها ومن (الغني) ما يكفيها .. فيها من العقيدة جلالها , ومن الاخلاق جمالها , ومن التشريع سعته وعمقه ومرونته ..

وبذلك لا يكون التعايش مع الجاهلية – امدا وقدرا – الا في حدود ما تحتاج اليه عملية الانقلاب عليها من قوى وامكانيات .. لان الغاية هي تحقيق هذه النقلة .. وكل عمل لا يكون مساعدا علي تحقيقها , او مساهما في بلوغها , يكون تلهيا بما هو ادني عن الذي هو خير ( فلذلك فادع واستقم كما امرت ولا تتبع اهواءهم ) .

اما فيما يتعلق بطريق العمل للإسلام .. وهو مدار الخلاف بين العاملين .. فيمكن تحديده في ضوء الغاية التي جاء الإسلام لتحقيقها .. ومن خلال المسلك النبوي الذي اعتمده رسول الله صلي الله عليه وسلم لتحقيق هذه الغاية .

فغاية المنهج الإسلامي تحدد طبيعة الطريق وابعاده , وترسم بالتالي المعالم الاساسية للخطة التي يجب ان تعتمدها الحركة الإسلامية في كل زمان ومكان ..

هذا يعني بالتالي , ان طريق العمل للإسلام يجب ان تخضع لقواعد واصول ثابتة تمليها الغاية الاساسية من العمل , وتؤكدها الترجمة العملية في سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم ..

ذلك انه اذا كانت غاية منهج من المناهج ( عملية ) فان طبيعة الطريق ستكون بالتالي علمية ثقافية متوافقة مع الغاية نفسها كذلك الحال اذا كانت الغاية تربوية او اقتصادية او عسكرية او رياضيا وخيرية فان طبيعة الطريق ستكون متجانسة مع الغاية نفسها ؟

فان كانت غاية المنهج الإسلامي- كما هو معلوم – هي تعبيد الناس لله في سلوكهم ومعاملاتهم , في انظمتهم , وتشريعاتهم , وفي كل مناحي حياتهم .. فان ذلك يعني احلال المنهج الإسلامي محل النظم الوضعية ..

يعني اتبدال وضع بوضع .. يعني نقض الاسس والمرتكزات التي يقوم عليها المجتمع ونقض الحضارة التي يتبناها ويعتمدها , ليتم بعد ذلك عملية البناء علي قواعد الإسلام ووفق اسسه ومرتكزاته ..

• طبيعة تغيرية :

ان ذلك يفرض ان تكون طبيعة العمل للإسلام – (تغيريية) وليست (ترميمية)؟؟

تغييرية , بمعنى انها تابى الترقيع والقبول بانصاف الحلول .. تابى الانسجام مع المناهج الجاهلية .. تابي التعايش مع المذاهب الوضعية , كل المذاهب الوضية .

• طبيعة كلية :

ثم ان ذلك يفرض ان تكون طبيعة العمل للإسلام (كلية) بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى وما تحمله من دلالات وما تطرحه من ابعاد .. ان تكون كلية في استيعابها لكل ما تتطلبه المواجهة من امكانيات , وما يحتاج اليه تحقيق ( الغاية الكبرى ) من وسائل وطاقات .

ان الوعي الفكري والسياسي والحركي .. وان التربية النفسية والحركية .. وان التنظيم والتخطيط .. وان الاعداد البشري والمادي – علي كل صعيد – من العناصر التي لابد منها مجتمعة , والتي لا غنى لبعضها عن الاخر . لتحقيق الكلية في العمل الإسلامي , وصولا الي الغاية المنشودة (حتي لا تكون فتة ويكون الدين كله لله).

• طبيعة عالمية :

• ومسالة اخري يجب ان تكون واضحةللعاملين , وهي ان العمل للإسلام يجب ان يصل الي مستوى العالمية وعيا وتخطيطا وتنظيما .. ولا يجوز بحال ان يبقى صحيات خافتة تعلو وتخفت هنا وهناك وهنالك ؟

فالإسلام في مضمونه الفكري ومحتواه العقائدي نظام عالمي , يتعدى الاطر الاقليمية والقومية والعرقية واللغوية .. نظام يملك من سعة الاصول التشريعية ومرونتها ما يجعله فريدا في قدرته علي استيعاب مشاكل الحياة علي كل مستى وفوق كل صعيد .

وعالمية الدعوة تبدو من خلال الانتشار الافقي للمجتمع الإسلامي والذي غطى اكثر من نصف المعمورة مع الحفاظ علي وحدة القيادة فوق هذة البلاد جميعها ..

ان عالمية العمل للإسلام حتمية بالضرورة فضلا عن كونها واجبا من حيث المبدا .. فنحن نعيش عصرا عالمي المشكلات , عالمي القوى والاتجاهات , عالمي الافكار والمذاهب , شؤون الناس وقضاياهم وسياساتهم متداخله متشابكة , كذلك اقطارهم ودولهم , بحيث يصعب العمل والتحرك من غير ملاحظة كل الجوانب والظروف والقوى , ظاهرها وباطنها , اماميتها وخلفياتها , محلياتها ودولياتها ..

ان دراسة اصغر قضية او مشكلة محلية قد تؤكد في النهاية وجود مسببات وخلفيات خارجية لها , كما قد تؤكد الاحتياج الي فعاليات واجراءات دولية لحلها ؟

حيال كل ذلك .. يفرض علي العاملين للإسلام – وهم طلائع الحركة الإسلامية العالمية الاصلية – ان يخرجوا من اطار التفكير والتخطيط والتنظيم الاقليمي , ليبعدوا بالطاقات الإسلامية عن دوامة التاكل والاستنزاف المحلي والجانبي .. ليواجهوا بها قضاياهم الكبرى الاساسية .. ليحققوا الغاية الاساسية من وجودهم ( لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ) .

ان مهمة الحركة الإسلامية ان تهيئ كل الطاقات والامكانات الكفيلة بازالة حكم الطاغوت , وليس مهمتها ان تتلمس الحلول لمشكلات المجتمعات الجاهلية التي تحكم بغير ما انزل الله ؟

ليس من مهمة العمل الإسلامي ان يلتمس حلول المشكلات التعليمية والاعلامية او الغذائية والكسائية , او السياسية والاقتصادية , او سواها من المشكلات التي خلفتها النظم الوضعية الفاسدة ؟ واذا كان لابد من التعرض لمثل هذة المشكلات من قريب او بعيد , فبقدر ما يؤدي الي ادانة النظم التي افرزتها , وبقدر ما يعري هذة النظم ويفضحها ويؤكد بطلانها وليس ابدا بما يساعد هذة النظم علي التسلط والاستمرار , او يهيئ لها فرص البقاء والنماء ؟

فاذا عرضت ( مشكلة الغلاء ) مثلا , كلن علي الحركة ان تبين انها ثمرة طبيعية لحاكمية النظم الراسمالية التي من شانها خلق الاجواء المناسبة لنشاة الاحتكار وسيطرة فئة من الناس علي ثروات البلاد وتسخيرها لمصالحها الذاتية , وان الإسلام هو المنهج الوحيد الذي يملك خلق مجتمع نظيف تتحق فيه العدالة وتصان فيه حقوق الانسان وحرماته , والويل فيه لمن يعتدي علي كرامة الانسان وحقوقه؟ لا ان تعمل الحركة علي مساعدة هذة النظم علي حل المشكلة , لانها بذلك تكون قد اعطيتها مبرر البقاء ؟

واذا عرضت نا ( قضية فلسطين ) مثلا .. كان علي الحركة الإسلامية ان تؤكد من خلالها علي فشل الانظمة الحاكمة الذريع .. فشلها في تعبئة الامة نفسيا وحسيا للجهاد في سبيل الله واسترداد الارض المغتصبة .. وعلي دوران هذه النظم في فلك المعسكرات الاستعمارية الشرقية والغربية .. كما كان عليها ان تؤكد بكل ثقة واعتزاز ان الإسلام هو المنهج الوحيد القادر علي اعداد الامة وتهيئتها لمواجهة كل التحديات , وتحقيق النصر في كل ميدان ..

ان قبضة الحركة الإسلامية ينبغي ان تكون موجهة دائما وباستمرار الي مقاتل النظم الوضعية الحاكمة .. الي مرتكزاتها الاساسية وقواعدها ومنطلقاتها ..

وحذار من خطوة تكون سببا في عيشها لا مسمارا في نعشها ؟؟

حذارا من خطوة تكون مبررا لبقائها لا عاملا في زوالها وفنائها ؟؟

طريق الرسول صلي الله عليه وسلم :

ثم لابد من وقفة استطلاعية لطريق الرسول صلي الله عليه وسلم لنعرف ونتبين مدى توافقها مع غاية المنهج الإسلامي وطبيعته ..

والحقيقة ان سيرة الرسول صلي الله عليه وسلم – بكل سماتها وتفصيلاتها – تشكل اساسا لا مناص من ان تلتزم به مواكب العاملين للإسلام في كل زمان ومكان .. فهي تعرض للاسلوب الاسلم في العمل للإسلام , وتعرض لفن الدعوة والتعامل مع الناس , وبالتالي تبين كيفية مواجهة المجتمعات الجاهلية ونقضها ..

ويمكن تحديد معالم الطريق النبوية من خلال الخطوط الرئيسية التالية :

اولا : اعلان العبودية لله من اول يوم , من غير مصانعة او التواء ..

لتكن الغاية واضحة.. واضحة في اذهان الدعاة كما هي واضهة في اذهان المدعوين ( ليميز الله الخبيث من الطيب ) .

وقد جاء هذا الاعلان في قوالب شتى كان الوحي يتنزل بها علي قلب محمد صلي الله عليه وسلم وكلها ترتكز علي معنى واحد وهو تعبيد الناس لله في كل شان من شؤون حياتهم تعبيدهم له في (الالوهية) وتعبيدهم له في (الربوبية).

ولقد قاسى الرسول صلي الله عليه وسلم وصحبه شتي الوان الاذى والاضطهاد دون ان يحيدوا انملة او يترخصوا في حمل العقيدة وفي دعوة الناس اليها ( قل يا ايها الكافرون * لا اعبد ما تعبدون * ولا انتم عابدون ما اعبد * ولا انا عابد ما عبدتم * ولا انتم عابدون ما اعبد * لكم دينكم ولي دين ) فالحق احق ان يتبع مهما غلا الثمن وعزت التضحية ( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) .

ثانيا : اقامة تجمع حركي , يرتبط عقائديا وايمانيا بالله , ويخضع تنظيميا وحركيا لقيادة واعية , ويسير علي هدى من الله ونور ..

تجمع حركيا لقيادة واعية , ويسير علي هدى من الله ونور ..

تجمع حركي لا يخبط عشواء , ولا تشغله الاحداث الجانبية والقضايا الهامشية عن مواصلة العمل والاعداد لتحقيق اهداف الإسلام الكبرى .تجمع حركي , يرتبط بالإسلام ارتباط مصير , يتجاوز كل الاعتبارات والتعليقات الشخصية والمادية والزمنية ..

تجمع شهدت ولادته دار ( الارقم بن ابي الارقم ) حيث تاصل الايمان في قلوب اصحابه , وخبرت جهاده وتضحياته ساحات المعارك في بدر والقادسية واليرموك .. وصفحات التاريخ زاخرة ببطولات هذا الجليل الذي تعهده محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم , والذي به فتح الله الدنيا امام دعوة الإسلام .. ( اولئك ابائي فجئني بمثلهم ) ..

ثالثا : مواجهة الجاهلية مواجهة كاملة ولكنها واعية .. فالرسول صلي الله عليه وسلم كان يدرك ان اهداف الإسلام تحتاج الي تغيير كلي في حياة الناس .. في افكارهم ومعتقداتهم .. في سلوكهم وتقاليدهم .. في نظمهم وتشريعاتهم .. وان هذه المواجهة بالتالي تحتاج الي اعداد ( الطليعة المؤمنة ) بما يتناسب وثقل الامانة وضراوة التحدي وضخامة الاهداف . ولذلك .. كان الاعداد كليا .. بالعبادة والتربية كما بالفكر والثقافة .. وبالتنظيم والتخطيط كما بالتدريب والتمرس علي الجهاد النفسي والحسي .. كل جانب من هذه الجوانب بحسب اهميته وحجم الحاجة اليه وفي مكانه من مراحل العمل كما وكيفا ووقتا ..

مكان القوة الحسية في استراتيجية الحركة :

وهنا لابد من الاشارة الي مكان ( القوة الحسية ) في استراتيجية العمل الإسلامي حتي لا يذهبن الشطط باحد فيظن انها كل شئ او انها لا شئ ؟

ولقد بين الامام البنا رحمة الله مكان القوة في استراتيجية الحركة الإسلامية فقال :

يتساءل كثير من الناس : هل في عزم ( الحركة الإسلامية ) ان تستخدم القوة في تحقيق اغراضها ؟ وهل تفكر في اعداد ثورة عامة علي النظم السياسية او النظم الاجتماعية ؟ ولا اريد ان ادع هؤلاء المتسائلين في حيرة , بل اني انتهز هذه الفرصة فاكتشف اللثام عن الجواب السافر لهذا التساؤل في وضوح وجلاء فليسمع من يشاء .. اما القوة فشار الإسلام في كل نظمه وتشريعاته , فالقران الكريم ينادي في وضوح وجلاء ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخليل ترهبون به عدو الله وعدوكم ) والنبي صلي الله عليه وسلم يقول < المؤمن القوي خير واحب الي الله من المؤمن الضعيف > بل ان القوة شعار الإسلام حتي في الدعاء , وهو مظهر الخشوع والمسكنة , واسمع ما كان يدعو به النبي صلي الله عليه وسلم في خاصة نفسه ويعلمه اصحابه ويناجي به ربه " الهم اني اعوذ بك من الهم والحزن , واعوذ بك من العجز والكسل , واعوذ بك من الجبن والبخل , واعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال " .

فماذا تريد من انسان يتبع هذا الدين الا ان يكون قويا في كل شئ شعاره القوة في كل شئ ؟ فالإخوان المسلمون لابد ان يكونوا اقوياء , ولابد ان يعملوا في قوة ..

ولكن الحركة الإسلامية اعمق فكرا وابعد نظرا من ان تستهويها سطحية الاعمال والفكر فلا تغوص الي اعماقها , ولا تزن نتائجها وما يقصد منها وما يراد بها .. فهي تعلم ان اول درجة من درجات القوة قوة العقيدة والايمان .. ويلي ذلك قوة الوحدة والارتباط .. ثم بعدهما قوة الساعد والسلاح .. ولا يصح ان توصف جماعة بالقوة حتي تتوفر لها هذة المعاني جميعا , وانها اذا استخدمت قوة الساعد والسلاح وهي مفككة الاوصال مضطربة النظام او ضعيفة العقيدة خامدة الايمان , فسيكون مصيرها الفناء والهلاك .

هذة نظة , ونظرة اخرى , هل اوصى الإسلام – والقوة شعاره – باستخدام القوة في كل الظروف والاحوال ؟ ام حدد لذلك حدودا واشترط شوطا ووجه القوة توجيها محدودا ونظرة ثالثة : هل تكون القوة اول علاج ام ان اخر الدواء الكي ؟ وهل من الواجب ان يوازن الانسان بين نتائج استخدام القوة النافعة ونتائجها الضارة , وما يحيط بهذا الاستخدام من ظروف ؟ ام ان واجبه ان يستخدم القوة وليكن بعد ذلك ما يكون ؟ هذة نظرات تلقيها الحركة الإسلامية علي اسلوب استخدام القوة قبل ان تقدم عليها .. والثورة اعنف مظاهر القوة , فنظر الحركة , الإسلامية ايها ادق واعمق .


سابعا: إدراك شروط البيعة والعضوية

  • الكيف لا الكم
  • البيعة وحكمها الشرعي
  • الطاعة وحكمها الشرعي
  • أركان البيعة
  • واجبات الاخ المسلم


إن بإمكان كل مسلم ان يشارك الحركة الإسلامية في اعباء العمل للإسلام وذلك بالانتظار في صفوفها , وذلك متى توفرت فيه الصفات الانفة الذكر , ومتى احس بالواقع المرير الذي تعيشه الامة , وادرك سر هذا التردي , ثم امن بقدرات الإسلام علي بعث هذة الامة وانقاذها , والبلوغ بها ارفع المستويات الانسانية والحضارية والاخلاقية , مع ما يقتضيه هذا الايمان من خضوع كلي لاحكام الإسلام ومبادئه في شؤون حياته كلها ..

الكيف لا الكم

ومن الطبيعي جدا ان تحاول الحركة الإسلامية تنمية صفها وتكثير عدد افرادها بمختلف الاساليب والطرق المشروعية . . ولكن هذا الامر لا يجعلها تجمع الافراد كيفما اتفق ؟ فالنوعية اهم من الكمية .. وقد تبذل الدعوةجهدا في كسب الفرد فتبذل في ذلك وقتا وجهدا علي امل ان ياخذ هذا الفرد مكانه في الجماعة فيحمل قسطه من المسؤولية ونصيبه من التكاليف ,ولكنها ترفض ان تبقى الجماعة تحمل افرادها طيلة العمل لان ذلك مضيعة للجهد وسفه في العمل ..والفرد , قد يكون امة , وقد يكون كلا وثقلا يضر ولا ينفع .. وعدم وضعه في الحساب اجدى واولى .. وهنالك دروس كثيرة لعظمة والاعتبار ( ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين ) .

ان الكثرة العددية ليس لها المقام الاول , انما هو لقلة العارفة باله لثابته المتجردة للحق .. وان الكثرة لتكون احيانا سببا في الهزيمة , لان بعض الداخلين فيها , التائهين في غمارها ممن لم يدركوا حقيقة الإسلام ولم يلتزمون به تتزلزل اقدامهم وترجف في ساعة الشدة , وبذلك يشيعون الاضطراب والهزيمة في النفوس وفي الصفوف ..

ولذلك يصبح تقييم الافراد وتصنيفهم , في الحركة من مظاهر العافية فيها كيما تعرف رصيدها الحقيقي من الامكانات البشرية قبل البدء في أي عمل .. وهذا لا يعني بحال ان تتخلي الحركة عن بقية افرادها , بل تتابعهم بالتوعية والتربية حتي كون منهم الرفد الدائم ..

البيعة وحكمها الشرعي

البيعة هي العهد علي طاعة .. كان المبايع يعاهد اميره علي ان يسلم له النظر في نفسه وامور المسلمين , لا ينازعه في شئ من ذلك , ويطيعه فيما يكلفه به من الامر علي المنشط والمكره ..

والبيعة سنة نبوية اعطاها المسلمون لرسول الله صلي الله عليه وسلم مرارا في حياته ( كبيعة العقبة الاولي والثانية وكبيعة الرضوان ) وبقيت نافذة بعد وفاته يعطيها المسلمون لاولياء امورهم ..

اخرج البخاري ن جنادة بن ابي امية عن عبادة بن الصامت قال < دعانا لنبي صلي الله عليه وسلم فبايعناه .. فقال : فيما اخذ علينا , ان بايعنا علي السمع والطاعة في منشطنا ومكهنا , وعسرنا ويسرنا , واثره علينا .. والا ننازع الامر اهلة , الا ان تروا كفرا بواحا عندكم من اله فيه برهام > .

قال ( صديق حسن خان ) في الدين الخالص 3\137 : ( في هذا الحديث دلالة علي ان طلب المبايعة من الاصحاب سنة .. وكذلك مبايعتهم علي ذلك سنة , والوفاء بها واجب ونقضها عمدا معصية ) .

وقال ( ابن حجر ) في تفسير ذلك : ( منشطنا وكرهنا : أي في حالة نشاطنا وفي الحالة التي نكون فيها عاجزين عن العمل بما نؤمر به ) وقال (الداةدي) : ان المراد الاشياء التي يكرهونها ) وقال ( ابن التين ) : والظاهر انه اراد في وقت الكسل والمشقة .

وقال ( ابن جزي المالكي ) : لا يجوز الخروج علي الولاة وان جاروا , حتي يظهر منهم الكفر الصراح , وتجب طاعتهم فيما احب الانسان وكره , الا ان اموا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) .

والاخ العامل الصادق يجب ان يستمد من كل هذة الاقوال وغيرها ما يجب عليه في معاملة مسؤولية وقادة الدعوة .. وان يكون ارفع من ان يصرف همه لتتبع زلات وعورات اخوانه لان حسن الظن بالمسلمين هو الاصل الواجب الاتباع , وليس الاساليب الحزبية البعيدة عن التقوي والدين , وكل بدعة ضلالة .

الطاعة وحكمها الشرعي :

الطاعة هي الامتثال للامر .. واذا لم تحصل الطاعة حلت المعصية والفتنة .. والمؤمن قد تخفى عليه قدمات الفتنة , فلا يحس بها الا حيث تقع فعلا .. ولذلك وجب عليه ان يكون محترسا في جميع اقواله وافعاله وتصرفاته حتي لا يكون فتنة للذين امنوا ..

والطاعة واجبة ما لم تكن معصية او تؤدي الي معصية لقول الله تعالي ( يايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه الي الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تاويلا ) .

وعن ابي هريرة رضي الله عنه , ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : < من اطاعني فقد اطاع الله , ومن عصاني فقد عصى الله , ومن اطاع اميري فقد اطاعني , ومن عصي اميري فقد عصاني > .

واخرج البخاري عن لنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم < اسمعوا واطيعوا وان استعمل عليكم عبد حبشي > واخرج عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم < من راى من امير شيئا فكرهه فليصبر , فانه ليس احد مفارقا الجماعة شيئا فيموت الا مات ميتة جاهلية > وفي رواية < فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه > .

واخرج البخاري ن عبد الله بن عمر رضي اله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم < السمع والطاعة لي المرء المسلم فيما احب وكره مالم يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة > .

واخرج البخاري بسنده الي عمر بن الخطاب انه قال < ان اناسا كانوا يؤخذون بالوحي في عهد الرسول الله صلي الله عليه وسلم وان الوحي قد انقطع , وانما ناخذكم بما ظهر لنا من اعمالكم , فمن اظهر لنا خيرا اماه وقربناه وليس الينا من سريرته شئ , الله يحاسبه في سريرته , ومن اظهر لنا سوءا لم نامنه ولم نصدقه وان قال ان سريرته حسنة > الصحيح 9\209 .


أركان البيعة

ان الانتماء للحركة الإسلامية هو في الحقيقة انتماء فعلي للإسلام .. وبداية عهد جديد مع الله .. ومبايعة علي العمل والجهاد في سبيل الله .. ولقد اجمل ( الإمام الشهيد ) اركان البيعة فقال :

أركان بيعتنا عشرة فاحفظوها :

( الفهم , الإخلاص , العمل , الجهاد , التضحية , الطاعة , الثبات , التجرد , الاخوة والثقة ) .

وقد فسر الإمام الشهيد كل ركن من هذة الاركان فقال :

1- الفهم : أن توقن بان فكرتنا " اسلامية صميمة " وأن تفهم الإسلام كما نفهمه في حدود هذه الاصول العشرين الموجزة كل الايجاز ( ولخصها بما يلي ) :

1- ان الإسلام نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا .

2- وان القران والسنة مرجع كل مسلم في التعرف الي احكام الإسلام .

3- وان للايمان الصادق والعبادة الصحيحة والمجاهدة نور وحلاوة يقذفها الله في قلب من يشاء من عباده , وان الكشف والرؤى زالالهام والخواطر ليست من ادلة الاحكام الشرعية ولا تعتبر الا بشرط عدم اصطدامها باحكام الدين ونصوصه .

4- وان التمائم والرقي والودع والرمل والمعرفة والكهانة وكل ما كان من هذا الباب منكر تجب محاربته ( الا ما كان اية من قران او رقية ماثورة ) .

5- وان راي الامام ونائبه فيما لا نص فيه وفيما يحتمل وجوها عدة وفي المصالح المرسلة معمول به مالم يصطدم بقاعدة شرعية .

6- وان كل واحد يؤخذ من كلامه ويترك الا المعصوم صلي الله عليه وسلم .

7- وان علي كل مسلم لم يبلغ درجة النظر في ادلة الاحكام الشرعية ان يتبع اماما من ائمة الدين .

8- وان الخلاف الفقهي في الفروع لا يكون سببا للتفرق في الدين .

9- وان كل مسالة لا ينبني عليها عمل فالخوض فيها من التكليف الذي نهينا عنه شرعا .

10- وان معرفة الله تبارك وتعاي وتوحيده وتنزيهه اسمى عقائد الإسلام .. وان ايات الصفات واحاديثها الصحيحة نؤمن بها كما جاءت من غير تاويل ولا تعطيل .

11- وان كل بدعة في دين الله لا اصل لها بدعة تجب محاربتها بافضل الوسائل .

12- وان البدعة الاضافة والتركية والالتزام في العبادات المطلقة خلاف فقهي لكل فيه رايه ولا باس بتمحيص الحقيقة بالدليل والبرهان .

13- وان محبة الصالحين واحترامهم والثناء ليهم بما عرف من طيب اعمالهم قربة الي اله تبارك وتعالى . 14- وان زيارة القبور ايا كانت سنة مشروعة بالكيفية الماثورة .

15- وان الدعاء اذا قرن بالتوسل الي الله باحد من خلقه خلاف فرعي في كيفية الدعاء وليس من مسائل العقيدة .

16- وان العرف الخاطئ لا يغير قائق الالفاظ الشرعية .

17- وان العقيدة اساس العمل وعمل القلب اهم من عمل الجارحة وتحصيل الكمال في كليهما مطلوب شرعا وان اختلف مرتبتا الطلب .

18- وان الإسلام يحرر العقل ويحث علي النظر في الكون ويرفع قدر العلم والعلماء ويرحب بالصالح النافع في كل شئ .

19- وقد يتناول كل من النظر الشرعي والنظر العقلي ما لا يدخل في دائرة الاخر , ولكنهما لن يختلفا في القطعي , فلن تصطدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابته , ويؤول الظني منهما ليتفق مع القطعي , فان كانا ظنيين فالنظر الشرعي اولي بالاتباع حتي يثبت العقلي او ينهار .

20- لا تكفر مسلما اقر باشهادتين وعمل بمقتضاهما وادى الفرائض – براي او معصية – الا ان اقر بكلمة الكفر او عمل عملا لا يحتمل تاويلا غير الكفر ..

2- الإخلاص : أن يقصد الاخ المسلم بقوله وعمله وجهاده كله وجه الله من غير نظر الي مغنم او مظهر او جاه او لقب وبذلك تكون جندي فكرة وعقيدة لا جندي غرض ومنفعة .

3- العمل : واريد به اصلاح النفس وتكوين البيت المسلم , وارشاد المجتمع , وتحرير الوطن , واصلاح الحكومة حتي تكون اسلامية بحق , واعادة الكيان الدولي للامة الإسلامية , واستاذية العالم بنشر دعوة الإسلام في ربوعه حتي لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ..

4- بالجهاد : واريد به الفريضة الماضية الي يوم القيامة والمقصود بقول رسول الله صلي الله عليه وسلم < من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية > .

5- التضحية : واريد بها بذل النفس والمال والوقت والحياة وكل شئ في سبيل الغاية .

6- الطاعة : واريد بها امتثال الامر وانفاذ في العسر واليسر والمنشط والمكره .

7- الثبات : واريد به ان يظل الاخ عاملا مجاهدا في سبيل غايته مهما بعدت المدة وتطاولت السنوات والاعوام حتي يلقى الله علي ذلك وقد فاز باحدى الحسنيين الغاية اة الشهادة .

8- التجرد : واريد به ان تخلص لفكرتك دونما سواها من المبادئ والاشخاص لانها اسمى الفكر واجمعها واعلاها ( صبغة الله ومن احسن من الله صبغة ) .

9- الاخوة :واريد بها ان ترتبط القلوب والارواح برباط العقيدة , والعقيدة اوثق الروابط واغلاها .

والاخوة احدى المقومات التي يعتمد عليها الإسلام في تمكين بنية المجتمع الإسلامي واحكام الربط بين ابنائه .

والحركة الإسلامية احوج ما تكون الي تعميق هذة الاصرة كيما تكون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا , او كالجسد الواحد اذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الاعضاء بالحمى والسهر .

وكيما تؤدي (الاخوة) دورها المطلوب في كيان الجماعة , بين الإسلام حقوقها وواجباتها العملية الحسية تاكيدا علي انها تكاليف واعباء وليس كلاما ونظريات ؟

1- الاخوة تعين علي طاعة اله , مصداقا لقوله الرسول صلي الله عليه وسلم : < من اراد الله به خيرا رزقه خليلا صالحا , ان نسى ذكره , وان ذكر اعانه > والي ذلك يشير عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله < عليك بإخوان الصدق , فعش في اكنافهم , فانهم زينة في الرخاء , وعدة في البلاء ) .

2- الاخوة تكافل نفسي , واحساس بحاجات الاخ والسعي لقضائها , مصداقا لقوله صلي الله عليه وسلم < لان يمشي احدكم مع اخيه في قضاء حاجته – واشار باصبعه – افضل من ان يعتكف في مسجدي هذا شهرين > رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد .

3- الاخوة تكافل مادي , لقول الرسول صلي الله عليه وسلم < من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة , ومن يسر علي معسر يسر الله عليه في الدنيا والاخرة , ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخرة , والله في عون العبد ما كان العبد في عون اخيه < رواه مسلم وابو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه .

4- الاخوة تكاليف اجتماعية تتناول ابسط الواجبات واهمها يقول الرسول صلي الله عليه وسلم < حق المسلم علي المسلم ست : اذا لقيته فسلم عليه , واذا دعاك فاجبه ,’ واذا استنصحك فانصح له , واذا عطس فحمد الله فشمته , واذا مرض فعده , واذا مات فشيعة > رواه مسلم

5- الاخوة انس ومحبة وتكاتف , يقول الرسول صلي الله عليه وسلم < لا تقاطعوا ولا تدابروا , ولا تباغضوا , ولا تحاسدوا , وكونوا عباد الله اخوانا , ولا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث > رواه مالك والبخاري وابو داود والترمذي == والنسائي , ويقول صلي الله عليه وسلم :< لا تحقرن من المعروف شيئا ولو ان تلقى اخاك بوجه طلق > رواه مسلم , ويقول < كل معروف صدقة , وان من المعلروف ان تلقى اخاك بوجه طلق , وان تفرغ من دلوك في انا اخيك > رواه الترمذي ويقول صلي الله عليه وسلم < تهادوا تحابوا وتذهب الشحناء > متفق عليه .

6- الاخوة غيرة ووفاء يقول الرسول صلي الله عليه وسلم < من رد عن عرض اخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة > رواه الترمذي , ويقول < دعوة الاخ لاخيه بظهر الغيب مستجابة , عند راسه ملك موكل , كلما دعا لاخيه بخير , قال الملك الموكل به , امين ولك بمثل > مسلم .

10- الثقة : واريد بها اطوئنان الجندي الي القائد وكفاءته , واخلاصه , اطمئنانا عميقا ينتج الحب والتقدير والاحترام والطاعة .

واجبات الاخ المسلم

وفي واجبات الاخ المسلم ( المنتمي للحركة الإسلامية ) حدد الإمام الشهيد في رسالة التعاليم بضعا وثلاثين واجبا اجمل بها واجبات كل اخ مسلم نحو نفسه وبيته ومجتمعه فقال :

ايها الاخ الصادق : ان ايمانك بهذه البيعة يوجب عليك اداء هذه الواجبات حتي تكون لبنة قوية في البناء : 1- ان يكون لك (ورد) يومي من كتاب الله لا يقل عن جزء واجتهد الا تختم في اكثر من شهر ولا في اقل من ثلاثة ايام ..

2- ان تحسن تلاوة القران والاستماع اليه والتدبرفي معانيه , وان تدرس السيرة المطهرة وتاريخ السلف بقدر نا يتسع له وقتك واقل ما يكفي في ذلك كتاب ( حماة الإسلام ) وان تكثر من القراءة في حديث الرسول صلي الله عليه وسلم , وان تحفظ اربعين حديثا علي الاقل ولتكن الاربعين (النووية) وان تدرس رسالة في اصول العقائد ورسالة في فروع الفقه ..

3- ان تبادر بالكشف الصحي العام , وان تاخذ في علاج ما يكون فيك من امراض , وتهتم باسباب القوة والوقاية الجسمانية وتبتعد عن اسباب الضعف .

4- ان تبتعد عن الاسراف في قهوة البن والشاي ونحوها من المشروبات المنبهة فلا تشربها الا لضرورة , وان تمتنع بتاتا عن الدخان ..

5- ان تعني بالنظافه في كل شئ , في المسكن والملبس والمطعم والبدن , ومحل العمل , فقد بني الدين علي النظافة ..

6- ان تكون صادق الكلمة فلا تكذب ابدا ..

7- ان تكون وفيا بالعهد والكلمة والوعد فلا تخلف مهما كانت الظروف ..

8- ان تكون شجاعا عظيم الاحتمال , وافضل الشجاعة الصراحة في الحق وكتمان السر , والاعتراف بالخطا , والانصاف من النفس وملكها عند الغضب ..

9- ان تكون وقورا , تؤثر الجد دائما , ولا يمنعك الوقار من المزاح الصادق والضحك في تبسم ..

10- ان تكون شديد الحياء , دقيق الشعور , عظيم التاثير بالحسن والقبح , تسر للاول وتتالم للثاني , وان تكون متواضعا في غير ذل ولا خنوع ولا ملق , وان تطلب اقل من مرتبتك لتصل اليها ..

11- ان تكون عادلا صحيح الحكم في جميع الاحوال , لا ينسيك الغضب الحسنات , ولا تغضي عين الرضا عن السيئات , ولا تحملك الخصومة علي نسيان الجميل , وتقول الحق ولو كان علي نفسك , او علي اقرب الناس اليك ولو كان مرا ..

12- ان تكون عظيم النشاط , مدربا علي الخدمات العامة , تشعر بالسعادة والسرور اذا استطعت ان تقدم خدمة لغيرك من الناس , فتعود المريض وتساعد المحتاج وتحمل الضعيف وتواسي المنكوب ولو بالكمة الطيبة ويبادر دائما الي الخيرات .

13- ان تكون رحيم القلب كريما سمحا , تعفو وتصفح زتلين وتحلم وترفق بالانسان والحيوان , جميل المعاملة , حسن السلوك مع الناس جميعا , محافظا علي الاداب الإسلامية الاجتماعية فترحم الصغير وتوقر الكبير وتفسح في المجلس ولا تتجسس ولا تغتاب ولا صخب , وتستاذن في الدخول والانصراف الخ ..

14- ان تجيد القراءة والكتابة , وان تكثر من المطالعة في رسائل الإخوان وجرائدهم ومجلاتهم ونحوها , وان تكون لنفسك مكتبة خاصة مهما كانت صغيرة , وان تتبحر في علمك وفنك ان كنت من اهل الاختصاص , وان تلم بالشؤون الإسلامية الإسلامية العامة الماما يمكنك من تصورها والحكم عليها حكما يتفق مع مقتضيات الفكرة ..

15- ان تزاول عملا اقتصاديا مهما كنت غنينا , وان تقديم علي العمل الحر مهما كان ضئيلا , وان تزج بنفسك فيه مهما كانت مواهبك العلمية ..

16- الا تحرص علي الوظيفة الحكومية , وان تعتبرها اضيق ابواب الرزق ولا ترفضها اذا اتيحت لك , ولا تتخل عنها الا ان تعارضت تعارضا تاما مع واجبات الدعوة ..

17- ان تحرص كل علي اداء مهمتك من حيث الاجادة والاتقان وعدم الغش وضبط الموعد ..

18- ان تكون حسن التقاضي لحقك , وان تؤدي حقوق الناس كاملة غير منقوصة بدون طلب ولا تماطل ابدا ..

19- ان تبتعد عن الميسر بكل انواعه مهما كان المقصد من ورائها وتتجنب وسائل الكسب الحرام مهما كان وراءها من ربح عاجل ..

20- ان تبتعد عن الربا في جميع المعاملات وان تتطهر منه تماما

21- ان تخدم الثروة الإسلامية العامة بتشجيع المصنوعات والمنشات الاقتصادية الإسلامية , وان تحرص علي القرش فلا يقع في يد غير اسلامية مهما كانت الاحوال , ولا لبس ولا تاكل من صنع وطنك الإسلامي ..

22- ان تشترك في الدعوة بجزء من مالك , وان تؤدي الزكاة الواجبة فيه , وان تجعل منه حقا معاوما للسائل والمحروم مهما كان دخلك ضئيلا ..

23- ان تدخر للطوارئ جزءا من دخلك مهما قل والا تتورط في الكماليات ابدا .

24- ان تعمل ما استطعت علي احياء العادات الإسلامية , واماتة العادات الاعجمية في كل مظاهر الحياة ومن ذلك التحية واللغة والتاريخ والزي والاثاث ومواعيد العمل والراحة والطعام والشراب والقدوم والانصراف والحزن والسور الخ .. وان تتحري السنة المطهرة في كل ذلك .

25- ان تقاطع المحاكم الاهلية (المدنية) وكل قضاء غير اسلامي والاندية والصحف والجماعات والمدارس والهيئات التي تناهض فكرتك الإسلامية مقاطعة تامة ..

26- ان تديم مراقبة اله بارك وتعالي وتذكر الاخرة وتستعد لها , وتقطع مراحل السلوك أي رضوان الله بهمة وعزيمة , وتتقرب اليه سبحانه بنوافل العبادة ومن ذلك : صلاة الليل , وصيام ثلاثة ايام من كل شهر علي الاقل , والاكثار من الذكر القلبي واللساني , وتحري الدعاة الماثور علي كل الاحوال ..

27- ان تحسن الطهارة , وان تظل علي وضوء في غالب الاحيان ..

28- ان تحسن الصلاة وتواظب علي ادائها في اوقاتها وتحرص علي الجماعة والمسجد ما امكن ذلك ..

29- ان تصوم رمضان , وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا , وتعمل علي ذلك ان لم تكن مستطيعا الان ذلك ..

30- ان تستصحب دائما نية الجهاد وحب الشهادة وان تستعد لذلك ما وسعك الاستعداد ..

31- ان تجدد التوبة والاستغفار دائما , وان تتحرر من صغائر الاثام فضلا عن كبائرها وان تجعل لنفسك ساعة قبل النوم تحاسبه فيها علي ما عملت من خير او شر , وان تحرص علي الوقت فهو الحياة , فلا تصرف جزءا منه في غير فائدة , وان تتورع عن الشبهات حتي لا تقع في الحرام .

32- ان تجاهد نفسك جهادا عنيفا حتي يسلس قيادها لك , وان تغض طرفك وتضبط عاطفتك وتقاوم نوازع الغريزة في نفسك وتسمو بها دائما الي الحلال الطيب وتحول بينها وبين الحرام من ذلك ايا كان ..

33- ان تتجنب الخمر والمسكر والمفتر وكل ما هو من القبيل كل الاجتناب ..

34- ان تبتعد عن اقران السوء واصدقاء الفساد واماكن المعصية والاثم ..

35- ان تحارب اماكن اللهو فضلا عن الا تقربها , وان تبتعد عن مظاهر الترف والرخاوة جميعا ..

36- ان تعرف اعضاء كتيبتك فردا فردا , معرفة تامة , وتعرفهم بفسك معرفة تامة كذلك , وتؤدي حقوق اخوتهم كاملة من الحب والتقدير والمساعدة والايثار , وان تحضر اجتماعاتهم فلا تتخلف عنها الا بعذر قاهر وتؤثرهم بمعاملتك دائما ..

37- ان تخلى عن صلتك باية هيئة او جماعة لا يكون الاتصال بها في مصلحة فكرتك وبخاصة اذا امرت بذلك ..

38- ان تعمل علي نشر دعوتك في كل مكان وان تحيط القيادة علما بكل ظروفك , ولا تقدم علي عمل يؤثر فيها تاثيرا جوهريا , الا باذن , وان تكون دائم الاتصال الروحي بها , وان عتبر نفسك دائما جنديا في الثكنة تنتظر الامر .


ورد الرابطة

يتلو الاخ في تدبر كاملة هاتين الايتين الكريمتين :

( قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير انك علي كل شئ قدير * تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب ) .

ثم يستحضر الاخ صور من يعرف من اخوانه في ذهنه , يستشعر الصلة الروحية بينة وبين من لم عرفه منهم ثم يدعو لهم بمثل هذا الدعاء :

(اللهم انك تعلم ان هذة القلوب قد اجتمعت علي محبتك , والتقت علي طاعتك , وتوحدت علي دعوتك , وتعاهدت علي نصرة شريعتك , فوثق اللهم رابطتها , وادم دها , واهداها سلبها , واملاها بنورك الذي لا يخبو , واشرح صدورها بفيض الايمان بك , وجميل التوكل عليك , واحيها بمعرفتك , وامتها علي الشهادة في سبيلك , انك نعم المولي ونعم النصير , اللهم امين وصل اللهم علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه)