الفرق بين المراجعتين لصفحة: «كيف تخطط فتح وحماس لعدم الاتفاق ؟»
لا ملخص تعديل |
ط (حمى "كيف تخطط فتح وحماس لعدم الاتفاق ؟" ([edit=sysop] (غير محدد) [move=sysop] (غير محدد))) |
(لا فرق)
|
المراجعة الحالية بتاريخ ١٦:١٧، ٢٨ نوفمبر ٢٠١١
بقلم : معتصم حمادة
رهان خاسر
سيخيب ظن الكثيرين إن هم راهنوا على مصالحة قريبة بين الرئيس الفلسطيني أبو مازن،وحركة حماس، تعيد توحيد الحالة الفلسطينية.فالكثير من المؤشرات ينذر بأن السنة الحالية لن تشهد حواراً ولا مصالحة بين الطرفين.
كما أن المؤشرات ذاتها تنبئ بصعوبة أن يعود الوضع الفلسطيني إلى ما كان عليه قبل 14/6/2007،تاريخ إعلان حماس حسمها للأمور في قطاع غزة،واستفرادها في إدارته؛خاصة في ظل تداعيات أوجدت واقعاً جديداً،وصار بناء عليه،لكل من الطرفين أولوياته الخاصة به.
في هذا السياق يلاحظ: ـ أن حماس تبذل جهوداً مضنية،بشكل معلن أحياناً، وبعيداً عن الأضواء أحياناً أخرى،لإنجاز صفقة تبادل الأسرى، تعيد بها الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت إلى تل أبيب وتستعيد بشكل رئيس نوابها المعتقلين لدى سلطات الاحتلال،بحيث تستعيد قدرتها على عقد اجتماعات المجلس التشريعي،مستندة إلى كتلتها البرلمانية التي يتجاوز عدد أعضائها نصف أعضاء المجلس، الأمر الذي يوفر لها نصاباً شرعياً تستطيع من خلاله أن تقلب الطاولة في وجه الرئيس عباس، فتنزع الشرعية من حكومة فياض في رام الله، وتعيد إسباغ الشرعية، بشكل أو بآخر، على حكومة هنية في غزة.
وترفض كل القوانين التي أصدرها الرئيس عباس في غياب المجلس التشريعي، بما في ذلك قانون الانتخابات التشريعية الجديد الذي اعتمد مبدأ التمثيل النسبي بديلاً من المناصفة بين نظام الدوائر والتمثيل النسبي، لإدراك حماس أن النظام الجديد من شأنه أن يضعف موقعها في المجلس التشريعي.
كذلك يلاحظ أن حماس تعمل على استكمال الأجهزة الأمنية الخاصة بها في قطاع غزة،وتعزيز دورها. كما تعمل في السياق نفسه،على بناء جهاز قضائي موالٍ لها يدير شؤون المحاكم المختلفة في القطاع، بذريعة انقطاع الموظفين الموالين لحكومة رام الله عن العمل،وضرورة ملء الفراغ الناشئ عن ذلك ـ تعزيز العلاقة مع مصر، ومراجعة الأخطاء التي ارتكبتها عند معبر رفح، وذلك بهدف تكريس دورها، كشريك في إدارة المعبر، وكجزء من المعادلة في أية ترتيبات جديدة في هذا السياق،مع إبداء الاستعداد الكامل، وتقديم الضمانات الضرورية،لعدم إحراج الجانب المصري أمام الإسرائيليين الأميركيين والأوروبيين في حال اشتركت حماس في إدارة المعبر.
البحث عن مدخل
البحث عن مداخل تمكن حماس من إحداث اختراق سياسي في علاقاتها الإقليمية خاصة مع الجانب الإسرائيلي،فهي،وفي مقابل التصعيد اللفظي ضد الاحتلال،لا تتوقف عن إطلاق رسائلها على لسان أكثرمن مسؤول،وكان أهمها اقتراح إسماعيل هنية وقف إطلاق الصواريخ مقابل فك الحصار عن القطاع.
ويدرك هنية جيداً أن موافقة الجانب الإسرائيلي على اقتراحه معناه دخول طرف ثالث (قد يكون مصر) على خط الوساطة لتفعيل الاقتراح في خطوات عملية.كما يدرك أن هذا معناه تشكيل لجان ارتباط بين حماس وإسرائيل،أي فتح باب (وان موارب) للعلاقة بين الطرفين تمهيداً للاعتراف بحماس، بقوة الأمر الواقع،كطرف من أطراف المعادلة السياسية لا يمكن تجاهله في أي ترتيبات عملية، تجارية كانت أم أمنية.
وقد شهدت غزة سابقة (وإن محدودة) في هذا السياق حين دخلت الشاحنات الإسرائيلية إلى القطاع تحمل إليه الوقود والمحروقات،الأمر الذي طلب تنسيقاً عملانياً بين مسلحي حماس والسلطات الإسرائيلية،لم تكن له أبعاده السياسية المعلنة،ولكنه شكل تمهيداً،برأي الكثيرين،لعلاقة سياسية معينة لاحقاً بين الطرفين.
وإذا ما حاولنا أن نعيد تجميع أجزاء الصورة تبين لنا أن حركة حماس تحاول،في خطواتها هذه أن تكرس واقعاً سياسياً جديداً لا يمكن تجاوزه، يعتمدها القوة الرئيسة في قطاع غزة والشريك شبه الوحيد،لسلطة أبو مازن في إدارة القطاع؛
بغض النظر عن مصير المجلس التشريعي الحالي، ومستقبله،ومستقبل حكومة هنية المقالة،وبغض النظر عن نتائج العملية الانتخابية المقبلة،أجرت في وقت مبكر، أم في موعدها القانوني.
وبذلك تطمح حماس إلى تكريس نظام تقاسم السلطة بينها وبين عباس،بحيث تصبح هي جناح السلطة المهيمن على القطاع،وتعترف لعباس باعتباره جناح السلطة المهيمن على الضفة،وبقدر ما يفسح عباس لحماس حرية العمل في الضفة،بقد ما تفسح هي لفتح حرية العمل في القطاع.
في المقابل ماذا يريد الرئيس عباس؟ولماذا يضع اشتراطات لاستئناف الحوار مع حماس ويدرك أنها لن تقبل بها، ولن تستجيب لها إطلاقاً؟ تضح من قراءتنا لسياسة الرئيس عباس، ومواقفه من المبادرات الفلسطينية، والعربية لرأب الصدع بينه وبين حماس، أن لديه أولويات سياسية في الوقت الراهن ليس من بينها الحوار مع الحركة الإسلامية والتصالح معها.
فالملف الرئيسي الذي يحظى بالاهتمام الأكبر من الرئيس عباس هو ملف المفاوضات مع الإسرائيليين. ورغم الصعوبات التي تواجه العملية التفاوضية،ورغم انكشاف حقيقة المناورات الإسرائيلية، وتعنت تل أبيب،ورفضها التنازل عن مواقفها المتصلبة،فإنه اتخذ قراراً بمواصلة التفاوض،معطياً للعملية السياسية فرصة حتى نهاية العام الحالي، يعود بعدها،كما أوضح،إلى العرب لتقويم الموقف.
اذا كانت الأهمية للمفاوضات فلا أهمية للمصالحة
ومن كانت أولوياته هي المفاوضات مع الإسرائيليين،لن يبدي أي اهتمام لمصلحة الحوار مع حماس،لأنه يدرك أن اشتراطات الجانبين الإسرائيلي الأميركي لمواصلة العملية السياسية،وإدامة القطيعة القائمة.
ويتضح من خلال القراءة اليومية لتصريحات عباس وفريق مستشاريه ومساعديه السياسيين أنه يقيم وزناً للاشتراطات الإسرائيلية الأميركية وأنه ليس بصدد التفريط بالمفاوضات لمصلحة حوار مع حماس لا يملك إزاءه أية ضمانات باحتمال وصوله إلى نتائج تستجيب لتطلعاته ورغباته السياسية.
يأتي في الدرجة الثانية من اهتمامات عباس،ملف ترتيب الوضع الأمني في الضفة الفلسطينية،الذي يشرف على تنفيذه رئيس الوزراء سلام فياض ووزير داخليته،وهو ملف ذو صلة بالعملية التفاوضية يرتبط بإنجاز المرحلة الأولى من خطة «خريطة الطريق» تحت رقابة أميركية مباشرة.
وينظر إلى حسن تطبيقه على أنه إشارة إيجابية ومشجعة لجماعة «مؤتمر باريس»، بحيث يفون بالتزاماتهم المالية والبالغة 7.7 مليارات دولار.
وإذا ما نظرنا إلى هذا الملف، بتشعباته المختلفة،وما يحمله،من وجهة نظر عباس، من إيجابيات لأدركنا مدى حرص رئيس السلطة على الاهتمام به،فهو يخدم استراتيجيته في وقف عسكرة العملية السياسية (وقف عسكرة الانتفاضة).
أما القضية الثالثة التي تشغل بال الرئيس عباس فهي دعوة المجلس الوطني الفلسطيني،بقوامه القديم، لأجل ترميم هيئات منظمة التحرير الفلسطينية،أي اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي.
فعدد الذين غادروا «اللجنة التنفيذية» وضعوها على حافة الانهيار. إذ يكفي أن يغادرها واحد من أعضائها الحاليين حتى تفقد شرعية وجودها،وفقاً للنظام الداخلي للمجلس الوطني.
أما المجلس المركزي فقد بات بحاجة إلى إعادة صياغة بعدما بات الهيئة التشريعية التي يلجأ إليها الرئيس عباس في مواجهة حماس؛ خاصة إذا ما نجحت الحركة الإسلامية في إطلاق سراح نوابها،وإعادة إحياء المجلس التشريعي.
ويدرك عباس أن دعوة المجلس الوطني إلى الاجتماع (على أهميتها بالنسبة له) تلقى صعوبات وعراقيل،خاصة من قبل الفصائل الفلسطينية (كالجبهتين «الديموقراطية» و«الشعبية» التي تطالب بإعادة بناء مؤسسات المنظمة بالانتخابات.
لكن عباس، في دعوته المجلس الوطني للاجتماع،إنما يهدف في الوقت نفسه إلى تجاوز العملية الانتخابية، لقطع الطريق على حماس حتى لا تدخل المجلس، وتصبح منافساً له،بما في ذلك من تداعيات لاحقة.
يدرك عباس أن دخول حماس المجلس الوطني سيقابل بردود فعل سلبية على المستويين الإقليمي والدولي، وهو يتخوف من أن تفرض اللجنة الرباعية حصاراً على منظمة التحرير (إذا ما شاركت فيها حماس) كما فرضت حصاراً على حكومة حماس الأولى،وعلى وزراء حماس في حكومة هنية الثانية.
فرض الحصار على منظمة التحرير سيعني كذلك فرض الحصار على رئيسها،وهو ما سيعرض عباس لوضع شبيه بالذي فرض على الرئيس الراحل ياسر عرفات في سنواته الأخيرة؛ حين حوصر في مقره في المقاطعة.
ولعل من الأسباب الأخرى التي لا تضغط على عباس للإسراع في فتح باب الحوار مع حركة حماس إدراكه أن الحصار المفروض على القطاع، تحت سيطرة حماس العسكرية، من شأنه أن يضعف شعبية الحركة الإسلامية يوماً بعد يوم، إذ تفيد استطلاعات الرأي، أن شعبية «حماس« في تراجع، وأن شعبية عباس في تزايد.
لذلك يبدو وكأن الرئيس أبو مازن،يريد أن يمنح نفسه فرصة إضافية لإضعاف حماس أكثر فأكثر، وبحيث تجد نفسها في نهاية المطاف مرغمة على الرضوخ لاشتراطاته،والقبول بحلوله لإعادة صياغة الوضع الفلسطيني.
هذه هي حسابات أبو مازن وتلك هي حسابات حماس.لكن الملاحظ أن الطرفين وهما يجريان حساباتهما اسقطا منها بنداً جوهرياً ألا وهو مدى انعكاس هذا الانقسام،واستمرار الحالة على ما هي عليه،على عموم الوضع الوطني الفلسطيني،حيث يجمع المحللون على أنه وضع يزداد اهتراء يوماً بعد يوم،الأمر الذي يهدد بإطاحة الكثير مما تم تحقيقه في السنوات الماضية.
المصدر
- مقال:كيف تخطط فتح وحماس لعدم الاتفاق ؟ موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات