الفرق بين المراجعتين لصفحة: «وداعا الحاج عبد الرحمن البنان»
(أنشأ الصفحة ب'ورحل الأستاذ عبدالرحمن البنان '''بقلم/ عبده مصطفى دسوقي''' مع انتصار ثورات واندلاع أخر رحل عنا ي...') |
ط (حمى "وداعا الحاج عبدالرحمن البنان" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد))) |
(لا فرق)
|
مراجعة ١٤:٤٥، ٢٣ فبراير ٢٠١١
ورحل الأستاذ عبدالرحمن البنان
بقلم/ عبده مصطفى دسوقي
مع انتصار ثورات واندلاع أخر رحل عنا يوم الأحد الموافق 20 فبراير 2011م الحاج عبدالرحمن البنان، فما كادت الثورة المصرية تعلن انتصارها على الطاغية حسني مبارك، وما كاد الشيخ يفرح بذلك حتى اندلعت ثورة الأحرار في ليبيا لإسقاط أحد طغاة هذا العصر، غير أن الشيخ لم يسعد بسقوط هذا الطاغية فقد وافقته المنية بعد رحلة طويلة من التصدي للطغاة، سواء المحتل الأجنبي أو المغتصب لحقوق الشعب المتمثل في حكام لم يعرفوا الله.
عبدالرحمن البنان الذي انطلق بكل حماسة وهو ابن السادسة عشرة من عمرة وقام بمغامرة للوصول إلى أرض فلسطين ليشارك مع إخوانه المجاهدين جهادهم ضد الصهاينة أثناء حرب فلسطين عام 1948م، وقد أبلى بلاء حسنا حيث شارك المجاهد محمد فرغلي ويوسف طلعت وحسن دوح وكامل الشريف كل العمليات التي قام بها الإخوان في هذه الحرب ضد الصهاينة.
لقد كان عبدالرحمن متجردا لله ناكرا لذاته فبالرغم من كونه كتب مذكراته إلا انه لم يوضح بالتفاصيل ما قام به وكان يشرح دور إخوانه فحسب.
لقد شارك في المعارك ثم اعتقل مع بقية المجاهدين في سجن الطور بالرغم انه كان ما زال طالبا فى المرحلة الثانوية، ثم تنسم عبير الحرية بعد سقوط حكومة إبراهيم عبدالهادي.
لكن لم يبعد البنان عن مجريات الأحداث ما كاد النحاس باشا يعلن إلغاء معاهدة 1936م حتى هب الإخوان يسطرون أروع معاني التصدي ضد المحتل البريطاني في القنال عام 1951م.
وما كادت تصل الإشارة إلى عبدالرحمن حتى انتفض وجمع ملابسه وسارع لمقابلة إخوانه في الإسماعيلية عبد الله سليم وحسن دوح وأبو الفتوح عفيفي، وبدأ الجميع في تجهيز أنفسهم لحرب ضروس يخوضونها ضد المستعمر الانجليزي، وكلف كل واحد بمهمة، وكان الجميع يتنافسون على أية مهمة لربما ينال الشهادة وأمام ذلك اضطر قائدهم بعمل قرعة بينهم، وحينما جاءت الأخبار عن تحرك الجيش الانجليزي عبر القطار الحربي من بورسعيد متجه إلى السويس تجهز الإخوان لتدميره لما يحويه من جنود وأسلحة، وتتدافع الجميع للقيام بالمهمة، مما اضطرهم لعمل قرعة فوقعت على عبدالرحمن البنان فكانت سعادته غامرة بهذا التوفيق خاصة ان هذه العملية من أخطر العمليات ونسبة النجاة منها ضئيلة، وتوجها للمكان المحدد والذي يبعد عن مصدر التفجير ما يقرب من 100 متر لكنه للتأكيد على إحداث التفجر جعل المسافة 50 مترا مما قلل نسبة النجاة، وحينما ظهر القطار استعد وما كادت العربات الأولى تمر حتى ضغط على المفجر الذي نسف القطار بكل ما فيه، وشاءت إرادة الله أن ينجو البنان ويعود لإخوانه الذين أيقنوا استشهاده.
وبعد انتهاء الحرب وقيام الثورة شارك مع إخوانه في تأمينها، لكن كان جزاءه بعد ذلك الاعتقال لمدة عشرة سنوات من عام 1954م حتى عام 1964م وما كاد يخرج منها حتى ابتلاه الله مرة أخرى بالاعتقال عام 1965م، وبقى بها ما يقرب من ثلاثة سنوات وحينما خرج عام 1968م حاول السفر لكن النظام الحاكم رفض لكونه واحد من الإخوان لكن بمساعدة صديقه نجيب جويفل سافر إلى الكويت ثم الى لبنان وهناك أتم دراسته بكلية الآداب.
عاد واستقر في مصر عام 1985م غير أن الله ابتلاه بضياع أمواله في شركات الريان والتي ضيعتها الحكومة ضربا للاقتصاد الإسلامي فما جزع أو قنط من رحمة الله، لكنه أحسن التوكل عليه وفتح في فيلته بالمعادي حضانة كانت منارة إسلامية يقصد إليها جميع الأطفال من شتى الفئات سوار أبناء كبار رجال الداخلية او بعض أبناء الأقباط، وظلت تربي وتعطى حتى عام 2002م حينما قرر إغلاقها لكبر السن.
مع مرور الوقت لم يترك البنا إخوانه لحظة فكان دائما ما يدعوهم (خاصة الرعيل الأول) ليلتقوا فى فيلته كل حين، وكان أخر عمل قبل أن يفقد النطق أن أقام حفلة كبيرة أواخر عام 2005م بمناسبة نجاح الإخوان في البرلمان وحضر الأستاذ عاكف المرشد العام السابق وعدد كبير من النواب والإخوان.
التقيت به أول مرة حينما كنت أقوم بتوثيق تاريخ الأخوان فيما عرف بعمالقة في زمن النسيان، فوجدته باشا دائما لم يشعرني لحظة أنني غريب عنه أو فرق السن كبير، وأشعرني أنني بمثابة ابنه، حتى أنه كان رافض لنشر مذكراته لكنى فوجئت بموافقته لى حينما تحدثت معه السيدة الفاضلة زوجته، وحينما أخذتها لإعدادها وجدت فيها شخص ينكر ذاته وأعماله ابتغاء مرضاة الله بالرغم من الأعمال والمغامرات الكثيرة التى قام بها في سبيل دينه ودعوته وضد الصهاينة والانجليز وحينما شوكت لبعض أصدقاءه المقربين أمثال الحاج عبده صالح أو عبدالهادي القاصري اجمعا على أن عبدالرحمن دائما ينكر ذاته ولا يحب أن يتحدث عن نفسه أبدا.
ولاحظت ذلك كثيرا حينما كنت اذهب لأعرض عليه ما كتب من المذكرات وما تم تنسيقه فحينما كانت زوجته تذكره بموقف (لكونه فاقد النطق) كنت أرى حمرة الخجل في وجه وكان يهز رأسه وهو ممتعض ولا يريد أن يذكر أحد هذه المواقف فقد احتسبها عند الله.
وحينما كنت أذهب إليه ما كان يتركني رغم تعبه إلا بعد ان انصرف فقد كان يحترم من أمامه كبر كان أو صغر وكان يشعر من أمامه بالحب الشديد.
اتصلت بى زوجته الكريمة قبل وفاته بيومين وأخبرتني بمرضه مما وقع على كالصاعقة وسارعت بإرسال رسالة لفضيلة الأستاذ عاكف أطلعه على الأمر لكن ما كاد اليومين يمران حتى اتصلت علي أخت زوجته لتخبرني بوفاة المجاهد الجليل بمستشفى الفاروق بالمعادي يوم الأحد الموافق 20 فبراير 2011م، وكنت في مهمة بكفر الشيخ فسارعت بالرجوع ووصلت مع صلاة المغرب فوجدت كل صحبته التي شاركته جهاده ومحنته يصلون عليه خلف الأستاذ محمد مهدي عاكف.
لقد كان الشيخ عبدالرحمن البنان ذو روح طيبة طواقة للجهاد ولنصرة هذا الدين، فلقى الله الذي نسأله أن يكتبه فى الصالحين.
باحث تاريخي