الفرق بين المراجعتين لصفحة: «قالب:تاريخ الإخوان في لبنان»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
 
(١١ مراجعة متوسطة بواسطة مستخدمين اثنين آخرين غير معروضة)
سطر ١: سطر ١:
<center>'''الإخوان المسلمين في لبنان'''</center>
<center>'''[[الإخوان المسلمين]] في [[لبنان]]'''</center>


*'''بقلم / عبده مصطفى دسوقي'''
'''إعداد: [[موسوعة الإخوان المسلمون|ويكيبيديا الإخوان المسلمين]]'''
[[ملف:إخوان-لبنان.gif|center]]
[[ملف:إخوان-لبنان.gif|تصغير|250بك|<center>مسيرة للإخوان المسلمين فى لبنان</center>]]
لقد حرص [[الإخوان]] بالعناية على نشر دعوتهم في كل مكان وكل بقعة من الأرض، وقد استغلوا وجود بعض الوفود من الدول فكانوا يحتفلون بهم ومنهم وفد لبنان، الذي حضر احتفال المركز العام للإخوان المسلمين بتكريم أعضاء الوفود العربية بمجلس الدول العربية.
'''<center><font color="blue"><font size=5> تاريخ [[الإخوان المسلمين]] في [[لبنان]]</font></font></center>'''


'''ولبنان بها طوائق كثيرة ولذا حرص الإخوان على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقاموا بأمور منها:'''


1- الإشادة بكل موقف إيجابي يساعد أو يتفق من قريب أو بعيد مع تحقيق هدف الوحدة والترابط بين الشعوب العربية والإسلامية.
'''<center><font color="green"><font size=4>كيف بدأ؟</font></font></center>'''


2- انتقاد كل المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية.
*'''[[إخوان ويكي]]'''


3- الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها.
==تقديم==


4- حرص الإخوان على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ﻫ الموافق يناير1944 استقبلت دار الإخوان وفدًا لبنانيًّا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك.
بلاد الشام هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين، حيث تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من [[سورية]] و[[لبنان]] و[[الأردن]] و[[فلسطين]] التاريخية.


ولقد نشأة دعوة [[الإخوان]] في لبنان متزامنة مع نشأتها في سوريا، حيث يؤكد الأستاذ [[عمر بهاء الأميري]] ذلك في مجلة [[الإخوان المسلمين]] اليومية عام 1948م فيقول: "في عام 1356ﻫ /1937م أسس في حلب أول مركز مرخص لجماعة [[الإخوان]] رغم تضيق الاستعمار الفرنسي الغاشم، وبدأت منذ ذلك الوقت الاتصالات الوثيقة مع الإخوان في مصر ولاسيما فضيلة المرشد العام.
والجمهوريّة اللبنانية هي إحدى الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط في غرب القارة الآسيوية، حيث تحدها [[سوريا]] من الشمال والشرق، و[[فلسطين]] من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط، وهي بلد ديمقراطي جمهوري طوائفي غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، وقد حصل على الاستقلال في 22 [[نوفمبر]] [[1943]] حيث اعتمد اسم "الجمهورية اللبنانية".


== مشاركة الإخوان في المظاهرات لدعم سوريا ولبنان ==
==اهتمام [[الإخوان]] ب[[لبنان]]==


ثم تتالى تأسيس المراكز المرخصة في دمشق وحمص وحماة واللاذقية ودير الزور في محافظات سوريا، وفي لبنان أسس مركز بيروت وطرابلس".
كانت الساحة اللبنانية تتنازعها القوميات المختلفة، والأحزاب السياسية المتعددة التي شكلت الطابع السياسي والذي غلب عليه الطائفية، والصراعات بين الأحزاب المختلفة خاصة بعد استقلال البلاد.


ولقد بعث الإمام [[البنا]] الأستاذ [[عبد الرحمن الساعاتي]] والأستاذ [[محمد أسعد الحكيم]] إلى سوريا وفلسطين ولبنان لنشر الدعوة وتوضيح الفكرة في بلاد الشام، فكانت أول بعثة [[للإخوان المسلمين]] في الأقطار الشقيقة وكان ذلك في 5من جمادى الأولى 1354هـ الموافق 5أغسطس 1935م،وبعد تلك الرحلة المباركة، رشح الإمام الشهيد أحد كبار [[الإخوان]] وهو الأستاذ [[محمد الهادي عطية]] المحامي ليقوم بتدريس الشريعة الإسلامية والفلسفة بكلية المقاصد الخيرية في القطر الشقيق بيروت فسافر في أكتوبر سنة 1935م وقد ودعته جريدة الإخوان تحت عنوان: "الأستاذ الهادي في طريقه إلى بيروت".
لقد دفع هذا التعدد الطائفي ب[[لبنان]] إلى صراع طائفي شديد، ربما وقف حائلاً دون ترابطه مع باقي الشعوب العربية المجاورة.


وكان في عام 1937م كان نائب شعبة بيروت الشيخ أنيس الشبح.
ولقد قدّر [[الإخوان]] هذه الأحوال وفهموها جيدًا؛ لذلك بدأ [[الإخوان]] خطواتهم تجاه هذه البلاد بسياسة تناسب كل بلد على حدة، مما أوجد آثارًا تختلف من قطر إلى آخر رغم اهتمام [[الإمام البنا]] بقضاياها وتقديمها على بعض القضايا إيمانًا منه بأن هذه البلاد هي الامتداد الطبيعي لنشر فكر [[الإخوان]] ونشاطهم.


وفي سنة 1943م عقد مؤتمر في حمص اشترك فيه ممثلو المراكز في سوريا ولبنان، وأقر بقاء (دار الأرقم) في حلب مركزًا رئيسيًّا، واتخذ قرارات ذات لون جديد، كإحداث منظمتي السرايا والفتوة في كل مركز، والعناية بالناحيتين الرياضية والاقتصادية إلى جانب النواحي الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والقضايا الإسلامية والعربية العامة.
حيث حرص [[الإخوان]] على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقد انتقدوا المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية [[#المراجع|(1)]].


وفي صيف 1944م انتدب قسم الاتصال بالعالم الإسلامي الأخوين الأستاذ عبد الرحمن الساعاتي أفندي والأستاذ عبد الحكيم عابدين أفندي لزيارة الأقطار العربية الشقيقة بالشام والعراق، وقد كان لهذه الزيارات والوفود المتبادلة بين مصر وبلاد الشام الأثر الكبير في توحيد العمل بينهما بعد ذلك، وقد أشار الأستاذ عمر الأميري لذلك فقال: "ومنذ عام (1364ﻫ/1944-1945م) ازدادت العلائق والاتصالات بين إخوان مصر وسوريا على أثر تبادل الزيارات والوفود والبعثات التي أفادت كثيرًا في توحيد أساليب العمل، وتنسيق وجهات النظر العامة والخاصة، حتى أصبحت دعوة [[الإخوان]] في مصر اليوم دعامة معنوية عظيمة للإخوان في سوريا ولبنان".
لقد كان من أهداف [[الإخوان]] محاربة المستعمر الأجنبي الموجود في البلاد الإسلامية، ولذا حرص [[الإخوان]] على الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها، فعندما رفضت الحكومة اللبنانية قرارات المندوب الفرنسي، سارع [[الإخوان]] بتأيد ما جاء في بيانها حيث قالت: "إن حق التشريع في [[لبنان]] ينحصر في السلطات اللبنانية وحدها [[#المراجع|(2)]].


ولقد اهتم الاخوان بقضية سوريا ولبنان ضد فرنسا فنجد [[الاخوان]] يدعمون قضيتهم فيقول الامام [[البنا]] في خطابًا أرسله إلى سعادة وزير لبنان المفوض بتاريخ 28/5/1945م، يعلن فيه استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيينكما ارسل بعثة طبية لسوريا ولبنا بعد اعتداء فرنسا عليها وكان على رأسها الدكتور محمد سليمان.
لقد حرص [[الإخوان]] على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق [[يناير]] [[1944]] استقبلت دار [[الإخوان]] وفدًا لبنانيا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك حيث وقف الأستاذ [[عبد الحكيم عابدين]] مفتتحًا الجلسة بقوله: '''"شاء الله ألا ينال [[لبنان]] حريته منحة، فكان أن انتزعها انتزاعًا حتى لا يكون للغير فضل فيه، فنحن نكرم [[الجهاد]] في دولة رياض الصلح بك رجل [[الجهاد]]"'''، ثم ألقى فضيلة المرشد كلمة بليغة قال فيها: '''"ونريد أن نكون عمليين فندع أعمالنا تعبر عن فكرتنا"'''، ثم تكلم عن وحدة العرب قائلاً: '''"إنها حقيقة قائمة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد إنسان، فنحن وحدة جغرافية ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة''' [[#المراجع|(3)]].


حتى أن  الشاعر إبراهيم عبد الفتاح حيي سوريا ولبنان على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، فقال
وحينما وقعت الحوادث الدامية بين قوات المحتل الفرنسي والشعب السوري واللبناني عقب الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام [[1945]]م ندد [[الإخوان]] بتلك الوحشية التي استخدمتها القوات الفرنسية ضد الشباب اللبناني، فكتب [[حسن البنا]] يحث الحكام العرب على اتخاذ إجراءات لحماية الشعوب فكتب يقول: إن [[سوريا]] و[[لبنان]] لا ترضيان بغير هذا الاستقلال بديلا، ولقد أدت [[سوريا]] و[[لبنان]] ما وجب عليهما، وبقى بعد ذلك على الأمة العربية أن تعمل حتى تصل إلى أهدافها وتتحقق مطالبها وآمالها والله مع العاملين [[#المراجع|(4)]].


'''قف حيي سوريا بما نالت ولبنانا    '''
كما كتب مذكرة في موضع أخر منددا بهذه الحوادث جاء فيها:  
:::::'''قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا'''


'''حيي العروبة في القطرين حافظة'''       
إن اعتداء فرنسا على [[سوريا]] و[[لبنان]] ليس ظاهرة عرضية، بل هو مظهر مؤلم لفكرة رجعية عنيفة تسيطر على عقلية بعض الساسة الفرنسيين الذين يظنون أن البلاد العربية ميدان صالح للاستعمار السياسي العتيق، وأن الشعوب العربية شعوب همجية تقبل الاستعباد وترضاه، ويظنون أنهم يستطيعون أن يكونوا لهم إمبراطورية استعمارية في البلاد العربية على حساب العرب، دون اكتراث بحيوية هذه الشعوب ومدنيتها، ولا بمبادئ الحرية التي آمنت بها جميع الشعوب الحديثة واعتنقتها الأمم المتمدينة، ولا بمبادئ القانون الدولي التي تفرض عليهم احترام تعهداتهم والتزامهم، بل ودون أي تقدير لمبادئ الإنسانية التي تأبى استعمال القوة والعنف ضد الشعوب العزلاء [[#المراجع|(5)]].
:::::'''تراث قحطان أو ميراث عدنانا'''


وفى نهاية عام 1945م قامت فرق جوالة [[الإخوان]] بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة بلبنان ويافا بفلسطين وفريق التهذيب الإسلامى وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد.
ثم يؤكد على دعم [[الإخوان]] للقضية ال[[سورية]] واللبنانية، فيقول: وإن [[الإخوان المسلمين]] يؤيدونكم بكل قواتهم ويقدمون لكم أرواحهم وأنفسهم لتقذفوا بها فى ميدان العمل، وقد رأوا أن من واجب هيئتهم  أن تطالبوا حكومات الجامعة بالوقوف في هذه القضية موقفا حازما حاسما حتى تحرر [[سوريا]] و[[لبنان]] من الفرنسيين المستعبدين نهائيا باتخاذ ما يأتي:


ولقد شارك [[الإخوان]] في سوريا في حرب [[فلسطين]] عام 1948م تحت قيادة الشيخ مصطفى السباعي حتى دخلت الجماعة في مصر في محنى الحل والاعتقال.
# قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الحكومة الفرنسية ووضع الأموال الفرنسية تحت الحراسة.
# مساعدة الجمهوريتين العربيتين [[سوريا]] و[[لبنان]] على تكوين جيشيهما بأسرع ما يمكن بكل المساعدات الفنية والمالية.
# أن تساهم جيوش الدول العربية والمتطوعين في شرف تحرير [[سوريا]] و[[لبنان]] وطرد الفرنسيين منها إلى آخر رجل.
# محاكمة جميع الفرنسيين الذين اعتدوا على الأهالي السوريين المدنيين والمدن ال[[سورية]] المفتوحة اعتداءات يحرمها القانون الدولي وتأباها الإنسانية على هذه الجرائم، ومعاقبتهم مع مجرمي الحرب الأوربية، وتعويض جميع الأضرار التي أحدثوها للأهالي والمدن من أموال الفرنسيين في البلاد العربية [[#المراجع|(6)]].


وفي مطلع الخمسينات كانت الحركة الإسلامية في عدد من أقطار العالم العربي قد نمت وباتت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً واضحاً على الساحة العربية. كانت مؤلفات حسن البنا وسيد قطب ومصطفى السباعي، وما جرى تعريبه ونشره من كتب أبي الأعلى المودودي في باكستان، وإصدارات [[الإخوان المسلمين]] كمجلة "الدعوة" و"المسلمون" من مصر و"الشهاب" من سوريا و"الكفاح الإسلامي" من الأردن بدأت تشكل تياراً فكرياً وسياسياً إسلامياً في مختلف المناطق اللبنانية. وقد ساعد على بلورة هذا التيار في لبنان لجوء الدكتور مصطفى السباعي (المراقب العام للإخوان المسلمين في سوريا) إلى لبنان عام 1952 خلال فترة حكم العقيد أديب الشيشكلي في سوريا حيث استطاع تأصيل الفكر الإسلامي الملتزم لدى صياغة دراسات فكرية وحركية لكل من "جماعة عباد الرحمن" التي تشكلت في بيروت وكان أسسها الأستاذ محمد عمر الداعوق عام 1950، ولدى مجموعة من الشباب بطرابلس كان أبرزهم النائب السابق فتحي يكن.
بل عندما حضرت الوفود العربية إلى [[مصر]] عام [[1945]]م لدعم [[سوريا]] و[[لبنان]] في محنتيهما ضد فرنسا استقبلها [[الإخوان]]، وحياهم الأستاذ السكري باسم [[الإخوان]]، وفي اليوم التالي احتشد [[الإخوان المسلمون]] في جامع إلكخيا بميدان الأوبرا في صلاة العصر، وصلى بهم الأستاذ المرشد إمامًا، وبعدها دعا [[الإخوان]] إلى صلاة الغائب على أرواح الشهداء، فأدوا الصلاة، وخرجوا بعدها في جموعهم وقد رفعوا أعلامهم وانتظموا في مظاهرة سارت من مسجد إلكخيا إلى ميدان إبراهيم باشا، فشارع إبراهيم باشا، وكان الأخ [[حامد شريت]] سكرتير [[الإخوان]] ب[[أسيوط]] يركب سيارة، ومعه المذياع، فأخذ يهتف وسط الجموع فيرد [[الإخوان]] هتافه بحماسة بالغة وشعور فياض، فدوى الهتاف بحياة [[سوريا]] المجاهدة و[[لبنان]] الباسلة، وسقوط فرنسا الغاشمة، كما هتف [[الإخوان]] بمبادئهم: الله غايتنا، والنبي إمامنا.


وقد تأكدت صلات هذا التيار الإسلامي اللبناني بحركة الإخوان المسلمين خلال زيارة [[المرشد العام]] للإخوان في مصر ([[حسن الهضيبي]]) إلى لبنان عام 1953، وانعقاد المكتب التنفيذي لقادة الإخوان المسلمين في مصيف بحمدون حيث حضره إضافة إلى الهضيبي (مصر) والسباعي (سوريا) ومحمد عمر الداعوق (لبنان).. كل من الشيخ محمد محمود الصواف (العراق) ومحمد عبد الرحمن خليفة (الأردن) وغيرهم.
ووصلت طلائع المتظاهرين إلى فندق شبرد حيث كانت الوفود العربية مجتمعة، بينما كانت المؤخرة ما زالت أمام مسجد إلكخيا، وتحولت الشوارع إلى كتل بشرية تخفق من فوقها أعلام [[الإخوان المسلمين]] من أنحاء القطر المختلفة، ومن فوق فندق شبرد أطل فضيلة [[المرشد العام]] وقد أمسك بيده المذياع وارتجل كلمة حماسية ألهبت الشعور، وأطلقت الحناجر بالهتاف والتهليل والتكبير استهلها بقوله: '''«لا حياة مع الذل، ولا عيش مع الاستعباد يا [[مصر]] المجاهدة، ها أنت ممثلة في هذا الشباب -شباب [[الإخوان]]- يا من جاهدت وستجاهدين، ها أنت تحيين المجاهدين من أبناء [[سوريا]] و[[لبنان]]»'''.


في عام 1956 تأسس أول مركز لجماعة عباد الرحمن في طرابلس، وكانت الجماعة في بيروت تنشر فكرها وتوسع نطاق عضويتها دون أن تعتمد مساراً سياسياً محدداً، في حين كان مركز طرابلس يصدر مواقف سياسية من الصراع الداخلي اللبناني خلال فترة حكم الرئيس كميل شمعون ومن القضايا الإقليمية كالموقف من الوحدة العربية ومشروع إيزنهاور وحلف بغداد والصراع العربي الإسرائيلي، واصدرت نشرات غير رسمية كمجلة "الفجر" عام 1957 و"الثائر" عام 1958، وعندما اندلعت أحداث 1958 وما صاحبها من فرز وطني وطائفي كان لجماعة عباد الرحمن بطرابلس موقع سياسي وعسكري واضح، فأنشأت معسكراً للتدريب وأقامت محطة إذاعة "صوت لبنان الحر" كانت هي الوحيدة في الشمال حتى الشهور الأخيرة للأزمة، بينما اكتفت الجماعة في بيروت بدور اجتماعي إغاثي، مما أدى أوائل الستينات إلى أن يستقل العمل الإسلامي في الشمال عن عباد الرحمن، وأن يبدأ تشكيل جماعة جديدة تلبي تطلعات الحركة الإسلامية بشكلها الشمولي تحت مسمى الجماعة الإسلامية، وكان من قادة الجماعة أمينها العام المؤسس الشيخ فتحي يكن، إضافة إلى بقية المؤسسين ومنهم القاضي المستشار الشيخ فيصل مولوي (الامين العام ونائب رئيس المجلس الأوروبي للإفتاء)، الأستاذ إبراهيم المصري (نائب الأمين العام ورئيس تحرير مجلة الأمان) والكاتب الإسلامي محمد علي الضناوي، وهكذا أبصرت الجماعة الإسلامية النور بشكل رسمي في في 18/6/1964 حيث نالت الجماعة موافقة وزارة الداخلية على تأسيس تنظيم إسلامي وفق القانون الأساسي والنظام المقدم إليها، وذلك بموجب علم وخبر رقم (224).
وقال أيضًا: "يا زعماء العرب، ها أنتم ترون بأعينكم هذه القلوب المتوثبة وهذا الشباب المتحفز، إنهم جميعًا يتطوعون بدمهم وأرواحهم في سبيل نصرة [[سوريا]] و[[لبنان]] والعرب في كل مكان، ستخبرون وتمتحنون وتضعون أول قرار فلا تهنوا وقولوا كلمتكم والله معكم [[#المراجع|(7)]].


وتجدر الإشارة هنا إلى أن مركز طرابلس أصدر أول مجلة إسلامية أسبوعية (المجتمع) في 5/1/1959 استمرت في الصدور حتى صيف 1965.
وخطب سعد الله بك الجابري مندوب [[سوريا]] فقال: '''"إخواني، هذا الشعور الفياض الذي تستقبل به [[مصر]] العزيزة قادة الأمم العربية يدفعنا نحن أبناء الشام لكي نزيد في التضحية في سبيل وحدة العرب، وإنني أشكركم وأحيي [[الإخوان المسلمين]]"'''.  


وفي عام 1964برزت "الجماعة الإسلامية" بشكل رسمي، وافتتحت مركزها في بيروت، وأصدرت مجلة "الشهاب" في 1 كانون الأول 1966، وكان أول أمين عام للجماعة هو الأستاذ فتحي يكن، إضافة إلى بقية المؤسسين: فايز إيعالي، محمد كريمة، محمد دريعي، وإبراهيم المصري. وأصدرت الجماعة مجموعة من النشرات الدعوية توضح فيها رسالتها، كان أبرزها "الجماعة الإسلامية.. مبادئ وأهداف" جاء فيها:
ثم تكلم عن [[لبنان]] النائب أميل لحود قائلاً: "لقد سمعتم [[سوريا]] وما يختلف صوت [[لبنان]] عن صوت [[سوريا]]، فنحن لا نفرق بين عربي وعربي، وإننا جسم واحد" [[#المراجع|(8)]].
"من مبررات قيام الجماعة الإسلامية جهل المسلمين بالإسلام وبعدهم عنه وتخليهم عن قيادته، وبالتالي ارتماؤهم في أحضان الاتجاهات المادية والمذاهب الوضعية، مما جعل بلادهم ومجتمعاتهم تؤول إلى قيادات غير إسلامية، فكان من نتيجة ذلك تأزم أوضاعهم السياسية وتردي حياتهم الاقتصادية وتكاثر الآفات والانحرافات (...) ثم إن المراقب لما يجري في نطاق العمل الإسلامي يلاحظ أن مآل الجهود الفردية غير المرتبطة بتنظيم حركي – كالتي يبذلها الوعاظ والمرشدون – إلى ضياع (...) أما محاولات الإصلاح الفردي فإنها ستفشل لعجزها عن مواجهة تحديات العصر ومتطلبات المعركة التي يعيشها الإسلام..". وفي أهداف الجماعة جاء التالي:


'''أولاً''': تبليغ دعوة الإسلام إلى الناس نقية صافية متصلة بالعصر ومشكلاته..
كما أرسل [[الإمام البنا]] خطابًا إلى سعادة وزير [[لبنان]] المفوض بتاريخ 28/5/[[1945]]م، وفيه يعلن استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين، وقد أرسل فضيلته خطابًا مماثلاً في نفس التاريخ إلى سعادة وزير [[سوريا]] المفوض يعلن فيه استعداد [[الإخوان]] لإرسال عشرة آلاف متطوع، فيكون مجموع المتطوعين للدفاع عن [[سوريا]] و[[لبنان]] عشرين ألف متطوع [[#المراجع|(9)]].


'''ثانياً''': تنظيم الذين استجابوا للدعوة إلى الإسلام وتثقيفهم به وتأهيلهم ليكونوا الطليعة..
وفى نفس العام أرسل [[الإخوان]] بعثة طبية، وتألفت البعثة الطبية من الدكتور محمد سليمان رئيسًا، والأستاذ علي محمود مطاوع والدكتور عبد الوهاب البرلسي والحاجة زبيدة أحمد ممرضة، وصاحبهم الأستاذ [[عبد الحكيم عابدين]] سكرتيرًا للبعثة، وسافرت البعثة بعد أن ودعهم مكتب الإرشاد وإخوان [[القاهرة]] وفرق الجوالة بالقطار إلى [[فلسطين]] ما عدا الأستاذ عابدين الذي تخلف عنهم؛ لأن حكومة الانتداب البريطاني في [[فلسطين]] لم تعطه تأشيرة بالسفر، فاضطر إلى السفر بالطائرة في اليوم التالي إلى بيروت رأسًا.


'''ثالثاً''': مواجهة تحدي الحضارة الغربية..
وقد وصلت البعثة الطبية إلى دمشق، وافتتحت عيادة خارجية بلغ عدد الذين يختلفون إليها يوميًّا نحو مائتين، يجرى لهم الكشف الطبي، ويمنحون الدواء بلا مقابل، وقد أقامت بعض الجمعيات حفلات تكريم [[للإخوان]] منها «الجمعية الغراء»، و«جمعية الشبان المسلمين» [[#المراجع|(10)]].


'''رابعاً''': السعي إلى بناء مجتمع جديد يكون الإسلام فيه هو الميزان بتصرفات الأفراد..
بل أن جوالة [[الإخوان]] قامت في نهاية عام [[1945]]م بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة ب[[لبنان]] ويافا ب[[فلسطين]] وفريق التهذيب الإسلامي وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد، وكان من كبار المدعوين لذلك الحفل حضرات وحيد باشا يسرى والسيد محمود الحبرى والسيد محمد على الجعبرى رئيس بلدية الخليل ورئيس [[الإخوان]] ب[[فلسطين]] والأستاذ الفضيل الورتلانى سكرتير لجنة الدفاع عن شمال أفريقيا [[#المراجع|(11)]].


'''خامساً''': السعي لجمع شمل المذاهب الإسلامية بالرجوع إلى الأصول الإسلامية.
وكان هذا من حرص [[الإخوان]] على توطيد العلاقة مع الدول الإسلامية عامة والأشقاء العرب خاصة.


وفي عام 1966 رشحت الجماعة ثلاثة من أعضائها لعضوية مجلس الأوقاف بطرابلس هم: المحامي محمد علي ضناوي، المهندس عصمت عويضة، والمهندس عبد الفتاح زيادة. وفق منهج إصلاحي نشر على الملأ في ذلك الحين.. وقد فاز بعضوية المجلس المهندس عصمت عويضة.
وحينما أطلقت السلطات الفرنسية يوم 22 تشرين الثاني/ [[نوفمبر]] [[1943]]م سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح وسلمت بمنح [[لبنان]] الاستقلال التام، ثم حصولها بالفعل على الاستقلال في 31 [[ديسمبر]]/ كانون أول [[1946]]م ثم اختيار بشارة خوري رئيسا للبلاد، كتب [[الإمام حسن البنا]] برقية جاء فيها:


وفي عام 1967 رشحت الجماعة اثنين من أعضائها لعضوية المجلس الإسلامي الأعلى هما: الشيخ سعيد شعبان والمحامي محمد علي ضناوي.. ثم تكرر الترشيح عام 1971 لعضوية المجلس ففاز بالعضوية الأخ المحامي محمد علي ضناوي.. وبعدها تكرر الترشيح كذلك ففاز بالعضوية الأخ المهندس عبد الله بابتي.
:'''"فخامة بشارة الخورى رئيس جمهورية [[لبنان]]"''':


وقد لعبت الجماعة الإسلامية دوراً بارزاً في تنظيم المؤتمر الإسلامي الكبير الذي انعقد في بهو المسجد المنصوري الكبير والذي انبثق عنه (المجمع الإسلامي) في 18 رمضان 1392 الموافق 25 تشرين الأول 1972.
إلى [[لبنان]] الشقيق أجمل التهاني بإعادة انتخابكم. حقق الله آمال الوطن العزيز والعروبة المجيدة في ظل رياستكم الرشيدة [[#المراجع|(12)]].


ثم كان تكوين (التجمع الإسلامي) في الشمال الذي كان له دوره الملموس في تحريك القوى والفعاليات الإسلامية الرسمية والشعبية في كافة المناطق اللبنانية وفي نشأة اللجنة التنفيذية للهيئات الإسلامية في بيروت وطرح المطالب الإسلامية.
'''ولقد كتب الشاعر إبراهيم عبد الفتاح يُحيي [[سوريا]] و[[لبنان]] على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، ويبارك تضحياتهم في سبيل التحرير، فقال:'''


وعندما اندلعت الحرب اللبنانية عام 1975 قامت الجماعة بواجبها الإسلامي في كشف خيوط المؤامرة وتوعية المسلمين عليها، وفي تعبئة القوى الإسلامية والتصدي معها للهجمة الطائفية الرهيبة.
'''<center>
قف حيي [[سوريا]] بما نالت و[[لبنان]]ا
::::قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا


وقد واكبت الجماعة الحرب بتشكيل بنية عسكرية تولت الدفاع عن المناطق الوطنية والإسلامية عبر تنظيم "المجاهدون"، وكان لهذا التنظيم وجود عسكري في كل من طرابلس والشمال، ثم في بيروت، وفي صيدا أواخر عام 1976. وكان للجماعة في الشمال إذاعة "صوت المجاهدون" وتابعت إصدار مجلة "الشهاب" لتواكب بها الأحداث اللبنانية. وبعد انتهاء حرب السنتين سلمت الجماعة مراكزها وأسلحتها الثقيلة في الشمال وشرق صيدا إلى قوات الردع العربية، كما أغلقت مراكزها العسكرية في بيروت. وتابعت الجماعة تنسيقها الأمني في إطار "المجلس السياسي" والمؤسسات المشابهة التي أفرزتها الحرب في مختلف المناطق اللبنانية.
حيي العروبة في القطرين حافظة
::::تراث قحطان أو ميراث عدنانا


ولقد انطلقت المقاومة الإسلامية ،قوات الفجر – الجناح المقاوم للجماعة الإسلامية في لبنان عام 1982 إثر الاجتياح الصهيوني للبنان والذي نجم عنه احتلال كثير من المناطق اللبنانية ووصل العدو إلى العاصمة اللبنانية بيروت. لذلك كان من الطبيعي أن تنطلق المقاومة كرد فعل على هذا الاحتلال وكان من الطبيعي جداً أين يكون من بين الذين انتفضوا في تلك الفترة شباب الجماعة الإسلامية الذين أخذوا صفة المقاومة الإسلامية بقيادة الشهيد القائد جمال الحبال ومجموعة من الإخوة الأعزاء والمجاهدين الأفاضل الذي خاضوا معه غمار هذه التجربة الجهادية المظفرة. وتركزت أعمال قوات الفجر – الجناح المقاوم للجماعة الإسلامية بشكل أساسي في صيدا ومحيطها حيث كان الاحتلال يقيم أهم قواعده ومعسكراته في عاصمة الجنوب اللبناني. كما أن عناصر قوات الفجر والقادة الذين أطلقوا المقاومة الإسلامية هم من شباب الجماعة الإسلامية في صيدا. لذلك فإن الطبيعة الديموغرافية والواقع العسكري والظروف في تلك المرحلة فرضت على كل مسلم مجاهد أن يجاهد ويقاتل في منطقته لأنه يعرفها بشكل أفضل من غيره. هذه كانت بداية "الانتفاضة اللبنانية" منذ عام 1982 واستمر هذا التاريخ الحافل وإن بوتيرة تتصاعد حيناً وتتقطع حيناً آخر حتى انسحاب العدو الصهيوني عام 2000م.
جاءت فرنسا تريهم كيف عزتها             
::::من بعد رقدتها في الذل أزمانا


كم ثورة في أخ ردت عزيمته                 
::::لو سار للحرب في [[سوريا]] و[[لبنان]]ا


== المشروع السياسي للجماعة الإسلامية ==
سيروا على بركات الله واغتنموا             
 
::::نصرًا من الله مكفولاً ورضوانا [[#المراجع|(13)]].
'''و المشروع السياسي للجماعة الإسلامية بتمثل في:'''
</center>'''
 
...'''[[تاريخ الإخوان في لبنان|تابع القراءة]]'''
1- تفعيل العمل السياسي في الجماعة، لأنّنا نؤمن في عقيدتنا ووعينا أنّ العمل السياسي عبادة إذا كان محكوماً بضوابط الشرع وأحكامه، ممّا يحتّم علينا إحلال العمل السياسي مكانه اللائق في تربيتنا الأسرية وتراتبيّتنا الدعوية وعدم اعتباره عبئاً، مع لحظ إمكانية تعثره وخطئه كما سائر الأعمال الدعوية الأخرى.
 
2- السعي إلى استعادة المبادرة السياسية في ساحتنا الإسلامية من خلال إطلاق النشاطات والبرامج والندوات والمحاضرات وتبنّي القضايا المحقّة والدفاع عنها، والانخراط في شؤون المجتمع لما فيه خيره وصلاحه.
 
3- إبراز دور القيادة الإسلامية الملتزمة من خلال تفعيل الاتصال بالمجتمع عن طريق:
 
أ - المشاركة في المؤسسات الإسلامية الرسمية (الأوقاف – المجلس الشرعي – دار الفتوى – الخطباء - الأئمّة..) والمطالبة بإصلاحها وتفعيل دورها.
 
ب- الاشتراك في مؤسسات المجتمع (الجمعيات الأهلية واللجان الثقافية) والانخراط في العمل النقابي وتأمين وصول الطاقات الإسلامية إلى قيادته والاهتمام بالقطاع العمّالي.
 
ج- السعي إلى إيصال الكفاءات الإسلامية إلى المؤسسات الرسمية على اختلافها.
 
د- تحسين شروط المشاركة الفعّآلة في الانتخابات النيابية والتمثيلية كافّة، والاهتمام بالبلديّات والمجالس الاختيارية، وتدعيم ورعاية وجودنا فيها.
 
هـ- قد تُدعى الجماعة إلى المشاركة في الحكم، وريثما يتخذ مجلس الشورى موقفاً مبدئياً في هذا الموضوع، يبقى للمجلس حقّ تقرير المصلحة في المشاركة أو عدمها وإجازة ذلك.
 
4- مقاومة نهج الظلم والاستبداد السياسي، ومحاربة الفساد في الإدارة من خلال تبيان الأخطاء والانحرافات، والتصدّي لمحاولات كمّ الأفواه وقمع المعارضة والتحذير من عسكرة النظام.
 
5- السعي إلى إلغاء الطائفية السياسية، باعتبارها المخرج من المأزق القائم أمام أيّ إصلاح سياسي أو إداري.
 
6- الدفاع عن الحرّية باعتبارها مقصداً عظيماً من مقاصد الشريعة، والاهتمام بقضايا حقوق الإنسان والمحافظة على الحرّيات العامّة، كإطار صالح لممارسة حياة سياسية نظيفة، والحرص على المكتسبات التي كفلها الدستور.
 
7- إنّ الديمقراطية في مفهومنا هي الوسيلة المتاحة لحماية الحرّية الشخصية وتأكيد مبدأ الشورى، واستمداد السلطة من الشعب، ومسؤولية الحاكم تجاه شعبه وخضوعه للمساءلة والمحاسبة. ولذلك فنحن نسعى إلى إصلاح النظام اللبناني باتجاه تحقيق تمثيل أفضل للجماهير الشعبية، وتحصين الحرّيات السياسية، والمحافظة عل أخلاقيّات العمل السياسي.
 
8- إنّ سنّ قانون عادل ومتوازن للانتخابات النيابية له أهداف وآثار بعيدة على الحياة السياسية، ومن المفترض أن يكون أكثر صحّة وتمثيلاً وعدالة. وهذا يرتبط بنظام التمثيل كما يرتبط بتقسيم الدوائر الانتخابية. لذلك فإنّ المطالبة بتطبيق النظام النسبي - وإن على مستوى المحافظة - هو السبيل الأكثر عدلاً ومساهمة في تحديث الحياة السياسية وإنشاء التكتّلات على أساس البرامج، ممّا يؤدّي إلى رفع نسبة المشاركة في الحياة العامّة (دراسة مفصّلة).
 
9- إنّ واقع العيش المشترك مع المسيحيين في لبنان، يستدعي الوصول إلى صيغة مقبولة لهذا التعايش، محكومة بالضوابط الشرعية، تلحظ خصوصية كلّ طائفة في أحوالها الشخصية ومعتقداتها.
 
10- إنّ إشكالية الخلط بين التديّن والطائفية، وطرح العلمانية كعلاج للطائفية، يستدعي أن يدرك الجميع أن علاج الطائفية البغيضة لا يكون إلاّ بالتديّن الصحيح، والمشكلة تكمن بتجّار الطائفية ودعاة العلمانية المتعارضة مع قيمنا وأخلاقنا. والمتديّن لا يعرف التعصّب فهو منفتح ويعترف بالآخر ويحترم رأيه ومعتقده (لا إكراه في الدين).
 
11- إنّنا نرفض بالمطلق ظاهرة الخروج المسلّح على المجتمع والدولة، وندعو إلى نبذ العنف بكلّ أشكاله، ونعتقد أنّ إزالة المنكرات وإصلاح المجتمع يكون بالحكمة والموعظة الحسنة، وأنّ الحوار هو السبيل لترسيخ السلم الأهلي والحياة المشتركة. وندعو إلى الوسطيّة في الموقف والكلمة والتوجّه (وكذلك جعلناكم أمّة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس...) وإلى رفض كلّ أنواع التطرّف والغلوّ.
 
12- إنّ نظرتنا إلى التحالفات السياسية تنطلق من أن العمل السياسي يتحرّك في واقع متعدّد الأطراف، وصياغة التحالفات تتمّ من خلال الدائرة الصغيرة وصولاً إلى الدوائر الكبيرة. لذلك نرى:
 
أ- ترتيب الساحة الإسلامية عبر محاورة القوى الفاعلة والشخصيات والتوصّل إلى تحديد رؤية مشتركة.
 
ب- محاولة حشد كلّ طاقات الصفّ الإسلامي في جبهة واحدة تعمل على تكامل العمل الإسلامي وتنسيقه.
 
ج- رسم قاعدة الالتقاء مع القوى السياسية التي تجمعها قواسم مشتركة مع الجماعة، والدعوة إلى إطار متحد يجمع كلّ الطاقات في (حلف فضول) جديد ضدّ الظلم والاستبداد، وتوفير المناخ الاجتماعي والسياسي والفكري للمناقشة الحرّة بين الأفكار والمعتقدات عبر تبنّي أسلوب (الانفتاح السياسي) في مرحلة مواجهة الهيمنة والتسلّط، ومدّ يد التعاون والتنسيق إلى كافّة أطراف الساحة الوطنية على قاعدة الاحترام المتبادل، والتصدّي للمشروع الأميركي الصهيوني وإفرازاته على الساحة اللبنانية.
 
13- إنّ الوضع الاقتصادي المتفاقم وحالة العجز المتزايدة في الموازنة يدفعان إلى تأكيد التالي:
 
أ- وضع سياسة اقتصادية تعتمد القدرات الذاتية للاقتصاد الوطني بعيداً عن المشاريع الكبرى التي تفوق قدرة الوطن والمواطن، ووقف الهدر في التلزيمات وترشيد الإنفاق وضبطه وتحقيق الإصلاح الإداري وتفعيل أجهزة الرقابة والمحاسبة.
 
ب- وضع حدّ لسياسة إغفال الموارد الداخلية والتمادي في الاعتماد على القروض الخارجية لما لذلك من آثار سلبية على مستقبل القرار الوطني، والمطالبة بوضع قانون تسوية مخالفات الأملاك البحرية موضع التنفيذ، واستعادة سوق النفط من الشركات الخاصّة، والمحافظة على الثروات المائية والطبيعية والسياحية وسائر الأملاك العمومية واستثمارها في النطاق العام.
 
ج- السعي لإيلاء الوضع الزراعي الاهتمام اللازم، حيث أنّ نصف الشعب اللبناني يعيش من هذا القطاع، وثبت أنّه أساس الدورة الاقتصادية. وعندما ضُرب القطاع الزراعي بدأ الشلل يصيب الاقتصاد الوطني ككلّ، لذلك يجب تطوير وتصنيع وحماية وتدعيم الإنتاج الزراعي بكلّ أبعاده.
 
د- إنّ مستقبل الصراع في المنطقة يتمحور حول المياه والحاجة الماسّة إليها في الفترة القادمة، الأمر الذي يوجب المحافظة القصوى على هذه الثروة ومنع استنزافها وإنشاء البحيرات والسدود لحفظها واستثمارها.
 
هـ- شكّلت السياحة والاصطياف والخدمات واقعاً مميّزاً في الموقع والدور للبنان والمنطقة، لذا تكتسب حملات حماية البيئة ومنع التلوّث وتأمين مستلزمات النظافة العامّة والوقاية أهمّية بالغة
 
و- السعي الدائم إلى تحقيق إنماء المناطق والمحافظات، ومطالبة الدولة بتبنّي سياسة إنمائية وإعمارية شاملة للمناطق المحرومة والعمل على إيصال الحقوق إليها وتحقيق التكامل باعتماد اللامركزية الإدارية عبر دعم البلديّات وتطوير أدائها.
 
14- الخصخصة: مع تقديرنا لنجاح القطاع الخاصّ وفعاليته في إدارة المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، إلاّ أنّنا ندعو الدولة التي طرحت الخصخصة لتأمين موارد مالية للخزينة، إلى التنبّه من خطورة احتكار حاجة الناس إلى الضروريّات والسعي لتحقيق أفضل الشروط المناسبة، وعدم بيع المؤسسات الرابحة والإبقاء على الخاسرة لصالح بعض المحظوظين، وتأمين كافّة وسائل المراقبة والضبط.
15- السعي إلى توسيع إطار استفادة المواطنين من التقديمات الاجتماعية ولا سيما توفير بطاقة الاستشفاء الموحّد والضمان الصحّي وضمان الشيخوخة، ودعم وتطوير المستشفيات الحكومية.
 
16- التعليم: تطالب الجماعة بإيلاء التعليم مكانته اللائقة به، وتوفير سبل تحصيل التعليم المجّاني لجميع اللبنانيين، وتوحيد المناهج المدرسية، وإنجاز كتاب موحّد للتاريخ والتربية الوطنية، بما يحقّق تخريج أجيال مرتبطة بثقافتها وجذورها العربية، بعيداً عن التوجّهات التغريبية أو العنصرية الشوفينية.
 
17- القضية الفلسطينية: انطلاقاً من الواجب الملقى على العرب والمسلمين إزاء القضية الفلسطينية فإنّ الجماعة ترى من واجبها: أ- تعبئة الأمّة وتوعيتها بالخطر الصهيوني الذي يتهدّدها بكلّ مقوّماتها ووجودها، والعمل على بناء المجتمع المقاوم بالفكر والممارسة، وتدعيم مسيرة الجهاد والمقاومة بكلّ الوسائل الممكنة، الأمر الذي يستدعي تبريد كلّ الجبهات السياسية الأخرى وتفعيل التنسيق مع الساحة العربية والفلسطينية لمواجهة الخطر الذي يتهدّد العرب والمسلمين والإنسانية بكاملها.
ب- تبنّي قضية اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ولا سيما تمتّعهم بحقّ العودة، وإقرار الحقوق المدنية والإنسانية للشعب الفلسطيني المشرّد، ورفع الظلم والحرمان عنه.
 
ج- اعتبار مواجهة المشروع الصهيوني في مقدّمة اهتماماتنا من خلال التنسيق الكامل مع (حركة حماس) ودعم كلّ القوى المجاهدة، والحرص على إبقاء الساحة اللبنانية كساحة مواجهة ضدّ الاحتلال الإسرائيلي.
18- قضية المرأة: المرأة نصف المجتمع ومربيّة النصف الآخر، وهي معنيّة بالتكليف والمسؤولية الشرعية والمدنية كالرجل. ومن حقّها ممارسة العمل السياسي والمشاركة في الانتخابات على كلّ المستويات ترشيحاً وانتخاباً ضمن الضوابط الشرعية.
 
== مراقبو [[الإخوان المسلمين]] في لبنان ==
 
*الأستاذ [[محمد عمر الداعوق]] (1949 م - 1962 م) كان رئيس جماعة عباد الرحمن عندما كانت الجماعة الإسلامية تحت هذا الاسم
 
*الشيخ الدكتور[[ فتحي يكن]] (1962 - 1992)
 
*القاضي المستشار الشيخ الدكتور [[فيصل مولوي]] (1992 - 6 ديسمبر 2009)
 
*[[إبراهيم المصري]] (6 ديسمبر 2009 - حتى الأن.

المراجعة الحالية بتاريخ ٠٣:٢٤، ٢٢ أبريل ٢٠٢٠

الإخوان المسلمين في لبنان

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

مسيرة للإخوان المسلمين فى لبنان
تاريخ الإخوان المسلمين في لبنان


كيف بدأ؟

تقديم

بلاد الشام هو اسم تاريخي لجزء من المشرق العربي يمتد على الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط إلى حدود بلاد الرافدين، حيث تشكّل هذه المنطقة اليوم بالمفهوم الحديث كل من سورية ولبنان والأردن وفلسطين التاريخية.

والجمهوريّة اللبنانية هي إحدى الدول العربية الواقعة في الشرق الأوسط في غرب القارة الآسيوية، حيث تحدها سوريا من الشمال والشرق، وفلسطين من الجنوب، وتطل من جهة الغرب على البحر الأبيض المتوسط، وهي بلد ديمقراطي جمهوري طوائفي غني بتعدد ثقافاته وتنوع حضاراته، وقد حصل على الاستقلال في 22 نوفمبر 1943 حيث اعتمد اسم "الجمهورية اللبنانية".

اهتمام الإخوان بلبنان

كانت الساحة اللبنانية تتنازعها القوميات المختلفة، والأحزاب السياسية المتعددة التي شكلت الطابع السياسي والذي غلب عليه الطائفية، والصراعات بين الأحزاب المختلفة خاصة بعد استقلال البلاد.

لقد دفع هذا التعدد الطائفي بلبنان إلى صراع طائفي شديد، ربما وقف حائلاً دون ترابطه مع باقي الشعوب العربية المجاورة.

ولقد قدّر الإخوان هذه الأحوال وفهموها جيدًا؛ لذلك بدأ الإخوان خطواتهم تجاه هذه البلاد بسياسة تناسب كل بلد على حدة، مما أوجد آثارًا تختلف من قطر إلى آخر رغم اهتمام الإمام البنا بقضاياها وتقديمها على بعض القضايا إيمانًا منه بأن هذه البلاد هي الامتداد الطبيعي لنشر فكر الإخوان ونشاطهم.

حيث حرص الإخوان على تنمية روح الوحدة والتعايش بين أبنائها، فقد انتقدوا المواقف السلبية التي صدرت من الحكومة اللبنانية، وخاصة التي كانت مخالفة لحقوق العروبة والجوار ومناصرة قضايا الأمة العربية (1).

لقد كان من أهداف الإخوان محاربة المستعمر الأجنبي الموجود في البلاد الإسلامية، ولذا حرص الإخوان على الوقوف بقوة بجانب الحقوق اللبنانية الخاصة بالاستقلال التام وخروج الاحتلال الفرنسي منها، فعندما رفضت الحكومة اللبنانية قرارات المندوب الفرنسي، سارع الإخوان بتأيد ما جاء في بيانها حيث قالت: "إن حق التشريع في لبنان ينحصر في السلطات اللبنانية وحدها (2).

لقد حرص الإخوان على قوة العلاقة بينهم وبين اللبنانيين حكومة وشعبًا، ففي الأسبوع الثاني من المحرم عام 1363 ه الموافق يناير 1944 استقبلت دار الإخوان وفدًا لبنانيا كان على رأسه رئيس الوزراء اللبناني رياض الصلح بك حيث وقف الأستاذ عبد الحكيم عابدين مفتتحًا الجلسة بقوله: "شاء الله ألا ينال لبنان حريته منحة، فكان أن انتزعها انتزاعًا حتى لا يكون للغير فضل فيه، فنحن نكرم الجهاد في دولة رياض الصلح بك رجل الجهاد"، ثم ألقى فضيلة المرشد كلمة بليغة قال فيها: "ونريد أن نكون عمليين فندع أعمالنا تعبر عن فكرتنا"، ثم تكلم عن وحدة العرب قائلاً: "إنها حقيقة قائمة ليست بحاجة إلى تأكيد، وما صنعته يد الله لا تفرقه يد إنسان، فنحن وحدة جغرافية ووحدة لغوية، ووحدة اقتصادية ووحدة ثقافية جمعتنا الآلام والآمال أجيالاً عديدة (3).

وحينما وقعت الحوادث الدامية بين قوات المحتل الفرنسي والشعب السوري واللبناني عقب الاحتجاجات التي اجتاحت البلاد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945م ندد الإخوان بتلك الوحشية التي استخدمتها القوات الفرنسية ضد الشباب اللبناني، فكتب حسن البنا يحث الحكام العرب على اتخاذ إجراءات لحماية الشعوب فكتب يقول: إن سوريا ولبنان لا ترضيان بغير هذا الاستقلال بديلا، ولقد أدت سوريا ولبنان ما وجب عليهما، وبقى بعد ذلك على الأمة العربية أن تعمل حتى تصل إلى أهدافها وتتحقق مطالبها وآمالها والله مع العاملين (4).

كما كتب مذكرة في موضع أخر منددا بهذه الحوادث جاء فيها:

إن اعتداء فرنسا على سوريا ولبنان ليس ظاهرة عرضية، بل هو مظهر مؤلم لفكرة رجعية عنيفة تسيطر على عقلية بعض الساسة الفرنسيين الذين يظنون أن البلاد العربية ميدان صالح للاستعمار السياسي العتيق، وأن الشعوب العربية شعوب همجية تقبل الاستعباد وترضاه، ويظنون أنهم يستطيعون أن يكونوا لهم إمبراطورية استعمارية في البلاد العربية على حساب العرب، دون اكتراث بحيوية هذه الشعوب ومدنيتها، ولا بمبادئ الحرية التي آمنت بها جميع الشعوب الحديثة واعتنقتها الأمم المتمدينة، ولا بمبادئ القانون الدولي التي تفرض عليهم احترام تعهداتهم والتزامهم، بل ودون أي تقدير لمبادئ الإنسانية التي تأبى استعمال القوة والعنف ضد الشعوب العزلاء (5).

ثم يؤكد على دعم الإخوان للقضية السورية واللبنانية، فيقول: وإن الإخوان المسلمين يؤيدونكم بكل قواتهم ويقدمون لكم أرواحهم وأنفسهم لتقذفوا بها فى ميدان العمل، وقد رأوا أن من واجب هيئتهم أن تطالبوا حكومات الجامعة بالوقوف في هذه القضية موقفا حازما حاسما حتى تحرر سوريا ولبنان من الفرنسيين المستعبدين نهائيا باتخاذ ما يأتي:

  1. قطع العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع الحكومة الفرنسية ووضع الأموال الفرنسية تحت الحراسة.
  2. مساعدة الجمهوريتين العربيتين سوريا ولبنان على تكوين جيشيهما بأسرع ما يمكن بكل المساعدات الفنية والمالية.
  3. أن تساهم جيوش الدول العربية والمتطوعين في شرف تحرير سوريا ولبنان وطرد الفرنسيين منها إلى آخر رجل.
  4. محاكمة جميع الفرنسيين الذين اعتدوا على الأهالي السوريين المدنيين والمدن السورية المفتوحة اعتداءات يحرمها القانون الدولي وتأباها الإنسانية على هذه الجرائم، ومعاقبتهم مع مجرمي الحرب الأوربية، وتعويض جميع الأضرار التي أحدثوها للأهالي والمدن من أموال الفرنسيين في البلاد العربية (6).

بل عندما حضرت الوفود العربية إلى مصر عام 1945م لدعم سوريا ولبنان في محنتيهما ضد فرنسا استقبلها الإخوان، وحياهم الأستاذ السكري باسم الإخوان، وفي اليوم التالي احتشد الإخوان المسلمون في جامع إلكخيا بميدان الأوبرا في صلاة العصر، وصلى بهم الأستاذ المرشد إمامًا، وبعدها دعا الإخوان إلى صلاة الغائب على أرواح الشهداء، فأدوا الصلاة، وخرجوا بعدها في جموعهم وقد رفعوا أعلامهم وانتظموا في مظاهرة سارت من مسجد إلكخيا إلى ميدان إبراهيم باشا، فشارع إبراهيم باشا، وكان الأخ حامد شريت سكرتير الإخوان بأسيوط يركب سيارة، ومعه المذياع، فأخذ يهتف وسط الجموع فيرد الإخوان هتافه بحماسة بالغة وشعور فياض، فدوى الهتاف بحياة سوريا المجاهدة ولبنان الباسلة، وسقوط فرنسا الغاشمة، كما هتف الإخوان بمبادئهم: الله غايتنا، والنبي إمامنا.

ووصلت طلائع المتظاهرين إلى فندق شبرد حيث كانت الوفود العربية مجتمعة، بينما كانت المؤخرة ما زالت أمام مسجد إلكخيا، وتحولت الشوارع إلى كتل بشرية تخفق من فوقها أعلام الإخوان المسلمين من أنحاء القطر المختلفة، ومن فوق فندق شبرد أطل فضيلة المرشد العام وقد أمسك بيده المذياع وارتجل كلمة حماسية ألهبت الشعور، وأطلقت الحناجر بالهتاف والتهليل والتكبير استهلها بقوله: «لا حياة مع الذل، ولا عيش مع الاستعباد يا مصر المجاهدة، ها أنت ممثلة في هذا الشباب -شباب الإخوان- يا من جاهدت وستجاهدين، ها أنت تحيين المجاهدين من أبناء سوريا ولبنان».

وقال أيضًا: "يا زعماء العرب، ها أنتم ترون بأعينكم هذه القلوب المتوثبة وهذا الشباب المتحفز، إنهم جميعًا يتطوعون بدمهم وأرواحهم في سبيل نصرة سوريا ولبنان والعرب في كل مكان، ستخبرون وتمتحنون وتضعون أول قرار فلا تهنوا وقولوا كلمتكم والله معكم (7).

وخطب سعد الله بك الجابري مندوب سوريا فقال: "إخواني، هذا الشعور الفياض الذي تستقبل به مصر العزيزة قادة الأمم العربية يدفعنا نحن أبناء الشام لكي نزيد في التضحية في سبيل وحدة العرب، وإنني أشكركم وأحيي الإخوان المسلمين".

ثم تكلم عن لبنان النائب أميل لحود قائلاً: "لقد سمعتم سوريا وما يختلف صوت لبنان عن صوت سوريا، فنحن لا نفرق بين عربي وعربي، وإننا جسم واحد" (8).

كما أرسل الإمام البنا خطابًا إلى سعادة وزير لبنان المفوض بتاريخ 28/5/1945م، وفيه يعلن استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف متطوع للجهاد بجانب إخوانهم اللبنانيين، وقد أرسل فضيلته خطابًا مماثلاً في نفس التاريخ إلى سعادة وزير سوريا المفوض يعلن فيه استعداد الإخوان لإرسال عشرة آلاف متطوع، فيكون مجموع المتطوعين للدفاع عن سوريا ولبنان عشرين ألف متطوع (9).

وفى نفس العام أرسل الإخوان بعثة طبية، وتألفت البعثة الطبية من الدكتور محمد سليمان رئيسًا، والأستاذ علي محمود مطاوع والدكتور عبد الوهاب البرلسي والحاجة زبيدة أحمد ممرضة، وصاحبهم الأستاذ عبد الحكيم عابدين سكرتيرًا للبعثة، وسافرت البعثة بعد أن ودعهم مكتب الإرشاد وإخوان القاهرة وفرق الجوالة بالقطار إلى فلسطين ما عدا الأستاذ عابدين الذي تخلف عنهم؛ لأن حكومة الانتداب البريطاني في فلسطين لم تعطه تأشيرة بالسفر، فاضطر إلى السفر بالطائرة في اليوم التالي إلى بيروت رأسًا.

وقد وصلت البعثة الطبية إلى دمشق، وافتتحت عيادة خارجية بلغ عدد الذين يختلفون إليها يوميًّا نحو مائتين، يجرى لهم الكشف الطبي، ويمنحون الدواء بلا مقابل، وقد أقامت بعض الجمعيات حفلات تكريم للإخوان منها «الجمعية الغراء»، و«جمعية الشبان المسلمين» (10).

بل أن جوالة الإخوان قامت في نهاية عام 1945م بتكريم وفود الجوالة العرب أعضاء وفود الكشافة بلبنان ويافا بفلسطين وفريق التهذيب الإسلامي وفريق الكشافة بحيفا، وقد حضر هذا التكريم لفيف من أعضاء مكتب الإرشاد، وكان من كبار المدعوين لذلك الحفل حضرات وحيد باشا يسرى والسيد محمود الحبرى والسيد محمد على الجعبرى رئيس بلدية الخليل ورئيس الإخوان بفلسطين والأستاذ الفضيل الورتلانى سكرتير لجنة الدفاع عن شمال أفريقيا (11).

وكان هذا من حرص الإخوان على توطيد العلاقة مع الدول الإسلامية عامة والأشقاء العرب خاصة.

وحينما أطلقت السلطات الفرنسية يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 1943م سراح رئيس الجمهورية بشارة الخوري ورئيس الحكومة اللبنانية رياض الصلح وسلمت بمنح لبنان الاستقلال التام، ثم حصولها بالفعل على الاستقلال في 31 ديسمبر/ كانون أول 1946م ثم اختيار بشارة خوري رئيسا للبلاد، كتب الإمام حسن البنا برقية جاء فيها:

"فخامة بشارة الخورى رئيس جمهورية لبنان":

إلى لبنان الشقيق أجمل التهاني بإعادة انتخابكم. حقق الله آمال الوطن العزيز والعروبة المجيدة في ظل رياستكم الرشيدة (12).

ولقد كتب الشاعر إبراهيم عبد الفتاح يُحيي سوريا ولبنان على ما نالا من الاستقلال عن فرنسا، ويبارك تضحياتهم في سبيل التحرير، فقال:

قف حيي سوريا بما نالت ولبنانا

قطرين قد لبسا بالفوز تيجانا

حيي العروبة في القطرين حافظة

تراث قحطان أو ميراث عدنانا

جاءت فرنسا تريهم كيف عزتها

من بعد رقدتها في الذل أزمانا

كم ثورة في أخ ردت عزيمته

لو سار للحرب في سوريا ولبنانا

سيروا على بركات الله واغتنموا

نصرًا من الله مكفولاً ورضوانا (13).

...تابع القراءة