الإخوان المسلمون والشيعة بين الرؤية الشرعية والممارسة السياسية (الجزء السابع)

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الإخوان المسلمون والشيعة بين الرؤية الشرعية والممارسة السياسية (الجزء السابع)

موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

الإخوان و الحرب العراقية الإيرانية

كانت حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية (1) أول محطة رئيسية لبيان المواقف الحقيقيية تجاه الثورة الناشئة، فالحرب اندلعت بعد عدة شهور فقط من قيام الثورة الاسلامية بإيران،وكان للإخوان المسلمين موقف مناهض لتلك الحرب التى تستنزف طاقات ومقدرات البلدين الإسلاميين وطالبت بضرورة وقف الحرب وتدخل العقلاء من الجانبين لوقف المزيد من الدماء والدمار التى أصابت البلدين،فقد وقفت مجلة ( الدعوة ) و (الإعتصام ) و ( المختار الإسلامي ) إلى جانب الثورة مؤكدة إسلاميتها ومدافعة عنها في وجه الإعلام الرسمى ، كتبت الإعتصام على غلاف عدد ذي الحجة 1400 – أكتوبر 1980 :

" الرفيق التكريتي .. تلميذ ميشيل عفلق الذي يريد أن يصنع قادسية جديدة في إيران المسلمة "

وفي ص 10 من نفس العدد كتبت الإعتصام تحت عنوان ( أسباب المأساة ):

" الخوف من انتشار الثورة الإسلامية في العراق " ثم قالت : " ورأي صدام حسين إن فترة الانتقال التي يمر بها جيش إيران وتحوله من جيش إمبراطوري إلى جيش إسلامي هي فرصة ذهبية لا تكرر للقضاء على هذا الجيش قبل أن يتحول إلى قـوة لا تقهر بفضل العقيدة الإسلامية في نفوس ضباطه وجنوده ".(2)

وفي عدد ( محرم 1401 هـ ديسمبر / كانون أول / 1980 ) كتب الأستاذ جابر رزق "رحمه الله" أحد أبرز صحفيي الإخوان المسلمين في الإعتصام ص 36 معللاً أسباب الحرب فقال :

" إن الوقت الذي اندلعت فيه هذه الحرب هو ذات الوقت الذي فشلت فيه كل الخطط الأمريكية التآمرية على ثورة الشعب الإيراني المسلم " .

ويقول ص 37 :

" وقد نسي صدام حسين أنه سيقاتل شعباً تعداده أربعة أضعاف الشعب العراقي وهذا الشعب هو الشعب المسلم الوحيد الذي استطاع أن يتمرد على الإمبريالية الصليبية اليهودية "

ثم يواصل حديثه

" والشعب الإيراني بكامل هيئاته ومنظماته مصمم على مواصلة الحرب حتى النصر وحتى إسقاط البعث الدموي ، كما أن التعبئة الروحية والنفسية بين كل أفراد الشعب الإيراني لم يسبق لها مثيل والرغبة في الاستشهاد تأخذ صورة التسابق والإقدام والشعب الإيراني واثق تماماً أن النصر في النهاية سيكون للثورة الإيرانية المسلمة "

ثم يشرح الأستاذ جابر رزق أن هدف الاستعمار من الحرب اسقاط الثورة فيقول :

" .. وبسقوط النظام الثوري الإيراني يزول الخطر الذي يتهدد هذا النوع من الطواغيت الذين يرتجفون من تصورهم احتمال ثورة شعوبهم ضدهم واسقاطهم مثلما فعل الشعب الإيراني المسلم ضد الشاه العميل "

وفي نهاية المقال يقول :

" ولكن حزب الله غالب ..ولكن لابد من الجهاد والاستشهاد ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز " .

إذن هذا هو جوهر الحرب وليس ما يردده البعض من أن إيران الشيعة تريد الانقضاض على النظام السني في العراق .. يا إلهي كم هو محزن هذا العمى وكم هو .. من يزرع الجهل والحقد في عقول الناس وقلوبهم .(3)

وعندما بدأ الغزو الصدامي لإيران أصدر التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بياناً وجهه إلى الشعب العراقي هاجم فيه حزب البعث الملحد الكافر على حد تعبير البيان الذي قال أيضاً :

" إن هذه الحرب أيضاً ليست حرب تحرير للمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين لا يملكون حيلة ولا يهتدون سبيلاً . فشعب إيران المسلم قد حرر نفسه من الظلم والاستعمار الأمريكي الصهيوني في جهاد بطولي خارق وبثورة إسلامية عارمة فريدة من نوعها في التاريخ البشري وتحت قيادة إمام مسلم هو دون شك فخر للإسلام والمسلمين "

ثم يتكلم البيان عن أهداف العدوان الصدامي قائلاً :

" ..ضرب الحركة الإسلامية وإطفاء شعلة التحرير الإسلامية التي انبعثت من إيران "

وفي نهاية البيان يقول مخاطباً الشعب العراقي :

" … اقتلوا جلاَّديكم فقد حانت الفرصة التي ما بعدها فرصة ، القوا اسلحتكم وانضموا إلى معسكر الثورة ، الثورة الإسلامية ثورتكم".

كما يبين الأستاذ عمر التلمسانى موقف الإخوان من الحرب الدائرة بين العراق وإيران فى حوار له بمجلة الدعوة فيقول:إن هذه الحرب تنغص عيش كل مسلم يعلم أن المسلمين أخوة .

و ما كان للعراق أن يبدأ الحرب قبل أن تدور مفاوضات مكثفة حول طلباته ، ولا أريد أن أسبق التاريخ في التعرض للأسباب التي حدت بالعراق إلي المبادأة بالهجوم ، وكنت أود أن تقوم حكومات العالم الإسلامي بجهود جادة للإيقاف هذه الحرب بعد قيامها فورا ولكن للأسف الشديد لم تبذل أي مجهود جدي في هذا السبيل مما ترك الحرب تأخذ مداها من التخريب والتدمير الذي لا يضار به أحد إلا المسلمين الذين تراخت حكوماتهم في الحيلولة بين هذه الحرب وبين أن تأخذ طريقها إلي المدى الذي وصلت إليه .

ورغم كل الذي حدث فإني أعتقد أن حكومات العالم الإسلامي تستطيع أن تفعل شيئا يحول دون استمرار هذه الحرب ، وبدلا من أن تنقسم هذه الحكومات إلي معسكرين متحاربين مباشرة أو عن طريق غير مباشر ، فقد كان من الأصلح والأنفع لها أن توحد كلمتها وتجمع أمرها علي منع استمرار هذه الحرب .

أما ما الذي جعل هذه الحكومات تسلك هذا المسلك فأمر حسابهم عليه عسير بين يدي الله سبحانه وتعالي ثم أمام التاريخ ما يشير به أبناؤنا إلي هذه الحكومات إشارة الاتهام وعدم الرضا فالصراع القائم لم يضر العراق وإيران وحدهما ، ولكن أضر بالعالم الإسلامي كله ، بعد أن التقي المسلمان بسيفهما من أجل شئ ما كان يستحق كل هذه التضحيات وهذا الخراب .

يجب أن تقف هذه الحرب فورا بأية صورة من الصور والدول القادرة علي امداد أحد الطرفين بالأسلحة التي لا تزيد الحرب إلا ضراما تستطيع - وعن طريق هذه الأسلحة - أن توقف هذه الحرب .

ويقيني أن حكام العرب الإسلامي يعلمون تماما أن هذه الحرب لا يستفيد منها إلي أعداء الإسلام ، وأن الخسار فيها كله علي المسلمين ومع ذلك فالموقف كما تري ، والأمر لله من قبل ومن بعد. (4)

كما صدر بيان من التنظيم العالمى للإخوان المسلمين بتاريخ 15/1/1981جاء فيه:

ازاء الإستمرار فى الحرب العراقية الإيرانية يذكر الإخوان المسلمون بانه لايجوز التفريط بالطاقات الإسلامية فى معارك جانبيه تهدر فيها دماء المسلمين وتبدد ثرواتهم، والإخوان المسلمون يدعون إلى وضع حد للحرب من أجل صرف جهود المسلمين إلى ميدان الصراع الحقيقى مع اليهودية العالمية ومواجهة خطرها على الإسلام والمسلمين فى كل مكان. (5)
ودأب الإخوان على المطالبة بمنع استمرار الحرب المدمرة التي أشعلتها الأصابع الإسرائيلية التي تري في استمرار هذه الحرب إجهاضا للقوتين (الإيرانية والعراقية) حتى تمكن إسرائيل من إدخال المنطقة كلها فيما تريده من حلول وهي آمنة خطر الشمال العراقي – الإيراني على حد سواء "

ومع اجتياز المرحلة الأولي من الحرب العراقية المفروضة على إيران وظهور تحولات جديدة في ميادين القتال تحول الإخوان عن موقفهم السابق لأسباب كثيرة واتخذوا موقفا آخر يتناسب مع المرحلة الجديدة التي دخلتها الحرب فقد نشطوا في دعوة الدول الإسلامية للتوسط بين الطرفين ووقف الحرب بينهما.

وفي لقاء أجرته صحيفة كيهان ( العدد 14439) مع أحد قيادات الاخوان المسلمين بالكويت الدكتور إسماعيل الشطي يرد على مؤاخذة المراسل له لعدم وقوفه إلى جانب إيران في حربها مع العراق فيقول :

" كنا في الأساس نعارض الحرب ونعتقد أن استمرار الحرب سيبدد الثورات ويهد دماء الكثير من المسلمين وما نري النظام الحاكم في العراق نظاما كافرا إلا أننا كنا في الوقت نفسه نعارض احتلال إيران للعراق وهذا هو موقفنا طوال الحب بين العراق وإيران ".

دور الإخوان المسلمين في إنهاء الحرب العراقية الإيرانية

لم يكتف الإخوان المسلمون بدورهم فى تقديم النصيحة ولكن كان هناك مساعى وخطوات قاموا بها لمحاولة انهاء تلك الحرب، فقد كشف الأستاذ يوسف ندا القيادى الاخوانى البارز عن قيامه بدور الوساطة بين الطرفين الإيرانى والعراقى، وذلك فى حواره مع الاعلامى أحمد منصور على قناة الجزيرة، فوفقاً لما قاله ندا فإنه قام بمحاولة التدخل والتأثير على الملك فهد "ملك السعودية "

أحمد منصور: فيما يتعلق بإيران قلت أنك سعيت للقيام بدور للوساطة بين العراق وإيران لإنهاء الحرب العراقية - الإيرانية، كيف كانت طبيعة هذا الدور؟

يوسف ندا: هو كان من المعروف أن السعودية كان لها تأثير كبير في تأمين خطوط السلاح وحتى بيع النفط العراقي وبيع النفط لحساب العراق، فكان وضع السعودية بالنسبة لتمويل العراق، السعودية الكويت.. وغيرها.

لكن السعودية كان الملك فهد كان في أيده المفتاح وكنا نتصور إنه يعني إذا هو اقتنع بأن مصلحته ومصلحة السعودية في إنهاء الحرب، فضغطه على العراق ممكن إنها تنهيها، في مرحلة من المراحل لما واصلت القوات الإيرانية حتى طريق البصرة بغداد فكان لابد من الضغط على إيران إنها يكفي هذا وتوقف الحرب، ولما تطور الأمر وبدأ يستعمل الرئيس صدام الأسلحة الكيماوية وغيرها وأصبحت إيران في موقف، فكان يجب إقناع العراق والسعودية بوقف الحرب، العراق يعني حتى تأكيداً للكلام ده، وأقول لك كلام يعني قاله وكتبه في الكتاب بتاعه صديقي هذا اللي أنت تعرف إنه كتب معايا الكتاب بتاع اليمن (جان دومونيكو بيكو) اللي هو اللي أنهى الحرب، وهو اللي كان مسؤول عن إنهاءها لأنه كان مساعد (بيريز دي كوليير)

أحمد منصور: كان مساعد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة.

يوسف ندا: الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة للشؤون السياسية، فكان هو المسؤول في المفاوضات الأخيرة.

يوسف ندا: فهو يعني حتى في الآخر وهو بيتفاهم معاهم وصل إلى مرحلة إنه طارق عزيز سافر وما رضيش ياخد قرار، فاضطر إن هو يطلب الملك فهد، فطلب الملك فهد أعطى له الكلام، فجاله الرد إنه يعني انتظر ربع ساعة، في ربع ساعة كان جا الرد من صدام حسين إن هو وافق، فالمفتاح كان موجود بين الاتنين، صحيح الرئيس صدام حسين معروف إن هو يعني صلب، معروف إن هو يعني ليس سهل إنه هو تاخد منه قرار هزيمة، لكن موقفه كان قوي وفي نفس الوقت صلته بالملك فهد كانت قوية، الملك فهد هو اللي كان بيمول الحرب -خلينا نقول- فكان لابد من التركيز على الملك فهد، فكان يعني التركيز باعتبار إن أنا بأشوفه كتير، فكان عن طريق مستشاريه كنت أبعث رسائل باستمرار والرسائل فيها اقتراحات، من ضمن الاقتراحات وصلنا لمرحلة إن هم مقتنعين إن إنه الأفضل إنهائها، طيب إزاي تنهى؟ يعني هم لا..

أحمد منصور: الإيرانيين كان موقفهم أيه؟

يوسف ندا: الإيرانيين بعدما يعني اضطروا يتراجعوا من طريق البصرة بغداد وبدأت الاكتساحات العراقية..

أحمد منصور: العراقيين يحققوا انتصارات، نعم.

يوسف ندا: يعني في مرحلة متأخرة شوية كان يسعوا لإنهاء الحرب.

أحمد منصور: طيب، حتى أتجاوز هذه النقطة، الحرب انتهت، وواضح إن.. الدور الدور كان مجرد مساعي ولم يكن دور يعني مباشر.

يوسف ندا: أي نعم، لكن فيه يعني حتى فيه.. فيه أشياء كثيرة من اللي كنت بنمشي فيها كان عند وضع حاسم تتدخل حاجات بإرادة ربنا أكبر.. تهد كل اللي عملناه، فنبتدي من الصفر. (6)

وكانت هناك جوانب تعاونت فيها جماعة الإخوان المسلمين مع إيران بشكل أكثر صراحة. فعند انتهاء الحرب الإيرانية-العراقية في عام 1988، على سبيل المثال، وافق الإيرانيون من جانب واحد، بناءاً على طلب من "الشيخ محمد الغزالي" أحد قيادات جماعة الإخوان المسلمين ، على إطلاق سراح أسرى الحرب المصريين الذين قاتلوا إلى جانب الجيش العراقي ضد إيران.

الإخوان وإيران مابعد الثورة .. من التأييد إلى التجميد

فترة الحماس والتأييد للثورة الإيرانية من جانب الإخوان لم تستمر لفترة طويلة ولكنها – كذلك – لم تصل إلى مرحلة التوتر والتأزم مباشرة حيث سبقت ذلك مرحلة عرفت فيها العلاقة نوعا من التردد والتحفظ من قبل الإخوان المسلمين وذلك لعدة أسباب :

أولا : ملامح من الدستور الدائم للجمهورية الإسلامية لم تعجب الإخوان يقول الشيخ راشد الغنوشي : لو نظرنا إلى دستور الجمهورية الإسلامية فنجد إلى جانب المعاني الإسلامية العظيمة التي طفح بها الدستور أنك تفاجأ باندساس بعض آثار التغريب مثل الإلحاح على شرط فارسية الأبوين والجدين في من يترشح لرئاسة لجمهورية.

إن تعداد السكان في إيران من ذوي الأصول الفارسية لا يزيد عن 51% وهذا يعني أن نصف السكان تقريبا سيحرمون باسم الدستور من الترشح الرئاسة !! وهذا – إسلاميا – منطق غير مقبول

ثانيا: المواجهات الدموية بين أصحاب الثورة وأعدائها والأحكام التي أصدرتها المحاكم الثورية التي رأي الإخوان أنها قاسية وتسئ إلى سمعة الثورة.

ثالثا: الحرب العراقية – الإيرانية ففي بداية الحرب أدان الإخوان العراق واعتبروه مبتدئا بالحرب ولكن بعد بداية التقدم الإيراني في المعركة واستعادة مدينة " خرم شاه- المحمرة " من القوات العراقية أصبح الإخوان المسلمون يحملون إيران بشكل غير مباشر مسؤولية استمرار الحرب وهذا هو موقف الكثير من مثقفي إيران.

مرحلة التشكيك والاتهامات المتبادلة

يمكننا إجمال أسباب التوتر بين الطرفين في ثلاث أسباب رئيسية وهي :

أولاً : موقف إيران من الثورة الإخوانية في سوريا ضد النظام البعثى فى اوائل الثمانينيات حيث تشير بعض المصادر إلى أنه بعد اندلاع الثورة الإخوانية في سوريا ذهب الإخوان السوريون إلى إيران لطلب المساعدة ضد نظام البعث (العلماني ) في سوريا إلا أنهم فوجئوا بالموقف الإيراني المؤيد لسوريا وحديث آية الله خلخالي في سوريا ضد الإخوان وهو الأمر الذي تسبب في ردة فعل عنيفة من قبل إخوان سوريا حيث أصدر (مجلس الثورة الإسلامية في سوريا) بيانا مفصلا هاجم فيه بعنف الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

وفي المقابل – أيضا – صعدت إيران من لهجتها نحو الإخوان المسلمين وصدر تحليل من مكتب حرس الثورة الإسلامية ( قسم حركات التحرر العالمية) في عام 1982 تحت عنوان " الثورة الإسلامية وخط الزعامة في حركة الإخوان المسلمين" جاء فيه بأن حركة الإخوان المسلمين كانت إسلامية شعبية مستقلة وذلك عند تأسيسها على يد الإمام حسن البنا – الذي يصفه التحليل بأنه شخصية إسلامية يندر وجودها حتى في إيران – ثم أصابها الضعف والانحراف.

لأنها لم تستطع أن تحتفظ بالأمانة وتسلمها إلى الجيل الأول , وأدت النظرة الضيقة عند تشكيلات الحركة والعواصف الاجتماعية التي عصفت بها إلى أن تفقد الحركة نقاوتها وقداستها التي كانت عليها إذا ما قورنت بزمن الإمام حسن البنا والشهيد سيد قطب .

ثانياً: دموية الثورة الإيرانية والإعدامات التى طبقتها الثورة تجاه معارضيها، وكذلك سيل التصريحات لقيادات الثورة الإيرانية وعلى رأسهم الخومينى والتى صدمت العالم الاسلامى ورموز السنة بتجرئه على الصحابة رضوان الله عليهم سواء فى أحاديثه أو كتبه.

أما أبرز العوامل السياسية التي أزّمت علاقة الإخوان بإيران فهي:

  1. نهضة الشيعة في البلدان الإسلامية، ذلك أن نجاح الثورة أعطى الشيعة خارج إيران دفعة معنوية، وتطلعات تفوق أحجامهم، وعددهم، كما تمثل ذلك من سطوع نجم الشيعة في لبنان، ممثلاً بحزب الله، وثورات الشيعة في الخليج.
  2. نشاط حركة نشر التشيع في أوساط السنة، ولا تخفي الأهداف التي تتستر إيران من ورائها لنشر التشيع، حتى أن الشيخ راشد الغوشي، المعروف بدعمه للتقارب مع الشيعة ، انتقد هذا التوجه ، معتبراً أن الأولى بإيران بدلاً من تشييع أهل السنة في شمال أفريقيا، أن تسعى لدعوة غير المسلمين. (7)
  3. المواجهات بين السنة والشيعة في أماكن مختلفة من العالم.
  4. الصراعات الداخلية في إيران. و يقصد بذلك الظلم والاضطهاد الذي تعرض له أهل السنة في إيران، خاصة في أقاليم كردستان وأذربيجان الغربية وتركمانستان، لكنه يعزف عن استعمال مصطلحات الظلم والاضطهاد والتهميش، معتبراً أن الاضطهاد الذي تعرض له السنة "مواجهات دامية بين أنصار الثورة الإسلامية ومعارضيها في المناطق السنيّة الإيرانية". (8)
  5. الهجوم الإعلامي الواسع للأنظمة العربية ضد الثورة، وظهور الكتب والفتاوى التي تهاجم الشيعة وإيران وتفتي بتكفيرهم.

ومما يثير الاستغراب في هذا الصدد أن المؤلف رغم اعترافه بأن السياسات الإيرانية السابقة مثل تمرد الشيعة في الخليج على حكوماتهم، ونشر التشيع وظلم السنة في إيران كانت سبباً في نفور السنة من الثورة، إلاّ أنه يحمل الإخوان مسؤولية فتور العلاقات مع إيران، معتبراً أنها انساقت وراء الدعاية "الوهابية" ضد الشيعة وإيران، وكأن إيران لا تتحمل مسؤولية إزاء نفور السنة والإخوان عن مذهبهم وثورتهم.

ويعود المؤلف في هذا الفصل إلى تحميل الإخوان مسؤولية أفول علاقاتهم التي كانت حميمة مع الثورة، رغم أنه يعترف بأن الإخوان أخذوا على الثورة مواجهاتها الدموية مع أعدائها، والأحكام التي أصدرتها المحاكم الثورية، وتأكيد الدستور كون رئيس الجمهورية شيعياً وإيرانيا، وتحديد نظام ولاية الفقيه كأسلوب للحكم في إيران وحاكمية فئة رجال الدين... (9)

ويذكر المؤلف من الأسباب أيضاً: علاقة إيران الوثيقة بالنظام السوري الذي ارتكب أبشع المجازر بالإخوان في سوريا، وضغط الحكومات العربية على الإخوان لينفضوا عن إيران، والحرب العراقية الإيرانية، التي أصرت إيران على استمرارها 8 سنوات.

هذه بعض النقاط الخلافية التى حولت مسار العلاقة بين الإخوان وإيران والتى سنتعرض لبعضها بمزيد من التفصيل

المبحث الأول: مذهبية الدستور الإيرانى

الثورة الإيرانية منذ قامت عام 1979م وهى تثير إشكالات عديدة أهمها دستورها (10) الذى مثل صدمة لأهل السنة ،ولذلك تعرض الدستور الإيراني للنقد وأٌلفت حوله عدد من الكتب منها :

  1. نقد حزب التحرير للدستور الإيراني
  2. نقض دستور الجمهورية الإيرانية - للدكتور محمود الخالدي
  3. نهج الخميني في ميزان الفكر الإسلامي - لمجموعة من المفكرين
  4. دراسة لمجلس شورى أهل السنة إيران - نشر ضمن كتاب أحوال أهل السنة في إيران - للغريب .

فكان من أهم الانتقادات التى وٌجهت إلى الدستور الجديد الذى أقره مجلس الشورى بعد الثورة الإيرانية هى صبغ الدستور بالصبغة الطائفية :

فقد نص الدستور على مذهب الدولة كما جاء فى المادة 12 ( الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنى عشري وهذه المادة تبقى للابد غير قابلة للتغيير )

وعاد في نهاية الدستور يكرر ( مضامين المواد المتعلقة بكون النظام إسلاميا وقيام كل القوانين والمقررات على أساس الموازين الإسلامية وكون الحكم جمهوريا وولاية الأمر وإمامة الأمة وكذلك إدارة أمور البلاد بالاعتماد على الآراء العامة والدين والمذهب الرسمي لإيران هي من الأمور التي لا تقبل التغيير )

وتركيز هذه الصبغة الطائفية في الدستور الإيراني تتكرر في مواد أخرى متعلقة مثلا بمجلس الشورى أو الجيش وقسم الرئيس ( لا يحق لمجلس الشورى الإسلامي أن يسن القوانين المغايرة لأصول وأحكام المذهب الرسمي للدولة ) مادة 72 وتكررت في المادة 85

( يجب أن يكون جيش جمهورية إيران الإسلامية جيشا إسلاميا وذلك بان يكون جيشا عقائديا وان يضم أفراد لائقين مؤمنين بأهداف الثورة الإسلامية ) مادة 144

( إنني باعتباري رئيسا للجمهورية اقسم بالله القادر المتعال في حضرة القران الكريم أمام الشعب الإيراني أن أكون حاميا للمذهب الرسمي .... ) مادة 121

كما تضمن الدستور مواد مذهبية أخرى مثل

( اللغة والكتابة الرسمية والمشتركة هي الفارسية ) !! مادة 15 .

( بداية التاريخ الرسمي للبلاد هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويعتبر التاريخان الهجري الشمسي والهجري القمري كلاهما رسميين ) مادة 17 .

كما ينص الدستور على حقوق اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم لكن أهل السنة من شعب إيران ليس لهم مادة بل ذكرهم في جزء من مادة أن المذهب الجعفري هو مذهب الدولة فقال :

( وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية ( الزواج والطلاق والإرث والوصية ) وما يتعلق بها من دعاوى في المحاكم .

وفي كل منطقة يتمتع أتباع أحد هذه المذاهب بالأكثرية فإن الأحكام المحلية لتلك المنطقة في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية - تكون وفق ذلك المذهب هذا مع الحفاظ على حقوق أتباع المذاهب الأخرى )

ومضمون هذه الفقرة من المادة 12 هو احترام هذه المذاهب ولهم حرية أداء المراسيم المذهبية وحرية التعلم والتربية والأحوال الشخصية ولهم في مناطقهم أن يحكموا بأحكامهم .

وهذه الأمور لا بأس بها لكنها أقل من حقوق اليهود والنصارى في إيران ؟! ثم ليس لها تطبيق على أرض الواقع !

وهذا تفصيل ذلك :

حقوق اليهود والنصارى في إيران من الدستور :

مادة 13 ( الإيرانيون الزرادشت واليهود والمسيحيون هم وحدهم الأقليات الدينية المعترف بها وتتمتع بالحرية في أداء مراسيمها الدينية ضمن نطاق القانون ، ولها أن تعمل وفق قواعدها في الأحوال الشخصية والتعاليم الدينية ) .

مادة 64 ( عدد نواب مجلس الشورى الإسلامي هو مئتان وسبعون نائب … وينتخب الزرادشت واليهود كل على حدة نائبا كحد أعلى وينتخب المسيحيون الآشوريون والكلدانيون معا نائبا واحدا وينتخب المسيحيون الأرمن في الجنوب والشمال كل على حدة نائبا ) .

ولقد نشرت منظمة العفو الدولية لعام 1993 في تقريرها السنوي باللغة العربية ص 85 :

( وقد أدى التوتر بين الحكومة والمسلمين السنيين من قبيلة نروى في مقاطعة سيستان بإقليم بلوشستان جنوب شرقي إيران إلى نشوب عدد من المصادمات المسلحة واعتقال عشرات من أفراد قبيلة نروى وقد أسيئت معاملة بعض هؤلاء المعتقلين وحكم على آخرين بالسجن أو الإعدام بعد محاكمات مباشرة وتردد أن كثيرون من المقبوض عليهم كانوا لا يزالون معتقلين دون تهمة أو محاكمة بسجن زاهدان في نهاية عام 1992 ) .

المبحث الثانى :السنة فى الداخل الإيرانى

مثلت قضية السنة فى إيران أحد أهم نقاط الخلاف بين الإخوان والنظام الإيرانى، فقد جاء الدستور الإيرانى فى مادته الثانية عشر المادة الثانية عشرة والتى نصت على مذهبية الدولة كما ذكرناها فى المبحث السابق، فجاءت هذه المادة من الدستور الإيرانى صادمة لأهل السنة وفى القلب منهم الإخوان المسلمين الذين تفاءلوا خيراً بهذه الثورة واظهروا دعمهم الواضح لها ولكن سرعان ما أصابهم الإحباط من بعض الممارسات للثورة الجديدة، فكان ملف أهل السنة بإيران أحد المتغيرات الأساسية فى العلاقة بين الإخوان والثورة الاسلامية فى إيران.

فقبل الثورة، نظرًا إلى النظام السائد آنذاك وهو النظام العلماني الملكي، كان لا يهمه إلا قضية السلطة والحفاظ عليها، لأجل ذلك ما كانوا يرون فرقًا بين السنة والشيعة، ولم يكن للمذهب دور مؤثر في التوظيف وتفويض المناصب، لأجل ذلك كان يوظف أتباع أهل السنة والجماعة في المناصب الحكومية، كما كان هناك توظيف لأبناء السنة في الشرطة وقوات الجيش في مناصب عالية.

لأجل هذا كان القلق والبلبلة الفكرية بالنسبة إلى التمييز وعدم المساواة في النظام السابق في مستوى أدنى بل كان ضعيفا جدًا.

لكن بعد الثورة ساد المذهب الشيعي وسيطر المذهبيون الشيعة على جميع مقاليد الحكم في البلاد، وجل همهم وأهدافهم المذهب انصب على مذهبهم وترسيخ وتقوية دعائمه، لأجل ذلك واجه أهل السنة مشكلات مختلفة.

وتتمثل المشاكل التي يعانيها أهل السنة في عدة نواحي:

الناحية الدينية: بدأت معاناة السنة من بداية عقد التسعينات أکثر فأکثر وکان النطاق يضيق عليهم يومًا بعد يوم. من الحوادث المؤلمة التي حدثت حينذاك و يجدر ذکرها في هذه العجالة:

تقييد حرية بناء مساجد الخاصة بهم: حيث لا يوجد مسجد سني في المدن الكبرى التي يمثل الشيعة فيها الأغلبية, مثل أصفهان وشيراز ويزد , وكذلك في العاصمة طهران التي يوجد فيها أكثر من مليون سني, حيث تصطدم الأقلية السنة في الحكومة بأن المساجد الشيعية مفتوحة أمامهم ويمكنهم الصلاة فيها.

وبناءًا على ذلك فإنه لا داع لبناء مساجد خاصة بهم,يؤكد الواقع الذي يدحض هذه المزاعم خلاف ذلك لأنه يمنع قطعًا إقامة صلاة الجماعة لأهل السنة في مساجدهم وأما الفرادى فصحيح وإن كانوا ينظرون إليهم بازدراء وتحقير, وهل يمكن للسنة أن يصلوا في مساجدهم وهو يدعون إلى عقيدتهم الصافية, فضلا عن إن مساجد الشيعة مليئة بالمنكرات مثل الصور المعلقة لمن يسمونهم بالشهداء هذا عدا التدخين العلني داخل مساجدهم والسباب والشتائم لأصحاب الرسول.

ومن المعلوم أن أهل السنة في طهران يبلغ عددهم إلی أکثر من مليون نسمة ولکن ليس لهم مسجد يقيموا فيه الصلوات الخمس والجمعة والعيدين،- ومما يدعو للدهشة أن في إيران 76 كنيسا لـ 25 ألف يهودي وفي طهران وحدها مليون سني بلا مسجد.و من المعلوم أن طهران هي العاصمة الوحيدة في العالم حيث لايوجد فيها مسجد لأهل السنة-.

الناحية السياسية: يعاني أهل السنة في إيران من التهميش السياسي إذ يعتبرون من المواطنين من الدرجة الثانية، إذ نص الدستور على أن رئيس الجمهورية يجب أن يكون من بين الشيعة الإثني عشرية، وقس على ذلك ما يخص الوزراء والمناصب الرفيعة في الدولة.

ومع أن الدستور لم يمنع توظيف أهل السنة في الدوائر واستخدامهم في المناصب، ففي هذه السنوات الثلاثين لم يوظف من أهل السنة شخص واحد لمرة واحدة كنائب للرئيس أو كوزير في وزارة، أو كنائب للوزير، أو كسفير للبلاد، أو كرئيس لمحافظة من المحافظات و لا مدير بلدية ولا مدير دائرة و لا موظف كبير في إيران كلها مع أن ثلث سكان إيران من أهل السنة.

والأغرب من ذلك أن مشاركتهم أيضا ضعيفة في إدارة المحافظات التي الأغلبية فيها للسنة، وأن التمييز الطائفي واضح في قضية توظيف نخب أهل السنة وتوليتهم المناصب.

وإن كانت الأهلية تتوفر في أبناء أهل السنة لتولي منصب الرئاسة أو المناصب في الوزارات والدوائر، ولكنهم محرومون من التوظيف بسبب التزامهم بعقائدهم وآرائهم المذهبية.

كما أنه لا يوجد في طهران مركز أو مؤسسة رسمية لمتابعة قضايا أهل السنة إلا ممثلو أهل السنة في مجلس الشورى، و يبلغ عدد هؤلاء الممثلين نحو عشرين ممثلا من مجموع 280 ممثلا في مجلس الشورى الإيراني.

فالتقدير الحقيقي بالنسبة إلى عدد أهل السنة أن يكون لهم أكثر من أربعين ممثلا في المجلس، والسبب في تقليل عدد ممثلي أهل السنة أن مجلس صيانة الدستور في الغالب يرفض صلاحية معظم المرشحين من أهل السنة من ذوي الخبرة والصلاحية على سبيل التعنت ومصادرة الحقوق. كما يتهم السنة في إيران الحكومة بإنجاح العناصر السنية الموالية لها وليست المعبرة عن مطالبهم.

والمسلمون السنة، حسب الإحصاءات شبه الرسمية، تتراوح أعدادهم بين 14 إلى 19 مليون مسلم يشكلون نسبة تتراوح بين 20 - 28% من الشعب الإيراني.

وهم مقسمون إلى 3 عرقيات رئيسية هي الأكراد والبلوش والتركمان، وقليل من العرب في إقليم عر بستان (الأحواز) المحتل، ويسكنون بالقرب من خطوط الحدود التي تفصل إيران عن الدول المجاورة ذات الأغلبية السنية مثل باكستان وأفغانستان، والعراق وتركمنستان، أما المسلمون السنة من العرق الفارسي فوجودهم نادر. وقد كانت إيران دولة سنية حتى القرن العاشر الهجري.

أهم مظاهر التحديات التي يعاني منها أهل السنة في إيران، ومنها:

  1. تقييد حرية بناء مساجد الخاصة بهم: حيث لا يوجد مسجد سني واحد في المدن الكبرى التي يمثل الشيعة فيها الأغلبية، مثل أصفهان وشيراز ويزد، وكذلك في العاصمة طهران التي يوجد فيها أكثر من مليون سني، وتبرر الحكومة رفضها بأن المساجد الشيعية مفتوحة أمام أهل السنة ليصلوا فيها، وأنه لا داع لبناء مساجد خاصة بهم ضمانا للوحدة!.
  2. هدم المساجد والمدارس: حيث تعتبر الحكومة الإيرانية مساجد السنة إما أنها مساجد ضرار( بنيت لغير أهداف العبادة الخاصة)، أو أنها بنيت بغير إذن من الحكومة أو أن أئمة تلك المساجد لهم ولاءات مع جهات معادية.
  3. الاعتقالات والاغتيالات: حيث تقول العديد من الروايات والتقارير، أن المسلمين السنة تعرضوا للعديد من مظاهر الاضطهاد فمنذ الأيام الأولى للثورة الإسلامية في إيران، حيث انقلب الخميني على من ساعده من علماء السنة في الثورة وهو الشيخ أحمد مفتى زاده، فكان مصيره الاعتقال الذي استمر طيلة عقدين من الزمان.
  4. التحدي السياسي: ويأخذ هذا التحدي العديد من الأبعاد من بينهما:
(ا) البعد التمثيلي: والذي تمثل في عدم منح أهل السنة تمثيلا في البرلمان يتناسب مع حجمهم الحقيقي، إذ لا يمثلهم في البرلمان سوى 12 نائبا فقط، من 14 إلى 19 مليون نسمة، في حين يمثل الشيعة في البرلمان نائب عن 200 ألف نسمة تقريبا، كما يتهم السنة في إيران الحكومة بإنجاح العناصر السنية الموالية لها وليست المعبرة عن مطالبهم.
(ب) التناقض بين النصوص الدستورية والواقع المعاش فعليا، والممارسات التي تقوم بها السلطات الحكومية ضد أهل السنة: فقد نص الدستور على العديد من الحقوق والحريات لمختلف الأقليات، ومن ذلك:
  1. الاحترام وحرية أداء المراسم والشعائر الخاصة، حيث نصت المادة (12) على أن، الدين الرسمي لإيران هو الإسلام والمذهب الجعفري الإثنى عشري، وهذه المادة تبقى إلى الأبد غير قابلة للتغيير، وأما المذاهب الإسلامية الأخرى والتي تضم المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي والزيدي فإنها تتمتع باحترام كامل، وأتباع هذه المذاهب أحرار في أداء مراسمهم المذهبية حسب فقههم، ولهذه المذاهب الاعتبار الرسمي في مسائل التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية، وما يتعلق بها من دعاوى من المحاكم، وفي كل منطقة يتمتع أتباع احد هذه المذاهب بالأكثرية، فان الأحكام المحلية لتلك المنطقة- في حدود صلاحيات مجالس الشورى المحلية- تكون وفق ذلك المذهب ، هذا مع الحفاظ على حقوق إتباع المذاهب الأخرى.
  2. حرية استخدام اللغات الخاصة: حيث نصت المادة (15) على أن (لغة الكتابة الرسمية والمشتركة؛ هي الفارسية لشعب إيران، فيجب أن تكون الوثائق والمراسلات والنصوص الرسمية والكتب الدراسية بهذه اللغة والكتابة، ولكن يجوز استعمال اللغات المحلية والقومية الأخرى في مجال الصحافة ووسائل الإعلام العامة، وتدريس آدابها في المدارس إلى جانب اللغة الفارسية)، كما نصت المادة (16) على أن (بما إن لغة القران والعلوم والمعارف الإسلامية العربية، وان الأدب الفارسي ممتزج معها بشكل كامل، لذا يجب تدريس هذه اللغة بعد المرحلة الابتدائية حتى نهاية المرحلة الثانوية في جميع الصفوف والاختصاصات الدراسية).
  3. حرية تشكيل التنظيمات والهيئات المختلفة: حيث المادة (26) على أن (الأحزاب والجمعيات، والهيئات السياسية، والاتحادات المهنية، والهيئات الإسلامية، والأقليات الدينية المعترف بها، تتمتع بالحرية بشرط إلا تناقض أسس الاستقلال، والحرية، والوحدة الوطنية، والقيم الإسلامية، كما انه لا يمكن منع شخص من الاشتراك فيها، أو إجباره على الاشتراك في احدها).
  4. التحدي الديني: نظرا لان أهل السنة يعتبرون أنفسهم مخالفين في بعض المسائل الفقهية للشيعة الإيرانيين الذين يغلب عليهم المذهب الإثنى عشري. كما أن الإيرانيين من السنة والشيعة يحملون فوق كاهلهم ميراثا من الخلافات والعداء التاريخي والمذهبي، ويزيد حالة المذهبية إن النظام الإيراني لم يفعل إلا ما يؤدي إلى تدعيمها، فأحد المزارات الرئيسية في إيران هو قبر أبو لؤلؤه المجوسي، ورغم انه من عبدة النار إلا أنهم يحتفون به لمجرد أنه قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أن من عقائدهم سب الصحابة وتجريح كبرائهم، وشتم عرض الرسول صلى الله عليه وسلم.
  5. الإهمال والتجاهل: فمناطق أهل السنة هي اقل المناطق بإيران استفادة من الخدمات التي تقدمها الدولة، ومساجدهم القليلة تتعرض لرقابة الصارمة، وملاحقات مستمرة، ولا يسمح لهم بإقامة مدارس، وفي الوقت الذي يوجد معبد للزرادشتيه في قلب طهران، فضلا عن أنه يوجد في العاصمة طهران 151 معبدا لكل الديانات، فإن المسلمين السنة ممنوعون من إقامة مسجد يؤدون فيه شعائرهم رغم أنه مطلب يلحون عليه منذ سنوات.

قضية الشيخ أحمد مفتى زاده

مثلت قضية الزعيم الروحي لأهل السنة في إيران ومسئول الإخوان المسلمين في إيران الشيخ أحمد مفتى زاده (11) أحد القضايا الشائكة التى جمدت أو عقدت العلاقات بين الإخوان والثورة الإيرانية الناشئة، فكان تعامل إيران مع الشيخ أحمد مفتى زاده مبعث قلق لدى الإخوان المسلمين، وبرغم الوساطة الاخوانية عبر أحد الوفود الاخوانية والتى شارك فيها وكشف عنها الاستاذ يوسف ندا فى حواره للجزيرة ، إلا أن فشل تلك الوساطة كشف عن مذهبية الثورة الجديدة وأسلوب التعامل مع أهل السنة حتى لو كانوا من محركى هذه الثورة وأكبر داعميها.

فقد تناولت مجلة الدعوة المهاجرة عام 1982 قضية الشيخ أحمد مفتى زاده شارحة تفاصيلها ومنتقده اسلوب النظام الإيرانى فى التعامل معها فكتبت تحت عنوان (علماء ومجاهدون فى سجون اسلامية) تقول:

خلال زيارة كان يقوم بها وفد يمثل جماعة الإخوان المسلمين الى إيران فى الذكرى الأولى لانتصار الثورة الاسلامية فيها، علم الوفد ان جوا من التوتر يسود العلاقة بين قيادة الثورة وحرسها وبين جماعة اسلامية فى المنطقة الكردية بقيادة الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده، يومها أجرى وفد الإخوان اتصالا مع رئيس الجمهورية آنذاك - أبو الحسن الصدر- وعدد من المسئولين الإيرانين من اجل ازالة التوتر القائم ، لاسيما وأن قائد المجموعة الاسلامية يتصدى للحركات الماركسية والانفصالية فى المناطق الكردية فى الوقت الذى كانت فيه قوات الثورة تخوض معركة مع هذه الاتجاهات ولقد رحب المسؤولون الإيرانيون يومها بهذا الجهد فذهب بعض أعضاء الوفد الى المعاقل الجبلية واتصل بالشيخ أحمد مفتى زاده الذى انتقل الى ساننداج.

وبعد ترتيب منسق مع الحكومة حضر الى طهران حيث التقى رئيس الجمهورية وزعماء الثورة وانتهى الامر الى تنسيق فى المواقف وقيام تعاون بناء من أجل رد كيد الأعداء عن الثورة الاسلامية وعدم اتاحة الفرصة امام اى اتجاه للتفرقة المذهبية أو القومية وجرى ترتيب خطوات ميدانية فى هذا السبيل.

ثم انتدبت الثورة الاسلامية يومها الدكتور إبراهيم يزدى ممثلاً لها فى المناطق الكردية فقام بالتنسيق معه كذلك بمايخدم المصلحة الاسلامية واهداف الثورة وعندما شكلت لجنة الخبراء من اجل صياغة دستور اسلامى وعملت اللجنة على تنقيح الصيغة المطروحة بذلت جهود كبيرة من اجل تعديل المادة 12 فى الدستور التى تنص على ان دين الدولة الرسمى هو الإسلام وهو المذهب الشيعى الاثنى عشرى فى سبيل ان تكون الثورة اسلامية لامذهبية وحتى تكون امل المسلمين فى كل مكان.

ويومها حمل الدكتور إبراهيم يزدى هذا الرأى الى الامام الخمينى الذى وعد خيرا واعلن انه يمكن اعادة النظر فى هذه المادة من قبل مجلس الشورى الاسلامى.

وتمر الايام وتتوالى الاحداث ويتاكد الاتجاه المذهبى للدولة يوما بعد يوم، صحيح ان الاعلام الخارجى الإيرانى يركز على تجاوز الحس المذهبى، وانه يتناول الإسلام وقضايا المسلمين كلها دون تفريق والكن الممارسة العملية بقيت غير هذا ولا سيما فى مجال التعامل مع المناطق الإيرانية الاسلامية السنية.

لانريد معالجة موضوع كهذا من منطلق طائفى او مذهبى وكنا نتمنى لو وفرت الحكومة الإيرانية على نفسها وعلينا هذا الجهد من خلال انفتاح المذاهب والتسميات، ولكن الامر لايجوز اغفاله بعد ان مرت شهور على اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده وعدد من الإخوان بتهم ملفقة ودون تحقيق ولامحاكمة.

لقد حاول المسلمون السنة جاهدين ان بلتقوا فى حركتهم الاسلامية مع مؤسسات الجمهورية الاسلامية وخاصة فى مجالات التوجيه والاعلام، ولكن الاتجاه المذهبى كان يسئ الى مشاعر المسلمين ويتصادم مع شعار الوحدة الاسلامية الذى كانت ترفعه حكومة الثورة وتدعو اليه.

ولقد حاول الشيخ أحمد مفتى زاده تجاوز سلبيات هذه الممارسة المذهبية من خلال اقامة مؤسسات اسلامية تدعو الى الإسلام وترعى شؤون المسلمين وتنشر الوعى الاسلامى متجاوزة الحساسية القومية والمذهبية، فجرى اعتقاله أول مرة ثم وضع بالاقامة الجبرية بحجة المحافظة على حياته بعد محاولة جرت لاغتياله، ثم رفعت عنه الاقامة الجبرية تحت ضغط المطالبة الاسلامية من كل انحاء إيران باطلاق حريته كاملة.

ثم قرر المسلمون تشكيل مجلس شورى مركزى فى محاولة ايجابية بناءة لتلافى أخطار الممارسات المذهبية، ومن أجل اقامة مؤسسات اسلامية ترعى شؤون المسلمين فى المناطق السنية وتخلصهم من الانجراف فى تيار الحركات الماركسية والقومية، بعد ان تخلت الدولة فى مناطقهم عن هذا الواجب.

وعقد مجلس الشورى جلسات علنية فى طهران يومى 30-31 مارس 1981 حضرها مندوبان عن وزارة الداخلية، واتخذ قرارت مكونة من شت عشرة مادة رفعها الى الدولة من أجل تصحيح مسار الثورة الاسلامية.

وهنا قامت حملة مضادة ضد المجلس واتهم أعضاؤه بالنزعة المذهبية والتبعية لمؤتمر الطائف، الى غير ذلك من الاتهامات وجرى اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده وعدد كبير من اخوانه العلماء فى مختلف انحاء إيران مما اضطر عدد من العلماء الى الهجره من إيران او التوارى عن الانظار.

نعود فنؤكد أننا لانعالج الموضوع من منطلقات مذهبية، وانما حرصاً منا – كحرص الإخوان المسلمين السابق- على وحدة الصف الاسلامى فى مواجهة أعداء الإسلام داخل إيران وخارجها فلايجوز بحال أن يكون دعاة الإسلام وعلماؤه فى سجون دولة اسلامية..

ولايجوز بحال الحجر على حرية العاملين فى الحقل الاسلامى لمجرد انهم يخالفون الحاكمين فى وجهة نظر،سواء كانوا مصيبين أو مخطئين.. ولولا الحرص على وحدة المسلمين أن تتمزق وعلى حق الانسان المسلم فى الحرية والكرامة ماجرت مناقشة هذا الموضوع.. فالاسلاميون يضطهدون فى كل مكان ويسحقون ويودعون السجون والمعتقلات، افيكون هذا فى إيران الاسلامية كذلك.

اننا نهيب بجمهورية إيران الاسلامية ان تطلق سراح الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده واخوانه العلماء، وان تطلق حرية العمل الاسلامى فى كل مجالاته وميادينه ..

ونحسب ان رجال الثورة الاسلامية الإيرانية يدركون أكثر من أى انسان آخر أن السجن والكبت لايحل مشكلة ولاينهى قضية، لاسيما اذا كان موجها الى علماء مسلمين مجاهدين. (12)

وبعد مرور عام من تناول "الدعوة " لقضية الشيخ زاده عادت لتناولها مرة أخرى وكرد على مجلة "الطليعة الإسلامية" التى تصدر فى لندن والمقربة من الثورة الدولة الإيرانية فتحت عنوان (مرة أخرى قضية الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده) كتبت تقول:

منذ عام تبنت "الدعوة" قضية الشيخ أحمد مفتى زاده مع عدة مئات من اخوانه فى إيران بعد مؤتمر عام دعا اليه عددا كبيرا من العلماء، ناقشوا فيه قضايا اسلامية تهم المسلمين (السنة) فى إيران، ورفعوا الى الامام الخمينى قائمة بمطالب يرونها ذات أهمية بالغة للمسلمين فى مناطقهم من أجل تطوير الوعى الاسلامى فيها.

طالبت "الدعوة" يومها باطلاق سراح الشيخ واخوانه لأنه لايجوز أن يكون مجاهدون اسلاميون بحجم الشيخ أحمد فى سجون اسلامية.

مؤخراً وصلت "الدعوة" الأعداد الخمسة الأولى من مجلة "الطليعة الإسلامية" التى تصدر فى لندن وفى أحدها عرض لقضية الشيخ أحمد من وجهة النظر الأخرى، وحتى لانكون منحازين إلا للحق فإننا نعيد نشر فقرات من الرد الذى نشرته الطليعة الاسلامية، مع ابداء وجهة نظرنا مجدداً فى الموضوع.

قالت:( القضية الأهم هى مسألة الشيخ الكردى السنى أحمد مفتى زاده الذى وضع منذ شهور تحت الاقامة الجبرية فيما سجن بعض أتباعه ولم يتقرر بعد هل سيقدمون للمحاكمة ام سيفرج عنهم بعد حين.. الخبر نشرته الشقيقة الكبرى"مجلة الدعوة" تحت عنوان مثير على صفحتين...

والحق يقال أننا فى الطليعة الاسلامية قد قررنا ان نرفع صوتنا فى هذا العدد ضد تصرف الحكومة الإيرانية فالرجل ليس قاسملو ولا عزالدين الحسينى، والجميع يعرف انه وقف مع الثورة الاسلامية منذ الايام الاولى ولكننا خلال الاسابيع الماضية قمنا بتحرى الأمر والتدقيق فيه من عدة مصادر ووجهات نظر فوجدنا أن الأمر مختلف الى حد ليس ببسيط عما نشرته "الدعوة"...

ثم ذكرت المجلة أن والد الشيخ أحمد كان عالماً جليلاُ وانه تسلم مكانة والده بعد وفاته وانه وان لم يكن فى حكمة وعلم والده الا أنه وقف منذ بداية الثورة الاسلامية فى إيران مع خط الامام الخمينى وأن اتباعه قاتلوا مع الحرس الثورى ضد أتباع الثورة المضادة(13) وأنه أرسل مبعوثاُ إلى أبى الأعلى المودودى يسأله الرأى فكان جوابه" ياشيخ أحمد هذا وقت الواجبات فأدوا واجبكم تجاه ثورة الإسلام، وبعد أن يستقر حكم الإسلام طالبوا بالحقوق".

تقول المجلة: ولكن الشيخ سرعان ما أعلن قائمة بالمطالب معطيا الحكومة خمسة عشر يوماً للاجابة.

وكان من هذه المطالب: إنشاء جامعة فى ساننداج تحت اشرافه، وعدة مشاريع ثقافية وعمرانية وكان المرحوم آية الله بهشتى على علاقة دائمة بالشيخ أحمد وقال يومها: الشيخ أحمد جيد لكنه عجول.

المهم أنه تمت تهدئة الوضع.. لكن الأمور لم تستمر على ماهى عليه مع الشيخ أحمد مفتى زاده.. واذ به يعلن أنه دعا بعض العلماء السنة من ساننداج وبلوشستان وتركمانستان (من عشرين الى ثلاثين) اضافة الى حوالى (200-300) من أتباعه الى اجتماع فى منزله بكرمنشاه..

وأن قائد الحرس ومحافظ كرمنشاه نصحاه بألا يفعل فى مثل ذلك لكنه رفض طلبهم وأصر على عمله، وفى الاجتماع تلا بيانا شديد اللهجة مطالباً بمجلس شورى جديد فى البلاد يتقاسمه الشيعة والسنة بالتساوى وتعديلات فى الدستور، وتغيير الأذان فى كل أنحاء البلاد .. مهدداً فى بيانه باستخدام السلاح ضد الحكومة ان لم تنفذ المطالب فوراً.

بعدها اضطر المحافظ والحرس الى التدخل لفض الاجتماع واعتقل الموجودين، وافرج عن معظمهم بعد قليل.

• هذه هى الرواية التى نقلتها الطليعة الاسلامية عن اعتقال الشيخ المجاهد أحمد مفتى زاده واخوانه. وقبل أن نعاتبها لأنها لم تضم صوتها الى صوت "الدعوة" مطالبة الحكومة الإيرانية باطلاق سراحه نود تسجيل الملاحظات التاليه:

  1. الرواية التى أوردتها الطليعة لاتختلف فى الجوهر عما نشرته الدعوة، فلامطعن بالشيخ ولابموقفه، وقد كانت له مطالب جرى من أجلها اعتقاله، ومانشرته الدعوة اعتمد على نص الخطاب الذى ألقاه الشيخ فى المؤتمر والمطالب التى تقدم بها الى الحكومة وليس فيها تهديد باستعمال السلاح ولاانذار بتغيير الآذان ولامطالبة بالمناصفة فى التمثيل.
  2. سواء وضع الشيخ بالاقامة الجبرية أم بقى مسجوناً حسب معلوماتنا فان المهم هو أنه جرى احتجاز عالم جليل من أجل مطالب محقة، حسب النص المطبوع الذى تحت يدنا لمقررات المؤتمر.
  3. حسب قائمة المطالب التى سبق للدعوة نشرها فانه لاذكر للمطالب التى أوردتها رواية الطليعة.فاذا كان من حق المسلمين السنة فى إيران ان يعتمدوا أذاناً للصلاة دون اضافات فلا يعقل أن يهددوا باعلان الثورة من أجل فرضه على سواهم.كذلك موضوع التمثيل فى مجلس الشورى لقد طالبوا بتصحيح التمثيل ولكنهم لم يشترطوا المناصفة. علماً بأن الخلل فى التمثيل على كل صعيد واضح وكبير، طالما أن الدولة هى التى اعتمدت الخط المذهبى.
  4. أما موضوع تعديل الدستور فيما يتعلق بمذهبية الدولة او حقوق اتباع المذاهب الأخرى فانه خلل واضح كذلك، وقد يبق أن اقترح تصحيحا لهذا الوضع مندوب رئيس الجمهورية بمنطقة كردستان، وقبل الامام الخمينى مبدأ النظر فى التعديل لهذا الجانب وأحاله على مجلس الشورى، ولم نسمع بعد ذلك شيئاً عن هذا الموضوع.
  5. ومع ثقتنا بحسن نية مجلة الطليعة ازاء الرواية التى استقتها من مصادر إيرانية رسمية أو شبه رسمية، إلا أن أى تحليل منطقى يستبعد ان يعلن الشيخ مطالبه التى وردت ويهدد باعلان الثورة المسلحة من أجلها ثم يجرى اعتقاله مع مئات من اخوانه دون أن يبدوا أية مقاومة.

والجميع يعلمون أن الشيخ لو أراد الثورة المسلحة لسلك طريقها فى غير قاعة مؤتمر يحضره علماء جاؤوا من أنحاء إيران ليتدراسوا شؤون المسلمين.

بعد هذه الملاحظات لابد من تسجيل موقف ازاء نقطة هامة أوردتها المجلة فى روايتها ، هى أنه جرى اعتقال الشيخ أحمد مفتى زاده مع مئات من اخوانه العلماء منذ أكثر من عام من أجل مطالب إسلامية كانشاء جامعة اسلامية أو تصحيح الدستور او ماشابه، وأن ذلك أعلن على الملأ وبطريقة سليمة..

دون تقديم المتحجزين إلى أى محكمة تفصل فى شرعية هذا الاعتقال، نعلم أن هذا الاجراء مخالف لنصوص الدستور الإيرانى المعلن، إلا إذا كانت الذريعة هى حالة الحرب القائمة، وبعد هذه المدة الطويلة من الاحتجاز غير الشرعى تتكرم الرواية الواردة فى المجلة- والتى يفترض أنها أنها منسوبة لمصادر رسمية- بالقول:

"ان القضية بأكلمها مازالت امام رأيين، الأول أن يفرج عن الجميع ، والثانى ان يقدموا للمحاكمة وعلى فقه السنة وامام قاضى سنى كما ينص الدستور بتطبيق فقه المذاهب الإسلامية حيث تتواجد أكثرية من اتباع المذهب".

اما أملنا الثانى فهو ان تعمل المؤسسات الإيرانية، السياسية والقضائية والرأسمالية، على اخراج أصدقاء جمهورية إيران الإسلامية الاسلامية من الحرج ، نتيجة ممارسات غير مفهومة ولامبررة ، منها قضية الحريات التى يعانى منها أهل السنة فى إيران، وحرصاً على سعة التطبيق الاسلامى نقترح على الحكومة الإيرانية أن تأتى بالشيخ أحمد مفتى زاده وامثاله من الزعماء المسلمين الموثوقين ليخاطبوا الوفود الاسلامية التى تدعى الى إيران لمناسبة أسبوع الوحدة أو يوم المستضعفين لتكون الوحدة قائمة فعلاً.

اننا حين نطالب بهذا فليس من منطلق طائفى أو مذهبي وانما هو الحرص على مواجهة سيل من المعلومات يتسرب الى خارج إيران عن اوضاع المسلمين السنة فيها وحرص مواز على حرمة الانسان المسلم ان لاتنتهك كرامته أو تغتصب حريته، ونؤكد مانوهنا به سابقاً من أن حرية العمل الاسلامى يجب أن تكون مصانة ولو خالفت خط الدولة أو مذهبها أو اختلف العاملون معها فى رأى أو موقف، لأن البديل عن هذا هو ان يتشرذم المسلمون خارج نطاق البوتقة الاسلامية لتستوعبهم تيارات ماركسية أو قومية عنصرية تسعى كلها – وخاصة فى المنطقة الكردية- الى هدم الجمهورية الاسلامية فى إيران.

لانطالب بذلك تعميقاً لاتجاه مذهبى كنا نتمنى لو يزول ويحل محله اتجاه اسلامى توحيدى ولكنه الأمر الواقع الذى لابد من علاجه واستدراكه قبل أن يستفحل.

العلامة أحمد مفتي زاده المفكرين تأثيرا، مع العلم الإسلام والسنة في إيران التي لديها أنشطة في كردستان.

كان الزعماء الدينيين والشخصيات السياسية الاعتبار أن يأتي وقت طويل نسبيا في السجن، ومحمد رضا شاه بهلوي ونظام الجمهورية الإسلامية تنفق.

معظم مطالبهم إصلاح الدستور، واستعادة النظام الشورى، كان في المجتمعات الإسلامية (16).انتهى كلام مجلة الدعوة

المصادر

  1. حرب الخليج الأولى أو الحرب العراقية الإيرانية، أطلق عليها من قبل الحكومة العراقية آنذاك اسم قادسية صدام بينما عرفت في إيران باسم الدفاع المقدس (بالفارسية: دفاع مقدس)، هي حرب نشبت بين العراق وإيران من سبتمبر 1980 حتى أغسطس 1988، خلفت الحرب نحو مليون قتيل وخسائر مالية بلغت 400 مليار دولار أمريكي، دامت الحرب ثماني سنوات لتكون بذلك أطول نزاع عسكري في القرن العشرين وواحده من أكثر الصراعات العسكرية دموية، أثرت الحرب على المعادلات السياسية لمنطقة الشرق الأوسط وكان لنتائجها بالغ الأثر في العوامل التي أدت إلى حرب الخليج الثانية والثالثة.
  2. مجلة الإعتصام عدد ذي الحجة 1400 – أكتوبر 1980
  3. مجلة الإعتصام، محرم 1401 هـ ديسمبر ، 1980
  4. مجلة الدعوة العدد 73 السنة 32 يونيو 1982
  5. مجلة الدعوة العدد 67 ديسمبر 1982
  6. برنامج بلاحدود على موقع الجزيرة نت
  7. عباس خامة يار، إيران والإخوان المسلمون ص 208
  8. عباس خامة يار، إيران والإخوان المسلمون ص 210
  9. عباس خامة يار، إيران والإخوان المسلمون ص 228
  10. لمطالعة نصوص الدستور الايرانى طالع هذا الرابط ويكي مصدر
  11. ولد عام 1352/1933م في عائلة عريقة في الدين , وكان والده وعمه من أكابر علماء كردستان إيران ،أنشأ محضناً للجيل المسلم باسم مكتب القرآن فالتف حوله شباب منطقة كردستان وعموم شباب إيران من أهل السنة والجماعة ،أسس مجلس شورى أهل السنة والجماعة ( شمس ) اشتهر بمنحاه السلفي ونجح في توضيح أن أهل السنة في إيران ليسوا فقط من الأكراد (4 ملايين ) وإنما هناك مليونان في خراسان ومثلهم من البلوشي إضافة إلى التركمان الذين يقيمون على حدود الجمهوريات الإسلامية شرق بحر قزوين وكذلك قوم طوالش الذين يقطنون الحدود الشمالية الغربية من الجمهوريات الإسلامية ...وهو من المتبحرين في العلوم الشرعية يتميز بسلوك إسلامي مترفع عن الترف والاستكبار والعلو في الأرض ساهم وإخوانه في الثورة على الحكم الامبراطوري وكرس جهوده لدعم الثورة بتوعية أهل السنة والنهوض بهم لمسايرة إخوانهم الشيعة في وجه الطغاة وساهموا في الثورة مساهمة فعالة وقدموا في سبيل ذلك قافلة من الشهداء من خيرة أبنائهم , وقد وقف هذا التجمع ضد التنظيمات الكردية الأخرى ذات الميول الانفصالية , كما كان أحمد مفتى زاده عضواً في مجلس الثورة ومجلس الشورى الإسلامي في إيران .وكانت الوعود المقدمة لهم بأن عهد الفرقة والظلم قد ولى واقترب عهد النور والسعادة ولكن نبذت العهود وراء الظهور وزج بمفتي زاده وأتباعه في السجون أواخر عام 1982م , لأنه طالب الحكومة بإزالة بعض المواد من الدستور الجديد حتى تتحقق المساواة وتلغى التفرقة المذهبية بين الشعوب وطالبت الحركة الاسلامية بإيجاد مجلس شورى إسلامي عالمي يشكل من إيران دولة إسلامية لكل المسلمين لإيجاد الخلافة الإسلامية إلا أن ذلك لم يتحقق ثم مالبث الخلاف أن ظهر بين الحركة الإسلامية في كردستان والحكومة الإيرانية بعد تمسك الحكومة بخطها وعدم تجاوبها مع مطالب السنة مما أدى إلى سجنه مع حوالي /200/ من أعضاء الحركة الإسلامية الكردية .وبعد أن دخل السجن حكم عليه بالسجن خمس سنوات وقد تعرض خلال سجنه لأقصى أنواع التعذيب النفسي والبدني فمرت عليه الشهور والشهور في زنانين الخميني المظلمة التي لايدخلها شعاع الشمس وحجز لأربعة أشهر متوالية في دورة المياه ثم ترك يقاسي آلام مرضه دون تخفيف أو معالجة حتى أصبح لايستطيع أن يحرك يديه للصلاة وحتى قال الأطباء : إنه على مقربة من الموت , ورضي لنفسه أن يحاور وأن يناظر أو يدعى إلى محاكمة علنية واتهم ولم يسمح له بالدفاع عن نفسه ولم يسمح لأحد بزيارته .ومضت السنوات الخمس وتوقع الذين يحسنون الظن أن يفرج عنه لكن ذلك لم يحدث لقد طلبوا منه أن يوقع مكتوباً يلزمه بأن لايعود لمثل ما كان عليه وأبى الداعية العزيز ذلك وهو الذي اتصف بالاستقامة والتمسك بالحق ورفض التخلي عن الحق طلباً للنجاة بنفسه .ومع كل هذه المعامـلة الوحشية لأبناء الحركـة الإسلامية , فإن أعضاء الحركة لم يحملوا السلاح ضد إيران المسلمة ويتمسكون بمطالبهم وأسلوبهم في الحوار ودعوة الحكومة إلى تغيير أسلوب التعامل معهم . وأخيراً فقد أفرج عنه بعد قضاء /10/ سنوات في السجن وكان قد اشتد عليه المرض وأصيب بالعمى حتى توفاه الله , وكان آخر وصاياه : أوصيكم الا تخافوا إلا الله.
  12. مجلة الدعوة العدد 77 نوفمبر 1982
  13. مجلة الدعوة العدد 83 مايو 1983