الفرق بين المراجعتين لصفحة: «من قتل حسن البنا»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
لا ملخص تعديل
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
'''<center><font color="blue"><font size=5>من قتل [[البنا]]</font></font></center>'''
إنه يهاجم دور [[الإخوان]] ب[[الإسكندرية]] ويفتش البيوت ويعتقل 56 من أعضاء [[الجماعة]] ب[[الإسكندرية]] , ويكون بين المعتقلين [[مصطفي مؤمن]] زعيم  طلبة [[الإخوان]] الذى كان يدعوا للتهدئة فى أوائل حكم صدقى!


'''[[محسن محمد]]'''
'''وترد صحيفة [[الإخوان]]'''
== الإمام ==


رفعه أتباعه فوق كل المصلحين وأئمة [[الإسلام]] فى العصر الحديث قالوا إنه جمع بين تطور فكر [[محمد عبده]] وشجاعة [[جمال الدين الأفغانى]] وتفوق عليهما لأنهما تركا مبادئ ولم يبنيا حركة منظمة, أما الشيخ [[حسن البنا|حسن أحمد عبد الرحمن البنا]], وشهرته [[البنا]] , فقد أقام تنظيم [[الإخوان المسلمين]].
:" عمد صدقى إلى أسلوبه القديم ناسيا أنه استغفر منه وأناب فى مجلس النواب فها أنت ترى كيف يصادر الاجتماعات . فهذه المعاهد والكليات والطريق الموصلة إليها والميادين القريبة منها أشبه ما تكون بميدان حرب حشدت فيه القوات المدرعة والسيارات المصفحة والمدافع المصوبة و[[البنا]]دق والحراب بل ليت الأمر وقف عند حد الإرهاب وحرب الأعصاب.


لم يحاول الدخول فى التفسيرات والشروح والاجتهادات الدينية التى خاض فيها رجال [[الأزهر]] وعلماء [[الإسلام]], بل أراد أن يكون مجددا , ويطالب المسلمين بإعادة التأمل فى دينهم.
:بل هذه السجون امتلأت بالطلبة الأطهار الأبرياء والمجاهدين من شباب الأمة.ليرسل صدقى باشا بالأحرار إلى أعماق السجون ليفعل صدقى ما أراد ولتفعل القوة ما تشاء , فسيواصل المجاهدون جهادهم حتى يتحقق للوطن ما يريد والله غالب على أمره وليعلمن نبأه بعد حين.


ولم يهتم بالخلافات بين المذاهب بل حاول تجميع المسلمين رغم خلافاتهم ووجد فى [[الإسلام]] : الدين والدولة, والوطن والجنسية و والمذهب والقانون الروح والثقافة. والعقيدة والقيادة. الثورة والسيف.
مضت الأيام والشهور وطالت المفاوضات فإذا بكل ذلك يتمخض عن مشروع معاهدة عرجاء قال فيها أحد المفاوضين '''" إنها احتلال سافر للبلاد وفضل نهائى لشطرى الوادى وتكبيل الوطن بقيود وأغلال دونها أغلال معاهدة سنة [[1936]].."!'''


وصفوه بأنه داعية إسلامى من طراز فريد عبقرى. والعالم الربانى الفذ الصالح, الذى لم بنجل مثله العالم الإسلامى منذ قرون!
'''وأذاعت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه'''


'''وقالوا أنه الرجل القرآنى الذى استطاع أن يبذر فى الأرض  بذرة المصحف وقال عنه [[عمر التلمساني]] أنه'''
:" أن بعض المنتمين إلى جمعية [[الإخوان المسلمين]] فى مدينة [[القاهرة]] ومعهم الغوغاء قاموا بعمل مظاهرات متفرقة فى أنحاء مختلفة من المدينة واعتدوا بإلقاء الأحجار على واجهات بعض المتاجر بشارع فؤاد الأول وشارع شبرا كما اعتدوا على مركبات الترام وصف الدكتور [[محمد حسين هيكل]] تلك الأيام


:" الملهم الموهوب بطاقة لا يحظى بها إلا القليل. جهوده خارجه عن نطاق الجهد العقلى. صاحب فراسة لا تخيب. أستاذ الجميع فى كل شئ. إمام أنقذ أمة".
'''فقال:'''


'''وقالوا أنه '''
:"أدت هذه الأحوال مجتمعة إلى تبلبل الأفكار وشيوع القلق واضطراب طلاب الجامعة وتعدى الأمر إلى أعمال اجرامية منكرة.وكانت القنابل تلقى فى غسق الليل فى الشوارع. أو فى أحياء تجارية فيذيع تفجيرها فى النفوس الرعب والفزع . وألقيت قنابل أمام مساكن مأهولة فأحدثت من الأضرار ما زاد الناس رعبا وهلعا وتعددت هذه الحوادث وجعلت الناس فى العاصمة وفى الأقاليم يشعرون بأن الوزارة عاجزة عن حفظ الأمن".


:" أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه. فشلت كل محاولات أغرائه بفضل صوفيته الصادقة وزهده الطبيعى".
استدعى السير أورم سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية السفير المصرى عبد الفتاح عمرو وأبلغه إصرار بريطانيا على تبادل رسائل مع صدقى تلحق بالمعاهدة يوم توقيعها وتتضمن  ما يأتى. بروتوكول [[السودان]] لا يغير الأوضاع فى [[السودان]]. يقرر السودانيون فى الوقت المناسب مصيرهم بما فى ذلك حقهم فى الاستقلال عندما يصبحون أهلا لذلك.


'''وقف [[محمد نجيب]] أول رئيس الجمهورية [[مصر]] أمام قبره فقال نيابة عن مجلس الثورة المصرى:'''
تدافع بريطانيا عن [[السودان]] بالقوات والتسهيلات التى يتطلبها الموقف من حق القوات البريطانية الانتقال والطيران فوق [[مصر]] أثناء فترة الجلاء وبعد ذلك يناقش الأمر بين الحكومتين للوصول إلى اتفاق فى المستقبل


:" صاحب عقيدة.. حرب على الفساد والانحلال, بقدر ما كان حربا على الإحتلال.. عاش لأمته ووهب لها حياته".
'''أجاب السفير المصرى:'''


'''ذكر [[فتحي رضوان]] اسم [[البنا]]] لأول مرة أمام [[جمال عبد الناصر]] فوجده يقول:'''
:الإصرار على ذلك سيؤدى إلى فشل أى فرصة لإقرار المعاهدة وتتطور الأمور بسرعة غير عادية يوافق مجلس الوزراء المصرى على المعاهدة ويلتقى [[حسن يوسف]] رئيس الديوان الملكى بالنيابة ب[[حسين سرى]] باشا رئيس الوزراء السابق وعضو هيئة المفاوضات.


:كان [[البنا]] يبعث على احترامه,وقال [[فتحي رضوان]] إن هذه الشهادة من أكبر الشهادات لمرشد [[الإخوان]] وهو أول شهادة سمعها منه [[فتحي رضوان]] من عظيم من الأحياء أو الأموات!
'''قال سرى باشا:'''


'''رآه [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] لأول مرة فوجده'''
:من الإجرام أن تضيع فرصة التوقيع على معاهدة بهذه الشروط


:" يلتحف بعباءة حمراء لا تكاد تظهر منه شيئا كثيرا إلا البشاشة في وجهه. والتواضع في مظهره والرقة في حديثه.ليس في خطابته وعظ المتدينين, لا الكلام المرتب , ولا العبارات المنمقة ولا الحشد الكثير, ولا الاستشهاد المطروق, ولا التزمت في الفكرة, ولا ادعاء العمق, ولا ضحالة الهدف, وإحالة  إلى التواريخ والسير,رجل يدخل موضوعه من زوايا بسيطة ويتجه إلى هذه عن طريق واضح ويصل إليه بسهولة أخاذة".
'''ولكنه استطرد قائلا:'''


التقى به أحمد مرتضى المراغى وزير الداخلية السابق فوجده
:مادام البريطانيون وافقوا على الكثير فمن الوطنية أن يطلب المصريون ما هو أكثر.


:" ذا لحية لا هى طويلة ولا هى قصيرة.خفيف الخطى سريع الحركة والكلام.آية في الذكاء يركز عينيه اللامعتين على محدثه, يخفى وجهه, ثم يعود إلى التحديق دمث المعشر, حلو الحديث, خلت طبيعته الدينية من التزمت".
'''سأله [[حسن يوسف]]:'''


'''تكلم الشيخ الباقورى عن ثقافة [[البنا]] فقال:'''
:كيف يمكن عمل ذلك؟ وهل يعود صدقى مرة أخرى إلى لندن ليطلب المزيد؟


:" إنه كان يحفظ ديوانا المتنبى مضمونا إلى ذلك ما متعه به الله من حفظ القرآن الكريم والسنة المطهرة والسيرة المحمدية العطرة. قرأ لابن خلدون والأفغاني و[[محمد عبده]] والغزالى وابن تيمية وكان حريصا على اقتناء كل كتاب يظهر"
'''قال سرى:''' إذا لم يذهب صدقى فربما يذهب أى شخص آخر .... أى سرى باشا !!


'''وصفته مجلة " [[آخر ساعة]]" المصرية فقالت''':
'''وقال [[على ماهر]] لصدقى باشا:'''أؤيد المقترحات ولكنى فى الاجتماع أعرضها.فسر [[حسن يوسف]] باشا وكيل الديوان الملكى للسفير البريطانى موقف أعضاء هيئة المفاوضات .


:" وجهه مشوب بمسحة وقار لطيف حاد الملامح بين التعابير تحت جبين عريض لماح بقبس من الذكاء تقعد وسطه" زبيبة صلاة" كبيرة داكنة من أثر السجود.عيناه هادئتان بسيطتان في بساطتهما لمحة من " عيون المقطم" تحسبها قليلة الغور, فإذا ألقيت فيها الحجر, ظل يتدحرج إلى غير قرار.
'''قال:'''


:دائم الابتسام , فاره القامة يبدو قويا  كشجرة السنديان في صوته عمق وعرض وطول وللسانه سحر إذا تكلم يتلاعب بالألباب وقد أمده الأدب العربى, على شتى أصوله بفيض هائل من الآيات والأحاديث, وأمجاد الجهاد الإسلامى يطلقها من فمه كالمدفعى  الماهر في أنسب وقت, وأنسب مكان, فيكون لها فعل القذائف في معارضيه.
:الملك ليس مستعدا لدفع الثمن الذى طلبه [[على ماهر]] نظير التأييد وايد لطفى السيد.. صدقى عندما كان وزيرا للخارجية ثم نائبا لرئيس الوزراء ولكن بعد خروجه من الوزارة انضم للمعارضة ولم يوضح أسباب معارضته عدا قوله أن البلاد تعارضها .


:مدرس خط, ومع ذلك فإن خطه بشهادته, هو نفسه ليس جميلا بل ولا مقروءا.وزعيم لمليون من المصريين ولكنه وبشهادته أيضا ليس زعيما وإنما هو مدرس فقط ولعل هذا مصدر لقبه الرسمى وهو [[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]].ميزه هذا الرجل الكبرى أنه يعرف كيف يخاطب الناس كيف يلهب  شعورهم".
:وتجنب لطفى السيد كما تقول برقيات السفير البريطانى التوقيع على بيان أعضاء هيئة المفاوضات المعارضين لكنه كان غامضا ومترددا عندما أضاف الآخرون اسمه فى النهاية عندما نشروا بيانهم!..


'''وقال عنه [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] أنه:'''
ويقدم صدقى باشا إلى مجس النواب مشروع المعاهدة والبروتوكولات مؤكدا انه لا توجد وثائق أخرى سرية.ويقرر المجلس يوم 26 من [[نوفمبر]] الثقة بالحكومة ويبلغ توفيق دوس باشا عضو مجلس الشيوخ السير والترس مارت وزير المفوض البريطانى للشئون الشرقية بالسفارة البريطانية ما دار فى الجلسة السرية للمجلس


:من الرجال العظام الذين يصطفيهم الله لنصرة دينه".أجمع معاصروه على أنه يتمتع بشخصية قويه. يحمل دعوته إلى الناس في يسر ويشرحها بألفاظ سهلة دون تكلف. شديد التواضع زاهد لا يبغى مالا. لم يجمع من الدنيا شيئا, ولا يهتم فيها إلا مقدار. ولا يصيب منها إلا ما تدعو إليه الضرورة.
'''قال عن السكرتير العام للوفد:'''


:ينام خمس ساعات ويأكل ما حضر من الطعام ويلبس ما تيسر له من الثياب, ويعيش عيشة الكفاف. زيارته للقرى تتسم بالبساطة. يتصرف بحكمة وذكاء وهو يسعى لاكتساب الأصدقاء ينام عند أعضاء [[الجماعة]]. وإذا لم يتوفر له ذلك نام في المسجد راضيا!
:اعترف صبرى أبو علم باشا بأن المشروع المصرى للمعاهدة مشروع جيد ولكن الوفد انتقد صدقى باشا على أساس أنه يأخذ موضوع الجلاء باعتباره قضية مسلما بها بينما تصريحات اتلى وبيفن تنبئ أنه فى حالة انهيار المفاوضات فأنهما يقترحان العودة إلى معاهدة [[1936]].


:أقام في بداية حياته ب[[القاهرة]] في حارة  عبد الله بك في المغربلين بحى اليكنية عند بوابة المتولى يستأجر بيتا إبحاره خمسون قرشا كل شهر.
:وأشار صدقى باشا إلى أنه لا مصلحة للمصريين فى توجيه اهتمام التصريحات الصادرة عن الجانب الآخر بل مصلحتهم الوقوف بحزم لتأييد فكرة ان الجلاء أصبح قضية مفروغا منها.قابل المجلس هذا الرأى بالتصفيق..


:ومنه انتقل إلى السبتية وأخيرا في شقة بحارة سنجر الخازن بقسم الخليفة يدفع عنها جنيهن كل شهر.كان البيت مفروشا بالحصير ولم تغط أرضه سجادة في يوم من الأيام.
رفض [[حزب الوفد]] التصويت على قرار المجلس الذى يؤيد صدقى باشا ومع ذلك كان واضحا أن الوفد لن يكون فى وسعه معارضة المعاهدة وطلب إلى صدقى باشا أن يتعهد بتقديم مشروع المعاهدة النهائى أماما المجلس لإقراره قبل التوقيع النهائى عليها.


:مرتبة كمدرس بوزارة المعارف للغة العربية لا الخط ! عشرة جنيهات يحصل منها على جنيهين لمصروفه الشخصى ولرحلات الدعوة وتساهم أسرة زوجته من [[الإسماعيلية]] في نفقات البيت.
رفض صدقى باشا ذلك على أساس أن إبرام المعاهدات من أعمال السلطة التنفيذية وإذا كان ثمة مجال لإدخال تعديلات على الموقف المصرى فإنه على استعداد لطرح هذه النقاط أما الأعضاء قبل اتخاذ قرار بشأنها وأكد توفيق دوس أن حافظ رمضان ألقى خطابا قويا أثنى فيه على موقف صدقى باشا.


:وبعد استقالته من عمله كمدرس عام [[1946]] أصدر '''"[[مجلة  الشهاب]]"''' ولم يزد دخله منها على 15 جنيها.
وذكر توفيق دوس أنه لم يتعارض المشروع المصرى للمعاهدة سوى عضو واحد متطرف من أعضاء [[الحزب الوطني]] على أساس البدء الدائم للحزب وهو لا مفاوضة إلا بعد الجلاء.ويبلغ السفير المصرى وزارة الخارجية البريطانية بأن صدقى أصبح مخولا لتوقيع المعاهدة بعد حل هيئة المفاوضات.


:عرض عليه [[الإخوان]] 100 جنيه شهريا مقابل التفرغ ولكنه اعتذر وعرض عليه [[الإنجليز]] أثناء [[الحرب العالمية الثانية]] خمسة آلاف جنيه ليكتب عن [[الديمقراطية]] فقال:
ولم يعرف ابدا ما إذا كان صدقى قد تعهد فى لندن باستمرار الوضع القائم فى [[السودان]] أو أن بيفن تراجع عن موقفه وعلى أية حال فإن [[إسماعيل صدقي]] رئيس وزراء [[مصر]] بخطواته لتالية أراد أن يضع [[الإنجليز]] و[[السودان]] أمام الأمر الواقع.


:أكتب عن ديمقراطية [[الإسلام]] باعتبارها [[الديمقراطية]] الحقيقية المثالية فرفض [[الإنجليز]]. قال تقرير للمخابرات البريطانية إن أحد أسباب الانتشار السريع [[للإخوان]] يرجع إلى حياة الزهد والورع التى عاشها [[البنا]] كمسلم.
ولكن العقبات استمرت توضع فى طريق السياسى المصرى الداهية! طلب عبد الرحمن المهدى باشا زعيم الاستقلاليين فى [[السودان]] السماح له بالسفر إلى لندن ليشرح موقف حزب الأمة من البروتوكولات فوافق الحاكم العام والحكومة البريطانية بينما أعلن السيد على الميرغنى زعيم الختمية أنه لن يتجه إلى لندن.


:وفى مفكرته التى وجدت معه عند مصرعه كتب أنه أخذ من المستشار [[منير الدلة]] 150 جنيها لتسوية نفقات المعيشة!وفتشوا ملابسه في مستشفى القصر العينى بعد وفاته فوجدوا في جيبه كل تركته: ستة جنيهات وعشرة مليمات وساعة جيب معدنية ماركة '''" أوراتور"''' سلسلتها معدنية أيضا وقلم حبر!
وقبل مغادرته الخرطوم توجه المهدى لزيارة الميرغنى لول مرة منذ سنوات وأعلن المهدى فى بيان للشعب أنه سيطلب من دولتى الحكم الثنائى إنهاء الإدارة الحالية للسودان والاعتراف بسيادة البلاد وتشكيل حكومة انتقالية تمهد الطريق للحكم الديمقراطي.


:ووجدا في سيارة التاكسى التى نقلته إلى المستشفى لآخر مرة مسبحة رخيصة من 99 حبة!وقصدت شقيقته تزور زوجها المصاب [[عبد الكريم منصور]] المحامى في مستشفى القصر العينى بعد يومين من اغتيال شقيقها فشكا إليها زوجها عدم عناية المستشفى بأمره.  
ويلتقى المهدى فى لندن يوم 27 من [[نوفمبر]] برئيس الوزراء وفى 5 من [[ديسمبر]] التقى بوزير الدولة ثم اجتمع ببفين بعد عودته من نيويورك أبلغ المسئولون البريطانيون الزعيم السودانى بأن الوحدة المصرية السودانية تحت التاج المشترك لا تعير الموقف فى [[السودان]] وأن الحاكم العام سيقاوم أى محاولة مصرية لإدارة البلاد.


:وعدم كفاية ما يقدم إليه من طعام فأعطته كما يقول محضر الشرطة خمسين قرشا أوراقا نقدية من فئة العشرة القروش ثم عادت وقدمت إليه خمسة وعشرين قرشا فلم تكن تملك غير هذه القروش!
ويغلق صدقى جامعتى [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] بعد إضراب الطلبة ومظاهراتهم ويلتقى فى [[القاهرة]] رئيس أركان حرب القوات البريطانية بالملك فاروق فى اليوم  ذاته 28 من [[نوفمبر]]


== أثرت في الشيخ [[البنا]] عوامل كثيرة==
'''قال فاروق'''


ولد في قرية المحمودية بمديرية [[البحيرة]] التى أنجبت الشيخ [[محمد عبده]] عام [[1906]] والده الشيخ [[أحمد عبد الرحمن البنا]] مأذون وساعاتى إمام وخطيب مسجد القرية درس الأدب على يد الشيخ [[محمد عبده]] وألف عدة كتب دينية وعنده مكتبة إسلامية كبيرة.
:سيتم الاتفاق على المعاهدة والتصديق عليها من جانب جميع الأطراف المعنية قبل نهاية العام وستمر [[مصر]] بفترة توتر بالغ تصحبها محاولات لاغتيال المسئولين عن المعاهدة .. وستخمد بعد شهرين أو ثلاثة . ولكن البوليس والجيش المصرى سيكونان قادرين على معالجة الأمر


تتلمذ في الكتاب على يد أزهرى ورع. فتأثر بهذا المناخ الدينى وكانت كل موضوعه الإنشائية عن الدعوة الإسلامية.
'''وأضاف فاروق :'''


وعلى المستوى الشخصى اعتاد الأسرة  الكبيرة..كان له أربعة أشقاء وعندما تزوج من كريمة الحاج [[حسين الصولي]] من وجهاء [[الإسماعيلية]] أنجب خمس بنات هن:
:هدفى الرئيسى الآن الحفاظ على حياة صدقى الذى ساءت صحته بدرجة كبيرة وربما يموت فى أى وقت أو يغتال.ولا أرى أمامى فى الوقت الحاضر خليفة لصدقى أبرق الفيلد مارشال إلى لندن


:سناء ووفاء ورجاء وهالة وابنا واحدا هو أحمد سيف [[الإسلام]] الذى كان في الرابعة عشر من عمره عند مصرع أبيه وكانت صغرى بناته استشهاد جنينا فى بطن أمها يوم وفى أبيها!
'''يقول:'''


فى المدرسة الابتدائية رأس جمعية السلوك الاجتماعي وأنشأ مع زملائه '''" جمعية منع المحرمات"''' التى يبعث أعضاؤها برسائل لمن يرتكبون منكرا وكان العمل السرى بعد ذلك أحد وسائله فى الدعوة اشترك فى التشكيلات الإسلامية وعمره 12 سنة.وبدأ يكتب مذكراته وهو صبى. ويشترك فى المظاهرات [[السياسة]] وعمره 13 سنة.
:" الملك فاروق يعتبر بريطانيا الدولة الحيدة الراسخة التى تشكل صلب المقاومة للتهديدات الروسية وهو حريص على احتفاظ بصداقتنا".ولا يعود السير هدلستون حاكم [[السودان]] العام إلى الخرطوم مباشرة بل يتوقف فى [[القاهرة]] ويكتب السفير البريطانى إلى لندن يوم 30 من [[نوفمبر]]
 
ويلتحق فى سن الرابعة عشرة بمدرسة المعلمين الأولية بدمنهور فيدرس الفقه الإسلامي ويحفظ 18 ألف ببيت من الشعر.يقرأ كتب الغزالى ويتأمل فلسفته ثم يشترك أثناء الدراسة فى '''" الجمعية الحصافية الخيرية "''' فيتعلم شئون الجمعيات ووسائل تنظيمها وعرف أن قيام هذه الجمعيات فى المدارس يترك أثرا ضخما فى نفوس الشباب!
:يحاول صدقى إقناعى بضرورة الإسراع بتوقيع المعاهدة ولا يزال السير هيوبرت هادلستون فى [[القاهرة]].وقد رتبت انتقاله مع زوجته إلى منزلى لأن رجال الأمن غير مرتاحين لاستمرار إقامتهما فى فندق '''" شبرد"''' وموقف هادلستون يتلخص فى أنه مهما كانت الصيغة المستخدمة فى خطاب رئيس وزراء بريطانيا فإن السودانيين سيطلبون منه إجابة محددة بنعم أولا على السؤال الخاص بالبروتوكول السودانى وهل يعطيهم حق الانفصال عن [[مصر]] أم لا.


'''قال:'''
:ومالم تكن لديه سلطة الإجابة بنعم فإن موقفه سيكون مستحيلا وأخشى أنه سيثير عند عودته إلى الخرطوم وحاولت أن أجعله يواجه هذا الموضوع بطريقة أقل جمودا وأمس نتيجة لحديث مع رئيس أركان حرب الإمبراطورية الجنرال ديسى طلبت من الجنرال أن يلتقى بهادلستون ويقنعه بأنه يستطيع بسلطته الواسعة فى [[السودان]] أن يقنع [[السودان]]يين بان يمنحوه ثقتهم فى المستقبل دون طرح مزيد من الأسئلة.


:كم سهرنا الليالى ندرس حال أمة [[الإسلام]]
:وأخشى ألا يكون لهذه المجهودات سوى تأثير قليل على هادلستون فهو يرى أنه متى تمت الموافقة على الاعتراف بالسيادة . وما لم يسلم بحق السودانيين فى اختيار الاستقلال فإن الدوران حول هذه النقطة سيسحب من تحت أقدامه ما بقى من الأرض التى يقف عليها.


'''وعندما يسمع بروفة [[محمد فريد]] وهو طالب فى هذه المدرسة يؤلف قصيدة يقول فيها:'''
:ومن الصعب  عليكم أن تتحملوا هذا الصداع الإضافي فى المرحلة الحرجة من المفاوضات حول المعاهدة. وأتمنى لو أستطيع تقديم مساعدة أكبر "


'''<center>أفريد نم بالأمن والأمان
ومن هذه البرقية تتضح حقيقة تساند صدقى وهى ان حاكم [[السودان]] العام لم يتلق تعليمات واضحة بأن يبلغ السودانيين حقهم فى الاستقلال!
:::::أفريد لا تجزع على الأوطان</center>'''


وينتقل إلى [[القاهرة]] فى مدرسة دار العلوم بحفظ القرآن والسنة النبوية والسيرة المحمدية وديوان المتنبى ويكتب فى آخر موضوع للإنشاء المدرسة '''" بعد قومى عن مقاصد دينهم ومرامى كتابهم والتبس عليهم الدين الصحيح"'''!
اشتدت المظاهرات بعف ضد صدقى والمعاهدة يوم 2 من [[ديسمبر]] وألقيت القنابل فى وقت واحد على ستة من أقسام الشرطة ب[[القاهرة]] وقنبلة على منزل الدكتور [[محمد حسين هيكل]] باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين.


كان أول دفعته فى جميع مراحل التعليم تخرج فى دار العلوم وعمره 21 سنة.وقد تردد بعد نجاحه, بين أمرين: أن يعمل مدرسا أو يتقدم لبعثة فى الخارج.
حاصر صدقى مقر جماعة [[الإخوان]] ومطبعتها وصحيفتها ومستوصفها وبيوت زعمائها وفتشها ومنع الاجتماعات  فى مقار [[الإخوان]] وأغلق [[المركز العام]] واعتقل [[أحمد السكري]] وكيل [[الجماعة]] فأخذ [[الإخوان]] يجتمعون  فى البيوت ورصد 3000 جنيه لمن يرشد عن المتهم فى حادث قنبلة منزل الدكتور هيكل واعتقل رئيس صحيفة [[الجماعة]]. ومنع الصحف من نشر أنباء المظاهرات والإضرابات


حسم القدر الأمر فإن دار العلوم لم ترشح أحد للبعثة فى تلك السنة فبقى فى [[مصر]] يعمل , كما قال فى موضوع الإنشاء '''" على تصحيح الأوضاع ليغرس فى النفوس أن [[الإسلام]] دين ودنيا"'''
'''ويكتب السفير البريطانى إلى لندن:'''


'''قال:'''
:" يقف الطلاب فى مقدمة الأنشطة المضادة لبريطانيا حيث يقوم الوفد و[[الإخوان]] و[[مصر الفتاة]] بتنظيمهم للقيام بهذه الأنشطة.ولسوء الحظ فإن مظاهرات الطلبة تجذب إليها أعداد من اللصوص والمجرمين وهؤلاء هم المسئولون عن أعمال النهب والحرائق التى تأتى عادة بعد المظاهرات السياسية".


:'''" هذا الكتاب يخشاه المستعمرون لأنه ليس آيات تقرأ فى الصلاة وترددها الشفاه, وإنما كتاب تشريع وقيادة وحكم وإمامة"'''.
ويستدعى السير اورم سارجنت وكيل الخارجية البريطانية الدائم عبد الفتاح عمرو باشا يوم 6 من [[ديسمبر]] ليبلغه ما يشبه الانذار باسم ارنست بيفن.قدم سار جنت إلى عمرو مذكرة تنص على تبادل رسالتين بين بيفن وصدقى تفسران ما اتفق عليه مع صدقى بشأن بروتوكول [[السودان]] وقد صيغت عبارات الرسالتين بأسلوب  يقبله صدقى.


ويكون هذا كله زاده لدينى, أما زاده السياسى فكان عريضا أيضا.جفلت الفترة من عام [[1906]] حتى عام [[1928]] بالأحداث [[السياسة]] دنشواى. شق الفلاحين المصريين, وجلدهم بالسياط أمام أهلهم فى قلب القرية...
'''وقال سار جنت:'''


أزمة طابا بين [[الإنجليز]] والأتراك والاختلاف بينهما على حدود [[مصر]].. خلع الخديو عباس حلمى الثانى... [[الحرب العالمية الأولي]] ثم ثورة [[1919]] التى اشترك فى مظاهراتها وإضراباتها وعمره 13 سنة وأثناءها كان تلميذا بالاعدادية فى مدرسة المحمودية.ز
:إذا لم يفعل صدقى ذلك فسيضطر مستر بيفن إلى أن يعلن فى مجلس العموم بعد التوقيع على المعاهدة تفسيرا واضحا بشان بروتو كول [[السودان]] وان التاج المصرى لمشترك أدخل على البروتوكول كاعتراف رمزى بسيادة [[مصر]] على [[السودان]] لا '''" كفرامل"''' لوقف عجلة تقدم [[السودان]].


الاستقلال و[[الدستور]] واغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك ووفاة [[سعد زغلول]]..... والأزمات العاتية التى عاشتها [[مصر]]!
:ولا تمنع الحكومة البريطانية السودانيين من تقرير مصيرهم.ويؤكد بروتوكول [[السودان]] الأوضاع الحاضرة ولا يغيرها وستظل بريطانيا تدافع عن [[السودان]] بكل الوسائل والتسهيلات الضرورية وفى اليوم التالى يصل إلى الخرطوم هادلستون فيذيع بيانا علنيا على الشعب يتضمن ما جاء فى خطاب اتلى السرى إلى الحاكم العام!


وكان يكفى [[البنا]] أثناء دراسته بدار العلوم أن يمضى مسافة قصيرة للوصول إلى [[الأزهر]] أو سير فى ثلاثة شوارع ليدور حول دار المندوب السامى البريطانى بحديقته الواسعة شاطىء النيل. وقصر عابدين حيث يقيم الملك فؤاد . '''والبرلمان الذى يعقد حينا, ويعطله الملك فؤاد حينا آخر!'''
:ولم يكن هادلستون مخولا بذلك بل أنه أراد نسف المعاهدة والبروتوكول ويستقبل صدقى بمرارة وأسى وأسف بيان الحاكم العام وتصدر الحكومة المصرية بيانا يوم 8 نم [[ديسمبر]] تعلن فيه أن الحاكم العام يمثل الحكومتين البريطانية وأنه سمح لنفسه بإصدار بيان يمثل حكومة واحدة وأن هذا البيان لم يطلع عليه رئيس وزراء [[مصر]] ولم يقره! وجد إسماعيل صدقى نفسه فى موقف حرج


بعد وفاة سعد بأسبوعين تقريبا انتقل [[البنا]] فى 16 من [[سبتمبر]] [[1937]] إلى [[الإسماعيلية]] ليكون مدرسا للغة العربية بالمدرسة الابتدائية فحمل معه حصاد الأحداث التى عاشها طفلا. وشابا وسمع عنها حكايات كثيرة استقرت فى عقله وشكلت تفكيره.
:إن ملك [[مصر]] و[[السودان]] مجرد اسم ورمز وشعار وسينسلخ [[السودان]] عن [[مصر]] وعليه أن على صدقى أن يختار فإما أن يقبل ذلك ويوافق على أن تكون معاهدة صدقى – بيفن للجلاء عن [[مصر]] فحسب وهو ما علته [[ثورة 23 يوليو 1952|ثورة 23 يوليو]]  بعد ذلك أم يخلى الميدان السياسى.ولكن صدقى رأى أن يسجل موقفه للتاريخ


وجاءت مرحلة [[الإسماعيلية]] لتترك تأثيرها السياسى المباشر فى مستقبل [[الإخوان]] وسياستهم وعمقت فى [[البنا]] مشاعر الكراهية للنفوذ الأجنبى.وكانت [[الإسماعيلية]] مدينة فرنسية على أرض مصرية. طغت الأسماء الأجنبية على الشوارع والمحلات التجارية,
رد على المذكرة البريطانية فرفض شروطها جميعا. ورفض أن يتبادل الرسائل مع بيفن أو يوافق على أن يدلى وزير خارجية بريطانيا ببيان فى مجلس العموم عن بروتوكول [[السودان]] ثم قدم إسماعيل صدقى فى نفس اليوم 8 [[ديسمبر]] استقالته لسوء صحته فقد أرهق الرجل من كثرة ما رأى وناضل وعانى أيضا


أسلوب الحياة فرنسى وشركة قناة [[السويس]] تحتكر المرافق العامة وتنكر على المصرى حق الحياة الكريمة وتحمى قوات الجيش البريطانى هذه الأوضاع كلها!'''ويجد [[البنا]] فى ذلك كله إهانة للكبرياء الوطنية.'''
'''قال [[الإنجليز]] فى تقاريرهم السرية:'''


ولكنه يقبل من شركة قناة [[السويس]] 500 جنيه تبرعا للمساهمة فى إنشاء مسجد قائلا: هذا مالنا لا مال لخواجات. والقناة قناتنا. والبحر بحرنا والأرض أرضنا وهؤلاء غاصبون فى غفلة من الزمن!
:إن الملك فاروق طلب من صدقى الاستقالة بعد أن توترت علاقته مع الحكومة البريطانية ولم يعد ممكنا الوصول إلى معاهدة ولكن حسن يوسف باشا قال لى أصر صدقى على الاستقالة وألححت عليه باسم الملك فى لإبقاء ولم يعد صدقى للحكم أبدا, ولكن عرف شعب [[مصر]] بعد ذلك. مزايا المعاهدة والفرص التى ضاعت على [[مصر]] نتيجة عدم إبرامها ولم يخسر صدقى بخروجه من الحكم.


بدأ دعوته الدينية فى [[الإسماعيلية]] بظروفها تلك, والتى لا تسمح بقيام أو تشجيع جمعية تريد تربية المسلمين على تعاليم [[الإسلام]] وتطالب بالإقامة دولة إسلامية حرة بدلا من أن يكون المسلمون مستعمرين ومستغلين ومستعبدين كانت الدعوة بطريقة مبتكرة... فى ثلاثة مقاه يتردد على كل منها مرتين فى الأسبوع.
:ولكن [[البنا]] خسر كثيرا بعدم وقوفه مع صدقى .. وربما يكون الخطأ من جانب صدقى لأنه لم يطلع [[الإخوان]] على حقيقة الأمور .لقد جرف تيار المعارضة [[الإخوان المسلمين]] فانضموا دون اتفاق إلى  الوفد يعرضون صدقى ويركبون الموجة الشعبية التى تطالب بالتطرف وبالشعارات لأنهم مثل الأعضاء السبعة فى هيئة المفاوضات خافوا على مستقبلهم إذا  ظلوا مرتبطين برئيس وزراء له ماض  يكرهه الشعب.


وزارة ستة من عمال المعسكرات فى منطقة القتال يوم الجمعة 23 من [[مارس]] عام [[1928]] يهنئونه بأول أيام العيد الفطر ويعاهدونه ابتداء من ذلك اليوم على العمل للإسلام والمسلمين قد وجدوا فى الدين خلاصا من ذل الاحتلال البريطانى.
* '''ويبقى السؤال: هل كان [[البنا]] و[[الإخوان]] يقفون مع صدقى إذا عرفوا الموقف الحقيقى؟'''


وهنا تبرز حقيقة هامة وهى أن منذ قيام حركته ظلت إحدى عينيه على الدين والأخرى على [[السياسة]].وربما كان ذلك هو العامل الذى دفعه, إلى أن يكون الوحيد بين مؤسسى الجمعيات الدينية الذى ظل يرتدى البدلة الإفرنجية من قماش مصرى – ويضع فوق رأسه الطربوش, وإن لم يعرف لغة أجنبية!
:من الواضح أن [[المرشد العام]] لم يستطع فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ [[مصر]] , وتاريخ [[الإخوان]] أن يمثل القوة السياسية التى  تحقق التوازن فى [[السياسة]] المصرية.


حار العمال الستة فى اختيار اسم يطلقونه على حركتهم فقال لهم:ألسنا مسلمين فنحن إذن '''" [[الإخوان المسلمون]]"''' وهكذا منذ اللحظة الأولى وعمره 22 سنة يتخلص من المأزق الذى واجهته [[الجماعة]] إثر قيام [[ثورة 23 [[يوليو]] 1952|ثورة 23 [[يوليو]]]] عندما طالبت [[الأحزاب]] بإعادة قيدها وجدت أن [[الإخوان]] ليسوا حزبا
:وكان مستحيلا على الملك أن يثق فى [[الإخوان المسلمين]] الذين ساهموا كثيرا فى فشل مشروع المعاهدة.وكان [[الإخوان]] يفقدون حلفاءهم واحدا بعد الآخر.


'''وينجو ببعد نظره من مأزق  آخر!'''
:وجاء [[النقراشي]] ليتولى رئاسة الوزارة وبينه وبين [[الإخوان]] عداء قديم ! وكان مستحيلا على [[النقراشي]] خليفة صدقى فى رئاسة الوزارة أن يثق فى [[الإخوان]] أو يثق فى [[المرشد العام]] ... بعد الحريق!


أنشأ '''"فرق العمل"''' أى الجوالة وهى منظمة شبه عسكرية تتبع [[الجماعة]]  حولها إلى جمعية الكشافة العامة..
==مات الوكلاء والموكلون==


وعندما أصدر الملك فاروق قراره عام [[1937]] بحل تنظيمات القمصان الزرقاء, والقمصان الخضراء التابعين لحزبى الوفد و[[مصر الفتاة]] لأنهما شبه عسكريتين لم ينطبق القرار على '''"فرق العمل "''' لأنها تتبع الكشافة!
رشح [[إسماعيل صدقي]] لرئاسة الوزارة بدلا منه , [[النقراشي|محمود فهمى النقراشى]] باشا فألف وزارته فى 9 من [[ديسمبر]] [[1946]] من 12 وزيرا تصفهم من حزبه '''" السعديين"''' والنصف الآخر من الأحرار الدستوريين. واحتفظ [[النقراشي]] لنفسه بوزارتى السير رونالد كامبل فى [[النقراشي]] عن رأى السفير السابق اللورد كيلرن.


لم تكتب صحافة [[مصر]] كلها عن ميلاد [[الجماعة]] فلم تعرف الصحافة شيئا عنها يوم ميلادها وإنما اهتمت الصحف فى اليوم التالى بتبادل أعضاء '''"جمعية الشبان المسلمين"''' التهانى فى العيد!
'''كتب رونالد كامبل إلى لندن يقول:'''


ونشرت صحيفة '''" المقطم "''' المسائية مقالا لمحمود أبو الحسن عمدة منفلوط  عنوانه '''"الوزارة وشئوننا الداخلية"''' ولم تتوقع المقطم أن رجلا آخر من منفلوط وهو [[محمد حامد أبو النصر]] سيتولى منصب [[المرشد العام]] [[للإخوان]] بعد ستين عاما!
:" [[النقراشي]] رجل ضيق الأفق وعنيد. وبدأ حياته العملية مدرسا وهو ينفى بصورة قاطعة اشتراكه فى قضية اغتيال السردار السيرلى ستاك ولكن كثيرا من البريطانيين لا يبرئونه من هذه الجريمة ويعتبرونه متورطا فى كثير من جرائم القتل.


ولدت [[الجماعة]] والبلاد تستعد للإحتفال بعيد ميلا الملك فؤاد وكان [[عبد الخالق ثروت]] باشا  قد استقال قبل أسبوع واحد من منصبه كرئيس لوزراء [[مصر]] وألف [[مصطفي النحاس]] باشا رئيس [[حزب الوفد]] أول وزارة له يوم 16 من [[مارس]].
:ويمكن أن يصبح دموى المزاج إذا اختلف معنا وسيكون تواقا إلى إلقاء المسئولية علينا.وهو عديم الخيال على مائدة المفاوضات يفتقر إلى المرونة ولا يستجيب إلى الأفكار الجديدة".


أما سر الاستقالة فيرجع إلى أن  ثروت باشا تفاوض مع [[الإنجليز]] وانتهى أول مشروع معاهدة بين البلدين, وبعد ست سنوات من الاستقلال.
وقال [[الإنجليز]] إنه فى منصبه وعمله الجديد زعيم قوى ولكنه فى نظرهم يظل قاتلا يرتدى زيا آخر"!


ولكن الوفد رفض مشروع المعاهدة لأنه لا يحقق مطالب [[مصر]] وكان أوستين تشمبرلين وزير خارجية بريطانيا يلوم [[مصر]] لرفض المعاهدة وصحافة [[القاهرة]] تدافع قائلة:'''"[[مصر]] لا تلام ومصالح البلدين كفيلة بحل الخلاف"''' أما فى برلين  فإن المصريين كانوا يتظاهرون ضد المعاهدة.وكان  علماء  [[مصر]] يتكلمون عن.. نظام الوقف!
'''ويكتب بنكنى تاك القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن:'''


وإذا كانت [[مصر]] لم تدرك أهمية قيام [[الجماعة]]. فإن العالم فاته ذلك أيضا كان اهتمام العالم فى تلك السنة بتوقيع ايطاليا معاهدة الصداقة مع [[أثيوبيا]] وإعلان زوغو ملكا على البانيا والخطة الخمسية الأولى فى الاتحاد السوفيتى واختيار شيانج كاى رئيسا للصين وهربرت هوفر رئيسا للويلات المتحدة واغتيال أوبريجون رئيس المكسيك ووفاة حسين رشدى رئيس وزراء [[مصر]] أثناء [[الحرب العالمية الأولي]]!
:"طموح [[النقراشي]] الوحيد يتركز فى انه يريد أن يدخل التاريخ باعتباره الرجل الوحيد الذى أخرج [[الإنجليز]] من [[مصر]]".


انتشرت [[الجماعة]] فى [[الإسماعيلية]] والمناطق المجاروة بجهده وحده ومنحه عمله كمدرس القدرة والتجربة فى السيطرة على الشباب.كان يلجأ للمحضرات والمنشورات والخطابة فى المساجد مؤمنا  بأنه لابد من الحصول على أكبر قدر من المساندة من الطلبة والفلاحين والعمال
ولكن [[الإنجليز]] والأمريكيين أجمعوا على أن رئيس  الوزراء الجديد '''" رجل أمين لا يكذب"'''.


وأن العقيد الإسلامية التى تقدم بطريقة ليست هيابة أو مهادنة قوة قادرة على اجتذاب سكان [[مصر]].لم يضع حاجزا بينه وبين الناس ... أبدا. وكان يؤمن بأن الزمن معه ومع [[الجماعة]]
وتطلب السفارة البريطانية إلى [[الإنجليز]] من أصدقاء [[النقراشي]] أن يبعثوا إليها بتقارير عن أرائهم فى رئيس الوزراء الجديد.


'''قال لصديق:'''
'''قال أحد هذه التقارير:'''


== نحتاج لأجيال ثلاثة لتنفيذ خططنا ==
:" [[النقراشي]] مهيأ ضد أى إحساس بالفشل بفضل شعور داخلى غريزى بأنه قد يكون من الأفضل بالنسبة ل[[مصر]] على المدى الطويل أن تكافح لتستمر وأن تضحى لتبنى.


الجيل الثانى يحارب يقصد جيل التنفيذ والجيل الثالث ينتصر .. يعنى الذى يقطف ويجنى الثمار وبحماس لا يهدأ بدأ إعداد الجيل الأول .. المستمع.خلال عامين كان قد أنشأ شعبا للجماعة حول [[الإسماعيلية]] و[[بور سعيد]] و..العريش
:وهو مخلص لمبدأ تكوين أمة مصرية ولكنه يدرك أن المادة التى ستتطون منهم هذه الأمة ليس فيها روح ولا تتمتع بأية كفاءة ومن ثم لديه [[قنا]]عة بأنه من الواجب توعية المصريين بالقضية والكفاح والحاجة  غلى التضحية .


وارتفع عدد الشعب إلى عشرة خلال أربعة أعوام من تأسيس [[الجماعة]] , ,لم ينس المرأة فأنشأ مدرسة [[الإسماعيلية]] لتأهيل [[الأخوات المسلمات]]. وحرص من البداية .
:وهو يرى تلك الحقائق بالأحرف الكبيرة وبالأضواء الساطعة وعلى مدى حياته العملية كان عنيف  التصرف وعاطفى التفكير وهو يبرز الدور الذى قام به أيا كان هذا الدور على أساس الحجة القائلة بأن [[مصر]] لا يمكن أن تنهض من سباتها العميق إلا عن طريق أ‘مال الإثارة العنيفة ويجب أن تفوز بحريتها كجائزة لا كمنحة!


على الإدارة المركزية فجعل كل الشعب تتبع  المقر الرئيسى فى [[الإسماعيلية]] وطاف , بكل الشعب واختار قادتها بنفسه ويكتشف [[البنا]] أنه حان الوقت لطفرة فيطلب الانتقال إلى [[القاهرة]] فى أكثر عام [[1932]] فينقل مدرسا بمدرسة عباس بالسبتية.وينتقل معه إلى [[القاهرة]] [[المركز العام]] للجماعة!
:ويصل إعجابه ب[[سعد زغلول]] باشا إلى درجة أسطورية وعندما جاء بعده [[مصطفي النحاس]] باشا الذى كان أقل من [[سعد زغلول]] عنادا ظل [[النقراشي]] يمارس نشاطه فى [[مصر]] '''(مع الوفد)''' خلال عامى [[1929]] [[1930]] ورفض بشدة عدة مقترحات لتوقيع المعاهدة فإنه أى انطفاء شعلة الحماس المقاس عند النحاس باشا.


ويصدر فى العام التالى مجلة أسبوعية باسم '''" [[مجلةالإخوان المسلمين|الإخوان المسلمين]]"''' وينطلق نشاط [[الإخوان]] فى العامين التاليين فى الدعوة الدينية.
:وأجبرت الضجة التى صاحبت ظهور موسولينى [[النقراشي]] على قبول المعاهدة عام [[1936]] ولكن دون مبالغة.وعلى مدى سنوات الحرب نشط النقراشى مع [[أحمد ماهر]] باشا فى حث الحكومة المصرية على الاشتراك فى [[الحرب العالمية الثانية]].


وينشىء 50 شعبة فى هدوء وحذر دون إثارة السلطات داخل [[مصر]] ويلحق بمعظمها مراكز لتحفيظ القرآن ومدارس ومستوصفات صحية فى كتاب " الطريق إلى [[السويس]]" قال : ارسكين تشيلدرز أن [[البنا]] دأب منذ عام  [[1934]] على تأسيس فروع للجماعة خارج [[مصر]].
:ولم يخف حقيقة ما يشعر به فى قرارة نفسه من أنه بصرف النظر عن تأثير ذلك على الحلفاء فإن قصف المدن المصرية ومصرع خمسين ألف شاب من أبناء [[مصر]] وهم يرتدون الزى العسكرى سيكون من شأنه أن يساعد [[مصر]] لترقى فى مدارج الأمم.


وقال الباحث الأمريكى ريتشارد ميتشيل فى رسالة دكتوراه عن [[الإخوان المسلمين]] إن دارهم صارت منتجعا لكل الحركات الإسلامية.. فى العالم الإسلامى.وهكذا امتدت شعب [[الإخوان]] إلى [[السودان]] و[[سوريا]] و[[لبنان]] و[[فلسطين]] وشمال أفريقيا.
:وتحمل بشئ من الفلسفة الإحباط الذى أصابه بسبب [[السياسة]] المصرية خلال فترة الحرب.وعبر فى انفعال عن ضيقة بسبب ما تصوره من سياسة اللورد كيلرن فى معاملة ملك [[مصر]] وشعبها باحتقار.وكان يميل إلى أن يرى فى مصرع [[أحمد ماهر]] باشا قائده العملى قضاءه المحتوم الذى يناديه  ولا فرار منه.  


'''ويقول الصحفى الألمانى ولهم ديتل:'''" كان [[للإخوان]] أعضاء فى جنيف قبل [[الحرب العالمية الثانية]]".
و:كان يرى فيه موتا فى سبيل مبادئه السامية الطاهرة ولم يحل بخاطره يوما أن يصبح رئيسا للوزراء وقرر التقاعد عن ممارسة العمل السياسى عندما يبلغ الستين.ويبرر [[النقراشي]] تراجعه عن التقاعد بأنه تلقى تشجيعا معنويا كبيرا من فاروق عن طريق تأكيد صاحب الجلالة بأنه يرى فى [[النقراشي]] حارسا للمثاليات المصرية!


قال [[إسحاق موسى الحسينى]] فى كتابه '''" [[الإخوان المسلمون كبرى الحركات الإسلامية]]"''' إن [[الإخوان]] حركة فى شخص [[البنا]] تمددت واتسعت بالأعضاء والمريدين.
:منذ تلك اللحظة يمكننا اعتبار ذلك بداية لموقف جديد للنقراشى من الملك أما موقفه من المفاوضات بين اللورد ستانسجيت وصد5قى باشا فكان يتسم دائما بالبرود.وعندما الآخرون عن النجاح الذى حققه صدقى نجد النقراشى يعلق قائلا بأنه ظل مستيقظا طوال الليل خوفا من الكابوس الروسى الشيوعى ولكنه لم يجد فى المقترحات العسكرية البريطانية سوى الإهمال , الذى لا مبرر له للمشاعر القومية المصرية.


يزور الشيخ [[البنا]] المقر الرئيس ب[[القاهرة]] صباحا ليترك تعليمات بنظام العمل اليومى ويتجه إلى مدرسة عباس بالسبتية يؤدى عمله كمدرس وبعد عودته من المدرسة يتوقف فى المركز ثم يعود إليه مرة ثالثة فى المساء.
:ولعل مما يدخل السرور على نفسه أن يجد عقارب الساعة عادت إلى الوراء ليلتقى ب[[سعد زغلول]] ويقف حيث يقف ولا أعتقد أنه يمكن إجراء مفاوضات فعلية  مع زعيم " يرى النجاح فى الفشل ويرى فى الرفض نجاحا  يستحق التهنئة".


كانت فى [[مصر]] فى ذلك الحين 120 جمعية دينية وكان تشكيل هذه الجمعيات . فى بعض الأحيان عملية تجارية لجمع التبرعات لحساب مؤسسيها ووجد موظف شكل 12 جمعية.
:ولا يوجد ما يصور النقراشى بصدق ويعبر عن شخصية أدق وأكثر من هذا التقرير الذى عكس تماما كل أعماله فى آخر وزارة له.فى خطابه للملك فاروق الذى أعلن فيه قبول تشكيل الوزارة


ولكن جماعة [[الإخوان]] دون غيرها كانت تستحق الفخر بها كما قال '''" هيوراث دان"''' رجل المخابرات البريطانية فى [[مصر]] الذى يجيد اللغة العربية واسلم وأصبح اسمه جمال الدين هيوراث دان وتزوج  مصرية مسلمية فى بحث قدمه سرا للإنجليز ثم نشره بعد ذلك كتابا ولكن بأسلوب مختلف .
:'''كتب [[النقراشي]] يقول:'''


'''قال:'''
:" أهم ما تعنى به الحكومة العمل على جلاء الجنود الأجنبية وتحقيق مشيئة أهل وادى النيل فى وحدة [[مصر]] و[[السودان]] ولقد ظهرت فى الأيام الأخيرة علامات تزيد من قلق النفوس على مصير [[السودان]]".


:" تتمتع [[الجماعة]] بشعبية تفوق ما كان يتمتع به الوفد عند نشأته وفى عصره الذهبى خاصة ذا أخذنا فى الاعتبار الموارد المتاحة للجماعة.
'''ويضع جيمس بوكر القائم بالأعمال البريطانى  تقييما سريا للوضع السياسى فى [[مصر]] فقال:'''


:ويرجع ذلك إلى [[البنا]] فهو رجل تنظيم على درجة عالية من الكفاءة يصوغ تعاليمه الدينية بطريقة بارعة تمكنه من جذب خيرة شباب البلد إليه , ومجموعه أخرى من أصحاب المناصب والمكانة الطيبة.وهو يتوجه إلى المشاعر الدينية ويستخدم التنويم المغناطيسى العميق خلال خطبه وأحاديثه"!
:" إن تصريحات صدقى والحاكم العام أثارت الرأى العام فى [[مصر]] إلى حد أنه لن يوجد مصرى وبالذات رئيس حكومة للأقلية يقصد ([[النقراشي]]) يجرؤ على الوقوف ضدها.


لم يتوقف الاتهامات عن ملاحقة الشيخ [[البنا]]] منذ بدأ دعوته اتهم وهو مدرس فى [[الإسماعيلية]] بأنه شيوعى ووفدى وجمهورى ضد الملك فؤاد فحقق معه وثبتت براءته.
:إن رفض [[مصر]] الاعتراف بحق [[السودان]] فى الانفصال عن [[مصر]] يعتمد على اعتقاد بأن البريطانيين يشجعون السودانيين على ذلك ليحتفظ [[الإنجليز]] ب[[السودان]] لأنفسهم"


'''قالت المفوضية الأمريكية '''
حد [[الإخوان المسلمون]] موقفهم من الوزارة الجديدة فى اليوم التالى لتأليف الوزارة كتب [[البنا]] فجريدة [[مجلة الإخوان المسلمون|الإخوان المسلمين]] يطالب [[النقراشي]] بإنهاء المفاوضات وإلغاء معاهدة [[1936]] وعرض القضية على مجلس الأمن و[[الجهاد]]!


:" خطورة [[الإخوان]] تكمن فى المبادىء المعتصبة التى تعتنقها وطبقا لما يقوله [[الإخوان]] مادامت [[مصر]] دولة إسلامية فيجب أن تحكم بقانون القرآن"
عقد [[النقراشي]] يوم 16 من [[ديسمبر]] اجتماعا مشتركا ضم أعضاء مجلس الشيوخ والنواب وأعلن أن أمام الحكومة التفاوض أو عرض القضية  على الأمم المتحدة. عاد السفير البريطانى السير رونالد كامبل من لندن يوم 20 من [[ديسمبر]] واجتمع ساعتين ب[[النقراشي]] بشأن الفقرة الثالثة فى بروتوكول [[السودان]] والتى قام من أجلها الخلاف مع إسماعيل صدقى


'''وقالت السفارة البريطانية'''
'''طلب رئيس الوزراء أن تصدر بريطانيا بيانا من جانب واحد تعلن فيه:'''  


:" الهدف المعلن للجماعة إقامة حكومة ومؤسسات مصرية على أساس المبادئ القرآنية الأصيلة ونبذ الثقافة الغربية التى تعتبرها [[الجماعة]].  
:(أ) أنه ليست لدى الحكومة البريطانية النية لتشجيع [[السودان]]يين على الانفصال عن [[مصر]].


:مسئولية عما أصاب المجتمع المصرى من انهيار الأخلاق وانحلال السلوك وفساد القيم منذ جلبت على الشعب ما يعانيه من تعاسة وفقر.
:(ب) إذا رغب [[السودان]]يون فى استمرار وحدتهم مع [[مصر]] فإن الحكومة البريطانية لن تضيع عقبات فى هذا الطريق ويسعدها أن ترى ذلك يتحقق وبنى النقراشى ذلك على أساس أن الرأى العام المصرى ملتهب فى هذا الشأن ومثل هذا البيان يجعل المحادثات مثمرة.


:ومهمة [[الجماعة]] إقامة تنظيم قوى لديه مشاعر العداء للأجانب ووجه [[الإنجليز]] إلى الشيخ [[البنا]]] اتهامات ... متناقضة... كثيرة
ورفض رئيس وزراء [[مصر]] اقتراح السفير بإصدار بيان مشترك بدلا من تبادل الرسائل. وطلب [[النقراشي]] تعديل بروتوكول صدقى بيفن.


== قال تقرير لسارة البريطانية ==
ويزداد الرأى العام المصرى إثارة وحماسا عندما يذاع خطاب جديد ألقاه الحاكم العام للسودان فى وفد ممن أعيان " مدينة الأبيض أكد فيه موقف بريطانيا من استقلال [[السودان]] وكذلك تصريحات مماثلة للسيد عبد الرحمن المهدى بعد عودته من لندن إلى الخرطوم.


تلقت جماعة [[الإخوان]] مشاهدة من دول المحور ألمانيا وايطاليا بين عامى [[1934]]و [[1939]] مما حدا ب[[البنا]] أن يصبح من العناصر النشيطة المعادية لبريطانيا وأثناء [[الحرب العالمية الثانية]] عندما كانت الهزائم  تحيط ب[[الإنجليز]] فى كل مبادين القتال
ويجتمع 13 رئيسا للقبائل السودانية يمثلون 1,2 مليون نسمة ويبرقون إلى المجلس الاستشارى لشمال [[السودان]] معلنين حق [[السودان]] فى تقرير مستقبلية وأنهم يرفضون أية سيادة على بلادهم


'''قالت المخابرات البريطانية:'''
'''قال [[النقراشي]] فى مجلس النواب – فى 31 من [[ديسمبر]] [[1946]] '''


:" يبدو أن [[البنا]] تقلى تبرعات من السفير الأفغانى. ومن المفوضية الإيرانية.. وهناك ادعاءات بأنه تلقى أموالا من أعضاء بالمفوضية اليابانية"!!
:إن على الحكومة البريطانية إعلان نواياها بالنسبة للسودان وقال إن سياسة الحاكم العام هى تشجيع وتحريض [[السودان]]يين على الانفصال عن [[مصر]].وأضاف إن [[مصر]] لا تريد بسط نفوذها على [[السودان]] ونواياها أخوية نحوه وسيرضى عنها [لسودانيون أنفسهم.


واتهمه كثير من الكتاب بأن جماعته نازية فاشيةوقارنه البعض بهتار وموسولينى!وقالت السفارة البريطانية إنه درس تلك المؤسسات واستخدما كنموذج تحتذى به حركة [[الإخوان]].
'''وافق المجلس بالإجماع على منح الثقة للحكومة ويحاول بيفن إنقاذ المعاهدة فيبرق إلى سفير ه فى [[القاهرة]] يوم 4 من [[يناير]] 1947 باقتراحين لإبلاغهما للنقراشى:'''


وفى دراسة للضباط الكندى ج.ب هاردى قدمها فى تقرير سرى لوزارة الحربية البريطانية قال:
:'''الأول:''' توقيع معاهدة المساعدة المتبادلة وبروتوكول الجلاء واستبعاد بروتوكول [[السودان]] على أساس أن معاهدة عام 1899 بشأن [[السودان]] والمادة الثانية من معاهدة [[1936]] تظلان ساريتين.


:"هذه المقارنة عن مؤسس وقديس [[الإخوان]] لا يمكن التسليم بها إلا من وجه نظر سطحية.تحمل منظمة [[الإخوان]] شبه محدد مع الحركتين النازية والفاشية وخاصة فى تعاليمها الداعية إلى  الطاعة المطلقة وغير المشروطة للمؤسس. وفى الشكل شبه السرى للتنظيم, والإستعداد الوسائل العنيفة لتحقيق الأهداف.
ويتبع ذلك مؤتمر لمناقشة المسألة [[السودان]]ية تمثل فيه بريطانيا و[[مصر]] و[[السودان]] أو


==ولكن إلى هنا ينتهى التشابه==
:'''الاقتراح الثانى:''' توقيع المعاهدة على أساس:


[[الإخوان]] حركة دينية صريحة برنامج إصلاحى يشكل غاية فى ذاته بينما النازية والفاشية يناهضان الدين بصورة سافرة.وكان هدف هتلر الأول كسب السلطة لنفسه قبل تحقيق منفعة للأمة وحتى آخر أيام [[البنا]] ظل رجلا مقتصدا متواضعا على نقيض التفاخر والعظمة لدى ديكتاتورى ألمانيا وإيطاليا.
::(أ‌) عدم وضع قيد على حق [[السودان]]يين فى تقرير مصيرهم.


والسلطة التى تمتع بها [[البنا]] لم تغره أبدا بعزل نفسه عن الناس كما حدث فى حالة هتلر وموسولينى.
::(ب‌) مهما كان اختيار [[السودان]]يين فإن الحكومة البريطانية تضمن المحافظة على المصالح المصرية الدائمة فى [[السودان]].
ويبدو أن [[البنا]] لم يعان أبدا من أوهام العظمة التى أصابت الديكتاتور الألمانى والديكتاتور الإيطالى.


وهناك شك هائل حتى بين الكتاب المصريين فى أن [[البنا]] رجل طموح يريد إعلان نفسه خليفة للمسلمين
'''وقال السفير البريطانى للنقراشى خلال اجتماعين:'''


وليس هناك دليل من حياة [[البنا]] يشير إلى أنه سعى إلى هذا المنصب لنفسه وربما يكون قد قبله لو أن الموضوع أثير اعتقادا منه بأنه ذلك لصالح [[الإسلام]] بوجه عام و[[مصر]] بوجه خاص
:إذا قبلت  أيا من الاقتراحين فإن الحكومة البريطانية مستعدة لإصدار البيان المنفرد  من جانب واحد الذى طلبته.رد النقراشى فوضع نصا لبروتوكول جديد للسودان ينص على وحدة [[مصر]] و[[السودان]] تحت التاج المصرى المشترك وعقد مؤتمر تحضره [[مصر]] وبريطانيا فحسب ... ولا يحضره [[السودان]]!


ويمكن تبرئته من الطموح الشخصى فى المجال الدينى أو السياسى وقد [[مارس]] الإشراف الشخصى والمباشر على تنظيم [[الإخوان]] كله وربما فعل ذلك لضمان الفاعلية وبدافع الاهتمام الشخصى لا بدافع الطموح الشخصى"
والجدير بالذكر أن فصل مسألة الجلاء عن موضوع [[السودان]] هو ما تم بعد ثورة 23 من [[يوليه]] 1952.
رد وزير خارجية بريطانيا على النقراشى يوم 9 من [[يناير]] 1947 مقدما تنازلا جديدا قال :  لن يمثل [[السودان]] فى المؤتمر .


كان تركيز [[البنا]] فى الدعوة عند بدايتها يدور حول مسئولية الإنسان المسلم فى إصلاح معتقداته الشخصية وتنظيم حياته حول محور إسلامى وكانت أهدافه دينية ثقافية بحتة
واقترح بيفن أن تتضمن المعاهدة وثائق تعلن فيها كل من [[مصر]] وبريطانيا موقفهما بالنسبة للسودان.


كتب عام [[1933]] إلى الملك فؤاد يطلب إخضاع البعثات التبشيرية لرقابة الدولة.ويشكل بعد عامين. وفدا من الأعيان يطلب إلى شيخ الجامع [[الأزهر]] ورئيس الديوان الملكى ووزير المعارف جعل الدين مادة إسلامية فى برامج التعليم.
وقال بيفن إنه يقبل فى هذه الحالة إصدار البيان البريطانى الذى طلبه  كل من صدقى  والنقراشى وأبدى وزير خارجية بريطانيا استعداده لاستقبال النقراشى فى لندن والتفاوض معه إذا رغب  فى ذلك.


'''وعند وفاة صاحب الجلالة قالت [[مجلة الإخوان المسلمين|مجلة الإخوان]] بعنوان " مات الملك يحيا الملك":'''
رفض النقراشى اقتراحات بيفن على الفور قائلا:


:" [[مصر]] تفتقد اليوم بدرها فى الليلة الظلماء. ولا نجد النور الذى اعتادت أن نجد الهدى على سناه.
إ،ها ليست عادلة بالنسبة ل[[مصر]] فهى تصور بريطانيا وكأنها تحمى مصالح [[السودان]] إزاء النوايا الشريرة ل[[مصر]].
من للفلاح والعامل. ومن للفقير يروى غلته ويشفى علته, ومن للدين الحنيف يرد عنه البدع ومن للإسلام يعز شوكته ويعلى كلمته. ومن للشرق العربى يؤسس وحدته ويرفع رايته؟".


:ويعلن فاروق ملكا على [[مصر]] عام [[1936]] فيستقبله [[الإخوان]] فى محطات السكة الحديد على طول الطريق بيت [[القاهرة]] و[[الإسكندرية]] ويهتف والتهم فى قصر عابدين قائلين:
وقال النقراشى:


* نهيك بيعتنا وأولادنا.
-إن وجهة نظر البلدين متباعدة مما يجعل الاتفاق مستحيلا . ومن المسائل البديهة أن [[السودان]] يرغب فى الوحدة مع [[مصر]].


ولا يقتصر الهتاف على تلك الكلمات . بل يحددون شروط البيعة قائلين:
وأشار رئيس وزراء [[مصر]] إلى أن سفره إلى لندن لن يحقق أى تقدم لجأ السير رونالد كامبل إلى الملك فاروق ولكن بغير فائدة!


* على كتاب الله وسنة رسوله.
استمرت صحيفة لإخوان تهاجم الوزارة و[[الأحزاب]] وتعلن أن الوضع السليم هو الحكم بالقرآن.
ووجه [[الإخوان]] رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء قالوا فيها :


* فقد رغبوا فى الحصول من صاحب الجلالة الشاب على تأييده لدعوتهم.
- أعلن يا باشا فشل المفاوضات وأقطعها فى عزة وكرامة! ويكتب [[البنا]]: " الحريات مكبلة والرعب يملأ الصدور وقوات البوليس ترابط فى كل مكان تبعث على الرهبة والريبة",


* فسر [[المرشد العام]] الشيخ [[عمر التلمساني]] موقفهم من فاروق بأنهم كانوا يأملون من ورائه أن يصلح به أحوال البلاد.
- ويطالب [[الإخوان]] بجبهة قومية مصرية سودانية من كل [[الأحزاب]] .


* ولذلك رحبت صحيفتهم بفاروق بأنه '''" أسوة حسنة" , " فخر الشباب" و" حامى المصحف" و" أمير المؤمنين"وحامى حمى الدين"'''!
- رأى السير روبرن هاو الوكيل المساعد لوزارة الخارجية البريطانية فى 17 [[يناير]] أنه " مادام النقراشى يتولى السلطة فإن الاحتمال  ضيئل فى أن يطرأ تحسين على العلاقات المصرية البريطانية أو استئناف المفاوضات لعقد معاهدة جديدة ومن الأفضل أن يستمر الموقف على ما هو عليه".


* وشهد فاروق إحتفالا بعيد الهجرة قالت [[مجلة الإخوان المسلمين|مجلة الإخوان]] إنه '''" أعاد صورة سالفة صورة الرسول الكريم حينما طلع على أنصاره طلوع البدر"'''!


* ويكتفى [[المرشد العام]] فى تلك السنة [[1936]] بكتابة رسائل إلى الملك فاروق وإلى ملوك وزعماء الدول الإسلامية لإتباع منهج [[الإسلام]] وقوانينه وحضارته قائلا:'''" لم يبق إلا أن تمتد يد قوية . يظللها الله. وتحقق على رأسها آيات القرآن فإذا بالدنيا مسلمة هانئة , وإذا بالعوالم كلها هاتفة.الحمد لله"'''
- اجتمع مجلس النواب يوم 20 من [[يناير]] فأعلن النقراشى أن مباحثاته مع السفير البريطانى لم تؤد إلى اتفاق وأنه سيجد طريقا آخر لتحقيق مطالب البلاد تأجل اجتماع المجلس إلى 27 من [[يناير]] .


* ويؤكد لفاروق فى رسالة أخرى حتمية الحكم ب[[الإسلام]]
- وقرر مجلس الشيوخ يوم 21 من [[يناير]] أنه جاء الوقت لتتخذ الحكومة المصرية موقفا حاسما إزاء السلوك العدائى لبريطانيا.


وفى رسالته إلى أحمد خشبة باشا وزير العدل أكد مطلب الحكم ب[[الإسلام]] قائلا:'''" صدور الأمة محرجة أشد الحرج لشعورها بأنها تحكم بغير كتاب الله وقانونه وشريعته"'''
ويبعث النقراشى إلى السفير البريطانى فى 23 من [[يناير]] بمذكرة أشبه بالإنذار قال:


وعندما يدعو الفريق إبراهيم عطا الله باشا رئيس أركان حرب الجيش [[المرشد العام]] لحضور الاحتفال بعيد جلوس صاحب الجلالة يعتذر [[المرشد العام]] عن عدم الحضور قائلا:كنت أتمنى أن يكون الاحتفال بعرض عسكرى لا بحفل غنائى ساهر!
على أن أعلن يوم 27 من [[يناير]] الاتفاق , أو إحالة الأمر إلى مجلس الأمن . رأى بيفن أن يقدم اقتراحا جديدا إلى عبد الفتاح عمرو باشا السفير المصرى  فى لندن أكد فيه – بعبارات واضحة – وحدة [[مصر]] تحت التاج المصرى المشترك مع عدم وضع أية قيود على حق [[السودان]] فى تقرير مستقبله طبقا لآمال الشعب السياسية حسب ميثاق الأمم المتحدة.


كل الجماعات الدينية فى [[مصر]] اقتصرت على الدين . ولكن جماعة [[الإخوان]] وحدها اشتغلت ب[[السياسة]] حتى غطت الطبيعة السياسية للجماعة على نشاطها الدينى.
ولم يتضمن اقتراح بيفن  هذه المرة – كلمة ط استقلال [[السودان]]". وكانت هذه محاولة أخيرة من بيفن لإقناع النقراشى بتوقيع  المعاهدة  ولكن رئيس وزراء  [[مصر]] اكتفى بإعلاء أنه سيعرض الأمر  على مجلس الوزراء وفى 25 من [[يناير]] أبلغ النقراشى السفير البريطانى أن مجلس  الوزراء وجدا أن [[مصر]] مضت إلى أبعد مدى فى محاولة الاتفاق مع بريطانيا ولكن الاقتراحات البريطانية لا تستجيب لحقوق البلاد الطبيعية.


وتعددت الآراء بين الكتاب العرب حول ما إذا كانت [[الجماعة]] قد شكلت أصلا وهى تستهدف أن تكون قوة سياسية لها وزنها.
وقرر مجلس الوزراء عرض الأمر على مجلس الأمن. وهكذا أضاع النقراشى – بعناده أو خوفه من المعارضة  - آخر فرصة لوحدة [[مصر]] و[[السودان]]!


'''فى رأى الضابط الكندى " هاردى" قال:'''
أذيع قرار مجلس الوزراء بعد يومين فى مجلسى البرلمان فأعلن [[الإخوان]] تأييدهم لقرار النقراشى وإن هاجموا بيانه فى البرلمان " لأنه لم يشف الغلة ولم يرو الظمأ"!


:" عند بحث جميع الحقائق نجد أن هذه الفكرة لم تكن موجودة ألاكان [[الإخوان]] من الناحية العددية قوة تمكنهم من تقديم برنامج عام على أسس سياسية, قبل عام [[1936]] بوقت  طويل ولكنهم تجنبوا هذه المخاطرة"  
ويؤيد [[مكتب الإرشاد]] قطع المفاوضات , ويكتب [[صالح عشماوى]] قائلا " أخيرا التقينا"!


'''وتفسر ذلك مذكرات الشيخ [[أحمد حسن الباقوري]] وزير الأوقاف المصرى الأسبق وكان من قيادات [[الإخوان]]. قال:'''
بعث السفير البريطانى السير رونالد كامبل إلى لندن يقول :" [[الإخوان]] يتعاونون مع حكومة النقراشى ولكن بتحفظ".


:"حرص الأستاذ [[البنا]] على أن يظهر [[الإخوان المسلمون]] بمظهر الدراويش الذين يتمتعون على تلاوة المأثورات. وكان أمله فى ذلك أن يصرف اهتمام العالم الغربى عن [[الإخوان المسلمين]] باعتبارهم هيئة سياسية يخشونها على نفوذهم فى الاستذلال والإستغلال"!
ويلتقى عبد الفتاح عمرو باشا السفير المصرى فى لندن بأرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا يوم 30 من نياير 1947


وفى أول مكتب للإرشاد العام الذى يدير شئون [[الجماعة]] كان نصف  الأعضاء من علماء [[الأزهر]]!رحب [[الأزهر]] ب[[الجماعة]]. وساعد الشيخ [[محمد مصطفى المراغى]] شيخ [[الأزهر]] أعضاءها باعتبارهم دعاة للإسلام ومفسرين لتعاليمه وسمح لهم بالدعوة فى المساجد فكانوا يدعون للجماعة بعد الصلاة مباشرة.ونجح الشيخ [[البنا]]] فى اختيار الدعاة وتدريبهم.
قال لسفير:هل ألغق الباب نهائيا حتى يعرض الأمر على ألأمم لامتحدة ؟
سارع بيفن بالجواب قائلا:


وكان أغلبهم من الشباب ومن الفقراء وكان [[المرشد العام]] قدوة لهم فهو واحد منهم ولا يختلف أبدا عن الذين يوجه إليهم دعوته.منذ بدأت جماعة [[الإخوان]] عام [[1928]] حتى مصرع الشيخ [[البنا]]] عام [[1949]] واجه 12 رئيسا للوزارة هم [[مصطفي النحاس]] و[[محمد محمود]] و[[عدلى يكن]] و[[إسماعيل صدقى]] و[[عبد الفتاح يحيى]] و[[توفيق نسيم]] و[[على ماهر]] و[[حسن صبرى]] و[[حسين سرى]] و[[أحمد ماهر]] و[[محمود فهمى النقراشى]] و[[إبراهيم عبد الهادى]].
لم أغلق الباب ولم أقطع المفاوضات . الوزارة المصرية هى التى فعلت ذلك عمدا وبالإجماع ولا أستطيع القيام بأى عمل الآن والأمور يجب أن تمضى فى مجراها . قال عمر باشا:


وكانت له مع بعض هؤلاء تحالفات وصدامات فرضتها طبيعة العمل السياسى.وواجه الشيخ [[البنا]] أربعة من المندوبين السامين والسفراء البريطانيين وهم اللورد جورج لويد والسير بيرسى لورين واللورد كيلرن والسير رونالد كامبل ولم يعرف [[الإخوان]] , أو شعب [[مصر]] ماذا جرى بشأنهم أو ماذا كان يقال عنهم بين رؤساء وزارات [[مصر]] سفراء بريطانيا والولايات المتحدة فى [[مصر]] أو بين هؤلاء جميعا وصاحب الجلالة ملك [[مصر]].
نحن حريصون على الوصول إلى حل الآن.


وهذا الكتاب يقدم ذلك كله  بوثائق تذاع لأول مرة عن [[الجماعة]] وعن [[المرشد العام]] الذى توقف أتباعه عن مقارنته بالأئمة الآخرين. واكتفوا بأن أطلقوا عليه لقب الإمام".
رد بيفن:


==صدام... واعتقال==
الأمر متروك لكم . ولن أمضى أبعد مما مضيت. ولا أستطيع التوقيع على تنازل عن حقوق [[السودان]]يين كما تطلبون . وإذا وجدت الحكومة المصرية طريقا للتعبير عن آرائها الواضحة فى هذه النقطة فإن الحكومة البريطانية مستعدة للنظر فيها.


دخل الشيخ [[البنا]] الميدان السياسى بالتدريج وخلال السنوات العشر الأولى .أى منذ عام [[1928]] كان يؤسس جيل التكوين.
ولكن الخطوة التالية يجب أن تأتى من جانبكم


أفاد من فشل الأنظمة السياسية والفوراق الضخمة بين الحكام والحكومين وظل يحرص على نشر دعوته فحسب يتحسن مكانه بين الجماعات و[[الأحزاب]] والقصر. ويعبر بين الحين والحين عن موقف سياسى.بعث برسائل إلى رؤساء الوزارات يدعوهم إلى الإصلاح الاجتماعى الشامل على هدى [[الإسلام]].
==يلتقى بيفن ببعض ممثلى الدول العربية فى لندن فأبدوا له خشيتهم من خطورة الموقف بعد قطع المفاوضات ==


وتضمنت الرسائل تهديدا مقنعا يحمل معنى بأن [[الإخوان]] يشكلون قوة على أرض  الواقع ومن الأفضل أن تلتفت الحكومات إلى ما يقولونه.ولكنه فى كل الأحوال حرص على أن يكون الدين طابع دعوته وأن يؤكد أن [[الجماعة]] حركة تجديد إسلامى فى القرن العشرين هدفها الحكم ب[[الإسلام]] لا " نظام شامل يتناول مظاهر الحياة جميعا. فهو دولة ووطن. أو حكومة وأمة وهو خلق وقوة.
وقال الجميع:


وهو رحمة وعدالة. وثقافة وقانون. أو علم وقضاء . ومادة وثروة . وجهاد ودعوة. أو جيش وفكرة. كما هو عقيدة صادقة وعبادة"وتجنب خلال تلك السنين الصراع العنيف بين [[الأحزاب]] من ناحية وبينهما وبين الملك وانجليز من ناحية أخرى
- لقد أخطأت [[مصر]] بهذه الخطوة.ويسافر بيفن فى إجازة وتمضى الأمور فى طريقها المرسوم


وبعد عامين من وفاة الملك فؤاد وجد أن الوفد لم يستطع ملء الفراغ الذى نشأ عن اختفاء شخصية الملك فؤاد الطاغية كما أن الوفد بدأ يضعف فقال رجالهم فى طنطا بإعداد جيش للترحيب بروميل وتجهيز عناصر موالية للمحور ومعادية للحلفاء.
- تحرك [[الإخوان]] .....


حل النحاس مجلس النواب بعد 3 أيام من توليه  رئاسة الوزارة فقرر [[الإخوان]] دخول المعركة الانتخابية التى قاطعتها [[الأحزاب]] الأخرى. وبلغ عدد مرشحى [[الجماعة]] 17 مرشحا.
أرادوا الاحتفال بذكرى مظاهرات يوم الجلاء فى 21 من [[فبراير]] ولكن الحكومة نجحت فى منع المظاهرات.


قال [[البنا]] وهو يرشح نفسه عن دائرة [[الإسماعيلية]]: إن الترشيح يتم فى ظل [[الإسلام]] وتحت راية القرآن.
فى 22 من [[فبراير]] 1947 قال لاسير رونالد كامبل:


'''وتركزت دعاية [[البنا]] على ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية'' وتحاشى [[الإخوان]] مهاجمة بريطانيا علنا ولكن استمرت الدعاية السرية ضد [[الإنجليز]].
" يتردد أن [[الإخوان المسلمين]] أعدوا مشروعا لتوقعه كل [[الأحزاب]] لمقاطعة البريطانيين. ووافقت جمعية الشبان المسلمين وجبهة [[مصر]] – منظمة [[على ماهر]] – والوفد [[السودان]]ى على التوقيع على المشروع ولكن الوفد رفض ذلك" وانضم [[الإخوان]] للجنة تحضيرية قررت الإعداد لمؤتمر عربى . يهدف إقامة منظمة دائمة تمثل الشعوب العربية غير جامعة الدول العربية.


اعترض بعض [[الإخوان]] الذين يريدون قصر نشاط [[الجماعة]] على الدين على دخول زعيم [[الإخوان]] معترك [[السياسة]] بشكل رسمى.
ضمت اللجنة – كما يرى السفير البريطانى – " بعضنا من المتطرفين المعروفين مثل [[البنا]] و[[صالح حرب]] ومريت بطرس غالى. وهو قبطى. غير حزبى" وجد الوفد أن [[الإخوان]] ينافسونه كما أن تأييدهم للنقراشى يعطيه قوة فقرر رفض الهدنة بين الحزب و[[الجماعة]] دون إعلان.


وكانت التعليمات [[للإخوان]] كما تقول تقارير المخابرات البريطانية أن يصوتوا لصالح المسلمين الصالحين فى أية دائرة, أو لصالح مرشحى حزب العمال الذى أسسه النبيل عباس حليم ويدعمه القصر!
وهكذا عاد الصراع بين الفريقين بصورة أكثر عنفا... وقسوة ووحشية أيضا فكلاهما ينافس الآخر على الرصيد الشعبى . الوفد يحاول الحفاظ على مالديه, واستعادة ما فقد منه و[[الإخوان]] يحاولون زيادة هذا الرصيد واتجه كل فريق إلى التشكيك فى وطنيه الخصوم!


وجاء فى مقال نشرته إحدى الصحف أن [[البنا]] سيكون زعيم المعارضة فى البرلمان!
فى البرقية رقم 536 بتاريخ أول [[مارس]] 1947 كتب السير رونالد كامل " هاجمت الصحف الوفدية [[الإخوان المسلمين]] – وانهمت [[البنا]] بأنه اتصل ب[[عبد الرحمن عزام]] طلبا للتأييد وناقش معه ومع غيره ومنهم [[على ماهر]] وحافظ رمضان . تشكيل لجنة سياسية لإدارة الأنشطة السياسية [[للإخوان المسلمين]].


'''كان النحاس يعتقد أن [[الإخوان]] جمعية دينية فقد ذكر [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] للنحاس قائلا:'''
وأقر [[البنا]], فى تفنيده الفاتر لهذه الهجمات بان تشكيل مثل هذه اللجنة السياسية محل بحث. وعزام يميل منذ مد طويل إلى [[البنا]].


* الشيخ [[البنا]] رجل  لا أكثر
ويبدو أنه على وشك تولى توجيه [[الإخوان المسلمين]] فى قضية التطرف الوطنى".ويفشل [[الإخوان]] فى محاولتهم تكوين جبهة سياسية تحتفل بذكرى يوم الشهداء 4 من [[مارس]] وتهاجم صحف الوفد [[الجماعة]].


* دعا رئيس الوزراء [[المرشد العام]] للاجتماع به فى منتصف [[مارس]] بفندق '''"مينا هاوس "''' فأقنعه بسحب الترشيح.
وتنقل اتهاما وجهه وكيل [[الإخوان]] السابق [[أحمد السكرى]] بأن الشيخ [[البنا]] حاول الحصول من الوفد على 50 ألف جنيه ثمنا  لتأييد الوفد ضد وزارة إسماعيل صدقى. واتهم السكرى الشيخ [[البنا]] أيضا بإجراء اتصالات مع رئيس الديوان الملكى تعهد خلالها [[المرشد العام]] بإتباع سياسة معتدلة إزاء حكومة النقراشى مقابل مساعدة من القصر.


ويسافر النحاس عام [[1937]] إلى '''" مونتريه"''' لبحث إلغاء الامتيازات الأجنبية فيقدم إليه [[البنا]] مذكرة يطلب فيها أن يختار التشريع الإسلامى دستورا للأمة.
ردت جريدة [[الإخوان]] بأن [[البنا]] مستعد للتعاون مع الوفد إذا تبرع لهذا الحزب بمبلغ 50 ألف جنيه لتنظيم سياسة قومية تساهم فيها كل [[الأحزاب]] حسب إمكاناتها!


'''ويخطب النحاس بعد عودته من سويسرا فيقول:'''
ورغم سوء العلاقة بين [[الإخوان]] والوفد فإن العلاقة بين [[الإخوان]] والنقراشى لم تكن طيبة بحال.


:" تطالب جماعة لا وزن لها. ولا قيمة بأن يكون القرآن دستورا للأمة.. و[[الإسلام]] عالى الجنبات ليس فى حاجة إلى هذه الصيحات".
نشرت صحيفة [[الإخوان]]  مقالا عن " واجب الحكومة" وحددته بأنه " منع وصول قوات بريطانية جديدة وعدم تسخير المرافق لخدمة [[الإنجليز]] وإبعاد كل أجنبى يتعامل  معهم ومحاكمة كل مصرى يخدمهم بتهمة الخيانة".
وجد الوفد أن [[الإخوان]] ينافسونه كما أن تأييدهم للنقراشى يعيطه قوة فقر فض الهدنة بين الحزب و[[الجماعة]] دون إعلان.


== رد [[الإخوان]] ==
واتجه [[الإخوان]] لأول مرة إلى الشرق فطالبوا بأن تلجأ الحكومة فى المم المتحدة إلى  " الكتلة اليسارية" بدلا من الكتلة الانجلو -  أمريكية. ولم يكن [[الإخوان]] يعرفون أن مثل هذا التفكير فى تلك الأيام صعب . أما التنفيذ فيقع فى جائرة المستحيل!


" يا رفعة الباشا. قلتم إن [[الجماعة]] لا وزن لها ولا قيمة .. وهذا أمر متروك للزمن يقول فيه كلمته"..
ويتجه النقراشى إلى أمريكا فيوفد فى [[أبريل]] رئيس أركان حرب الجيش إلى واشنطن لزيارة القواعد والمصانع الحربية والاتفاق على شراء السلاح فتحتج الحكومة البريطانية على الحكومة الأمريكية لعدم استشارة الولايات المتحدة بشأن هذه الزيارة.
ويقيل الملك حكومة النحاس فى 31 من [[يوليو]] عام [[1937]] وتنشأ أزمة ثانية بين الوفد و[[الجماعة]].


حملت صحيفة '''"المصرى"''' الناطقة باسم الوفد فى [[يوليو]] 38 على طلاب [[الإخوان]].وكررت الصحيفة هجومها أكثر من مرة.
ويتراجع وزير الخارجية الأمريكى بالنيابة أمام ممثل السفارة البريطانية قائلا: ليست للزيارة طبيعة سياسية ولن تلعب أمريكا نفس الدور الأساسى فى الشئون العسكرية المصرية والى كانت تقوم به الحكومة البريطانية وفى 7 من [[مايو]] 1947 تبلغ الحكومة الأمريكية بريطانيا رسميا بأنها لن تتوسط أو تتدخل بين بريطانيا و[[مصر]]!


'''ردت "[[مجلة النذير]] " بعنف قالت'''
وتزداد العلاقة سوءا بين النقراشى و[[الإخوان]] فى [[مايو]]  أيضا عندما يعتدى رجال الشرطة على موكب الجوالة [[الإخوان]] فى حى الخليفة, ويمنع [[البنا]] من زيارة [[بور سعيد]].


:"وراء سطور الجريدة مؤامرة ضد [[الإسلام]] لأن المسيطر عليها هو الوفد وقد منع النحاس الصلاة فى [[الأزهر]].. ورجال الوفد دعاة فساد يغررون بالشباب والطلبة... ومعسكرات الوفد أماكن تجمع للقوادين والنشالين والمجرمين وأرباب السوابق"!
وتتابع برقيات السفارة البريطانية على لندن تصف كل تطور جديد فى موقف [[الجماعة]] وسياستها.
كتب السير رونالد كامبل قائلا:


ويجىء ذلك الزمان الذى تنبأ به [[الإخوان]], فيعرف النحاس قيمتهم وقدرهم عندما يتولى رئاسة الوزارة فى أعقاب حادث 4 من [[فبراير]] [[1942]]!استنكر [[الإخوان]] حصار قصر عابدين بالدبابات البريطانية فاتهم بعض .جماعة لها .. وزن.
" [[الإخوان]] أبرز المنظمات المصرية التى لها صلة دولية وتتمتع بأهمية كافية لممارسة تأثير ملحوظ على الحياة  العامة فى البلاد.


اللقاء الأول بين [[مصطفي النحاس]] باشا رئيس وزراء [[مصر]] والشيخ [[البنا]] ثم عام [[1936]] عندما كان النحاس باشا يرأس الوزارة يومها كان الشيخ ضمن وفد  يطالب بالتعليم الدينى فى المدارس فظن رئيس الوزراء أن [[المرشد العام]]... عمدة لقرية مصرية!
إن الأحياء السياسى – الدينى لجماعة [[الإخوان المسلمين]] يمثل قوة رجعية فهى تدعو للعودة غلى بناء اجتماعى يقوم على تعاليم دينية واجتماعية عفى عليها الزمن"!


والصدام الأول بين الرجلين تم فى عهد تلك الوزارة أيضا.أشاد النحاس فى تصريح لصحيفة  '''" الأهرام بكمال أتوتورك زعيم [[تركيا]] وقال إنه" من المعجبين بعبقريته... بلا تحفظ"'''!
ولكن السفير يبرئ [[الإخوان]] من العمالة لأية قوى أجنبية . قال:


'''رد [[المرشد العام]] فى صحيفة [[الإخوان]] فقال'''
" لا تتعرض [[الجماعة]] حاليا لنفوذ خارجى سواء كان شيوعيا أو فاشيا ولكنها تمثل أيدلوجية ذات طبيعة سياسية – دينية تقتضى بالضرورة تصنيفها كمنظمة سياسية متطرفة"


:" موقف الحكومة التركية الحديثة من [[الإسلام]] وأحكامه معروف . فقد حذفت القانون الإسلامى وحكمت بالقانون السويسرى فهل يفهم من هذا أن يكون لأمة [[مصر]] برنامج كالبرنامج " الكمالى"؟!
ويتعين أن نذكر قبل الحرب. كان هناك من الأسباب ما يدعو للشك فى تلقى [[الإخوان المسلمين]] أموالا من مصادر ألمانية أو إيطالية أو منهما معا  .  


ويعقد النحاس مع بريطانيا معاهدة [[1936]] فيعارضها [[الإخوان]] ويطلقون عليها اسم '''" المعاهدة المشئومة"'''.ويهاجم [[البنا]] معظم وزراء النحاس..
إن  [[الإخوان المسلمين]] جماعة مصرية خالصة. ولكن نجاحها الباهر فى البلاد فى السنوات الأخيرة شجع قادتها على مد أنشطتها إلى الدول الإسلامية المجاورة وخاصة [[فلسطين]] و[[سوريا]] و[[السودان]]".


انتقد وزير الخارجية لأنه أقام حفلا للبعثة الإيرانية لما فيه من خمر ورقص وعبث بأموال  الفلاحين بما يخالف الدين!ووزير الداخلية لأنه سافر ظهر الجمعة وترك أداء فريضتها!ووزير المالية لحضوره ميادين السباق والمراهنة وهى قمار صريح!
ويتعقب [[الإنجليز]] [[الإخوان المسلمين]] فى الدول العربية.


== الملك فاروق [[مصطفي النحاس]] رئيسا للوزارة ==
سأل الوزير البريطانى المفوض فى عمان  الملك عبد الله عاهل الأردن عن لقائه بعبد الحكيم عابدين سكرتير عام [[الإخوان]] فقال صاحب الجلالة:


ولكن [[الإخوان]] وقفوا ضد حادث 4 [[فبراير]] وقرروا دخول الانتخابات النيابية القادمة.وتميزت الشهور التالية فى نشاط [[الإخوان]] بالهدوء المعتدل".
- [[الجماعة]] تستحق الإعجاب فهى تدعو الجيل الجديد لواجبه الدينى, وتحد من انتشار [[الشيوعية]].


وتظل المخابرات تتابع [[الإخوان]] لتكتشف أنهم مستمرون فى '''" مخططاتهم التخريبية"'''.. أى الاستعداد لتخريب المنشآت وخطوط المواصلات البريطانية إذا نجح الألمان فى غزو [[مصر]].
- قال الوزير المفوض:


ومن هنا تتضح الحقيقة وهى أن [[الإخوان]] هادنوا [[الإنجليز]] علنا وهاجموهم سرا لأنهم رأوا الوقت غير مناسب للصدام.ويتقدم الألمان داخل صحراء [[مصر]] الغربية فيسحقون القوات البريطانية فى العجيلة ودرنه
- كان حقا ما تقول يا صاحب الجلالة لو أن [[الجماعة]] اقتصرت على واجبها الدينى ولكن التقارير تقول إن دوافع مؤسيسها سياسية بقدر ما هى دينية .
ويختفى الخبر فى [[القاهرة]] وتقوم مظاهرات يهتف الطلاب خلالها قائلين " إلى الإمام يا  روميل".


وقيل إن هذه المظاهرات نمت بتحريض من الوفد أو [[الإنجليز]] حتى يتسنى تغيير الحكومة.ولا يشترك [[الإخوان]] فى هذه المظاهرات
- قال  الملك عبد الله:


'''وتفسر السفارة البريطانية ذلك قائلة'''
- هذا بالنسبة ل[[مصر]] ولكن قادة [[الإخوان]] لا يريدون التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية.


:" يبدو أن  أوامر صدرت [[للإخوان]] بالا يشتركوا فى هذه المظاهرات بصورة واضحة".وربما تقصد السفارة أن [[الإخوان]] رفضوا الإفصاح عن ميولهم الموالية للألمان إذا هتفوا لروميل!ولكن كان واضحا أن [[الإخوان]] لم يتعاطفوا مع الناية.
- ويثير الوزير البريطانى مسألة [[الإخوان]] مع سمير الرفاعى باشا قال رئيس الوزراء :


وعلى أية حال فإن عمر وزارة سرى باشا انتهى باستقالته فى 4 [[فبراير]] [[1942]] .. عندما حاصرت الدبابات البريطانية قصر عابدين. وفرضت على  فترة  تقل  عن شهر , ثم الإفراج عنه جعلت [[الإخوان]] على درجة كبيرة من القوة.
ستتدخل إذا أبدت الشعب المحلية فى الأردن نشاطا سياسيا ومن الخطأ أن نظهر عدم موافقتنا عليها نشاط [[الجماعة]] مقصورا على النشاط الدينى ويكتب الوزير المفوض إلى لندن:


أصبح باستطاعتهم فرض ما يشاءون بالتهديد على [[حسين سرى]] الذى بدأ يدرك جيدا ضعف حكومته التى لا تتمتع بتأييد فى البرلمان . والتى فقدت فى الوقت نفسه تأييد الملك و[[الإنجليز]].
- أوافق الملك ورئيس وزرائه على أنه لا داعى للتدخل فى الوقت الحاضر"! وجد [[الإنجليز]] أن الاستقرار لم يتحقق فى [[مصر]] ولم تعقد معاهدة , وهناك أزمة حادة فى العلاقات بين البلدين ففكروا فى إعادة الوفد إلى الحكم لتحقيق إصلاح اجتماعى يعزز الاستقرار و[[الديمقراطية]]!


ويتقارب الملك و[[الإخوان]] وأخذ سرى باشا يسعى لتحسين صورة [[الإخوان]] لدى السلطات البريطانية التى اكتشفت أن رئيس الوزراء يفعل ذلك بناء على تعليمات الملك!
- أيد عودة السير روبرت هاو الوكيل المساعد لوزارة الخارجية – الذى تولى بعد ذلك منصب الحاكم العام للسودان – والسير أورم سارجنت الوكيل الدائم للوزارة وقدما تقريرا بذلك إلى كلمنت أتلى رئيس الوزراء الذى تولى وزارة الخارجية  بالنيابة أثناء سفر ارنست بيفن إلى نيويورك وموسكو.


وكان الألمان قد أشاعوا أن هتلر أسلم ونشر وسيم خالد المتهم بالاشتراك فى اغتيال أمين عثمان وزير المالية فى عهد الوفد أن اتفاقا تم بين المرشد و[[الإنجليز]] للتعاون على محو أسطورة الحاج محمد هتلر فى المساجد والامتناع عن أى نشاط معاد لبريطانيا مقابل التغاضى عن نشاط [[الإخوان]] فى المدن والقرى.
- أبرق اتلى بالتقرير إلى بيفن فى موسكو – بدلا من انتظار عودته – مما يدل على رغبة اتلى فى التعجيل بخلع النقراشى,
- ولكن بيفن رأى تأجيل القرار حتى يعود إلى لندن فعقد مع أورم سارجنت اجتماعا يوم 6 من [[مايو]].


وفي كتاب ميتشيل قال : إن السفارة البريطانية عرضت مساعدة على [[الجماعة]] لتحقيق أهدافها.
- قال وكيل الخارجية : السؤال الأساسى هو هل نعزل النقراشى أم لا؟


واختلفت المصادر فيما إذا كانت [[الجماعة]] قد قبلت أو رفضت المساعدة والدعم المالى من بريطانيا ولكن مصادر [[الإخوان]] نفت قبولها '''"الأموال الكفرة"'''.
- رد بيفن: من الخطأ التصرف على هذا النحو فإذا عزلنا رئيس الوزراء , ولم نحقق النتيجة التى نريدها ستكون فى وضع سيئ.


وتقارير المخابرات البريطانية تؤكد هذا النفى كما تؤكده أيضا هيوارث دان وهو رجل بحكم صلته بالمخابرات ... كان يعرف الحقيقة.
- وأصر بيفن على أن يحتفظ كبار رجال الوزارة" بالبرود" وهدوء الأعصاب إزاء النقراشى. ورفض الوزير البريطانى التدخل فى شئون [[مصر]] الداخلية ولكن رجال وزارة الخارجية البريطانية ضغطوا على الملك والنقراشى بأسلوب آخر.


'''وقالت تقارير المخابرات البريطانية'''
- بعث السفير البريطانى  السير رونالد كامبل برسالة إلى النقراشى يحتج فيها على إلقاء قنبلة على دار المعهد البريطانى وأخرى على كلية فيكتوريا ب[[الإسكندرية]] وكذلك على التأخير فى محاكمة حسين توفيق وزملائه – وبينهم أنور السادات  الذين اتهموا باغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية فى حكومة الوفد.


:" أصبح [[البنا]] أكثر حذرا فى حديثه عن [[الإنجليز]].تجنب الإشارات العدائية إلى بريطانيا ولكن خطباء [[الإخوان]] فى الأقاليم استمروا يهاجمون بريطانيا.
- ويلتقى كامبل بعبد الفتاح عمرو باشا سفير [[مصر]] فى لندن محتجا لى الحملة العلنية المعادية لبريطانيا وقال:


'''قال [[البنا]] فى خطاب له أمام مؤتمر [[الجماعة]]:'''
- إن وزراء [[مصر]] يساهمون فى هذه الحملة.
- ويضيف:


:" الطريق طويل ولكنه الطريق الوحيد: إنه الصبر والاحتمال والجدية والعمل الدائم. ومن يريد اختطاف الثمرة قبل نضوجها فلست منهم.وعندما يصل عددكم إلى ثلثمائة كتيبة تزودت روحيا بالإيمان وفكريا بالعلم والثقافة وجسمانيا بالتدريب عندئذ أطلبوا منى أن أطلق عقالكم"
- هل يعرف ملك [[مصر]] ذلك؟


'''وكان واضحا من ذلك أن جيل المستمعين لم يكتمل بعد'''
- ويحذر قائلا:


اقترح [[الإخوان]] على الحكومة خطة تلزم [[الإنجليز]] بالتفكير عشرات المرات قبل إقدامهم على مس الوزارة بأذى أقنع [[المرشد العام]] [[عبد الرحمن عزام]] بأن تعلن الوزارة نفسها حكومة إسلامية فلن يجرؤ [[الإنجليز]] على المساس بهذه الحكومة وإلا كان ذلك مساسا بجميع المسلمين فى أنحاء العالم.ولكن [[على ماهر]] رفض تنفيذ الاقتراح.
إن صاحب الجلالة يغامر بهذه الإثارة الوطنية.


وربما يكون الاقتراح لصالح [[على ماهر]] ولكن من المؤكد أنه لصالح [[الإخوان]] لأنهم بذلك يكونون قد حققوا أهم أهدافهم بإقامة حكومة إسلامية. وتغيير نظام الحكم المصرى كله. إلى حكم إسلامى وهو هدف [[الجماعة]].  
ويلتقى كامبل بالملك بعد أن استغنى النقراشى عن البعثة العسكرية البريطانية فى الجيش المصرى.


ولا يمكن لحكومة مصرية. بعد ذلك . التراجع!وعرض [[الإخوان]] على رئيس الوزراء المساهمة فى الجيش المرابط. وسكرتارية الشئون الاجتماعية أصبحت وزارة بعد ذلك
وينتقد السفير رئيس وزراء [[مصر]] فيرد فاروق :


'''وبعث [[البنا]] بمذكرة إلى [[على ماهر]] قال فيها:'''
النقراشى أفضل من يحافظ على المن والنظام.


:" [[الإخوان]] مستعدون وما على الحكومة إلا أن تدعوهم . وتفسح لهم المجال.لسنا نريد بذلك أن نحتكر طريق الخير ولا أن نهيمن عل وسائله ومناهجه ولسنا بذلك نريد أن نفتح أبواب عمل وارتزاق للعاطلين من [[الإخوان المسلمين]]".
وأخيرا يلتقى السفير البريطانى برئيس الوزراء ليقدم سلسلة من الاحتجاجات:


:'''" إن [[البنا]] كان فى ذلك الوقت يجمع السلاح ويشتريه ويخزيه. ولم لم يكن أقرب الناس إليه من كبار [[الإخوان]] على علم بشئ من ذلك"'''.
الأول : على عبد الفتاح عنايت الذى حكم عليه بالإعدام فى قضية اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك عام [[1924]] واستبدل حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة.


'''حاول [[عزيز المصرى]] توحيد [[الإخوان]] و[[مصر الفتاة]].... ولكنه فشل''' وكان [[البنا]] الوسيط بين [[عزيز المصرى]] و[[الضباط الأحرار]] عن طريق الدكتور [[إبراهيم حسن]] وكيل [[الجماعة]] و[[محمد أنور السادات|أنور السادات]] الذى أصبح بعد ذلك رئيسا لجمهورية [[مصر]] العربية!
وكان عبد الفتاح عنايت قد بدأ يكتب مذكراته  وفيها  يهاجم [[الإنجليز]] الاحتجاج الثانى على كاريكاتير نشرته مجلة روزاليوسف يصور حلبة ملاكمة بين [[مصر]] وبريطانيا...  


بعد أسبوعين من تشكيل الوزارة أعلنت بريطانيا الحرب على ألمانيا فى 3 من [[سبتمبر]] [[1939]].
وفى هذا الرسم توجه  [[مصر]] ضربة  قاضية لبريطانيا .


وأعلنت فرنسا واستراليا ونيوزيلندا الحرب لى ألمانيا فى نفس اليوم وتضامنت جنوب أفريقيا مع هذه الدول فأعلنت الحرب يوم 6 من [[سبتمبر]] وكندا بعد أربعة أيام.طلب [[الإنجليز]] إلى [[على ماهر]] أن تعلن [[مصر]] الحرب على ألمانيا.
الاحتجاج الثالث على مسرحية تعرض فى [[مصر]] وفيها يقال إن بريطانيا  تحاول التفرقة بين [[مصر]] و[[السودان]].
ولا يجد النقراشى ما يقوله – طبقا لبرقية السفير – إلا أنه سيرسل مقالات الصحف وكل هجوم على بريطانيا إلى النائب العام ليرى ما إذا كان ذلك يقع تحت طائلة القانون وفى هذه الحالة يحاكم المسئولين وتتم كل هذه اللقاءات والاحتجاجات وأنشطة السفير ضد النقراشى خلال فترة لا تتجاوز الشهرين!
انخفضت شعبية الوفد لأسباب كثيرة منها الاضطهاد من جانب الحكومة والانحرافات فى الوفد.  


رفض [[على ماهر]] فى مذكرة بعث بها إلى السفير البريطانى. وقال فى مجلس الشيوخ إن سياسة حكومته تجنيب [[مصر]] ويلات الحرب".وفى كتاب'''" [[الإخوان المسلمون أحداث صنعت التاريخ]] "''' قال [[محمود عبد الحليم]]:" كان هناك تجاوب فكرى ونفسى بين الوزارة و[[الإخوان]].
وارتفعت شعبية [[الجماعة]] بالشعارات التى رفعتها معادية للإنجليز , والعاطفة الدينية العميقة فى نفوس شعب [[مصر]] , والتنظيم الدقيق للجماعة والتأييد الذى حصلت عليه من الملك وصدقى والنقراشى فى فترات متباعدة!..


كانت وزارة منطلقة بما توجيه غليها المصلحة العامة, وساعدها أنها كانت مؤيدة من الملك الذى كان فى مقتبل أيامه ولم يكن قد تلوث بعد ورغباته متوائم مع رغبات الشعب ويرى فى [[على ماهر]] المعلم الناجح القدير
قال حمادة محمود إسماعيل فى رسالة ماجستير قدمها إلى جامعة [[القاهرة]] عن " جماعة [[الإخوان]] ودورها فى تاريخ [[مصر]]" إن سنوات ما بعد [[الحرب العالمية الثانية]] كانت سنوات [[الإخوان]] فقد ساعد غياب الوفد عن مسرح الأحداث تنامى [[الإخوان]] وقيادتهم للحركة الشعبية ضد الاحتلال ودعوتهم الصريحة إلى إعلان الجهاد باعتباره السبيل الأوحد لإخراج [[الإنجليز]] من [[مصر]]"
وكان [[على ماهر]] يتصور أن [[الإنجليز]] لن يخاطروا بسمعتهم فيسقطوا حكومة مؤيدة من الشعب والبرلمان والملك".قالت تقارير المخابرات البريطانية أن '''"الملك قدم الحماية والمعونة المالية [[للإخوان]]"'''


وأيد [[الإخوان]] من ناحيتهم سياسة تجنيب [[مصر]] ويلات الحرب وعدم الاشتراك فيها والاكتفاء بتقديم المساعدات التى نصت عليها معاهدة [[1936]] فحسب.
وقال :


'''ويبرق السفير البريطانى اللورد كيلرن إلى لندن'''
" أدت [[الجماعة]] دورا لا يستهان به تجاه قضية الجلاء والاستقلال وخاصة بعد [[الحرب العالمية الثانية]]".
أحس الوفد بقوة [[الجماعة]] فهاجمها بأسلوبه القديم...


:" عمل [[على ماهر]] باشا بنشاط من وراء الكواليس لتأكيد سياسته الخاصة بالحركات المعادية للأجانب من خلال التنظيمات الإسلامية مثل جمعية الشبان المسلمين, وحركة [[مصر الفتاة]] وجماعة [[الإخوان المسلمين]] وعدد آخر من الجمعيات الإسلامية الأقل شهرة والتى تمارس نشاطها فى الخفاء.
اتهم الوفد [[الإخوان]] بالعمالة للحكومة وخيانة قضية الأمة.


:وأخذ [[على ماهر]] باشا يشجع نوادى وجمعيات الشباب وكان الهدف انتظام الأجيال القادمة تحت راية الملكية الوطنية المتطرفة وكراهية الأجانب والمفهوم التقليدى للإسلام فى مواجهة التيار الأكثر ليبرالية  ول[[حزب الوفد]] وللأقباط نفوذ  فيه فإن [[مكرم عبيد]] باشا كان سكرتيرا عاما للوفد وكذلك فى مواجهة الاحتلال الأجنبى.
نشرت صحيفة " صوت الأمة" الناطقة بلسان الوفد ويرأس تحريرها عدلى المولد لمحامى يوم 9 من [[مايو]] تحت عنوان " الشيخ راسبوتين .. يفقد عقله وأدبه..."!!


:اختار [[على ماهر]] الفريق [[عزيز المصرى]] المكفتش العام للجيش المصرى رئيسا لأركان حرب هذا الجيش ومنحه رتبة الفريق . وكان على صلة وثيقة ب[[الإخوان المسلمين]] ولكن السفارة البريطانية أصرت على منحه إجازة وكان [[عزيز المصرى]] مدرسا للملك فاروق  عندما كان وليا للعهد
قالت :


:وأختير [[عزيز المصرى]] فى وزارة [[محمد محمود]] باشا عام [[1938]] مفتشا عاما للجيش المصرى ولكنه منع من ممارسة مهام وظيفته.ويلتقى [[محمد أنور السادات|أنور  السادات]] ب[[عزيز المصرى]] عن طريق [[المرشد العام]] [[للإخوان]] الشيخ [[البنا]] مما يدل على الصلة بين [[عزيز المصرى]] و[[الإخوان]]
".. استطاع هذا الشيخ الملتاث أن يكتب خطابا إلى رفعة زعيم الوادى ويحشوه بالمطاعن والسباب ويصور فيه نفسه وما فطر عليه من خلق ...


:وفى مذكرات [[محمد أنور السادات|أنور السادات]] التى كتبها بعنوان '''" صفحات مجهولة "''' قال....رفعوا إلى احتجاجا عنيفا ذكروا فيه أن [[الإخوان]] ليسوا هتافين . وإنهم لم يهتفوا لأشخاص . وإنما يذكرون  الله وحده.
يا مولانا الشيخ:


:طيبت خاطرهم بأن هذه تحية المسافر وأننا لا نحيى شخصا . ولكن نحيى عمله ل[[فلسطين]] فاحتسبوها عند الله فى سبيل [[فلسطين]]".
إنك أحقر  من أن تكتب إلى وفدى عادى . فما بالك بهذه الجرأة المجنونة التى دفعتك بالكتابة لى زعيم الوادى ناصحا, ومحذرا ومهددا.


كان [[الإخوان]] خلال الثلاثينات كما يقول الشيخ [[التلمسانى]] قد كونوا أرضية واسعة ومترامية عبر أقاليم ومديريات القطر المصرى كما استطاع [[المرشد العام]] أن يضع النظام الفكرى والتنظيمى للحركة وحدد تعريف [[الإخوان]] وعلاقتهم بالجماعات الإسلامية و[[الأحزاب]] الأخرى.
من أنت أيها الحلس الذى خسر الدنيا والدين , انفض من جماعته كل غيور على كرامة [[الإسلام]] والمسلمين؟...


وكان [[الإخوان]] على صلة غير مباشرة ب[[على ماهر]]. كما تقول المخابرات البريطانية والأرجح أن هذه الاتصالات نمت عن طريق [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]].
من أنت يا مدرس الخط حتى تجعل من نفسك شيئا فتتكلم إلى رجل بينك وبينه ما بين الأرض والسماء..؟
هل يد تذبذبك, وحقارة تصرفاتك ضد إخوانك وخيانتك لمبادئ  [[الإسلام]] الشريف وهل بعد استجدائك عطف كل هيئة وحزب...


'''رحب [[الإخوان]] بالوزارة الجديدة وكتب [[صالح عشماوى]] فى "[[مجلة النذير]]" يقول:'''
أبعد هذا أيها المستعبد لشهواته ونزوته الوضيعة تجد فى نفسك الجرأة على أن تقوم بدور الممثل التافه فى دور المصلح الهادى؟!


:" تحيط ب[[على ماهر]] هالة كبيرة من الدعاية الطيبة. وتسبقه آمال حلو, وأمان عذبة فى الإصلاح والإنقاذ. والمفروض . فى المسلم, أن يحسن النية بأخيه وليس ما يمنعنا من أن نحسن النية ب[[على ماهر]] ووزرائه"
يا شيخ  راسبوتين... مسكين أنت والله إنك قد فقدت عقلك."


== كان [[على ماهر]] خصما للوفد ==
وقالت الصحيفة:


ولم يكن عضوا فى الحزب السعدى أو الحزب الأحرار المسلمين, وأيده فى ذلك [[صالح حرب]] و[[عبد الرحمن عزام]] و[[عزيز المصرى]],وقيل هؤلاء جميعا الملك فاروق  الذى كان يميل للألمان ويعادى الوفد و[[الإنجليز]] ويرى أن تجمعات [[الإخوان]] يمكن استغلالها فى معارضيه الوفد!
" دع [[السياسة]] يا شيخ لمن يحملون عقولا فى رءوسهم فلست أهلا لها".
وقالت:


'''وتكتب المخابرات البريطانية تقريرا تقول فيه'''
" لم يجد الشيخ حسن راسبوتين بدا من أن يمزق اللثام عن تضليله وتهريجه باسم الدين و[[الإخوان]] والقرآن ويظهر على حقيقته, وبطبيعته انجليزيا حكوميا وهذا هو ما كنا نبصر به [[الإخوان]] ونحذرهم منه حتى يعرفوا شيخهم داعية مأجورا لكل من يدفع الثمن.


:" بلغ عدد شعب [[الإخوان]] فى [[مصر]] نحو 500 شعبة.ويرجع انتشارها السريع إلى أسباب منها فشل  السياسيين الفاسدين فى [[مصر]]  فى كبح جماح القلاقل الاجتماعية فمكن ذلك من يدعو لاتخاذ [[الإسلام]] منهجا من جذب أتباع من البيئة المضطهدة
هذا هو الشيخ [[البنا]] أيها الناس.


:وأصبح [[الإخوان]] بعد رعاية [[على ماهر]] لهم يتمتعون بدرجة ما من الاكتفاء الذاتى"
هذا الرجل الذى كان مدرسا للخط فضاق بفقره, وحقارة شأ،ه وتفاهة قيمته ولم يستطع أن يوفق بين طموحه وقدرته فراح يطلق لحيته, ويضلل باسم الدين ويجمع حوله السذج من المسلين لتكون له سيارة وتكون له جريدة ولو غير " سيارة" ولكن الدين فضحه وكشف عن خبيئته.


وتقصد المخابرات بذلك التمويل المالى من [[على ماهر]] والقصر [[للإخوان]]! اعترض بعض [[الإخوان]] على التقارب بين [[المرشد العام]] والوزارة وطالبوا بقطع كل اتصال بين الجماعى ورئيس الوزراء.
لم يخجل الشيخ  بل ظهر بالمس سافرا فاجرا, كافرا بنعمة الدين ونعمة الوطن ولم يستح أن يصبح حكوميا أكثر من الحكوميين ونقراشيا أكثر من النقراشيين أيها الشيخ  المأجور .. أقسم لك بمن حرمك من نعمة الأخلاق الإسلامية ونعمة الأخلاق الوطنية أننا لا نتصور ولا نسمح لأنفسنا أن ثمة من يعمل لخيانة بلده من أجل المال.


وكان بعض المعارضين ينتمون إلى الوفد والبعض الآخر يريد استقلال [[الجماعة]]. ولكن [[المرشد العام]] رفض ذلك.أعلنت ايطاليا الحرب يوم 10 من [[يونيه]] [[1940]] وطلبت بريطانيا من [[على ماهر]] مرة أخرى إعلان الحرب فرفض [[على ماهر]]  قائلا  إن [[مصر]] لن تدخل الحرب إلا إذا هوجمت المدن المصرية أو مواقع الجيش المصرى.
فهنيئا حكوميتك أيها المسكين الذى أراد أن يسخر من الوطنية والدين فهوى إلى أسفل سافلين"!!
وتضامنت صحف الوفد كلها فى الحملة ضد [[الإخوان]].


ويصرح رئيس الوزراء فى جلسة سرية للبرلمان بأن [[السياسة]] المصرية لن تتغير.رحب [[المرشد العام]] بقرار [[على ماهر]] وقال:إعلان الحرب على إيطاليا شر متسطير
قالت البلاغ إن [[المرشد العام]] دأب على أن يتردد بسياسة [[الإخوان]] ويميل بها يعتقد الاتفاق  تلو الاتفاق, ويبرم الميثاق تلو الميثاق ولكنه ما أسرع ما ينفض يده من هذا ليضعها فى يد ذاك.


'''سأل " هيوارث دان" [[المرشد العام]] عن شعور المصريين تجاه [[الإنجليز]] أجاب [[البنا]]:'''
وقالت مجلة " الحوادث " بعنوان" دوتشى [[مصر]], بعد دوتشى روما" إن [[البنا]] يشبه موسولينى زعيم الفاشية فى إيطاليا ويدعى أنه المهدى المنتظر"!


:المصريون يبغضون [[الإنجليز]] كالألمان والإيطاليين ف[[الإنجليز]] لا يحترمون وعدا, ولا عهدا. ودخول [[مصر]] الحرب إلى جانب انجلترا يجعل [[مصر]] تبحث عن حقها.
وتصاعدت حملة الصحف الوفدية وبالذات صوت الأمة على [[الإخوان]] فى سلسلة مقالات تحت عنوان واحد " هذه [[الجماعة]] تسقط"


'''ويقطع [[على ماهر]] العلاقات السياسية مع ايطاليا. ولكن السفير البريطانى يهاجم فى أحاديث الخاصة [[على ماهر]] والوزارة وصاحب الجلالة قائلا:'''
وهذه نماذج مما قالته الصحيفة خلال تلك الأيام من [[مايو]] و[[يونيه]] عام 1947:


:فاروق ألماني الهوى يسر لانتصارات النازية, ولهزائم بريطانيا.  
يمعن الشيخ فى التضليل فيزعم انه ليس حزبا سياسيا, إذن ماذا أنت وجماعتك يا هذا؟ أنت تزاول نوعا من [[السياسة]] هو أرخص وأقذر الأنواع .


وفى 17 من [[يونيه]] عام [[1940]] قدم السفير البريطانى إنذارا لفاروق يطلب تشكيل حكومة صديقة لبريطانيا..ويستقبل [[على ماهر]] يوم 23 من [[يونيه]].. وكانت أول وزارة ساندت [[الإخوان]] فى عملهم السياسى.
انحسر آخر [[قنا]]ع عن وجه الشيخ [[البنا]] فإذا به أقبح سياسى لعب على مسرح [[السياسة]] فى الجيل الحاضر.... العفن والقاذورات والألفاظ  النابية بل والجرائم المنكرة مصدرها وكر [[الإخوان]]..أما من الذى أيقظ الفتنة فهو أنت أيها " المرشد " المضلل.


ويقبل فاروق فى 27 من [[يونيه]] استقالة الوزارة التى لم تعمر سوى عدم شهور وسبعة أيام!وتسند رئاسة الوزارة إلى [[حسن صبرى]] باشا فى اليوم نفسه ولكن هذه الوزارة لا تعمر سوى 139 يوما فقد توفى [[حسن صبرى]] يوم 4 من  [[نوفمبر]] [[1940]] وهى يلقى خطاب العرش داخل البرلمان . ولم تتح له أو [[للإخوان]] فرصة الاتفاق أو الخلاف.ويتولى رئاسة الوزارة [[حسين سرى]] باشا فى اليوم التالى.
شيخ متآمر متستر خلف الدين..


كان على باشا ماهر عدوا للإنجليز فى تلك الفترة و[[حسين سرى]] باشا هو صديق للإنجليز فى كل فترة  وقد طلبوا إليه الحد من النشاط السياسى ل[[على ماهر]] ومن هنا تعقب رئيس  الوزراء [[على ماهر]] ورجاله فأعد مشروع قانون يحرم على الجمعيات الخيرية العمل السياسى. وكان [[الإخوان المسلمون]] الهدف الأول لهذا التشريع.
أيها الشيخ الماجن لقد أفصحت عن حقيقة أمرك, بعبثك, وخداعك فانكشفت سترك ووضحت جنايتك السافرة.
إلى زعيم عصابة [[الإخوان]] صليتم تظاهرا وتصدقتم تفاخرا, واتخذتم هيئة الصلاح لتتسلطوا على عقول البسطاء.


رد [[البنا]] فكتب مقالا انتقد غيه حكومة سرى باشا لانحرافها عن مبادئ [[الإسلام]].وكان هذا المقال أكثر مما يحتمل رئيس الوزراء" كما يقول تقرير السفارة البريطانية". فهو مهندس مثقف ثقافة غربية ويتمتع بشخصية قويه!.
إن جماعة [[الإخوان المسلمين]] فضيحة قومية لل[[مصر]]يين فى العصر الحاضر.


فى مذاكرات الدكتور [[محمد حسين هيكل]] باشا وزير المعارف فى وزارة [[حسين سرى]] التى تولت الحكم فى 15 [[نوفمبر]] سنة [[1940]] قال " إن السلطات البريطانية أبغلت [[حسين سرى]] ان [[البنا]] يعمل فى أوساط [[الإخوان]] لحساب إيطاليا.
أصبحت ذمة الشيخ مطاطة... الشيخ المصلى العارف بالله يكذب علنا فى جريدته.


وطلبت هذه السلطات إلى رئيس الوزراء العمل على الحد من نشاطه" رأى رئيس الوزراء أن نقل [[البنا]]] إلى بلد ناء بالصعيد يحد من نشاطه فطلب نقل [[المرشد العام]] إلى [[قنا]].
شخ سوء ينحدر هابطا كلما انتفخ جيبا...


لم يجد هيكل باشا بأسا من إجابة طلب رئيس الوزراء فنقل مدرس فى مدرسة ابتدائية ليس أمرا ذا بال. إذ يقع مثله خلال العام الدراسى فى كل سنة ولا يترتب عليه أثر.
فهو يتعمق فى الاسفاف كلما افعم جيبه بالمال . أجير لا يكتب من وحى قلمه وإنما يدافع عن انتفاخ جيبه.. ومقياس الصالح من الطالح عنده هخو مقدار ما تمتد له به الأيدى من نفحات وعطايا فإن قرأت فجورا وقحة فاعلم أنه قد ما تمتد له به الأيدى من نفخات وعطايا فإن قرأت فجورا وقحة فاعلم أنه قد قبض.الشيخ الأفاك . والشيخ الأشر.


نقل [[البنا]] إلى [[قنا]] ونقل [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]] إلى [[دمياط]] وصدر القرار بتنفيذ النقل فورا.
[[الإسلام]] ليس لحية .. ولا عمامة , ولا سفسطة هو تعاليم نبيلة رفيعة تطبع المؤمنين بطابع الشرف والأخلاق.. والسمو وعدم الإسفاف . لا الجرى وراء المال الحرام باستخدام  التهريج والدجل والضحك على الدقون...!


ويضيف [[الإخوان]] سببا آخر شجع الدكتور هيكل على الإسراع بنقل [[المرشد العام]] فقد انتقدت مجلة [[الإخوان]] كتاب " [[حياة محمد]] " الذى ألفه الدكتور هيكل!
ويرد [[الإخوان]] فى [[يوليه]] فينشرون وثائق تثبت أن السلطات البريطانية ساعدت شباب الوفد فى حملتهم ضد [[الجماعة]].


وقال [[المرشد العام]] فى أحاديث " إن الدكتور هيكل اقتدى فى كتابه بمؤلف فرنسى أعرض عن معجزات النبى عليه الصلاة والسلام ولم يستثن منها إلا  القرآن الكريم .. مع أن المعجزات ثابتة بصحيح السنة".
وفى برقيات  السفارة البريطانية أن هذه الوثائق مزورة وهكذا تغير موقف [[الإخوان]].
كانوا ضد النقراشى فأصبحوا معه.


كان [[البنا]] يحاضر فى [[المركز العام]] [[للإخوان]] مساء الخميس عن  "نظرة [[الإسلام]] للمرأة" عندما تقدم إيه أحد الأعضاء بورقة مكتوبة فلما قرأها  اعتذر عن المحاضرة وخرج.
وكانوا مع الوفد فأصبحوا ضده.


وبعد فترة وقف الشيخ [[عبد العزيز عبد الستار]] ليقول بأنه صدر أمر عسكرى بنقل الأستاذ [[البنا]]] إلى [[قنا]]!
وفى رأى [[البنا]] أنهم يتفقون ويختلفون مع [[الأحزاب]] طبقا لمواقف هذه [[الأحزاب]] إزاء [[مصر]] المسلمة الوطنية.


اجتمع [[مكتب الإرشاد]] ورأى معظم الأعضاء تحدى القرار والامتناع عن تنفيذ النقل وأن يستقيل [[المرشد العام]] حتى لا يكون لأحد سلطان عليه .
ولكن لعبة [[السياسة]] – التى دخلها [[الإخوان]] , أو [[مارس]]ها [[الإخوان]] فى السنوات الأخيرة – كانت تقتضى نوعا آخر من السلوك السياسى!


ولكن [[المرشد العام]] , فى ظل الحرب والأحكام العرفية وتقهقر [[الإنجليز]] أمام الزحف الألمانى فى أوربا وشمال أفريقيا . وجد أن [[الإنجليز]] لن يتراجعوا أمامه . ورأى أن مرحلة المواجهة لم تأت بعد ولا يحسن التعجيل بها.
عارض  الملك فاروق فى عرض قضية [[مصر]] على الأمم المتحدة كما قالت برقية للقائم بالأعمال الأمريكى.
وأيد هذا الرأى كل من إبراهيم عبد الهادى وعبد الحميد بدوى ورأى الدكتور [[محمد حسين هيكل]] أن تعرض القضية على الجمعية  العامة للأمم المتحدة . بينما  وجد النقراشى أن هذه الجمعية ستحتاج إلى وقت طويل لنظر  أفضل الفرص – فى رأى النقراشى – لتحقيق الجلاء.


'''قال للأعضاء''' :
وظل النقراشى باشا حائرا شهور مترددا, يقاوم كل الضغوط ثم حسم أمره فقدم محمود حسن باشا سفير [[مصر]] فى وشنطن عريضة دعوى [[مصر]] إلى مجلس الأمن يوم 11 من [[يوليو]] 1947.
طالب النقراشى باسم [[مصر]] بجلاء القوات البريطانية عن [[مصر]] و[[السودان]] جلاء تاما وإنهاء النظام الادارى للسودان.


أمر الاستقالة سهل لا يتطلب سوى ورقة وقلم ولكن هل سيقف الأمر عند الاستقالة . إن أمرا عسكريا سيصدر باعتقالى فى الحال فالأحكام العسكرية مفروضة على البلاد والعباد.والنقل أيسر الأضرار, وأنفع للدعوة من الاعتقال . وهى فرصة تعطى للصعيد حقه فى نشر الدعوة.
أبرق [[مصطفي النحاس]] [[حزب الوفد]] إلى مجلس الأمن وإلى السكرتير العام للأمم المتحدة يتهم الحكومة بالديكتاتورية وأن النقراشى لا يمثل [[مصر]] وليس صوتا شرعيا يتحدث باسمها.


وحتى يبدو [[الإخوان]] بمظهر سلمى وافق الشيخ على النقل.
قال النحاس فى برقيته


قال السير مايلز لامبسون اللورد كيلرن – فى البرقية 388 لحكومته :
" الحكومة المصرية التى رفعت دعوى أمام المجلس لا تمثل على أى وجه شعب وادى النيل الذى تؤيد أغلبية الساحقة الوفد المصرى, وهذه الحكومة  - على أكثر تقدير تمثل الأشخاص الذين  تتألف  منهم وتدعى لنفسها حق التصرف فى سياسة [[مصر]] الدولية رغم أنفها ,
 
" كانت الملامح الرئيسية لتى تميزت بها التطورات السياسية فى [[مصر]] إزدياد حدة الصراع بين رئيس الوزراء و[[على ماهر]] باشا. هاجم رئيس الوزراء [[علي ماهر]] فى معاقله الإدارية وشتت صنائع خصمه بالتنقلات.
ووفقا لما تمليه مصالح سياسية رجعية وإقطاعية , رفضها الشعب المحكوم حكما ديكتاتوريا,فإن شكوى تلك الحكومة إلى مجلس الأمن لا يمكن أن تكون لها قيمة الوثيقة القومية المعبرة عن مطالب الشعب.


وهاجم سرى باشا , [[على ماهر]] باشا فى التنظيمات الإسلامية التابعة لماهر باشا بنفيه [[البنا]] رئيس جماعة [[الإخوان المسلمين]] إلى [[قنا]].
قال  عبد الرحمن الرافعى فى كتابه " فى أعقاب الثورة المصرية" كانت هذه البرقية ضربة  أصابت [[مصر]] فالأنانية والأهواء الشخصية جعلت الوفد يطعن [[مصر]] من الخلف فى الوقت الذى تعرض فيه قضية [[مصر]] على تلك الهيئة الدولية العالمية!


ويبدو أن رئيس الوزراء تصرف فى هذه المسألة بشكل فج فقد صرح بأنه اتخذ هذا الإجراء بناء على اقتراح السفير البريطانى. ولم يتعامل فى هذه المسألة يمقتضى السلطات المحولة له بوصفه حاما عسكريا".
أبرق [[المرشد العام]] إلى مجلس الأمن مساندا وفد [[مصر]] برئاسة النقراشى ومؤيدا مطلب [[مصر]] فى الجلاء ووحدة وادى النيل.


سافر [[البنا]] إلى [[قنا]] فى أول قطار لينقل نشاط [[الجماعة]] إليها . وتكون مناسبة لتثبيت مواقعه ونشر تنظيماته فى صعيد [[مصر]].
قال:" يستنكر شعب وادى النيل البرقية التى بعث بها إلى مجلس وإلى هيئة الأمم المتحدة رئيس [[حزب الوفد]] المصرى ويراها مناورة حزبية لا أثر للحرص على الاعتبارات القومية فيها.وسواء كانت حكومة [[مصر]] ديمقراطية أو ديكتاتورية فإن الشعب المصرى يعلن على الملأ أمام هيئة الأمم المتحدة ,


'''ويستهل نشاطه بعقد مؤتمر للمسلمين والمسيحيين.'''
أن ذلك أمر يعينه وحده فله وحده الحق فى أن يختار نوع الحكم الذى يريده طبقا لميثاق الاطلنطى ومبادئ هيئة الأمم وله وحده الحث فى ا، يعرض على حكومته ما يريد وأن يؤاخذها على كل تقصير يراه".


فى هذا المؤتمر بين [[المرشد العام]] أهمية الحكم بالشريعة الإسلامية وبدد مخاوف الأقباط من لدعوة للحكم بالقرآن الكريم قائلا:
ووجه [[البنا]] رسالة إلى النحاس تحت عنوان " بطلان التوكيل " قال ط النقراشى باشا يمضى ومن معه إلى مجلس الأمن بتأييد شعب وادى النيل وعلى هدى من الإيمان الوطنى".


فى ظل الشريعة الإسلامية عاش المسلمون والمسيحيون فى وئام ليس له مثيل.
واستنكر [[البنا]] خطاب النحاس إلى مجلس الأمن ووصفه بأنه سقطة سياسية وعثرة وطنية ومناورة حزبية لا تحرص على الاعتبارات القومية.


وأعلن [[الإخوان]]" أن الوفد بدور الطابور الخامس لحساب [[الإنجليز]] فى تقسيم الأمة وتمزيق وحدتها"!
وقال:
وقال:


-[[الإسلام]] لا يعرف معنى [[الديمقراطية]] التى يحدد مدللوها الناس حسبما تقضى مصالحهم و[[الإسلام]] لا يعرف المتغيرات بل هو شريعة العدل لا تتغير ولا تتبدل تبعا للمصالح والأهواء.
" التوكيل الذى منحته الأمة المصرية للوفد المصرى سنة [[1918]] أصبح باطلا بطلانا أكيدا".وقالت الرسالة:
لم يكن [[البنا]] مدرسا عاديا يسرى عليه ما يسرى على مدرسى التعليم الابتدائى من قرارات فينقل إلى [[قنا]], المدينة التى اعتادت الحكومات المصرية المتعاقبة أن تنقل إليها الموظفين المشاغبين للتكفير عن أخطائهم  أو عقابا لهم!


ترك [[البنا]]] لأنصار [[الإخوان]] أو لمن يريدون استمالة [[الإخوان]] إليهم, أن يتحركوا لعادته إلى [[القاهرة]]
" لا يزال الوفديون بعقلية سنة 1920 فيقولون : الأمة هى الوفد والوفد هو الأمة وأن الشعب منحه توكيلا لا نقض فيه ولا إبرام ويسقطون من حسابهم ربع قرن فى حياة هذا الوطن تبدلت فيه الأرض غير الأرض وتغيرت النفوس .ز انتقل إلى الدار الآخرة أكثر الوكلاء والموكلين على السواء.


وتحرك أول من تحرك أعضاء حزب الأحرار الدستورين الذين ينتمى إليهم هيكل باشا فقدم أحد نوابهم سؤالا إلى سرى باشا فى البرلمان.
والوفد فى أيامه الأخيرة تخللت صفوفه , طوائف وأفواج , من ذوى الآراء الخطرة والمبادئ الهدامة, الذين لا يدينون بغير الشرعية...


برر سرى باشا. فى أحاديثه الخاصة.
هل ترون أن الوفد قد أدى واجبه بهذا الموقف السلبى يقفه فى هذه الساعات العصبية فى تاريخ الوطن مع أنه كان ولا يزال فى وسعه ان يعمل الكثير لو أراد"


قرار النقل بأن [[البنا]]] قصر فى عمله ولكن [[الإخوان]] أعدوا تقارير إدارة التفتيش بوزارة المعارف التى ترد على أقوال رئيس الوزراء و وتثبت أن [[البنا]]] كان موفقا فى عمله وحريصا عليه وزاد ضغط النواب المؤيدين للحكومة على رئيس الوزراء بعد أن ضاقوا بانتشار نفوذ [[الإخوان]] فى الوجه القبلى.
ويطلب الشيخ إلى النحاس أن " يطهر  حزبه من الشيوعيين ومن شبابه المفتونين"!


ورأوا إبعاد [[البنا]] عن صعيد [[مصر]].
وقال [[المرشد العام]]:" الوفد خارج الحكم يعتبر [[الإنجليز]] أعداء [[الإسلام]] والأمة, بل أعداء الشرق كله يجب محاربتهم فإذا تولى الحكم نسى ما كان يدعو إليه ف[[الإنجليز]] هم الحلفاء المخلصون"!


وفى مذكرات هيكل باشا وصف لهذا كله.'''قال هيكل باشا'''
وكتبت صحيفة ": صحف الوفد تفيض إباحية وفجورا وأن على الوفديين أن يحددوا إسلامهم فهم فى تصرفاتهم خصم للإسلام . وحرب على تقاليده وتشريعه وأن الوفديين طابور خامس فى [[مصر]]. والنحاس , بعد 4 [[فبراير]] كان متعاونا تعاونا كاملا مع [[الإنجليز]]".


''أدى نقل [[البنا]]] إلى مالم يؤد إليه نقل مدرس غيره'''
وقاد [[البنا]] مظاهرة مؤيدة للنقراشى. فى الليلة  السابقة على سفر النقراشى إلى واشنطن سئل رئيس الوزراء .


جاءنى غير واحد من النواب الدستوريين يخاطبنى فى إعادته إلى [[القاهرة]] ويرجونى فى ذلك بالحاح.
-ألا ترى اضطراب الأمن أثناء غيابك؟


ولما لم أقبل هذا الرجاء هب هؤلاء النواب إلى رئيس الحزب [[عبد العزيز فهمى]] باشا وطلبوا إليه أن يخاطبني فى الأمر.وخاطبنى الرجل فذكرت له أن حسين باشا هو الذى طلب نقل الشيخ بحجة أن له نشاطا سياسيا, وأن النشاط السياسى محرم على رجال التعليم, كما أن محرم على غيرهم من الموظفين , ولا مانع عندى من إعادة الرجل إلى مدرسة المحمدية ب[[القاهرة]].
قال – لن تحدث متاعب إلا من الشيوعيين:


خاطب عبد العزيز باشا رئيس الوزراء فى الأمر وذكر له إلحاح طائفة من النواب الدستوريين ذوى المكانة.
قيل له :


أبدى لى سرى باشا أنه لا يرى مانعا من إعادة الرجل إلى [[القاهرة]] فأعدته".
والوفد؟


وكان من الصعب على سرى باشا أن يغضب أحد الحزبين المؤلفين فى الوزارة ويركن غلى نوابهما فى تأييد استمراره فى الحكم وخشى سرى أن يزداد ضغط النواب جسامة فأراد اتقاء ما قد يجر إليه.
قال:


وهكذا عاد [[البنا]]] إلى [[القاهرة]] فى [[يونيو]] من العام  نفسه.
لا يسعى الوفد إلى مزيد من عداء الملك له.


ويقول السفير البريطانى  السير مايلز لامسون إن القصر الملكى بدأ يجد فى [[الإخوان]] أداة مفيدة . وإن الملك أصدر بنفسه أوامر لمديرى الأقاليم محافظين بعدم التدخل فى أنشطة [[الإخوان]]" الذين يعلمون بلا أطماع شخصية لرفاهية البلاد".
قبل له:


'''وقال السفير :'''
و[[الإخوان]]؟


لاشك" أن [[الجماعة]] استفادت كثيرا من محاباة القصر لها. كما نالت التأييد المادى والمعنوى من العصبة المعادية لبريطانيا التى يرأسها [[على ماهر]]".
قال: " لقد ألقيت الرعب فى قلب [[البنا]].


وعلى أية حال فن نتيجة قرار النقل والعدول عنه أفادت [[البنا]]] كما يقول هيكل باشا فإن تراجع رئيس الوزراء " أشعر الشيخ حسن بأن له من القوة ما يسمح بمضاعفة نشاطه من غير  أن يخشى مغبة ذلك النشاط, وأن هذا الشعور كان له أثره فى تطوير [[الإخوان المسلمين]].
ويكتب جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن" ويؤكد [[الإخوان]] تأييدهم للحكومة وربما يكون السبب ناشئا عن الحرب


وقوبلت عودة الشيخ [[البنا]]] للقاهرة بالحفاوة والترحيب مما يدل على الشعبية المتزايدة للجمعية ومرشدها العام.ولكن [[أحمد حسين]] زعيم [[مصر الفتاة]] لم يعجبه ذلك.
السائدة بين [[الإخوان]] والوفد . والصحابة  المحلية تزعم ان السبب الحقيقى يرجع إلى المبلغ الضخم الذى دفعه النقراشى باشا ل[[البنا]] من ال[[مصر]]وفات السرية ويبدو واضحا أن هذا المبلغ دفع فعلا وقد أحدث تأثيرا لدى قادة [[الإخوان]]"! وتكلم النقراشى فى مجلس الأمن 6 مرات أخرى مفتدا حجج بريطانيا فقال عن [[السودان]]:


قال :" فى الوقت الذى يفصل فيه بعض الموظفين فإن [[البنا]] كموظف لم تفعل الكومة معه إلا نقله من [[القاهرة]] إلى [[قنا]] ثم ما لبث أ، أعادته مرة أخرى بعد فترة  غير طويلة فهو ينال عطف الحكومات على التوالى فضلا عن تلك الإعانات التى تقدمها الحكومة وهيئاتها للجماعة".
" العلاقات بين السكان الذين يقطنون شطرى وادى النيل مسألة داخلية فى بل أهلية.


'''جاءت المواجهة الثانية بين سرى و[[البنا]]] بعد شهور'''
إن الأمر سيعالجه المصريون و[[السودان]]يون لا أن يتحدث عنهم لسان حكومة أجنبية فى لندن النائية".
واتهم بريطانيا بالقرصنة قائلا:


طلبت السلطات البريطانية من سرى باشا اعتقال [[البنا]] و[[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]].
" فقدت معاهدة [[1936]] قوتها وحيويتها وأخرستها الحوادث ولم يعد صداها إلا كصدى الاشباح وظلت أثرا من آثار أيام القرصنة التى يجه العالم فى نسيانها.


وكان السبب فى لذلك تقارير المخابرات البريطانية التى أجمعت على أن [[الإخوان]] " يقومون بدعايات مضادة للإنجليز, ويخطبون ضد [[الإنجليز]] فى اجتماعات شعبية ويجمعون معلومات عن تحركات القوات البريطانية ويجرون اتصالات مع موظفى السكك الحديدية ومع العاملين فى المستودعات والمعسكرات البريطانية".
أوفد [[الإخوان]] واحدا من أبرز شبابهم – [[مصطفي مؤمن]] – إلى مجلس الأمن مرافقا للوفد المصرى وللدعاية للقضية المصرية فى الولايات المتحدة وفى الأمم المتحدة.


وقالت هذه التقارير:
وقع يوم 22 من [[أغسطس]] 1947 حادثان فى نيويورك و[[القاهرة]] فى نيويورك أثناء اجتماع مجلس الأمن وبعد خطاب النقراشى ألقى [[مصطفي مؤمن]] خطبة ملتهبة  من شرفة الزوار وأشهر وثيقة موقعة بدماء الطلاب تستنكر المفاوضات وتطالب بالجلاء التام وبوحدة وادى النيل.


" هناك شكوك فى أن [[الإخوان]] يخططون للقيام بعملية تخريبية شاملة ضد المنشآت الحيوية وشبكة الاتصالات البريطانية"
طرد من قاعة المناقشة فنظم مظاهرة خارج مبنى الأمم المتحدة كما طرد أحمد كامل قطب ممثل [[الإخوان]] أيضا لأنه كرر ما فعله [[مصطفي مؤمن]] داخل قاعة مجلس الأمن.


ورغم أن [[الإنجليز]] لم يكونوا على يقين كامل بأن [[الإخوان]] يعدون خطط تخريبية إلا أن تقارير المخابرات سببت للسفارة قلقا كبيرا دعاها لأن تطلب  من [[حسين سرى]] اعتقال [[البنا]]] و[[أحمد السكرى]] و[[عبد الحليم عابدين]] فاعتقلتهم الحكومة فى 16 من [[أكتوبر]] عام [[1941]] فى معتقل الزيتون ب[[القاهرة]].
وفى [[القاهرة]] أيد [[الإخوان]] خطاب النقراشى فى مجلس الأمن ونشروه كاملا ونظم شيخ [[البنا]] مظاهرة فى [[الأزهر]] بعد صلاة لتأكيد وقوف [[مصر]] وراء النقراشى وتأييد فى مجلس الأمن.
تقدم المظاهرة المرشد


وكانت هذه أول مرة يعتقلون فيها. وتم ذلك وسط الحرب والأحكام العرفية وسيطرة [[الإنجليز]] على كل شئ  فى [[مصر]], مما لا يعطى أملا للمرشد ووكيل [[الجماعة]] فى إفراج قريب!
العام يهتف بسقوط معاهدة [[1936]] واتجه المتظاهرون إلى قصر عابدين ووقع بينهم وبين رجال الشرطة صدام حاد وأطلق رجال الشرطة النار على المتظاهرين .


قال [[حامد جودة]] وزير التموين ل[[فهمى أبو غدير]] المحامى وعضو [[الجماعة]] إن [[البنا]]] اعتقل بتهمة العمالة للمحور.
أصيب [[البنا]] وأسفرت المظاهرات عن مصرع ثلاثة وإصابة كثيرين ورغم ذلك كتبت السفارة البريطانية إلى لندن تقول:


أوقف سرى باشا صحف [[الإخوان]] " التعارف " و"الشعاع" الأسبوعية و" المنار" الشهرية وأغلق مطبعتهم وحظر اجتماعاتهم ومنع الصحف من نشر أنباء عن [[الإخوان المسلمين]] واجتماعاتهم.
" يسود اعتقاد شائع بأن الحكومة تغاضت بل شجعت هذه المظاهرة الخطيرة".


ولكن, تحرك كثيرون مرة أخرى للدفاع عن [[البنا]]] وبينهم توفيق دوس باشا مسيحى ونائب منفلوط ووزير المواصلات السابق الذى قدم استجوابا إلى مجلس النواب بشأن اعتقال [[البنا]] وانهالت العرائض والالتماسات على الملك ورئيس الوزراء تطالب بالإفراج عن الشيخ.
وتكررت المظاهرات فى اليومين التالين ولكن رجال الشرطة نجحوا فى تفريقها دون وقوع حوادث خطيرة.


واعتصم الطلاب فى مسجد السلطان حسن ب[[القاهرة]].
وفى [[الإسكندرية]] نظم بعض عمال النسيج مظاهرة أخرى كما جرت مظاهرات أخرى فى طنطا وبورسعيد.


وفى 12 من [[نوفمبر]] ألقت الشرطة القبض  على 16  طالبا كانوا يحاولون تنظيم اجتماع للاحتجاج على اعتقال زعيم [[الجماعة]].
واجتمعت فى مقر الشبان المسلمين يوم 24 من [[أغسطس]] عدة منظمات – بينها [[الإخوان]] – وقررت الدعوة إلى إضراب عام ومظاهرات سلمية , يوم 26 من [[أغسطس]] بمناسبة ذكرى توقيع معاهدة [[1936]].


أصاب الرعب سرى باشا فقرر إطلاق سراح زعماء [[الإخوان]] فى اليوم التالى روى [[فتحي رضوان]] المحامى ورئيس اللجنة العليا للحزب الوطنى الذى كان مع [[البنا]] فى المعتقل . قال:
وتكتب السفارة البريطانية إلى لندن بأن " [[البنا]] يحاول إقناع الزعماء السياسيين بالضغط على النقراشى ليعلن فى مجلس الأمن أن المعاهدة أصبحت باطلة ولا غية".


"ذات يوم. رأينا باب المعتقل يفتح وسيارة ضخمة من سيارات الوزراء تدخل إلى حديقة المعتقل.
خشى [[الإنجليز]] تدهور الأمن فاجتمع الوزير البريطانى المفوض بوكيل وزارة الخارجية المصرية وطلب منه نقل  رسالة عاجلة إلى رئيس الوزراء بالنيابة بأن الحكومة المصرية ستكون مسئولة  عن العواقب التى يترتب على أية اضطرابات إذا سمحت بالمظاهرات والإضراب أو وافقت على عقد اجتماع جماهيرى وقال الوزير البريطانى لزميله القائم بالأعمال الأمريكى:


وسمعنا أن لقادم فى السيارة محمد [[حامد جودة]] وزير التموين وسكرتير الحزب السعدى وفى وزارة [[حسين سرى]] باشا.
قادة [[الإخوان المسلمين]] والشبان المسلمين و[[مصر]] الفتاة فى ظمأ إلى الثورة والمجد!


ورأينا [[البنا]] يدعى إلى النزول إلى مكتب مدير المعتقل حيث اختلى بالوزير الذى جاء ليفاوض [[المرشد العام]] فى المسائل التى وقع فيها الخلف بين [[الإخوان]] والحكومة.
رأى الوزير أن بريطانيا يمكن أن تستغل المظاهرات فتعلن لمجلس الأمن أن اضطراب الأحوال فى [[مصر]] يحتم بقاء القوات البريطانية فاستدعى أحمد خشبة باشا – القائم بأعمال رئيس  الوزراء – [[البنا]] و[[أحمد حسين]] وغيرهما من الشخصيات وأقنعهم بالتخلى عن المظاهرات.


ويبدو أن المفاوضات أثمرت الإفراج عن الأستاذ المرشد".
وأذاع أحمد خشبة باشا نداء دعا فيه إلى التزام الهدوء وضبط النفس للصالح القومى . وقال إن ممثلى المنظمات المختلفة سحبوا دعوتهم للقيام بإضراب ومظاهرات.


وهكذا صدر قرار الإفراج عن [[البنا]]] فى 13 من [[نوفمبر]] أى بعد أقل من شهر سأل الشيخ [[البنا]]] قائد المعتقل:
قال السفير البريطانى:


هل شمل قرار الإفراج كلا من [[أحمد السكرى]] و[[عبد الحليم عابدين]] وكيل [[الجماعة]] وسكرتيرها العام؟
" تردد أن [[البنا]] مستاء  من عدم تشجيع الحكومة لمظاهر التعبير عن المشاعر الوطنية"ز
وقال السفير:


أجاب القائد بالنفى فرفض الشيخ [[البنا]]] الخروج أو النجاة بنفسه قال:
" [[الإخوان المسلمون]] والشبان المسلمون أعطوا اتجاها دينيا للحملات المعادية للبريطانيين"
ويلتقى [[البنا]] بفيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية يوم 29 من [[أغسطس]] 1947 . وايرلاند رجال السفارة وهو يتصل بكل المسئولين وكل رجال [[السياسة]] . فى [[مصر]]!
قال [[المرشد العام]]:


كيف أخرج وأترك زملائى
- أمريكا أظهرت خصومتها ل[[مصر]] بتأييد موقف بريطانيا فى مجلس الأمن وذلك ليس جديدا أو فريدا. وفى [[مصر]] سخط عام ضد أمريكا.أشار ايرلاند إلى المظاهرات التى جرت فى [[مصر]] فقال الشيخ :لن يكون هناك مزيد نم الاضطرابات وبوسعى بدؤها وإنهاؤها .


قام القائد باتصالات كثيرة مع المسئولين ثم أعطى وعدا للشيخ باستصدار قرار الإفراج عنهما فخرج [[البنا]] آسفا.
- قال ايرلاند: من المشكوك فيه أن تتمكن من إنهاء الفتنة بعد اشتعالها.


وفى تقرير المخابرات الحربية البريطانية أن " حكومة [[حسين سرى]] اعتقال [[البنا]] ضمن آخرين ولكنها أطلقت سراحه فورا بسبب الضغوط عليها"
- قال الشيخ:


سأل السفير البريطانى سرى باشا عن سبب الإفراج عن [[البنا]] رغم السفير نفسه الذى أصر على الاعتقال.
- زاد [[الإخوان]] قوة ونفوذا فى الشهور الأخيرة بعد أن انضم إليهم المنشقون عن الوفد. وأصبح عدد [[الإخوان]] 600 ألف . وتوجد مجموعة عمل يتراوح أعضاؤها بين 25 و30 ألفا من الجوالة وهم منظمون تنظيما عسكريا ويتلقون تدريبا عسكريا إجباريا مستخدمين أية أسلحة أو معدات يمكن الحصول عليها .
أجاب رئيس الوزراء:
رد ايرلاند:


إن افتتاح البرلمان سيجرى بعد يومين ز ولا أستطيع ضمان النظام والأمن ذلك اليوم إذا استمر اعتقال [[البنا]] وزميليه.
فى مناسبات عديدة اتصل أعضاء من [[الجماعة]] بمكتب الملحق العسكرى الأمريكى طلبا لكتيبات تتعلق بالأسلحة الصغيرة والتدريب العسكرى .


ولو كان الملك هو الذى تدخل للإفراج عن المرشد لعام لكان  [[حسين سرى]] قد أبلغ [[الإنجليز]] أو حرص على نشر ذلك بوسائل متعددة, خاصة وأنه أفشى سر الإعتقال وأعلن أنه تم بناء على اقتراح السفير البريطانى.
ويعلق جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى على ذلك قائلا:
"لا شك فى قدرة [[البنا]] على تحريك المظاهرات وتصريحاته الملتهبة تبين استعداده الواضح للمتاعب فى المستقبل.


قال [[حامد جودة]] ل[[فهمى أبو غدير]] , إن وساطته نجحت فى الإفراج عن الشيخ لأن الاتهام يقوم على الظن والهوى.
ولا يجب إغفال أهمية [[الإخوان]] فى أى حوار سياسى حول [[مصر]]. لما هو معروف عن تنظميهم فقد زادوا قوة ونفوذا فى الشهور الأخيرة ووضح من حديث الشيخ أنه يؤيد  فى الوقت الحاضر على الأقل سياسة النقراشى.
ونظرا لسجله الماضى الحافل بالانتهازية يمكن أن نستنتج أنه سيواصل تأييده لهذه [[السياسة]] مادام ذلك يناسبه شخصيا"


استمر [[الإخوان]] والمنظمات الأخرى عد الوفد فى تأييد النقراشى ودعا ممثلوها [[صالح حرب]] باشا و[[البنا]] و[[أحمد حسين]] سفراء الصين وفرنسا وأمريكا غلى تأييد [[مصر]] فى مجلس الأمن.
وألمح ممثلوها للسفارة الفرنسية ضمنا وفى تهديد مقنع بان مصالح فرنسا فى [[مصر]] قد تتأثر إذا واصلت تأييدها لبريطانيا فى مجلس الأمن.


وقالت الصحف إن السعديين اشتروا الشيخ [[البنا]]] وجماعته بالإفراج عنه وقيل إن السعديين رغبوا فى استغلال الإفراج عن [[المرشد العام]] لمصلحتهم وهكذا ألقى المسئولون جميعا تبعة الاعتقال على [[الإنجليز]] ونسبوا لأنفسهم فضل الإفراج.
كتبت السفارة البريطانية غلى لندن:


إذا كان [[البنا]]] قد أفاد من نقله إلى [[قنا]] وعودته السريعة إلى [[القاهرة]] فإن اعتقال ه انفصل عنه [[أحمد ماهر]] و[[محمود فهمى النقراشي]] – الرجلان اللذان توليا فيما بعد رئاسة الوزارة – وأحس الشيخ [[البنا]]] بأن [[الجماعة]] يجب أن تمارس دورها السياسى.
" يعد [[البنا]] لإثارة الاضطرابات فى أنحاء متعددة نم البلاد فى حالة فشل القضية المصرية أمام مجلس الأمن . وينتاب [[المرشد العام]] سخط كبير على قرار الحكومة المصرية  بمنع المظاهرات ويعتبر أن الحكومة المصرية تلعب بهذا العمل لعبة أعداء [[مصر]].


فى [[مايو]] عام 38 بدأت [[الجماعة]] اشتغالها العلنى ب[[السياسة]] مع صدور العدد الأول من مجلتها الأسبوعية " النذير" وبعد أن بلغ عدد الشعب ثلثمائة شعبة
ودعا الشعب المصرى للاستعداد لبدء الجهاد إذا أصدر مجلس الأمن قراره ضد [[مصر]].


فى هذا العدد وقع [[البنا]] مقاله باسم " [[البنا]] المدرس بوزارة المعارف العمومية و[[المرشد العام]] [[للإخوان المسلمين]]"
ويلقى [[البنا]] فى هذا الصدد قويا من [[صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين.


وفى هذا التوقيع وحده دلالة على أنه يرى أن عمله كمدرس أهم من منصب [[المرشد العام]] [[للإخوان]]!
ويعمل الرجلان بنشاط لتنظيم الشعب المصرى لقيام بأعمال العنف ويبدو مستبعدا فى الوقت الحاضر أن تتورط [[الجماعة]] فى أية نشاطات تخالف بصورة مباشرة الحكومة الحالية , وينطبق ذلك بالنسبة لحزب [[مصر]] الفتاة ولكن بصورة اقل.


كان عنوان المقال" خطوتنا الثانية إلى الأمام دائما الدعوة الخاصة بعد الدعوة العامة . أيها [[الإخوان]] تجهزوا".
ودارت مناقشات مستفيضة حول شن حرب عصابات ضد القوات البريطانية فى دوائر جماعة [[الإخوان المسلمين]] والشبان المسلمين .  


فى هذا المقال [[البنا]]]" إن دعوة [[الإخوان]] بدأت منذ عشر سنين.. وكانت [[مصر]] يوم  أن نبتت هذه الدعوة المجددة لا تملك من أمر نفسها قليلا ولا كثيرا  يحكمها الغاضبون".
و[[الإخوان المسلمون]] مسلحون تسليحا جيدا وكتائب الجوالة التابعة لهم جيدة التدريب – ويمكن للجماعة أن تستخدمها إذا قررت الالتجاء غلى حرب العصابات ولكن الموقف حتى هذه اللحظة لا ينبئ بوجود أى شئ خلف الفكرة العامة وعلاوة على ذلك أعلنت لجنة تحرير النيل تشكيل " كتائب للتحرير" فى جميع أنحاء [[مصر]] وبدأت تدريب أعضائها على استخدام الأسلحة.


" أصبح [[للإخوان]] دار فى كل مكان ودعوة على كل لسان, وأكثر من ثلثمائه  شعبة وقد حان وقت العمل وآن أوان الجد. ولم يعد هناك مجال للإبطاء فإن الخطط توضع والمناهج تطبق وكلها لا يؤدى إلى غاية ولا ينتج ثمرة والزعماء حائرون والقادة متذبذبون متأرجحون.
ويقال إن هذه الكتائب تتلقى التدريب على أيدى ضباط من الجيش والشرطة.


ستنتقل من حيز دعوة العامة فقط إلى حيز دعوة الخاصة أيضا , ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال وستتوجه إلى المسئولين من قادة البلد ووزرائه وحكامه وشيوخه ونوابه وهيئاته وأحزابه وسندعوهم إلى منهاجنا".
ووجهت اللجنة نداء إلى الشباب المصرى للانضمام إلى هذه الوحدات شبه العسكرية.


وقال:
ولكن السفارة ترى أن قوة [[الإخوان]] تتركز فى معارضة الوفد بشدة مما يضمن للجماعة قدرا من التأييد وتسامح الحكومة والقصر معهم".


" إلى الآن  أيها [[الإخوان]] لم تخاصموا حزبا  وهيئة كما أنكم لم تنضموا إليهم ولقد تقول الناس عليكم فمن إنكم وفديون نحاسيون, ومن قائل إنكم سعديون ماهريون,ومن قائل أنكم أحرار دستوريون. ومن قائل أنكم ب[[الحزب الوطني]] متصلون, ومن قائل أنكم إلى [[مصر الفتاة]] تنتسبون"
ومن هذا كله يتضح – طبقا لما تقوله السفارة – أن [[الجماعة]] ترتبط بخيوط مع الحكومة . وبتوجيه الشيخ [[البنا]] للقاء الأمير محمد على ولى العهد.


إنكم من كل ذلك بريئون". وحدد برنامجه فقال"
قال [[المرشد العام]]:


" كان موقفكم أيها [[الإخوان]] سليبا فيما مضى أما اليوم فى هذه الخطوة الجديدة فستخاصمون هؤلاء جميعا , فى الحكم وخارجه خصومه شديدة".
أريد مخلصا تجنب الاضطرابات الداخلية.


ولكن [[الإخوان]] الذين أعلنوا أنهم يخاصمون [[الأحزاب]] كلها تركوا الملك فقال [[البنا]] فى ختام مقاله:
وينقل ولى العهد ذلك إلى جميس بوكر القائم بأعمال السفير البريطانى قائلا : لا يمكن الوثوق ب[[البنا]] فى ذلك ولكن سياسته تبدو – فى الوقت الحاضر – هادفة إلى تحقيق أثر مهدئ على العناصر المثيرة للإزعاج.
" إن لنا فى جلة الملك المسلم أيده الله أملا محققا, وفى الشعب المصرى الذى صقلته الحوادث ونبهته التجارب ومعه الشعوب الإسلامية المتآخية بعقيدة [[الإسلام]] , نظرا صادقا".
قدمت لمجلس الأمن 3 مشروعات :


ومن العدد الأول [[مجلة النذير" وخلال سبعة شهور يهاجم [[الإخوان]] معاهدة [[1936]].
الأول : من لبرازيل باستئناف المفاوضات بين [[مصر]] وبريطانيا وفى حالة فشل المفاوضات تتبع الوسائل السلمية الأخرى محل النزاع . وقد أيديت الولايات المتحدة هذا المشروع.


قالوا: " أنها غل فى عنق [[مصر]]. فرضت عليها قيودا ثقيلة غليظة تنوء بحملها الجبال وقبلها المفاوضون المصريون لظروف خاصة".
الثانى: من كولومبيا ويقول بأن جلاء القوات البريطانية رهن باتفاق بين [[مصر]] وبريطانيا لتأمين حرية الملاحة فى قناة [[السويس]].


ودعت [[الجماعة]] إلى " عدم بناء ثكنات لقوات جيش الاحتلال والضغط على انجلترا لتعديل المعاهدة أو إعلان الجهاد"
الثالث: من الصين ولا يختلف كثيرا عن المشروع البرازيلى وايدت المشروعات الثلاثة استئناف المفاوضات .
امتنعت لولايات المتحدة عن تقديم أية مبادرة إلى مجلس الأمن وأيدت بريطانيا تأييدا كاملا.


ويهاجم [[صالح عشماوى]] الوكيل العام للجماعة فى [[يوليو]] [[محمد محمود]] باشا رئيس وزراء [[مصر]] فى مقال عنوانه" يا [[مصر]]  حطمى أصنامك وطهرى ديارك للصالحين" قال فيه:
وامتنع الاتحاد السوفيتى وبولندا عن التصويت على أى  مشروع قرار لا يتضمن صراحة الجلاء الكامل عن [[مصر]] , وإن احتفظا برأيهما بالنسبة للسودان.


" زعماء [[مصر]] لا يملكون نفعا ولا ضرا: يستفيدون ولا يفيدون.
أما بريطانيا فعارضت أى قرار ينتقدها , وأصرت على أن معاهدة [[1936]] سارية حتى يعاد النظر فيها باتفاق الطرفين , أى باتفاق بينها وبين [[مصر]].


نحن نعبد أصناما في شكل زعماء وأصنام اليوم  يمتصون دماء الأمة. ويستأثرون بخيراتها يخدعونها ويغررون بها.
ولم يحصل أى من المشروعات الثلاثة على الأصوات السبعة المطلوبة ليصبح قرارا.


هؤلاء الزعماء جميعا ومن ورائهم أحزابهم. ليس لهم إلا برنامج واحد يتلخص فى كلمة ورادة هى الحكم".
واكتفى خمسة أعضاء بينهم  الولايات المتحدة بإعلان أن [[مصر]] لم تقدم دليلا على أن الصراع بين البلدين يشكل خطرا للسلام العالمى وبذلك فإن مجلس الأمن ليس ملزما باتخاذ قرار.


ويصف الكاتب رئيس الوزراء بأنه " قبل أن يرتدى الرياسة خلع عصبيته للإسلام وما كاد يجلس على كرسى الحكم حتى تنكر لأمال المسلمين. وفاز بثقة [[الإنجليز]]".
ورفضت الدول الخمس أى قرار بالجلاء  بل أرادوا قرار متوازنا يشير إلى أن استئناف المفاوضات سيؤدى إلى جلاء جنود بريطانيا العاجل عن [[مصر]].


ويرفض الشيخ [[البنا]]] دخول [[الإخوان]] فى معركة مع خصوم [[الجماعة]] والمنشقين عليها أكثر من عشر سنوات قائلا:
دعا الشيخ [[البنا]] الشعب غلى ترك العمل والذهاب إلى المساجد فى ذات الساعة التى تعرض فيها قضية [[مصر]] أمام مجلس الأمن للدعاء لها بالنجاح وأن يلهم الله مجلس الأمن التوفيق والسداد.


" الخلاف لا يكون حائلا دون ارتباط القلوب . وتبادل الحب , والتعاون فى الخير".
وخطب النقراشى مرتين فى الجلسة الختامية لمجلس الأمن يوم 10 من [[سبتمبر]] قال ط إن [[مصر]] ظلت فريسة العدوان خمسة وستين عاما . وكل ما تطلبه أن تعطى حقها الطبيعى". ولكن مجلس الأمن لا يلهم التوفيق أو الرشاد بالنسبة ل[[مصر]]!


بل إن تجنب المعارك والصدام ظل شعار [[المرشد العام]] سنوات طوالا وتعترف السفارة البريطانية بأنها " لم تتنبأ بأهمية [[الإخوان]] والدور الذى سيعلونه فى المستقبل".
لم يستطع المجلس إلى قرار فى أى من المشروعات الثلاثة وانفض فى المساء  بعد اجتماعات استمرت 35 يوما دون اتخاذ قرار فى الموضوع وأجل القضية لأل غير مسمى مع الاحتفاظ بالنزاع المصرى – البريطانى فى جدول الأعمال . وقامت المظاهرات فى [[مصر]] فى اليوم ذاته ضد بريطانيا احتجاجا.


ولكن [[الجماعة]] رغم ذلك استطاعت أن تكون فى وقت واحد حزبا سياسيا وجمعية دينية ورابطة اجتماعية وهيئة خيرية.
اعترض المسئولون فى وزارة الخارجية الأمريكية على سياسة بريطانيا فى [[مصر]].. وكان من بين المعارضين لهذه [[السياسة]] لوى هندرسون مدير إدارة افريقيا والشرق الأدنى وجوردون ميريام رئيس قسم الشرق الأدنى والوزير الأمريكى المفوض فى [[مصر]] بنكتى تاك .  


أما السر الكبير لنجاح الحركة فهو أنه توارى عن أنظار [[الإنجليز]] الذين يختلون [[مصر]] فلم يفطنوا إليه وإلى أهدافه زمنا طويلا.
وابلغ  هندرسون ذلك إلى السفارة البريطانية فى واشنطن. وكتب مذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكية قال فيها:


عندما قام شباب [[مصر الفتاة]] بالهجوم على حانات الخمر فى [[القاهرة]] أعلن [[البنا]] فى " النذير" إن" [[الإخوان]] لا يوافقون على مسلك [[مصر الفتاة]] باعتبار أنه تحد للقانون".
" وجود القوات البريطانية فى [[مصر]] يسمم – وبسرعة – مناخ منطقة الشرق الأوسط والأدنى كلها.
وإذا لم يتم الإعلان فى المستقبل القريب عن أنه سيتم سحب هذه القوات دون شرط فإن علاقات العالم العربى مع الدول الغربية ربما تتعرض لضرر بالغ خلال سنوات عديدة قادمة ".


'''قال تقرير للمخابرات البريطانية'''
ويوجه مساعده جوردن ميريام نقدا يفكر بيفن أيضا  فى نقل القاعدة البريطانية من [[مصر]] إلى برقة – فى ليبيا – مع بقاء القوات البريطانية فى [[مصر]] حتى يتم ضمان القاعدة البديلة!ويزور النقراشى واشنطن ويلتقى بجورج مارشال وزير الخارجية والرئيس ترومان.


" خلال السنوات الثمانى الأولى أى منذ عام [[1928]] حتى عام [[1936]] لم تخط حركة [[الإخوان]] باهتمام سلطات الأمن البريطانية"!
قال النقراشى للوزير الأمريكى:


'''وكان الفضل فى ذلك للشيخ [[البنا]]]"'
الدين الإسلامى يتعارض مع [[الشيوعية]] ولكن استمرار بقاء القوات البريطانية فى [[مصر]] يثير استياء ويوفر أرضا خصبة للتسلل الشيوعى وقال النقراشى:


تولى [[على ماهر]] رئاسة الوزارة يوم 18 من [[أغسطس]] عام [[1939]] فشكل وزارته من 14 وزيرا.
إذا لم تعامل الولايات المتحدة [[مصر]] على قدم  المساواة وباعتبارها دولة مستقلة فإن التأييد المصرى للدول [[الديمقراطية]] لن يكون متوقعا.


ضمت الوزارة 9 من المستقلين وخمسة من السعديين وامتنع حزب الأحرار الدستوريين عن الاشراك فيها.
أعرب مارشال عن سروره الشخصى للاجتماع برئيس وزراء [[مصر]] ولكن أحدا من الرجلين لم ينجح فى اختراق تحفظ الآخر فقد بقيا متباعدين .. كما قال مارشال وهو يصف نتيجة الاجتماع.


دخل الوزارة رجلان عرفا بعدائهما الشديد للإنجليز. وهما [[محمد صالح حرب]] باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين وزيرا للدفاع. و[[عبد الرحمن عزام]] باشا وزيرا للشئون الاجتماعية وقد أصبح فيما أمينا عاما للجامعة العربية.
ويطلب النقراشى من الأمريكية مساعدة اقتصادية وقرضا قدره 80 مليون دولار وشراء القطن المصرى طويل التيلة وبعثة عسكرية أمريكية لتطوير الجيش  والطيران المصرى وتدريب المصريين فى أمريكا, وتشغيل المطارات العسكرية والمدنية وإقامة مصانع للأسلحة الصغيرة والذخيرة ز ولكن خاب أمل النقراشى فى الولايات المتحدة.


كان [[على ماهر]] باشا أول رئيس للوزراء فى [[مصر]] اكتشف أهمية [[الجماعة]] وأراد اجتذاب هذه الحركة الإسلامية لنفسه وللملك!
قال له الأمريكيون: لا بوجود قانون أمريكى لتقديم مثل هذه المعونة. فلما ألح النقراشى اعترفوا بأن الكونجرس يدرس قانونا للبعثات العسكرية ولكن أى برنامج للقوات المسلحة المصرية يحتاج إلى صناعة مصرية لتدعيمه.


وكان [[الإخوان]] على صلة ب[[على ماهر]] منذ عام [[1937]] عندما سافر إلى لندن لحضور مؤتمر المائدة المستديرة الذى يبحث قضية [[فلسطين]].
وقالوا له :


قال الشيخ [[البنا]]] فى مذاكرته
إذا نشأ لدى المصريين إنطباع بأنه يمكن الحصول على مساعدة أمريكية بمجرد طلبها فإن ذلك يعتمد على التوصل إلى نهاية ناجحة للمفاوضات المصرية البريطانية.


'''ودع [[الإخوان]] [[على ماهر]] آخر وداع'''
وألقى الأمريكيون " ماء باردا " على طلب المساعدة الاقتصادية. ولم يعرف النقراشى أن السبب هو التقارب الأمريكى البريطاني وأن البريطانيين قالوا للأمريكيين:ما نريده هو التعاون معكم فى الشرق الأوسط بدلا من أن تحلوا محلنا.


وبعد حضوره ذهب وفد من [[الإخوان]] إلى المحطة لاستقباله وعلى رأسه الأستاذ [[أحمد السكرى]] وكيل [[الجماعة]]- فهتف بحياته . وأمر [[الإخوان]] أن يهتفوا بحياته كذلك . فهتف بعضهم وامتنع الآخرون.وعادوا ثائرين.
أى تحركات من جانب الولايات المتحدة فى [[مصر]] ز ستكون موضع استياء لندن.


ويبرق جاكوبس القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن فى 29 من [[أبريل]] 194 قائلا: ينظر النحاس إلى [[البنا]] باعتباره قوة يحسب لها حساب وقيل أنه منح [[الجماعة]] إعانة مالية كبيرة.
إقامة بعثة عسكرية أمريكية فى [[مصر]] بعد سنوات طويلة من النفوذ البريطانى إحراج فاس لبريطانيا قد يؤثر على العراق  والدول العربية ويقلل من النفوذ البريطانى فى المنطقة.


ومن الواضح أن [[الإخوان]] مستعدون للتعاون مع الحكومة الحالية الموجودة فى السلطة
وإذا كان  النقراشى قد أراد إغراء الأمريكيين بأن [[مصر]] ضد [[الشيوعية]] وأن عدم المجىء يساعد على انتشارها فى [[مصر]] .


ومن المشكوك فيه أن يتبع [[الإخوان]] هذه الحكومة إلى المعارضة فى حالة سقوط الوزارة
فإن [[البنا]] دون اتفاق  مع النقراشى. وبدون علمه أيضا أراد استمالة السفارة الأمريكية فى [[القاهرة]] لأن [[الإخوان]] يستطيعون مساعدة الولايات المتحدة فى مكافحة [[الشيوعية]] التى قد تنتشر فى [[مصر]].


ونشاط [[الجماعة]] المقبل غير واضح ويمكن أن نصبح مثارا للإزعاج أو حتى للخطر من زاوية طابعها الدينى المتعصب"
وكان هدف [[البنا]] . مثل النقراشى, محاولة التفرقة بين [[الإنجليز]] والأمريكيين وإقناع الولايات المتحدة بخطر [[الشيوعية]] التى قد تزحف على [[مصر]].وموقف [[الإخوان]] من [[الشيوعية]] واضح عبروا عنه فى مناسبات بأن [[الشيوعية]] والدين متناقضات قالت صحيفة " [[الإخوان]] " : [[الشيوعية]] مذهب هدام يحرض على الثورة ويعتبرها الوسيلة الوحيدة لتنفيذ أغراضه . ويسير مع هذا النظام الإلحاد والإباحية .


زاد اهتمام بريطانيا ب[[الإخوان]] . خلال الحرب بصورة لم يسبق لها مثيل منذ إنشاء [[الجماعة]].
وقال [[البنا]] فى تصريحات علنية إن الحل الوحيد لتلافى إخطار الفكر الشيوعى الوافد هو الاتجاه إلى الصناعات الكبرى  وتحديد الملكية الزراعية وزيادة الانتاج  والعودة إلى تعاليم [[الإسلام]] الحنيف. وقال إن الأساليب البوليسية لمكافحة [[الشيوعية]] لن تجدى طلب [[المرشد العام]] للمرة الثانية مقابلة فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية ب[[القاهرة]].


وكان السبب فى ذلك تجربة [[الحرب العالمية الأولي]].فى تلك الحرب التى استمرت من عام [[1914]] – حتى [[1918]] كان [[سعد زغلول]] خارج الوزارة بعد خلافة مع الخديو عباس حلمى الثانى واللورد كتشير المعتمد البريطانى فى [[مصر]].
تم اللقاء بين [[المرشد العام]] والسكرتير السفارة الأمريكية فى بيت ايرلاند وحضره محمد الحلوجى من أعضاء [[الجماعة]] والدكتور [[محمود عساف]] مدير إعلانات صحيفة [[الإخوان]].


وبعد الحرب مباشرة قام الوفد برئاسة [[سعد زغلول]] يطالب بالاستقلال وكانت ثورة [[1919]] وما جرى فيها.
احتسى المرشد زجاجة الكوكاكولا – كما قال محضر الاجتماع الذى كتبه ايرلاند – ثم قال :


وخافت بريطانيا أن تتكرر تلك الثورة فى [[مصر]] ويقوم بها [[الإخوان]] بدلا من الوفد . ف[[الإخوان]] خارج الحكم ولذلك فإن [[الجماعة]] يمكن أن تقود الثورة بعد انتهاء الحرب.. كما فعل الوفد عام [[1919]] عندما كان  معارضا و[[سعد زغلول]] خارج الوزارة وهذا هو السبب الذى دفع بريطانيا إلى متابعة [[الإخوان]] عن كثب تتعرف اتجاهاتهم.
- [[الشيوعية]] فى الشرق الأوسط خطر داهم على جميع الشعوب . و[[الإخوان المسلمون]] يحاربون [[الشيوعية]] بكل الوسائل الممكنة. ومن الطبيعة أن يترك أعضاء [[الجماعة]] عملهم الأصلى لدخول الخلايا [[الشيوعية]] للحصول على المعلومات وعندما يفعلون ذلك فنهم يتركون وظائفهم . وبذلك يفقدون مرتباتهم وإذا أمكن تعينهم على أساس أنهم محققون وباحثون فإن هذه المشكلة يسهل حلها.واقترح الشيخ [[البنا]] انشاء مكتب مستقل مشترك بين [[الإخوان]] والحكومة الأمريكية لمحاربة [[الشيوعية]].


والغريب فى أمر السفارة أنها كانت تخشى حينا أن يثور [[الإخوان]] ضد [[الإنجليز]] وضد الوفد.... وفى حين آخر تخشى أن يستغل الوفد [[الإخوان]] للثورة ضد [[الإنجليز]]!
- وفهم ايرلاند من ذلك أن تتولى الولايات المتحدة إدارة المكتب بينما يكون أعضاؤه – فى أغلب الأحيان – من [[الإخوان]].


==قالت السفارة==
- ابدى [[المرشد العام]] تحفظا واحدا. قال :  أمريكا تؤيد أهداف [[الصهيونية]] ولذلك يجب أن تكون للإخوان حرية الاعتراض على أمريكا فى هذه النقطة.


" يصبح [[الإخوان]] خطرا داهما إذا استغلتهم شخصية قوية مثل الملك. أو [[على ماهر]] أو حتى النحاس باشا
- دارت مناقشات بين ايرلاند والشيخ الذى أحس  أنه أعطى انطباعا بأنه و[[الجماعة]] اندفعوا وراء المعونات الأمريكية – كما يقول إيرلاند – فقال الشيخ :


وربما يكون الوقت فى صالح [[الإخوان]] فهم يسعون إلى تحقيق إصلاحات تربوية, واجتماعية.  
- [[الجماعة]] لا ترغب فى الحصول على سنت واحد من المال الأمريكى. وسيكون المشروع بأكمله فى يد السفارة الأمريكية ويسعد [[الإخوان]] إمداد السفارة بالأشخاص المناسبين بالقدر الذى تراه السفارة ضروريا.


وأخلاقية فى الوقت الذى فقد فيه الوفد شعبيته ببطء وسيفقدها بالتأكيد . كما اهتزت سمعة زعيم الوفد [[مصطفي النحاس]] من الاتهامات حول إساءة  استغلال نفوذه .
- رفض ايرلاند قائلا:


(.... تقصد السفارة [[الكتاب الأسود]]...)
- - لن نرحب الحكومة الأمريكية بمثل هذا العرض إن معوناتنا التقدم للمنظمات الخاصة أو المنظمات شبه العلنية . ولكنها تقدم فقط للحكومات كما هو الحال بالنسبة لليونان و[[تركيا]].
- قال [[المرشد العام]]:


وقد يأتى يوم يتصارع فيه [[الإخوان]] مع الوفد للوصول إلى الحكم طبقا لبرنامجهم. ويشكل [[الإخوان]] على المدى البعيد خطرا محتملا على الجالية الأوربية فى [[مصر]] إذا جاء يوم تتقدم فيه بريطانيا مزيدا من التنازلات إلى القومية المصرية.
- - لا أريد إجابة ولكنى أرغب فقط فى عرض الفكرة وسيجرى [[محمود عساف]] معك محادثات تفصيلية.
- ولكن..
- فى اليوم التالى نشرت صحيفة " [[الإخوان المسلمون]]" مقالا  عنوانه" أمريكا والعالم العربى".. هاجمت  فيه الولايات المتحدة الأمريكية.


ومن وجهة النظر قصيرة المدى فى زمن الحرب فقد تثور أسئلة حول ما إذا كان يتعين علينا النظر إلى [[الإخوان]] على أنهم يشكلون خطرا مباشرا.
- قال الكاتب عمر عزمى:" هذا القلم الذى بهرنى منظره واجتذبنى بهرجته فاشتريته ثم ندمت على افتتانه حسن المظهر سيئ الجوهر .. هذا القلم أمريكى. وهذه القصة أو المجلة التى أعجبنى مجلدها واستهوتنى صورها أمريكية لأنها قصة فجة بلا حبكة, ولا موضوع ولا أسلوب أدبى.


ومنذ بداية الحرب لم تتدعم مكانة الجلاء كما هى الآن. ولم تتدهور مكانة دول المحور كما هى الآن.
- وهذه ربطة العنق المتعددة الألوان الفاقعة أمريكية لأنها ذات مادة رخيصة سرعان ما يذهب طلاؤها ويتمزق نسيجها . وهذه السيارة الفارهة التى تخطف بصرك  فى الشوارع بلونها الباهر وهيكلها الفاخر , لا تلبث بعد فحص محركها إلا أن تلعن بائعها, أمريكية.


وكنا نحرص بوجه عام على عدم استعداء الرأى العام المصرى  ضدنا كما تتميز علاقاتنا بالحكومة بالتفاهم التام وقد ألمح الناس إلى أن [[البنا]] منافق .
- وهذا الشاب الوسيم ذو المنظار الذهبى الذى  يتنافى مظهره مع ما يبطن من عربدة فى الأخلاق , وجهل فى الثقافة العامة , أمريكى ولكنه تلقى فنون الاحتيال على الطريقة الأمريكية!!


وقد نفى أنه ديماجوجى مثل [[أحمد حسين]] وان طباعه وثقافته الدينية يفضل  سياسة التطور السلمى لا العنف الذى يؤدى إلى دمار [[الجماعة]], وهناك عدة أحداث تجعل [[الإخوان]] يشكلون خطرا من جديد
- وفى وسعنا أن ندرك كنه هذا الطابع وسره إذا رجعنا إلى تاريخ تكوين الولايات المتحدة الأمريكية , فالشعب الأمريكى خليط من مختلف الأجناس التى هجرت أوطانها واتخذت من أمريكا وطنا لها.وهؤلاء المهاجرون ماديون بنشأتهم , أنانيون بطبعهم لايهمهم من الحياة إلا التنقيب عن الذهب واتخاذ دولارات منه يغرون بها العالم".


( أ) إذا تدهور الموقف العسكرى بصورة خطيرة أو كانت خسائرنا ضخمة
- ويزور ايرلاند صديقا له فيجئ الشيخ [[البنا]] لزيارة ذلك الصديق وعلى الفور قال ايرلاند للشيخ:


(ب) وإذا نجح الحلفاء فى إبعاده شبح الحرب عن [[مصر]] وتركوا المجال مفتوحا أمام الصراعات السياسية المحلية فقد نواجه بمطالبة [[الإخوان المسلمين]] لنا بإنهاء النفوذ البريطانى فى [[مصر]] وجلاء قواتنا
- أشعر بالدهشة لأنك عرضت بذلك جهود مشتركة بين [[الإخوان]] والسفارة  وفى اليوم التالى مباشرة  نشر عمر عزمى مقالا فى جريدة [[الإخوان]] حمل فيه بعنف على أمريكا وسياستها ووصفها بأنها مخادعة وهاجم نزاهة الأمريكيين عامة . حاول الشيخ [[البنا]] أن يصور المقال بأنه ليست له أهمية وانه نتيجة الغضب الذى يشعر  به [[الإخوان]] تجاه أسلوب امريكا فى [[فلسطين]].
(جـ) يمكن أن يؤدى أى حادث فردى مثل الحادث الذى وقع أخيرا عندما لقى طالب مصرعه بسبب تصرفات غير مسئولة للجنود البريطانيين, فتثور المشاعر . وتتحرك المظاهرات المعادية لبريطانيا ويشترك فيها [[الإخوان]].


ورغم ذلك أحسن [[الإخوان]] التصرف فى هذا الحادث بصورة تدعو إلى التقدير.
- أترك مثل هذه الأمور لرئيس تحرير الصحيفة وربما سيحل محله شخص آخر وآمل ألا يؤثر الحادث على اقتراحاتى.


ويجب علينا فى جميع هذه الحالات أن نأخذ فى اعتبارنا احتمالا هاما. وهو أن [[الجماعة]] قد تمتنع ككل عن الاشتراك فى الاضطرابات الآن إلا أن المتطرفين من أعضائها وهم يشكلون جزءا لا يستهان به قد يقدمون من تلقاء أنفسهم بأعمال تخريب خطيرة.
- قال ايرلاند:


وأخيرا عندما ندرس أهمية تأمين المستقبل بالنسبة [[للإخوان]] يصبح من قليل التسرع أن نتجاهل تماما ثورة عام [[1919]] ويصبح من قبيل التسرع أيضا أن نهتم بها أكثر مما يجب.
- من الصعب اتخاذ إجراءات عملية !


زمن ثم فالمصريون جميعا يحركهم السخط على الاحتلال العسكرى الذى دام 4 سنوات لم تنل أمانيهم القومية خلالها أى قدر من الاهتمام بل تعرضت حرياتهم الشخصية وممتلكاتهم ومشاعرهم للامتهان.
- وتوجه [[محمود عساف]] ومحمود الحلوجى – بعد ذلك – لمقابلة ايرلاند وبحثا معه تفصيلات إنشاء مكتب لمكافحة [[الشيوعية]] ولكن ايرلاند أبلغهما بأن هناك أملا ضئيلا فى تنفيذ المشروع.


وشهدت البلاد ارتفاعا فى أسعار القطن جعل الفرحين مهيئين للإستجابة إلى دعايات الأفراد المعادين لبريطانيا فى المدن. ولكن عادت الأوضاع ما هى عليه مع حدوث انخفاض فى أسعار القطن.
ويفشل [[البنا]] فى الاجتماع بإبراهيم عبد الهادى باشا رئيس الديوان  ولكنه يلتقى بأحمد خشبة باشا رئيس الوزراء بالنيابة ليدعوه إلى تنسيق النضال المشترك . وافق خشبة ولكنه طلب من [[المرشد العام]] الانتظار حتى يعود النقراشى باشا من مجلس الأمن.


ومن ناحية نجد أن البلاد تديرها حكومة من اختيار أبنائها تقريبا أى حكومة الوفد وعلى الرغم من نقص المواد التموينية فإن معاناة الشعب قليلة نسبيا ورغم تعرضنا لبعض المشاكل بسبب وجود مئات الألوف من قواتنا فى [[مصر]] والعادات المصرية الصعبة وما يتميز به المصريون من تهور واندفاع فإن هذه المشاكل ليست على درجة كبيرة من الخطورة.
وتوجه صحيفة [[الإخوان]] نداء إلى الأمة يدعوها لضم الصفوف لتحقيق الحرية الاستقلال بدلا من الانفعال المؤقت ونتوخى اليقظة والتأنى بدلا من تأجير الشقق لهم أو التعامل معهم وإبعاد البريطانيين ورعيا الدول التى صوتت ضد [[مصر]] فى مجلس الأمن من البلاد!


والعوامل التى أفروت أحداث [[1919]] ليست موجودة حاليا بنفس الدرجة الماضية وقدرتنا الآن أفضل على التنبؤ بأى احتمال لتدهور لموقف فى بدايته واتخاذ الخطوات الكفيلة بوقف هذا التدهور وإزالة بعض أسبابه".
ويستمر  [[الإخوان]] فى حملتهم على الوفد عساف مدير شركة إعلانات [[الإخوان]] الذى يستقبل من عضوية الهيئة التأسيسية للجماعة حتى لا يقال إن [[الإخوان]] يهاجمون الوفد بنفس أسلوبه بل ينسب الهجوم إلى صحيفة لا تنتمى للجماعة ويشترك فى التحرير الشاعر محمد مصطفى حمام..


ولعل أهم مافى هذه البرقية الإشارة إلى أن المتطرفين من [[الإخوان]] قد يقومون بأعمال تخريبية خطيرة من تلقاء أنفسهم, وهو ما حدث عام [[1948]] والسنوات التالية!
وكانت قد صدرت فى [[مصر]] مجلة " الكشكول" لصاحبها سليمان فوزى لتهاجم [[سعد زغلول]]
واتبعت " الكشكول الجديد " أسلوب " الكشكول " الأول القديم لتهاجم زعيم [[حزب الوفد]] الجديد [[مصطفي النحاس]] باشا.


وتلوح نهاية الحرب فى الأفق بعد انتصارات الحلفاء على المحور . وتبدأ المخابرات البريطانية فى رسم صورة لمستقبل العلاقات بين الوفد و[[الإخوان]].
ومن العدد الأول , انتقدت المجلة زعيم الوفد الذى يحمل لقب " سير" من بريطانيا وتهاوت المجلة فى هجومها على الوفد وزعيمه إلى مستوى جريدة " صوت الأمة" وغيرها من صحف الوفد فقد انحدرت صحف ذلك الزمان واندفع [[الإخوان]] والوفد بعنف فى الهجوم واللدد فى الخصومة. عاد النقراشى إلى [[مصر]] يوم 21 من [[سبتمبر]] بعد غياب طويل فأعد له [[الإخوان]] استقبالا حماسيا رائعا على أمل أن يسلك طريقهم فى الجهاد ضد [[الإنجليز]] .


قالت فى 25 من [[يوليو]] عام [[1944]]. قبل 3 شهور من إقالة النحاس " يحتمل أن يبقى [[البنا]] ملتزما بالهدوء نسبيا طالما ظل الوفد فى السلطة وسيركز على الإفادة من ميزة الحرية التى يتيحها النحاس ليجعل من جماعته القوة بالفعل جماعة أكثر قوة.
ولكن النقراشى كان قد فقد توزانه كما يرى سيريل كويليام مراسل صحيفة التايمس البريطانية الذى كتب  يقولك


القرار فى حشد قوتها للدفاع عن قضية الوفد وفتحت مئات المقار التابعة لها فى جميع أنحاء البلاد.
" أحس النقراشى  بأن العالم يقف ضده وأن مهمته فشلت فشلا كاملا"


وبالرغم من تحالفها المعلن مع الوفد كانت سياستها تهتم بأمور دينية بحتة وتساند [[الجماعة]] الحكومة بصورة غير مباشرة عن طريق  تأكيد اهتمامها بالقضايا ذات الطابع الدينى وقلقها بشأن اوضاع العرب المسلمين.
ولم يكن النقراشى وحده الذى يشعر بذلك بل غمرت هذه الأحاسيس [[مصر]] كلها .
وجدت [[مصر]] نفسها فى عزلة بعد قرار مجلس الأمن . وساعد قيام الحرب الباردة على زيادة مخاوف المصريين من قرب قيام حرب عالمية ثالثة . وبقاء القوات البريطانية إلى أجل غير مسمى فى [[مصر]] وعودتها إلى احتلال قلب المدن الكبرى.


ويقال إن [[الجماعة]] تتقاضى إعانة من الحكومة على إصدار صحيفتها بصورة منتظمة.
وانتشر وباء الكوليرا ليضاعف السخط الشعبى قتل الوباء 12 ألفا من المصريين ولكن الحكومة – بعد 3  شهور – نجحت فى القضاء عليه.


ويصعب التنبؤ بمستقبل نشاط مثل هذه [[الجماعة]] فى حالة تغيير الحكومة طالما أنها مستعدة للمزايدة على ولائها لمن يدفع أكثر"!
ودعا [[الإخوان]] إلى مقاطعة الأمم المتحدة والدول التى وقفت ضد [[مصر]] فى مجلس الأمن وتظاهروا تحية لرئيس الوزراء وتأييدا له بينما حملت عليه الصحف الوفدية.


فى [[أبريل]] تنهمر رسائل الاحتجاج من أعضاء [[الإخوان]] على السفارات الأجنبية احتجاجا على الإجراءات التى اتخذت لصالح [[اليهود]] فى [[فلسطين]]. ومنح الجنسية الفرنسية لطبقات معينة من الجزائريين.
وطلبت [[الجماعة]] إلى شعب وادى النيل إعلان الجهاد قائلة إن ذلك ليس تعصبا وليس نضالا مؤقتا ودعت النقراشى إلى قيادة الشعب  فى الكفاح أو يفسح الطريق لوزارة ثورية مجاهدة.


وتتلقى المفوضية الأمريكية التى لم تكن قد تحولت إلى سفارة – 320 رسالة فى هذا الشأن خلال يوم واحد.
وتجمعت المظاهرات بعنف ضد [[الإنجليز]] فى [[الإسكندرية]].
وتحرك الشيوعيون فحرضوا على أكبر إضراب فى مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشاركوا فى إضراب لعمال شبرا الخيمة. حدد النقراشى سياسته  وهى " تجاهل [[الإنجليز]] تجاهلا تاما"


وتلاحظ المفوضية أن الرسائل وردت من 70 مركزا [[للإخوان]] فى [[القاهرة]] و143 مركزا فى الأقاليم.وكتبت كل رسالة بأسلوب مختلف
كان ذلك  دون مطلب [[الإخوان]] . فبعث [[الجماعة]] إليه برسالة قالت فيها " شعر [[الإخوان]] منذ عودتكم من أمريكا , بعد تعليق القضية المصرية فى مجلس المن, بأن تلك الحماسة الباهرة خبت جذوتها ولانت حدتها. ولم يجد [[الإخوان]] أن الحكومة خطت بالأمة خطوة حازمة فى تحقيق مطالبها أو نهجت نهجا واضحا فى إصلاح الداخلى يقضى على مظاهر التحلل والفساد فى حياتها الاجتماعية.


وبعث [[البنا]] إلى القائم بالأعمال الأمريكى يقول:
وقد أصدرت الحكومة أمرها إلى رجالها بالوقوف فى طريق نشاط [[الإخوان]] ومنع حفل فرع هيئة وادى النيل العليا بالمنيا لإنقاذ [[فلسطين]] بمجرد أن تبنيت الإدارة أن للإخوان يدا فى إقامته وقبض على بعض طلاب الجامعة من [[الإخوان]] وزج فى السجن وعوملوا أسوأ معاملة".


" يحتج [[الإخوان المسلمون]] والعالم الإسلامى على الموقف الأمريكى فيما يتعلق ب[[فلسطين]] وهم يتوقعون إعلانا صريحا يهدىء المشاعر  ويضمن للعرب وطنهم".
ويكتب بنكنى تاك القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن يصف حال [[مصر]] قال:


وتستخدم [[الجماعة]] الوفد حالا لتحقيق أغراضها الخاصة وبذلك يمكن أن تصبح السيطرة على [[الجماعة]] أمرا مستحيلا وتكون مصدرا كبيرا للقلق والاضطرابات
" حكومة النقراشى مستقرة والجامعات أجلت الدراسة. والوفديون هادئون عدا مقالات يكتبها محمود أبو الفتح فى صحيفة " ال[[مصر]]" .. المتصلون بالقصر يقولون إن صاحب الجلالة يرى أنه لا داعى لسحب ثقته من النقراشى  فالملك يكره النحاس ولا يريد عودته. والمفاوضات مع بريطانيا لن تستأنف إلا إذا انسحبوا من [[مصر]] وعدوا نهائيا بالانسحاب.


'''ويبدو أن الوفد بدأ ينتبه إلى ضرورة الحذر'''
ولكن [[الإنجليز]] لن يتفاوضوا مع رجل انهال عليهم بالسوط فى مجلس الأمن وجعل العالم ينظر إليهم باحتقار.
ومع ذلك فالنقراشى يعتبر رئيس الوزراء المثالى لعقد معاهدة مع بريطانيا فقد أظهر مشاعره المعادية لها. وربما يقبل الشعب معاهدة يوقعها النقراشى  أكثر من معاهدة يوقعها النحاس."


وتعمل [[الجماعة]] حاليا على زيادة عدد أعضائها اعتمادا على مساندة الوفد ومن غير المحتمل أن تحل [[الجماعة]] محل الوفد. وخطر [[الإخوان]] ليس مباشرا وحقيقيا. وربما يكون خطرا محتملا فى المستقبل".
كان النقراشى قد انتصر وهو لا يدرى توقعت وزارة الخارجية البريطانية أن يعود  إلى [[القاهرة]] من مجلس الأمن فيطلب التفاوض مع بريطانيا لإنهاء الأزمة. ويهدد بعرض نتيجة المفاوضات على مجلس والرأى العام العالمى ويثير المشاكل.ولذلك أرسلت وزارة الخارجية إلى رؤساء أركان حرب القوات البريطانية تطلب منهم الوصول إلى حل يرضى [[مصر]] ويتفق مع المتطلبات العسكرية البريطانية فى الوقت نفسه.


ويكتب سكريفنر رئيس القسم المصرى بوزارة الخارجية إلى مركز مخابرات الشرق الأوسط قائلا:
وقال وزارة الخارجية:


" لا يوجد ما يدعو للاهتمام الجدى بأعضاء  هذه [[الجماعة]]"!
نريد  بداية جديدة للمفاوضات لا تعتمد على معاهدة [[1936]] أو مشروع معاهدة صدقى – بيفن.
ولا توجد فرصة للاتفاق مع [[مصر]] على وضع وحدات عسكرية أو نواه  يادة إقليمية للشرق الأوسط وقت السلم.


ويطلب [[البنا]] مقابلة السفير البريطانى فيعتذر عن ذلك بلباقة وتحذر السفارة البريطانية لندن مرة أخرى من [[النظام الخاص|الجهاز السرى]].
ولا توجد  لدينا تسهيلات فى [[فلسطين]] ولكننا نمسك زمام الأمور فى برقة بليبيا.


قال تقرير للسفارة البريطانية فى 25 من [[فبراير]] [[1944]]:" كونت عناصر معينة من كتائب [[الإخوان]] فرقة انتحارية.
وطلبت وزارة الخارجية من القادة العسكريين بذل كل جهد لتخفيض مطالبهم العسكرية من [[مصر]] وقت السلم وتمسكت بحق عودة القوات البريطانية إلى [[مصر]] عند الضرورة.وقالت وزارة الخارجية للقادة
نريد تحسين فرصة الوصول إلى معاهدة مع [[مصر]].


و[[البنا]] له كتيبته الخاصة من 40 رجلا يختارهم بنفسه ,أصبحت [[الجماعة]] خطرا محتملا لا يمكن أن نسقطه من حساباتنا بسبب طابعها العسكرى والمعادى للأجانب . وبسبب التقارير التى تفيد بأنهم يحتفظون بكميات  كبيرة من الأسلحة فى جميع أنحاء البلاد ويمكن استخدامها عند الضرورة"
واستعملوا التسهيلات العسكرية فى مناطق ليست كثيفة  السكان مثل سيناء وإقامة قواعد بديلة فى الدول المجاورة كالأردن بدلا من منطقة القناة ودلتا نهر النيل. اجتمع رؤساء أركان الحرب وبعثوا إلى وزارة الخارجية فى 20 من [[نوفمبر]] 1947 يقولون:


ويصف كيرك الوزير الأمريكى المفوض تأييد [[الإخوان]] لوفد فيقول فى برقية رقم 142 بتاريخ  13 من [[مارس]] [[1944]]:
" لا يمكن إقامة قواعد عسكرية مرضية فى سيناء والأردن مهما أنف[[قنا]] من أموال طائلة والأفضل العمل على تخفيض متطلباتنا وقت السلم.ولكن لا يمكن الاستغناء عن [[مصر]] كقاعدة فى حالة نشوب حرب عامة فى الشرق الأوسط ولا توجد  منطقة آخرى لها نف إمكانات [[مصر]] الصناعية وتسهيلات الموانى والطائرات والمنشآت الادارية والقوى العاملة.


" بعد أن كانت جماعة [[الإخوان المسلمين]] فى المعارضة تحت رقابة صارمة  اتخذت أسلوبا جديدا فى ممارسة نشاطها بناء على قرار من زعيمها [[البنا]] ... تمثل هذا أغلبية فالوفد لم يقدم برنامجا للمستقبل ولا يقدر على تبنى أية حركة إصلاحية ك[[الإخوان]].
ومن الضرورى أن نحصل على حق إعادة دخول قواتنا وقت الحرب وضمان صيانة هذه التسهيلات وقت السلم.
ولذلك يجب وجود  فنيين بريطانيين فى [[مصر]] وقت السلم لأن المصريين لا يستطيعون صيانة هذه المنشآت.


و[[الإخوان]] أكبر مجموعة مؤثرة فى [[مصر]] . التى تقف على أبواب مرحلة خطيرة تشبه الفترة التى مرت بين عامى [[1919]] و [[1928]] و[[الإخوان]] يمثلون خطرا داهما للتطرف.
وإذا أردنا سحب قواتنا بسرعة إلى سيناء  فلا توجد بها إلا منشآت إدارية محدودة فى رفح ولابد من القيام بأ‘مال ضخمة لتوفير مصادر المياه ولا تتوفر عمالة كافية أو موان مجهزة ومستودعات"
وينتهى رأى رؤساء أركان الحرب إلى ضرورة إقامة القيادة المشتركة ب[[مصر]] وقت الحرب.


وقد وصل عددهم إلى ربع . أو نصف مليون نسمة ودعوتهم الموجهة إلى الشباب المثقف أكسبتهم تأثيرا يفوق ذلك الرقم . وبرنامجهم بلا شك مجرد غطاء لمشاعر معادية للغرب.
ولكن  رؤساء الأركان يخفضون مطالبهم إلى الحد الأدنى وقت السلم فيقترحون أن يبقى عدد محدود من الفنيين البريطانيين فى [[مصر]] بملابس مدنية وقت السلم لإدارة وصيانة المنشآت  لتكون صالحة لاستعمال والاحتفاظ بالحد الأدنى من التسهيلات الإستراتيجية فى منطقة القناة وقت السلم وحق إعادة دخول القوات البريطانية وقت الحرب.


وسنربطهم أهداف الإصلاح الدينى الاجتماعى بالقيادات الإسلامية التى تحظى باحترام شعبى وتوثق علاقاتهم بعدد من الدوائر السياسية
ووافق القادة البريطانيون على أن يتولى المصريون مهمة حراسة المنشآت واقترحوا تدريب المصريين على الدفاع الجوى والقيام بطلعات إلى القواعد الجوية فى برقة وقبرص. وهذه القرارات هى التى وافقت عليها [[مصر]] تقريبا, فى اتفاقها مع بريطانيا بعد الثورة عام 1954 ولكن النقراشى لم يكن يعلم بهذا كله. ولم يكن [[الإخوان]] أو الوفد يعرفون.


وغذ تقترب [[مصر]] من تحقيق استقلالها فإن الغرض من وجود الوفد قد انتهى من الناحية العملية.ومن المحتمل أن تتمكن حركة إصلاحية مثل [[الإخوان]] من إلغاء وجود الوفد أو احتوائه.
فى تقارير المخابرات البريطانية أن 15 من الجماعات السياسية المتطرفة وحدت صفوفها فى [[سبتمبر]] من عام 1947 لمقاومة البريطانيين تحت قيادة [[البنا]].


وليس فى إمكاننا التغاضى عن هذه [[الجماعة]] نستكشف وجهات نظرها وندعو لإضفاء طابع أكثر تحررا على برنامجها.وربما نستطيع توجيه [[الإخوان]] . فى الطريق الذى نراه صحيحا بالنسبة ل[[مصر]] وجاراتها والإمبراطورية  البريطانية.
فقد أقامت منظمات الشباب الوطنى – [[الإخوان]] والشبان المسلمين و[[مصر]] الفتاة و[[الحزب الوطني]] وحزب [[مصر]] الفلاح الاشتراكي جبهة متحدة على أساس وحدة وادى النيل وإلغاء معاهدة [[1936]] واتفاقية [[السودان]] 1899 وأبلغت السكرتير العام للأمم المتحدة بذلك.


ومن المرغوب فيه أن نوضح للنحاس باشا أننا لا ننافسه فى ود [[البنا]] ولكننا فقط نسعى للحصول لى معلومات"!
ويكتب [[البنا]] " إذا كانت الحكومة تثق بالأمة فعليها أن تتركها  تجاهد "
وترد الحكومة بتفتيش مقر صحيفة  [[الجماعة]] ومركزها العام!
وفى أول [[يناير]] [[1948]] قدم [[البنا]] مذكرة إلى الملك فاروق طلب فيها إقالة وزارة النقراشى


رد تيرينس شون القائم بأعمال السفير البريطانى فى [[القاهرة]] يوم 10 من [[أكتوبر]] يقول:" ربما يصبح [[الإخوان]] قوة سياسية خطيرة إذا  قام تعاون حقيق طويل بينها وبين الوفد أو تلقت منه دعما كبيرا.ودعم الجوالة. وتدريب أعضائها تدريبا شبه عسكرى بأسلحة نارية!
لسلبيتها بسبب تقاعسها عن المطالبة بإلغاء معاهدة [[1936]] واتفاقية الحكم المشترك للسودان واحتج على سياسة " السودنة" التى تطبق فى [[السودان]] واعتبر الحكومة المصرية مسئولة عنها! وانتقد وقوف الحكومة مكتوفة اليدى منذ عودة رئيس لوزراء من مجلس الأمن : ودعا إلى تشكيل وزارة قوية قادرة.


واتفق الوفد و[[الإخوان]] على أن فى التقارب فائدة سياسية لكل منهما! ولكن [[الإخوان]] لم يقطعوا اتصالهم بالمعارضة
وشكا من أن الحكومة أصدرت تعليمات إلى البوليس للحد من نشاط جماعة [[الإخوان المسلمين]]  منذ  قيام [[الإخوان]] عريضتهم إلى الملك لإقالة الوزارة وحذر الشيخ من أن [[الإخوان]] لن يلتزموا الصمت أو يقفوا مكتوفى الأيدي. إذا أدت تصرفات الحكومة إلى ضياع حقوق البلاد .. غير أن [[الإخوان]] يلتزمون بنصوص القانون و[[الدستور]] فى معارضتهم !
وعارض [[البنا]] استئناف المفاوضات مؤكدا أن الكفاح المسلح هو الخيار الوحيد أمام [[مصر]].


'''قالت السفارة البريطانية'''
وقال إن شعب وادى النيل مستعد لتقديم جميع لتضحيات ولا يحتاج إلا إلى القيادة وحسن التنظيم.


" اتسم موقف [[الإخوان]] من المعارضة بالتسامح والمهادنة لم ير قادة [[الجماعة]] آية فائدة تعود عليهم من وراء الوقوف ضد أحزاب المعارضة أو تأييدها فإن  [[الأحزاب]] ليست على درجة كبيرة من القوة بحيث ينظر إليها كخصم سياسى له شأن .
واختتم [[البنا]] مذكرته – التى نشرتها صحيفة " [[الإخوان]] " بالحديث عن المحنة الاقتصادية التى تواجهها [[مصر]] ودعا إلى تشكيل جبهة لتحقيق أمانى الأمة . ويطرأ عنصر جديد فى الأزمات المتلاحقة بين [[الإخوان]] .  


ورغم أن القصر أفاد من جهود [[الجماعة]] منذ نشأتها تقريبا فإنه قطع إعانته المالية عنها بسبب تنازل [[البنا]] عن ترشيحه ضد الوفد ولا يبدو حاليا سوى تفاهم محدود بين القصر و[[الإخوان]].
والملك والنقراشى يحول الأنظار عن [[مصر]] وعن كلمات النقراشى المدوية فى مجلس الأمن والتى سمعها [[الإنجليز]] لأول مرة.


وكان عنصر المبادرة فى أى تحركات لدعم العلاقات بين [[الإخوان]] والقصر يجئ بصفة عامة من جانب القصر" وفى هذه البرقية اعتراف من السفارة بأن القصر هو الذى يسعى للتقارب من [[الجماعة]] وليس العكس
==أيها القراصنة .... أخرجوا من بلادنا .. ==


ويطلب مركز المخابرات السياسية البريطانية فى الشرق الأوسط من لندن . فى 19 من [[يوليو]] و4 من [[سبتمبر]] [[1943]] إقامة اتصالات مستمرة غير رسمية بين [[الإنجليز]] والشيخ [[البنا]].
اتجهت [[مصر]] ولأول مرة منذ زمن بعيد إلى اليمن  كانت هناك أسباب قوية ولكنها كانت نقلة بعيدة!
ثورة ... ولكن بعيدة


'''قال المركز'''
أذيع فى عدن – يوم 14 من [[يناير]] [[1948]] -  أن  ثورة قامت فى اليمن وأن الإمام يحيى حميد الدين قتل , وأن عبد الله بن الوزير بويع بالإمامة. وكان النبأ كاذبا فالإمام يجلس على كرسى العرش , يحكم ويدير , شئون البلاد!
ولكن النبأ جعل [[مصر]] كلها تتلفت حولها إلى يمن وما يجرى فيه.... وإلى [[الإخوان المسلمين]] ودورهم فيه!
حكم الإمام يحيى بلاده منذ عام 1904 وهو زعيم طائفة الزيدية التى تضم معظم السكان.
استطاع الإمام أن يجمع القوات لمحاربة الذين يحتلون اليمن . ورفع معهم معاهدة عام 1911 حققت البلاد الاستقلال الذى استكمل تماما بعد هزيمة الأتراك فى [[الحرب العالمية الأولي]].
وعقد الإمام معاهدة مع إيطاليا اعترفت فيها باستقلال اليمن. وعقد مع السوفييت معاهدة تجارية.
واعترفت بريطانيا باستقلال اليمن عام [[1934]] بمعاهدة , كما وقع فى نفس السنة معاهدة مع السعودية لتعيين الحدود تنص على التحالف والمساعدة المتبادلة أثناء الحرب.
وفى عامى 45, 46  عقد معاهدتين مع كل من [[مصر]] والعراق,.
وانضم للجامعة العربية  وقبل عضوا فى الأمم المتحدة ولكن الإمام فرض سياسة العزلة تماما عن العالم الخارجى لخوفه الدائم من الأجانب , بما فى ذلك العرب , وما يتوقعه من تدخلهم فى شئون اليمن. وكان أول ما فعله إغلاق المدارس, وجعل مدرسة  الصناعة سجنا ,كان يعرض الجيش حافيا!
شكا الناس من ظلم الإمام, وطلب وزراؤه زيادة المرتبات. رفض الإمام وقال للوزراء:
- قتل سلطان الجن, وأصبحت حكومة الجن فى حالة فوضى. وإنى أحاول تعيين سلطان آخر بدلا من السلطان القتيل, وعلى  الناس الاجتماع بيوتهم حتى يتم ذلك.
- وأبلغ الإمام عماله بأن على الناس أن يستعملوا القطران فى بيوتهم وأبدانهم تحفظا من الجن!
- صدق الناس الإمام وأقلبوا على شراء القطران  واختبئوا فى بيوتهم  خائفين لأنهم – أى الجن – بلا سلطان يحكمهم.اجتمع الإمام بوزرائه بعد أن سمع ذلك وقال لهم:
- - مثل هذا الشعب لا يمكن أن يثور على إمامه!
- فى البرقية رقم 57 وتاريخها 30 من [[سبتمبر]] 1954 قال وليم ساندر نائب القنصل الأمريكى فى عدن:
- " يعتمد الإمام على الطابع الكهنونتى لسلطته. وهو أشبه بشخصيات الأمراء الذين أظهروا فى جنوب غرب ألمانيا فى العصور الوسطى وإدارة اليمن شخصية تماما الإمام هو السلطة التنفيذية . والتشريعية والقضائية ويقال إنه ينسخ  جلسات المحاكم بخط يده.
وأى طلب للحصول على أدوية من الصيدلية الملكية , التى تحتكر هذه الأدوية يجب أن يصدق عليه أحد أمراء الأسرة المالكة
وطلب الحصول على البنزين يجب أن يصدق عليه أمير آخر!
والأمن الداخلى على ما يرام ولكن يتولى جنديان على الأقل , من حرس القصر مراقبة كل زائر لليمن وينقلان تقاريرهما إلى الإمام مباشرة.والميزانية وثروة الإمام الشخصية ب 160  مليون ريال على الأقل – حوالى 45 مليون جنيه استرلينى وهذه لثروة مدفونة تحت بلاط قصره فى صفائح" جاز"
ونظامه الضريبى " اغتصاب على نظام واسع"
وبسبب نظام الحم انخفض الإنتاج عما كان عليه منذ ثلاثين عاما . والإمام فى الثامنة والسبعين من عمره يصفه زواره بأنه شخصية جذابة مؤثرة. وأدت هذه الجاذبية إلى حمل الكثيرين ممن التقوا به على عدم تصديق أن هذا هو الرجل الذى سمعوا عنه الكير جدا من الأشياء التى تحط من قدره ! وهناك شائعات بان الإمام أصيب أخيرا بنوبة شلل... وربما تكون هذه الشائعات نوعا من الأمنيات.ومن النادر أن يغادر الإمام عاصمته وخلال السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية , كان الإمام  متهما على  نطاق واسع بأنه موال لايطاليا لأن أوثق علاقاته مع الأجانب كانت مع الإيطاليين والأطباء الأربعة الذين لا يوجد غيرهم فى اليمن .. إيطاليون.والذين يعرفون اليمن جيدا يقولون غنه لم يكن مواليا لايطاليا ولكنه مناهض نشيط لبريطانيا وكان يرغب فى إدخال النفوذ الإيطالى إلى البحر الأحمر لموازنة النفوذ البريطانى
وتأكد موقفه من عدم الثقة بالأجانب من خلال حوادث تعسة منذ بضع سنوات قيل إن غواصا يونانيا , تلقى خمسين ألف ريال يمنى مقدما لتشييد بعض المنشآت فى ميناء الحديدة ثم اختفى.
ويحتل أبناء الإمام وهم " سيوف [[الإسلام]] " وعددهم تسعة معظم المراكز العليا فى الإدارة اليمنية.أما إخوة الإمام الخمسة فقد طردهم جميعا من اليمن".وتنبأت برقية القنصل الأمريكي  بالمستقبل . قالت :" عين الإمام ابنه الأكبر أحمد... وليا للعهد . ورغم أن شغل منصب الإمام يتم بالانتخاب لا بالوراثة.
وأحمد فى الثانية والخمسين من عمره ,هو نائب الملك فى تعز ويحمل أيضا لقب القائد العام.
وأكسبته أعماله التى اشتهرت بقسوة بالغة, وخداع ,وانحراف لقب " النمر"وتجمع  الآراء على أن حكمه سيكون أسوأ من حكم أبيه.
ولا يخلو حكم الإمام من عناصر المعارضة رغم الإجراءات القاسية ومعظم المعارضين اللاجئين فى عدن ينتمون إلى " حزب الأحرار اليمنى " وهم شبان مثقفون تأثروا بالأفكار العصرية عن طريق [[مصر]] التى تروج لنزعات ديمقراطية تقدمية".
وصفت صحيفة [[الإخوان]] لمسلمين سوء الحوال فى البلاد فقالت " يشعر الشعب اليمنى بأنه متخلف عن ركب الحياة , يعيش فى مجاهل الظلام. بينه وبين الرقى والتقدم حجاب منيع من الظلم والأوضاع التى لا تتفق مع مطالب العصر, وحاول المستنيرون من أبنائه أن يتقدموا بالنصيحة لجلالة الإمام. وطالبوا بالإصلاح الضرورى الذى  لابد منه فلم يجدوا إلا العنت والإرهاق مما اضطرهم إلى الهجرة والتشتت فى كل مكان وألقوا على أنفسهم " اليمين الأحرار".
وصلت إلى اليمن بعثة فرنسية تطلب من الإمام يحيى السماح بمد سكة حديد من الحديدة إلى صنعاء فلم يوافق واتفقت شركة أمريكية مع اليمنى على التنقيب عن البترول عام [[1946]] وفى توقيع الإمام ولكنه رفض عندما علم أن أجر العامل فى الشركة  ريال كل يوم فاستكثر الأجر بالنسبة لمرتب الجندى والعامل الحكومى كما أن أجر عشرة عمال للبناء أو الزراعة ريال واحد فى الشهر.
وف كتابه " لمحات من ذكريات الطفولة " قال اللواء عبد الله جزيلان :" نمى إلى علم ولى العهد أحمد أن أهالى تعز يحوزون صناديق الطرب " فونوغراف" فأمر العكفة – الحرس الخاص – باقتحام البيوت ومصادرة هذه الصناديق لأنها – كما تصور – سبب للفساد.
وهدد بهدم كل بيت يخفى شيئا من الصناديق أو الصحون " الاسطوانات"
وهدمت بعض البيوت ... فعلا"
وينتهز [[البنا]] فرصة وجود صالح محسن سكرتير الإمام أحمد ب[[القاهرة]] فيحمله رسالة شخصية للإمام... ثم يسلم القاضى العمرى رئيس الوزراء رسالة
قال [[المرشد العام]] للإمام يحيى:
" لم يعد بد من أن تقوم فى اليمن حكومة إسلامية مسئولة ذات اختصاصات وسلطات واضحة يؤازرها مجلس شورى يمثل طبقات الشعب . ولن ينتقص ذلك شيئا من حقوق الإمامة وسلطانها الشرعى فلها الرأى الأعلى ولكنه تنظيم يرتفع معه شعور الأمة بحريتها وكرامتها الإنسانية . وكان حرص  جلالتكم عللا سلامة الأمة الوطنية وصيانة تقاليدها واستقلالها يحمل دائما على الحذر من التعجل بمطالب الإصلاح الذى لابد فيه من الخبراء الأجانب .
وبحمد الله على أنه وفق البلاد العربية إلى امتياز فى مضمار التقدم الاقتصادي يجعلها كفيلة بإمداد اليمن بما تريده من الخبراء بمجرد إشارة من مولنا الإمام بقى أن أتقدم إلى جلالتكم مستأذنا فى شأن أبنائكم فى المهجر الذين دفعتهم الغيرة وحب الخير للدولة والأمة والله فتنادوا بالمطالب الإصلاحية ودعوا إلى الأخذ بأسباب التقدم العمرانى تدفعهم حماسة الشباب إلى شئ من التطرف".
..... وهكذا رأى [[الإخوان]] أن يكونوا واسطة بين الإمام وشعبه وحددوا للإمام دوره وما يجب أن يكون عليه الحاكم المسلم!ّ قدر عدد سكان اليمن بنحو خمسة ملايين يربط مدنها الكبرى خط العراق حكومة ويدفع الأهالى ثمنا غاليا لبرقياتهم. والتليفون للاتصالات الحكومية وحدها أما البريد فينقل بالجمال . ويملك اليمن باخرة واحدة وطائرة واحدة يستعملها الإمام.
وممنوع على الشعب أن يركب أية طائرة حتى لا يطير فى السماء بينما الأمراء على الأرض! وعدد السيارات ستون ! والطرق ممهدة.
وكانت لليمن إذاعة تعمل نصف ساعة. بعد مغرب يوم الخميس من كل أسبوع . لإذاعة الأخبار الرسمية ولا تقدم غناء أو برامج.
ولا توجد ميزانية عامة للدولة!
ولم يكنن بالبلاد بنك يمنى أو أجنبى والعملة المتداولة هى الريال الفضى النمسوى وعليه صورة امرأة هى إمبراطورة النمسا ماريا تريزا , وقد تم صكه فى فيينا عام 1785!
ويعتمد الإمام يحيى على نظام الرهائن كما كان يفعل محمد على باشا والى [[مصر]] فأتى إلى صنعاء  بنحو 4000 من أبناء  القبائل ليضمن ولاءها ويستخدم كل قبيلة ضد الأخرى.
وكان من الطبيعى أن ينظر إلى الإمام على أنه مبعث آلامهم وشقائهم وحرمانهم فبدأ الهجوم عليه فى 14 من [[مايو]] [[1944]] عندما تحالف ضده أربعة من زعماء البلاد اللاجئين إلى عدن!
وعندما اشتدت الحملة أوفد الإمام يحيى ولى عهده الأمير أحمد إلى عدن فى 11 من [[أبريل]] [[1946]] فوعد بإنشاء جمعية دستورية ولم ينفذ ذلك.
رأى معارضو الإمام التضامن ضده . فاتخذت الجمعية اليمنية الكبرى  التى يرأسها سيف [[الإسلام]] إبراهيم – الابن الثامن للإمام أحمد الذى أطلق عليه الناس لقب " سيف الحق" مع حزب الأحرار فى 21 من [[نوفمبر]] واصدورا فى عدن صحيفة جديدة " صوت اليمن " دفع لها التجار 30 ألف ريال أى ما يعادل سبعة آلاف جنيه استرلينى للمطالبة بالإصلاح.
وكتب سيف الحق إبراهيم إلى أبيه يقول:
" أنا ضد حكمكم الذى لا يعبر عن حاجات الشعب بل يولد النقمة عليكم"! وقام الأطباء فى عدن بفحص الإمام. الذى بلغ الثامنة والسبعين فوجده كما قالت صحيفة [[الإخوان المسلمين]] – مصابا بمرض لا يستطع معه أن يحكم على الأمور حكما صحيحا!
وقال فريق طبى – من البحرية الأمريكية – فحص الإمام فى [[مايو]] 1947 بأنه يتوقع وفاته خلال شهور قليلة.
أثناء الحج التقى الشيخ [[البنا]] بعبد الله الشماحى – المعارض اليمنى وتلازما فى مكة والمدينة.
شرح الشماحى للمرشد العام الوضع باليمن . واتفقا على التعاون بين [[الإخوان]] والمنظمات الدينية اليمينة.
وعد [[البنا]] بمساعدة النضال اليمنى وفتح أواب [[الجماعة]] للشباب اليمنى الذى جاء إلى [[القاهرة]] للدراسة.
قال الثائر اليمنى على ناصر العنسى:
" كنا ندرس فى [[الأزهر]] وبدأنا الاتصال ب[[الإخوان المسلمين]], ومنهم [[البنا]] الذى كان يرى أن اليمن أنسب بلاد إستراتيجية, ولها مناخ مناسب للإخوان وأخذ يهتم بنا اهتماما خاصا".
وفى هذه اللقاءات كان [[الإخوان]] يقولون إنهم مقتنعون بأن الحكم فى اليمن " ليمثل [[الإسلام]] بل شوهه ولهذا ف[[الإخوان]] ضده".
وفى رسالة دكتوراه قدمت لجامعة بون عن " حركة المعارضة اليمنية " قال الدكتور أحمد قايد الصائدى:
" من خلال الطلاب اليمنيين [[مصر]] تحققت علاقة [[الإخوان]] بحركة المعارضة اليمينة وهذه العلاقة ترجع بدايتها إلى أواخر الثلاثينات أو بداية الأربعينات".
أعد [[المرشد العام]] خطة ذكية.
انتهز الأساتذة المصريون الذين يعملون باليمن فرصة وصول سيف الإمام البدر – سيف [[الإسلام]] أحمد ولى العهد وحفيد الإمام يحيى – إلى [[القاهرة]] للعلاج فدعوه لحضور إحدى ندواتهم التى يقيمونها فى [[المركز العام]] للجماعة  وهناك تعرف بالبدر وتم اللقاء مع الطلبة اليمنيين الذين يدرسون ب[[القاهرة]].
وتوطدت العلاقة بين الجميع . وقام [[البنا]] بدعوتهم لقضاء يوم فى محافظة الفيوم.
وأثناء حضور إحدى الندوات تعرف الجميع على الفضيل الورتلانى وهو عالم ومجاهد جزائر- فى الأربعين من عمره – اختير سكرتيرا عاما لجبهة الدفاع عن شمال أفريقيا . كافح ضد الإستعمار الفرنسى فى الجزائر ثم هرب من  فرنسا إلأى سويسرا وأقام ب[[مصر]] عندما علم أن الفرنسيين يزمعون قتله.
وكان الورتلانى يجتمع باليمنيين بعد انتهاء الندوات ويزورهم بالفندق ويتردد على سيف [[الإسلام]] البدر .
انضم إلى هذه  المجموعة محمد سالم سالم صاحب شركة أتوبيس الشرقية وهو صديق  للمرشد العالم والعالم الدكتور أحمد فخرى الذى زار ليمن من قبل وهو أيضا من [[الجماعة]].
ومع تطور علاقة البدر بهذه الشخصيات نشأت فكرة سفر الفضيل الورتلانى إلى اليمن كمندوب عن محمد سالم لتأسيس شركة تجارية بها يرافقه الدكتور أحمد فخرى عالم الآثار فقد استطاع البدر إقناع أبيه بأن الورتلانى على جانب كبير من العلم والدين.


علينا أن نستمر فى تأييد الوفد باعتباره أكثر  الهيئات تمثيلا ل[[مصر]] ونوجهه بكياسة على ضوء تجاربنا ولكن علينا أن نقيم علاقة قوية وغير رسمية مع [[البنا]] زعيم ثانى الجماعات تمثيلا لشعب فهم أفضل الجماعات تنظيما بعد الوفد. وقد يحلون محله كحزب
وصل الورتلانى إلى صنعاء فى [[أبريل]] 1947 وقد ارتدى الجبة والعمامة!


ويعلن أحد الوزراء أنه يريد أن يكون جنديا فى جيش [[البنا]] الجرار!
نجح فى اكتساب ثقة الإمام وقدم إليه تقريرا عن الإصلاحات التى يجب القيام بها.


ويكون بين الحاضرين  الوزير محمود سليمان غنام ومحمد صلاح الدين سكرتير عام مجلس الوزراء – وزير الخارجية فى وزارة الوفد التالية – وبعض النواب والشيوخ.
ونشرت صحيفة " [[الإخوان المسلمين]] " فى 3 [[أغسطس]] عام 1947 هذا التقرير بمقدمة للشيخ [[البنا]] قال فيها:
" العالم العربى والإسلامى كله رجاء فى أن يسرع جلالة الإمام مؤيدا منشورا بإقرار النواحى الإصلاحية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية التى تنهض بشعبه حتى لا يدع ثغرة ينفذ منها الاستعمار الأجنبى".


ويصبح وزراء الوفد الأربعة أعضاء شرف فى جماعة [[الإخوان]]!
مع قدوم الورتلانى – الذى أطلق عليه لقب " مهندس الثورة "


ويخطب [[البنا]] فى حضور الوزراء قائلا بشجاعة:
انتقلت رياحها اليمن فقد اندفع الورتلانى فى إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات فى المدارس والمساجد والحفلات فسرت روح الثورة إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس .


" يظن بعض الناس أن [[الإخوان]] هيئة مصنوعة صنعتها أيد وأهواء لتنال من الوفد أو من غيره. فتنتصر لحزب على حزب أو تظاهر قوما على قوم, وذلك وهم لا أصل له.  وباطل لا خير فيه".
وبسبب أعماله التجارية واتصالاته فى عدن , ثقة الإمام فيه استطاع الورتلانى أن يقوم برحلات عدة إلى عدن دون أن يثير شكوك الإمام يحيى حوله نتيجة لذلك أصبح الواسطة بن المعارضين المهاجرين والمنفيين فى عدن وبين قوى المعارضة داخل اليمن.وفى كتاب " ثورة [[1948]] " الذى أعده مركز الدراسات والبحوث اليمنى قال :" إن رسل الثورة تحمل المعلومات إلى الثوار فى عدن وإلى [[البنا]] فى [[القاهرة]] وانتهت الاتصالات بالموافقة على أن يكون عبد الله الوزير إماما دستوريا لليمن على رأس حكومة دستورية".


'''قالت المخابرات البريطانية'''
ونجح الورتلانى فى أن يؤلف بين كل المعارضين لإمام اليمن وجعلهم يوقعون " الميثاق الوطنى المقدس " فى 14 من [[سبتمبر]] 1947 قائلا:


" سر تحالف [[البنا]] مع الوفد سيئ السمعة يرجع إلى خوف [[المرشد العام]] من اجراءات قمع تتخذها الحكومة ضد [[الجماعة]] كما يتطلع إلى المستقبل.
- هذا الميثاق تم بمعرفة واطلاع ومباركة زعيم [[الإخوان المسلمين]] [[البنا]] وأكد أحمد حسن الشامى فى كتابه" رياح فى اليمن":" وضع الورتلانى  و[[البنا]] الخطوط العريضة الأولى للميثاق لتكون اليمن نواه لدولة [[الإسلام]] , إذا نشأت , ونمت على مبادئ قرآنية.


فعندما أسس [[الجماعة]]. أعلن أنه يلزمها 15 سنة لتصل إلى مرحلة النضج ولكن ها قد انقضت تلك السنون ولم تصبح [[الجماعة]] قوية كما كان يأمل.
- وقد أي[[قنا]] أن اليمن أفضل من غيرها من البلاد العربية . ويمكن أن تكون منطلقا لدعوة إسلامية صادقة صحيحة بإنشاء دولة تحكم بما أنزل الله وتستقطب زعماء علماء وعباقرة المسلمين"


وحتى تتطور [[الجماعة]] وتنمو بغير اضطراب . فإنه من الضرورى أن يصل إلى اتفاق مع الوفد بحيث لا يمكن لهذا الحزب الاستغناء عنه يكون الوفد مستعدا لمعارضة أى طلب للإنجليز باتخاذ إجراءات ضد [[الجماعة]].
- وفى كتاب [[محمود عبد الحليم]] " [[الإخوان المسلمين]] : أحداث صنعت التاريخ" اعترف الكاتب بان فكرة إعداد الشعب اليمنى للثورة نبتت فى [[المركز العام]] للجماعة!


وكانت مهنة [[البنا]] الأولى إقناع أنصاره بحكمة مساندة الوفد فقد انتقده الأعضاء بشدة لأنه يساند نظاما فاسدا. وانفصل عنه كثير من أتباعه وبدا كما لو أن [[المرشد العام]] ارتكب خطأ ضخما.
- وقال كتاب " ثورة [[1948]]":


ولكن [[البنا]] استطاع ببطء وثبات . استعادة أنصاره" كثف [[البنا]] جهوده لزيادة شعبية [[الجماعة]] وضم مزيدا من الأعضاء
- " كان [[البنا]] يظن أن إصلاح المجتمعات العربية والإسلامية لا يتحقق إلا فى ظل حكومة دينية أو خلافة إسلامية على نمط الخلفاء الراشدين مع اعتبارها طرأ على العالم من نظم ونظريات وعلوم جديدة يؤخذ منها ما يتلاءم مع أحكام الشريعة الإسلامية كنظام مزيج من القديم والحديث ليكون دستورا لحكومة خلافة إسلامية.


== بداية الاغتيالات ==
- ورأى [[البنا]] أن اليمن أنسب بلد عربى لتحقيق قيام دولته الدينية ويقول الدكتور الصائدى:


أصدر [[مكرم عبيد]] [[الكتاب الأسود]] فى 29 من [[مارس]] [[1943]] متضمنا وقائع عن فساد الوفد. فرأى مركز المخابرات البريطانى فى [[مصر]] " أن الأمل فى إحياء القيم الأخلاقية فى [[مصر]] يعتمد على [[الإخوان المسلمين]]"!
- " لم تقتصر علاقة [[الإخوان]] بحركة المعارضة على تقديم النصح والتوجيه وإنما تجاوزت ذلك إلى دعم مادي مكن هذه الحركة من النشاط الإعلامى فأصدرت صحفا ومنشورات علنية كما فتح [[الإخوان]] صدر صحفهم لشن حملات دعائية ضد الحكم القائم فى اليمن.
ويخطب [[البنا]] فى [[أبريل]] [[1943]] فيعلن أن " نظام الحكم فى [[مصر]] كله عفن ويحتاج إلى اعادة تنظيم شاملة يلعب فيها [[الإخوان]] دورا بارزا".


ويخشى النحاس, هذه المرة أن يؤيد [[الإخوان]] [[مكرم عبيد]], وأن يتضامنوا معه مستغلين [[الكتاب الأسود]], فيسعى النحاس مرة أخرى, وإلى الحصول على تأييد [[الإخوان]] والتحالف معهم فليغى قرار إغلاق شعب [[الجماعة]] ويسمح [[للإخوان]] فى 8 من [[مايو]] بعقد مؤتمراتهم.
- وهذه العلاقة تدخل ضمن المخطط العام للإخوان الطامح إلى إقامة دولة إسلامكية تشمل العالم الإسلامى.


وتستفيد [[الجماعة]] من جديد بهذه الفرصة السانحة لتحقيق مزيد من الانتشار.
- وقد لعب [[الإخوان]] دورا بارزا, سواء فى تنشيط حركة المعارضة  وتحديد أهدافها السياسية , أو فى الإعداد للإنقلاب وتنفيذه ودعمه".


'''قالت السفارة''':
- أعدت فى عدن خطة الثورة والبيان الذى سيصدر بإعلانها وقام [[الإخوان]] بطبع هذا كله.


" أبلغ [[البنا]] [[الإخوان]] بعدم انتقاد الوفد وقال فى أكثر من مناسبة إن [[الكتاب الأسود]] وثيقة مضللة وبأمل ألا يتأثر بأكاذيبها أحد"!
وكان حاكم عدن – ريجنالد شامبيون – يعرف القصة كاملة ... وقد رواها فى برقياته إلى لندن . قال:


ويزو أربعة من وزراء الوفد [[المركز العام]] [[للإخوان]]  فى الشهر نفسه [[مايو]]  [[1943]] للمصالحة والتعريف على قوة [[الإخوان]].
" يوم 10 من [[يناير]] [[1948]] تلقيت معلومات من مصدر أثق به أن رسولا وصل إلى عدن قادما من صنعاء يحمل أنباء عن انقلاب وشيك فى العاصمة. وأشارت المعلومات إل أن هذا الإنقلاب سوف ينفذ خلال أسبوع وحمل الرسول معه مشروع دستور ومسودة بيان لطبعهما فى عدن بواسطة الصحافة اليمنية الحرة ونشره فى صحيفة " صوت اليمن".


ويشهد وزراء الوفد فى ذلك اليوم اجتماعا يخطب فيه سراج الدين وعبد الحميد عبد الحق وأحمد حمزة , ويبدون علانية إعجابهم بأفكار [[الجماعة]].
أوفد هذا الرسول إلى المندوب المحلى للمتآمرين فى عدن وهو تاجر يمنى يتميتع بذكاء كبير ويملك قدرا من الثروة.فور علم التاجر بالأنباء الواردة من صنعاء بعث لى – وهو فريسة لظن خاطئ بأنى سأوافق على مساعدة المؤامرة – يطلب أن اقدم طائرة تتولى إلقاء نسخ من بيان الثورة على نطاق واسع فوق اليمن لمنع إراقة الدماء وضمان الهدوء والثقة .


أصدر النحاس باشا فى أواخر [[يناير]] من عام [[1943]] قرارا بحظر جميع اجتماعات [[الإخوان]] باستثناء تلك التى تتم فى مقرها الرئيسى بالحلمية الجديدة ب[[القاهرة]] بعد أن وصلته تقارير تفيد بأن مقار [[الجماعة]] فى الأقاليم متورطة فى أنشطة سياسية وتقوم بدعايات معادية للوفد.
والبديل الآخر الذى طولبت بالموافقة عليه هو استئجار طائرة للقيام بمهمة حمل هذا البيان من عدن.
وثالثا . طلب تسهيلات لنقله شخصيا مع عدد قليل من رفاقه من عدن إلى هضبة معينة حيث يستطيعون الاتصال المباشر بالمركز اليمنى الإقليمى الهام ( البيضاء)


'''وصدرت التعليمات بإغلاق فروع [[الجماعة]] فى الأقاليم'''
وبطبيعة الحال . رفضت كل هذه الطلبات  وعندئذ تم إبلاغى باسم رئيس المؤامرة  الذى اختير ليتولى الإمامة بعد وفاة الإمام يحيى وهو عبد الله الوزير .


وقال مصدرى إن مؤامرة واسعة الانتشار وقوية وأن المشتركين فيها من الشخصيات الهامة ذات النفوذ  فى اليمن . وقيل إن عددا من أبناء الإمام شاركوا فيها بينهم على الأقل إبراهيم وعلى وإسماعيل  أما " حزب اليمنيين الأحرار" فقد عرف أنه اشترك بطبع الكتيبات اللازمة وفى صباح 14 من [[يناير]] [[1948]] ذكر لى مصدرى أن الإمام سيغتال فى ذلك اليوم أو فى يوم الجمعة 16 من [[يناير]].


ويفسر الشيخ [[عمر التلمساني]] موقف الوفد قائلا:" تولد إحساس لدى الوفد بأن [[الإخوان]] يسحبون  بساط الأغلبية والشعبية من تحت أقدامه , وأنهم ينافسونه فى مجال اجتذاب الشباب فقد تسلل كثير من شباب الوفد إلى صفوف [[الإخوان]].
وبعد ذلك يعتزم القائمون بالعملية قتل ولى العهد سيف [[الإسلام]] أحمد فى " تعز".


وقد سبب الانتشار السريع لتشكيلات [[الجماعة]] وشبها قلقا بالغا لدى زعماء [[حزب الوفد]] وسرعان ما تحرك هذا القلق فى اتجاه الصدام مع [[الإخوان]]".
وفى نفس  الوقت تلقيت تحذيرا من مصدر موثوق به بأن ولى العهد قدم رشاوى ضخمة إلى مجموعة من رجال قبائل عدن لاستغلال الظروف المضطربة فى المحمية – عدن – لقتل سيف [[الإسلام]] إبراهيم والزعماء الآخرين لحركة اليمنيين الأحرار فى عدن وإحراق مكاتبها وصحفها.


وقال:
وتقع هذه المكاتب عند أطراف الحى [[اليهود]]ى ويمكن تنفيذ ما يريده ولى العهد بسهولة.


" إن ترمومتر العلاقة بين [[الإخوان]] والنحاس كان مرتبطا ب[[الإنجليز]]".
وطبقا لهذه المكاتب أصدرت التعليمات إلى مدير الشرطة باتخاذ احتياطات خاصة عند مداخل الموقع المذكور.


وقد التزم [[البنا]] بنصيبه من الاتفاق بالامتناع عن توجيه النقد الاستفزازى للحكومة رغم أن موقعه الفكر من مبادئ الوفد لم يتغير .
وفى ظل تلك الظروف رأيت من الحكمة إلغاء الزيارة الرسمية للفرقاطة البريطانية" لوش كويش" لميناء الحديدة والتى كان مقررا لها يوم 16 من [[يناير]] خشية أن يساء فهم . أو تفسير .  


أما الوفد فما زال ينظر إلى أنشطة هذه [[الجماعة]] بعين الشك ويحرص على القيام بالمراقبة الدقيقة لها"
وجودها , فى يوم خطير كهذا سواء من جانب الإمام فى حالة فشل المؤامرة , أو من جانب المتآمرين فى حالة نجاحها وأبلغت الإمام برقيا أنه لابد من تأجيل الزيارة بسبب تغيير مفاجئ فى برنامج السفينة  ووجدت هذه الحجة سندا لها من الأحداث فقد أرسلت السفينة بعد أيام قليلة على وجه السرعة إلى مقديشو بوقوع اضطرابات هناك.
وتبقى العلاقات بين الطرفين متقلبة لا تستقر....والهدنة لا تدوم.


== وتراقب السفارة . لأول مرة . [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] [[للإخوان]]==
ولأسباب بديهة, ألغيت أيضا زيارة  كنت أعتزم القيام بها لجزيرة قمران خلال الفترة من 15 إلى 18 من [[يناير]] وكنت آمل خلالها إجراء مناقشات غير رسمية حول قضايا الحدود".
ولكن السفارة لا تستطيع أن تحدد طبيعة الجهاز . دوره . وأعضائه بل تكتفى بالإشارة إلى أن [[الجماعة]] فى تسليح أعضائها.


وقال تقرير السفارة البريطانية فى 2 من [[ديسمبر]]:" تجمعت لدينا على مدى 3 سنوات تقريبا تقارير هائلة عن وجود خطط يضعها [[الإخوان]] للتخريب والقيام بعصيان مسلح.
فى صنعاء سلح رجل ونجح فى دخول القصر واقتحام غرفة نوم الإمام يحيى فى القصر فاعتقد الثوار أن الخطة نجحت فأبرقوا بذلك إلى عدن فى 14 من [[يناير]] .


ولا توجد من الناحية الفعلية آية أعمال تخريبية أو اضطرابات معادية لبريطانيا على نحو خطير.وقد يكون [[الإخوان]] أكثر جرأة فى تفكيرهم عن المصريين العاديين ولكن لا يوجد دليل على أنهم يستعدون للتضحية بأرواحهم.
ويروى  حاكم عدن ما جرى عنده قال.


لقد ظل المصرى معروفا على مر العصور بأنه يمكن أن يقوم بتمرد عندما ينفذ صبره تماما ولكنه فى الوقت نفسه ليس بالإنسان يقبل على تعريض حياته للخطر.
فى ساعة مبكرة من صباح يوم 15 من [[يناير]] [[1948]] أبلغنى صدرى بأن صدي[[قنا]] المشترك – المتأخر خادم غالب الوجيه الوكيل التجارى للإمام يحيى فى عدن – تلقى فى ساعة متأخرة من الليلة السابقة برقية بالشفرة من صنعاء – من محمد على مرشد الوكيل التجارى لحكومة عدن فسرها بأنها تعنى أن الإمام قتل .
وخلال يومين وصلت تقارير عديدة من مصادر موثوق بها تفيد أن الإمام قد مات.


إنه يخضع رغما عنه. ويظل يخطط للانتقام وإسالة الدماء إلى مالا نهاية واضعا أمله على الظروف الخارجية فى تغيير الأوضاع لصالحه"
وعلى الفور أصبحت عدن كلها مقتنعة تماما بذلك .


و[[الإخوان المسلمون]], فى اتجاههم العام يعتقون أفكارا اشتراكية ديمقراطية. ومن الممكن أن نتصور أنهم قد يصبحون يوما ما حزبا عماليا يعارض الوفد وأحزاب المعارضة الصغيرة التى تتكون فى معظمها من الأثرياء.
وكان سيف [[الإسلام]] إبراهيم على يقين من هذا النبأ إلى حد أنه أرسل برقية إلى عبد الله الوزير فى صنعاء لتهنئته بتولية الخلافة ويلتمس منه الرأفة لأبناء الإمام يحيى.


ولا أحد يعرف عل وجه الدقة العدد الحقيقى لأعضاء [[الجماعة]].
وبعث سيف [[الإسلام]] إبراهيم بالنبأ إلى [[القاهرة]] وأماكن أخرى فى الشرق الأوسط مما أدى إلى صدور العديد من البيانات الصحفية والإذاعية".


وتقدره مصادرنا بما يتراوح بين 100 ألف و200 ألف عضو ولكن مسئولا كبيرا بالشرطة المصرية يضاعف هذا الرقم كثيرا ويصل به إلى 500 ألف".
أذيع من عدن بيان الثورة وأن عبد الله بن الوزير بويع بالإمامة خلفا للإمام يحيى.


وتكشف السفارة خطة [[الإخوان]]. قالت:" [[الجماعة]] تتحاشى الصدام معنا. ومع الحكومة الوفدية, بينما تستمر فى تدعيم قوتها. ولا يعقل أن يعرض [[الإخوان]] مستقبلهم للخطر عن طريق القيام بعمل مندفع , غير عاقل , عندما تلوح أمامهم فرصة ورئيس الوزراء عازم على التصدى لجميع أشكال العصيان المدنى, ولديه القدرة على ذلك".قال أمين عثمان وزير المالية للسفير البريطانى:
وعبد الله بن الوزير كان قائدا عاما لجيوش الإمام يحيى ومحافظا للحديدة وأصبح عضوا بارزا فى ديوانه  وهو سليل بيت إمامة وعلم من أسلافه المرتضى محمد بن إبراهيم مؤلف كتاب " إيثار الحق على الخلق"!
وأوفد حاكم عدن ضابط شرطة إلى سيف [[الإسلام]] إبراهيم لينتقل إليه تعازيه الشخصية مما جعل الجميع يوقنون تماما بان الإمام... قد مات"


- ينتشر [[الإخوان]] فى جميع أنحاء البلاد وعددهم يفوق جميع أحزاب المعارضة الرسمية من حيث شعبيتهم وقوتهم ولا يمكن مقارنتهم فى هذا العدد إلا بالوفد نفسه والغالبية العظمى منهم يتميزون بالإخلاص.  
لم يعرف الثوار فى عدن حقيقة ما جرى فى قصر الإمام فى صنعاء ... فقد اعتقل " القاتل" قبل أن يقوم بمهمته فى اغتيال الإمام ولكنه – أى القاتل استطاع الهرب فظن زملاؤه الذين رأوه يهرب انه نجح فأذاعوا النبأ .


- وكن أمين عثمان على حق فيما يقول فإن [[المرشد العام]] كان مقتنعا بضرورة ان يكتمل جيل [[الإخوان]] الأول.. الجيل المستمع.. أو جيل التكوين..
وعندما عرف حاكم عدن ذلك أسرع يبرق إلى لندن قائلا:


- ويكتب السفير:
" لم أقدم التعازى إلى سيف [[الإسلام]] إبراهيم. ولكن مدير الشرطة بعث إليه تحذيرا شخصيا من الاعتداء المنتظر من جانب أخيه سيف [[الإسلام]] أحمد كما بعث إليه بجنود يحمونه من هذا الاعتداء . وربما يكون الأمير قد أساء فهم ذلك بقصد . أو بغير قصد!


- تتخذ العلاقات بين [[الإخوان]] والوفد شكل الهدنة من الناحية الفعلية ومن المفيد بالنسبة [[للإخوان]] أن يحتفظوا بعلاقات طيبة مع الوفد.  
وظل الجميع زمنا يتبادلون الاتهامات حول الخبر الكاذب ... وأن الغرض من إذاعته " التوريط"
قيل إن كان حكومة عدن التجارى فى الحديدة عرف بدخول " القاتل " إلى غرفة نوم الإمام يحيى فا برق بالنبأ إلى حاكم عدن الذى أبلغ به إذاعة لندن ولم ينتظر الثوار فى عدن ما يصلهم من مصدرهم بل اكتسحتهم الفرحة ونشروا الخبر فى صحيفة " صوت اليمن" مع الميثاق وأذاعوا أيضا تشكيل حكومة [[الدستور]].  


وطالما أن العارضة من شأنها أن تؤدى إلى إغلاق مقارهم, واعتقال قادتهم, وإلحاق أضرار جسيمة بمستقبل [[الجماعة]].
وقيل إن ولى العهد أحمد هو الذى دبر تلك الإشاعة ليكشف أوراق المتآمرين.ولكن الأقرب للمنطق فى ظل ظروف اليمن فى ذلك الزمان أنه بمجرد دخول " المسلح" غرفة نوم ظن الجميع إن الإمام الذى يناهز الثمانين لن يستطيع مقاومة قاتلة!


" بعض الوفد أن [[الإخوان]] يستغلون [[حزب الوفد]] لمصلحتهم وأنهم يميلون الآن إلى تأييد الملك.
ولكن هذه الإشاعة أكدت لولى العهد أن مؤامرة تجرى للإطاحة به وأبيه فبقى بعيدا عن العاصمة ينتظر ويستعد ... متحفزا للمقاومة.


وتوجد أدلة وقع فى معمل تكرير [[السويس]] التابع لشركة البترول الإنجليزية المصرية من تدبير اثنين من أعضاء [[الجماعة]] لا يعملان فى الشركة وتم تكوين تنظيمات جديدة للإخوان تتزايد قوتها وتأثيرها باستمرار فى جميع أنحاء البلاد.
استدعى الإمام . عبد الله بن الوزير وقال له:


وقطع القصر إعانته عن [[الجماعة]] بعد انسحاب [[البنا]] من الانتخابات ثم استأنف القصر تقديم هذه الإعانة ى [[ديسمبر]] [[1942]] وخفت تدريجيا المعارضة التى سادت صفوف [[الإخوان]] واستعاد [[البنا]] سيطرته على الحركة"
_ يا ولد يا عبد  أنت تريد ان تكون إما وهذه " تشعوبة" ... أى خيال ! استنكر عبد الله الوزير النبأ ووصفه بالإفك والبهتان وقال غن الجمعية اليمينة الكبرى استعملت اسمه لإثارة القلاقل فى صنعاء . وأكد بالإيمان المغلظة عدم علمه بشئ...


كان [[الإخوان]] يأملون كما تصر السفارة البريطانية فى انتصار المحور ألمانيا وإيطاليا وحلفائهما... ومن هنا حرصت المخابرات البريطانية والسفارة على مراقبة [[الجماعة]] لمعرفة ما إذا كانت هناك علاقات بينها وبين المحور.
ونشر ابن الوزير فى صحيفة " الإيمان" – التى تصدر صنعاء – مقالا أكد فيه " ولا لا تزعزعه العواصف للإمام يحيى وأن سيف [[الإسلام]] أحمد هو ولى الهد الشرعى الذى سبق أن بايعته بالخلافة . القلوب . قبل الأكف..!


وتبرق السفارة البريطانية إلى لندن بنتائج الرقابة . قالت: " لا توجد سوى دلائل بسيطة للغاية على اتصالهم بعملاء دول المحور منذ نشوب الحرب فالألمان والإيطاليون يرفضون مبادئ هذه [[الجماعة]] شأنهم فى ذلك شأن سائر الأوربيين. والفارق الوحيد أنهم قد يكونون أدوات لتخليص [[مصر]] من البريطانيين و[[اليهود]].
تلقى حاكم عدن تقريرا من صنعاء يقول:


ورغم أن [[الإخوان المسلمين]] قلدوا الفاشية والنازية فى تنظيماتهم إلا أنهم لا يتعاطفون كثيرا مع مبادئهما وأفكارهما كما يشاع بين الناس.
" كان الإمام يحيى مريضا جدا  مرة أخرى فى 19 من [[يناير]] بسبب معاودة إصابته بمرضه المزمن. وقد رفض أن يعالجه الأطباء ( ليس هذا غريبا فى مثل هذه الظروف.) بيد أنه استجاب بطريقة جيدة لحقن المورفين التى كان ابنه سيف [[الإسلام]] الحسين يعطيها له"


و[[الإخوان]] معادون للأوربيين والبريطانيين خاصة بسبب الوضع المتميز لبريطانيا فى [[مصر]] من جهة. وهم مسلمون متعصبون من جهة أخرى. دينى . وإذا كان قد صدر من بعض رجالنا أو من بعض شعبنا أى عمل يخالف هذا الخط, أو يدل على اتجاه سياسى فأنا استنكره وسأوقفه عند حده فورا,
وهذا التقرير يبين أن مرض الإمام فى الأيام التالية لمحاولة الانقلاب هو الذى أدى به إلى اتخاذ موقف سلبى إزاء عبد الله بن الوزير!


ويجتمع النحاس ب[[المرشد العام]] مرة أخرى في أواخر [[سبتمبر]] ليوجه إليه تحذيرا عنيفا من القيام بنشاط ضد [[الإنجليز]] ويهدد باعتقال زعماء [[الجماعة]].
نشرت صحيفة [[الإخوان]] أحداث صنعاء بأسلوب آخر . قالت:


وينتهى الأمر بتسوية الخلافات مع الحكومة. ويوقف [[المرشد العام]] كل ما يشكو منه النحاس وسراج الدين ويلزم رجاله بالانضباط فإن تهديدات النحاس كانت مؤثرة,
" مرض الإمام مرضا شديدا وتخلف عن شهودا العرض الذى كان مقررا أن يحضره فى صنعاء . وانطلقت الشائعات بوفاته . وتعجل الأحرار النبأ فأذاعوه فى عدن. وأبرقوا إلى الدوائر العربية والإسلامية والصحف فى خارجها"


وتتجنب [[الجماعة]] النشاط السياسى وتقتصر على تدعيم الكشافة . والدروس المسائية للعمال, وتنتشر شعب [[الجماعة]] وتزداد قوتها ونفوذها في الأقاليم.
فقد رأت [[الجماعة]] أنه من غير اللائق انخراطها فى مؤامرة تهدف إلى الإطاحة بملك .. بينما فاروق ملكا على [[مصر]].. ولذلك زعمت [[الجماعة]] عدم وجود معرفة مسبقة لديها عن المؤامرة , وأعلنت أنها تلقت أنباء وفاة يحيى وخلافة الوزير له ونسخة من الميثاق المقدس عن طريق برقية من سيف الحق إبراهيم فى عدن!
 
تظاهر الإمام يحيى بالاطمئنان لموقف عبد الله بن لوزير...
قال هيوارث دان " إن [[الجماعة]] عندما تواجه حكومة قوية تقتصر نشاطها على الدين , وتتحول إلى [[السياسة]] أمام الحكومات الضعيفة"!
ولكنه أخذ يستعد لمقاومة الثورة القادمة فأمر أتباعه بإخفاء عشرة ملايين جنيه من الذهب فى مكان سرى . وقتل  الذين اشتركوا فى هذه العملية لضمان السرية الكاملة.


وتهاجم الشرطة منزل [[البنا]] يوم 24 [[أكتوبر]] بحثا ‘ن أية كتيبات أو منشورات دعائية لصالح المحور, وتلقى القبض على اثنين من قيادات [[الجماعة]] بالأقاليم بتهمة التورط في طباعة منشورات لدول المحور وتوزيعها.
استمرت البلبلة شهرا ثارت خلاله عدة أسئلة عن بيان الثورة .. الصادر قبل موعده.


'''قال  تقرير للسفارة البريطانية'''
شرح حاكم عدن موقف الإمام يحيى ذلك الشهر فقال:


"بذل [[البنا]] قصارى جهده لفرض الالتزام على أتباعه. ونجح فى الحصول على موافقة الحكومة بإعادة فتح عدد من مقار [[الجماعة]] التى أغلقتها الشرطة. أخذت [[الجماعة]] تتحاشى التعرض للمسائل السياسية.  
" ما زال الشئ الذى يحتاج إلى تفسير كيف أن مؤامرة واسعة النطاق بهذه الصورة لم يترتب عليها – إذا كانت قد فشلت  حقا – توقيع عقوبات قاسية على العديد من زعماء  المتآمرين .


وركزت جهودها على زيادة عدد أعضاء الجوالة وتدريبهم وتنظيم الفصول الدراسية المسائية للعمال وكان لتهديدات النحاس باشا بتوجيه اجراءات عقابية صارمة ضد [[الإخوان]] أثرها فجعلهم أكثر حذرا".ويكتب السفير البريطانى اللورد كيلرن  إلى لندن يوم 17 من [[نوفمبر]] [[1942]]:
وإذا كان الإمام يتمتع بحريته وقدراته فإنى استخلص أن المؤامرة قوية لدرجة طاغية والإمام  عاجز عن التعامل معها , ومسموح له أن يعيش مجردا من القدرة على الاعتراض على أى شئ.


الحرب فستنال [[الجماعة]] تأييدا كاملا من دول المحور. أما إذا انتصرت بريطانيا فستتعامل مع المصريين على نحو ما تعاملت به مع عرب [[فلسطين]]".
وإذا كان الإمام قد أصبح عاجزا فإن هذه الحقيقة يخفى بعناية والموقف غامض جدا. ويجب متابعة  الأنباء بحرص والتعامل معها بتحفظ".


ويحاول [[الإخوان]] التقرب إلى صاحب الجلالة  الذى غضب لتنازل [[البنا]] عن الترشيح فى الانتخابات ضد الوفد فيتوجه [[المرشد العام]] إلى قصر عابدين ليرفع إلى فاروق العدد الأول من مجلتهم نصف الشهرية.
كانت خطة الثورة فى البداية انتظار موت الإمام يحيى موتا طبيعيا فهو مريض مسن.


وتتدخل السفارة البريطانية ضد [[الإخوان]] فحظرت الحكومة الوفدية فى [[سبتمبر]] [[1942]] الاجتماعات العامة وهددت [[الإخوان]] باتخاذ المزيد من الإجراءات الانتقامية نحوهم.
ولكن رأى الثوار التعجيل بالثورة فقد كشفت ترتيباتهم . وبدأ الإمام – الذى  شفى من مرضه – بمهد لضرب رجالات الثورة مما ولد حالة من الفزع فى صفوفهم إذ كانوا فى متناول قبضته. فلم يبق لديهم خيار فإما أن ينتظروا الضربة التى تقع أو أن يبادروا  إلى تحاشيها بالقضاء على الإمام .


ويتلقى [[المرشد العام]] تحذيرا قويا من القيام بأية أنشطة معادية لبريطانيا أو الحكومة حتى لا تتعرض قيادات [[الجماعة]] للاعتقال ويستدعى [[فؤاد سراج الدين]] [[المرشد العام]] . قال له:
خرج الإمام يحيى يوم 17 من [[فبراير]] [[1948]] فى سيارته إلى قرية " حيز " التى تبعد عشرة كيلو مترات عن صنعاء . وكانت عادة الإمام أن يخرج إلى الجبل يوميا ومعه حفيده.


- يا شيخ حسن عايز أعرف أنتم جماعة دينية أو حرب سياسى ؟ أحنا ما عندناش مانع أبدا أنكم تكونوا حزب سياسى.
أعد له كمين.


- أعلنوا على الملأ أنكم يتشغلوا ب[[السياسة]] وأنكم كونتم حزب سياسى ولا تتستروا بستار الدين ولا تتخفوا فى زى الدين.أما أن تتستروا تحت شعار الدين. " والله أكبر ولله الحمد" وفى نفس الوقت تقوموا بالعمل السياسى وتباشروا [[السياسة]] الحزبية فهذا غير معقول لأنه يخل بمبادئ تكافؤ الفرص بينكم وبين [[الأحزاب]] السياسية
أعترضت موكبه إحدى السيارات الثورة ومعها مدفع رشاش وضع على عربة لورى فأطلقت منه رصاصات استقرت  خمسون منها فى جسد الإمام المريض فمات فى الحال ومعه رئيس وزراه القاضى عبد الله العمرى وخادمه.


أنا كرجل سياسى حزبى لا أستطيع أن أهاجم جماعة دينية تنادى بشعارات دينية سامية وإلا سأكون محل استنكار من الرأى العام.
وقتل ولداه الحسين ومحسن عندما أرادا مقاومة الثورة . وتركا بدون دفن ثمانية أيام كاملة كما قتل حفيد الإمام. واعتقل ثلاثة من أبنائه وهم القاسم وعلى وإسماعيل.


أبلغ زعماء القبائل والمحافظون فى أنحاء اليمن بأن الإمام توفى بالسكتة القلبية ولكن خبر  موته الدموى انتشر بين الناس ووصل إلى القرى مثيرا الشكوك تجاه الحكم الجديد.


رد الشيخ [[البنا]]
فى [[القاهرة]] قالت صحيفة [[الإخوان]]." توفى جلالة الإمام إلى رحمة الله, وحاول رئيس الحكومة السابقة مع بعض الأمراء أن يعارضوا الوضع الجديد فاعتدى عليه بعض أنصاره"


- نحن لم نفكر  فى العمل  ب[[السياسة]] ونحن رجال دين فقط, ورجال فكر المخابرات البريطانية بأن [[البنا]] ذكر لبعض رجاله المقربين أن انتصار الألمان والإيطاليين أصبح وشيكا وأنه فى انتظار تعليمات من الألمان لتنفيذ مخططات تخريبية وراء خطوط [[الإنجليز]]".
لم تكن لبريطانيا , أو الولايات المتحدة . سفارة أو مفوضية فى صنعاء وكانت بريطانيا تمارس علاقتها باليمن من خلال حاكم عدن.


'''قالت السفارة البريطانية''':
قال تقرير لوزارة الخارجية البريطانية:


يعتمد موقف [[الإخوان]] تجاه الألمان على مبدأ تبادل المنفعة معهم.
" هناك سخط شعبى نتيجة للحكم الطاغى والاستبداد لملك اليمن السابق وبعد محاولة فاشلة فى [[يناير]] لعبد الله الوزير كبير أسرة حاكمة فى ليمن ووزير الدولة السابق نجح مبدئيا فى القيام بثورة وأرسى قواعدها فى العاصمة وأجب خصمه الأول سيف [[الإسلام]] أحمد – أكبر أبناء الإمام الراحل –على اللجوء إلى جنوب اليمن".


ونحن بدورنا أى [[الإنجليز]] لا نثق فى الرغبة التى أبداها [[البنا]] فى التعاون مع الوفد وتركيز نشاط جماعته على قضايا الإصلاح الدينى فما زالت التقارير تتوالى عن الخطط التخريبية التى تعدها الجماعى.
أما الولايات المتحدة فعلاقتها باليمن عن طريق المفوضية الأمريكية فى جدة فى بريقية من ريفز شايلدز القائم بأعمال المفوضية الأمريكية فى جدة قال:


وليس بمقدور المرء أن يغفل أصالة البرنامج الاجتماعى للجماعة فقد أعلن متحدث باسمها أن الفقر الذى يطحن جماهير الشعب فى وقتنا الحالى نتج عن طغيان الأغنياء وتصدير المواد الغذائية إلى الخارج بطريقة غير مشروعة.  
" قام باغتيال ضابطان يمنيان و26 جنديا والضابط الرئيسى هو المقدم غالب سرى – من أصل تركى ومساعدة ابن السلال , من أصل يمنى درس  فى العراق – ودبر الاغتيال جمال جميل مدير الأمن العام فى اليمن . وهو عراقى"


وهاجم تسامح الحكومات مع بعض العادات المذمومة التى وفدت إلى البلاد من الغرب مثل القمار وشرب الخمور وطالب بتطبيق الشريعة الإسلامية تطبيقا كاملا.
ولكن كاتب " ثورة [[1948]] " يقول إن الشيخ اليمنى ناصر القردعى هو الذى قتل الإمام مع 15 رجلا.
وأعد كمين مشابه لولى العهد أحمد فى ضواحى تعز ولكنه تمكن من الهرب بعد أن تنكر فى ملابس الجنود.
بويع عبد الله بن الوزير أمير للمؤمنين وإمام للمسلمين يوم 17 من [[فبراير]] عام [[1948]].


وأرجع [[البنا]] كافة أشكال انحلال الخلقى التى تعانى منها البلاد إلى النفوذ الغربى.وفى [[سبتمبر]] ظهر العدد الأول من مجلة [[الجماعة]] الأسبوعية " [[الإخوان المسلمون]]" بعد أن حصلت على موافقة الحكومة لم يحو هذا العدد شيئا سوى المقالات البلاغية المستحسنة والتى  جديد فيها".وقالت تقارير المخابرات البريطانية:
كان الإمام الجديد فى الستين من عمره عرف بتمسكه بحقوق بلاده ودينه وعروبته


" أن قيادات [[الجماعة]] أعلنت فى اجتماع سرى لها أنه إذا خسرت بريطانيا الذين ينتمون إلى الطبقات الفقيرة فمبادئ [[الجماعة]] تدعو إلى العودة إلى الشريعة الإسلامية.
وكان مشهورا بأنفته وشموخه وكثرة صمته مما جعل بعض الناس يتهمونه بالكبرياء .


ومن غير المتوقع أن تحل مثل هذه [[الجماعة]] ضيقة الأفق, والمعوقة للتقدم محل حزب قومى كبير مثل الوفد رغم ما يلجأ إليه [[الإخوان]]. بين الحين والآخر من محاولات لاجتذاب هذه العناصر ذات الثقافة السطحية إلى معاداة الأجانب"غضب [[الإخوان]] من النحاس عندما قبض على [[على ماهر]] فى [[أبريل]] واعتبروا ذلك ضربة موجهة إليهم.
قال أحمد الشامى فى كتابه " رياح التغيير فى اليمن " إن عبد الله الوزير كان روحانيا متصوفا , إذا لم يجد فى مجلسه من لا يستحق الحضور معه بحسه وشعوره وفكره سبح فى عوالم أخرى. مفكرا أو مسبحا ومهللا أو مستغفرا. أو متذكرا"...


قالت المخابرات البريطانية:
وكانت لهذه الصفات أثرها فى تغيير مصير الثورة اليمنية!


" عقد [[الإخوان]] هدنة مع الوفد ربما فى جو من الاحترام المتبادل بعد أن أدرك [[البنا]] أن بمقدور النحاس أن يشجع [[الجماعة]] بينما أدرك النحاس أن [[الإخوان]] يمكن أن يسببوا له مشكلة كبيرة  إذا تحدوه.
اختارت  الثورة [[مصر]]يا من أعضاء البعثة التعليمية المصرية فى اليمن من جماعة [[الإخوان]] وهو الدكتور مصطفى الشمعة – الذى أصبح بعد ذلك عميدا لكلية آداب جامعة عين شمس ليكون مديرا للإذاعة فجعلها تعمل أربع ساعات يوميا.


وصار بوسع [[البنا]] أن يعتمد  على تعاطف أعداد لا بأس بها من رجال الشرطة والمسئولين الحكوميين من [[الإخوان]] وخاصة فى الأقاليم.
وكان يقوم بدور المذيع والمقرئ والمطرب ومعد نشرات الأخبار والأحاديث !


ولكن عندما تقدم الألمان نحو العلمين زاد حماس [[الإخوان]] فألقوا بعض الخطب المؤيدة للألمان".وقالت المخابرات البريطانية:
ويقرر مجلس وزراء حكومة الثورة , أو حكومة [[الدستور]] كما أطلق البعض عليها تعيين الورتلانى أول مستشار عام للدولة . ويطلب من الشيخ [[البنا]] والفريق [[عزيز المصرى]] أن يكونا من المستشارين العموميين للحكومة!


" ألقى [[البنا]] خطابا أعلن فيه تأييده القوى للألمان  ولكن ذلك لم يثبت أبدا وظلت خطبة الأخرى تدور حول سياسته الدينية.
طلب الأمير إبراهيم من حاكم عدن " ريجنالد شامبيون" طائرة تابعة للسلاح الجوى الملكى البريطانى نقله غلى صنعاء . وطلب عبد الله بن الوزير من حاكم عدن المساعدة.


وأعطى لمعاونيه فى أحاديثه الخاصة انطباعا بأنه يرغب فى تحاشى وقوع صدام مع حكومة الوفد أو [[الإنجليز]]"
كان الحاكم يعرف مساوئ حكم الإمام يحيى ويميل لتأييد الثورة . ولكنه  تردد  فى الإستجابة لهذه الخطوة فهى تعنى الاعتراف بالنظام الثورى الجديد فى اليمن.


تقدم الألمان إلى العلمين على بعد مائة كيلو متر من [[الإسكندرية]] . فقالت وبنى النحاس حساباته على تأمين نفسه من مؤامرات القصر ودسائسه التى تحاك ضده بواسطة [[الإخوان المسلمين]].وانتهجت الجمعية سياسة الدعم السلبى للوفد.
بعث إلى لندن يطلب رأيها!


ولجأ [[البنا]] إلى سياسة الترقب وكله أمل فى انتظار الفرج واتسم تعاونه مع الوفد بأن أهدافه أخرجت الجمعية ومرشدها العام من المعمعة ... سالمين"!
بحثت وزارة الخارجية البريطانية الموقف من جميع نواحيه وأعدت مذكرة جاء فيها:


بعث السفير البريطانى إلى لندن يوم 28 من [[مارس]] [[1942]] يقول:
" الشواهد لدينا غير كافية لنحدد ما إذا كان الحكم الجديد قد استقر كما  يدعى ولكن اثنين من أبناء الإمام السابق – وهما سيف [[الإسلام]] أحمد وسيف [[الإسلام]] الحسن – ما زالا طليقين وقد يحاولان القيام بتمرد مضاد.


" كتب رئيس [[الإخوان المسلمين]] , عند انسحابه من الترشيح للبرلمان خطابا إلى رئيس الوزراء يعده بالتعاون مع الحكومة مما يعنى ضمنا الولاء للمعاهدة الإنجليزية المصرية.
وإذا كان عبد الله بن الوزير قد جاء ليبقى فهناك ميزات واضحة فى تبنى موقف ودى تجاهه فى الحال .  


وربما تم التوصل إلى هذه النتيجة بمزيج من الإرهاب والرشوة ولكن قيمتها مشكوك فيها.وأخذ [[الإخوان]] يتباهون بما يتمتعون به من تأثير لدى جميع وحدات الجيش المصرى. وقرر النحاس فرض قيود على بيع المشروبات الكحولية فى أوقات معينة  يوميا وخلال شهر رمضان وفى الأعياد الدينية.
ونطلب السماح بتمثيل دبلوماسى بريطانى فى صنعاء ورسم الحدود بين اليمن ومحمية عدن على أساس معاهدة صنعاء عام [[1934]] وإذا أيدنا من البداية نظام الحكم الجديد فستكزن أمامنا فرصة أفضل لضمان موافقة يمنية على هذين الاقتراحين.


'''واتخذ بعض الإجراءات الضرورية لحظر ممارسة الدعارة'''
ومن ناحية أخرى إذا ألزمنا أنفسنا بالاعتراف بنظام حكم سوف ينهار فإننا بطبيعة الحال – سنكون فى موقف أسوأ.


وقام فورا بإغلاق بعض لمواخير وسمح باستئناف [[الجماعة]] لبعض أنشطتها, بما فى ذلك إصدار بعض المطبوعات وعقد الاجتماعات"
ولما كان عدن  هو المصدر الوحيد لمعلوماتنا فينبغى أن نعتمد عليه لتفادى هذا الخطر , ولذلك يجب أن نترك له حرية  الحركة مع التأكيد على الحذر فلابد من أن نكون على يقين من استقرار الثورة قبل عمل شئ قد يعتبر اعترافا ضمنيا بها".وافقت الحكومة البريطانية على هذه [[السياسة]] فقد وجدت " أن الثورة لم تستقر تماما".


ولكن السفير البريطانى السير ما يلز لامبسون اللورد كيلرن كان قصير النظر فلم يتوقع [[للإخوان]] ما تحقق لهم كتب إلى لندن يقول:
وطلبت من حاكم عدن أن يرفض طلب الأمير إبراهيم بإعطائه طائر وأن يتحسس الحاكم خطواته ببطء!
وكان القرار البريطانى يعنى الانتهازية ... والانتظار حتى تستقر الثورة !


" تجذب جماعة [[الإخوان المسلمين]] إل صفوفها  المسلمين المتدينين البسطاء أعلنتموه متمسكين دائما بآداب [[الإسلام]] العالية وتعاليمه القوية وأخلاقه الفاضلة".وفى هذا البيان أو الرسالة المفتوحة التى وجهها الشيخ [[البنا]] إلى النحاس باشا إعلان بولاء [[المرشد العام]] للحكومة والتزامه بمعاهدة [[1936]]!
ولكن الأمير إبراهيم لم ينتظر بل قام وزملاؤه بالسفر إلى صنعاء بطريق البر .


فسر أعضاء [[الجماعة]] الانسحاب بأنه استسلام مهين وانتقدوا بعنف [[البنا]].
رفض سيف [[الإسلام]] عبد الله – شقيق الإمام أحمد – الاعتراف بعبد  الله الوزير إمام .


وأصيبت [[الجماعة]] بانقسام مؤقت وتأثرت أنشطتها تأثيرا بالغا رغم جهود [[البنا]] لتبرير الانسحاب وإلقاء اللوم على البريطانيين بتحريض النحاس ضده...
وأبرق من باريس إلى صحافة [[القاهرة]] يقول:" المأساة مفجعة ولا يمكن أن تقوم مبايعة شرعية حرة تحت جو من الضغط ولا يوجد من به دم يجرى , وعرق ينبض , إلا ويؤيد انتصار الحق وعودة الأمور إلى مجراها تحت راية الإمام الشرعى جلالة الإمام أحمد نصره الله.ولابد من معاقبة المجرمين".


كان بين الغاضبين على انسحاب [[البنا]], [[عمر التلمساني]] الذى أصبح – فيما  بعد مرشدا عاما [[للإخوان]]. فانقطع عن التردد على [[المركز العام]]. افتقد [[البنا]] صاحبه وسأل عن السبب.
وأسرع سيف [[الإسلام]] عبد الله إلى [[القاهرة]] يزور والترس مارت الوزير المفوض للشئون الشرقية بالسفارة ليتأكد من حياد بريطانيا إزاء أحداث اليمن سأله:- هل تساندون أو تنوون تأييد عبد الله بن الوزير؟


قيل: إنه غاضب لانسحابك من المعركة. أرسل [[البنا]] خطابا إلى [[التلمسانى]] لمقابلته .
آمل صدور بيان حكومتكم بالتزام الحياد وألا تدخل أية سفينة حربية بريطانية المياه الإقليمية كما آمل ألا توجهوا أى تشجيع أو مساعدة لحزب الأحرار اليمنى فى عدن.


رد عليه بخطاب فحواه عدم الجدوى من المقابلة.
وقال :


بعث [[البنا]] إليه [[عبد الحكيم عابدين]] و[[عبده قاسم]] من قيادات [[الإخوان]] فحملا [[التلمسانى]] على الحضور حيث لقيه وأقنعه.
- لقد أفزعتني أنباء صحفية تشير إلى قيام سفن حربية بريطانية بعمليات فى مضيق باب المندب.


واعترفت السفارة البريطانية فى برقياتها بان النحاس عرض مساعدة [[الإخوان]] إذا تعاونوا معه ولذلك أعلن [[البنا]] ولاءه للحكومة والتزامه بالمعاهدة.
- رد والترس مارت:


وفى كتاب الكاتب السوفيتى سيرانيان وعنوانه " [[مصر]] ونضالها من أجل الاستقلال" قال: " أكتفى النحاس بتأكيدات [[البنا]] بأنه سيساند الحكومة الوفدية. ونشر النبأ  بهذه الصورة دانه  للنحاس  باشا وإقرار بأن التنازل عن الترشيح تم بناء على ضغوط الباشا التى قيل إنها نصيحة!  
- - لم تعرف لحكومة البريطانية بالإمام الوزير , ولن تعترف بأى إمام فى اليمن حتى تهدأ الأمور ويستقر النظام!
==النكسة==


وقالت الأهرام": إن رئيس الوزراء  استقبل [[المرشد العام]] للمرة الثانية على  رأس وفد من الجمعية وقدم إليه كتابا يؤيد سياسة الوزراء.  
أعلن [[الإخوان المسلمون]] من اليوم الأول تأييدهم للثورة فى اليمن ونشطوا فى [[مصر]] و[[سوريا]] والعراق يحركون رجالهم لمطالبة دول الجامعة العربية بالاعتراف بعبد الله الوزير وحكومته.


قال [[المرشد العام]] فى رسالته لرئيس الوزراء مقدمة قصيرة.
وهنأ [[المركز العام]] وصحيفة [[الجماعة]] " الأمة اليمنية الشقيقة بنظامها الجديد وإمامها الصالح".


"تحدثتم رفعتكم إلى الأمة  المصرية الكريمة حديثا رائعا جليلا ضمنتموه كثيرا من المبادئ القويمة والأمانى الطيبة التى يسر كل مصرى أن يحققها الله على يديكم.
وأبرق لمرشد للإمام مهنئا فأذيعت برقيته من إذاعة صنعاء ووصفت صحيفة [[الإخوان]] ألإمام الجديد فقالت:


دعوتكم الأمة إلى مصارحتكم والتقدم غليكم بالنصح" فنحن أبناء أسرة واحدة وهى الأسرية المصرية الكريمة وقررتم رفعتم انه من دواعى سروركم أن تتعاون الأمة والحكومة فى هذه الظروف الدقيقة" فى تنفيذ سياسة خارجية حكيمة وتعميم سياسة داخلية بصيرة..
" عرف الإمام عبد الله الوزير بن الوزير الإمام الجديد بدينه وتقواه, وفقهه وعلمه واجتهاده ,
وأصالة الرأى ونضوج الفكر , وعظيم الغيرة على الدولة وأنه فقيه اليمن وشيخها وعالمها وحفيد الأئمة من آل الوزير"


والواجب يقضينا والمصلحة تدعونا إلى أن ننفذ بإخلاص وحسن نية أحكام المعاهدة التى وقعناها بمحض اختيارنا وملء حريتنا وقصدنا من ورائها سلامة استقلالنا القومى والاحتياط لمثل هذه الظروف العميقة.
وقالت صحيفة [[الإخوان]]:


وختمتم هذا الحديث بأن علينا أن " نعبر الطريق المحوط بالمخاطر. متعاونين متحدين كالبينان المرصوص , مترقبين بزوغ فجر الحرية, فيقوم عدل الحكام على أنقاض الظلم والاستبداد وتتفيأ الأمة ظلال الطمأنينة والسكينة والسلام".
" لا ينتظر أن يحدث شئ من حروب أهلية أو ثورات داخلية ف‘ن الوضع الجديد أختمر فى النفوس والرءوس من قبل وهو أمنية الجميع رؤساء ومرءوسين".


" أصغينا إلى هذا الحديث القيم ثم قرأنا  فى الصحف أن معالى وزير الصحة أخذ يدرس باهتمام مشكلة البغاء تمهيدا لتخليص [[مصر]] من وصمته الشائنة أنه قرر فعلا البدء بإلغاء دور البغاء فى القرى والبنادر من أول [[مايو]] المقبل.
ونشرت الصحيفة – بعد 48 ساعة من قيام الثورة – " الميثاق الوطنى المقدس " للحكومة [[الدستور]]ية الجديدة.


ف[[الإخوان المسلمون]] أمام هذه الآمال الصالحة والأعمال الطيبة النافعة, يرون من واجبهم أن يستجيبوا لندائكم ويعلنوا أنهم حريصون كل الحرص  على أن يكونوا عونا لكم وللحكومة المصرية فى تحقيق
وقالت إنها " تنفرد بهذا النشر لا فى [[مصر]] وحدها بل فى جميع بلاد الأرض"!


برنامجكم  الاصلاحى الذى  وفى مقال كتبه محمد عفيفى شاهين رئيس تحرير مجلة " الحوادث " الوفد قال : إن [[البنا]] أصبح شهيدا بانسحابه.
وهذا يدل على أن الميثاق كان موجودا لدى [[الجماعة]] فى [[القاهرة]] ... فقد شاركت فى إعداده وارتبطت بالثورة قبل قيامها!


ولكن انسحاب [[البنا]] كان عملا صائبا وإذا كان النحاس قد هدد بالاعتقال فإن رئيس الوفد فى ذلك الزمان . وفى ظروف الحرب لم يتردد بعد ذا اعتقال [[مكرم عبيد]] و[[على ماهر]] وغيرهما كثيرون.
قال الدكتور الصائدى:


وفى كتاب رتشارد ميتشيل قال : إن الاجتماع بين النحاس و[[البنا]] جمع بين الترغيب والرشوة أو الرغبة والرهبة  فإن النحاس عرض على [[البنا]]  مقابل الانسحاب:
" لعب الفضيل الورتلانى دورا أساسيا فى وضع الترتيبات اللازمة لانتقال الإمامة بعد موت يحيى إلى عبد الله الوزير.


1- حرية [[الجماعة]] فى استئناف أعمالها على نطاق شامل.
وقد شملت هذه الترتيبات تحديد أسماء أعضاء الحكومة والموظفين الشوربين ومديرى الوزارت".


2- أن تعد الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لحظر المشروبات الكحولية والدعارة.
وأكدت صحيفة [[الإخوان]] تأييدها للثورة مرة أخرى يوم 22 من [[فبراير]] سنة [[1948]].


عقد [[الإخوان]] اجتماعا قرروا فيه عدم الإذعان لرغبة النحاس تماما كما حدث عندما نقل سرى باشا زعيم [[الإخوان]] إلى [[قنا]].
قالت :


وكما حدث فى قرار النقل فى عهد سرى وافق لبنا فى نهاية المطاف على الانسحاب من المعركة الانتخابية!
" ليس موقف [[الإخوان]] غامضا ولا غريبا فى هذه القضية من أولها إلى آخرها .


نشرت صحيفة الأهرام " سوم 23 [[مارس]] [[1942]] أن رئيس الشئون الدينية بمجلس الوزراء.  
كان اليمنيون ب[[القاهرة]] يترددون على [[المركز العام]] فيجدون من [[الإخوان]] مشاركة فى مشاعرهم وعطفا على مطالبهم.


ودار الحديث حول تنازل الشيخ [[البنا]] عن ترشيح نفسه لمجلس النواب عن دائرة [[الإسماعيلية]].
وقد فوضت الجمعية اليمنية الكبرى [[المرشد العام]] فى التحدث باسمها أمام  الجامعة العربية".


وقد أصغى [[المرشد العام]] إلى نصائح رفعة رئيس الوزراء وتوجيهاته السديدة وعلى إثر ذلك أعلن تنازله عن ترشيح نفسه عملا بنصح الرئيس".
وأعلنت الصحيفة " أن النظام الثورى  الجديد فى اليمن يلقى من الشعب كل تأييد , وينال ثقته التامة. بل هى أمنيته وهدفه الذى لقى الأحرار فى سبيل الوصول إليه كل صنوف العنت والاضطهاد.


'''قال لنحاس''':
وهو نظام مطابق لما يقضى به المذهب الزيدى الذى لا يقر الإمامة بالوراثة بل تكون بالبيعة ورضاء الشعب.


- يا حسن. أنا مسلم مثلك . وأعرف قواعد الدين وأصوله. من حقك الوعظ والإرشاد والدعوة إلى احترام القيم. ولكنى أرفض دخولك فى [[السياسة]] للوصول إلى الحكم إنى أمنع ذلك بكل قوة
وليس السيف أحمد – ولى العهد – بالشخص الذى ينال ثقة اليمنيين أو يجد فيهم أنصارا يحدثون شغبا من أجله.


- نفى [[البنا]] أنه يريد الحكم والسلطة . قال:
واليمن هادئة مطمئنة إلى عهد الشورى وإلى القائمين عليه ولا ينقصها حتى تستعيد تاريخها المجيد – إلا أن تؤازرها الجامعة العربية ودولها".


- سمعا وطاعة. وإذا كان أحد زملائى قد انحرف فى هذا  فأنا كفيل برده إلى حقيقة الدعوة وهى مكارم الأخلاق والقيم الدينية.
استأجر [[الإخوان]] طائرة خاصة أقلت عبد الحكيم عابدين السكرتير العام للجماعة وأمين إسماعيل سكرتير تحرير صحيفة [[الإخوان]] وعبد الرحمن نصر مدير وكالة الأنباء العربية.


- قال النحاس:
وحمل الوفد معه مكبرات للصوت بهدف دعوة القبائل لتأييد الثورة كان فى انتظار وفد [[الجماعة]] بمطار صنعاء الأمير البدر الابن الوحيد
للسيف احمد وحسين الكبسى وزير الخارجية وعدد من الوزراء مما يدل على اهتمام حكومة الثورة ب[[الإخوان]].
أصبح عبد الحكيم عابدين خطيب الانقلاب فى إذاعة صنعاء .


- لا تشتغلوا ب[[السياسة]] ولا ترشحوا أنفسكم فى مجلس النواب.وقال [[البنا]] لإبراهيم فرج بعد اللقاء:
وكان يساعده فى الخطب ووضع برامج الإذاعة [[الإخوان المسلمون]] المصريون الذين يعملون مدرسين فى صنعاء.عادت الطائرة إلى جدة تقل وفدا يمنيا للقاء ممثلى  الجامعة العربية يتألف من  نجل الإمام الجديد عبد الله بن على بن الوزير , والفضيل الورتلانى ووزير المعارف فى حكومة الثورة ..  


- كان النحاس باشا عنيفا ومنفعلا.
ومحمد محمود الزبيرى لشرح الموقف فى اليمن للملك عبد العزيز.


والرواية الثالثة جاءت فى تقرير للمخابرات البريطانية:
زار الوفد اليمنى " تروت" القائم بالأعمال البريطانى وكرر له طلب الدبابات والطائرات ولكن " تروت " اعتذر قائلا:


" خشى النحاس أن يثبت [[البنا]] أنه منافس قوى للوفد وهدده بالاعتقال مع كبار قادة [[الإخوان]] إذا لم يذعن وهدده بمحاكمته أمام محكمة عسكرية بتهمة التجسس.
- لا أملك سلطة التصرف فيما يختص باليمن وأى طلب يجب أن يقدم إلى حاكم عدن فعلامات اليمن ببريطانيا تتم عن طريقه
 
وهدده النحاس أيضا بنشر اتهامات مزعومة حول أسلوب [[البنا]] فى التصرف فى أموال [[الجماعة]]!
 
ورد النحاس للبنا 450 جنيها كتعويض عن التأمين الذى دفعه مقابل الترشيح ونفقات الدعاية التى صرفها!
 
وهذا التقرير يكشف عن حقيقة هامة هى ان الوفد بدأ يخشى من منافسة [[الإخوان]] ويعنى الوفد للبنا وانسحابه أيضا يدل على أنه عنصر هام فى الشارع السياسى المصرى.
 
وهناك عدة روايات لما جرى فى الاجتماع بين [[مصطفي النحاس]] و[[المرشد العام]]..
 
الرواية الأولى  قالها [[البنا]] فى اجتماع بالشارع الثلاثين ب[[الإسماعيلية]] عقب تنازله عن الترشيح مباشرة:
 
- دعانى [[مصطفي النحاس]] باشا إلى مكتبه وطلب منى التنازل عن الترشيح قلما سألته عن الأسباب قال:
 
- البلد فى حالة حرب.. ومصلحة البلد أن تتنازل قلت:
 
- ألا يكفى أن الحكومة قيدت خطواتى ولا تسمح لى بالسفر خارج [[القاهرة]] إلا بإذن من وزارة الداخلية والدعوة بهذه الصورة لا تجد مجالا للإنطلاق فيكون التنازل عن الترشيح حجرا على الدعوة والداعية.
 
- قال [[مصطفي النحاس]]:
 
- فى حالة قبولك التنازل لا مانع عندى من أن تكون لك حرية الدعوة فى كل مكان.
 
- قال [[البنا]]:
 
- أمام هذا التصريح أوافق على التنازل عن ترشيح نفسى وقال [[البنا]] فى خطابه ب[[الإسماعيلية]].
 
- لم نرد من الترشيح إلا أن نجد منبرا نعلن فيه عن دعوتنا فإذا تيسر لنا فى حدود الظروف التى يتاح لى أن أفصلها حين تسمح الظروف نكون قد وفقنا إلى أحسن الحلول!
 
- والرواية الثانية نشرها إبراهيم فرج الوزير الوفدى فى كتابه " ذكرياتى السياسية " بعد أكثر من ربع قرن, وكان كل من [[البنا]] والنحاس قد انتقلا إلى رحاب الله. وعندما يترك الوفد الحكم فى النهاية فسيواجه [[البنا]] ببديلين يتعين عليه الاختيار بينهما.
 
1- أن يجرب حظه مع الوفد ويسعى لمناصرته وهو فى المعارضة
أو:
 
2- أن يعرض خدمات [[الإخوان]] على الحكومة الجديدة أملا فى الحصول على معاملة تفضيلية مثل التى كان يتمتع بها فى حكم الوفد.
 
وإذا اختار [[البنا]] الطريق الأول فسيكون حظ آية حكومة قادمة صعبا للغاية وسيصبح أمن البلاد مهددا بدرجة خطيرة.أما إذا سلك الطريق الثانى وساعد الحكومة غير الوفدية فى الصمود أمام هجمات الوفد المعارض مقابل مزايا مختلفة فسيؤدى الصدام الناتج عن هذا الأسلوب إلى وقو تهديد خطير للأمن العام.
 
ويبدو واضحا أن [[الإخوان]] فى طريقهم ليلعبوا دورا بارزا فى آية تطورات سياسية مقبلة".
 
اقبل [[مصطفي النحاس]] يوم 8 من [[أكتوبر]] [[1944]] بعد 24 ساعة من توقعه بروتوكول الجامعة العربية وتولى [[أحمد ماهر]] باشا رئاسة الوزارة فى اليوم نفسه فشكلها من أحزاب الأقلية الأربعة : الحزب السعدى الذى يرأسه ماهر باشا والأحرار الدستوريين والكتلة و[[الحزب الوطني]].
 
كان [[أحمد ماهر]] فى التاسعة والخمسين.
 
درس الحقوق فى [[مصر]] ونال الدكتوراه من جامعة مونبليية الفرنسية واختاره [[سعد زغلول]] وزيرا للمعارف فى وزارته عام [[1924]] .
 
وأتهم مع [[محمود فهمى النقراشى]] وزير خارجية بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى .. ولما صدر الحكم ببراءته عام [[1926]] استقال القاضى البريطانى كيرش والذى رأس الجلسة احتجاجا على حكم البراءة
 
'''وكان [[سعد زغلول]] يصفه " بالوطنى الصامت"'''
 
اختير نائبا أكثر من مرة وتولى منصب رئيس تحرير صحيفة " كوكب الشرق الوفدية عام [[1934]] وأختير رئيسا لمجلس النواب عام [[1936]].
 
وبعد طرد [[النقراشى]] من الوفد عام [[1937]] انضم إلى [[النقراشى]] وانفصل عن الوفد وأسس حزب السعديين قائلا أنه وأنصاره الممثلون الحقيقون ل[[سعد زغلول]].
 
تولى منصب وزير المالية عام [[1938]] وانتخب رئيسا لمجلس النواب عام [[1939]] وهو شقيق [[على ماهر]] باشا رئيس الوزارة السابق.
 
أراد [[أحمد ماهر]] تدعيم صلته بالسفارة البريطانية ليستعين بها على مقاومة رغبات القصر والوقوف فى وجه الملك قدر الطاقة. وبدأ الوزراء اتجاها ليبراليا بالامتناع عن اعتقال خصومه السياسيين وغيرهم.
 
وحل [[أحمد ماهر]] مجلس النواب يوم 15 من [[نوفمبر]] وحدد 8 من [[يناير]] [[1945]] موعدا لإجراء الانتخابات.
 
رشح [[البنا]] نفسه فى الانتخابات عن دائرة [[الإسماعيلية]] كما رشح خمسة من [[الإخوان]] أنفسهم فى دوائر أخرى فقد وجدوا الساحة شبه خالية أمامهم فالوفد قاطع الانتخابات وبعيد عن المعركة. والحكومة لا تمثل إلا أقلية شعبية ولذلك يمكن اعتبار الانتخابات اختبارا لقوتهم السياسية.
 
== مهد [[الإخوان]] لذلك.. ==
 
كتب الشيخ أبو زهرة : [[الإسلام]] يبيح دخول الانتخابات طالما أن فى ذلك نشر [[الإسلام]]" وقال الشيخ [[على الخفيف]]:" لا مانع شرعا يمنع الجماعات الدينية من دخول البرلمان والاشتراك فى الحكم بصفة عامة".
 
وكتب [[المرشد العام]]: ليس البرلمان وفقا على أصوات دعاة [[السياسة]] الحزبية على اختلافها ألوانها ولمنه منبر الأمة تسمع من فوقه كل فكرة صالحة, ويصدر عنه كل توجيه سليم يعبر عن رغبات الشعب".
 
بدلا من أن يطلب ماهر من [[البنا]] سحب الترشيح كما فعل النحاس, وتركه يخوض المعركة ليزعم أن الانتخابات حرة يدخلها من يشاء!
 
وكان يجب ان ينجح [[البنا]] من الجولة الأولى ف[[الإسماعيلية]] شهدت ميلاد [[الجماعة]] ونموها كما أقام [[الإخوان]] ستين سرادقا للدعاية الانتخابية للمرشد العام وجاءوا من كل شعب [[الجماعة]] لتأييده وهم يهتفون" إلى [[البنا]]..يا برلمان"!
 
ولكن أعيدت الانتخابات بين [[البنا]] وأقوى منافسيه وهو الطبيب الدكتور [[سليمان عيد]] متعهد توريد الأغذية لقوات الجيش البريطانى فى منطقة القناة لأن أيا منهم الم يحصل على العدد المطلوب للفوز فى الجولة الانتخابية الأولى.
 
وفى الإعادة تدخل [[الإنجليز]] والحكومة بصورة أكثر سفورا
 
منع الحاكم العسكرى البريطانى مندوبى [[البنا]] من دخول اللجان الانتخابية فى سينا والتصويت فيها وقام مندوبو مرشح الحزب السعدى بملْ الصناديق بالأصوات المؤيدة على هواهم.
 
وتولت سيارات الجيش البريطانى نقل العمال من المعسكرات البريطانية غلى مراكز التصويت.
 
وحشدت الحكومة أنصارها وقامت بتزوير الانتخابات ضد [[البنا]] وزملائه الخمسة الذين رشحوا أنفسهم فى دوائر أخرى كمستقلين حتى لا يدخل [[الإخوان]] مجلس النواب ومبادئهم معروفة ولأنهم تعاونوا يوما مع الوفد وإن لم يكن هذا التعاون السبب الوحيد لإسقاطهم.
 
وكانت نتيجة التزوير سقوط [[البنا]] وجميع مرشحى [[الإخوان]], وقيل إن[[ [[أحمد ماهر]]]] علق على عدم فوز الشيخ قائلا:
 
-لا شأن للحكومة المصرية بدائرة [[الإسماعيلية]] . و[[الإنجليز]] هم الذين يديرونها!
 
وعندما أعلن فوز مرشح الحكومة فى [[الإسماعيلية]] كادت تحدث فتنة لولا تدخل [[البنا]].
 
خطب فى الجموع قائلا:
 
هذه الحشود الهائلة بهذه الصورة الرائعة تصم الحكومة بالتزوير والتضليل إن مراجلكم تغلى بالثورة وعلى شفا الانفجار . ولكن اكظموا غيظكم وانصرفوا إلى منازلكم وبلادكم مشكورين مأجورين. لتفوتوا على أعدائكم فرصة الاصطدام بكم.
 
وقال:


إن عجز أمة عن أن تدفع بأحد أبنائها إلى البرلمان . ليقول كلمة الحق والسلام لدليل على أن الحرية رياء وهباء, وأن الاستعمار سر البلاء وتهاجم صحيفة [[الإخوان]] نظام الانتخابات لأنه " فاشل فى أداء رسالته " ومع ذلك أعلن [[البنا]] أن سيشترك فى اقرب انتخابات قادمة .
- وسأل الرجلين عن موت الإمام الراحل فقالا إنه نتيجة للصراع القبلى وطلب الوفد اليمنى من الملك عبد العزيز دبابات وطائرات ولكن صاحب الجلالة أرجأ البت فى الأمر.


وأنه  فى انتخابات حرة يستطيع ان يحصل على أغلبية ساحقة ولكن [[الجماعة]] لن تتقدم إلا فى عدد محدود من الدوائر.
- طلبت حكومة الثورة من دول الجامعة العربية الاعتراف بها ... ودعت وفدا من الجامعة لزيارة اليمن يرأسه [[عبد الرحمن عزام]] الأمين العام ليرى استقرار نظام الحكم الجديد فى البد.


قال الشيخ لمرتضى المراغى مدير الأمن العام ووزير الداخلية بعد ذلك
- ورأت دول الجامعة أن تطبق نفس [[السياسة]] الانتهازية البريطانية وإن اختلفت عنها فى بعض التفاصيل.


-عملت الحكومة جهدها على إسقاط مرشحى [[الإخوان]] مع أنهم تقدموا باعتبارهم مستقلين لا باعتبارهم ممثلى [[الإخوان المسلمين]].
- قررت الجامعة إرسال لجنة تمهيدية إلى صنعاء للقيام بتحريات عن أحوالها ومعرفة طبيعة ما يجرى فى البلاد.


وأضاف:
- وعرض [[عبد الرحمن عزام]] أمين الجامعة على حكومة [[مصر]] أن تقتصر عضوية اللجنة على المصريين حتى تقوم [[مصر]] بتدبير الطائرة المقلة للجنة فرحبت [[مصر]] لتسبق غيرها من الدول العربية إلى عاصمة اليمن!


- أتدرى متى نستطيع دخول الانتخابات بصفتنا إخوانا مسلمين؟
- تولى رئاسة اللجنة عبد المنعم مصطفى أحد كبار موظفى وزارة الخارجية لمصرية – الذى اختير فيما بعد أمينا مساعدا للجامعة العربية – وضمت اللجنة الدبلوماسى المصرى  الدكتور حسن إسماعيل المستشار التجارى للموضية المصرية فى برن.


- قال المراغى:
قاد الطائرة الحربية " الداكوتا" قائد الشبر عبد اللطيف البغدادى الذى أصبح أحد أعضاء مجلس الثورة المصرى بعد ثورة 23 [[يوليو]] 1953.


- متى؟
استغرقت الرحلة من [[القاهرة]] إلى صنعاء  8  ساعات وتوقفت الطائرة فى جدة وفى جزيرة قمران التى تبعد نحو 90 كيلو ترا عن صنعاء.


قال الشيخ [[البنا]]: حين يقبل الملك أن يكون لنا فى الوزارة وزيران أو ثلاثة وزراء . عندئذ نعرف كيف نحظى بعدد من كراسى مجلس النواب.
وكان مستحيلا – فى تلك الأيام – أن تقطع الطائرة المسافة إلى صنعاء بلا توقف! وصف البغدادى صنعاء فى ذلك الزمان فقال إنها قرية والمطار رملى يصلح بصعوبة ليكون مطارا.


قال المراغى: هل يعنى هذا أنكم تقبلون دخول الوزارة إذا دعاكم الملك من دون شروط
وعندما هبطت الطائرة – يوم 22 من [[فبراير]] صفق بعض الأشخاص لنزولها سالمة وكادت الطائرة ان تصدمهم فقد وقفوا أمامها لا يتحركون ولولا أنه – أى البغدادى – انحرف بالطائرة لقتلهم جميعا!


قال [[البنا]]: نعم دون أية شروط لأن وجودنا ضرورى لخدمة البلد إن برنامجنا الاجتماعى إصلاحى يقوم على أسس قوية
استقرت البعثة نحو أسبوعين فى صنعاء عرفت خلالها – كما يقول البغدادى – أن جماعة [[الإخوان]] وراء الثورة.


قال المراغى:
وكان حسن إسماعيل وهو من [[الإخوان المسلمين]] قد زار اليمن قبل ذلك فقال البغدادى:


- يا أستاذ حسن.وماذا يصنع وزراؤكم فى رخص نوادى الميسر والملاهى " البارات والخمارات"؟
- توجد ثورة مضادة ونريد إلقاء منشورات على الأهالى فى تعز والحديدة وغيرهما من مدن اليمن لتأييد الثورة ودعوة اليمنيين إلى لهدوء والسكينة وتحكيم العقل.


- ضحك [[البنا]] وقال:
- وكانت المنشورات تنذر ولى العهد  أحمد ورجاله بأن الثورة " ستصليهم نارا حامية"!


- هذه قفشة لا بأس بها عسى أن يستطيع وزراؤنا إزالة ذلك المنكر .
- ومجدت المنشورات مبادئ الثورة فى الحرية والعدالة و[[الدستور]] وأن الثورة قامت ضد الظلم والطغيان , وإنقاذ البلاد من براثن الاستبداد والجهل والفقر .
- قال المراغى:


- لعل هذا من باب " والله لنخوض إليكم الباطل حتى نصل إلى الحق" أو من " باب الضرورات تبيح المحظورات".
- ظن البغدادى أن تلك التعليمات عبد المنعم مصطفى فألقى من الطائرة بالمنشورات ثلاث مرات فى ثلاثة أيام ثم عرف بعد ذلك أن حسن إسماعيل يعمل للثورة فأبلغ عبد المنعم بذلك قائلا:


- قال [[البنا]]:
- لقد أصبحنا طرفا  فى خصومات اليمن وثورته.ولكن صحيفة " [[الإخوان]] " فى [[القاهرة]] نشرت أن الطائرة قامت بإلقاء منشورات للجامعة العربية وأخرى للحكومة فى أنحاء اليمن!


- نعم لك حق.
زعم البغدادى أن بالطائرة عطلا ولابد من الرحيل إلى عدن لإصلاحها وكان هدفه من ذلك التوقف عن إلقاء المنشورات.


  وربما يكون من حسن حظ [[الإخوان]] أنهم لم يدخلوا مجلس النواب وإلا أصبحوا مثل أحزاب الأقليات الممثلة فى البرلمان فتذوب [[الجماعة]] فى الخضم السياسى المضطرب فى [[مصر]] ولا تستطيع أن تفرض رأيا.
وعندما عاد إلى صنعاء وجد أن ولى العهد ورجاله يغيرون على صنعاء ليلا ويختفون نهارا وأن الطائرة يمكن أن تصاب بطلقات المهاجمين.


وعلى أية حال فإن [[البنا]] أدرك فشله فى انتخابات [[الإسماعيلية]] انه ليس من مصلحة [[الإخوان]] الصدام مع الحكومة و[[الإنجليز]] وأن ساعة المواجهى لم تأت بعد.
وقالوا له:


لم يطل عهد [[أحمد ماهر]] فى رئاسة الوزارة سوى أربعة شهور فقد فكر التنظيم السرى [[للإخوان]] فى اغتياله. وعهد بذلك إلى أحد أعضائه وهو [[أحمد عبد الفتاح طه]].
إذا دخل ولى العهد صنعاء سيضع أعضاء الوفد برميل ملىء بالزيت المغلى!


ولكن [[أحمد عبد الفتاح طه]] جبن فى اللحظة الأخيرة عن  قتل [[أحمد ماهر]] وعاد إلى أعضاء [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] يعترف بجبنه!
عرض الأمر  على عبد المنعم مصطفى قائلا:


وفى اليوم التالى اغتال محمود العيسوى رئيس الوزراء داخل دار البرلمان  يوم 24 من [[فبراير]] [[1945]] وهو ينتقل من مجلس الشيوخ إلى مجلس النواب ليعلن قرار [[مصر]] بدخول الحرب حتى يتسنى حضور مؤتمر الصلح طبقا لقرارات الحلفاء فى اجتماعهم بمدينة يالتا
ليس لنا دور فى هذه العملية ويجب أن نرحل . وفى اليوم التالى نزلت الأمطار وتبين أن بالطائرة عطلا فأصلحت ونصح اليمنيون البغدادى بعدم السفر فى تلك الظروف ولكنه رأى المخاطرة ونقل الوفد إلى جدة ثم [[القاهرة]].


اعترف العيسوى بجريمته: قال إن قرار إعلان الحرب. وما قد يجره على البلاد من نكبة محققة لو دخلت حربا دفعة غلى قتل رئيس الوزراء.
أخذ الملك فاروق يعرقل سفر وفد الجامعة العربية من [[القاهرة]] وأصر على أن تقوم بنقله , بحرا ,الطوافة " فاروق بعد أن ضم إلى الوفد سكرتيره الخاص الدكتور حسين حسنى.


وقال إنه ينتمى إلى [[الحزب الوطني]] وتبين انه كان يتمرن على المحاماة فى مكتب عبد الرحمن الرافعى ثم فى مكتب عبد المقصود متولى وهما من كبار رجالات هذا الحزب.
وأخيرا فى 29 من [[فبراير]] – غادر الوفد ميناء [[السويس]] يرأسه [[عبد الرحمن عزام]] باشا الأمين العام للجامعة العربية وأعضاؤه الشيخ يوسف ياسين نائب وزير الخارجية السعودى ومظهر ارسلان باشا عن [[سوريا]] وعبد الجليل الراوى عن العراق وتقى الدين الصلح عن [[لبنان]] ومدحت جمعة عن الأردن.


ألقى القبض على عبد العزيز على وهو من قادة النضال السرى للحزب الوطنى وصهره عبد السلام مصطفى المحامى بتهمة الاشتراك فى الجريمة لأنهما من [[الحزب الوطني]] ومن أصدقاء القاتل أيضا.
ووصل الوفد إلى جده . وتأخر رحيله  منها إلى اليمن ثم سافر إلى الرياض  بدعوة من الملك عبد العزيز للقائه يوم 4 [[مارس]] ثم عاد لسيتقر  فى جده يوم 12 من [[مارس]] .


وفى مذكرات عبد العزيز على" الثائر الصامت" قال إن العيسوى
فى الندوة التى عقدها مركز الدراسات اليمنية فى [[فبراير]] 79 لتقييم ثورة 48 قيل إن دعوة الملك عبد العزيز هدفت إلى منح الأمير أحمد الوقت الكافى لتعزيز قواته قبل وصول بعثة الجامعة العربية إلى اليمن !


- من شباب [[الحزب الوطني]] وقد أصر العيسوى رغم التعذيب والتهديد والإغراء على أنه وحده القاتل والمدبر للجريمة.
انقسمت بعثة الجامعة العربية تجاه الثورة.وقف ممثلو [[مصر]] والأردن والمملكة العربية السعودية موقفا معارضا للثورة بينما أبدى ممثلا [[لبنان]] و[[سوريا]] تعاطفا معها.


قال الشيخ [[سيد سابق]] وهو من زعماء [[الإخوان]] للكاتب الأستاذ [[خالد محمد خالد]]:
قال الشيخ يوسف ياسين القائم بالأعمال البريطانى " تروت":


محمود العيسوى من صميم [[الإخوان المسلمين]].
- الملك عبد العزيز مصمم على عدم التورط شخصيا فى اليمن ولكنه يرغب فى الحصول على معلومات دقيقة وقد أتوجه إلى صنعاء.


وفى مذكرات الشيخ  [[أحمد حسن الباقوري]] قال إن [[النظام الخاص]] أو [[النظام الخاص|الجهاز السرى]] [[للإخوان]] رأى الانتقام من [[أحمد ماهر]] لأنه أسقط الشيخ [[البنا]] فى الانتخابات ب[[الإسماعيلية]] فوجه محمود العيسوى لاغتيال رئيس الوزراء.
اجتمع ريفز شايلدز الوزير الأمريكى المفوض فى جده بالملك عبد العزيز وحضر الاجتماع فؤاد حمزة مستشار العاهل السعودى.


وفى اعترافات أعضاء جماعة [[الإخوان]] أمام محكمة الشعب التى شكلها [[جمال عبد الناصر]] برئاسة [[جمال سالم]] قالوا إن [[الإخوان]] هى التى اغتالت [[أحمد ماهر]] ,ولكن لا يعوّل على اعترافات المتهمين أمام هذه المحكمة فقد لقى المتهمون شر أنواع التعذيب"
سأل الوزير الأمريكى صاحب الجلالة عن اليمن فقال صاحب الجلالة


ولكن الدكتور [[محمود عساف]] عضو الهيئة التأسيسي للجماعة ومدير شركة إعلانات [[الإخوان]] ينفى انتماء العيسوى قائلا انه كان يحضر فقط درس الثلاثاء الذى يلقيه [[المرشد العام]] فى مقر [[الجماعة]] أسبوعيا.
ليست لدى أنباء جديدة ولا أعرف ما إذا كان الأمير أحمد ينوى الذهاب إلى صنعاء أم لا.


طلب العيسوى سماع رأى زعماء [[مصر]], وبينهم الشيخ [[البنا]] فى قرار إعلان الحرب فقبض على [[المرشد العام]] وزميليه [[أحمد السكرى]] و[[عبد الحكيم عابدين]] للتحقيق معهم!
وأضاف :


== رجل العام ==
يعد عبد الله بن الوزير أقوى رجل فى اليمن باستثناء الإمام الراحل وقال بحرص:


أسند الملك رئاسة الوزارة إلى [[محمود فهمى النقراشي]] باشا وزير الخارجية والرجل الثانى فى حزب [[أحمد ماهر]]  الحزب السعدى.
القوة والسلوك الأخلاقى أمران مختلفان تماما. وبالرغم من معرفتى بكفاءة ابن الوزير فلا أستطيع الحكم على قدراته إلا بعد اتضاحها عمليا.


كان [[النقراشى]] فى الثامنة والخمسين ولد من أسرة فقيرة حصل على  دبلوم المعلمين. وأوفده [[سعد زغلول]] فى بعثة إلى انجلترا وبعد عودته عين مدرسا ناظرا لمدرسة رأس التين ب[[الإسكندرية]].
علق شايلدز قائلا:


اختاره [[سعد زغلول]] عندما تولى رئاسة الوزارة وكيلا لمحافظة [[القاهرة]] ثم وكيل لوزارة الداخلية وأتهم بالاشتراك فى اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك عام [[1924]] فاعتقل ثم أفرج عنه.
- استشعرت سرور حكومتى – الأمريكية – تجاه الأسلوب الذى اتبعته جلالتك بشأن الأحداث فى اليمن.


واتهم مرة ثانية مع [[أحمد ماهر]] , بالاشتراك فى قضية الاغتيالات الكبرى عام [[1925]] فاعتقل عاما كاملا حتى صدر الحكم ببراءتهما سنة [[1926]]
- وقال محرضا:


انتخب عضوا فى مجلس النواب عن الوفد واختاره [[مصطفي النحاس]] زعيم الحزب, وبعد وفاة [[سعد زغلول]] وزيرا للمواصلات عام [[1930]] وعضوا فى هيئة المفاوضات فى معاهدة [[1936]] واختلف – كوزير للمواصلات – مع النحاس فى العام التالى فأخرجه النحاس من الوفد ومن الوزارة فأسس مع [[أحمد ماهر]] الحزب السعدى عام [[1938]] وتولى منصب الوزارة أكثر من مرة منذ ذلك الحين.
- أعربت الحكومة الأمريكية لى عن وجهة نظرها بأنه فى حالة حدوث اضطرابات فى اليمن يمكن لجلالتك انتهاز الفرصة والتقدم داخل اليمن .واستطرد"

مراجعة ١٤:٢١، ٢ سبتمبر ٢٠١٢

إنه يهاجم دور الإخوان بالإسكندرية ويفتش البيوت ويعتقل 56 من أعضاء الجماعة بالإسكندرية , ويكون بين المعتقلين مصطفي مؤمن زعيم طلبة الإخوان الذى كان يدعوا للتهدئة فى أوائل حكم صدقى!

وترد صحيفة الإخوان

" عمد صدقى إلى أسلوبه القديم ناسيا أنه استغفر منه وأناب فى مجلس النواب فها أنت ترى كيف يصادر الاجتماعات . فهذه المعاهد والكليات والطريق الموصلة إليها والميادين القريبة منها أشبه ما تكون بميدان حرب حشدت فيه القوات المدرعة والسيارات المصفحة والمدافع المصوبة والبنادق والحراب بل ليت الأمر وقف عند حد الإرهاب وحرب الأعصاب.
بل هذه السجون امتلأت بالطلبة الأطهار الأبرياء والمجاهدين من شباب الأمة.ليرسل صدقى باشا بالأحرار إلى أعماق السجون ليفعل صدقى ما أراد ولتفعل القوة ما تشاء , فسيواصل المجاهدون جهادهم حتى يتحقق للوطن ما يريد والله غالب على أمره وليعلمن نبأه بعد حين.

مضت الأيام والشهور وطالت المفاوضات فإذا بكل ذلك يتمخض عن مشروع معاهدة عرجاء قال فيها أحد المفاوضين " إنها احتلال سافر للبلاد وفضل نهائى لشطرى الوادى وتكبيل الوطن بقيود وأغلال دونها أغلال معاهدة سنة 1936.."!

وأذاعت وزارة الداخلية بيانا أعلنت فيه

" أن بعض المنتمين إلى جمعية الإخوان المسلمين فى مدينة القاهرة ومعهم الغوغاء قاموا بعمل مظاهرات متفرقة فى أنحاء مختلفة من المدينة واعتدوا بإلقاء الأحجار على واجهات بعض المتاجر بشارع فؤاد الأول وشارع شبرا كما اعتدوا على مركبات الترام وصف الدكتور محمد حسين هيكل تلك الأيام

فقال:

"أدت هذه الأحوال مجتمعة إلى تبلبل الأفكار وشيوع القلق واضطراب طلاب الجامعة وتعدى الأمر إلى أعمال اجرامية منكرة.وكانت القنابل تلقى فى غسق الليل فى الشوارع. أو فى أحياء تجارية فيذيع تفجيرها فى النفوس الرعب والفزع . وألقيت قنابل أمام مساكن مأهولة فأحدثت من الأضرار ما زاد الناس رعبا وهلعا وتعددت هذه الحوادث وجعلت الناس فى العاصمة وفى الأقاليم يشعرون بأن الوزارة عاجزة عن حفظ الأمن".

استدعى السير أورم سارجنت الوكيل الدائم للخارجية البريطانية السفير المصرى عبد الفتاح عمرو وأبلغه إصرار بريطانيا على تبادل رسائل مع صدقى تلحق بالمعاهدة يوم توقيعها وتتضمن ما يأتى. بروتوكول السودان لا يغير الأوضاع فى السودان. يقرر السودانيون فى الوقت المناسب مصيرهم بما فى ذلك حقهم فى الاستقلال عندما يصبحون أهلا لذلك.

تدافع بريطانيا عن السودان بالقوات والتسهيلات التى يتطلبها الموقف من حق القوات البريطانية الانتقال والطيران فوق مصر أثناء فترة الجلاء وبعد ذلك يناقش الأمر بين الحكومتين للوصول إلى اتفاق فى المستقبل

أجاب السفير المصرى:

الإصرار على ذلك سيؤدى إلى فشل أى فرصة لإقرار المعاهدة وتتطور الأمور بسرعة غير عادية يوافق مجلس الوزراء المصرى على المعاهدة ويلتقى حسن يوسف رئيس الديوان الملكى بالنيابة بحسين سرى باشا رئيس الوزراء السابق وعضو هيئة المفاوضات.

قال سرى باشا:

من الإجرام أن تضيع فرصة التوقيع على معاهدة بهذه الشروط

ولكنه استطرد قائلا:

مادام البريطانيون وافقوا على الكثير فمن الوطنية أن يطلب المصريون ما هو أكثر.

سأله حسن يوسف:

كيف يمكن عمل ذلك؟ وهل يعود صدقى مرة أخرى إلى لندن ليطلب المزيد؟

قال سرى: إذا لم يذهب صدقى فربما يذهب أى شخص آخر .... أى سرى باشا !!

وقال على ماهر لصدقى باشا:أؤيد المقترحات ولكنى فى الاجتماع أعرضها.فسر حسن يوسف باشا وكيل الديوان الملكى للسفير البريطانى موقف أعضاء هيئة المفاوضات .

قال:

الملك ليس مستعدا لدفع الثمن الذى طلبه على ماهر نظير التأييد وايد لطفى السيد.. صدقى عندما كان وزيرا للخارجية ثم نائبا لرئيس الوزراء ولكن بعد خروجه من الوزارة انضم للمعارضة ولم يوضح أسباب معارضته عدا قوله أن البلاد تعارضها .
وتجنب لطفى السيد كما تقول برقيات السفير البريطانى التوقيع على بيان أعضاء هيئة المفاوضات المعارضين لكنه كان غامضا ومترددا عندما أضاف الآخرون اسمه فى النهاية عندما نشروا بيانهم!..

ويقدم صدقى باشا إلى مجس النواب مشروع المعاهدة والبروتوكولات مؤكدا انه لا توجد وثائق أخرى سرية.ويقرر المجلس يوم 26 من نوفمبر الثقة بالحكومة ويبلغ توفيق دوس باشا عضو مجلس الشيوخ السير والترس مارت وزير المفوض البريطانى للشئون الشرقية بالسفارة البريطانية ما دار فى الجلسة السرية للمجلس

قال عن السكرتير العام للوفد:

اعترف صبرى أبو علم باشا بأن المشروع المصرى للمعاهدة مشروع جيد ولكن الوفد انتقد صدقى باشا على أساس أنه يأخذ موضوع الجلاء باعتباره قضية مسلما بها بينما تصريحات اتلى وبيفن تنبئ أنه فى حالة انهيار المفاوضات فأنهما يقترحان العودة إلى معاهدة 1936.
وأشار صدقى باشا إلى أنه لا مصلحة للمصريين فى توجيه اهتمام التصريحات الصادرة عن الجانب الآخر بل مصلحتهم الوقوف بحزم لتأييد فكرة ان الجلاء أصبح قضية مفروغا منها.قابل المجلس هذا الرأى بالتصفيق..

رفض حزب الوفد التصويت على قرار المجلس الذى يؤيد صدقى باشا ومع ذلك كان واضحا أن الوفد لن يكون فى وسعه معارضة المعاهدة وطلب إلى صدقى باشا أن يتعهد بتقديم مشروع المعاهدة النهائى أماما المجلس لإقراره قبل التوقيع النهائى عليها.

رفض صدقى باشا ذلك على أساس أن إبرام المعاهدات من أعمال السلطة التنفيذية وإذا كان ثمة مجال لإدخال تعديلات على الموقف المصرى فإنه على استعداد لطرح هذه النقاط أما الأعضاء قبل اتخاذ قرار بشأنها وأكد توفيق دوس أن حافظ رمضان ألقى خطابا قويا أثنى فيه على موقف صدقى باشا.

وذكر توفيق دوس أنه لم يتعارض المشروع المصرى للمعاهدة سوى عضو واحد متطرف من أعضاء الحزب الوطني على أساس البدء الدائم للحزب وهو لا مفاوضة إلا بعد الجلاء.ويبلغ السفير المصرى وزارة الخارجية البريطانية بأن صدقى أصبح مخولا لتوقيع المعاهدة بعد حل هيئة المفاوضات.

ولم يعرف ابدا ما إذا كان صدقى قد تعهد فى لندن باستمرار الوضع القائم فى السودان أو أن بيفن تراجع عن موقفه وعلى أية حال فإن إسماعيل صدقي رئيس وزراء مصر بخطواته لتالية أراد أن يضع الإنجليز والسودان أمام الأمر الواقع.

ولكن العقبات استمرت توضع فى طريق السياسى المصرى الداهية! طلب عبد الرحمن المهدى باشا زعيم الاستقلاليين فى السودان السماح له بالسفر إلى لندن ليشرح موقف حزب الأمة من البروتوكولات فوافق الحاكم العام والحكومة البريطانية بينما أعلن السيد على الميرغنى زعيم الختمية أنه لن يتجه إلى لندن.

وقبل مغادرته الخرطوم توجه المهدى لزيارة الميرغنى لول مرة منذ سنوات وأعلن المهدى فى بيان للشعب أنه سيطلب من دولتى الحكم الثنائى إنهاء الإدارة الحالية للسودان والاعتراف بسيادة البلاد وتشكيل حكومة انتقالية تمهد الطريق للحكم الديمقراطي.

ويلتقى المهدى فى لندن يوم 27 من نوفمبر برئيس الوزراء وفى 5 من ديسمبر التقى بوزير الدولة ثم اجتمع ببفين بعد عودته من نيويورك أبلغ المسئولون البريطانيون الزعيم السودانى بأن الوحدة المصرية السودانية تحت التاج المشترك لا تعير الموقف فى السودان وأن الحاكم العام سيقاوم أى محاولة مصرية لإدارة البلاد.

ويغلق صدقى جامعتى القاهرة والإسكندرية بعد إضراب الطلبة ومظاهراتهم ويلتقى فى القاهرة رئيس أركان حرب القوات البريطانية بالملك فاروق فى اليوم ذاته 28 من نوفمبر

قال فاروق

سيتم الاتفاق على المعاهدة والتصديق عليها من جانب جميع الأطراف المعنية قبل نهاية العام وستمر مصر بفترة توتر بالغ تصحبها محاولات لاغتيال المسئولين عن المعاهدة .. وستخمد بعد شهرين أو ثلاثة . ولكن البوليس والجيش المصرى سيكونان قادرين على معالجة الأمر

وأضاف فاروق :

هدفى الرئيسى الآن الحفاظ على حياة صدقى الذى ساءت صحته بدرجة كبيرة وربما يموت فى أى وقت أو يغتال.ولا أرى أمامى فى الوقت الحاضر خليفة لصدقى أبرق الفيلد مارشال إلى لندن

يقول:

" الملك فاروق يعتبر بريطانيا الدولة الحيدة الراسخة التى تشكل صلب المقاومة للتهديدات الروسية وهو حريص على احتفاظ بصداقتنا".ولا يعود السير هدلستون حاكم السودان العام إلى الخرطوم مباشرة بل يتوقف فى القاهرة ويكتب السفير البريطانى إلى لندن يوم 30 من نوفمبر
يحاول صدقى إقناعى بضرورة الإسراع بتوقيع المعاهدة ولا يزال السير هيوبرت هادلستون فى القاهرة.وقد رتبت انتقاله مع زوجته إلى منزلى لأن رجال الأمن غير مرتاحين لاستمرار إقامتهما فى فندق " شبرد" وموقف هادلستون يتلخص فى أنه مهما كانت الصيغة المستخدمة فى خطاب رئيس وزراء بريطانيا فإن السودانيين سيطلبون منه إجابة محددة بنعم أولا على السؤال الخاص بالبروتوكول السودانى وهل يعطيهم حق الانفصال عن مصر أم لا.
ومالم تكن لديه سلطة الإجابة بنعم فإن موقفه سيكون مستحيلا وأخشى أنه سيثير عند عودته إلى الخرطوم وحاولت أن أجعله يواجه هذا الموضوع بطريقة أقل جمودا وأمس نتيجة لحديث مع رئيس أركان حرب الإمبراطورية الجنرال ديسى طلبت من الجنرال أن يلتقى بهادلستون ويقنعه بأنه يستطيع بسلطته الواسعة فى السودان أن يقنع السودانيين بان يمنحوه ثقتهم فى المستقبل دون طرح مزيد من الأسئلة.
وأخشى ألا يكون لهذه المجهودات سوى تأثير قليل على هادلستون فهو يرى أنه متى تمت الموافقة على الاعتراف بالسيادة . وما لم يسلم بحق السودانيين فى اختيار الاستقلال فإن الدوران حول هذه النقطة سيسحب من تحت أقدامه ما بقى من الأرض التى يقف عليها.
ومن الصعب عليكم أن تتحملوا هذا الصداع الإضافي فى المرحلة الحرجة من المفاوضات حول المعاهدة. وأتمنى لو أستطيع تقديم مساعدة أكبر "

ومن هذه البرقية تتضح حقيقة تساند صدقى وهى ان حاكم السودان العام لم يتلق تعليمات واضحة بأن يبلغ السودانيين حقهم فى الاستقلال!

اشتدت المظاهرات بعف ضد صدقى والمعاهدة يوم 2 من ديسمبر وألقيت القنابل فى وقت واحد على ستة من أقسام الشرطة بالقاهرة وقنبلة على منزل الدكتور محمد حسين هيكل باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين.

حاصر صدقى مقر جماعة الإخوان ومطبعتها وصحيفتها ومستوصفها وبيوت زعمائها وفتشها ومنع الاجتماعات فى مقار الإخوان وأغلق المركز العام واعتقل أحمد السكري وكيل الجماعة فأخذ الإخوان يجتمعون فى البيوت ورصد 3000 جنيه لمن يرشد عن المتهم فى حادث قنبلة منزل الدكتور هيكل واعتقل رئيس صحيفة الجماعة. ومنع الصحف من نشر أنباء المظاهرات والإضرابات

ويكتب السفير البريطانى إلى لندن:

" يقف الطلاب فى مقدمة الأنشطة المضادة لبريطانيا حيث يقوم الوفد والإخوان ومصر الفتاة بتنظيمهم للقيام بهذه الأنشطة.ولسوء الحظ فإن مظاهرات الطلبة تجذب إليها أعداد من اللصوص والمجرمين وهؤلاء هم المسئولون عن أعمال النهب والحرائق التى تأتى عادة بعد المظاهرات السياسية".

ويستدعى السير اورم سارجنت وكيل الخارجية البريطانية الدائم عبد الفتاح عمرو باشا يوم 6 من ديسمبر ليبلغه ما يشبه الانذار باسم ارنست بيفن.قدم سار جنت إلى عمرو مذكرة تنص على تبادل رسالتين بين بيفن وصدقى تفسران ما اتفق عليه مع صدقى بشأن بروتوكول السودان وقد صيغت عبارات الرسالتين بأسلوب يقبله صدقى.

وقال سار جنت:

إذا لم يفعل صدقى ذلك فسيضطر مستر بيفن إلى أن يعلن فى مجلس العموم بعد التوقيع على المعاهدة تفسيرا واضحا بشان بروتو كول السودان وان التاج المصرى لمشترك أدخل على البروتوكول كاعتراف رمزى بسيادة مصر على السودان لا " كفرامل" لوقف عجلة تقدم السودان.
ولا تمنع الحكومة البريطانية السودانيين من تقرير مصيرهم.ويؤكد بروتوكول السودان الأوضاع الحاضرة ولا يغيرها وستظل بريطانيا تدافع عن السودان بكل الوسائل والتسهيلات الضرورية وفى اليوم التالى يصل إلى الخرطوم هادلستون فيذيع بيانا علنيا على الشعب يتضمن ما جاء فى خطاب اتلى السرى إلى الحاكم العام!
ولم يكن هادلستون مخولا بذلك بل أنه أراد نسف المعاهدة والبروتوكول ويستقبل صدقى بمرارة وأسى وأسف بيان الحاكم العام وتصدر الحكومة المصرية بيانا يوم 8 نم ديسمبر تعلن فيه أن الحاكم العام يمثل الحكومتين البريطانية وأنه سمح لنفسه بإصدار بيان يمثل حكومة واحدة وأن هذا البيان لم يطلع عليه رئيس وزراء مصر ولم يقره! وجد إسماعيل صدقى نفسه فى موقف حرج
إن ملك مصر والسودان مجرد اسم ورمز وشعار وسينسلخ السودان عن مصر وعليه أن على صدقى أن يختار فإما أن يقبل ذلك ويوافق على أن تكون معاهدة صدقى – بيفن للجلاء عن مصر فحسب وهو ما علته ثورة 23 يوليو بعد ذلك أم يخلى الميدان السياسى.ولكن صدقى رأى أن يسجل موقفه للتاريخ

رد على المذكرة البريطانية فرفض شروطها جميعا. ورفض أن يتبادل الرسائل مع بيفن أو يوافق على أن يدلى وزير خارجية بريطانيا ببيان فى مجلس العموم عن بروتوكول السودان ثم قدم إسماعيل صدقى فى نفس اليوم 8 ديسمبر استقالته لسوء صحته فقد أرهق الرجل من كثرة ما رأى وناضل وعانى أيضا

قال الإنجليز فى تقاريرهم السرية:

إن الملك فاروق طلب من صدقى الاستقالة بعد أن توترت علاقته مع الحكومة البريطانية ولم يعد ممكنا الوصول إلى معاهدة ولكن حسن يوسف باشا قال لى أصر صدقى على الاستقالة وألححت عليه باسم الملك فى لإبقاء ولم يعد صدقى للحكم أبدا, ولكن عرف شعب مصر بعد ذلك. مزايا المعاهدة والفرص التى ضاعت على مصر نتيجة عدم إبرامها ولم يخسر صدقى بخروجه من الحكم.
ولكن البنا خسر كثيرا بعدم وقوفه مع صدقى .. وربما يكون الخطأ من جانب صدقى لأنه لم يطلع الإخوان على حقيقة الأمور .لقد جرف تيار المعارضة الإخوان المسلمين فانضموا دون اتفاق إلى الوفد يعرضون صدقى ويركبون الموجة الشعبية التى تطالب بالتطرف وبالشعارات لأنهم مثل الأعضاء السبعة فى هيئة المفاوضات خافوا على مستقبلهم إذا ظلوا مرتبطين برئيس وزراء له ماض يكرهه الشعب.
  • ويبقى السؤال: هل كان البنا والإخوان يقفون مع صدقى إذا عرفوا الموقف الحقيقى؟
من الواضح أن المرشد العام لم يستطع فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ مصر , وتاريخ الإخوان أن يمثل القوة السياسية التى تحقق التوازن فى السياسة المصرية.
وكان مستحيلا على الملك أن يثق فى الإخوان المسلمين الذين ساهموا كثيرا فى فشل مشروع المعاهدة.وكان الإخوان يفقدون حلفاءهم واحدا بعد الآخر.
وجاء النقراشي ليتولى رئاسة الوزارة وبينه وبين الإخوان عداء قديم ! وكان مستحيلا على النقراشي خليفة صدقى فى رئاسة الوزارة أن يثق فى الإخوان أو يثق فى المرشد العام ... بعد الحريق!

مات الوكلاء والموكلون

رشح إسماعيل صدقي لرئاسة الوزارة بدلا منه , محمود فهمى النقراشى باشا فألف وزارته فى 9 من ديسمبر 1946 من 12 وزيرا تصفهم من حزبه " السعديين" والنصف الآخر من الأحرار الدستوريين. واحتفظ النقراشي لنفسه بوزارتى السير رونالد كامبل فى النقراشي عن رأى السفير السابق اللورد كيلرن.

كتب رونالد كامبل إلى لندن يقول:

" النقراشي رجل ضيق الأفق وعنيد. وبدأ حياته العملية مدرسا وهو ينفى بصورة قاطعة اشتراكه فى قضية اغتيال السردار السيرلى ستاك ولكن كثيرا من البريطانيين لا يبرئونه من هذه الجريمة ويعتبرونه متورطا فى كثير من جرائم القتل.
ويمكن أن يصبح دموى المزاج إذا اختلف معنا وسيكون تواقا إلى إلقاء المسئولية علينا.وهو عديم الخيال على مائدة المفاوضات يفتقر إلى المرونة ولا يستجيب إلى الأفكار الجديدة".

وقال الإنجليز إنه فى منصبه وعمله الجديد زعيم قوى ولكنه فى نظرهم يظل قاتلا يرتدى زيا آخر"!

ويكتب بنكنى تاك القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن:

"طموح النقراشي الوحيد يتركز فى انه يريد أن يدخل التاريخ باعتباره الرجل الوحيد الذى أخرج الإنجليز من مصر".

ولكن الإنجليز والأمريكيين أجمعوا على أن رئيس الوزراء الجديد " رجل أمين لا يكذب".

وتطلب السفارة البريطانية إلى الإنجليز من أصدقاء النقراشي أن يبعثوا إليها بتقارير عن أرائهم فى رئيس الوزراء الجديد.

قال أحد هذه التقارير:

" النقراشي مهيأ ضد أى إحساس بالفشل بفضل شعور داخلى غريزى بأنه قد يكون من الأفضل بالنسبة لمصر على المدى الطويل أن تكافح لتستمر وأن تضحى لتبنى.
وهو مخلص لمبدأ تكوين أمة مصرية ولكنه يدرك أن المادة التى ستتطون منهم هذه الأمة ليس فيها روح ولا تتمتع بأية كفاءة ومن ثم لديه قناعة بأنه من الواجب توعية المصريين بالقضية والكفاح والحاجة غلى التضحية .
وهو يرى تلك الحقائق بالأحرف الكبيرة وبالأضواء الساطعة وعلى مدى حياته العملية كان عنيف التصرف وعاطفى التفكير وهو يبرز الدور الذى قام به أيا كان هذا الدور على أساس الحجة القائلة بأن مصر لا يمكن أن تنهض من سباتها العميق إلا عن طريق أ‘مال الإثارة العنيفة ويجب أن تفوز بحريتها كجائزة لا كمنحة!
ويصل إعجابه بسعد زغلول باشا إلى درجة أسطورية وعندما جاء بعده مصطفي النحاس باشا الذى كان أقل من سعد زغلول عنادا ظل النقراشي يمارس نشاطه فى مصر (مع الوفد) خلال عامى 19291930 ورفض بشدة عدة مقترحات لتوقيع المعاهدة فإنه أى انطفاء شعلة الحماس المقاس عند النحاس باشا.
وأجبرت الضجة التى صاحبت ظهور موسولينى النقراشي على قبول المعاهدة عام 1936 ولكن دون مبالغة.وعلى مدى سنوات الحرب نشط النقراشى مع أحمد ماهر باشا فى حث الحكومة المصرية على الاشتراك فى الحرب العالمية الثانية.
ولم يخف حقيقة ما يشعر به فى قرارة نفسه من أنه بصرف النظر عن تأثير ذلك على الحلفاء فإن قصف المدن المصرية ومصرع خمسين ألف شاب من أبناء مصر وهم يرتدون الزى العسكرى سيكون من شأنه أن يساعد مصر لترقى فى مدارج الأمم.
وتحمل بشئ من الفلسفة الإحباط الذى أصابه بسبب السياسة المصرية خلال فترة الحرب.وعبر فى انفعال عن ضيقة بسبب ما تصوره من سياسة اللورد كيلرن فى معاملة ملك مصر وشعبها باحتقار.وكان يميل إلى أن يرى فى مصرع أحمد ماهر باشا قائده العملى قضاءه المحتوم الذى يناديه ولا فرار منه.

و:كان يرى فيه موتا فى سبيل مبادئه السامية الطاهرة ولم يحل بخاطره يوما أن يصبح رئيسا للوزراء وقرر التقاعد عن ممارسة العمل السياسى عندما يبلغ الستين.ويبرر النقراشي تراجعه عن التقاعد بأنه تلقى تشجيعا معنويا كبيرا من فاروق عن طريق تأكيد صاحب الجلالة بأنه يرى فى النقراشي حارسا للمثاليات المصرية!

منذ تلك اللحظة يمكننا اعتبار ذلك بداية لموقف جديد للنقراشى من الملك أما موقفه من المفاوضات بين اللورد ستانسجيت وصد5قى باشا فكان يتسم دائما بالبرود.وعندما الآخرون عن النجاح الذى حققه صدقى نجد النقراشى يعلق قائلا بأنه ظل مستيقظا طوال الليل خوفا من الكابوس الروسى الشيوعى ولكنه لم يجد فى المقترحات العسكرية البريطانية سوى الإهمال , الذى لا مبرر له للمشاعر القومية المصرية.
ولعل مما يدخل السرور على نفسه أن يجد عقارب الساعة عادت إلى الوراء ليلتقى بسعد زغلول ويقف حيث يقف ولا أعتقد أنه يمكن إجراء مفاوضات فعلية مع زعيم " يرى النجاح فى الفشل ويرى فى الرفض نجاحا يستحق التهنئة".
ولا يوجد ما يصور النقراشى بصدق ويعبر عن شخصية أدق وأكثر من هذا التقرير الذى عكس تماما كل أعماله فى آخر وزارة له.فى خطابه للملك فاروق الذى أعلن فيه قبول تشكيل الوزارة
كتب النقراشي يقول:
" أهم ما تعنى به الحكومة العمل على جلاء الجنود الأجنبية وتحقيق مشيئة أهل وادى النيل فى وحدة مصر والسودان ولقد ظهرت فى الأيام الأخيرة علامات تزيد من قلق النفوس على مصير السودان".

ويضع جيمس بوكر القائم بالأعمال البريطانى تقييما سريا للوضع السياسى فى مصر فقال:

" إن تصريحات صدقى والحاكم العام أثارت الرأى العام فى مصر إلى حد أنه لن يوجد مصرى وبالذات رئيس حكومة للأقلية يقصد (النقراشي) يجرؤ على الوقوف ضدها.
إن رفض مصر الاعتراف بحق السودان فى الانفصال عن مصر يعتمد على اعتقاد بأن البريطانيين يشجعون السودانيين على ذلك ليحتفظ الإنجليز بالسودان لأنفسهم"

حد الإخوان المسلمون موقفهم من الوزارة الجديدة فى اليوم التالى لتأليف الوزارة كتب البنا فجريدة الإخوان المسلمين يطالب النقراشي بإنهاء المفاوضات وإلغاء معاهدة 1936 وعرض القضية على مجلس الأمن والجهاد!

عقد النقراشي يوم 16 من ديسمبر اجتماعا مشتركا ضم أعضاء مجلس الشيوخ والنواب وأعلن أن أمام الحكومة التفاوض أو عرض القضية على الأمم المتحدة. عاد السفير البريطانى السير رونالد كامبل من لندن يوم 20 من ديسمبر واجتمع ساعتين بالنقراشي بشأن الفقرة الثالثة فى بروتوكول السودان والتى قام من أجلها الخلاف مع إسماعيل صدقى

طلب رئيس الوزراء أن تصدر بريطانيا بيانا من جانب واحد تعلن فيه:

(أ) أنه ليست لدى الحكومة البريطانية النية لتشجيع السودانيين على الانفصال عن مصر.
(ب) إذا رغب السودانيون فى استمرار وحدتهم مع مصر فإن الحكومة البريطانية لن تضيع عقبات فى هذا الطريق ويسعدها أن ترى ذلك يتحقق وبنى النقراشى ذلك على أساس أن الرأى العام المصرى ملتهب فى هذا الشأن ومثل هذا البيان يجعل المحادثات مثمرة.

ورفض رئيس وزراء مصر اقتراح السفير بإصدار بيان مشترك بدلا من تبادل الرسائل. وطلب النقراشي تعديل بروتوكول صدقى بيفن.

ويزداد الرأى العام المصرى إثارة وحماسا عندما يذاع خطاب جديد ألقاه الحاكم العام للسودان فى وفد ممن أعيان " مدينة الأبيض أكد فيه موقف بريطانيا من استقلال السودان وكذلك تصريحات مماثلة للسيد عبد الرحمن المهدى بعد عودته من لندن إلى الخرطوم.

ويجتمع 13 رئيسا للقبائل السودانية يمثلون 1,2 مليون نسمة ويبرقون إلى المجلس الاستشارى لشمال السودان معلنين حق السودان فى تقرير مستقبلية وأنهم يرفضون أية سيادة على بلادهم

قال النقراشي فى مجلس النواب – فى 31 من ديسمبر 1946

إن على الحكومة البريطانية إعلان نواياها بالنسبة للسودان وقال إن سياسة الحاكم العام هى تشجيع وتحريض السودانيين على الانفصال عن مصر.وأضاف إن مصر لا تريد بسط نفوذها على السودان ونواياها أخوية نحوه وسيرضى عنها [لسودانيون أنفسهم.

وافق المجلس بالإجماع على منح الثقة للحكومة ويحاول بيفن إنقاذ المعاهدة فيبرق إلى سفير ه فى القاهرة يوم 4 من يناير 1947 باقتراحين لإبلاغهما للنقراشى:

الأول: توقيع معاهدة المساعدة المتبادلة وبروتوكول الجلاء واستبعاد بروتوكول السودان على أساس أن معاهدة عام 1899 بشأن السودان والمادة الثانية من معاهدة 1936 تظلان ساريتين.

ويتبع ذلك مؤتمر لمناقشة المسألة السودانية تمثل فيه بريطانيا ومصر والسودان أو

الاقتراح الثانى: توقيع المعاهدة على أساس:
(أ‌) عدم وضع قيد على حق السودانيين فى تقرير مصيرهم.
(ب‌) مهما كان اختيار السودانيين فإن الحكومة البريطانية تضمن المحافظة على المصالح المصرية الدائمة فى السودان.

وقال السفير البريطانى للنقراشى خلال اجتماعين:

إذا قبلت أيا من الاقتراحين فإن الحكومة البريطانية مستعدة لإصدار البيان المنفرد من جانب واحد الذى طلبته.رد النقراشى فوضع نصا لبروتوكول جديد للسودان ينص على وحدة مصر والسودان تحت التاج المصرى المشترك وعقد مؤتمر تحضره مصر وبريطانيا فحسب ... ولا يحضره السودان!

والجدير بالذكر أن فصل مسألة الجلاء عن موضوع السودان هو ما تم بعد ثورة 23 من يوليه 1952. رد وزير خارجية بريطانيا على النقراشى يوم 9 من يناير 1947 مقدما تنازلا جديدا قال : لن يمثل السودان فى المؤتمر .

واقترح بيفن أن تتضمن المعاهدة وثائق تعلن فيها كل من مصر وبريطانيا موقفهما بالنسبة للسودان.

وقال بيفن إنه يقبل فى هذه الحالة إصدار البيان البريطانى الذى طلبه كل من صدقى والنقراشى وأبدى وزير خارجية بريطانيا استعداده لاستقبال النقراشى فى لندن والتفاوض معه إذا رغب فى ذلك.

رفض النقراشى اقتراحات بيفن على الفور قائلا:

إ،ها ليست عادلة بالنسبة لمصر فهى تصور بريطانيا وكأنها تحمى مصالح السودان إزاء النوايا الشريرة لمصر.

وقال النقراشى:

-إن وجهة نظر البلدين متباعدة مما يجعل الاتفاق مستحيلا . ومن المسائل البديهة أن السودان يرغب فى الوحدة مع مصر.

وأشار رئيس وزراء مصر إلى أن سفره إلى لندن لن يحقق أى تقدم لجأ السير رونالد كامبل إلى الملك فاروق ولكن بغير فائدة!

استمرت صحيفة لإخوان تهاجم الوزارة والأحزاب وتعلن أن الوضع السليم هو الحكم بالقرآن. ووجه الإخوان رسالة مفتوحة إلى رئيس الوزراء قالوا فيها :

- أعلن يا باشا فشل المفاوضات وأقطعها فى عزة وكرامة! ويكتب البنا: " الحريات مكبلة والرعب يملأ الصدور وقوات البوليس ترابط فى كل مكان تبعث على الرهبة والريبة",

- ويطالب الإخوان بجبهة قومية مصرية سودانية من كل الأحزاب .

- رأى السير روبرن هاو الوكيل المساعد لوزارة الخارجية البريطانية فى 17 يناير أنه " مادام النقراشى يتولى السلطة فإن الاحتمال ضيئل فى أن يطرأ تحسين على العلاقات المصرية البريطانية أو استئناف المفاوضات لعقد معاهدة جديدة ومن الأفضل أن يستمر الموقف على ما هو عليه".


- اجتمع مجلس النواب يوم 20 من يناير فأعلن النقراشى أن مباحثاته مع السفير البريطانى لم تؤد إلى اتفاق وأنه سيجد طريقا آخر لتحقيق مطالب البلاد تأجل اجتماع المجلس إلى 27 من يناير .

- وقرر مجلس الشيوخ يوم 21 من يناير أنه جاء الوقت لتتخذ الحكومة المصرية موقفا حاسما إزاء السلوك العدائى لبريطانيا.

ويبعث النقراشى إلى السفير البريطانى فى 23 من يناير بمذكرة أشبه بالإنذار قال:

على أن أعلن يوم 27 من يناير الاتفاق , أو إحالة الأمر إلى مجلس الأمن . رأى بيفن أن يقدم اقتراحا جديدا إلى عبد الفتاح عمرو باشا السفير المصرى فى لندن أكد فيه – بعبارات واضحة – وحدة مصر تحت التاج المصرى المشترك مع عدم وضع أية قيود على حق السودان فى تقرير مستقبله طبقا لآمال الشعب السياسية حسب ميثاق الأمم المتحدة.

ولم يتضمن اقتراح بيفن هذه المرة – كلمة ط استقلال السودان". وكانت هذه محاولة أخيرة من بيفن لإقناع النقراشى بتوقيع المعاهدة ولكن رئيس وزراء مصر اكتفى بإعلاء أنه سيعرض الأمر على مجلس الوزراء وفى 25 من يناير أبلغ النقراشى السفير البريطانى أن مجلس الوزراء وجدا أن مصر مضت إلى أبعد مدى فى محاولة الاتفاق مع بريطانيا ولكن الاقتراحات البريطانية لا تستجيب لحقوق البلاد الطبيعية.

وقرر مجلس الوزراء عرض الأمر على مجلس الأمن. وهكذا أضاع النقراشى – بعناده أو خوفه من المعارضة - آخر فرصة لوحدة مصر والسودان!

أذيع قرار مجلس الوزراء بعد يومين فى مجلسى البرلمان فأعلن الإخوان تأييدهم لقرار النقراشى وإن هاجموا بيانه فى البرلمان " لأنه لم يشف الغلة ولم يرو الظمأ"!

ويؤيد مكتب الإرشاد قطع المفاوضات , ويكتب صالح عشماوى قائلا " أخيرا التقينا"!

بعث السفير البريطانى السير رونالد كامبل إلى لندن يقول :" الإخوان يتعاونون مع حكومة النقراشى ولكن بتحفظ".

ويلتقى عبد الفتاح عمرو باشا السفير المصرى فى لندن بأرنست بيفن وزير خارجية بريطانيا يوم 30 من نياير 1947

قال لسفير:هل ألغق الباب نهائيا حتى يعرض الأمر على ألأمم لامتحدة ؟ سارع بيفن بالجواب قائلا:

لم أغلق الباب ولم أقطع المفاوضات . الوزارة المصرية هى التى فعلت ذلك عمدا وبالإجماع ولا أستطيع القيام بأى عمل الآن والأمور يجب أن تمضى فى مجراها . قال عمر باشا:

نحن حريصون على الوصول إلى حل الآن.

رد بيفن:

الأمر متروك لكم . ولن أمضى أبعد مما مضيت. ولا أستطيع التوقيع على تنازل عن حقوق السودانيين كما تطلبون . وإذا وجدت الحكومة المصرية طريقا للتعبير عن آرائها الواضحة فى هذه النقطة فإن الحكومة البريطانية مستعدة للنظر فيها.

ولكن الخطوة التالية يجب أن تأتى من جانبكم

يلتقى بيفن ببعض ممثلى الدول العربية فى لندن فأبدوا له خشيتهم من خطورة الموقف بعد قطع المفاوضات

وقال الجميع:

- لقد أخطأت مصر بهذه الخطوة.ويسافر بيفن فى إجازة وتمضى الأمور فى طريقها المرسوم

- تحرك الإخوان .....

أرادوا الاحتفال بذكرى مظاهرات يوم الجلاء فى 21 من فبراير ولكن الحكومة نجحت فى منع المظاهرات.

فى 22 من فبراير 1947 قال لاسير رونالد كامبل:

" يتردد أن الإخوان المسلمين أعدوا مشروعا لتوقعه كل الأحزاب لمقاطعة البريطانيين. ووافقت جمعية الشبان المسلمين وجبهة مصر – منظمة على ماهر – والوفد السودانى على التوقيع على المشروع ولكن الوفد رفض ذلك" وانضم الإخوان للجنة تحضيرية قررت الإعداد لمؤتمر عربى . يهدف إقامة منظمة دائمة تمثل الشعوب العربية غير جامعة الدول العربية.

ضمت اللجنة – كما يرى السفير البريطانى – " بعضنا من المتطرفين المعروفين مثل البنا وصالح حرب ومريت بطرس غالى. وهو قبطى. غير حزبى" وجد الوفد أن الإخوان ينافسونه كما أن تأييدهم للنقراشى يعطيه قوة فقرر رفض الهدنة بين الحزب والجماعة دون إعلان.

وهكذا عاد الصراع بين الفريقين بصورة أكثر عنفا... وقسوة ووحشية أيضا فكلاهما ينافس الآخر على الرصيد الشعبى . الوفد يحاول الحفاظ على مالديه, واستعادة ما فقد منه والإخوان يحاولون زيادة هذا الرصيد واتجه كل فريق إلى التشكيك فى وطنيه الخصوم!

فى البرقية رقم 536 بتاريخ أول مارس 1947 كتب السير رونالد كامل " هاجمت الصحف الوفدية الإخوان المسلمين – وانهمت البنا بأنه اتصل بعبد الرحمن عزام طلبا للتأييد وناقش معه ومع غيره ومنهم على ماهر وحافظ رمضان . تشكيل لجنة سياسية لإدارة الأنشطة السياسية للإخوان المسلمين.

وأقر البنا, فى تفنيده الفاتر لهذه الهجمات بان تشكيل مثل هذه اللجنة السياسية محل بحث. وعزام يميل منذ مد طويل إلى البنا.

ويبدو أنه على وشك تولى توجيه الإخوان المسلمين فى قضية التطرف الوطنى".ويفشل الإخوان فى محاولتهم تكوين جبهة سياسية تحتفل بذكرى يوم الشهداء 4 من مارس وتهاجم صحف الوفد الجماعة.

وتنقل اتهاما وجهه وكيل الإخوان السابق أحمد السكرى بأن الشيخ البنا حاول الحصول من الوفد على 50 ألف جنيه ثمنا لتأييد الوفد ضد وزارة إسماعيل صدقى. واتهم السكرى الشيخ البنا أيضا بإجراء اتصالات مع رئيس الديوان الملكى تعهد خلالها المرشد العام بإتباع سياسة معتدلة إزاء حكومة النقراشى مقابل مساعدة من القصر.

ردت جريدة الإخوان بأن البنا مستعد للتعاون مع الوفد إذا تبرع لهذا الحزب بمبلغ 50 ألف جنيه لتنظيم سياسة قومية تساهم فيها كل الأحزاب حسب إمكاناتها!

ورغم سوء العلاقة بين الإخوان والوفد فإن العلاقة بين الإخوان والنقراشى لم تكن طيبة بحال.

نشرت صحيفة الإخوان مقالا عن " واجب الحكومة" وحددته بأنه " منع وصول قوات بريطانية جديدة وعدم تسخير المرافق لخدمة الإنجليز وإبعاد كل أجنبى يتعامل معهم ومحاكمة كل مصرى يخدمهم بتهمة الخيانة". وجد الوفد أن الإخوان ينافسونه كما أن تأييدهم للنقراشى يعيطه قوة فقر فض الهدنة بين الحزب والجماعة دون إعلان.

واتجه الإخوان لأول مرة إلى الشرق فطالبوا بأن تلجأ الحكومة فى المم المتحدة إلى " الكتلة اليسارية" بدلا من الكتلة الانجلو - أمريكية. ولم يكن الإخوان يعرفون أن مثل هذا التفكير فى تلك الأيام صعب . أما التنفيذ فيقع فى جائرة المستحيل!

ويتجه النقراشى إلى أمريكا فيوفد فى أبريل رئيس أركان حرب الجيش إلى واشنطن لزيارة القواعد والمصانع الحربية والاتفاق على شراء السلاح فتحتج الحكومة البريطانية على الحكومة الأمريكية لعدم استشارة الولايات المتحدة بشأن هذه الزيارة.

ويتراجع وزير الخارجية الأمريكى بالنيابة أمام ممثل السفارة البريطانية قائلا: ليست للزيارة طبيعة سياسية ولن تلعب أمريكا نفس الدور الأساسى فى الشئون العسكرية المصرية والى كانت تقوم به الحكومة البريطانية وفى 7 من مايو 1947 تبلغ الحكومة الأمريكية بريطانيا رسميا بأنها لن تتوسط أو تتدخل بين بريطانيا ومصر!

وتزداد العلاقة سوءا بين النقراشى والإخوان فى مايو أيضا عندما يعتدى رجال الشرطة على موكب الجوالة الإخوان فى حى الخليفة, ويمنع البنا من زيارة بور سعيد.

وتتابع برقيات السفارة البريطانية على لندن تصف كل تطور جديد فى موقف الجماعة وسياستها. كتب السير رونالد كامبل قائلا:

" الإخوان أبرز المنظمات المصرية التى لها صلة دولية وتتمتع بأهمية كافية لممارسة تأثير ملحوظ على الحياة العامة فى البلاد.

إن الأحياء السياسى – الدينى لجماعة الإخوان المسلمين يمثل قوة رجعية فهى تدعو للعودة غلى بناء اجتماعى يقوم على تعاليم دينية واجتماعية عفى عليها الزمن"!

ولكن السفير يبرئ الإخوان من العمالة لأية قوى أجنبية . قال:

" لا تتعرض الجماعة حاليا لنفوذ خارجى سواء كان شيوعيا أو فاشيا ولكنها تمثل أيدلوجية ذات طبيعة سياسية – دينية تقتضى بالضرورة تصنيفها كمنظمة سياسية متطرفة"

ويتعين أن نذكر قبل الحرب. كان هناك من الأسباب ما يدعو للشك فى تلقى الإخوان المسلمين أموالا من مصادر ألمانية أو إيطالية أو منهما معا .

إن الإخوان المسلمين جماعة مصرية خالصة. ولكن نجاحها الباهر فى البلاد فى السنوات الأخيرة شجع قادتها على مد أنشطتها إلى الدول الإسلامية المجاورة وخاصة فلسطين وسوريا والسودان".

ويتعقب الإنجليز الإخوان المسلمين فى الدول العربية.

سأل الوزير البريطانى المفوض فى عمان الملك عبد الله عاهل الأردن عن لقائه بعبد الحكيم عابدين سكرتير عام الإخوان فقال صاحب الجلالة:

- الجماعة تستحق الإعجاب فهى تدعو الجيل الجديد لواجبه الدينى, وتحد من انتشار الشيوعية.

- قال الوزير المفوض:

- كان حقا ما تقول يا صاحب الجلالة لو أن الجماعة اقتصرت على واجبها الدينى ولكن التقارير تقول إن دوافع مؤسيسها سياسية بقدر ما هى دينية .

- قال الملك عبد الله:

- هذا بالنسبة لمصر ولكن قادة الإخوان لا يريدون التدخل فى الشئون الداخلية للدول العربية.

- ويثير الوزير البريطانى مسألة الإخوان مع سمير الرفاعى باشا قال رئيس الوزراء :

ستتدخل إذا أبدت الشعب المحلية فى الأردن نشاطا سياسيا ومن الخطأ أن نظهر عدم موافقتنا عليها نشاط الجماعة مقصورا على النشاط الدينى ويكتب الوزير المفوض إلى لندن:

- أوافق الملك ورئيس وزرائه على أنه لا داعى للتدخل فى الوقت الحاضر"! وجد الإنجليز أن الاستقرار لم يتحقق فى مصر ولم تعقد معاهدة , وهناك أزمة حادة فى العلاقات بين البلدين ففكروا فى إعادة الوفد إلى الحكم لتحقيق إصلاح اجتماعى يعزز الاستقرار والديمقراطية!

- أيد عودة السير روبرت هاو الوكيل المساعد لوزارة الخارجية – الذى تولى بعد ذلك منصب الحاكم العام للسودان – والسير أورم سارجنت الوكيل الدائم للوزارة وقدما تقريرا بذلك إلى كلمنت أتلى رئيس الوزراء الذى تولى وزارة الخارجية بالنيابة أثناء سفر ارنست بيفن إلى نيويورك وموسكو.

- أبرق اتلى بالتقرير إلى بيفن فى موسكو – بدلا من انتظار عودته – مما يدل على رغبة اتلى فى التعجيل بخلع النقراشى, - ولكن بيفن رأى تأجيل القرار حتى يعود إلى لندن فعقد مع أورم سارجنت اجتماعا يوم 6 من مايو.

- قال وكيل الخارجية : السؤال الأساسى هو هل نعزل النقراشى أم لا؟

- رد بيفن: من الخطأ التصرف على هذا النحو فإذا عزلنا رئيس الوزراء , ولم نحقق النتيجة التى نريدها ستكون فى وضع سيئ.

- وأصر بيفن على أن يحتفظ كبار رجال الوزارة" بالبرود" وهدوء الأعصاب إزاء النقراشى. ورفض الوزير البريطانى التدخل فى شئون مصر الداخلية ولكن رجال وزارة الخارجية البريطانية ضغطوا على الملك والنقراشى بأسلوب آخر.

- بعث السفير البريطانى السير رونالد كامبل برسالة إلى النقراشى يحتج فيها على إلقاء قنبلة على دار المعهد البريطانى وأخرى على كلية فيكتوريا بالإسكندرية وكذلك على التأخير فى محاكمة حسين توفيق وزملائه – وبينهم أنور السادات الذين اتهموا باغتيال أمين عثمان باشا وزير المالية فى حكومة الوفد.

- ويلتقى كامبل بعبد الفتاح عمرو باشا سفير مصر فى لندن محتجا لى الحملة العلنية المعادية لبريطانيا وقال:

- إن وزراء مصر يساهمون فى هذه الحملة. - ويضيف:

- هل يعرف ملك مصر ذلك؟

- ويحذر قائلا:

إن صاحب الجلالة يغامر بهذه الإثارة الوطنية.

ويلتقى كامبل بالملك بعد أن استغنى النقراشى عن البعثة العسكرية البريطانية فى الجيش المصرى.

وينتقد السفير رئيس وزراء مصر فيرد فاروق :

النقراشى أفضل من يحافظ على المن والنظام.

وأخيرا يلتقى السفير البريطانى برئيس الوزراء ليقدم سلسلة من الاحتجاجات:

الأول : على عبد الفتاح عنايت الذى حكم عليه بالإعدام فى قضية اغتيال السردار البريطانى السير لى ستاك عام 1924 واستبدل حكم الإعدام بالأشغال الشاقة المؤبدة.

وكان عبد الفتاح عنايت قد بدأ يكتب مذكراته وفيها يهاجم الإنجليز الاحتجاج الثانى على كاريكاتير نشرته مجلة روزاليوسف يصور حلبة ملاكمة بين مصر وبريطانيا...

وفى هذا الرسم توجه مصر ضربة قاضية لبريطانيا .

الاحتجاج الثالث على مسرحية تعرض فى مصر وفيها يقال إن بريطانيا تحاول التفرقة بين مصر والسودان. ولا يجد النقراشى ما يقوله – طبقا لبرقية السفير – إلا أنه سيرسل مقالات الصحف وكل هجوم على بريطانيا إلى النائب العام ليرى ما إذا كان ذلك يقع تحت طائلة القانون وفى هذه الحالة يحاكم المسئولين وتتم كل هذه اللقاءات والاحتجاجات وأنشطة السفير ضد النقراشى خلال فترة لا تتجاوز الشهرين! انخفضت شعبية الوفد لأسباب كثيرة منها الاضطهاد من جانب الحكومة والانحرافات فى الوفد.

وارتفعت شعبية الجماعة بالشعارات التى رفعتها معادية للإنجليز , والعاطفة الدينية العميقة فى نفوس شعب مصر , والتنظيم الدقيق للجماعة والتأييد الذى حصلت عليه من الملك وصدقى والنقراشى فى فترات متباعدة!..

قال حمادة محمود إسماعيل فى رسالة ماجستير قدمها إلى جامعة القاهرة عن " جماعة الإخوان ودورها فى تاريخ مصر" إن سنوات ما بعد الحرب العالمية الثانية كانت سنوات الإخوان فقد ساعد غياب الوفد عن مسرح الأحداث تنامى الإخوان وقيادتهم للحركة الشعبية ضد الاحتلال ودعوتهم الصريحة إلى إعلان الجهاد باعتباره السبيل الأوحد لإخراج الإنجليز من مصر"

وقال :

" أدت الجماعة دورا لا يستهان به تجاه قضية الجلاء والاستقلال وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية". أحس الوفد بقوة الجماعة فهاجمها بأسلوبه القديم...

اتهم الوفد الإخوان بالعمالة للحكومة وخيانة قضية الأمة.

نشرت صحيفة " صوت الأمة" الناطقة بلسان الوفد ويرأس تحريرها عدلى المولد لمحامى يوم 9 من مايو تحت عنوان " الشيخ راسبوتين .. يفقد عقله وأدبه..."!!

قالت :

".. استطاع هذا الشيخ الملتاث أن يكتب خطابا إلى رفعة زعيم الوادى ويحشوه بالمطاعن والسباب ويصور فيه نفسه وما فطر عليه من خلق ...

يا مولانا الشيخ:

إنك أحقر من أن تكتب إلى وفدى عادى . فما بالك بهذه الجرأة المجنونة التى دفعتك بالكتابة لى زعيم الوادى ناصحا, ومحذرا ومهددا.

من أنت أيها الحلس الذى خسر الدنيا والدين , انفض من جماعته كل غيور على كرامة الإسلام والمسلمين؟...

من أنت يا مدرس الخط حتى تجعل من نفسك شيئا فتتكلم إلى رجل بينك وبينه ما بين الأرض والسماء..؟ هل يد تذبذبك, وحقارة تصرفاتك ضد إخوانك وخيانتك لمبادئ الإسلام الشريف وهل بعد استجدائك عطف كل هيئة وحزب...

أبعد هذا أيها المستعبد لشهواته ونزوته الوضيعة تجد فى نفسك الجرأة على أن تقوم بدور الممثل التافه فى دور المصلح الهادى؟!

يا شيخ راسبوتين... مسكين أنت والله إنك قد فقدت عقلك."

وقالت الصحيفة:

" دع السياسة يا شيخ لمن يحملون عقولا فى رءوسهم فلست أهلا لها". وقالت:

" لم يجد الشيخ حسن راسبوتين بدا من أن يمزق اللثام عن تضليله وتهريجه باسم الدين والإخوان والقرآن ويظهر على حقيقته, وبطبيعته انجليزيا حكوميا وهذا هو ما كنا نبصر به الإخوان ونحذرهم منه حتى يعرفوا شيخهم داعية مأجورا لكل من يدفع الثمن.

هذا هو الشيخ البنا أيها الناس.

هذا الرجل الذى كان مدرسا للخط فضاق بفقره, وحقارة شأ،ه وتفاهة قيمته ولم يستطع أن يوفق بين طموحه وقدرته فراح يطلق لحيته, ويضلل باسم الدين ويجمع حوله السذج من المسلين لتكون له سيارة وتكون له جريدة ولو غير " سيارة" ولكن الدين فضحه وكشف عن خبيئته.

لم يخجل الشيخ بل ظهر بالمس سافرا فاجرا, كافرا بنعمة الدين ونعمة الوطن ولم يستح أن يصبح حكوميا أكثر من الحكوميين ونقراشيا أكثر من النقراشيين أيها الشيخ المأجور .. أقسم لك بمن حرمك من نعمة الأخلاق الإسلامية ونعمة الأخلاق الوطنية أننا لا نتصور ولا نسمح لأنفسنا أن ثمة من يعمل لخيانة بلده من أجل المال.

فهنيئا حكوميتك أيها المسكين الذى أراد أن يسخر من الوطنية والدين فهوى إلى أسفل سافلين"!! وتضامنت صحف الوفد كلها فى الحملة ضد الإخوان.

قالت البلاغ إن المرشد العام دأب على أن يتردد بسياسة الإخوان ويميل بها يعتقد الاتفاق تلو الاتفاق, ويبرم الميثاق تلو الميثاق ولكنه ما أسرع ما ينفض يده من هذا ليضعها فى يد ذاك.

وقالت مجلة " الحوادث " بعنوان" دوتشى مصر, بعد دوتشى روما" إن البنا يشبه موسولينى زعيم الفاشية فى إيطاليا ويدعى أنه المهدى المنتظر"!

وتصاعدت حملة الصحف الوفدية وبالذات صوت الأمة على الإخوان فى سلسلة مقالات تحت عنوان واحد " هذه الجماعة تسقط"

وهذه نماذج مما قالته الصحيفة خلال تلك الأيام من مايو ويونيه عام 1947:

يمعن الشيخ فى التضليل فيزعم انه ليس حزبا سياسيا, إذن ماذا أنت وجماعتك يا هذا؟ أنت تزاول نوعا من السياسة هو أرخص وأقذر الأنواع .

انحسر آخر قناع عن وجه الشيخ البنا فإذا به أقبح سياسى لعب على مسرح السياسة فى الجيل الحاضر.... العفن والقاذورات والألفاظ النابية بل والجرائم المنكرة مصدرها وكر الإخوان..أما من الذى أيقظ الفتنة فهو أنت أيها " المرشد " المضلل.

شيخ متآمر متستر خلف الدين..

أيها الشيخ الماجن لقد أفصحت عن حقيقة أمرك, بعبثك, وخداعك فانكشفت سترك ووضحت جنايتك السافرة. إلى زعيم عصابة الإخوان صليتم تظاهرا وتصدقتم تفاخرا, واتخذتم هيئة الصلاح لتتسلطوا على عقول البسطاء.

إن جماعة الإخوان المسلمين فضيحة قومية للمصريين فى العصر الحاضر.

أصبحت ذمة الشيخ مطاطة... الشيخ المصلى العارف بالله يكذب علنا فى جريدته.

شخ سوء ينحدر هابطا كلما انتفخ جيبا...

فهو يتعمق فى الاسفاف كلما افعم جيبه بالمال . أجير لا يكتب من وحى قلمه وإنما يدافع عن انتفاخ جيبه.. ومقياس الصالح من الطالح عنده هخو مقدار ما تمتد له به الأيدى من نفحات وعطايا فإن قرأت فجورا وقحة فاعلم أنه قد ما تمتد له به الأيدى من نفخات وعطايا فإن قرأت فجورا وقحة فاعلم أنه قد قبض.الشيخ الأفاك . والشيخ الأشر.

الإسلام ليس لحية .. ولا عمامة , ولا سفسطة هو تعاليم نبيلة رفيعة تطبع المؤمنين بطابع الشرف والأخلاق.. والسمو وعدم الإسفاف . لا الجرى وراء المال الحرام باستخدام التهريج والدجل والضحك على الدقون...!

ويرد الإخوان فى يوليه فينشرون وثائق تثبت أن السلطات البريطانية ساعدت شباب الوفد فى حملتهم ضد الجماعة.

وفى برقيات السفارة البريطانية أن هذه الوثائق مزورة وهكذا تغير موقف الإخوان. كانوا ضد النقراشى فأصبحوا معه.

وكانوا مع الوفد فأصبحوا ضده.

وفى رأى البنا أنهم يتفقون ويختلفون مع الأحزاب طبقا لمواقف هذه الأحزاب إزاء مصر المسلمة الوطنية.

ولكن لعبة السياسة – التى دخلها الإخوان , أو مارسها الإخوان فى السنوات الأخيرة – كانت تقتضى نوعا آخر من السلوك السياسى!

عارض الملك فاروق فى عرض قضية مصر على الأمم المتحدة كما قالت برقية للقائم بالأعمال الأمريكى. وأيد هذا الرأى كل من إبراهيم عبد الهادى وعبد الحميد بدوى ورأى الدكتور محمد حسين هيكل أن تعرض القضية على الجمعية العامة للأمم المتحدة . بينما وجد النقراشى أن هذه الجمعية ستحتاج إلى وقت طويل لنظر أفضل الفرص – فى رأى النقراشى – لتحقيق الجلاء.

وظل النقراشى باشا حائرا شهور مترددا, يقاوم كل الضغوط ثم حسم أمره فقدم محمود حسن باشا سفير مصر فى وشنطن عريضة دعوى مصر إلى مجلس الأمن يوم 11 من يوليو 1947. طالب النقراشى باسم مصر بجلاء القوات البريطانية عن مصر والسودان جلاء تاما وإنهاء النظام الادارى للسودان.

أبرق مصطفي النحاس حزب الوفد إلى مجلس الأمن وإلى السكرتير العام للأمم المتحدة يتهم الحكومة بالديكتاتورية وأن النقراشى لا يمثل مصر وليس صوتا شرعيا يتحدث باسمها.

قال النحاس فى برقيته

" الحكومة المصرية التى رفعت دعوى أمام المجلس لا تمثل على أى وجه شعب وادى النيل الذى تؤيد أغلبية الساحقة الوفد المصرى, وهذه الحكومة - على أكثر تقدير – تمثل الأشخاص الذين تتألف منهم وتدعى لنفسها حق التصرف فى سياسة مصر الدولية رغم أنفها ,

ووفقا لما تمليه مصالح سياسية رجعية وإقطاعية , رفضها الشعب المحكوم حكما ديكتاتوريا,فإن شكوى تلك الحكومة إلى مجلس الأمن لا يمكن أن تكون لها قيمة الوثيقة القومية المعبرة عن مطالب الشعب.

قال عبد الرحمن الرافعى فى كتابه " فى أعقاب الثورة المصرية" كانت هذه البرقية ضربة أصابت مصر فالأنانية والأهواء الشخصية جعلت الوفد يطعن مصر من الخلف فى الوقت الذى تعرض فيه قضية مصر على تلك الهيئة الدولية العالمية!

أبرق المرشد العام إلى مجلس الأمن مساندا وفد مصر برئاسة النقراشى ومؤيدا مطلب مصر فى الجلاء ووحدة وادى النيل.

قال:" يستنكر شعب وادى النيل البرقية التى بعث بها إلى مجلس وإلى هيئة الأمم المتحدة رئيس حزب الوفد المصرى ويراها مناورة حزبية لا أثر للحرص على الاعتبارات القومية فيها.وسواء كانت حكومة مصر ديمقراطية أو ديكتاتورية فإن الشعب المصرى يعلن على الملأ أمام هيئة الأمم المتحدة ,

أن ذلك أمر يعينه وحده فله وحده الحق فى أن يختار نوع الحكم الذى يريده طبقا لميثاق الاطلنطى ومبادئ هيئة الأمم وله وحده الحث فى ا، يعرض على حكومته ما يريد وأن يؤاخذها على كل تقصير يراه".

ووجه البنا رسالة إلى النحاس تحت عنوان " بطلان التوكيل " قال ط النقراشى باشا يمضى ومن معه إلى مجلس الأمن بتأييد شعب وادى النيل وعلى هدى من الإيمان الوطنى".

واستنكر البنا خطاب النحاس إلى مجلس الأمن ووصفه بأنه سقطة سياسية وعثرة وطنية ومناورة حزبية لا تحرص على الاعتبارات القومية.

وأعلن الإخوان" أن الوفد بدور الطابور الخامس لحساب الإنجليز فى تقسيم الأمة وتمزيق وحدتها"! وقال:

" التوكيل الذى منحته الأمة المصرية للوفد المصرى سنة 1918 أصبح باطلا بطلانا أكيدا".وقالت الرسالة:

" لا يزال الوفديون بعقلية سنة 1920 فيقولون : الأمة هى الوفد والوفد هو الأمة وأن الشعب منحه توكيلا لا نقض فيه ولا إبرام ويسقطون من حسابهم ربع قرن فى حياة هذا الوطن تبدلت فيه الأرض غير الأرض وتغيرت النفوس .ز انتقل إلى الدار الآخرة أكثر الوكلاء والموكلين على السواء.

والوفد فى أيامه الأخيرة تخللت صفوفه , طوائف وأفواج , من ذوى الآراء الخطرة والمبادئ الهدامة, الذين لا يدينون بغير الشرعية...

هل ترون أن الوفد قد أدى واجبه بهذا الموقف السلبى يقفه فى هذه الساعات العصبية فى تاريخ الوطن مع أنه كان ولا يزال فى وسعه ان يعمل الكثير لو أراد"

ويطلب الشيخ إلى النحاس أن " يطهر حزبه من الشيوعيين ومن شبابه المفتونين"!

وقال المرشد العام:" الوفد خارج الحكم يعتبر الإنجليز أعداء الإسلام والأمة, بل أعداء الشرق كله يجب محاربتهم فإذا تولى الحكم نسى ما كان يدعو إليه فالإنجليز هم الحلفاء المخلصون"!

وكتبت صحيفة ": صحف الوفد تفيض إباحية وفجورا وأن على الوفديين أن يحددوا إسلامهم فهم فى تصرفاتهم خصم للإسلام . وحرب على تقاليده وتشريعه وأن الوفديين طابور خامس فى مصر. والنحاس , بعد 4 فبراير كان متعاونا تعاونا كاملا مع الإنجليز".

وقاد البنا مظاهرة مؤيدة للنقراشى. فى الليلة السابقة على سفر النقراشى إلى واشنطن سئل رئيس الوزراء .

-ألا ترى اضطراب الأمن أثناء غيابك؟

قال – لن تحدث متاعب إلا من الشيوعيين:

قيل له :

والوفد؟

قال:

لا يسعى الوفد إلى مزيد من عداء الملك له.

قبل له:

والإخوان؟

قال: " لقد ألقيت الرعب فى قلب البنا.

ويكتب جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن" ويؤكد الإخوان تأييدهم للحكومة وربما يكون السبب ناشئا عن الحرب

السائدة بين الإخوان والوفد . والصحابة المحلية تزعم ان السبب الحقيقى يرجع إلى المبلغ الضخم الذى دفعه النقراشى باشا لالبنا من المصروفات السرية ويبدو واضحا أن هذا المبلغ دفع فعلا وقد أحدث تأثيرا لدى قادة الإخوان"! وتكلم النقراشى فى مجلس الأمن 6 مرات أخرى مفتدا حجج بريطانيا فقال عن السودان:

" العلاقات بين السكان الذين يقطنون شطرى وادى النيل مسألة داخلية فى بل أهلية.

إن الأمر سيعالجه المصريون والسودانيون لا أن يتحدث عنهم لسان حكومة أجنبية فى لندن النائية". واتهم بريطانيا بالقرصنة قائلا:

" فقدت معاهدة 1936 قوتها وحيويتها وأخرستها الحوادث ولم يعد صداها إلا كصدى الاشباح وظلت أثرا من آثار أيام القرصنة التى يجه العالم فى نسيانها.

أوفد الإخوان واحدا من أبرز شبابهم – مصطفي مؤمن – إلى مجلس الأمن مرافقا للوفد المصرى وللدعاية للقضية المصرية فى الولايات المتحدة وفى الأمم المتحدة.

وقع يوم 22 من أغسطس 1947 حادثان فى نيويورك والقاهرة فى نيويورك أثناء اجتماع مجلس الأمن وبعد خطاب النقراشى ألقى مصطفي مؤمن خطبة ملتهبة من شرفة الزوار وأشهر وثيقة موقعة بدماء الطلاب تستنكر المفاوضات وتطالب بالجلاء التام وبوحدة وادى النيل.

طرد من قاعة المناقشة فنظم مظاهرة خارج مبنى الأمم المتحدة كما طرد أحمد كامل قطب ممثل الإخوان أيضا لأنه كرر ما فعله مصطفي مؤمن داخل قاعة مجلس الأمن.

وفى القاهرة أيد الإخوان خطاب النقراشى فى مجلس الأمن ونشروه كاملا ونظم شيخ البنا مظاهرة فى الأزهر بعد صلاة لتأكيد وقوف مصر وراء النقراشى وتأييد فى مجلس الأمن. تقدم المظاهرة المرشد

العام يهتف بسقوط معاهدة 1936 واتجه المتظاهرون إلى قصر عابدين ووقع بينهم وبين رجال الشرطة صدام حاد وأطلق رجال الشرطة النار على المتظاهرين .

أصيب البنا وأسفرت المظاهرات عن مصرع ثلاثة وإصابة كثيرين ورغم ذلك كتبت السفارة البريطانية إلى لندن تقول:

" يسود اعتقاد شائع بأن الحكومة تغاضت بل شجعت هذه المظاهرة الخطيرة".

وتكررت المظاهرات فى اليومين التالين ولكن رجال الشرطة نجحوا فى تفريقها دون وقوع حوادث خطيرة.

وفى الإسكندرية نظم بعض عمال النسيج مظاهرة أخرى كما جرت مظاهرات أخرى فى طنطا وبورسعيد.

واجتمعت فى مقر الشبان المسلمين يوم 24 من أغسطس عدة منظمات – بينها الإخوان – وقررت الدعوة إلى إضراب عام ومظاهرات سلمية , يوم 26 من أغسطس بمناسبة ذكرى توقيع معاهدة 1936.

وتكتب السفارة البريطانية إلى لندن بأن " البنا يحاول إقناع الزعماء السياسيين بالضغط على النقراشى ليعلن فى مجلس الأمن أن المعاهدة أصبحت باطلة ولا غية".

خشى الإنجليز تدهور الأمن فاجتمع الوزير البريطانى المفوض بوكيل وزارة الخارجية المصرية وطلب منه نقل رسالة عاجلة إلى رئيس الوزراء بالنيابة بأن الحكومة المصرية ستكون مسئولة عن العواقب التى يترتب على أية اضطرابات إذا سمحت بالمظاهرات والإضراب أو وافقت على عقد اجتماع جماهيرى وقال الوزير البريطانى لزميله القائم بالأعمال الأمريكى:

قادة الإخوان المسلمين والشبان المسلمين ومصر الفتاة فى ظمأ إلى الثورة والمجد!

رأى الوزير أن بريطانيا يمكن أن تستغل المظاهرات فتعلن لمجلس الأمن أن اضطراب الأحوال فى مصر يحتم بقاء القوات البريطانية فاستدعى أحمد خشبة باشا – القائم بأعمال رئيس الوزراء – البنا وأحمد حسين وغيرهما من الشخصيات وأقنعهم بالتخلى عن المظاهرات.

وأذاع أحمد خشبة باشا نداء دعا فيه إلى التزام الهدوء وضبط النفس للصالح القومى . وقال إن ممثلى المنظمات المختلفة سحبوا دعوتهم للقيام بإضراب ومظاهرات.

قال السفير البريطانى:

" تردد أن البنا مستاء من عدم تشجيع الحكومة لمظاهر التعبير عن المشاعر الوطنية"ز وقال السفير:

" الإخوان المسلمون والشبان المسلمون أعطوا اتجاها دينيا للحملات المعادية للبريطانيين" ويلتقى البنا بفيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية يوم 29 من أغسطس 1947 . وايرلاند رجال السفارة وهو يتصل بكل المسئولين وكل رجال السياسة . فى مصر! قال المرشد العام:

- أمريكا أظهرت خصومتها لمصر بتأييد موقف بريطانيا فى مجلس الأمن وذلك ليس جديدا أو فريدا. وفى مصر سخط عام ضد أمريكا.أشار ايرلاند إلى المظاهرات التى جرت فى مصر فقال الشيخ :لن يكون هناك مزيد نم الاضطرابات وبوسعى بدؤها وإنهاؤها .

- قال ايرلاند: من المشكوك فيه أن تتمكن من إنهاء الفتنة بعد اشتعالها.

- قال الشيخ:

- زاد الإخوان قوة ونفوذا فى الشهور الأخيرة بعد أن انضم إليهم المنشقون عن الوفد. وأصبح عدد الإخوان 600 ألف . وتوجد مجموعة عمل يتراوح أعضاؤها بين 25 و30 ألفا من الجوالة وهم منظمون تنظيما عسكريا ويتلقون تدريبا عسكريا إجباريا مستخدمين أية أسلحة أو معدات يمكن الحصول عليها . رد ايرلاند:

فى مناسبات عديدة اتصل أعضاء من الجماعة بمكتب الملحق العسكرى الأمريكى طلبا لكتيبات تتعلق بالأسلحة الصغيرة والتدريب العسكرى .

ويعلق جيفرسون باترسون القائم بالأعمال الأمريكى على ذلك قائلا: "لا شك فى قدرة البنا على تحريك المظاهرات وتصريحاته الملتهبة تبين استعداده الواضح للمتاعب فى المستقبل.

ولا يجب إغفال أهمية الإخوان فى أى حوار سياسى حول مصر. لما هو معروف عن تنظميهم فقد زادوا قوة ونفوذا فى الشهور الأخيرة ووضح من حديث الشيخ أنه يؤيد فى الوقت الحاضر على الأقل سياسة النقراشى. ونظرا لسجله الماضى الحافل بالانتهازية يمكن أن نستنتج أنه سيواصل تأييده لهذه السياسة مادام ذلك يناسبه شخصيا"

استمر الإخوان والمنظمات الأخرى عد الوفد فى تأييد النقراشى ودعا ممثلوها صالح حرب باشا والبنا وأحمد حسين سفراء الصين وفرنسا وأمريكا غلى تأييد مصر فى مجلس الأمن. وألمح ممثلوها للسفارة الفرنسية ضمنا وفى تهديد مقنع بان مصالح فرنسا فى مصر قد تتأثر إذا واصلت تأييدها لبريطانيا فى مجلس الأمن.

كتبت السفارة البريطانية غلى لندن:

" يعد البنا لإثارة الاضطرابات فى أنحاء متعددة نم البلاد فى حالة فشل القضية المصرية أمام مجلس الأمن . وينتاب المرشد العام سخط كبير على قرار الحكومة المصرية بمنع المظاهرات ويعتبر أن الحكومة المصرية تلعب بهذا العمل لعبة أعداء مصر.

ودعا الشعب المصرى للاستعداد لبدء الجهاد إذا أصدر مجلس الأمن قراره ضد مصر.

ويلقى البنا فى هذا الصدد قويا من صالح حرب باشا رئيس جمعية الشبان المسلمين.

ويعمل الرجلان بنشاط لتنظيم الشعب المصرى لقيام بأعمال العنف ويبدو مستبعدا فى الوقت الحاضر أن تتورط الجماعة فى أية نشاطات تخالف بصورة مباشرة الحكومة الحالية , وينطبق ذلك بالنسبة لحزب مصر الفتاة ولكن بصورة اقل.

ودارت مناقشات مستفيضة حول شن حرب عصابات ضد القوات البريطانية فى دوائر جماعة الإخوان المسلمين والشبان المسلمين .

والإخوان المسلمون مسلحون تسليحا جيدا وكتائب الجوالة التابعة لهم جيدة التدريب – ويمكن للجماعة أن تستخدمها إذا قررت الالتجاء غلى حرب العصابات ولكن الموقف حتى هذه اللحظة لا ينبئ بوجود أى شئ خلف الفكرة العامة وعلاوة على ذلك أعلنت لجنة تحرير النيل تشكيل " كتائب للتحرير" فى جميع أنحاء مصر وبدأت تدريب أعضائها على استخدام الأسلحة.

ويقال إن هذه الكتائب تتلقى التدريب على أيدى ضباط من الجيش والشرطة.

ووجهت اللجنة نداء إلى الشباب المصرى للانضمام إلى هذه الوحدات شبه العسكرية.

ولكن السفارة ترى أن قوة الإخوان تتركز فى معارضة الوفد بشدة مما يضمن للجماعة قدرا من التأييد وتسامح الحكومة والقصر معهم".

ومن هذا كله يتضح – طبقا لما تقوله السفارة – أن الجماعة ترتبط بخيوط مع الحكومة . وبتوجيه الشيخ البنا للقاء الأمير محمد على ولى العهد.

قال المرشد العام:

أريد مخلصا تجنب الاضطرابات الداخلية.

وينقل ولى العهد ذلك إلى جميس بوكر القائم بأعمال السفير البريطانى قائلا : لا يمكن الوثوق بالبنا فى ذلك ولكن سياسته تبدو – فى الوقت الحاضر – هادفة إلى تحقيق أثر مهدئ على العناصر المثيرة للإزعاج. قدمت لمجلس الأمن 3 مشروعات :

الأول : من لبرازيل باستئناف المفاوضات بين مصر وبريطانيا وفى حالة فشل المفاوضات تتبع الوسائل السلمية الأخرى محل النزاع . وقد أيديت الولايات المتحدة هذا المشروع.

الثانى: من كولومبيا ويقول بأن جلاء القوات البريطانية رهن باتفاق بين مصر وبريطانيا لتأمين حرية الملاحة فى قناة السويس.

الثالث: من الصين ولا يختلف كثيرا عن المشروع البرازيلى وايدت المشروعات الثلاثة استئناف المفاوضات . امتنعت لولايات المتحدة عن تقديم أية مبادرة إلى مجلس الأمن وأيدت بريطانيا تأييدا كاملا.

وامتنع الاتحاد السوفيتى وبولندا عن التصويت على أى مشروع قرار لا يتضمن صراحة الجلاء الكامل عن مصر , وإن احتفظا برأيهما بالنسبة للسودان.

أما بريطانيا فعارضت أى قرار ينتقدها , وأصرت على أن معاهدة 1936 سارية حتى يعاد النظر فيها باتفاق الطرفين , أى باتفاق بينها وبين مصر.

ولم يحصل أى من المشروعات الثلاثة على الأصوات السبعة المطلوبة ليصبح قرارا.

واكتفى خمسة أعضاء بينهم الولايات المتحدة بإعلان أن مصر لم تقدم دليلا على أن الصراع بين البلدين يشكل خطرا للسلام العالمى وبذلك فإن مجلس الأمن ليس ملزما باتخاذ قرار.

ورفضت الدول الخمس أى قرار بالجلاء بل أرادوا قرار متوازنا يشير إلى أن استئناف المفاوضات سيؤدى إلى جلاء جنود بريطانيا العاجل عن مصر.

دعا الشيخ البنا الشعب غلى ترك العمل والذهاب إلى المساجد فى ذات الساعة التى تعرض فيها قضية مصر أمام مجلس الأمن للدعاء لها بالنجاح وأن يلهم الله مجلس الأمن التوفيق والسداد.

وخطب النقراشى مرتين فى الجلسة الختامية لمجلس الأمن يوم 10 من سبتمبر قال ط إن مصر ظلت فريسة العدوان خمسة وستين عاما . وكل ما تطلبه أن تعطى حقها الطبيعى". ولكن مجلس الأمن لا يلهم التوفيق أو الرشاد بالنسبة لمصر!

لم يستطع المجلس إلى قرار فى أى من المشروعات الثلاثة وانفض فى المساء بعد اجتماعات استمرت 35 يوما دون اتخاذ قرار فى الموضوع وأجل القضية لأل غير مسمى مع الاحتفاظ بالنزاع المصرى – البريطانى فى جدول الأعمال . وقامت المظاهرات فى مصر فى اليوم ذاته ضد بريطانيا احتجاجا.

اعترض المسئولون فى وزارة الخارجية الأمريكية على سياسة بريطانيا فى مصر.. وكان من بين المعارضين لهذه السياسة لوى هندرسون مدير إدارة افريقيا والشرق الأدنى وجوردون ميريام رئيس قسم الشرق الأدنى والوزير الأمريكى المفوض فى مصر بنكتى تاك .

وابلغ هندرسون ذلك إلى السفارة البريطانية فى واشنطن. وكتب مذكرة إلى وزير الخارجية الأمريكية قال فيها:

" وجود القوات البريطانية فى مصر يسمم – وبسرعة – مناخ منطقة الشرق الأوسط والأدنى كلها. وإذا لم يتم الإعلان فى المستقبل القريب عن أنه سيتم سحب هذه القوات دون شرط فإن علاقات العالم العربى مع الدول الغربية ربما تتعرض لضرر بالغ خلال سنوات عديدة قادمة ".

ويوجه مساعده جوردن ميريام نقدا يفكر بيفن أيضا فى نقل القاعدة البريطانية من مصر إلى برقة – فى ليبيا – مع بقاء القوات البريطانية فى مصر حتى يتم ضمان القاعدة البديلة!ويزور النقراشى واشنطن ويلتقى بجورج مارشال وزير الخارجية والرئيس ترومان.

قال النقراشى للوزير الأمريكى:

الدين الإسلامى يتعارض مع الشيوعية ولكن استمرار بقاء القوات البريطانية فى مصر يثير استياء ويوفر أرضا خصبة للتسلل الشيوعى وقال النقراشى:

إذا لم تعامل الولايات المتحدة مصر على قدم المساواة وباعتبارها دولة مستقلة فإن التأييد المصرى للدول الديمقراطية لن يكون متوقعا.

أعرب مارشال عن سروره الشخصى للاجتماع برئيس وزراء مصر ولكن أحدا من الرجلين لم ينجح فى اختراق تحفظ الآخر فقد بقيا متباعدين .. كما قال مارشال وهو يصف نتيجة الاجتماع.

ويطلب النقراشى من الأمريكية مساعدة اقتصادية وقرضا قدره 80 مليون دولار وشراء القطن المصرى طويل التيلة وبعثة عسكرية أمريكية لتطوير الجيش والطيران المصرى وتدريب المصريين فى أمريكا, وتشغيل المطارات العسكرية والمدنية وإقامة مصانع للأسلحة الصغيرة والذخيرة ز ولكن خاب أمل النقراشى فى الولايات المتحدة.

قال له الأمريكيون: لا بوجود قانون أمريكى لتقديم مثل هذه المعونة. فلما ألح النقراشى اعترفوا بأن الكونجرس يدرس قانونا للبعثات العسكرية ولكن أى برنامج للقوات المسلحة المصرية يحتاج إلى صناعة مصرية لتدعيمه.

وقالوا له :

إذا نشأ لدى المصريين إنطباع بأنه يمكن الحصول على مساعدة أمريكية بمجرد طلبها فإن ذلك يعتمد على التوصل إلى نهاية ناجحة للمفاوضات المصرية البريطانية.

وألقى الأمريكيون " ماء باردا " على طلب المساعدة الاقتصادية. ولم يعرف النقراشى أن السبب هو التقارب الأمريكى البريطاني وأن البريطانيين قالوا للأمريكيين:ما نريده هو التعاون معكم فى الشرق الأوسط بدلا من أن تحلوا محلنا.

أى تحركات من جانب الولايات المتحدة فى مصر ز ستكون موضع استياء لندن.

إقامة بعثة عسكرية أمريكية فى مصر بعد سنوات طويلة من النفوذ البريطانى إحراج فاس لبريطانيا قد يؤثر على العراق والدول العربية ويقلل من النفوذ البريطانى فى المنطقة.

وإذا كان النقراشى قد أراد إغراء الأمريكيين بأن مصر ضد الشيوعية وأن عدم المجىء يساعد على انتشارها فى مصر .

فإن البنا دون اتفاق مع النقراشى. وبدون علمه أيضا أراد استمالة السفارة الأمريكية فى القاهرة لأن الإخوان يستطيعون مساعدة الولايات المتحدة فى مكافحة الشيوعية التى قد تنتشر فى مصر.

وكان هدف البنا . مثل النقراشى, محاولة التفرقة بين الإنجليز والأمريكيين وإقناع الولايات المتحدة بخطر الشيوعية التى قد تزحف على مصر.وموقف الإخوان من الشيوعية واضح عبروا عنه فى مناسبات بأن الشيوعية والدين متناقضات قالت صحيفة " الإخوان " : الشيوعية مذهب هدام يحرض على الثورة ويعتبرها الوسيلة الوحيدة لتنفيذ أغراضه . ويسير مع هذا النظام الإلحاد والإباحية .

وقال البنا فى تصريحات علنية إن الحل الوحيد لتلافى إخطار الفكر الشيوعى الوافد هو الاتجاه إلى الصناعات الكبرى وتحديد الملكية الزراعية وزيادة الانتاج والعودة إلى تعاليم الإسلام الحنيف. وقال إن الأساليب البوليسية لمكافحة الشيوعية لن تجدى طلب المرشد العام للمرة الثانية مقابلة فيليب ايرلاند السكرتير الأول للسفارة الأمريكية بالقاهرة.

تم اللقاء بين المرشد العام والسكرتير السفارة الأمريكية فى بيت ايرلاند وحضره محمد الحلوجى من أعضاء الجماعة والدكتور محمود عساف مدير إعلانات صحيفة الإخوان.

احتسى المرشد زجاجة الكوكاكولا – كما قال محضر الاجتماع الذى كتبه ايرلاند – ثم قال :

- الشيوعية فى الشرق الأوسط خطر داهم على جميع الشعوب . والإخوان المسلمون يحاربون الشيوعية بكل الوسائل الممكنة. ومن الطبيعة أن يترك أعضاء الجماعة عملهم الأصلى لدخول الخلايا الشيوعية للحصول على المعلومات وعندما يفعلون ذلك فنهم يتركون وظائفهم . وبذلك يفقدون مرتباتهم وإذا أمكن تعينهم على أساس أنهم محققون وباحثون فإن هذه المشكلة يسهل حلها.واقترح الشيخ البنا انشاء مكتب مستقل مشترك بين الإخوان والحكومة الأمريكية لمحاربة الشيوعية.

- وفهم ايرلاند من ذلك أن تتولى الولايات المتحدة إدارة المكتب بينما يكون أعضاؤه – فى أغلب الأحيان – من الإخوان.

- ابدى المرشد العام تحفظا واحدا. قال : أمريكا تؤيد أهداف الصهيونية ولذلك يجب أن تكون للإخوان حرية الاعتراض على أمريكا فى هذه النقطة.

- دارت مناقشات بين ايرلاند والشيخ الذى أحس أنه أعطى انطباعا بأنه والجماعة اندفعوا وراء المعونات الأمريكية – كما يقول إيرلاند – فقال الشيخ :

- الجماعة لا ترغب فى الحصول على سنت واحد من المال الأمريكى. وسيكون المشروع بأكمله فى يد السفارة الأمريكية ويسعد الإخوان إمداد السفارة بالأشخاص المناسبين بالقدر الذى تراه السفارة ضروريا.

- رفض ايرلاند قائلا:

- - لن نرحب الحكومة الأمريكية بمثل هذا العرض إن معوناتنا التقدم للمنظمات الخاصة أو المنظمات شبه العلنية . ولكنها تقدم فقط للحكومات كما هو الحال بالنسبة لليونان وتركيا. - قال المرشد العام:

- - لا أريد إجابة ولكنى أرغب فقط فى عرض الفكرة وسيجرى محمود عساف معك محادثات تفصيلية. - ولكن.. - فى اليوم التالى نشرت صحيفة " الإخوان المسلمون" مقالا عنوانه" أمريكا والعالم العربى".. هاجمت فيه الولايات المتحدة الأمريكية.

- قال الكاتب عمر عزمى:" هذا القلم الذى بهرنى منظره واجتذبنى بهرجته فاشتريته ثم ندمت على افتتانه حسن المظهر سيئ الجوهر .. هذا القلم أمريكى. وهذه القصة أو المجلة التى أعجبنى مجلدها واستهوتنى صورها أمريكية لأنها قصة فجة بلا حبكة, ولا موضوع ولا أسلوب أدبى.

- وهذه ربطة العنق المتعددة الألوان الفاقعة أمريكية لأنها ذات مادة رخيصة سرعان ما يذهب طلاؤها ويتمزق نسيجها . وهذه السيارة الفارهة التى تخطف بصرك فى الشوارع بلونها الباهر وهيكلها الفاخر , لا تلبث بعد فحص محركها إلا أن تلعن بائعها, أمريكية.

- وهذا الشاب الوسيم ذو المنظار الذهبى الذى يتنافى مظهره مع ما يبطن من عربدة فى الأخلاق , وجهل فى الثقافة العامة , أمريكى ولكنه تلقى فنون الاحتيال على الطريقة الأمريكية!!

- وفى وسعنا أن ندرك كنه هذا الطابع وسره إذا رجعنا إلى تاريخ تكوين الولايات المتحدة الأمريكية , فالشعب الأمريكى خليط من مختلف الأجناس التى هجرت أوطانها واتخذت من أمريكا وطنا لها.وهؤلاء المهاجرون ماديون بنشأتهم , أنانيون بطبعهم لايهمهم من الحياة إلا التنقيب عن الذهب واتخاذ دولارات منه يغرون بها العالم".

- ويزور ايرلاند صديقا له فيجئ الشيخ البنا لزيارة ذلك الصديق وعلى الفور قال ايرلاند للشيخ:

- أشعر بالدهشة لأنك عرضت بذلك جهود مشتركة بين الإخوان والسفارة وفى اليوم التالى مباشرة نشر عمر عزمى مقالا فى جريدة الإخوان حمل فيه بعنف على أمريكا وسياستها ووصفها بأنها مخادعة وهاجم نزاهة الأمريكيين عامة . حاول الشيخ البنا أن يصور المقال بأنه ليست له أهمية وانه نتيجة الغضب الذى يشعر به الإخوان تجاه أسلوب امريكا فى فلسطين.

- أترك مثل هذه الأمور لرئيس تحرير الصحيفة وربما سيحل محله شخص آخر وآمل ألا يؤثر الحادث على اقتراحاتى.

- قال ايرلاند:

- من الصعب اتخاذ إجراءات عملية !

- وتوجه محمود عساف ومحمود الحلوجى – بعد ذلك – لمقابلة ايرلاند وبحثا معه تفصيلات إنشاء مكتب لمكافحة الشيوعية ولكن ايرلاند أبلغهما بأن هناك أملا ضئيلا فى تنفيذ المشروع.

ويفشل البنا فى الاجتماع بإبراهيم عبد الهادى باشا رئيس الديوان ولكنه يلتقى بأحمد خشبة باشا رئيس الوزراء بالنيابة ليدعوه إلى تنسيق النضال المشترك . وافق خشبة ولكنه طلب من المرشد العام الانتظار حتى يعود النقراشى باشا من مجلس الأمن.

وتوجه صحيفة الإخوان نداء إلى الأمة يدعوها لضم الصفوف لتحقيق الحرية الاستقلال بدلا من الانفعال المؤقت ونتوخى اليقظة والتأنى بدلا من تأجير الشقق لهم أو التعامل معهم وإبعاد البريطانيين ورعيا الدول التى صوتت ضد مصر فى مجلس الأمن من البلاد!

ويستمر الإخوان فى حملتهم على الوفد عساف مدير شركة إعلانات الإخوان الذى يستقبل من عضوية الهيئة التأسيسية للجماعة حتى لا يقال إن الإخوان يهاجمون الوفد بنفس أسلوبه بل ينسب الهجوم إلى صحيفة لا تنتمى للجماعة ويشترك فى التحرير الشاعر محمد مصطفى حمام..

وكانت قد صدرت فى مصر مجلة " الكشكول" لصاحبها سليمان فوزى لتهاجم سعد زغلول واتبعت " الكشكول الجديد " أسلوب " الكشكول " الأول القديم لتهاجم زعيم حزب الوفد الجديد مصطفي النحاس باشا.

ومن العدد الأول , انتقدت المجلة زعيم الوفد الذى يحمل لقب " سير" من بريطانيا وتهاوت المجلة فى هجومها على الوفد وزعيمه إلى مستوى جريدة " صوت الأمة" وغيرها من صحف الوفد فقد انحدرت صحف ذلك الزمان واندفع الإخوان والوفد بعنف فى الهجوم واللدد فى الخصومة. عاد النقراشى إلى مصر يوم 21 من سبتمبر بعد غياب طويل فأعد له الإخوان استقبالا حماسيا رائعا على أمل أن يسلك طريقهم فى الجهاد ضد الإنجليز .

ولكن النقراشى كان قد فقد توزانه كما يرى سيريل كويليام مراسل صحيفة التايمس البريطانية الذى كتب يقولك

" أحس النقراشى بأن العالم يقف ضده وأن مهمته فشلت فشلا كاملا"

ولم يكن النقراشى وحده الذى يشعر بذلك بل غمرت هذه الأحاسيس مصر كلها .

وجدت مصر نفسها فى عزلة بعد قرار مجلس الأمن . وساعد قيام الحرب الباردة على زيادة مخاوف المصريين من قرب قيام حرب عالمية ثالثة . وبقاء القوات البريطانية إلى أجل غير مسمى فى مصر وعودتها إلى احتلال قلب المدن الكبرى.

وانتشر وباء الكوليرا ليضاعف السخط الشعبى قتل الوباء 12 ألفا من المصريين ولكن الحكومة – بعد 3 شهور – نجحت فى القضاء عليه.

ودعا الإخوان إلى مقاطعة الأمم المتحدة والدول التى وقفت ضد مصر فى مجلس الأمن وتظاهروا تحية لرئيس الوزراء وتأييدا له بينما حملت عليه الصحف الوفدية.

وطلبت الجماعة إلى شعب وادى النيل إعلان الجهاد قائلة إن ذلك ليس تعصبا وليس نضالا مؤقتا ودعت النقراشى إلى قيادة الشعب فى الكفاح أو يفسح الطريق لوزارة ثورية مجاهدة.

وتجمعت المظاهرات بعنف ضد الإنجليز فى الإسكندرية. وتحرك الشيوعيون فحرضوا على أكبر إضراب فى مصانع الغزل والنسيج بالمحلة الكبرى وشاركوا فى إضراب لعمال شبرا الخيمة. حدد النقراشى سياسته وهى " تجاهل الإنجليز تجاهلا تاما"

كان ذلك دون مطلب الإخوان . فبعث الجماعة إليه برسالة قالت فيها " شعر الإخوان منذ عودتكم من أمريكا , بعد تعليق القضية المصرية فى مجلس المن, بأن تلك الحماسة الباهرة خبت جذوتها ولانت حدتها. ولم يجد الإخوان أن الحكومة خطت بالأمة خطوة حازمة فى تحقيق مطالبها أو نهجت نهجا واضحا فى إصلاح الداخلى يقضى على مظاهر التحلل والفساد فى حياتها الاجتماعية.

وقد أصدرت الحكومة أمرها إلى رجالها بالوقوف فى طريق نشاط الإخوان ومنع حفل فرع هيئة وادى النيل العليا بالمنيا لإنقاذ فلسطين بمجرد أن تبنيت الإدارة أن للإخوان يدا فى إقامته وقبض على بعض طلاب الجامعة من الإخوان وزج فى السجن وعوملوا أسوأ معاملة".

ويكتب بنكنى تاك القائم بالأعمال الأمريكى إلى واشنطن يصف حال مصر قال:

" حكومة النقراشى مستقرة والجامعات أجلت الدراسة. والوفديون هادئون عدا مقالات يكتبها محمود أبو الفتح فى صحيفة " المصر" .. المتصلون بالقصر يقولون إن صاحب الجلالة يرى أنه لا داعى لسحب ثقته من النقراشى فالملك يكره النحاس ولا يريد عودته. والمفاوضات مع بريطانيا لن تستأنف إلا إذا انسحبوا من مصر وعدوا نهائيا بالانسحاب.

ولكن الإنجليز لن يتفاوضوا مع رجل انهال عليهم بالسوط فى مجلس الأمن وجعل العالم ينظر إليهم باحتقار. ومع ذلك فالنقراشى يعتبر رئيس الوزراء المثالى لعقد معاهدة مع بريطانيا فقد أظهر مشاعره المعادية لها. وربما يقبل الشعب معاهدة يوقعها النقراشى أكثر من معاهدة يوقعها النحاس."

كان النقراشى قد انتصر وهو لا يدرى توقعت وزارة الخارجية البريطانية أن يعود إلى القاهرة من مجلس الأمن فيطلب التفاوض مع بريطانيا لإنهاء الأزمة. ويهدد بعرض نتيجة المفاوضات على مجلس والرأى العام العالمى ويثير المشاكل.ولذلك أرسلت وزارة الخارجية إلى رؤساء أركان حرب القوات البريطانية تطلب منهم الوصول إلى حل يرضى مصر ويتفق مع المتطلبات العسكرية البريطانية فى الوقت نفسه.

وقال وزارة الخارجية:

نريد بداية جديدة للمفاوضات لا تعتمد على معاهدة 1936 أو مشروع معاهدة صدقى – بيفن. ولا توجد فرصة للاتفاق مع مصر على وضع وحدات عسكرية أو نواه يادة إقليمية للشرق الأوسط وقت السلم.

ولا توجد لدينا تسهيلات فى فلسطين ولكننا نمسك زمام الأمور فى برقة بليبيا.

وطلبت وزارة الخارجية من القادة العسكريين بذل كل جهد لتخفيض مطالبهم العسكرية من مصر وقت السلم وتمسكت بحق عودة القوات البريطانية إلى مصر عند الضرورة.وقالت وزارة الخارجية للقادة نريد تحسين فرصة الوصول إلى معاهدة مع مصر.

واستعملوا التسهيلات العسكرية فى مناطق ليست كثيفة السكان مثل سيناء وإقامة قواعد بديلة فى الدول المجاورة كالأردن بدلا من منطقة القناة ودلتا نهر النيل. اجتمع رؤساء أركان الحرب وبعثوا إلى وزارة الخارجية فى 20 من نوفمبر 1947 يقولون:

" لا يمكن إقامة قواعد عسكرية مرضية فى سيناء والأردن مهما أنفقنا من أموال طائلة والأفضل العمل على تخفيض متطلباتنا وقت السلم.ولكن لا يمكن الاستغناء عن مصر كقاعدة فى حالة نشوب حرب عامة فى الشرق الأوسط ولا توجد منطقة آخرى لها نف إمكانات مصر الصناعية وتسهيلات الموانى والطائرات والمنشآت الادارية والقوى العاملة.

ومن الضرورى أن نحصل على حق إعادة دخول قواتنا وقت الحرب وضمان صيانة هذه التسهيلات وقت السلم. ولذلك يجب وجود فنيين بريطانيين فى مصر وقت السلم لأن المصريين لا يستطيعون صيانة هذه المنشآت.

وإذا أردنا سحب قواتنا بسرعة إلى سيناء فلا توجد بها إلا منشآت إدارية محدودة فى رفح ولابد من القيام بأ‘مال ضخمة لتوفير مصادر المياه ولا تتوفر عمالة كافية أو موان مجهزة ومستودعات" وينتهى رأى رؤساء أركان الحرب إلى ضرورة إقامة القيادة المشتركة بمصر وقت الحرب.

ولكن رؤساء الأركان يخفضون مطالبهم إلى الحد الأدنى وقت السلم فيقترحون أن يبقى عدد محدود من الفنيين البريطانيين فى مصر بملابس مدنية وقت السلم لإدارة وصيانة المنشآت لتكون صالحة لاستعمال والاحتفاظ بالحد الأدنى من التسهيلات الإستراتيجية فى منطقة القناة وقت السلم وحق إعادة دخول القوات البريطانية وقت الحرب.

ووافق القادة البريطانيون على أن يتولى المصريون مهمة حراسة المنشآت واقترحوا تدريب المصريين على الدفاع الجوى والقيام بطلعات إلى القواعد الجوية فى برقة وقبرص. وهذه القرارات هى التى وافقت عليها مصر تقريبا, فى اتفاقها مع بريطانيا بعد الثورة عام 1954 ولكن النقراشى لم يكن يعلم بهذا كله. ولم يكن الإخوان أو الوفد يعرفون.

فى تقارير المخابرات البريطانية أن 15 من الجماعات السياسية المتطرفة وحدت صفوفها فى سبتمبر من عام 1947 لمقاومة البريطانيين تحت قيادة البنا.

فقد أقامت منظمات الشباب الوطنى – الإخوان والشبان المسلمين ومصر الفتاة والحزب الوطني وحزب مصر الفلاح الاشتراكي جبهة متحدة على أساس وحدة وادى النيل وإلغاء معاهدة 1936 واتفاقية السودان 1899 وأبلغت السكرتير العام للأمم المتحدة بذلك.

ويكتب البنا " إذا كانت الحكومة تثق بالأمة فعليها أن تتركها تجاهد " وترد الحكومة بتفتيش مقر صحيفة الجماعة ومركزها العام! وفى أول يناير 1948 قدم البنا مذكرة إلى الملك فاروق طلب فيها إقالة وزارة النقراشى

لسلبيتها بسبب تقاعسها عن المطالبة بإلغاء معاهدة 1936 واتفاقية الحكم المشترك للسودان واحتج على سياسة " السودنة" التى تطبق فى السودان واعتبر الحكومة المصرية مسئولة عنها! وانتقد وقوف الحكومة مكتوفة اليدى منذ عودة رئيس لوزراء من مجلس الأمن : ودعا إلى تشكيل وزارة قوية قادرة.

وشكا من أن الحكومة أصدرت تعليمات إلى البوليس للحد من نشاط جماعة الإخوان المسلمين منذ قيام الإخوان عريضتهم إلى الملك لإقالة الوزارة وحذر الشيخ من أن الإخوان لن يلتزموا الصمت أو يقفوا مكتوفى الأيدي. إذا أدت تصرفات الحكومة إلى ضياع حقوق البلاد .. غير أن الإخوان يلتزمون بنصوص القانون والدستور فى معارضتهم !

وعارض البنا استئناف المفاوضات مؤكدا أن الكفاح المسلح هو الخيار الوحيد أمام مصر.

وقال إن شعب وادى النيل مستعد لتقديم جميع لتضحيات ولا يحتاج إلا إلى القيادة وحسن التنظيم.

واختتم البنا مذكرته – التى نشرتها صحيفة " الإخوان " بالحديث عن المحنة الاقتصادية التى تواجهها مصر ودعا إلى تشكيل جبهة لتحقيق أمانى الأمة . ويطرأ عنصر جديد فى الأزمات المتلاحقة بين الإخوان .

والملك والنقراشى يحول الأنظار عن مصر وعن كلمات النقراشى المدوية فى مجلس الأمن والتى سمعها الإنجليز لأول مرة.

أيها القراصنة .... أخرجوا من بلادنا ..

اتجهت مصر ولأول مرة منذ زمن بعيد إلى اليمن كانت هناك أسباب قوية ولكنها كانت نقلة بعيدة! ثورة ... ولكن بعيدة

أذيع فى عدن – يوم 14 من يناير 1948 - أن ثورة قامت فى اليمن وأن الإمام يحيى حميد الدين قتل , وأن عبد الله بن الوزير بويع بالإمامة. وكان النبأ كاذبا فالإمام يجلس على كرسى العرش , يحكم ويدير , شئون البلاد! ولكن النبأ جعل مصر كلها تتلفت حولها إلى يمن وما يجرى فيه.... وإلى الإخوان المسلمين ودورهم فيه! حكم الإمام يحيى بلاده منذ عام 1904 وهو زعيم طائفة الزيدية التى تضم معظم السكان. استطاع الإمام أن يجمع القوات لمحاربة الذين يحتلون اليمن . ورفع معهم معاهدة عام 1911 حققت البلاد الاستقلال الذى استكمل تماما بعد هزيمة الأتراك فى الحرب العالمية الأولي. وعقد الإمام معاهدة مع إيطاليا اعترفت فيها باستقلال اليمن. وعقد مع السوفييت معاهدة تجارية. واعترفت بريطانيا باستقلال اليمن عام 1934 بمعاهدة , كما وقع فى نفس السنة معاهدة مع السعودية لتعيين الحدود تنص على التحالف والمساعدة المتبادلة أثناء الحرب. وفى عامى 45, 46 عقد معاهدتين مع كل من مصر والعراق,. وانضم للجامعة العربية وقبل عضوا فى الأمم المتحدة ولكن الإمام فرض سياسة العزلة تماما عن العالم الخارجى لخوفه الدائم من الأجانب , بما فى ذلك العرب , وما يتوقعه من تدخلهم فى شئون اليمن. وكان أول ما فعله إغلاق المدارس, وجعل مدرسة الصناعة سجنا ,كان يعرض الجيش حافيا! شكا الناس من ظلم الإمام, وطلب وزراؤه زيادة المرتبات. رفض الإمام وقال للوزراء: - قتل سلطان الجن, وأصبحت حكومة الجن فى حالة فوضى. وإنى أحاول تعيين سلطان آخر بدلا من السلطان القتيل, وعلى الناس الاجتماع بيوتهم حتى يتم ذلك. - وأبلغ الإمام عماله بأن على الناس أن يستعملوا القطران فى بيوتهم وأبدانهم تحفظا من الجن! - صدق الناس الإمام وأقلبوا على شراء القطران واختبئوا فى بيوتهم خائفين لأنهم – أى الجن – بلا سلطان يحكمهم.اجتمع الإمام بوزرائه بعد أن سمع ذلك وقال لهم: - - مثل هذا الشعب لا يمكن أن يثور على إمامه! - فى البرقية رقم 57 وتاريخها 30 من سبتمبر 1954 قال وليم ساندر نائب القنصل الأمريكى فى عدن: - " يعتمد الإمام على الطابع الكهنونتى لسلطته. وهو أشبه بشخصيات الأمراء الذين أظهروا فى جنوب غرب ألمانيا فى العصور الوسطى وإدارة اليمن شخصية تماما الإمام هو السلطة التنفيذية . والتشريعية والقضائية ويقال إنه ينسخ جلسات المحاكم بخط يده. وأى طلب للحصول على أدوية من الصيدلية الملكية , التى تحتكر هذه الأدوية يجب أن يصدق عليه أحد أمراء الأسرة المالكة وطلب الحصول على البنزين يجب أن يصدق عليه أمير آخر!

والأمن الداخلى على ما يرام ولكن يتولى جنديان على الأقل , من حرس القصر مراقبة كل زائر لليمن وينقلان تقاريرهما إلى الإمام مباشرة.والميزانية وثروة الإمام الشخصية ب 160  مليون ريال على الأقل – حوالى 45 مليون جنيه استرلينى وهذه لثروة مدفونة تحت بلاط قصره فى صفائح" جاز"

ونظامه الضريبى " اغتصاب على نظام واسع" وبسبب نظام الحم انخفض الإنتاج عما كان عليه منذ ثلاثين عاما . والإمام فى الثامنة والسبعين من عمره يصفه زواره بأنه شخصية جذابة مؤثرة. وأدت هذه الجاذبية إلى حمل الكثيرين ممن التقوا به على عدم تصديق أن هذا هو الرجل الذى سمعوا عنه الكير جدا من الأشياء التى تحط من قدره ! وهناك شائعات بان الإمام أصيب أخيرا بنوبة شلل... وربما تكون هذه الشائعات نوعا من الأمنيات.ومن النادر أن يغادر الإمام عاصمته وخلال السنوات الأولى للحرب العالمية الثانية , كان الإمام متهما على نطاق واسع بأنه موال لايطاليا لأن أوثق علاقاته مع الأجانب كانت مع الإيطاليين والأطباء الأربعة الذين لا يوجد غيرهم فى اليمن .. إيطاليون.والذين يعرفون اليمن جيدا يقولون غنه لم يكن مواليا لايطاليا ولكنه مناهض نشيط لبريطانيا وكان يرغب فى إدخال النفوذ الإيطالى إلى البحر الأحمر لموازنة النفوذ البريطانى وتأكد موقفه من عدم الثقة بالأجانب من خلال حوادث تعسة منذ بضع سنوات قيل إن غواصا يونانيا , تلقى خمسين ألف ريال يمنى مقدما لتشييد بعض المنشآت فى ميناء الحديدة ثم اختفى. ويحتل أبناء الإمام وهم " سيوف الإسلام " وعددهم تسعة معظم المراكز العليا فى الإدارة اليمنية.أما إخوة الإمام الخمسة فقد طردهم جميعا من اليمن".وتنبأت برقية القنصل الأمريكي بالمستقبل . قالت :" عين الإمام ابنه الأكبر أحمد... وليا للعهد . ورغم أن شغل منصب الإمام يتم بالانتخاب لا بالوراثة. وأحمد فى الثانية والخمسين من عمره ,هو نائب الملك فى تعز ويحمل أيضا لقب القائد العام.

وأكسبته أعماله التى اشتهرت بقسوة بالغة, وخداع ,وانحراف لقب " النمر"وتجمع  الآراء على أن حكمه سيكون أسوأ من حكم أبيه.
ولا يخلو حكم الإمام من عناصر المعارضة رغم الإجراءات القاسية ومعظم المعارضين اللاجئين فى عدن ينتمون إلى " حزب الأحرار اليمنى " وهم شبان مثقفون تأثروا بالأفكار العصرية عن طريق مصر التى تروج لنزعات ديمقراطية تقدمية".

وصفت صحيفة الإخوان لمسلمين سوء الحوال فى البلاد فقالت " يشعر الشعب اليمنى بأنه متخلف عن ركب الحياة , يعيش فى مجاهل الظلام. بينه وبين الرقى والتقدم حجاب منيع من الظلم والأوضاع التى لا تتفق مع مطالب العصر, وحاول المستنيرون من أبنائه أن يتقدموا بالنصيحة لجلالة الإمام. وطالبوا بالإصلاح الضرورى الذى لابد منه فلم يجدوا إلا العنت والإرهاق مما اضطرهم إلى الهجرة والتشتت فى كل مكان وألقوا على أنفسهم " اليمين الأحرار". وصلت إلى اليمن بعثة فرنسية تطلب من الإمام يحيى السماح بمد سكة حديد من الحديدة إلى صنعاء فلم يوافق واتفقت شركة أمريكية مع اليمنى على التنقيب عن البترول عام 1946 وفى توقيع الإمام ولكنه رفض عندما علم أن أجر العامل فى الشركة ريال كل يوم فاستكثر الأجر بالنسبة لمرتب الجندى والعامل الحكومى كما أن أجر عشرة عمال للبناء أو الزراعة ريال واحد فى الشهر. وف كتابه " لمحات من ذكريات الطفولة " قال اللواء عبد الله جزيلان :" نمى إلى علم ولى العهد أحمد أن أهالى تعز يحوزون صناديق الطرب " فونوغراف" فأمر العكفة – الحرس الخاص – باقتحام البيوت ومصادرة هذه الصناديق لأنها – كما تصور – سبب للفساد. وهدد بهدم كل بيت يخفى شيئا من الصناديق أو الصحون " الاسطوانات" وهدمت بعض البيوت ... فعلا" وينتهز البنا فرصة وجود صالح محسن سكرتير الإمام أحمد بالقاهرة فيحمله رسالة شخصية للإمام... ثم يسلم القاضى العمرى رئيس الوزراء رسالة قال المرشد العام للإمام يحيى: " لم يعد بد من أن تقوم فى اليمن حكومة إسلامية مسئولة ذات اختصاصات وسلطات واضحة يؤازرها مجلس شورى يمثل طبقات الشعب . ولن ينتقص ذلك شيئا من حقوق الإمامة وسلطانها الشرعى فلها الرأى الأعلى ولكنه تنظيم يرتفع معه شعور الأمة بحريتها وكرامتها الإنسانية . وكان حرص جلالتكم عللا سلامة الأمة الوطنية وصيانة تقاليدها واستقلالها يحمل دائما على الحذر من التعجل بمطالب الإصلاح الذى لابد فيه من الخبراء الأجانب . وبحمد الله على أنه وفق البلاد العربية إلى امتياز فى مضمار التقدم الاقتصادي يجعلها كفيلة بإمداد اليمن بما تريده من الخبراء بمجرد إشارة من مولنا الإمام بقى أن أتقدم إلى جلالتكم مستأذنا فى شأن أبنائكم فى المهجر الذين دفعتهم الغيرة وحب الخير للدولة والأمة والله فتنادوا بالمطالب الإصلاحية ودعوا إلى الأخذ بأسباب التقدم العمرانى تدفعهم حماسة الشباب إلى شئ من التطرف". ..... وهكذا رأى الإخوان أن يكونوا واسطة بين الإمام وشعبه وحددوا للإمام دوره وما يجب أن يكون عليه الحاكم المسلم!ّ قدر عدد سكان اليمن بنحو خمسة ملايين يربط مدنها الكبرى خط العراق حكومة ويدفع الأهالى ثمنا غاليا لبرقياتهم. والتليفون للاتصالات الحكومية وحدها أما البريد فينقل بالجمال . ويملك اليمن باخرة واحدة وطائرة واحدة يستعملها الإمام. وممنوع على الشعب أن يركب أية طائرة حتى لا يطير فى السماء بينما الأمراء على الأرض! وعدد السيارات ستون ! والطرق ممهدة. وكانت لليمن إذاعة تعمل نصف ساعة. بعد مغرب يوم الخميس من كل أسبوع . لإذاعة الأخبار الرسمية ولا تقدم غناء أو برامج.

ولا توجد ميزانية عامة للدولة!

ولم يكنن بالبلاد بنك يمنى أو أجنبى والعملة المتداولة هى الريال الفضى النمسوى وعليه صورة امرأة هى إمبراطورة النمسا ماريا تريزا , وقد تم صكه فى فيينا عام 1785! ويعتمد الإمام يحيى على نظام الرهائن كما كان يفعل محمد على باشا والى مصر فأتى إلى صنعاء بنحو 4000 من أبناء القبائل ليضمن ولاءها ويستخدم كل قبيلة ضد الأخرى.

وكان من الطبيعى أن ينظر إلى الإمام على أنه مبعث آلامهم وشقائهم وحرمانهم فبدأ الهجوم عليه فى 14 من مايو 1944 عندما تحالف ضده أربعة من زعماء البلاد اللاجئين إلى عدن!

وعندما اشتدت الحملة أوفد الإمام يحيى ولى عهده الأمير أحمد إلى عدن فى 11 من أبريل 1946 فوعد بإنشاء جمعية دستورية ولم ينفذ ذلك. رأى معارضو الإمام التضامن ضده . فاتخذت الجمعية اليمنية الكبرى التى يرأسها سيف الإسلام إبراهيم – الابن الثامن للإمام أحمد الذى أطلق عليه الناس لقب " سيف الحق" مع حزب الأحرار فى 21 من نوفمبر واصدورا فى عدن صحيفة جديدة " صوت اليمن " دفع لها التجار 30 ألف ريال أى ما يعادل سبعة آلاف جنيه استرلينى للمطالبة بالإصلاح.

وكتب سيف الحق إبراهيم إلى أبيه يقول:

" أنا ضد حكمكم الذى لا يعبر عن حاجات الشعب بل يولد النقمة عليكم"! وقام الأطباء فى عدن بفحص الإمام. الذى بلغ الثامنة والسبعين فوجده كما قالت صحيفة الإخوان المسلمين – مصابا بمرض لا يستطع معه أن يحكم على الأمور حكما صحيحا! وقال فريق طبى – من البحرية الأمريكية – فحص الإمام فى مايو 1947 بأنه يتوقع وفاته خلال شهور قليلة. أثناء الحج التقى الشيخ البنا بعبد الله الشماحى – المعارض اليمنى وتلازما فى مكة والمدينة. شرح الشماحى للمرشد العام الوضع باليمن . واتفقا على التعاون بين الإخوان والمنظمات الدينية اليمينة. وعد البنا بمساعدة النضال اليمنى وفتح أواب الجماعة للشباب اليمنى الذى جاء إلى القاهرة للدراسة. قال الثائر اليمنى على ناصر العنسى: " كنا ندرس فى الأزهر وبدأنا الاتصال بالإخوان المسلمين, ومنهم البنا الذى كان يرى أن اليمن أنسب بلاد إستراتيجية, ولها مناخ مناسب للإخوان وأخذ يهتم بنا اهتماما خاصا". وفى هذه اللقاءات كان الإخوان يقولون إنهم مقتنعون بأن الحكم فى اليمن " ليمثل الإسلام بل شوهه ولهذا فالإخوان ضده". وفى رسالة دكتوراه قدمت لجامعة بون عن " حركة المعارضة اليمنية " قال الدكتور أحمد قايد الصائدى: " من خلال الطلاب اليمنيين مصر تحققت علاقة الإخوان بحركة المعارضة اليمينة وهذه العلاقة ترجع بدايتها إلى أواخر الثلاثينات أو بداية الأربعينات".

أعد المرشد العام خطة ذكية.

انتهز الأساتذة المصريون الذين يعملون باليمن فرصة وصول سيف الإمام البدر – سيف الإسلام أحمد ولى العهد وحفيد الإمام يحيى – إلى القاهرة للعلاج فدعوه لحضور إحدى ندواتهم التى يقيمونها فى المركز العام للجماعة وهناك تعرف بالبدر وتم اللقاء مع الطلبة اليمنيين الذين يدرسون بالقاهرة.

وتوطدت العلاقة بين الجميع . وقام البنا بدعوتهم لقضاء يوم فى محافظة الفيوم.
وأثناء حضور إحدى الندوات تعرف الجميع على الفضيل الورتلانى وهو عالم ومجاهد جزائر- فى الأربعين من عمره – اختير سكرتيرا عاما لجبهة الدفاع عن شمال أفريقيا . كافح ضد الإستعمار الفرنسى فى الجزائر ثم هرب من  فرنسا إلأى سويسرا وأقام بمصر عندما علم أن الفرنسيين يزمعون قتله.

وكان الورتلانى يجتمع باليمنيين بعد انتهاء الندوات ويزورهم بالفندق ويتردد على سيف الإسلام البدر . انضم إلى هذه المجموعة محمد سالم سالم صاحب شركة أتوبيس الشرقية وهو صديق للمرشد العالم والعالم الدكتور أحمد فخرى الذى زار ليمن من قبل وهو أيضا من الجماعة. ومع تطور علاقة البدر بهذه الشخصيات نشأت فكرة سفر الفضيل الورتلانى إلى اليمن كمندوب عن محمد سالم لتأسيس شركة تجارية بها يرافقه الدكتور أحمد فخرى عالم الآثار فقد استطاع البدر إقناع أبيه بأن الورتلانى على جانب كبير من العلم والدين.

وصل الورتلانى إلى صنعاء فى أبريل 1947 وقد ارتدى الجبة والعمامة!

نجح فى اكتساب ثقة الإمام وقدم إليه تقريرا عن الإصلاحات التى يجب القيام بها.

ونشرت صحيفة " الإخوان المسلمين " فى 3 أغسطس عام 1947 هذا التقرير بمقدمة للشيخ البنا قال فيها: " العالم العربى والإسلامى كله رجاء فى أن يسرع جلالة الإمام مؤيدا منشورا بإقرار النواحى الإصلاحية والإدارية والاقتصادية والاجتماعية التى تنهض بشعبه حتى لا يدع ثغرة ينفذ منها الاستعمار الأجنبى".

مع قدوم الورتلانى – الذى أطلق عليه لقب " مهندس الثورة "

انتقلت رياحها اليمن فقد اندفع الورتلانى فى إقامة الندوات وإلقاء المحاضرات فى المدارس والمساجد والحفلات فسرت روح الثورة إلى الشباب والضباط وطلاب المدارس .

وبسبب أعماله التجارية واتصالاته فى عدن , ثقة الإمام فيه استطاع الورتلانى أن يقوم برحلات عدة إلى عدن دون أن يثير شكوك الإمام يحيى حوله نتيجة لذلك أصبح الواسطة بن المعارضين المهاجرين والمنفيين فى عدن وبين قوى المعارضة داخل اليمن.وفى كتاب " ثورة 1948 " الذى أعده مركز الدراسات والبحوث اليمنى قال :" إن رسل الثورة تحمل المعلومات إلى الثوار فى عدن وإلى البنا فى القاهرة وانتهت الاتصالات بالموافقة على أن يكون عبد الله الوزير إماما دستوريا لليمن على رأس حكومة دستورية".

ونجح الورتلانى فى أن يؤلف بين كل المعارضين لإمام اليمن وجعلهم يوقعون " الميثاق الوطنى المقدس " فى 14 من سبتمبر 1947 قائلا:

- هذا الميثاق تم بمعرفة واطلاع ومباركة زعيم الإخوان المسلمين البنا وأكد أحمد حسن الشامى فى كتابه" رياح فى اليمن":" وضع الورتلانى والبنا الخطوط العريضة الأولى للميثاق لتكون اليمن نواه لدولة الإسلام , إذا نشأت , ونمت على مبادئ قرآنية.

- وقد أيقنا أن اليمن أفضل من غيرها من البلاد العربية . ويمكن أن تكون منطلقا لدعوة إسلامية صادقة صحيحة بإنشاء دولة تحكم بما أنزل الله وتستقطب زعماء علماء وعباقرة المسلمين"

- وفى كتاب محمود عبد الحليم " الإخوان المسلمين : أحداث صنعت التاريخ" اعترف الكاتب بان فكرة إعداد الشعب اليمنى للثورة نبتت فى المركز العام للجماعة!

- وقال كتاب " ثورة 1948":

- " كان البنا يظن أن إصلاح المجتمعات العربية والإسلامية لا يتحقق إلا فى ظل حكومة دينية أو خلافة إسلامية على نمط الخلفاء الراشدين مع اعتبارها طرأ على العالم من نظم ونظريات وعلوم جديدة يؤخذ منها ما يتلاءم مع أحكام الشريعة الإسلامية كنظام مزيج من القديم والحديث ليكون دستورا لحكومة خلافة إسلامية.

- ورأى البنا أن اليمن أنسب بلد عربى لتحقيق قيام دولته الدينية ويقول الدكتور الصائدى:

- " لم تقتصر علاقة الإخوان بحركة المعارضة على تقديم النصح والتوجيه وإنما تجاوزت ذلك إلى دعم مادي مكن هذه الحركة من النشاط الإعلامى فأصدرت صحفا ومنشورات علنية كما فتح الإخوان صدر صحفهم لشن حملات دعائية ضد الحكم القائم فى اليمن.

- وهذه العلاقة تدخل ضمن المخطط العام للإخوان الطامح إلى إقامة دولة إسلامكية تشمل العالم الإسلامى.

- وقد لعب الإخوان دورا بارزا, سواء فى تنشيط حركة المعارضة وتحديد أهدافها السياسية , أو فى الإعداد للإنقلاب وتنفيذه ودعمه".

- أعدت فى عدن خطة الثورة والبيان الذى سيصدر بإعلانها وقام الإخوان بطبع هذا كله.

وكان حاكم عدن – ريجنالد شامبيون – يعرف القصة كاملة ... وقد رواها فى برقياته إلى لندن . قال:

" يوم 10 من يناير 1948 تلقيت معلومات من مصدر أثق به أن رسولا وصل إلى عدن قادما من صنعاء يحمل أنباء عن انقلاب وشيك فى العاصمة. وأشارت المعلومات إل أن هذا الإنقلاب سوف ينفذ خلال أسبوع وحمل الرسول معه مشروع دستور ومسودة بيان لطبعهما فى عدن بواسطة الصحافة اليمنية الحرة ونشره فى صحيفة " صوت اليمن".

أوفد هذا الرسول إلى المندوب المحلى للمتآمرين فى عدن وهو تاجر يمنى يتميتع بذكاء كبير ويملك قدرا من الثروة.فور علم التاجر بالأنباء الواردة من صنعاء بعث لى – وهو فريسة لظن خاطئ بأنى سأوافق على مساعدة المؤامرة – يطلب أن اقدم طائرة تتولى إلقاء نسخ من بيان الثورة على نطاق واسع فوق اليمن لمنع إراقة الدماء وضمان الهدوء والثقة .

والبديل الآخر الذى طولبت بالموافقة عليه هو استئجار طائرة للقيام بمهمة حمل هذا البيان من عدن. وثالثا . طلب تسهيلات لنقله شخصيا مع عدد قليل من رفاقه من عدن إلى هضبة معينة حيث يستطيعون الاتصال المباشر بالمركز اليمنى الإقليمى الهام ( البيضاء)

وبطبيعة الحال . رفضت كل هذه الطلبات وعندئذ تم إبلاغى باسم رئيس المؤامرة الذى اختير ليتولى الإمامة بعد وفاة الإمام يحيى وهو عبد الله الوزير .

وقال مصدرى إن مؤامرة واسعة الانتشار وقوية وأن المشتركين فيها من الشخصيات الهامة ذات النفوذ فى اليمن . وقيل إن عددا من أبناء الإمام شاركوا فيها بينهم على الأقل إبراهيم وعلى وإسماعيل أما " حزب اليمنيين الأحرار" فقد عرف أنه اشترك بطبع الكتيبات اللازمة وفى صباح 14 من يناير 1948 ذكر لى مصدرى أن الإمام سيغتال فى ذلك اليوم أو فى يوم الجمعة 16 من يناير.

وبعد ذلك يعتزم القائمون بالعملية قتل ولى العهد سيف الإسلام أحمد فى " تعز".

وفى نفس الوقت تلقيت تحذيرا من مصدر موثوق به بأن ولى العهد قدم رشاوى ضخمة إلى مجموعة من رجال قبائل عدن لاستغلال الظروف المضطربة فى المحمية – عدن – لقتل سيف الإسلام إبراهيم والزعماء الآخرين لحركة اليمنيين الأحرار فى عدن وإحراق مكاتبها وصحفها.

وتقع هذه المكاتب عند أطراف الحى اليهودى ويمكن تنفيذ ما يريده ولى العهد بسهولة.

وطبقا لهذه المكاتب أصدرت التعليمات إلى مدير الشرطة باتخاذ احتياطات خاصة عند مداخل الموقع المذكور.

وفى ظل تلك الظروف رأيت من الحكمة إلغاء الزيارة الرسمية للفرقاطة البريطانية" لوش كويش" لميناء الحديدة والتى كان مقررا لها يوم 16 من يناير خشية أن يساء فهم . أو تفسير .

وجودها , فى يوم خطير كهذا سواء من جانب الإمام فى حالة فشل المؤامرة , أو من جانب المتآمرين فى حالة نجاحها وأبلغت الإمام برقيا أنه لابد من تأجيل الزيارة بسبب تغيير مفاجئ فى برنامج السفينة ووجدت هذه الحجة سندا لها من الأحداث فقد أرسلت السفينة بعد أيام قليلة على وجه السرعة إلى مقديشو بوقوع اضطرابات هناك.

ولأسباب بديهة, ألغيت أيضا زيارة كنت أعتزم القيام بها لجزيرة قمران خلال الفترة من 15 إلى 18 من يناير وكنت آمل خلالها إجراء مناقشات غير رسمية حول قضايا الحدود".

فى صنعاء سلح رجل ونجح فى دخول القصر واقتحام غرفة نوم الإمام يحيى فى القصر فاعتقد الثوار أن الخطة نجحت فأبرقوا بذلك إلى عدن فى 14 من يناير .

ويروى حاكم عدن ما جرى عنده قال.

فى ساعة مبكرة من صباح يوم 15 من يناير 1948 أبلغنى صدرى بأن صديقنا المشترك – المتأخر خادم غالب الوجيه الوكيل التجارى للإمام يحيى فى عدن – تلقى فى ساعة متأخرة من الليلة السابقة برقية بالشفرة من صنعاء – من محمد على مرشد الوكيل التجارى لحكومة عدن فسرها بأنها تعنى أن الإمام قتل . وخلال يومين وصلت تقارير عديدة من مصادر موثوق بها تفيد أن الإمام قد مات.

وعلى الفور أصبحت عدن كلها مقتنعة تماما بذلك .

وكان سيف الإسلام إبراهيم على يقين من هذا النبأ إلى حد أنه أرسل برقية إلى عبد الله الوزير فى صنعاء لتهنئته بتولية الخلافة ويلتمس منه الرأفة لأبناء الإمام يحيى.

وبعث سيف الإسلام إبراهيم بالنبأ إلى القاهرة وأماكن أخرى فى الشرق الأوسط مما أدى إلى صدور العديد من البيانات الصحفية والإذاعية".

أذيع من عدن بيان الثورة وأن عبد الله بن الوزير بويع بالإمامة خلفا للإمام يحيى.

وعبد الله بن الوزير كان قائدا عاما لجيوش الإمام يحيى ومحافظا للحديدة وأصبح عضوا بارزا فى ديوانه وهو سليل بيت إمامة وعلم من أسلافه المرتضى محمد بن إبراهيم مؤلف كتاب " إيثار الحق على الخلق"! وأوفد حاكم عدن ضابط شرطة إلى سيف الإسلام إبراهيم لينتقل إليه تعازيه الشخصية مما جعل الجميع يوقنون تماما بان الإمام... قد مات"

لم يعرف الثوار فى عدن حقيقة ما جرى فى قصر الإمام فى صنعاء ... فقد اعتقل " القاتل" قبل أن يقوم بمهمته فى اغتيال الإمام ولكنه – أى القاتل استطاع الهرب فظن زملاؤه الذين رأوه يهرب انه نجح فأذاعوا النبأ .

وعندما عرف حاكم عدن ذلك أسرع يبرق إلى لندن قائلا:

" لم أقدم التعازى إلى سيف الإسلام إبراهيم. ولكن مدير الشرطة بعث إليه تحذيرا شخصيا من الاعتداء المنتظر من جانب أخيه سيف الإسلام أحمد كما بعث إليه بجنود يحمونه من هذا الاعتداء . وربما يكون الأمير قد أساء فهم ذلك بقصد . أو بغير قصد!

وظل الجميع زمنا يتبادلون الاتهامات حول الخبر الكاذب ... وأن الغرض من إذاعته " التوريط" قيل إن كان حكومة عدن التجارى فى الحديدة عرف بدخول " القاتل " إلى غرفة نوم الإمام يحيى فا برق بالنبأ إلى حاكم عدن الذى أبلغ به إذاعة لندن ولم ينتظر الثوار فى عدن ما يصلهم من مصدرهم بل اكتسحتهم الفرحة ونشروا الخبر فى صحيفة " صوت اليمن" مع الميثاق وأذاعوا أيضا تشكيل حكومة الدستور.

وقيل إن ولى العهد أحمد هو الذى دبر تلك الإشاعة ليكشف أوراق المتآمرين.ولكن الأقرب للمنطق فى ظل ظروف اليمن فى ذلك الزمان أنه بمجرد دخول " المسلح" غرفة نوم ظن الجميع إن الإمام الذى يناهز الثمانين لن يستطيع مقاومة قاتلة!

ولكن هذه الإشاعة أكدت لولى العهد أن مؤامرة تجرى للإطاحة به وأبيه فبقى بعيدا عن العاصمة ينتظر ويستعد ... متحفزا للمقاومة.

استدعى الإمام . عبد الله بن الوزير وقال له:

_ يا ولد يا عبد أنت تريد ان تكون إما وهذه " تشعوبة" ... أى خيال ! استنكر عبد الله الوزير النبأ ووصفه بالإفك والبهتان وقال غن الجمعية اليمينة الكبرى استعملت اسمه لإثارة القلاقل فى صنعاء . وأكد بالإيمان المغلظة عدم علمه بشئ...

ونشر ابن الوزير فى صحيفة " الإيمان" – التى تصدر صنعاء – مقالا أكد فيه " ولا لا تزعزعه العواصف للإمام يحيى وأن سيف الإسلام أحمد هو ولى الهد الشرعى الذى سبق أن بايعته بالخلافة . القلوب . قبل الأكف..!

تلقى حاكم عدن تقريرا من صنعاء يقول:

" كان الإمام يحيى مريضا جدا مرة أخرى فى 19 من يناير بسبب معاودة إصابته بمرضه المزمن. وقد رفض أن يعالجه الأطباء ( ليس هذا غريبا فى مثل هذه الظروف.) بيد أنه استجاب بطريقة جيدة لحقن المورفين التى كان ابنه سيف الإسلام الحسين يعطيها له"

وهذا التقرير يبين أن مرض الإمام فى الأيام التالية لمحاولة الانقلاب هو الذى أدى به إلى اتخاذ موقف سلبى إزاء عبد الله بن الوزير!

نشرت صحيفة الإخوان أحداث صنعاء بأسلوب آخر . قالت:

" مرض الإمام مرضا شديدا وتخلف عن شهودا العرض الذى كان مقررا أن يحضره فى صنعاء . وانطلقت الشائعات بوفاته . وتعجل الأحرار النبأ فأذاعوه فى عدن. وأبرقوا إلى الدوائر العربية والإسلامية والصحف فى خارجها"

فقد رأت الجماعة أنه من غير اللائق انخراطها فى مؤامرة تهدف إلى الإطاحة بملك .. بينما فاروق ملكا على مصر.. ولذلك زعمت الجماعة عدم وجود معرفة مسبقة لديها عن المؤامرة , وأعلنت أنها تلقت أنباء وفاة يحيى وخلافة الوزير له ونسخة من الميثاق المقدس عن طريق برقية من سيف الحق إبراهيم فى عدن!

تظاهر الإمام يحيى بالاطمئنان لموقف عبد الله بن لوزير...

ولكنه أخذ يستعد لمقاومة الثورة القادمة فأمر أتباعه بإخفاء عشرة ملايين جنيه من الذهب فى مكان سرى . وقتل الذين اشتركوا فى هذه العملية لضمان السرية الكاملة.

استمرت البلبلة شهرا ثارت خلاله عدة أسئلة عن بيان الثورة .. الصادر قبل موعده.

شرح حاكم عدن موقف الإمام يحيى ذلك الشهر فقال:

" ما زال الشئ الذى يحتاج إلى تفسير كيف أن مؤامرة واسعة النطاق بهذه الصورة لم يترتب عليها – إذا كانت قد فشلت حقا – توقيع عقوبات قاسية على العديد من زعماء المتآمرين .

وإذا كان الإمام يتمتع بحريته وقدراته فإنى استخلص أن المؤامرة قوية لدرجة طاغية والإمام عاجز عن التعامل معها , ومسموح له أن يعيش مجردا من القدرة على الاعتراض على أى شئ.

وإذا كان الإمام قد أصبح عاجزا فإن هذه الحقيقة يخفى بعناية والموقف غامض جدا. ويجب متابعة الأنباء بحرص والتعامل معها بتحفظ".

كانت خطة الثورة فى البداية انتظار موت الإمام يحيى موتا طبيعيا فهو مريض مسن.

ولكن رأى الثوار التعجيل بالثورة فقد كشفت ترتيباتهم . وبدأ الإمام – الذى شفى من مرضه – بمهد لضرب رجالات الثورة مما ولد حالة من الفزع فى صفوفهم إذ كانوا فى متناول قبضته. فلم يبق لديهم خيار فإما أن ينتظروا الضربة التى تقع أو أن يبادروا إلى تحاشيها بالقضاء على الإمام .

خرج الإمام يحيى يوم 17 من فبراير 1948 فى سيارته إلى قرية " حيز " التى تبعد عشرة كيلو مترات عن صنعاء . وكانت عادة الإمام أن يخرج إلى الجبل يوميا ومعه حفيده.

أعد له كمين.

أعترضت موكبه إحدى السيارات الثورة ومعها مدفع رشاش وضع على عربة لورى فأطلقت منه رصاصات استقرت خمسون منها فى جسد الإمام المريض فمات فى الحال ومعه رئيس وزراه القاضى عبد الله العمرى وخادمه.

وقتل ولداه الحسين ومحسن عندما أرادا مقاومة الثورة . وتركا بدون دفن ثمانية أيام كاملة كما قتل حفيد الإمام. واعتقل ثلاثة من أبنائه وهم القاسم وعلى وإسماعيل.

أبلغ زعماء القبائل والمحافظون فى أنحاء اليمن بأن الإمام توفى بالسكتة القلبية ولكن خبر موته الدموى انتشر بين الناس ووصل إلى القرى مثيرا الشكوك تجاه الحكم الجديد.

فى القاهرة قالت صحيفة الإخوان." توفى جلالة الإمام إلى رحمة الله, وحاول رئيس الحكومة السابقة مع بعض الأمراء أن يعارضوا الوضع الجديد فاعتدى عليه بعض أنصاره"

لم تكن لبريطانيا , أو الولايات المتحدة . سفارة أو مفوضية فى صنعاء وكانت بريطانيا تمارس علاقتها باليمن من خلال حاكم عدن.

قال تقرير لوزارة الخارجية البريطانية:

" هناك سخط شعبى نتيجة للحكم الطاغى والاستبداد لملك اليمن السابق وبعد محاولة فاشلة فى يناير لعبد الله الوزير كبير أسرة حاكمة فى ليمن ووزير الدولة السابق نجح مبدئيا فى القيام بثورة وأرسى قواعدها فى العاصمة وأجب خصمه الأول سيف الإسلام أحمد – أكبر أبناء الإمام الراحل –على اللجوء إلى جنوب اليمن".

أما الولايات المتحدة فعلاقتها باليمن عن طريق المفوضية الأمريكية فى جدة فى بريقية من ريفز شايلدز القائم بأعمال المفوضية الأمريكية فى جدة قال:

" قام باغتيال ضابطان يمنيان و26 جنديا والضابط الرئيسى هو المقدم غالب سرى – من أصل تركى ومساعدة ابن السلال , من أصل يمنى درس فى العراق – ودبر الاغتيال جمال جميل مدير الأمن العام فى اليمن . وهو عراقى"

ولكن كاتب " ثورة 1948 " يقول إن الشيخ اليمنى ناصر القردعى هو الذى قتل الإمام مع 15 رجلا. وأعد كمين مشابه لولى العهد أحمد فى ضواحى تعز ولكنه تمكن من الهرب بعد أن تنكر فى ملابس الجنود. بويع عبد الله بن الوزير أمير للمؤمنين وإمام للمسلمين يوم 17 من فبراير عام 1948.

كان الإمام الجديد فى الستين من عمره عرف بتمسكه بحقوق بلاده ودينه وعروبته

وكان مشهورا بأنفته وشموخه وكثرة صمته مما جعل بعض الناس يتهمونه بالكبرياء .

قال أحمد الشامى فى كتابه " رياح التغيير فى اليمن " إن عبد الله الوزير كان روحانيا متصوفا , إذا لم يجد فى مجلسه من لا يستحق الحضور معه بحسه وشعوره وفكره سبح فى عوالم أخرى. مفكرا أو مسبحا ومهللا أو مستغفرا. أو متذكرا"...

وكانت لهذه الصفات أثرها فى تغيير مصير الثورة اليمنية!

اختارت الثورة مصريا من أعضاء البعثة التعليمية المصرية فى اليمن من جماعة الإخوان وهو الدكتور مصطفى الشمعة – الذى أصبح بعد ذلك عميدا لكلية آداب جامعة عين شمس ليكون مديرا للإذاعة فجعلها تعمل أربع ساعات يوميا.

وكان يقوم بدور المذيع والمقرئ والمطرب ومعد نشرات الأخبار والأحاديث !

ويقرر مجلس وزراء حكومة الثورة , أو حكومة الدستور كما أطلق البعض عليها تعيين الورتلانى أول مستشار عام للدولة . ويطلب من الشيخ البنا والفريق عزيز المصرى أن يكونا من المستشارين العموميين للحكومة!

طلب الأمير إبراهيم من حاكم عدن " ريجنالد شامبيون" طائرة تابعة للسلاح الجوى الملكى البريطانى نقله غلى صنعاء . وطلب عبد الله بن الوزير من حاكم عدن المساعدة.

كان الحاكم يعرف مساوئ حكم الإمام يحيى ويميل لتأييد الثورة . ولكنه تردد فى الإستجابة لهذه الخطوة فهى تعنى الاعتراف بالنظام الثورى الجديد فى اليمن.

بعث إلى لندن يطلب رأيها!

بحثت وزارة الخارجية البريطانية الموقف من جميع نواحيه وأعدت مذكرة جاء فيها:

" الشواهد لدينا غير كافية لنحدد ما إذا كان الحكم الجديد قد استقر كما يدعى ولكن اثنين من أبناء الإمام السابق – وهما سيف الإسلام أحمد وسيف الإسلام الحسن – ما زالا طليقين وقد يحاولان القيام بتمرد مضاد.

وإذا كان عبد الله بن الوزير قد جاء ليبقى فهناك ميزات واضحة فى تبنى موقف ودى تجاهه فى الحال .

ونطلب السماح بتمثيل دبلوماسى بريطانى فى صنعاء ورسم الحدود بين اليمن ومحمية عدن على أساس معاهدة صنعاء عام 1934 وإذا أيدنا من البداية نظام الحكم الجديد فستكزن أمامنا فرصة أفضل لضمان موافقة يمنية على هذين الاقتراحين.

ومن ناحية أخرى إذا ألزمنا أنفسنا بالاعتراف بنظام حكم سوف ينهار فإننا بطبيعة الحال – سنكون فى موقف أسوأ.

ولما كان عدن هو المصدر الوحيد لمعلوماتنا فينبغى أن نعتمد عليه لتفادى هذا الخطر , ولذلك يجب أن نترك له حرية الحركة مع التأكيد على الحذر فلابد من أن نكون على يقين من استقرار الثورة قبل عمل شئ قد يعتبر اعترافا ضمنيا بها".وافقت الحكومة البريطانية على هذه السياسة فقد وجدت " أن الثورة لم تستقر تماما".

وطلبت من حاكم عدن أن يرفض طلب الأمير إبراهيم بإعطائه طائر وأن يتحسس الحاكم خطواته ببطء! وكان القرار البريطانى يعنى الانتهازية ... والانتظار حتى تستقر الثورة !

ولكن الأمير إبراهيم لم ينتظر بل قام وزملاؤه بالسفر إلى صنعاء بطريق البر .

رفض سيف الإسلام عبد الله – شقيق الإمام أحمد – الاعتراف بعبد الله الوزير إمام .

وأبرق من باريس إلى صحافة القاهرة يقول:" المأساة مفجعة ولا يمكن أن تقوم مبايعة شرعية حرة تحت جو من الضغط ولا يوجد من به دم يجرى , وعرق ينبض , إلا ويؤيد انتصار الحق وعودة الأمور إلى مجراها تحت راية الإمام الشرعى جلالة الإمام أحمد نصره الله.ولابد من معاقبة المجرمين".

وأسرع سيف الإسلام عبد الله إلى القاهرة يزور والترس مارت الوزير المفوض للشئون الشرقية بالسفارة ليتأكد من حياد بريطانيا إزاء أحداث اليمن سأله:- هل تساندون أو تنوون تأييد عبد الله بن الوزير؟

آمل صدور بيان حكومتكم بالتزام الحياد وألا تدخل أية سفينة حربية بريطانية المياه الإقليمية كما آمل ألا توجهوا أى تشجيع أو مساعدة لحزب الأحرار اليمنى فى عدن.

وقال :

- لقد أفزعتني أنباء صحفية تشير إلى قيام سفن حربية بريطانية بعمليات فى مضيق باب المندب.

- رد والترس مارت:

- - لم تعرف لحكومة البريطانية بالإمام الوزير , ولن تعترف بأى إمام فى اليمن حتى تهدأ الأمور ويستقر النظام!

النكسة

أعلن الإخوان المسلمون من اليوم الأول تأييدهم للثورة فى اليمن ونشطوا فى مصر وسوريا والعراق يحركون رجالهم لمطالبة دول الجامعة العربية بالاعتراف بعبد الله الوزير وحكومته.

وهنأ المركز العام وصحيفة الجماعة " الأمة اليمنية الشقيقة بنظامها الجديد وإمامها الصالح".

وأبرق لمرشد للإمام مهنئا فأذيعت برقيته من إذاعة صنعاء ووصفت صحيفة الإخوان ألإمام الجديد فقالت:

" عرف الإمام عبد الله الوزير بن الوزير الإمام الجديد بدينه وتقواه, وفقهه وعلمه واجتهاده , وأصالة الرأى ونضوج الفكر , وعظيم الغيرة على الدولة وأنه فقيه اليمن وشيخها وعالمها وحفيد الأئمة من آل الوزير"

وقالت صحيفة الإخوان:

" لا ينتظر أن يحدث شئ من حروب أهلية أو ثورات داخلية ف‘ن الوضع الجديد أختمر فى النفوس والرءوس من قبل وهو أمنية الجميع رؤساء ومرءوسين".

ونشرت الصحيفة – بعد 48 ساعة من قيام الثورة – " الميثاق الوطنى المقدس " للحكومة الدستورية الجديدة.

وقالت إنها " تنفرد بهذا النشر لا فى مصر وحدها بل فى جميع بلاد الأرض"!

وهذا يدل على أن الميثاق كان موجودا لدى الجماعة فى القاهرة ... فقد شاركت فى إعداده وارتبطت بالثورة قبل قيامها!

قال الدكتور الصائدى:

" لعب الفضيل الورتلانى دورا أساسيا فى وضع الترتيبات اللازمة لانتقال الإمامة بعد موت يحيى إلى عبد الله الوزير.

وقد شملت هذه الترتيبات تحديد أسماء أعضاء الحكومة والموظفين الشوربين ومديرى الوزارت".

وأكدت صحيفة الإخوان تأييدها للثورة مرة أخرى يوم 22 من فبراير سنة 1948.

قالت :

" ليس موقف الإخوان غامضا ولا غريبا فى هذه القضية من أولها إلى آخرها .

كان اليمنيون بالقاهرة يترددون على المركز العام فيجدون من الإخوان مشاركة فى مشاعرهم وعطفا على مطالبهم.

وقد فوضت الجمعية اليمنية الكبرى المرشد العام فى التحدث باسمها أمام الجامعة العربية".

وأعلنت الصحيفة " أن النظام الثورى الجديد فى اليمن يلقى من الشعب كل تأييد , وينال ثقته التامة. بل هى أمنيته وهدفه الذى لقى الأحرار فى سبيل الوصول إليه كل صنوف العنت والاضطهاد.

وهو نظام مطابق لما يقضى به المذهب الزيدى الذى لا يقر الإمامة بالوراثة بل تكون بالبيعة ورضاء الشعب.

وليس السيف أحمد – ولى العهد – بالشخص الذى ينال ثقة اليمنيين أو يجد فيهم أنصارا يحدثون شغبا من أجله.

واليمن هادئة مطمئنة إلى عهد الشورى وإلى القائمين عليه ولا ينقصها حتى تستعيد تاريخها المجيد – إلا أن تؤازرها الجامعة العربية ودولها".

استأجر الإخوان طائرة خاصة أقلت عبد الحكيم عابدين السكرتير العام للجماعة وأمين إسماعيل سكرتير تحرير صحيفة الإخوان وعبد الرحمن نصر مدير وكالة الأنباء العربية.

وحمل الوفد معه مكبرات للصوت بهدف دعوة القبائل لتأييد الثورة كان فى انتظار وفد الجماعة بمطار صنعاء الأمير البدر الابن الوحيد للسيف احمد وحسين الكبسى وزير الخارجية وعدد من الوزراء مما يدل على اهتمام حكومة الثورة بالإخوان. أصبح عبد الحكيم عابدين خطيب الانقلاب فى إذاعة صنعاء .

وكان يساعده فى الخطب ووضع برامج الإذاعة الإخوان المسلمون المصريون الذين يعملون مدرسين فى صنعاء.عادت الطائرة إلى جدة تقل وفدا يمنيا للقاء ممثلى الجامعة العربية يتألف من نجل الإمام الجديد عبد الله بن على بن الوزير , والفضيل الورتلانى ووزير المعارف فى حكومة الثورة ..

ومحمد محمود الزبيرى لشرح الموقف فى اليمن للملك عبد العزيز.

زار الوفد اليمنى " تروت" القائم بالأعمال البريطانى وكرر له طلب الدبابات والطائرات ولكن " تروت " اعتذر قائلا:

- لا أملك سلطة التصرف فيما يختص باليمن وأى طلب يجب أن يقدم إلى حاكم عدن فعلامات اليمن ببريطانيا تتم عن طريقه

- وسأل الرجلين عن موت الإمام الراحل فقالا إنه نتيجة للصراع القبلى وطلب الوفد اليمنى من الملك عبد العزيز دبابات وطائرات ولكن صاحب الجلالة أرجأ البت فى الأمر.

- طلبت حكومة الثورة من دول الجامعة العربية الاعتراف بها ... ودعت وفدا من الجامعة لزيارة اليمن يرأسه عبد الرحمن عزام الأمين العام ليرى استقرار نظام الحكم الجديد فى البد.

- ورأت دول الجامعة أن تطبق نفس السياسة الانتهازية البريطانية وإن اختلفت عنها فى بعض التفاصيل.

- قررت الجامعة إرسال لجنة تمهيدية إلى صنعاء للقيام بتحريات عن أحوالها ومعرفة طبيعة ما يجرى فى البلاد.

- وعرض عبد الرحمن عزام أمين الجامعة على حكومة مصر أن تقتصر عضوية اللجنة على المصريين حتى تقوم مصر بتدبير الطائرة المقلة للجنة فرحبت مصر لتسبق غيرها من الدول العربية إلى عاصمة اليمن!

- تولى رئاسة اللجنة عبد المنعم مصطفى أحد كبار موظفى وزارة الخارجية لمصرية – الذى اختير فيما بعد أمينا مساعدا للجامعة العربية – وضمت اللجنة الدبلوماسى المصرى الدكتور حسن إسماعيل المستشار التجارى للموضية المصرية فى برن.

قاد الطائرة الحربية " الداكوتا" قائد الشبر عبد اللطيف البغدادى الذى أصبح أحد أعضاء مجلس الثورة المصرى بعد ثورة 23 يوليو 1953.

استغرقت الرحلة من القاهرة إلى صنعاء 8 ساعات وتوقفت الطائرة فى جدة وفى جزيرة قمران التى تبعد نحو 90 كيلو ترا عن صنعاء.

وكان مستحيلا – فى تلك الأيام – أن تقطع الطائرة المسافة إلى صنعاء بلا توقف! وصف البغدادى صنعاء فى ذلك الزمان فقال إنها قرية والمطار رملى يصلح بصعوبة ليكون مطارا.

وعندما هبطت الطائرة – يوم 22 من فبراير صفق بعض الأشخاص لنزولها سالمة وكادت الطائرة ان تصدمهم فقد وقفوا أمامها لا يتحركون ولولا أنه – أى البغدادى – انحرف بالطائرة لقتلهم جميعا!

استقرت البعثة نحو أسبوعين فى صنعاء عرفت خلالها – كما يقول البغدادى – أن جماعة الإخوان وراء الثورة.

وكان حسن إسماعيل وهو من الإخوان المسلمين قد زار اليمن قبل ذلك فقال البغدادى:

- توجد ثورة مضادة ونريد إلقاء منشورات على الأهالى فى تعز والحديدة وغيرهما من مدن اليمن لتأييد الثورة ودعوة اليمنيين إلى لهدوء والسكينة وتحكيم العقل.

- وكانت المنشورات تنذر ولى العهد أحمد ورجاله بأن الثورة " ستصليهم نارا حامية"!

- ومجدت المنشورات مبادئ الثورة فى الحرية والعدالة والدستور وأن الثورة قامت ضد الظلم والطغيان , وإنقاذ البلاد من براثن الاستبداد والجهل والفقر .

- ظن البغدادى أن تلك التعليمات عبد المنعم مصطفى فألقى من الطائرة بالمنشورات ثلاث مرات فى ثلاثة أيام ثم عرف بعد ذلك أن حسن إسماعيل يعمل للثورة فأبلغ عبد المنعم بذلك قائلا:

- لقد أصبحنا طرفا فى خصومات اليمن وثورته.ولكن صحيفة " الإخوان " فى القاهرة نشرت أن الطائرة قامت بإلقاء منشورات للجامعة العربية وأخرى للحكومة فى أنحاء اليمن!

زعم البغدادى أن بالطائرة عطلا ولابد من الرحيل إلى عدن لإصلاحها وكان هدفه من ذلك التوقف عن إلقاء المنشورات.

وعندما عاد إلى صنعاء وجد أن ولى العهد ورجاله يغيرون على صنعاء ليلا ويختفون نهارا وأن الطائرة يمكن أن تصاب بطلقات المهاجمين.

وقالوا له:

إذا دخل ولى العهد صنعاء سيضع أعضاء الوفد برميل ملىء بالزيت المغلى!

عرض الأمر على عبد المنعم مصطفى قائلا:

ليس لنا دور فى هذه العملية ويجب أن نرحل . وفى اليوم التالى نزلت الأمطار وتبين أن بالطائرة عطلا فأصلحت ونصح اليمنيون البغدادى بعدم السفر فى تلك الظروف ولكنه رأى المخاطرة ونقل الوفد إلى جدة ثم القاهرة.

أخذ الملك فاروق يعرقل سفر وفد الجامعة العربية من القاهرة وأصر على أن تقوم بنقله , بحرا ,الطوافة " فاروق بعد أن ضم إلى الوفد سكرتيره الخاص الدكتور حسين حسنى.

وأخيرا فى 29 من فبراير – غادر الوفد ميناء السويس يرأسه عبد الرحمن عزام باشا الأمين العام للجامعة العربية وأعضاؤه الشيخ يوسف ياسين نائب وزير الخارجية السعودى ومظهر ارسلان باشا عن سوريا وعبد الجليل الراوى عن العراق وتقى الدين الصلح عن لبنان ومدحت جمعة عن الأردن.

ووصل الوفد إلى جده . وتأخر رحيله منها إلى اليمن ثم سافر إلى الرياض بدعوة من الملك عبد العزيز للقائه يوم 4 مارس ثم عاد لسيتقر فى جده يوم 12 من مارس .

فى الندوة التى عقدها مركز الدراسات اليمنية فى فبراير 79 لتقييم ثورة 48 قيل إن دعوة الملك عبد العزيز هدفت إلى منح الأمير أحمد الوقت الكافى لتعزيز قواته قبل وصول بعثة الجامعة العربية إلى اليمن !

انقسمت بعثة الجامعة العربية تجاه الثورة.وقف ممثلو مصر والأردن والمملكة العربية السعودية موقفا معارضا للثورة بينما أبدى ممثلا لبنان وسوريا تعاطفا معها.

قال الشيخ يوسف ياسين القائم بالأعمال البريطانى " تروت":

- الملك عبد العزيز مصمم على عدم التورط شخصيا فى اليمن ولكنه يرغب فى الحصول على معلومات دقيقة وقد أتوجه إلى صنعاء.

اجتمع ريفز شايلدز الوزير الأمريكى المفوض فى جده بالملك عبد العزيز وحضر الاجتماع فؤاد حمزة مستشار العاهل السعودى.

سأل الوزير الأمريكى صاحب الجلالة عن اليمن فقال صاحب الجلالة

ليست لدى أنباء جديدة ولا أعرف ما إذا كان الأمير أحمد ينوى الذهاب إلى صنعاء أم لا.

وأضاف :

يعد عبد الله بن الوزير أقوى رجل فى اليمن باستثناء الإمام الراحل وقال بحرص:

القوة والسلوك الأخلاقى أمران مختلفان تماما. وبالرغم من معرفتى بكفاءة ابن الوزير فلا أستطيع الحكم على قدراته إلا بعد اتضاحها عمليا.

علق شايلدز قائلا:

- استشعرت سرور حكومتى – الأمريكية – تجاه الأسلوب الذى اتبعته جلالتك بشأن الأحداث فى اليمن.

- وقال محرضا:

- أعربت الحكومة الأمريكية لى عن وجهة نظرها بأنه فى حالة حدوث اضطرابات فى اليمن يمكن لجلالتك انتهاز الفرصة والتقدم داخل اليمن .واستطرد"