الموقف الغربي من الإخوان المسلمين مراحل وتحولات

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الموقف الغربى من الإخوان المسلمين .. مراحل وتحولات

إعداد: ويكيبيديا الإخوان المسلمين

  • بقلم/ السعيد العبادي


تمهيد

من المؤكد أن الغربيين ليسوا سواء ويجب أن يكون هناك تمايز وفروقات كثيرة فى النظر إلى مواقفهم للإخوان المسلمين وبالطبع هناك خلافات بين نظرة الحكومات الغربية ونظرة المراكز البحثية وإن كانت البدايات متشابهة إلى حد كبير فتاريخ العصر الإستعماري الغربى للشرق والدول الإسلامية ومحاولات فرض الهيمنة الغربية على مقدرات الشعوب العربية ظل نقطة سلبية ومحورية فى رؤية الإخوان للغرب كما ظل مفهوم الدولة الدينية ومفهوم الجهاد كنقطة سلبية فى نظرة الغرب للإخوان.

وتحولت نظرة الغرب للإخوان إلى مايمكن تصنيفها لمراحل ثلاث المرحلة الأولى تميزت بداية بمحاولة استيعاب الإخوان ثم تحولت للمواجهة ومحاولة القضاء على الإخوان وتصدر الإنجليز هذه المرحلة وتميزت المرحلة الثانية بمحاولة استكشاف أفكار الإخوان ومعتقداتهم من خلال بعض المراكز البحثية والمؤتمرات والندوات العلمية ثم المرحلة الثالثة والتى تميزت بتغير أفكار بعض الحكومات تجاه الإخوان ومحاولة فتح نوع من الحوار والذى شجع على هذه الخطوة هو سقوط بعض الأنظمة الديكتاتورية التى كانت تستخدم فزاعة الإخوان للاستمرار فى الدعم الغربى لهم.

المرحلة الأولى: من الاستيعاب إلى المواجهة

وتتمثل هذه المرحلة فى محاولات الاحتلال الإنجليزى فى ذلك الوقت لاستيعاب جماعة الإخوان المسلمون من خلال بعض الإغراءات المادية وخاصة فى بدء تأسيس الجماعة عام 1928 ولكن فترة الإغراءات هذه لم تدم طويلاً فسرعان ما انقلبت إلى حرب شعواء شنتها الحكومة البريطانية ضد الإخوان والتى انتهت بقرار حل الإخوان ففى يوم 8 ديسمبر 1948م صدر القرار رقم 63 لعام 1948م بحل جماعة الإخوان المسلمين ومصادرة أملاكها وأموالها واعتقال أفرادها وسنتناول خلال هذا الجزء من البحث محاولات استيعاب الحكومة البريطانية للإخوان حتى قرار الحل.


الإنجليز ومحاولة استيعاب الإخوان

ذكر الأستاذ محمد حامد أبو النصر المرشد العام الرابع للإخوان المسلمون فى كتابه (حقيقة الخلاف بين الإخوان المسلمون وعبد الناصر) بداية نوع من التواصل مع الإنجليز فى ذلك الوقت فيقول:

في أوائل الأربعينيات بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ، طلب مني وكيل بنك باركليز فرع منفلوط دفع مبلغ من المال كتبرع للجندي المجهول أسوة بالأعيان وأصحاب الرتب وكبار التجار ، فرفضت أن أدفع مليما واحدا في مشروع أو عمل تقوم عليه الحكومة البريطانية ، فسألني لماذا ؟ قلت له : إن انجلترا وفرنسا كانتا قد وعدتا في لجنة مشتركة بالجلاء عن سوريا ولبنان بعد انتهاء الحرب ولم تف بوعدها .. كما أنها لم تستجب لطلب رفعة النحاس باشا رئيس الحكومة في هذا الشأن . فقال لي وكيل البنك هذا كلام خطير ولا داعي لذكره – فقلت : نعم إنه كلام خطير لكني أتحمل المسئولية . وبعد أسبوع من هذا الحديث فوجئت بزيارة ضابط مخابرات انجليزي يدعي (باترك) ومعه مراسل الأهرام بأسيوط كمترجم ، وبعد أن شربنا القهوة سألني الضابط : هل لكم رأي معين في السياسة التي تنتهجها الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط ؟ فقلت له : إن هناك موقف يمكن لبريطانيا أن تستغله لإثبات حسن نواياها وصدق وعودها – وهو أن تقوم بالضغط علي حكومة فرنسا للجلاء عن سوريا و لبنان فورا ، ثم سألني : هل هناك من يري رأيكم من الإخوان المسلمين ؟ فقلت له : إن جمهور مائة شعبة للإخوان المسلمين بمديرية أسيوط تطالب بتحقيق هذا المطلب .

فقال إن حكومته يهمها أن تعرف مطالب الشعوب الصديقة ، لتبني علاقتها معهم علي أساس من هذه السياسة .. وإنني أعدك أن أرفع هذا المطلب إلي المسئولين في السفارة . وانصرف . وبعد أسبوع من تلك الزيارة وصلني خطاب من الضابط (باترك) يشكرني فيه ويخبرني أن (الميجر لاندل) مبعوث السفارة البريطانية يرغب في زيارتك ويطلب تحديد الموعد وعلي ذلك أرسلت خطايا إلي الإمام الشهيد علي اعتبار أنه قائد الجماعة والمسئول عن سياستها شرحت له ما دار في الزيارة المذكورة ، فرد علي هاتفيا بموافقة فضيلته علي اللقاء وأفهمني أنه سيبعث إلي برسالة مفصلة ، وقد وصلتني الرسالة مرفقا بها خطاب من صورتين أحداها كتب بالعربية لتلقي في الحفل ، والأخرى بالإنجليزية تسلم (للميجر لاندل) .

ومما يذكر أنه قال لي في الرسالة إن هذا الباب أراد الله أن يفتح علي يديكم ويهمني أن تعرف كل الشعوب ، - والحكومات حقيقة دعوة الإخوان المسلمين .

وعليه تحدد موعد اللقاء مع (الميجر لاندل) وكنت قد دعوت لتناول الغذاء معه نخبة من رؤساء الأديان وكبار الموظفين والأعيان بمنفلوط وعندما دلف الميجر لاندل إلي حجرة الاستقبال رأي صورة الإمام الشهيد حسن البنا فوقف أمامها ينظر مليا ومعه المترجم فسألني ؟ : صورة من هذه ؟ قلت إنها صورة المربي الروحي الأستاذ حسن البنا المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين . قال : وما هي مكانة المربي الروحي عندكم ؟ قلت : إنه يأمر فيطاع دون تردد ، وما أسمع (الميجر لاندل) هذا حتى رفع قبعته إجلالا لصاحب هذه الصورة . ، وبعد أن تناولنا طعام الغذاء سلمت (الميجر لاندل) صورة الخطبة المكتوبة بالإنجليزية وألقيت صورتها العربية ، ومن أهم ما جاء بالخطبة أن الإخوان المسلمين يعلنون حقيقة مبادئهم وطريقة إصلاحهم ووسائلهم وأوضح أنهم يعملون علي تربية النشء علي مبادئ القرآن الكريم ويرحبون بأن ينشَّئَ أصحاب الأديان الأخرى أبناءهم علي مبادئ الإنجيل والتوراة وبذلك يوجد في العالم المجتمع المتدين ، والمجتمعات المتدينة لا يقع فيما بينها حروب كما هو قائم الآن بين الشعوب التي باعدت بينها وبين حقيقة أديانها وأصبحت الحرب الضروس التي أتت علي الأخضر واليابس ، فلا رحمة ولا عدالة ولا مساواة .

وقد حيَّا الحاضرون المعاني التي تضمنتها الكلمة بالتصفيق والارتياح ، واختتم الحفل وانتهي بكلمة شكر من (الميجر لاندل) لصاحب الدعوة والمدعوين ، وما أن وصل (الميجر لاندل) دار السفارة البريطانية بالقاهرة حتى أرسل إليَّ خطابا يشكرني ويبدي رغبته في اللقاء معي في القاهرة ، وأثناء وجودي بالقاهرة التقيت به بعد استئذان الإمام الشهيد وإذنه لي بالزيارة ، وفي اللقاء سألني – (الميجر لاندل) ما رأيكم في الجلاء عن مصر ؟ قلت له : إن الإمة جميعها تطالب بالجلاء فورا ، ثم قال : ماذا لو جاء الروس واحتلوا مصر ؟ قلت : عندئذ نتعاون كأصدقاء وليس كأتباع . قال : وما رأيكم في مشكلة فلسطين ؟ قلت : تترك لأهلها ينظمون شئونهم بطريقتهم متعاونين ومتحدين كشعب واحد .

وانتهي اللقاء وقد نقلت إلي فضيلة الإمام الشهيد الحديث فاستحسنه ، وبعد أيام قليلة مضت علمت أن الوزير البريطاني المسئول عن الشرق الأوسط ومعه سفير بريطانيا في مصر ووقد من دار السفارة زاروا المركز العام للإخوان المسلمين بالقاهرة وتقابلوا مع الإمام الشهيد / حسن البنا وعرضوا معونة مالية كبيرة والمساهمة في تقديم سيارات وتبرعات أخرى للجماعة ، لكن فضيلة الإمام الشهيد رفض كل هذه العروض بصلابة وحزم .. قائلا لهم : إن مجهودات الإخوان تقوم بعد فضل الله تعالي علي القروش القليلة التي يدفعها الإخوان من جيوبهم الخاصة ، ونحن نرفض أي معونة من أية حكومة أو من أية دولة ونحن في طريقنا لعرض مبادئنا بكل ما نستطيع من قوة وإرادة – وانتهت المقابلة .

والجدير بالذكر وجود أرشيف لجماعة الإخوان المسلمين في دار – السفارة البريطانية وصورة للإمام الشهيد / حسن البنا ، وكتب تحتها (عبارة : أخطر رجل في الشرق الأوسط) .


المستشرق البريطانى هيورث دان واتصاله بالإخوان

كما حاول الإنجليز رشوة الإخوان وإعطاءهم المال حينما أوفدوا المستشرق البريطانى هيورث دان لإجراء اتصالات مع الإخوان، وطلب منهم دعم الإنجليز ضد الألمان فى مقابل تقديم الإنجليز دعمًا ماليًا للإخوان قدره عشرون ألف جنيه.

غير أن الأستاذ أحمد السكري (وكيل الجماعة آنذاك رد عليهم بقوله –كما أوردت جريدة الإخوان المسلمين، العدد 10 ،صـ9 الموافق 22 ذو القعدة 1373هـ / 22 يوليو 1954م-: الإ فلتعلم يا مستر دان أنك لن تستطيع أن تشترينا بالمال .. إن الشعوب التى تعاونكم بالنقود تبيعكم بالنقود.

وأضاف: إذا كنت تريد أن تشترى الإخوان ومن ورائهم الشرق العربي فهناك شروط:

  • 1- عليكم أن تتفقوا معنا على الجلاء التام الناجز عن وادي النيل.
  • 2- عليكم أن تتفقوا مع فرنسا على إخلاء سوريا ولبنان من جنودها.
  • 3- عليكم أن تخلوا فلسطين للعرب.
  • 4- عليكم أن تمدونا بالأسلحة والمعدات، ونحن مستعدون لطرد الطليان وحكومة فيشى من شمال أفريقيا، ونحمى بلادنا من أى غزو أجنبى".

وهنا وقف دان وقال: "هذه سياسة عليا، وإنما مهمتي عمل الدعاية فقط، وعلى كلٍّ فسأحضر مستر كلايتون بعد ذلك.


لقاء اللورد كليرن بالإمام البنا

وحينما التقى مستر كلايتون –اللورد كليرن- بالإمام البنا عرض عليه أن يجدد الإنجليز للإخوان مركزهم العام وجريدتهم الإسبوعية وجعلها يومية والإنفاق عليها، وتوفير وسيلة نقل للمرشد العام، ثم قال للإمام البنا: " ولا بأس أن نبدأ بدفعة أولى خمسين ألف جنيه أو مائة ألف، ويتوالى الأمر بعد ذلك كل شهرين أو ثلاثة أو أربعة نزيدها أو نقدم مثلها" وأضاف " يمكن أن نجعل الدفعة الأولى خمسمائة ألف".

فرد عليه الإمام البنا بقوله: "إن الرجل من الإخوان يدفع اشتراكًا فى الدعوة خمسة قروش فى الشهر، وأيسر الإخوان حالا قد يدفع جنيهًا، هذا فى الظروف العادية، أما عند الحاجة فالرجل من الإخوان لا يملك إلا أن يقدم نفسه وماله وبيته للدعوة؛ لذا فنحن لسنا فى حاجة إلى أن نملأ هذه الخزائن الحديدية؛ لأن خزائننا هى قلوب الإخوان؛ ولهذا فلو شئت سأجمع من هؤلاء الرجال مئات الإلاف فى أقل من أسبوع، فنحن لسنا كأى هيئة لقيتها من قبل" ثم أضاف " وأنصحك أن توفر كل قرش لخزينة بلادك؛ لأننا لن نقبل شيئًا من مثلكم، كما أن الزعماء الذين تشترونهم بأموالكم لا يملكون الإ أنفسهم، أما الشعوب فلن تقبل بغير استقلالها التام مهما كلفها من ثمن".


هبة شركة القنال

ويذكر الإمام البنا فى مذكراته محاولة أخرى وضعها تحت عنوان هبة شركة القنال فيقول:

وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد، وأمامنا بعد مشروع المسجد مشروع المدرسة والدار وهي من تمامه بل كلها مشروع واحد تصادف أن مر البارون دي بنوا مدير شركة القنال ومعه سكرتيره المسيو بلوم فرأي البناء فسأل عنه وأخذ عنه معلومات موجزة، وبينما أنا في المدرسة إذ جاءني أحد الموظفين يدعو في لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة فذهبت إليه فتحدث إلي عن طريق مترجم بأنه رأي البناء وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالي وهو لهذا يطلب منا رسماً ومذكرة للمشروع، فشكرت له ذلك وانصرفت ووافيته بعد ذلك بما طلب ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى فيها البارون ووعده ولكني فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه إلى مكتبه، فذهبت إليه فرحب بي ثم ذكر لي أن الشركة اعتمدت مبلغ خمسمائة جنيه مصري للمشروع، فشكرت له ذلك، وأفهمته أن هذا المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرا من الشركة تقديره لأنها في الوقت الذي تبني فيه على نفقتها كنيسة نموذجية تكلفها 500000 "خسمائة ألف جنيه" أي نصف مليون جنيه تعطي المسجد خمسمائة فقط، فاقتنع بوجهة نظري وأظهر مشاركتي فيها ولكنه أسف لأن هذا هو القرار، ورجانى قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل بعد ذلك شيئا فلن يتأخر. وشكرت له مرة ثانية وقلت إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصي ولكنه من اختصاص أمين الصندوق الشيخ محمد حسين الزملوط الذي تبرع وحده بمثل ما تبرعت به الشركة وسأخبره ليحضر لتسلمه، وقد كان. وتسلم أمين الصندوق المبلغ، وطبعاً لم يفكر البارون في عمل شيء آخر ولم نفكر نحن في أن نطلب منه شيئاً كذلك.


شهادات غربية بخصوص فشل بريطانيا فى شراء الإخوان أو استيعابهم

1- روبير جاكسون: أغراه الإنجليز فرفض

الصحفي الأمريكي روبير جاكسون وحديث صحفي مع الإمام البنا

يقول الكاتب الغربى روبير جاكسون فى كتابه "حسن البنا الرجل القرآني":

إن تاريخ ( الرجل القرآني ) طويل .. ولكن أخصب سنواته أيام الحرب .. منذ أن خرج من المعتقل عام 1936 ، في هذا الوقت الذي شغلت الحرب الدنيا جميعها ، عن الأحزاب ، وعن السياسة ، وعن كل شيء ، كان الرجل لا ينام ، كان يسعي ويطوف ويذهب إلي كل قرية وكل نجع وكل دسكرة يفتش عن الشباب ، ويحدث الشيوخ ويتصل بالعظماء والعلماء ، ويومها بهر الوزراء ، وأعلن بعضهم الانضمام إلي لوائه الخفاق ، وجيشه الجرار . وحاول الإنجليز أن يقدموا عروضا سخية .. فرفضها الرجل إباء .. ونامت الأحزاب في انتظار الهدنة ، وظل الرجل الحديدي الأعصاب يعمل أكثر من عشرين ساعة لا يتعب ولا يجهد ، كأنما صيغت أعصابه من فولاذ . لقد كان يحب فكرته حبا يفوق الوصف ، ولم يكن في صدره شيء يزحم هذه الدعوة . كان يعشق فكرته كأنما هي حسناء ! لا يجهده السهر ، ولا يتعبه السفر وقد أوتي ذلك العقل العجيب الذي يصرف الأمور في يسر ، ويقضي في المشاكل بسرعة ويفضها في بساطة ، ويذهب عنها التعقيد .


2- ريتشارد ميتشل ورؤيته لفشل بريطانيا فى شراء الإخوان

وبعد الإفراج عن البنا في أكتوبر 1941، جرى اتصال بين السفارة البريطانية والإخوان المسلمين. والواقع أن مسألة من الذي بادر بالاتصال؟

كانت وما تزال موضعا للخلاف، وعلى أن الواضح إن الاتصال قد تم بالفعل وأنه لم يسفر عن نتائج إيجابية. والنقطة الأساسية هنا هي أن الإخوان قد رأوا في فشل بريطانيا في «شرائهم» سببا أساسيًا لمضايفات النحاس للجماعة أولا يرفضه ترشيح البنا للانتخابات وثانيا بمواقفه العدائية المتكررة تجاههم طوال فترة بقائه في الحكم. وتأكد الإخوان بشكل قاطع من الموقف ألعدائي الثابت للبريطانيين تجاههم، حتى أن البنا كتب رسالة وداع لأتباعه في منتصف عام 1943 نتيجة لاقتناعه بأن المخابرات البريطانية تعمل جاهدة على نفيه.

العقبات فى طريقنا:

" أحب أن أصارحكم أن دعوتكم لا زالت مجهولة عند كثير من الناس ويوم يعرفونها ويدركون مراميها وأهدافها ستلقى منهم خصومة شديدة وعداوة قاسية وستجدون أمامكم كثيرا من المشقات وسيعترضكم كثير من العقبات وفى هذا الوقت وحده تكونون قد بدأتم تسلكون سبيل أصحاب الدعوات أما الإن فلا زلتم مجهولين ولا زلتم مجتهدين للدعوة وتسنعدون لما تتطلبه من كفاح وجهاد . سيقف جهل الشعب بحقيقة الإسلام عقبة فى طريقكم وستجدون من أهل التدين ومن العلماء الرسميين من يستغرب فهمكم للإسلام وينكر عليكم جهادكم فى سبيله وسيحقد عليكم الرؤساء والزعماء وذوو الجاه والسلطة وستقف فى وجهكم كل الحكومات على السواء وستحاول كل حكومة أن تحد من نشاطكم وأن تضع العراقيل فى طريقكم .

ويستكمل الإمام الشهيد قائلا: أيها الإخوة المسلمون اسمعوا : أردت بهذه الكلمات أن أضع فكرتكم أمام أنظاركم فلعل ساعات عصيبة تنتظرنا يحال فيها بينى وبنكم الى حين فلا أستطيع أن أتحدث معكم أو أكتب اليكم فأوصيكم أن تتدبروا هذه الكلمات وأن تحفظوها إذا استطعتم وأن تجمعوا عليها وإن تحت كل كلمة لمعانى جمه .

أيها الإخوان أنتم لستم جمعية خيرية ولا حزباً سياسياً ولا هيئة موضوعة لأغراض محدودة المقاصد ولكنكم روح جديدة يسرى فى قلب هذه الأمة فيحييه بالقرآن ونور جديد يشرق فيبدد ظلام المادة بمعرفة الله وصوت داو يعلو مرددا دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم إذا قيل لكم : الإم تدعون ؟ فقولوا ندعو الى الإسلام لذى جاء به محمد صلى الله عليه وسلم والحكومة جزء منه والحرية فريضة من فرائضه فإن قيل لكم : هذه سياسة فقولوا هذا هو الإسلام ونحن لا نعرف هذه الإقسام وإن قيل لكم : أنتم دعاة ثورة فقولوا : نحن دعاة حق وسلام نعتقد ونعتز به . فإن ثرتم علينا ووقفتم فى طريق دعوتنا فقد أذن الله أن ندفع عن أنفسنا وكنتم الثائرين الظالمين وإن قيل لكم أنتم تستعينون بالإشخاص والهيئات فقولوا : " آمنا بالله وحده وكفرنا بما كنتم به مشركين " فإن لجوا فى عدوانهم فقولوا "سلام عليكم لا نبتغى الجاهلين "


عمر التلمسانى يرد على ريتشارد ميتشل

ويقول الأستاذ عمر التلمساني للرد على هذه الواقعة التى أوردها ريتشارد ميتشل فيقول كما وردت بكتاب الأستاذ إبراهيم قاعود (الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة):

" هذه الواقعة لها نصيب من الصحة ولكن على غير الصورة التى أوردها ميتشل فى كتابة عن الإخوان المسلمين فعندما قامت الحرب العالمية الثانية كان زعماء انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة قد صدرت منهم دعايات وأصوات تدعو لحماية حقوق الإنسان وحماية الديمقراطية وإنكار فضيلة بعض الأجناس والواقع أن هذه الدعايات وجدت اتساعا وانتشارا ووجدت مسرى فى نفوس الكثيرين وظنوا مخطئين أن هذه الدول تدافع حقا عن حقوق الإنسان وعن حريته ومن هذه الوسائل جرى اتصال من جانب السفارة البريطانية بالأستاذ البنا وطلبت منه أن يلقى محاضرات فى الإذاعة عن الديمقراطية وحددت له خمسة الإف جنيه فى المحاضرة الواحدة فسألهم . هل أتحدث عن حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية بمفهومى أنا ومفهوم الإسلام أم أن لكم غرضا آخر للحديث عن الديمقراطية فكان جوابهم : إنك تعرف أننا فى حرب مع ألمانيا وأننا نريد أن ينضم الرأى العام العالمى كله الى جانبنا فإذا تحدثت عن الحريات من وجه نظرنا فيكون لذلك أثر فى الرأى العام العالمى ويساعدنا فى هذا الموقف فقال لهم الإمام الشهيد : إن أردتم أن أتحدث فى الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان فأنا على استعداد أن أتحدث عنها فى الإذاعة وبلا مقابل على شريطة أن أتحدث بوجه نظرى أنا ووجهة نظر الإسلام وليس من وجهة نظركم .. هذا كل ما تم من اتصالات أو كلام أو لقاء فى هذه " الشوشرة " التى يفتعلها ميتشل وأمثاله وانتهى فيها بأنه قال : إن هذه لم تسفر عن شىء .. والأستاذ البنا يوم أن فكر فى هذه الجماعة ومن يوم أن قامت وانتشرت وكل الإخوان المسلمين ـ وليس الأستاذ البنا بمفرده ـ يعلمون أن أشد أعداء هذه الفكرة هم الصليبيون وأن أنصار الصليب لا يريدون أن تقوم للإسلام قائمة فى أية بقعة من بقاع الأرض .. وكنا جميعا على ثقة كاملة من عدائهم لهذه الدعوة ولذلك تجد أن شعار الإخوان المسلمين أو هتافهم " الموت فى سبيل الله أسمى أمانينا " كانوا يعلمون أنهم عرضة لمضايقات واعتقالات واغتيالات ولكل شىء كانوا يعدون أنفسهم لهذا فرحين مستبشرين بأنه إذا قتل إنسان منهم فى سبيل الله فمأواه الجنة والنعيم الدائم عند الله سبحانه وتعالى .. ولقد كان أمرا متوقعا عند جميع الإخوان " .


3- النيويورك بوست : حسن البنا ... أمل الشرق في صراعه مع المستعمر

كتبت جريدة "النيويورك بوست" الأمريكية في 13 فبراير سنة 1946 لمراسلها في القاهرة زر هذا الأسبوع رجلا قد يصبح من أبرز الرجال في التاريخ الحاضر أو قد يختفي اسمه إذا كانت الحوادث أكبر منه ، هذا الرجل هو الشيخ حسن البنا زعيم الإخوان المسلمين ، وقد صار الإخوان عاملا مهما في السياسة المصرية ، ويقول الأستاذ البنا إن حركة الإخوان فوق الأحزاب وسبيلها هو العودة إلي القرآن وغايتها جمع كلمة المسلمين في كل أرجاء العالم .

وهذا نص الحديث :
  • هل أنتم مسلحون ؟
  • نعم ... بسلاح الإيمان .
  • ما سر استعمال السيفين في الشارة ؟
  • هما رمز الجهاد .
  • والمصحف ؟
  • دستوره .
  • متى بدأت دعوتك ؟
  • لا أستطيع أن أحدد متى وكيف نشأت دعوتي هذه ، فهناك أفكار برزت عقب تخرجي من دار العلوم في شعبتي الإسماعيلية وشبراخيت .
  • هل عندك مال ؟
  • نحن أفقر جمعية وأغني جمعية ، مالنا الرسمي اشتراكات الإخوان ، ومالنا الحقيقي : خزائن الإخوان .

وفي سنة 1951 يبعث روبرت جاكسون " الصحفي الأمريكي " بقصة لقائه بالإمام الشهيد التي نشرتها النيويورك بوست – يبعث بها إلي " النيويورك كرونيكل " ثم يقول معقبا : هذا ما كتبته منذ خمس سنوات وقد صدقتني الأحداث فيما ذهبت إليه فقد ذهب الرجل مبكراً ... وكان أمل الشرق في صراعه مع المستعمر ، وأنا أفهم جيداً أن الشرق يطمح إلي مصلح يضم صفوفه ويرد له كيانه وطالما رجا الكتاب والمفكرون اقتراب اليوم الذي يحقق فيه هذا الأمل ، غير أنه في اليوم الذي بات فيه مثل هذا الأمل قاب قوسين أو أدني انتهت حياة الرجل علي وضع غير مألوف ، وبطريقة شاذة .

هكذا الشرق لا يستطيع أن يحتفظ طويلا بالكنز الذي يقع في يديه ، لقد لفت هذا الرجل نظري بصورته الفذة عندما كنت أزور القاهرة بعد أن التقيت بطائفة من الزعماء المصريين ورؤساء الأحزاب . خلاب المظهر . دقيق العبارة ، بالرغم من أنه لا يعرف لغة أجنبية ، لقد حاول أتباعه الذين كانوا يترجمون بيني وبينه الحديث أن يصوروا لي أهداف هذه الدعوة وأفاضوا في الحديث علي صورة لم تقنعني ، وظل الرجل صامتا ، حتى إذا بدا لي الحيرة في وجهي قال لهم قولوا له : هل قرأت عن محمد ؟ قلت : نعم ، قال : هل عرفت ما دعا إليه وصنعه ؟ قلت : نعم قال : هذا هو ما نريده ، وكان في هذه الكلمات القليلة ما أغني عن الكثير .

وسافرت من مصر بعد أن حصلت علي تقارير وافية عن الرجل وتاريخه ، وأهدافه وحياته ، وقارنت بينه وبين محمد عبده وجمال الدين الأفغاني ، والمهدي السنوسي ومحمد بن عبدالوهاب ، فوصل بي البحث إلي أنه قد أفاد من تجارب هؤلاء جميعا وتفادى ما وقعوا فيه من أخطاء ، ويراه محمد عبده عن طريق التربية ، واستطاع حسن البنا أن يدمج الوسيلتين ، ووصل إلي ما لم يصلا إليه ، لقد جمع صفوة المثقفين من الطبقات والثقافات المختلفة إلي مذهب موحد وهدف موحد ، ثم أخذت أتتبع خطواته بعد أن عدت إلي أمريكا وأنا مشغول به ، حتى أثير حوله غبار الشبهات حين ما انتهي إلي اعتقال أنصاره ... وهي مرحلة كان من الضروري أن يمر بها أتباعه ثم استشهاده قبل أن يتم رسالته .

وبالرغم من أنني كنت أسمع في القاهرة أن الرجل لم يعمل شيئا حتى الآن وأنه لم يزد علي جمع مجموعات ضخمة من الشباب حوله ، غير أن معركة فلسطين ومعركة التحرير في القناة قد أثبتتا بوضوح أن الرجل صنع بطولات خارقة ... قَلٌ أن تجد مثلها إلا في تاريخ العهد الأول للدعوة الإسلامية . ولو طال عمر هذا الرجل لكان يمكن أن يتحقق لهذه البلاد الكثير خاصة لو اتفق حسن البنا وآية الله الكاشاني الزعيم الإيراني علي أن يزيلا الخلاف بين الشيعة والسنة . وقد التقي الرجلان في الحجاز 1948 ويبدو أنهما تفاهما ووصلا إلي نقطة رئيسية لكن مالبث أن عوجل حسن البنا بالاغتيال .

كل ما أستطيع أن أقوله أن الرجل أفلت من غوائل المرأة والمال والجاه وهي المغريات التي سلطها المستعمر علي المجاهدين ، وقد فشلت كل المحاولات التي بذلت في سبيل إغرائه ... وقد أعانه علي ذلك صوفيته الصادقة وزهده الطبيعي .

لقد تزوج مبكراً وعاش فقيراً وجعل جاهه في ثقة أولئك الذين التفوا حوله ، لقد أعلنت عليه الأحزاب حربا عنيفة رغم أنه كان يؤمن بالخصومة الفكرية ولا يحولها إلي خصومة شخصية .

كان الرجل يقتفي خطوات عمر وعلي ويصارع في مثل بيئة الحسين فمات مثلهم شهيداً . وإنني علي أتم يقين من أن أي حركة وطنية تظهر في الشرق بعد ذلك يمكن إرجاعها إلي المقاييس التي وضعها هذا الرائد العملاق .

4- مقابلة مستر وليام فراري

مر بالقاهرة مستر وليام فراري من كبار الشخصيات الإمريكية المعنية بدراسة مختلف شئون العالم وقد قابل فضيلة الإستاذ المرشد العام للإخوان المسلمون وقد أدلى بحديث خاص لمندوب الإخوان المسلمون أعرب فيه عن تقديره لحفاوة الإخوان المسلمون به طيلة رحلته فى الشرق وكان مما قال: ومن أقوى الانطباعات التى خلفتها رحلتى فى ذهنى مالمسته من قوة وحيوية الإخوان المسلمون فى مصر فأينما ذهبت وجدت أعضاءها يكرسون حياتهم للدعوة وفى الدول العربية الإخرى يتزايد اهتمام الشعوب بتلك الدعوة كما يتجلى ذلك فى قوة شعب الإخوان فى سائر الأقطار العربية.

ان ايمانى قوى بالدين وأعتقد أن المبادئ الدينية للإخوان يجب أن تعرف وتنتشر على اوسع نطاق ممكن فى سائر أنحاء الشرق الإوسط وفى الإمكان تحقق ذلك بصفة فعالة إذا أوفد عدد كاف من الزعماء والمنظمين لتنوير أذهان المسلمين فى كافة الدول العربية بتعاليمهم ومبادئهم السامية.

مجلة الإخوان المسلمون العدد 458 -30 أكتوبر 1947


الإنجليز والإنتقال من مرحلة الاستيعاب الى مرحلة المواجهة

بعد فشل الإنجليز فى محاولتهم لاحتواء واستيعاب جماعة الإخوان المسلمين الوافد الجديد على المشهد السياسى المصرى من خلال بعض المحاولات التى عرضناها سابقاً لجأت إلى طرق أخرى لمواجهة الإخوان، فعندما جاءت وزارة الوفد أراد الإمام البنا الترشيح لمجلس النواب عام 1942م، غير أنه ما إن علم الإنجليز حتى ضغطوا على النحاس باشا بأن يضغط على حسن البنا بالتنازل عن الترشيح ففعل وتنازل الإمام البنا تحت الضغط، ليس ذلك فحسب، بل حاولوا أكثر من مرة اغتياله أو حل جماعته كما ورد في صحيفة روز اليوسف تحت عنوان (4 محاولات لحل جماعة الإخوان المسلمين) العدد (1035)، 4 جمادى الآخرة 1367هـ/ 13 أبريل 1948م، ولم يتوقف الإمر عند ذلك بل قام الإنجليز- بمعاونة أحمد ماهر رئيس الوزراء- بتزوير الإنتخابات لصالح سليمان عيد المحسوب على الإنجليز والذي كان يمد المعسكرات الإنجليزية بكل شيء.


حرب فلسطين واتخاذ موقف دولى غربى لحل الإخوان

كانت حرب فلسطين 1948 والتى حشد فيها الإخوان المسلمون كافة جهودهم لمحاولة منع توطين اليهود فى فلسطين النقطة الأخيرة فى فشل الإنجليز لاستيعاب الإخوان فكان الوجه الإخر لهم والتى تمثل فى خطوات عديدة أهمها هو الضغط على الحكومة لاصدار قرار حل جماعة الإخوان المسلمين وهو ماكشفت عنه أحد الوثائق التى ضبطت فى قضية السيارة الجيب والتى أوردها أحمد عادل كمال فى كتابه "النقط فوق الحروف".


وثيقة اجتماع سفراء صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا فى فايد فى (10 نوفمبر 1948)

مثل اجتماع سفراء دول بريطانيا وأمريكا وفرنسا خطوة رئيسية باتجاه حل جماعة الإخوان وتغيير موقف الدول الغربية من الإخوان بعدما فشلت الخطوات الأولى فى محاولة استيعابهم .

الوثيــقة

والواقع أن الذى قدمه الدفاع فى القضية كان وثيقتين وليس وثيقة واحدة نورد نصها هنا, وقد نشرتها مجلة الدعوة فى عددها الأول الذى صدر فى (30 يناير 1951) أثناء نظر القضية, ففى الوثيقة الأولى وتاريخها 13 نوفمبر 1948 أرسل ماجور ج.و. أوبريان السكرتير السياسى للقائد العام للقوات البرية البريطانية فى الشرق الأوسط وكان مقره فى فايد, أرسل الإتى:

الموضوع: اجتماع سفراء صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا فى فايد فى (10 نوفمبر 1948)
رقم القيد: ( 1843 / أى /48)
التاريخ: 13/11/1948
إلى رئيس إدارة المخابرات رقم (13)

فيما يختص بالاجتماع الذى فى فايد فى (10) الجارى بحضور سفراء صاحب الجلالة البريطانية وأمريكا وفرنسا, أحظركم أنه ستتخذ الإجراءات اللازمة بواسطة السفارة البريطانية فى القاهرة, لحل جمعية الإخوان المسلمين التى فهم أن حوادث الإنفجارات الإخيرة فى القاهرة قام بها أعضاؤها.

إمضاء ج.و . أوبريان ماجور

وفى (20 نوفمبر 1948 ) أرسل رئيس إدارة المخابرات (أ) فى قيادة القوات البرية البريطانية فى الشرق الإوسط الكولونيل أ.م. ماك درموث إلى إدارة المخابرات { ج.س3 فى القيادة العليا للقوات البريطانية فى مصر, يقول ما ترجمته}

الموضوع: الإخوان المسلمون
رقم القيد: ( 1670/ أ ن ت / 48)
إلى إدارة: ج.س.3
التاريخ: 20 نوفمبر 1948
القيادة العليا للقوات البريطانية فى مصر

1-إلحاقا بمذكرتكم رقم (734 / أ ن ت / ب/ 48) المؤرخ نوفمبر (1948) رسميا من سفارة صاحب الجلالة.

2- لقد أخطرت هذه القيادة البريطانية فى القاهرة أن خطوات دبلوماسية ستتخذ لأقناع السلطات المصرية بحل جمعية "الإخوان المسلمين" فى أقرب وقت مستطاع.

فيما يختص بالتقارير التى كانت قد رفعت من الرعايا الأجانب المقيمين فى مصر, فقد أرسلت إلى وزارة الخارجية للعلم.

رئيس إدارة حرف (أ)

30/1/ 1951

قيادة القوات البرية البريطانية فى الشرق الوسط

إمضاء

كولونيل أ.م. ماك درموت


كما يشير الأستاذ صلاح شادي فى كتابه "صفحات من التاريخ الإخوان المسلمون وسنوات الحصاد" إلى دور الإنجليز فى قرار حل الجماعة فيقول:

مستحيل أن يكون الدافع الحقيقي لهذه الخطوة الجريئة من الحكومة مجرد الإشتباه فى مقاصد الإخوان ، أو اعتبارهم مصدر تهديد للأمن والسلام ، وهو ما لم يقم عليه "دليل ولا برهان . ولكن الدافع الحقيقي فيما نعتقد هو انتهاز الإجانب فرصة وقوع بعض الحوادث خ اضطراب السياسة الدولية ، وقلق الموقف فى فلسطين ، وتردد مصهر بين الإقدام والإحجام ، فشددوا الضغط على الحكومة ، وقد صرح بذلك سعادة " مار بك " نفسه وأقر بأن سفراء بريطانيا وأمريكا وفرنسا قد اجتمعوا فى " فايد وكتبوا لدولة النقراشي باشا فى صراحة بأن لابد من حل الإخوان المسلمين .


ويتسائل الأستاذ إبراهيم قاعود فى كتابه "الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة" فيقول من وراء الحل ؟

رغم أن النقراشي أعلن أنه هو الذى أصدر الإمر العسكرى ولكن تكشفت أبعاد خطيرة تؤكد أن هناك مؤامرة دولية وراء قرار الحل ففى مرافعة الأستاذ شمس الدين الشناوي فى "قضية السيارة الجيب" أمام محكمة الجنايات فى 21 يناير 1951 حيث قدم للمحكمة وثيقة مكتوبة باللغة الإنجليزية وسلمها للمحكمة وتلى نصها باللغة العربية وهذه عبارة عن رد من القيادة العليا للقوات البريطانية فى الشرق الإوسط على إشارة وردت اليها من السفارة البريطانية وتقول القيادة فى الوثيقة " لقد أخطرت هذه القيادة رسميا بأن خطوات دبلوماسية ستتخذ لإقناع السلطات المصرية بحل جماعة الإخوان المسلمين فى أقرب وقت ممكن " وذيلت الوثيقة بإمضاء رئيس إدارة قوات القيادة العليا الحربية البريطانية فى الشرق الأوسط ـ وطعنت النيابة فى الوثيقة بأنها مزورة فقا ل رئيس المحكمة : إلى أن تقرر السفارة البريطانية بأن هذه الوثيقة مزورة وغير صحيحة فإنها يجب أن تعد صحيحة ولما ردت السفارة البريطانية بعد صحة الوثيقة ولكن الأستاذ الشناوى طلب أن تقدم القيادة العليا للقوات البريطانية فى الشرق الأوسط ردها على هذه الوثيقة وإنكارها ولم يصل أى رد بعد ذلك وقال الأستاذ الشناوى : إن هذه الوثيقة رسمية صادرة من موظف رسمى مختص بتحريرها وهو المستر " ماك رموث " .

المرحلة الثانية: الإخوان وأمريكا من الإقصاء إلى الحوار

تمهيد

بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية 1945 وأعقبها حرب فلسطين 1948 وظهور وافد جديد على المشهد السياسي العالمي وهى الولايات المتحدة الأمريكية التي سعت الى فرض المزيد من سطوتها وقوتها على منطقة النزاع الدائمة أو منطقة المصالح للدول الغربية (الشرق الأوسط) .

وخلال هذه المرحلة والتي أعقبت حرب فلسطين نشط الدور الأمريكي بالمنطقة وسعى لإيجاد همزة وصل بينهم وبين الإخوان المسلمون وتباينت مواقف أمريكا من الإخوان على حسب المراحل المختلفة التى مرت بها الجماعة فالإدارة الأمريكية ومع بداية نشاطها فى المنطقة كان لها دور فى الضغط على حكومة النقراشي لحل الجماعة وكما ذكرنا فى الجزء السابق أن ضغوط الحل كانت باجتماع تم بين سفراء دول انجلترا وأمريكا وفرنسا

وظلت العلاقة بين الإدارة الأمريكية والإخوان تتأرجح بين القبول والرفض حتى نجد أنه هناك مواقف مختلفة متناقضة إلى حد ما بين الإدارات الأمريكية المختلفة .

ويذكر التاريخ أن معظم مواقف الإدارة الأمريكية منذ بزوغ قوتها واتجاهها لمنطقة الشرط الأوسط كانت فى مجملها عدائية للإخوان المسلمون .

وإذا كان لنا أن نقسم العلاقة (وان كانت عبارة النظرة أكثر دقة لأنه لا توجد علاقة حقيقية بين الطرفين ) بين الإدارة الأمريكية إلى مرحلتين المرحلة الأولى مرحلة العداء والإقصاء والمرحلة الثانية مرحلة التفاهم وسنتعرض لهذا الجزء من البحث حول المرحلة الأولى وهى مرحلة العداء والإقصاء.


الجزء الأول العداء والإقصاء

الإخوان والإدارة الأمريكية

يقول الإمام البنا: "لقد كان لتصريح الحزبين الجمهوري والديمقراطي بأمريكا الذي أذاعته الصحف حديثًا حول فلسطين، وتشجيع فكرة الوطن القومي للصهيونية دون قيد ولا شرط، وفتح باب الهجرة لليهود على مصراعيه.. رنة أسى واستنكار، وصدى استياء وارتياع في جميع أرجاء العالم العربي والإسلامي، ولا عجب فإن قضية فلسطين ليست قضية أهلها وحدهم، وإنما هي قضية مصر والعرب والإسلام، بل قضية عقيدة تهوى إليها النفوس، وتزهق لها الأرواح، وهي كذلك قضية إنسانية تقوم على دعائم الحق والعدل، وتهتز لها مشاعر الإنسانية وتثور أحاسيسها... وسواءٌ أكانت هذه التصريحات صيحات انتخابية عارضةً أم مقاصدَ حقيقيةً مدبرةً؛ فإننا نحن الإخوان المسلمين باسم الشعب المصري والشعوب الإسلامية لنرفع عقائرنا محتجِّين على هذا التصريح المشئوم الذي تنادي به أمريكا اليوم متحديةً به شعور أربعمائة مليون مسلم، ومتخطية ميثاق الأطلنطي وما ينطوي عليه من وعود وعهود وآمال وأحلام".

ويقول في موضع آخر: "ونحن باسم الإخوان المسلمين- ومن ورائهم كافة العرب والمسلمين في مختلف أقطارهم- نحذِّر حكومتكم من الاسترسال في هذه السياسة الصهيونية الجائرة، فإنها وحدها هي التي تضمن لكم أن تخسروا معركة السلم في العالم العربي والإسلامي كله بعدما كسبتم معركة الحرب بصورة حاسمة، وإذا خسرتم صداقة العرب والمسلمين فلن تجدوا عوضًا عنها عند اليهود والصهيونيين".

وبعدما اعترفت أمريكا بإسرائيل بعث الأستاذ البنا ببرقية إلى الرئيس "ترومان" قال فيها: "اعترافكم بالدولة الصهيونية إعلان حرب على العرب والعالم الإسلامي، وإن إتباعكم لهذه السياسة الخادعة الملتوية لهو انتهاك لميثاق هيئة الأمم والحقوق الطبيعية للإنسان وحق تقرير المصير، وستؤدي حتمًا إلى إثارة عداء دائم نحو الشعب الأمريكي، كما ستعرض مصالحه الاقتصادية للخطر وتودي بمكانته السياسية، فنحملكم المسئولية أمام العالم والتاريخ والشعب الأمريكي".


عقيدتنا في نظر كاتب أوروبي

يذكر الأستاذ البنا فى مذكراته احد المواقف التى تتعلق برؤية احد الكتاب الغربيين لعقيدة الإخوان فيقول مانصه:

ومن الطريف أن عدداً من أعداد المجلة وقع في يد الأخ الأستاذ عزت راجح المفتش بالمعارف الآن. وقد كان يومها طالباً بجامعة السوربون بفرنسا فعرض “عقيدتنا” على أستاذه”أرنست رينان” وهو حفيد رينان الكبير، فوصفها بكلمات رقيقة بليغة، وأرسل الدكتور عزت لأخيه الأستاذ أسعد راجح عضو المركز العام للإخوان بالقاهرة خطاباً بالحادث، فنشرته مجلة الإخوان ضمن مقال افتتاحي هذا نصه:

عقيدة الإخوان المسلمين في رأي الأستاذ “ أرنست رينان “

أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بالسوربون بباريس

أخي العزيز:

وبعد: فبينما كنت يوما بمسجد باريس إذ وجدت بين الجرائد والمجلات المعروضة هناك "جريدة الإخوان المسلمين" التي طالما حدثتني عنها وعن رجالها وأنا بمصر. وتحت عنوان عقيدتنا قرأت عقائد وتعهدات صادفت في نفسي إعجاباً وتقديراً. وبعد دراسة عامة لهذه المبادئ وجدتها جديرة بالعرض بعد ترجمتها على الأستاذ” أرنست رينان” أستاذ الدراسات العربية والإسلامية بجامعة السوربون وأخذ رأيه فيها، ففعلت، وأخذها الأستاذ وأعادها بعد أيام. وقد كتب عليها ما ترجمته:

“إن هذه الكلمات عميقة المبحث والمقصد، وهي لا شك مستمدة من نفس المنهج الذي رسمه محمد صلى الله عليه وسلم ونجح في تنفيذه، فأسس به أمة ودولة وديناً، وقد زيد فيها بما يناسب روح العصر مع التقيد بروح الإسلام.

وفي عقيدتي أنه لا نجاح للمسلمين اليوم إلا بإتباع نفس السبيل التي سلكها محمد صلى الله عليه وسلم وصحبه، غير أن تحقيق هذا على الحالة التي عليها المسلمون اليوم بعيد، وليس معنى هذا القنوط والقعود عن العمل.

“إني لم أوفق إلى اليوم إلى موضوع الرسالة التي أقدمها لامتحان الدكتوراه ولن أنكر عليك أنه كان لهذه العقيدة وتعليق الأستاذ عليها في نفسي أثر كبير في توجيه فكرتي في اختيار الرسالة وسأخبرك عن الموضوع عند اختياره”.


نظرة أمريكا للإخوان

ربما ترسم احد الرسائل التي ذكرتها المفوضية الأمريكية والتي ذكرها الكاتب محسن محمد فى كتابه (من قتل حسن البنا) موقف الإدارة الأمريكية من الإخوان والتي عبرت عنها بقولها:

" خطورة الإخوان تكمن فى المبادئ المعتصبة التي تعتنقها وطبقا لما يقوله الإخوان مادامت مصر دولة إسلامية فيجب أن تحكم بقانون القرآن".

كما يتضح أكثر من خلال مقال كتبته فتاة يهودية تدعى "روث كاريف" ونشرته لها جريدة (الصنداي ميرور) في مطلع عام 1948م، ونقلته جريدة (المصري) لقرائها في حينه تقول فيه: "إن الإخوان المسلمين يحاولون إقناع العرب بأنهم أسمى الشعوب على وجه البسيطة، وأن الإسلام هو خير الأديان جميعًا، وأفضل قانون تحيا عليه الأرض كلها"، ثم استطردت تصف خطورة حركة الإخوان إلى أن قالت: "والآن وقد أصبح الإخوان المسلمون ينادون بالاستعداد للمعركة الفاصلة التي توجه ضد التدخل المادي للولايات المتحدة في شئون الشرق الأوسط، وأصبحوا يطلبون من كل مسلم ألا يتعاون مع هيئة الأمم المتحدة، فقد حان الوقت للشعب الأمريكي أن يعرف أي حركة هذه، وأي رجال يتسترون وراء هذا الاسم الرومانتيكي الجذاب اسم "الإخوان المسلمين"".


الدور الأمريكي فى محاولة القضاء على الإخوان المسلمون

ذكرنا سابقاً دور الإدارة الأمريكية فى استصدار قرار الحل الأول لجماعة الإخوان المسلمين بمعاونة فرنسا وبريطانيا ولم تكتف تلك المحاولات عند هذا الحد فتذكر مصادر عديدة دور المخابرات الأمريكية فى التخطيط والإعداد لحادثة المنشية الشهيرة .


تمثيلية المنشية وخبير الدعاية الأمريكي

ويذكر الأستاذ عمر التلمساني فى كتابه (قال الناس ولم أقل فى حكم عبد الناصر): موقف أخر لتعامل الإدارة الأمريكية مع الإخوان المسلمون وهو استعانة عبد الناصر بأحد رجال المخابرات لتخطيط حادثة المنشية الشهيرة والتي كانت المفتاح الرئيسي لاعتقال عشرات الآلاف من الإخوان المسلمين وإعدام بعض قياداتهم

فيقول الأستاذ التلمسانى: (لقد أفحش حكم عبد الناصر في معاملة المواطنين، وأحس من حوله بخطر ما يفعل، فأرادوا أن يخلقوا له شعبية بين المواطنين، ولكن تفكيرهم أعجز من أن يصل إلى حل، فاستعانوا بخبير أمريكي يدبر لهم أمر إيجاد هذه الشعبية، واستمع إلى السيد/ حسن التهامي أحد الضباط الأحرار يكتب في روز اليوسف عدد أول مايو سنة 1978 عن حادث المنشية : (وقد شد انتباهنا وقتها أن خبيرا أمريكي الجنسية في الدعاية والإعلام ومن أشهر خبراء العالم وقتها في الدعاية كان قد حضر إلى مصر، وكان من مقترحاته غير العادية، والتي لم تتمش مع مفهومنا، وقت اقتراحها هو اختلاق محاولة لإطلاق الرصاص على عبد الناصر ونجاته منها، فإن هذا الحادث، بمنطق العاطفة والشعور الشعبي، لا بد أن يزيد شعبية عبد الناصر، لتأهيله للحكم الجماهيري العاطفي، أكثر من أي حملة دعائية منظمة توصله إلى القيادة الشعبية من أقرب الطرق العاطفية).

هذا هو حادث المنشية الذي اخترعه خبير أمريكي في الدعاية يستدعي إلى مصر، لا للخبرة الصناعية أو العسكرية أو الزراعية أو الاقتصادية أو غيرها، أبدا ولكن لعبد الناصر في الحكم، أيا كانت هذه الوسيلة خسيسة أو غير شريفة، ليس ذلك بالأمر المهم، إنما المهم في إسعاد مصر هو أن يظل عبد الناصر حاكما، أيا كانت الوسيلة التي تبقيه على كرسي الحكم في مصر.

هذا هو الحادث الدنيء، الذي ابتدعه حكم عبد الناصر، والذي على أساسه المصطنع استباح كل شيء في مصر، بلا روية ولا هوادة ولا أخلاق ولا دين، ثم بعد ذلك ما يزالون يحدثوننا عن عبد الناصر وأياديه على هذا الوطن المسكين، دون رعاية لمشاعر المنكوبين على يديه، ولا تقدير لجراحهم الغائرة، التي لن يذهب بها إلا الموت، حيث تمسح رحمة الله ومثوبته على أصحاب تلك المآسي فيدخلهم رضوانه ويدخلهم جنته، في ملك لا يبلى، ونعيم لن يبيد.

كما يذكر الكاتب محمد الطويل فى كتابه لعبة الأمم وعبد الناصر تفاصيل أكثر حول دور المخابرات الأمريكية فى حادثة المنشية فيقول تحت عنوان:

دور الأمريكان فى التخطيط لحادثة المنشية (رأى آخر)

ففي ضوء الصراع الخفي بين عبد الناصر ومحمد نجيب فقد كان هناك لقاء في الثلاثين من يناير عام 1954 جمع بين كيم روزفلت مسئول المخابرات الأمريكية المركزية عن الشرق الأوسط الأدنى ومايلز كوبلاند المندوب المحلي المخابرات الأمريكية في مصر ومن جانب آخر كان هناك الرئيس محمد نجيب وعبد الناصر وزكريا محي الدين والسفير أحمد حسين.

وكان في تلك الآونة- يشعر محمد نجيب بالوحدة وأنه مغلوب على أمره في مواجهة عبد الناصر وأعوانه من المصريين والأمريكان مما دفعه إلى دعوة الفريق عزيز المصري لهذا اللقاء ولكنه لم يلبي الدعوة فقد أراد نجيب بتواجد عزيز المصري أن يكون له بمثابة سند في هذه المواجهة لما له من تأثير معنوي كبير على الضباط باعتباره الأب الروحي لثورية هؤلاء الضباط كما أراد بوجود عزيز المصري أن يطرح بديلا عنه بدلا من عبد الناصر لو كان الأمر يتعلق بتنحيته في هذه المواجهة إلا أن عبد الناصر كان يخطط .. ويسير في تنفيذ خططه لتولي رئاسة وحكم مصر.

وحتى ذلك الحين – كما يروي حسن التهامي - فإن عبد الناصر لا يظهر في المحافل العلنية وإن كان كل ما يجري تحت اسم محمد نجيب بصفته رئيسا للجمهورية، بل إن المعونة الأمريكية التي جاءت على محمد نجيب على سبيل تعزيز وتدعيم النظام الجديد.. ومع ذلك فإن عبد الناصر كان صاحب قرار الاتفاق منها ولا يصرف أو ينفق منها أي مبلغ إلا بأوامره حيث كانت مودعة لدى خزينة ذكريا محيي الدين رئيس المخابرات العامة في ذلك الحين.

وقبل التعرض لخطة القضاء على خصومه.. فقد بدأت حملة من الدعاية المكثفة في ربيع عام 1954 لتقوية تأثير عبد الناصر تمهيد لرئاسة الجمهورية بل أن السفير الأمريكي بالقاهرة في ذلك الحين جيفرسون كافري وخبير الانقلابات العسكرية في المخابرات الأمريكية المركزية قد بعث في حضور أعظم المختصين في الدعاية السوداء والرمادية وهو باول لينبارجر الذي كان مسئولا عن الدعاية في مكتب الخدمات السرية الأمريكية أثناء الحرب العالمية الثانية وقد أشار أنور السادات في حديث له بمجلة أكتوبر إلى هذا الخبير والذي أورد ذلك على سبيل أنه قد فهم لأول مرة منه الفرق بين الدعاية السوداء والبيضاء والرمادية ولكنه لم يشر عن حقيقته !! أما حقيقة هذا الخبير الفريد في الدعاية السوداء كمايذكر مايلز كوبلاند فإنه جاء للقاهرة، وفي تلك الآونة كان صلاح سالم قد استبدل بالعقيد محمد عبد القادر حاتم، ومكث بالقاهرة فترة ليست قصيرة حيث قام بتدوين نتائج دراسته بالقاهرة وقدمت في شكل تقرير للعقيد محمد عبد القار حاتم إلى جانب ما أنجز من أبحاث في عهد صلاح سالم وقام عبد الناصر بتوسيعها بعد تدوين بعض الملاحظات عليها نتيجة خبرته في السنة السابقة وبعدها جمعت كلها في دراسة موحدة احتفظ بها عبد الناصر نفسه في درج مكتبه وأقفل عليها.

فالخطة الإعلامية.. بالإضافة إلى الاتصالات السرية الناصرية الأمريكية كانت بالإضافة إلى خطة القضاء على الخصوم الوطنيين ... واتصالاته السرية مع إسرائيل حول السلام... كما تدور في طريق واحد يدفع بها عبد الناصر من أمامه كل عائق لتحقيق تسلطة على حكم مصر بديكتاتورية المعروفة فعقب اجتماعه مع نجيب ومايلز كوبلاند وكيم روزفلت في 30 يناير 1954، قد تم نهائيا استبعاد محمد نجيب من مثل هذه الاتصالات السرية وانفراد عبد الناصر بها تمهيدا لاتفاقه مع الأمريكان على تولية السلطة في مصر وإبعاد محمد نجيب بل تبدي هذا الاتفاق جديا وعلى طريق التنفيذ عقب فشل أزمة مارس والتي كان قد تقدم فيها محمد نجيب باستقالته.. وعودته مرة أخرى... وقد تجلى فيها تأثير وقوة عبد الناصر على الضباط والجيش .. ومحاولته مع المفاوضين الإنجليز الخفية لتوليه قيادة ومسئولية مفاوضات الجلاء .. حتى يخرج منها بطلا.. فإن هناك رسالة تحيطنا علما ببعض خلفيات هذا الاتفاق وسجل تنفيذه ودور الأمريكان معه في هذا الصدد فقد وده كيم روزفلت رسالة من واشنطن إلى مايلز كوبلاند بالقاهرة في الحادي عشرة من شهر مارس عام 1954 حيث جاء بها:

البيت الأبيض - واشنطن..

عزيزي /مايلز:

كنت قد نويت أن أكتب للمقدم ناصر بمجرد أن يكون هناك شيء نهائي لكي أبلغه عن نوايا البريطانيين نحو قبول مزيد من التنازلات وأيضا وبطبيعة الحال مدى ما تصل إليه حكومتنا في الاقتناع بمزيد من الضغوط من جانبها على البريطانيين بمزيد من التنازلات (ويقصد بموضوع التنازلات مفاوضات الجلاء على مصر) إن حكومة الولايات المتحدة قد قامت بالفعل وعلى قدر استطاعتها أن توقع على البريطانيين ضغوط كافية لمزيد من التنازلات وقد تأكد لنا ذلك.. وهذا لا ينفي كون حكومة الولايات المتحدة مستمرة في دفع الحقائق للحكومة البريطانية وتقديراتها للموقف (يقصد بموقف الشرق الأوسط) هذا وسنستمر في عمل ذلك مع بريطانيا.

وعلى وجه الخصوص نحن مستمرون في إبلاغ البريطانيين بأن الوقت قد حان فعلا للوصول إلى هذا الاتفاق دون تباطئ .. ونحن مستمرون في الحديث إليهم أنه بناء على تقديراتنا للموقف فيجب أن يحاولوا الوصول إلى اتفاق (حول الجلاء) وأن الوصول إلى اتفاق غاية في الأهمية (بالنسبة للأمريكان) وهذا في حد ذاته نوع من الضغط عليهم.

ومن وجهة نظري الشخصية فإن هذا هو رأي في المدى الذي يمكن أن نذهب إليه معهم (يقصد الضغط واستمرار التحالف مع بريطانيا).

وعلى كل فالتساؤل الأول عن نوايا البريطانيين في الوصول إلى اتفاق لا تزال غير واضحة الإجابة ولا سيما بالنسبة للتطورات في مصر ذاتها (بعد موقف عبد الناصر ومجلس قيادة الثورة عقب فشل أزمة مارس) وفي مواجهة هذه الحقيقة لم أجد أمامي سببا كافيا لكتابة إلى المقدم ناصر شخصيا وكل ما يعنيني أن أقوله الآن هو إعادة تذكرته بما سبق أن قلته له في زيارة أخيرة للقاهرة.

ويمكني أن أعيد التعبير عن مشاعري تجاهه والتي تعرفها أنت والتي تحتوي على الصداقة والاحترام المتبادل والأمل المعقود عليه أقول الأمل لأن المقدم ناصر هو الشخص الذي قابلته وتأثرت به وأشعر بأنه يتحلى بكفاءات تؤهله لقيادة الشرق الأوسط- ليس مصر فقط – ولكن من خلال مصر يكون أصدقاءها العرب وجيرانها الآخرين (يقصد إسرائيل) لكي يقود المنطقة خارج الجو القاحل والضياع التي يتردون فيها بسرعة متزايدة وإنني متأكد أن تزويد المنطقة بقيادة خلاقة سيجعل من شعوب الشرق الأوسط أن تكون مؤهلة لإعادة تشكيل موقف جديد. وبدون هذه القيادة التي نراها ومع تزايد عناصر الضعف والمشاعر الوطنية الغير متعلقة واليأس ستدفع المنطقة إلى مزيد من التمزق.

وكما قلت كان يمكنني أن أكتب للمقدم ناصر بهذه المفاهيم ولكنني على يقين أنه يعرف مشاعر تجاهه (بأنه ذلك الأمل) ولذلك اعتبرت كتابتي في هذا الموضوع تكرارا ونوعا من المجاملة الجوفاء، ومع استمراري في الاعتقاد بأن ناصر يمثل أفضل الآمال بالنسبة لدولته وبالنسبة لنا. فإن تطور الأحداث بوجه القطع كان غير مشجع.

فيخيل لي وأنا على هذا البعد عن مصر، فإن مجلس قيادة الثورة قد تطلع إلى أهداف هامة دون أن يعد لها الدراسات أو التحضيرات الكافية ودون أن يكون لدى هذا المجلس الجهاز القادر على مده بالمعلومات والبيانات الكافية ليقوم بعمله.

وأتعشم أن يتعلم هذا المجلس الدروس الصحيحة من خلال خبرته القريبة وأن يقبلوا قانعين الموعظة من أصدقائهم الحريصين على مساعدتهم وفي نفس الوقت أرجو أن تدر ذلك وليس في حاجة إلى تكراره إليك فإن عملك في مصر قد أصبح الآن على جانب أكبر من الأهمية وسوف أعتمد عليك وضعي في الصورة أول بأول عن تقدم عملك في مصر ولست ي حاجة إلى التأكد عليك مرة أخرى في العالم إلا أنه يمكنك التأكد بأني على استعداد بصفة دائمة للعمل على توثيق العلاقات وتقوية صلاتنا بمصر.

أرجو نقل أطيب تحياتي لزوجتك لورين وأولادك.

ومن المحتمل أن أراكم قبل مرور هذا الصيف.

وأرجو أن تذكرني عند حسن التهامي ولا أعرف إذا كان فوستر دالاس قد تمكن من الكتابة إليه ليشكره على هديته قبل مغادرته كراكاس ولكني يمكني أن أذكر لك بأن وزير الخارجية قد تأثر جدا برسالته وهديته.

أخيك دائما/ كيم

11 مارس 1954

ومن هذه الرسالة يمكن ملاحظة بعض النقاط على جانب كبير من الأهمية ومنها :

  • أولا: واضح من كلام كيم روزفلت أنه سبق والتقى بعبد الناصر وهمس له واتفق معه على إعداده لدور كبير نحو قيادة منطقة الشرق الأوسط ومصر خاصة نحو مخطط أو هدف أمريكي استراتيجي وأيضا نحو إسرائيل وأنه يرى ذكر ذلك نوع من التكرار الذي يعد مجاملة فقط.
  • ثانيا: أنه يذكر أن هناك ضغوطا أمريكية على بريطانيا في مفاوضات الجلاء عن مصر ويلمح بأنه إذا كانت هناك ضغوط إلا أن التحالف قائم مع بريطانيا باعتبار مصالحهم معا وأنه على ثقة من هذه الضغوط بأن تؤتي ثمارها بعد أن تنتهي التطورات الجارية في مصر وتأثيرها وكان يقصد بذلك أزمة مارس وتطورات الأحداث لتنحية محمد نجيب من هذه المفاوضات وتولى عبد الناصر لقيادة مصر رسميا للأهداف التي أشير إليها في هذه الرسالة.
  • ثالثا: أنه يشير إلى أعضاء مجلس قيادة الثورة ليسوا لديهم علم أو خبرة كبيرة أو كافية لإدارة شئون البلاد وأنهم يجهلون الحقائق وأن دور مايلز كوبلاند هام وكبير وحيوي ويتعاظم في ضوء ذلك حيث يقوم بالتوجيه والإرشاد دون أن يكابروا ويدعوا العلم والخبرة حتى تتحقق الأهداف الهامة في الوقت الذي ركز فيه مايلز كوبلاند باتصاله الشخصي مع عبد الناصر وذكريا محيي الدين وأهمل الباقي جميعا تقريبا.
  • رابعا: أنه رغم المشاكل العديدة التي تهتم لها الولايات المتحدة إلا أنها تعتبر مصر من أهم قضاياها وما يجري فيها من حيث إعداد وتجهيز قائدها أو حاكمها الجديد عبد الناصر لقيادة مصر والمنطقة نحو ما تصبوا إليه الولايات المتحدة في مواجهة الوطنيين المخلصين لبلادهم.

وفي ضوء هذه الحقيقة.. وهذا الإعداد المخطط لزعامته .. كان بدأ باعتقال السياسيين القدامى ورجال الحكم السابق ويصادر أملاكهم وثرواتهم التي لم تذهب إلى خزائن الدولة لفائدة الشعب والجماهير إنما سرق بعضها إلى جيوب وخزان الخاصة التي عاونته في مخططه وإن كان البعض يساعده مخلصا كواجب يراه من أجل مصر.. وقيادتها الجديدة الوطنية كما تبدي لها.

وفي يوم 23 نوفمبر 1954 عقد اجتماع حضره الرئيس جمال عبد الناصر والسيد القائد العام اللواء عبد الحكيم عامر والصاغ حسن التهامي من جانب والقائمقام جيرهارت وإيفلين ومايلز كوبلاند استمر لمدة أربع ساعات ودارت المناقشة فيه كالآتي: أوضح الرئيس جمال عبد الناصر المشاكل التي تمنعه من إمضاء اتفاقية أمن متبادل وقال الرئيس أن مشروعه للدفاع عن هذه المنطقة من العالم هو النهوض بمعاهدة الضمان الجماعي العربي وتقويته ليباشر هذه المهمة وأكد أن هذا هو أفضل طريق وأن قيادة الجيش العربي الجديد يجب أن تظل عربية صميمة وأنه يكفي بناء هذه القوة الدفاعي في نفس الوقت الذي يعمل فيه على الاستقرار الداخلي في كل من هذه الدول وأنه ينبغي على الولايات المتحدة ا، تساعد في بناء هذا المشروع ومحاولة الإيحاء إلى قيادات الدول الأخرى بذلك وإلا تقف في سبيل تقوية هذا الميثاق وأن تعد أمريكا بمساعدته.

وجاء في الحديث عرض موقف الإخوان المسلمين والشيوعيين فقال أنه سينتهي من تطهير البلاد من هاتين الفئتين في مدى شهرين من تاريخه مما يوفر له الجو المناسب خلال المستقبل القريب.

وسئل الرئيس هل يمكنه أن يمضي اتفاقية بعد حركة التطهير هذه فقال: هذا يتوقف على الحالة ولكنة لا يعتقد ذلك.

موقف انضمام سيد قطب للإخوان

يقول سيد قطب رحمه الله فى كتابه : لماذا أعدموني:

(لم أكن أعرف إلا القليل عن الإخوان المسلمين، إلى أن سافرت إلى أمريكا في ربيع 1948 في بعثة لوزارة المعارف (كما كان اسمها في ذلك الحين)، وقد قتل الشهيد حسن البنا، وأنا هناك في عام 1949م، وقد لفت نظري بشدة ما أبدته الصحف الأمريكية، وكذلك الإنجليزية، التي كانت تصل إلى أمريكا، من اهتمام بالغ بالإخوان، ومن شماتة وراحة واضحة في حل جماعتهم وضربها وفي قتل مرشدها، ومن حديث عن خطر هذه الجماعة على مصالح الغرب في المنطقة، وعلى ثقافة الغرب وحضارته فيها، وصدرت كتب بهذا المعنى سنة 1950م، أذكر منها كتابا لجيمس هيوارث دين بعنوان: التيارات السياسية والدينية في مصر الحديثة، كل هذا لفت نظري إلى أهمية هذه الجماعة عند الصهيونية والاستعمار الغربي)


واقعة ميتشل والمخابرات الأمريكية

كما يذكر الأستاذ عمر التلمساني أحد المواقف لتدخل المخابرات الأمريكية للنيل من الإخوان فيقول فى احد الروايات والتي ذكرها الأستاذ إبراهيم قاعود فى كتابه (الإخوان المسلمون في دائرة الحقيقة الغائبة):

بدأت أولى بوادر الصدام ـ فالسادات لم يرضيه موقف الإخوان من خطواته للصلح مع اليهود وفى أحد أعداد الدعوة .

نشرت رسالة بعث بها ريتشارد ميتشل أستاذ تاريخ مصر والعرب فى جامعة ميتشجن الأمريكية المتخصصة فى الشرق الأوسط وله دراسة عن الإخوان المسلمين الى رئيس هيئة الخدمة السرية بالمخابرات المركزية الأمريكية قال فيها:

" بناء على ما أشرت اليه من تجمع المعلومات لديكم من عملاءنا ومن تقارير المخابرات الإسرائيلية والمصرية التي تفيد أن القوى الحقيقية التي يمكن أن تقف فى اتفاقية السلام المزمع عقدها بين إسرائيل ومصر هى التجمعات الإسلامية وفى مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين بصورها المختلفة فى الدول الغربية وامتداداتها فى أوربا وأمريكا الشمالية ، وبناء على نصح مخابرات إسرائيل من ضرورة توجيه ضربه قوية لهذه الجماعة فى مصر قبل توقيع الاتفاق ضمانا لتوقيعه ثم لاستمراره وفى ضوء التنفيذ الجزئى لهذه النصيحة من قبل حكومة السيد ممدوح سالم باكتفائها بضرب جماعة التكفير والهجرة .. " وتمضى الوثيقة فى شرح وسائل القضاء على جماعة الإخوان على غرار وثيقة ضرب جماعة الإخوان فى عهد جمال عبد الناصر وقد ردت السفارة الأمريكية فى القاهرة وكذلك ريتشارد ميتشل ينفيان صحة هذه الرسالة وأنه لم تصدر منه رسالة للمخابرات كما لا توجد هيئة بهذا الاسم فى جهاز المخابرات ولكن بعد عامين كتب عمر التلمساني فى افتتاحية الدعوة قائلا : وعندما نشرنا وثيقة منذ عامين أو أكثر أو أقل ترسم الخطة التى تؤدى الى القضاء على الإخوان المسلمين ثارت ثائرة البعض فى الداخل والخارج .. ولم نضف على أصحاب الشأن بنشر تكذيبهم لتلك الوثيقة وتجرى الأيام تباعا حافلة بكل ما يثبت أن ما جاء فى هذه الوثيقة تلك إنما هو جزء من كل اعد إعدادا دقيقا ومدروسا للتخلص من الإخوان المسلمين بكافة الطرق .. وإننى أعتقد أن هذه الوثيقة رغم تكذيبها صحيحة ..

ويكشف عمر التلمساني عن حقيقة نوايا الغرب ضد الإسلاميين قائلا : فقد أذاعت وكالة أ . ش . أ . لندن فى 13 فبراير 1981 ما نصه ( ذكرت مجلة الايكونوميست البريطانية فى دراسة لها عن التهديد الذي تواجهه مصر من قبل الجماعات الإسلامية ما يلى : إن جماعة الإخوان المسلمين تعتبر حتى الآن البديل الوحيد الممكن لنظام حكم السادات فى مصر وقالت المجلة : إن الجماعات الإسلامية ظهرت كمنظمة قوية منذ ثلاث سنوات وأنها تضم نخبة طلابية إسلامية وهى تعمل علانية فى المدارس العليا والجامعات وأن عدد أعضائها نحو ما ئة ألف عضو وأن أعضاء الجماعة يتميزون بالإخلاص والنظام الشديدين وهم موزعون فى خلايا جيدة التنظيم حيث يستطيعون أن يحشدوا عشرة آلاف رجل وامرأة فى شوارع أية بلدة أو مدينة مصرية خلال ساعات وأنهم متعصبون وضيقو الأفق وغير متسامحين وهم على استعداد لاستخدام القوة ضد معارضيهم على الرغم من أنهم لا يظهرون أسلحتهم وأوضحت المجلة أن الجماعات تتمتع بتأييد علني بين رجال الشرطة ومن بينهم بعض الضباط ذوو الرتب المتوسطة ومن المشكوك فيه قيام البوليس باستخدام قوته الكاملة ضدهم وعن مصادر تمويل تلك الجماعات قالت الايكونوميست : إنه من المحتمل أن الأموال تأتى إليهم من السعودية ومن رجال الأعمال الذين يتسمون بالتقوى والورع ونوهت المجلة بالقوة المتزايدة للإخوان المسلمين فى السودان وذكرت أنه لدى الرئيس السادات ونميرى القوى لوقف الفيضان الإسلامي وإن كان الرئيسان يحاولان فى نفس الوقت استرضاء الميليشيات الإسلامية والمزايدة عليها وأشارت المجلة كذلك إلى أن السادات تحدث كثيرا عن تغيير القانون المصري لجعله موافقا للشريعة الإسلامية إلا أنه لم يجد بدا فى حقيقة الأمر من تأجيل تنفيذ ذلك وير الأستاذ عمر التلمساني قائلا إن كل كلمة فى هذا المقال تقطر سما وتحمل تحريضا سافرا وتدعوا الى أسلوب معين وتنبه الى أخطار وهمية وتسرد وقائع كاذبة لا أساس لها ولا وجود إلا فى مخيلى أعداء الإسلام الكارهين ليقظة أبنائه والمقاومين لمده . إن المقال يقرر أن الإخوان المسلمين هم البديل الوحيد لنظام السادات فى مصر وهى القرية الكبرى التى يلوح بها أعداء الإسلام للفرقة بين كل حاكم لبلد إسلامي وبين دعاة الإسلام فى تلك البلاد وللأسف المخزى فقد أفلحت هذه الأكاذيب فى بعض بلاد المسلمين التى لا يستطيع داعية مسلم أن يباشر فيها مهمته فى نشر الدعوة الإسلامية .. إن الإخوان المسلمين لن يفكروا يوما من الأيام فى استبدال حاكم بحاكم " فالكل فى الهوى سواء " ولكنهم يعملون ويصرحون وينادون بإحلال حكم الله محل حكم البشر لأن فيه الخير والصلاح " ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون ": ولو أراد الإخوان المسلمون الحكم لنالته أيديهم ولتسمنوا غاربة منذ أمد بعيد ولكنهم عن زهو الدنيا فى شغل وما أرادوا إلا حكم الله وتطبيق شريعته على أية يد وأيا كانت هذه اليد التى تطبق هذه الشريعة السمحاء وما من شك أن كل حاكم لبلد إسلامي يعلم عن طريق جواسيسه ومخابراته أن الإخوان المسلمين لا يتآمرون ولا يخربون لأن أساس دعوتهم الحكمة والصراحة والوضوح " ادع الى سبيل ربك بالحكمة " وهم لو لجئوا الى الاستخفاء لما علم أحد بدعوتهم .."

(ونعود إلى رسالة ميتشل للمخابرات المركزية الأمريكية والتي أحدثت ردود فعل غاضبة لدى السادات واستدعى كبار الأقطاب من الإخوان المسلمين للتحقيق فى هذه الرسالة .. ووجد أنور السادات فى هذه الوثيقة فرصته الذهبية للنيل من الإخوان والتشهير بهم وكان ذلك فى الملتقى الأول بمدينة الإسماعيلية)


خاتمة الجزء الأول

من خلال هذا العرض لبعض مواقف الإدارة الأمريكية المعادية وبقوة تجاه جماعة الإخوان المسلمون تحديداً منذ مشاركة الجماعة فى حرب فلسطين عام 1948 يؤكد أن دائما تركزت النقاط الخلافية وأن السبب الرئيسي للموقف الأمريكي هي دولة إسرائيل وستظل كلمة السر دائما فى اى حوار بين الإدارة الأمريكية او أى إدارة غربية والإخوان هى (إسرائيل).

وترقبوا الجزء الثانى من الإخوان وأمريكا .. من الإقصاء إلى الحوار ويتضمن بعض التحولات فى موقف الإدارة الأمريكية من الإخوان.

ثم الجزء الثالث ويشمل بعض وثائق ويكليكس عن الإخوان وبعض الدراسات الأكاديمية الأمريكية.


للمزيد عن الإخوان في عيون الغرب

كتب متعلقة

ملفات متعلقة

أبحاث متعلقة

تابع أبحاث متعلقة

من وثائق ويكيليكس

مقالات متعلقة