مقدمة د. محمد سعد الكتاتني للرد على بيان الحكومة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
مراجعة ١٤:٢٩، ١٨ فبراير ٢٠١٢ بواسطة Darsh10 (نقاش | مساهمات)
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مقدمة د. محمد سعد الكتاتني للرد على بيان الحكومة

مقدمة

يأتي بيان الحكومة الثاني للفصل التشريعي التاسع مع بداية عام 2007 في ظروف وأجواء ومناخ اتسمت بالاضطراب والقلق والتوتر الذي يسود المنطقة بأسرها ومصر في القلب منها، حيث الأحداث الدامية في فلسطين والعارق وأبواق الفتنة التي يحملها دعاة مشروع الهيمنة الصهيوأمريكية والتي تحدث أمواجاً عاتية وتؤجج النيران في دول عديدة في منطقتنا العربية والإسلامية ويتزامن كل ذلك مع مشكلات داخلية عديدة ترتبط بما يجري في المنطقة وتتأثر به وتنسج أحياناً على ذات المنوال ، فما بيم كوارث القطارات والأمراض الفتاكة والغلاء الذي يأكل الدخول المحدودة للغالبية العظمى من أبناء مصر الذي طال انتظارهم ونفذ صبرهم في ترقب وشوق إلى إصلاح حقيقي وتنمية جادة وإدارة رشيدة لموارد كثيرة مهدرة وبين إصرار غير مسبوق من الحكومة على تهميش دور الشعب في المشاركة السياسية الحقيقية وعلى تسطيح الأمور وتكرار الوعود البراقة التي لم يتحقق منها شئ يذكر والحرص دائماً على القفز على القصائق وغض الطرف عن الفساد الذي استشرى وأوشك أن يأكل الأخضر واليابس لولا رحمة الله بشعب طيب يعاني ويصبر ولكن ثبره كاد لأن ينفذ .

يأتي هذا البيان في ظل كل هذا وغيره من المشكلات التي تعصف بأمن واستقرار الوطن والمواطنين وعلى الرغم من عظم التحدي الذي يواجه الأمة شعباً وحكومة ونظاماً ويتطلب تضافر الجهود والصدق والتعاون على البر والتقوى والإخلاص والجد والشفافية والحزم في الإدارة والموضوعية والواقعية في التناول .

يأتي بيان هذا العام أكثر عمومية من سابقه وأشد سطحية فلا يقدم تقييماً جاداً لم تم إنجازه من وعود في البيان السابق ولا يحدد خطة ولا حتى معالم وأطر عامة موضوعية لتلك الخطة التي يبحث عنها من يطالع البيان في كل محاوره وجوانبه فلا يجد شيئاًولا يستطيع أن يستخلص برنامجاً يليق بشعب أوشك تعداد سكانه أن يصل إلى 75 مليوناً ويتمتع بمناخ معتدل وأرض خصبة ومياه نيل عذبة متدفقة وموارد جمة حياه الله بها فأهدرت وأسيئ إدارتها في سنوات متوالية لحكومات أفرزها النظام القائم منذ عشرات السنين فمتى نرى بياناً يعكس رؤية وسياسات جادة وموضوعية ويحدد أهدافاً واقعية ووسائل وآليات تتناسب والإمكانيات والواقع ويوجد ويحدد الموارد والميزانيات التي يمكن أن تحقق تلك الأهداف في منظومة تنموية تهتم بتنمية البشر وتعطيهم حرياتهم وتؤمنهم في يومهم وغدهم وتقودهم إلى مستقبل أفضل في منظومة قيمية على قمتها العدل والحق النابعين من الإمان والتقوى "ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا ..." ، وكم ترددنا كثيراً في الرد على هذا البيان نظراً لما نراه فيه من مثالب وملا نلاحظه عليه من عدم موضوعية وجدية في رفع الواقع وتحديد المشكلات وتوصيفها وتحليلها واستخلاص الحلول وتشخيص العلاج لها .

ولكن الإحساس بالمسئولية واستشعار التبعة وما أولانا الناس من ثقة تدفعنا دائماً إلى الاستمرار بالتأكيد على ضرورة الإيجابية والتفاعل والمشاركة لا مع البيان ولا بالرد عليه بقدر ضرورة حصر مشكلاتنا والتعامل معها واقتراح الحلول العملية لها من منطلق المرجعية الإسلامية التي تؤمن بها جميعاًُ وينص عليها الدستور في مادته الثانية وفي إطار شعارنا الذي نؤمن به ونعرف قيمته ونعتقد بجدواه وفعاليته لو طبق وبحق فدائماً "الإسلام هو الحل" بمنظومة التشريع المتوازية التي بها يتكون الإنسان القوي المنتج المقتصد في إنفاقه الحريص على مصلحة الوزطن والأمة قبل مصلحته الشخصية ،وبه يتكون المجتمع المتحضر بأفراده ومؤسساته وإدارته وحكومته وقوانينه ولوائحه وممارساته وعلاقته .

المجتمع المتوازن المستقر الذي يحب الناس فيه بعضهم بعضاً ويعطف فيه الكبير على الصغير ويحترم فيه الصغير الكبير ويرحم فيه القوي الضعيف وينفق الغني على الفقير ويعدل الحاكم فيه بين المحكومين ويحبهم ويحرص على مصالحهم فيحبونه ويستشعرون صدقه وإخلاصه ومن هذا المجتمع تأتي الحكومة والنظام باختيار حر وديمقراطية وعدل وتتكطون الدولة العصرية المتوازنة المستقرة الآمنة وتنتظم علاقاتها مع غيرها على أساس من التعامل المتوازن وعلى قد المساواة مع غيرها من باقي الأمم والدول فلا تعتدي على أحد ولا تنساق وراء أحد بغير حق فيكون ولاؤها لله وتحرص في ذلك على مصلحة جيرانها وبني جلدتها وتعدل مع غيرها كما تعدل مع أبنائها .

من أجل ذلك نقدم ردنا هذا العام شاملاً على الآتي:

أولاً: ما جاء في البيان عرضاً وتحليلاً ولن نمل من اقتراح الحلول حتى وإن لم نجد آذاناً تسمع أو حكومة تقدر هذه الاقتراحات فإن ذلك من واجبنا فضلاً عن أن يكون حقنا الدستوري المشروع.

ثانياً: ما أحمله البيان أو نسبه أو تناساه من محاور ومجالات نحددها ونبرز أهميتها ونقدم وجهة نظرنا في التعامل معها .

ثالثاً: نقدم خلاصة ببعض التفصيل والتعقيب ونرفض البيان راجين الله أن يكون ما نقدمه من جهد يكن فيه الخير والنفع محتسبين ذلك عند الله ورافعين أكف الضراعة لله سبحانه أن يؤلف بين القلوب وأن يفتح بيننا وبين الحكومة والنظام بالحق وهو سبحانه خير الفاتحين .

والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل


أ.د. محمد سعد الكتاتني

عضو مجلس الشعب ورئيس الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين