الشيخ عبد المتعال منصور عرفة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
الشيخ عبد المتعال منصور عرفة.. عاشق القرآن

مولده

ولد بقرية بني عديات القبلية إحدى قري محافظة أسيوط في الثامن من ذي الحجة عام 1345 هـ الموافق الثامن من يونيو عام 1927م هذه القرية التي اشتهرت باسم قرية العلماء وذلك لإنجابها العديد من العلماء الأفاضل على رأسهم فضيلة الشيخ حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية الأسبق.

نشأته

التحق بأحد كتاتيب القرية عندما كان عمره خمس سنوات وفي سبتمبر 1936 عندما كان عمره تسع سنوات أتم حفظ القرءان وأجاد ترتيله. وفي نفس العام التحق بالمدرسة الإلزامية التي لم يكن يوجد غيرها في القرية ثم التحق بمعهد بني عديات الأزهري الذي كان معهداً أهلياً آنذاك حيث درس فيه التجويد والقراءات السبع وعلوم الفقه والحديث والتوحيد وبعضاً من علوم الصرف والبلاغة والعروض والقوافي؛

وحفظ فيه الكثير من المتون منها:

  • متن حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع للشيخ القاسم الشاطبي
  • متن الخريدة وجوهرة التوحيد
  • متن الجوهر المكنون في علوم البلاغة الثلاثة
  • متن التحفة والجزرية في التجويد
  • رسالة ابن أبي زيد القيرواني في فقه المالكية

وفي عام 1945 افتتح أول قسم في تاريخ الأزهر للقراءات بكلية اللغة العربية فسافر إلى القاهرة والتحق به في نفس الوقت الذي التحق أيضاً بالقسم العام بالأزهر لتلقي العلوم التي لا تدرس في قسم القراءات.

ترقيه في المناصب

وفي عام 1949 حصل على الشهادة العالية من قسم القراءات وفي عام 1953 حصل على شهادة تخصص القراءات للدفعة الأولي التي تخرجت من القسم وعين في نفس العام مدرساً بالقسم الذي تخرج فيه. وفي عام 1954 حصل على شهادة العالمية من الأزهر والتي كانت سلماً لعضوية هيئة كبار العلماء.

ثم اختاره الأزهر مبعوثاً إلى السودان حيث عمل هناك ناشراً للعلم النافع وذلك خلال الفترة من 1954 إلي 1957 قبل أن يعود للعمل بمعهد المنيا الأزهري.

وفي عام 1957 عقدت مسابقة بالأزهر لتعيين علماء مراقبين بالكادر الفني العالي فاجتازها بتفوق وعين مراقباً بالأزهر ثم انتدب للعمل في بعثة الأزهر بالجزائر فمكث هناك من عام 1963 حتي 1967 للتدريس بالمعاهد الدينية التي أنشئت على إثر استقلالها؛

وعاد إلى القاهرة فعمل في جامعة الأزهر في تدريس مادة التجويد في كلياته المختلفة فعمل في سلك التدريس وعمل أيضاً في السلك الإداري وتدرج في المناصب من وكيل لمعهد القراءات في شبرا وذلك في 1969 حتي أصبح شيخاً لنفس المعهد عام 1975 قبل أن يعين شيخاً للمقارئ المصرية لتعليم القراءات.

ولما أنشئت إدارة لشئون القرءان الكريم بالأزهر الشريف انتدب للعمل بها مديراً مساعداً عام 1977 مع احتفاظه بمشيخة المعهد ثم مديراً عاماً لإدارة شئون القرءان حتي عام 1985 حيث شاء الله أن يشرفه بمدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم وأن يصله بخدمة القرءان الكريم وذلك من خلال عمله مستشاراً بمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف ومديراً لمراقبة النص القرءاني الكريم بالمجمع.

وكان قد رشحه للعمل هناك شيخ المقارئ المصرية العلامة فضيلة الشيخ عامر عثمان عندما ضعفت صحته وعاد إلي القاهرة فتولى مهامه بالمجمع بالمدينة المنورة علي ساكنها أفضل الصلاة وأزكى السلام.

ولم تكن هذه المرة الأولي في مجال مراجعة المصحف الشريف فقد اشترك الشيخ عبد المتعال منصور عرفة من قبل في مراجعة أول مصحف للأزهر الشريف بتوجيه من صاحب الفضيلة الأمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر وبتكليف من مجمع البحوث الإسلامية؛

وذلك بالاشتراك مع مجموعة من العلماء الأفاضل على رأسهم فضيلة الشيخ عبد الفتاح القاضي وفضيلة الشيخ سليمان الصغير و فضيلة الشيخ محمد رشاد و فضيلة الشيخ محمد السيد وفا. ونظراً لقرب المطابع الأميرية من سكن الشيخ عبد المتعال فكثيراً ما شرف منزله وعمر باجتماع أعضاء هذه اللجنة فيه.

أما في مجال مراجعة القرءان الكريم برواية ورش عن الإمام نافع فقد قام فضيلته برئاسة لجنة لتعديل وضبط ومراجعة المصحف الشريف وذلك بإدارة إحياء التراث الإسلامي بدولة قطر مع مجموعة من الشيوخ الأجلاء.

نشاطه في مجال الدعوة

فضيلة عبد المتعال منصور مع فضيلة الإمام الأكبر الشيخ عبد الحليم محمود

هذا وقد كان للشيخ عبد المتعال العديد من النشاطات بعيداً عن مجال العمل الوظيفي. فقد كان رحمه الله رئيساً لجمعية المحافظة على القرءان الكريم والتي من خلالها تم فتح المساجد في محافظة الجيزة للعمل في مجال تحفيظ القرءان وذلك في أواخر السبعينات.

كما كان له الفضل الأكبر في بناء وإنشاء المعهد الأزهري بشارع الطيار فكري زاهر في مدينة التحرير بإمبابة وأيضاً المعهد الأزهري الابتدائي في بني عديات بأسيوط والذي أصر أهل القرية على تسميته باسم معهد الشيخ عبد المتعال الأزهري.

كما ساهم في مجال بناء المساجد وعمارتها فقد شارك بدور كبير في إنشاء مسجد النور بمدينة التحرير بإمبابة وتطوير وتحسين بناء المسجد وعمارته وتوسعته و أفاض الله عليه فأكرمه وشرفه ببناء مسجد الرضوان بقريته في بني عديات بأسيوط.

وقد بدأت جهوده في مجال نشر الدعوة الإسلامية منذ حصوله على شهادة العالمية وكان ذلك من خلال إلقاء الخطب في المساجد ولم يكن يقتصر على مسجد واحد فقد كان له أربعة مساجد بالقاهرة كل مسجد يلقي فيه خطبة الجمعة وحين يكون في الشهر خمس جمع تكون الجمعة الخامسة في أحد المساجد خارج القاهرة.

وقد ساعدت خطبه ودروسه التي كان يلقيها على هداية الكثير من الشباب والشيوخ وتعريفهم بأمور دينهم وساهمت بقدر كبير في شرح المفاهيم الصحيحة للإسلام بعيداً عن التطرف والتمسك بصغائر الأمور وبعيداً عن المسائل الخلافية وكثيراً ما كان يستضيء بقول رسول الله " بشروا ولا تنفروا يسروا ولا تعسروا" وقوله " إن هذا الدين يسر فأوغلوا فيه برفق ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه" وكان أساس منهجه في الدعوة قول الحق جل وعلا " ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة".

ومع أنك تجده سهلاً سمحاً في مجال الدعوة ألا أنك تجده في مجال العمل لا سهلاً ولا متسامحاً ولا تأخذه في الله لومة لائم فهو يضع نصب عينيه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ترضين أحداً بسخط الله" فلا مجال للقرابة ولا للوساطة في العمل وخاصة إذا كان هذا العمل يتعلق بكتاب الله فالقدرة علي العمل والكفاءة والنجاح هو الوسيلة لنيل الوظيفة والمثابرة على العمل و الإنتاج والإخلاص هو الوسيلة للترقي.

كما كان فضيلته رحمه الله مواظباً على أقامة مقرأة يومية للقرءان بعد صلاة الصبح وحتى شروق الشمس وقد تعلم فيها العديد من الشباب وشيوخ المنطقة كما كان يقيم حضرة للذكر في كل خميس بعد صلاة العشاء في مسجد النور بإمبابة ما لم يكن مسافراً وكان يحضرها الكثير من أهالي الحي.

ثم اتسع مجال الدعوة فلم يقتصر على المساجد وإنما تعداها إلى وسائل الإعلام المسموعة والمرئية. ففي الإذاعة كان له حظ وافر في برنامج "من بيوت الله" و" المسابقات القرآنية" و "مسجد التلفزيون" و الأحاديث الدينية. كما شارك في عضوية هيئة التحكيم للمسابقة القرآنية التي تقام في ماليزيا سنوياً لفترة ثلاث سنوات.

كان رحمه الله عذب الصوت يقرأ القرءان تسمعه غضاً طرياً سجله على شرائط برواية حفص عن عاصم ولكنه أوصى بعدم بيعها وعدم التربح منها وأجاز طبعها وإهداءها لمن يشاء ولكن بدون مقابل كما بدأ في تسجيل بعض الروايات الأخري ولكنه لم يتمها. وألف كتاباً بعنوان " كتاب الرياحين العطرة" شرح مختصر الفوائد المعتبرة في القراءات الشاذة للأربعة بعد العشرة.

وفاته

الشيخ عبد المتعال منصور كان القرءان هو روحه التي عاش بها فكان يقرأه ليل نهار دون كلل وكانت له في الأسبوع ختمة من القرءان الكريم برواية من الروايات العشرين. وفي عام 1992 اصطفاه الله بالبلاء في الأشهر الأخيرة من عمره ولم يتوقف لسانه عن ترتيل القرءان الكريم في أشد المواقف ألماً

بل أنك تعجب أنه في أواخر أيامه كثر دخوله في حالات الغيبوبة تلك الحالة التي ينقطع فيها الاتصال بالعالم الخارجي وبكل من حوله تجد أنه مازال يتلو القرءان.. يصمت ثم تسمع آيات من سورة البقرة.. يصمت ثم تسمع آيات من سورة ياسين ثم تسمع من الرحمن آيات وتسمع من الواقعة آيات..

لا يدري شيئاُ عن كل أحبابه الذين بجواره ولكنه فقط يذكر آيات الله. وكثيراً ما كنت تسمعه يردد قوله تعالى من وسط الغيبوبة "فلنعم المجيبون" وكذلك قوله تعالى "وكل شيء عنده بمقدار"

حقاً وصدقاً كل شيء عنده بمقدار، رحم الله مولانا فضيلة الشيخ عبد المتعال منصور عرفة ورضي عنه وأرضاه وأسكنه فسيح جناته