الفرق بين المراجعتين لصفحة: «عن انحدار الخطاب السياسي الفلسطيني»

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
(أنشأ الصفحة ب'<center>'''عن انحدار الخطاب السياسي الفلسطيني'''</center> '''بقلم : ماجد كيالي''' تثير المجادلات السائد...')
 
لا ملخص تعديل
سطر ١: سطر ١:
<center>'''عن انحدار الخطاب السياسي ال[[فلسطين]]ي'''</center>  
'''<center><font color="blue"><font size=5>عن انحدار الخطاب السياسي ال[[فلسطين]]ي</font></font></center>'''


'''بقلم : ماجد كيالي'''
'''بقلم : [[ماجد كيالي]]'''


تثير المجادلات السائدة في الساحة ال[[فلسطين]]ية، ولاسيما تلك التي جرت على خلفية العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع [[غزة]]، والذي ذهب ضحيته عشرات الشهداء، الكثير من مشاعر القلق والغضب إزاء الدرك الذي وصل إليه مستوى النقاش بين الطبقة السياسية السائدة، وخصوصا بين قياديي الحركتين الرئيستين («[[فتح]]»، و»[[حماس]]»).
== مجادلات توصل الي كثير من القلق والغضب ==


في هذا النقاش استمرأ بعض قياديي «[[حماس]]» تحميل المسؤولية، عن ما يجري من حصار وعدوان، لقيادة السلطة (وهي قيادة «[[فتح]]» ومنظمة التحرير)، إلى حد اتهامها بالتغطية على العدوان الهمجي، وثمة من اتهمها بالتواطؤ فيه.
[[ملف:فتح وحماس إلى أين؟.jpg|250بك|تصغير|<center>[[فتح]] و[[حماس]] إلى أين</center>]]


ربما أن قياديي «[[حماس]]»، بتصريحاتهم هذه باتوا يدركون المأزق الذي وقعت حركتهم فيه بسيطرتها الأحادية والاقصائية، وبوسائل القوة على القطاع (حزيران/[[يونيو]][[2007]])، ويتوخّون التورية على هذه الخطوة التي لم تكن محسوبة، ولم تدرس تداعياتها، على هذه الحركة المعارضة لاتفاقات اوسلو، التي قام بموجبها الكيان ال[[فلسطين]]ي، وعلى وضعية القطاع الذي يفتقر للموارد الأساسية، وعلى أحوال الشعب ال[[فلسطين]]ي، حيث حوالى 70 ألفاً من الموظفين في أجهزة السلطة المدنية والعسكرية، يتقاضون رواتبهم من الدول المانحة.
تثير المجادلات السائدة في الساحة ال[[فلسطين]]ية،ولاسيما تلك التي جرت على خلفية العدوان ال[[إسرائيل]]ي الوحشي على قطاع [[غزة]]،والذي ذهب ضحيته عشرات الشهداء،الكثير من مشاعر القلق والغضب إزاء الدرك الذي وصل إليه مستوى النقاش بين الطبقة السياسية السائدة،وخصوصا بين قياديي الحركتين الرئيستين («[[فتح]]»، و»[[حماس]]»).


ويبدو الخطاب الحماسي في كل ذلك مفعماً بالسذاجة، إلا إذا كان المقصود به اللعب على العواطف، والتحريض على السلطة لأغراض ضيقة، والتعمية على مسؤولية حماس عما يجري للقطاع بسكانه المليون ونصف مليون.
في هذا النقاش استمرأ بعض قياديي «[[حماس]]» تحميل المسؤولية،عن ما يجري من حصار وعدوان،لقيادة السلطة '''(وهي قيادة «[[فتح]]» ومنظمة التحرير)'''،إلى حد اتهامها بالتغطية على العدوان الهمجي، وثمة من اتهمها بالتواطؤ فيه.


في هذا الإطار ثمة أسئلة كثيرة ومشروعة يمكن توجيهها لقيادة حركة [[حماس]]. فمثلا، ما هو الرد الذي كانت تتوقعه على عمليات القصف الصاروخي من القطاع على سديروت وجوارها، خصوصا أن هذه الصواريخ تطلق بأغلبيتها من مناطق مأهولة في القطاع؟ وهل كانت هذه القيادة تتوقع من إسرائيل، المدججة بالسلاح، والمعروفة بوحشيتها وانتهاكها كل القواعد والأعراف الدولية، أن تسكت عن ذلك؟ وإذا كانت قيادة [[حماس]] تدرك ذلك، فهل درست قدرتها على الردّ؟ وعلى أجرت عملية حسابية بالكلفة والمردود لعمليات إطلاق الصواريخ؟
ربما أن قياديي «[[حماس]]»، بتصريحاتهم هذه باتوا يدركون المأزق الذي وقعت حركتهم فيه بسيطرتها الأحادية والاقصائية،وبوسائل القوة على القطاع (حزيران/[[يونيو]][[2007]])، ويتوخّون التورية على هذه الخطوة التي لم تكن محسوبة،ولم تدرس تداعياتها، على هذه الحركة المعارضة لاتفاقات اوسلو،التي قام بموجبها الكيان ال[[فلسطين]]ي،وعلى وضعية القطاع الذي يفتقر للموارد الأساسية،وعلى أحوال الشعب ال[[فلسطين]]ي، حيث حوالى 70 ألفاً من الموظفين في أجهزة السلطة المدنية والعسكرية،يتقاضون رواتبهم من الدول المانحة.


وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة إلى الاعتراف بمشروعية مقاومة الاحتلال، فهل باتت المقاومة تقتصر على عمليات إطلاق صواريخ أو على تنفيذ عمليات تفجيرية؟ وأين دور الشعب في المقاومة إذن؟ وما الذي حصل لمفهوم المقاومة الشعبية؟ ثم متى كانت المقاومة محصورة بشكل بعينه، وبمعزل عن الزمان والمكان والإمكانيات وحسابات الربح والخسارة /البشرية والمادية والسياسية والمعنوية؟
ويبدو الخطاب الحماسي في كل ذلك مفعماً بالسذاجة، إلا إذا كان المقصود به اللعب على العواطف، والتحريض على السلطة لأغراض ضيقة،والتعمية على مسؤولية [[حماس]] عما يجري للقطاع بسكانه المليون ونصف مليون.


واضح أن قيادة حركة [[حماس]] لا تلقي بالا لهذه التساؤلات، التي هي على غاية في الأهمية في تجارب حركات التحرر الوطني، بسبب تمجيدها الخطاب العاطفي، وإقحامها الديني في شأن دنيوي، وتقديسها الموت على حساب الحياة، باعتباره فعل شهادة، بغض النظر عن الجدوى في الصراع الجاري على الوطن.


اللافت أن خطابات «[[حماس]]» بشأن الرد على العدوان لم تخرج عن المعهود، فإسرائيل ستعتدي بهذه الذريعة أو تلك، وهذا صحيح، لكن صحيح أيضا أن هذا العدوان (والاحتلال بحد ذاته عدوان) ما كان ليبلغ تلك الدرجة من الاستباحة لأرواح البشر والممتلكات، لولا سلوك [[حماس]] طريق التوتير العالي، ذلك أن انفلاش قواعد الصراع يقع على عاتق الطرفين، طالما ان ثمة حرب مفتوحة، فكل طرف يستدرج الطرف الأخر لمزيد من الدماء والدمار المتبادل، وبشكل أعمى.
== أسئلة كثيرة مشروعة ==


دليل ذلك أن تجربة الانتفاضة الأولى ([[1987]]ـ [[1993]])، التي عرفت بانتفاضة الحجارة، والتي تجنّبت استدراج إسرائيل لمواجهات مسلحة، خلقت أزمة في المجتمع الإسرائيلي، وجلبت تعاطفا دوليا كبيرا مع الشعب الفلسطيني، ما كبح من قدرة إسرائيل على مواجهتها بأقصى قدر من العنف، وحيّد قوتها الغاشمة، وفي تلك السنوات لقي 1600 [[فلسطين]]ي مصرعهم. في المقابل لقي أكثر من 5500 فلسطيني مصرعهم منذ أواخر عام [[2000]] حتى أواخر عام [[2007]]، بسبب زيادة جرعة العنف المتبادل، وتوحّد الإسرائيليين حول قيادتهم، وإثارة شبهة الإرهاب حول المقاومة المسلحة، بسبب تفشي نمط العمليات التفجيرية، التي تستهدف المدنيين في مناطق [[1948]]، وتستدعي ردة فعل إسرائيلية قاسية.
في هذا الإطار ثمة أسئلة كثيرة ومشروعة يمكن توجيهها لقيادة حركة [[حماس]].فمثلا، ما هو الرد الذي كانت تتوقعه على عمليات القصف الصاروخي من القطاع على سديروت وجوارها،خصوصا أن هذه الصواريخ تطلق بأغلبيتها من مناطق مأهولة في القطاع؟


ودليل ذلك أيضا أن عدد ال[[فلسطين]]يين الذين يقتلون في قطاع [[غزة]] أكثر بكثير من ضحايا العدوان والحصار الإسرائيليين في الضفة، من دون أن يعني ذلك أن الحركة الوطنية في الضفة تخلت عن المقاومة، كما ربما يحلو للبعض أن يحلل.
وهل كانت هذه القيادة تتوقع من [[إسرائيل]]،المدججة بالسلاح،والمعروفة بوحشيتها وانتهاكها كل القواعد والأعراف الدولية،أن تسكت عن ذلك؟وإذا كانت قيادة [[حماس]] تدرك ذلك،فهل درست قدرتها على الردّ؟ وعلى أجرت عملية حسابية بالكلفة والمردود لعمليات إطلاق الصواريخ؟


والواقع فإن النزيف الذي تعرض له ال[[فلسطين]]يون، طوال المرحلة الماضية، بسبب الوحشية الإسرائيلية، وأيضا وبالذات بسبب تفريطهم بطاقتهم النضالية، من دون حساب، بات يفرض إيجاد نوع من التهدئة، فليس ثمة مقاومة مسلحة أو غير مسلحة إلى الأبد، وثمة مراحل تعمد فيها حركات التحرر للتحول نحو التهدئة، لالتقاط الأنفاس، وبناء الذات، وأيضا لمراجعة الاستراتيجيات والسياسات.
وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة إلى الاعتراف بمشروعية مقاومة الاحتلال،فهل باتت المقاومة تقتصر على عمليات إطلاق صواريخ أو على تنفيذ عمليات تفجيرية؟وأين دور الشعب في [[المقاومة]] إذن؟ وما الذي حصل لمفهوم [[المقاومة]] الشعبية؟ ثم متى كانت [[المقاومة]] محصورة بشكل بعينه،وبمعزل عن الزمان والمكان والإمكانيات وحسابات الربح والخسارة /البشرية والمادية والسياسية والمعنوية؟


أيضا ينحو خطاب «[[حماس]]» نحو استدعاء العمق العربي والإسلامي، ما يطرح التساؤل عن صوابية استراتيجيتها في المقاومة المسلحة، وهي مراهنة في غير محلها (للأسف)، لأن الشارع العربي والإسلامي في وارد هموم أخرى كبيرة وخطيرة، وهو شارع خارج السياسة، أو أخرج منها، وهذا الشارع الذي لا يخرج للانتصار للقمة عيشه وحريته وكرامته، من الصعب عليه أن يخرج لمناصرة غيره، وحتى إن خرج بعضا منه، فإن هذا لا يعني شيئا، على أهميته المعنوية.
واضح أن قيادة حركة [[حماس]] لا تلقي بالا لهذه التساؤلات،التي هي على غاية في الأهمية في تجارب حركات التحرر الوطني،بسبب تمجيدها الخطاب العاطفي،وإقحامها الديني في شأن دنيوي،وتقديسها الموت على حساب الحياة، باعتباره فعل شهادة،بغض النظر عن الجدوى في الصراع الجاري على الوطن.


من جهة أخرى فإن خطاب «[[حماس]]» يتضمن حديثا عن أن صواريخها خلقت نوعا من «توازن الرعب»، وهذا صحيح ولكن بشكل محدود جدا، فهذا التوازن يطال بضعة عشرات ألوف الإسرائيليين في البلدان المحاذية لقطاع [[غزة]]، ولكنه لا يطال إسرائيل كلها. وبحسب الإحصائيات فمقابل مصرع حوالى 400 من [[فلسطين]]ي لقي 11 إسرائيليا فقط مصرعهم العام الماضي؛ ما يؤشر لتراجع كبير في قدرة عمليات المقاومة، بسبب الاستنزاف والإرهاق الشديد الذي تعرضت له.


والمشكلة أن توازن الرعب الذي جلبته الصواريخ الحماسية أدت إلى إطلاق الجنون الإسرائيلي من عقاله، فبينما قتلت ألوف القذائف الصاروخية التي أطلقتها حماس بضعة إسرائيليين، وخرّبت بعض المنازل، فإن صواريخ إسرائيل قتلت المئات من ال[[فلسطين]]يين في القطاع، وأدت إلى تدمير عشرات البيوت والممتلكات، واحتجزت مليون ونصف مليون [[فلسطين]]ي في سجن كبير اسمه قطاع غزة.
== خطاب [[حماس]] لم يتغير ==


الآن وبعد أن ثبت عدم فاعلية التعويل على العمق العربي والإسلامي (الشعبي لأن الرسمي مبتوت)، وبعد أن تبين عدم قدرة [[حماس]] العسكرية على تأمين الرد المناسب على عدوان إسرائيل وهمجيتها، انتقل خطاب [[حماس]] إلى الخندق الأخير أي إلى الحتمية التاريخية، أو الحتمية الربانية (بمصطلحات [[حماس]]) حيث أن إسرائيل إلى زوال حتما، بقدرة رب العالمين، لكن لا يهم كيف ولا متى!؟
اللافت أن خطابات «[[حماس]]» بشأن الرد على العدوان لم تخرج عن المعهود، ف[[إسرائيل]] ستعتدي بهذه الذريعة أو تلك، وهذا صحيح،لكن صحيح أيضا أن هذا العدوان '''(والاحتلال بحد ذاته عدوان)''' ما كان ليبلغ تلك الدرجة من الاستباحة لأرواح البشر والممتلكات،لولا سلوك [[حماس]] طريق التوتير العالي،ذلك أن انفلاش قواعد الصراع يقع على عاتق الطرفين،طالما ان ثمة حرب مفتوحة،فكل طرف يستدرج الطرف الأخر لمزيد من الدماء والدمار المتبادل،وبشكل أعمى.


بدورها فإن قيادة السلطة (وهي قيادة فتح والمنظمة) لم تُبد رقيا بخطاباتها إلى اللحظة المأساوية الخطيرة الحاصلة، فهي ألقت اللوم والمسؤولية عما يجري على عاتق حماس، وإن أدانت العدوان الإسرائيلي، وكان الأحرى بقيادة السلطة تجنّب ما يمكن أن يؤذي الشعب ال[[فلسطين]]ي، ويضعف صدقية قضيته، وينكأ جراحه، فحديث الرئيس أبو مازن عن وجود «القاعدة» في القطاع، مثلا، ليس له معنى، لأن إسرائيل ترى في [[حماس]] بحد ذاتها خطرا عليها، ثم إن القاعدة لم يعرف عنها اهتماما باستهداف إسرائيل. أيضا فإن الحديث عن أن صواريخ حماس تتحمل مسؤولية عما يجري (وإن كان صحيحا إلى حد ما) إلا انه لا يفي بالحقيقة لوحده.
دليل ذلك أن تجربة الانتفاضة الأولى ([[1987]]ـ [[1993]])، التي عرفت بانتفاضة الحجارة،والتي تجنّبت استدراج [[إسرائيل]] لمواجهات مسلحة،خلقت أزمة في المجتمع ال[[إسرائيل]]ي،وجلبت تعاطفا دوليا كبيرا مع الشعب ال[[فلسطين]]ي،ما كبح من قدرة [[إسرائيل]] على مواجهتها بأقصى قدر من العنف، وحيّد قوتها الغاشمة،وفي تلك السنوات لقي 1600 [[فلسطين]]ي مصرعهم.  


والواقع فإن قيادة السلطة معنية بالتوضيح لشعبها وللعالم كيف أن إسرائيل لا تستجيب لاستحقاقات التسوية منذ العام [[1993]]، برغم كل التقديمات السياسية ال[[فلسطين]]ية، بوجود [[حماس]] وبدونها.
في المقابل لقي أكثر من 5500 [[فلسطين]]ي مصرعهم منذ أواخر عام [[2000]] حتى أواخر عام [[2007]]، بسبب زيادة جرعة العنف المتبادل،وتوحّد ال[[إسرائيل]]يين حول قيادتهم،وإثارة شبهة الإرهاب حول [[المقاومة]] المسلحة،بسبب تفشي نمط العمليات التفجيرية،التي تستهدف المدنيين في مناطق [[1948]]، وتستدعي ردة فعل [[إسرائيل]]ية قاسية.


ثم إن هذه السلطة معنية بالبحث عن مخارج أخرى للاستعصاء السياسي الحاصل، ربما بحل السلطة، وفتح الخيارات السياسية على مصراعيها، وربما بالإبقاء عليها، ووقف لعبة المفاوضات العبثية؛ المهم أن الوضع بات يحتاج إلى خيارات أخرى غير الخيارات المعتمدة سواء من السلطة أو من معارضيها.
ودليل ذلك أيضا أن عدد ال[[فلسطين]]يين الذين يقتلون في قطاع [[غزة]] أكثر بكثير من ضحايا العدوان والحصار ال[[إسرائيل]]يين في الضفة،من دون أن يعني ذلك أن الحركة الوطنية في الضفة تخلت عن [[المقاومة]]،كما ربما يحلو للبعض أن يحلل.
 
 
== نزيف يفرض ايجاد نوع من التهدئة ==
 
والواقع فإن النزيف الذي تعرض له ال[[فلسطين]]يون،طوال المرحلة الماضية،بسبب الوحشية ال[[إسرائيل]]ية،وأيضا وبالذات بسبب تفريطهم بطاقتهم النضالية،من دون حساب،بات يفرض إيجاد نوع من التهدئة،فليس ثمة مقاومة مسلحة أو غير مسلحة إلى الأبد،وثمة مراحل تعمد فيها حركات التحرر للتحول نحو التهدئة،لالتقاط الأنفاس،وبناء الذات،وأيضا لمراجعة الاستراتيجيات والسياسات.
 
أيضا ينحو خطاب «[[حماس]]» نحو استدعاء العمق العربي و[[الإسلام]]ي،ما يطرح التساؤل عن صوابية استراتيجيتها في [[المقاومة]] المسلحة،وهي مراهنة في غير محلها (للأسف)،لأن الشارع العربي و[[الإسلام]]ي في وارد هموم أخرى كبيرة وخطيرة،وهو شارع خارج [[السياسة]]،أو أخرج منها،وهذا الشارع الذي لا يخرج للانتصار للقمة عيشه وحريته وكرامته،من الصعب عليه أن يخرج لمناصرة غيره،وحتى إن خرج بعضا منه، فإن هذا لا يعني شيئا،على أهميته المعنوية.
 
من جهة أخرى فإن خطاب «[[حماس]]» يتضمن حديثا عن أن صواريخها خلقت نوعا من '''«توازن الرعب»'''،وهذا صحيح ولكن بشكل محدود جدا،فهذا التوازن يطال بضعة عشرات ألوف ال[[إسرائيل]]يين في البلدان المحاذية لقطاع [[غزة]]،ولكنه لا يطال [[إسرائيل]] كلها.
 
وبحسب الإحصائيات فمقابل مصرع حوالى 400 من [[فلسطين]]ي لقي 11 [[إسرائيل]]يا فقط مصرعهم العام الماضي؛ما يؤشر لتراجع كبير في قدرة عمليات [[المقاومة]]،بسبب الاستنزاف والإرهاق الشديد الذي تعرضت له.
 
والمشكلة أن توازن الرعب الذي جلبته الصواريخ الحماسية أدت إلى إطلاق الجنون ال[[إسرائيل]]ي من عقاله،فبينما قتلت ألوف القذائف الصاروخية التي أطلقتها [[حماس]] بضعة [[إسرائيل]]يين،وخرّبت بعض المنازل،فإن صواريخ [[إسرائيل]] قتلت المئات من ال[[فلسطين]]يين في القطاع،وأدت إلى تدمير عشرات البيوت والممتلكات،واحتجزت مليون ونصف مليون [[فلسطين]]ي في سجن كبير اسمه قطاع [[غزة]].
 
 
== التعويل علي العمق العربي و[[الاسلام]]ي ==
 
الآن وبعد أن ثبت عدم فاعلية التعويل على العمق العربي و[[الإسلام]]ي '''(الشعبي لأن الرسمي مبتوت)'''، وبعد أن تبين عدم قدرة [[حماس]] العسكرية على تأمين الرد المناسب على عدوان [[إسرائيل]] وهمجيتها،انتقل خطاب [[حماس]] إلى الخندق الأخير أي إلى الحتمية التاريخية،أو الحتمية الربانية '''(بمصطلحات [[حماس]])''' حيث أن [[إسرائيل]] إلى زوال حتما،بقدرة رب العالمين، لكن لا يهم كيف ولا متى!؟
 
بدورها فإن قيادة السلطة '''(وهي قيادة فتح والمنظمة)''' لم تُبد رقيا بخطاباتها إلى اللحظة المأساوية الخطيرة الحاصلة،فهي ألقت اللوم والمسؤولية عما يجري على عاتق [[حماس]]،وإن أدانت العدوان ال[[إسرائيل]]ي،وكان الأحرى بقيادة السلطة تجنّب ما يمكن أن يؤذي الشعب ال[[فلسطين]]ي،ويضعف صدقية قضيته،وينكأ جراحه،فحديث الرئيس [[أبو مازن]] عن وجود '''«القاعدة»''' في القطاع، مثلا، ليس له معنى، لأن [[إسرائيل]] ترى في [[حماس]] بحد ذاتها خطرا عليها،ثم إن القاعدة لم يعرف عنها اهتماما باستهداف [[إسرائيل]].
 
أيضا فإن الحديث عن أن صواريخ [[حماس]] تتحمل مسؤولية عما يجري '''(وإن كان صحيحا إلى حد ما)''' إلا انه لا يفي بالحقيقة لوحده.
 
والواقع فإن قيادة السلطة معنية بالتوضيح لشعبها وللعالم كيف أن [[إسرائيل]] لا تستجيب لاستحقاقات التسوية منذ العام [[1993]]،برغم كل التقديمات السياسية ال[[فلسطين]]ية، بوجود [[حماس]] وبدونها.
 
ثم إن هذه السلطة معنية بالبحث عن مخارج أخرى للاستعصاء السياسي الحاصل،ربما بحل السلطة،وفتح الخيارات السياسية على مصراعيها،وربما بالإبقاء عليها،ووقف لعبة المفاوضات العبثية؛المهم أن الوضع بات يحتاج إلى خيارات أخرى غير الخيارات المعتمدة سواء من السلطة أو من معارضيها.


كاتب [[فلسطين]]ي
كاتب [[فلسطين]]ي


== المصدر ==
== المصدر ==
*'''مقال:'''[http://www.malaf.info/?page=show_details&Id=608&CatId=&table=articles عن انحدار الخطاب السياسي الفلسطيني] ''' موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات '''
*'''مقال:'''[http://www.malaf.info/?page=show_details&Id=608&CatId=&table=articles عن انحدار الخطاب السياسي الفلسطيني] ''' موقع : المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات '''


[[تصنيف: تصفح الويكيبيديا ]]
[[تصنيف: تصفح الويكيبيديا ]]

مراجعة ١٠:٠٣، ٢٩ نوفمبر ٢٠١١

عن انحدار الخطاب السياسي الفلسطيني

بقلم : ماجد كيالي

مجادلات توصل الي كثير من القلق والغضب

فتح وحماس إلى أين

تثير المجادلات السائدة في الساحة الفلسطينية،ولاسيما تلك التي جرت على خلفية العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة،والذي ذهب ضحيته عشرات الشهداء،الكثير من مشاعر القلق والغضب إزاء الدرك الذي وصل إليه مستوى النقاش بين الطبقة السياسية السائدة،وخصوصا بين قياديي الحركتين الرئيستين («فتح»، و»حماس»).

في هذا النقاش استمرأ بعض قياديي «حماس» تحميل المسؤولية،عن ما يجري من حصار وعدوان،لقيادة السلطة (وهي قيادة «فتح» ومنظمة التحرير)،إلى حد اتهامها بالتغطية على العدوان الهمجي، وثمة من اتهمها بالتواطؤ فيه.

ربما أن قياديي «حماس»، بتصريحاتهم هذه باتوا يدركون المأزق الذي وقعت حركتهم فيه بسيطرتها الأحادية والاقصائية،وبوسائل القوة على القطاع (حزيران/يونيو2007)، ويتوخّون التورية على هذه الخطوة التي لم تكن محسوبة،ولم تدرس تداعياتها، على هذه الحركة المعارضة لاتفاقات اوسلو،التي قام بموجبها الكيان الفلسطيني،وعلى وضعية القطاع الذي يفتقر للموارد الأساسية،وعلى أحوال الشعب الفلسطيني، حيث حوالى 70 ألفاً من الموظفين في أجهزة السلطة المدنية والعسكرية،يتقاضون رواتبهم من الدول المانحة.

ويبدو الخطاب الحماسي في كل ذلك مفعماً بالسذاجة، إلا إذا كان المقصود به اللعب على العواطف، والتحريض على السلطة لأغراض ضيقة،والتعمية على مسؤولية حماس عما يجري للقطاع بسكانه المليون ونصف مليون.


أسئلة كثيرة مشروعة

في هذا الإطار ثمة أسئلة كثيرة ومشروعة يمكن توجيهها لقيادة حركة حماس.فمثلا، ما هو الرد الذي كانت تتوقعه على عمليات القصف الصاروخي من القطاع على سديروت وجوارها،خصوصا أن هذه الصواريخ تطلق بأغلبيتها من مناطق مأهولة في القطاع؟

وهل كانت هذه القيادة تتوقع من إسرائيل،المدججة بالسلاح،والمعروفة بوحشيتها وانتهاكها كل القواعد والأعراف الدولية،أن تسكت عن ذلك؟وإذا كانت قيادة حماس تدرك ذلك،فهل درست قدرتها على الردّ؟ وعلى أجرت عملية حسابية بالكلفة والمردود لعمليات إطلاق الصواريخ؟

وإذا تجاوزنا هذه الأسئلة إلى الاعتراف بمشروعية مقاومة الاحتلال،فهل باتت المقاومة تقتصر على عمليات إطلاق صواريخ أو على تنفيذ عمليات تفجيرية؟وأين دور الشعب في المقاومة إذن؟ وما الذي حصل لمفهوم المقاومة الشعبية؟ ثم متى كانت المقاومة محصورة بشكل بعينه،وبمعزل عن الزمان والمكان والإمكانيات وحسابات الربح والخسارة /البشرية والمادية والسياسية والمعنوية؟

واضح أن قيادة حركة حماس لا تلقي بالا لهذه التساؤلات،التي هي على غاية في الأهمية في تجارب حركات التحرر الوطني،بسبب تمجيدها الخطاب العاطفي،وإقحامها الديني في شأن دنيوي،وتقديسها الموت على حساب الحياة، باعتباره فعل شهادة،بغض النظر عن الجدوى في الصراع الجاري على الوطن.


خطاب حماس لم يتغير

اللافت أن خطابات «حماس» بشأن الرد على العدوان لم تخرج عن المعهود، فإسرائيل ستعتدي بهذه الذريعة أو تلك، وهذا صحيح،لكن صحيح أيضا أن هذا العدوان (والاحتلال بحد ذاته عدوان) ما كان ليبلغ تلك الدرجة من الاستباحة لأرواح البشر والممتلكات،لولا سلوك حماس طريق التوتير العالي،ذلك أن انفلاش قواعد الصراع يقع على عاتق الطرفين،طالما ان ثمة حرب مفتوحة،فكل طرف يستدرج الطرف الأخر لمزيد من الدماء والدمار المتبادل،وبشكل أعمى.

دليل ذلك أن تجربة الانتفاضة الأولى (1987ـ 1993)، التي عرفت بانتفاضة الحجارة،والتي تجنّبت استدراج إسرائيل لمواجهات مسلحة،خلقت أزمة في المجتمع الإسرائيلي،وجلبت تعاطفا دوليا كبيرا مع الشعب الفلسطيني،ما كبح من قدرة إسرائيل على مواجهتها بأقصى قدر من العنف، وحيّد قوتها الغاشمة،وفي تلك السنوات لقي 1600 فلسطيني مصرعهم.

في المقابل لقي أكثر من 5500 فلسطيني مصرعهم منذ أواخر عام 2000 حتى أواخر عام 2007، بسبب زيادة جرعة العنف المتبادل،وتوحّد الإسرائيليين حول قيادتهم،وإثارة شبهة الإرهاب حول المقاومة المسلحة،بسبب تفشي نمط العمليات التفجيرية،التي تستهدف المدنيين في مناطق 1948، وتستدعي ردة فعل إسرائيلية قاسية.

ودليل ذلك أيضا أن عدد الفلسطينيين الذين يقتلون في قطاع غزة أكثر بكثير من ضحايا العدوان والحصار الإسرائيليين في الضفة،من دون أن يعني ذلك أن الحركة الوطنية في الضفة تخلت عن المقاومة،كما ربما يحلو للبعض أن يحلل.


نزيف يفرض ايجاد نوع من التهدئة

والواقع فإن النزيف الذي تعرض له الفلسطينيون،طوال المرحلة الماضية،بسبب الوحشية الإسرائيلية،وأيضا وبالذات بسبب تفريطهم بطاقتهم النضالية،من دون حساب،بات يفرض إيجاد نوع من التهدئة،فليس ثمة مقاومة مسلحة أو غير مسلحة إلى الأبد،وثمة مراحل تعمد فيها حركات التحرر للتحول نحو التهدئة،لالتقاط الأنفاس،وبناء الذات،وأيضا لمراجعة الاستراتيجيات والسياسات.

أيضا ينحو خطاب «حماس» نحو استدعاء العمق العربي والإسلامي،ما يطرح التساؤل عن صوابية استراتيجيتها في المقاومة المسلحة،وهي مراهنة في غير محلها (للأسف)،لأن الشارع العربي والإسلامي في وارد هموم أخرى كبيرة وخطيرة،وهو شارع خارج السياسة،أو أخرج منها،وهذا الشارع الذي لا يخرج للانتصار للقمة عيشه وحريته وكرامته،من الصعب عليه أن يخرج لمناصرة غيره،وحتى إن خرج بعضا منه، فإن هذا لا يعني شيئا،على أهميته المعنوية.

من جهة أخرى فإن خطاب «حماس» يتضمن حديثا عن أن صواريخها خلقت نوعا من «توازن الرعب»،وهذا صحيح ولكن بشكل محدود جدا،فهذا التوازن يطال بضعة عشرات ألوف الإسرائيليين في البلدان المحاذية لقطاع غزة،ولكنه لا يطال إسرائيل كلها.

وبحسب الإحصائيات فمقابل مصرع حوالى 400 من فلسطيني لقي 11 إسرائيليا فقط مصرعهم العام الماضي؛ما يؤشر لتراجع كبير في قدرة عمليات المقاومة،بسبب الاستنزاف والإرهاق الشديد الذي تعرضت له.

والمشكلة أن توازن الرعب الذي جلبته الصواريخ الحماسية أدت إلى إطلاق الجنون الإسرائيلي من عقاله،فبينما قتلت ألوف القذائف الصاروخية التي أطلقتها حماس بضعة إسرائيليين،وخرّبت بعض المنازل،فإن صواريخ إسرائيل قتلت المئات من الفلسطينيين في القطاع،وأدت إلى تدمير عشرات البيوت والممتلكات،واحتجزت مليون ونصف مليون فلسطيني في سجن كبير اسمه قطاع غزة.


التعويل علي العمق العربي والاسلامي

الآن وبعد أن ثبت عدم فاعلية التعويل على العمق العربي والإسلامي (الشعبي لأن الرسمي مبتوت)، وبعد أن تبين عدم قدرة حماس العسكرية على تأمين الرد المناسب على عدوان إسرائيل وهمجيتها،انتقل خطاب حماس إلى الخندق الأخير أي إلى الحتمية التاريخية،أو الحتمية الربانية (بمصطلحات حماس) حيث أن إسرائيل إلى زوال حتما،بقدرة رب العالمين، لكن لا يهم كيف ولا متى!؟

بدورها فإن قيادة السلطة (وهي قيادة فتح والمنظمة) لم تُبد رقيا بخطاباتها إلى اللحظة المأساوية الخطيرة الحاصلة،فهي ألقت اللوم والمسؤولية عما يجري على عاتق حماس،وإن أدانت العدوان الإسرائيلي،وكان الأحرى بقيادة السلطة تجنّب ما يمكن أن يؤذي الشعب الفلسطيني،ويضعف صدقية قضيته،وينكأ جراحه،فحديث الرئيس أبو مازن عن وجود «القاعدة» في القطاع، مثلا، ليس له معنى، لأن إسرائيل ترى في حماس بحد ذاتها خطرا عليها،ثم إن القاعدة لم يعرف عنها اهتماما باستهداف إسرائيل.

أيضا فإن الحديث عن أن صواريخ حماس تتحمل مسؤولية عما يجري (وإن كان صحيحا إلى حد ما) إلا انه لا يفي بالحقيقة لوحده.

والواقع فإن قيادة السلطة معنية بالتوضيح لشعبها وللعالم كيف أن إسرائيل لا تستجيب لاستحقاقات التسوية منذ العام 1993،برغم كل التقديمات السياسية الفلسطينية، بوجود حماس وبدونها.

ثم إن هذه السلطة معنية بالبحث عن مخارج أخرى للاستعصاء السياسي الحاصل،ربما بحل السلطة،وفتح الخيارات السياسية على مصراعيها،وربما بالإبقاء عليها،ووقف لعبة المفاوضات العبثية؛المهم أن الوضع بات يحتاج إلى خيارات أخرى غير الخيارات المعتمدة سواء من السلطة أو من معارضيها.

كاتب فلسطيني

المصدر