اللواء زكريا حسين: الحرب خالفت السيناريوهات المتوقعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
اللواء زكريا حسين: الحرب خالفت السيناريوهات المتوقعة

[03/09/2003]

مقدمة

اللواء زكريا حسين

-العراق سيعتمد على حرب المدن

-أمريكا حصلت على معلومات خطيرة من المفتشين

على خلاف توقعات المحللين الاستراتيجيين بدأت القوات الأمريكية البريطانية عدوانًا بريًا في الساعات الأولى للحرب حيث كان متوقعًا أن هذا التحريك لن يتم إلا عقب انتهاء القوات الجوية والقذف الصاروخي من مهامه.

الغريب أن هذه لم تكن المفاجأة الأولى للمراقبين فقد تضاربت المعلومات عن سقوط بعض المدن وعن أسر مئات الجنود العراقيين وإشارات إلى مقتل صدام حسين، وبالرغم من ذلك فكما يرى المحللون ليس هناك خسائر ذات قيمة في الجانب العراقي على عكس الإصابات التي لحقت بالقوات المعتدية حيث دمرت ثلاث طائرات وقتل نحو 16 جنديًا.

اللواء دكتور زكريا حسين مدير أكاديمية ناصر العسكرية العليا الأسبق يحدثنا في السطور القادمة عن هذه الأوضاع وما هي السيناريوهات المحتملة في الوقت الراهن؟

نص الحوار

  • سيادة اللواء كان من المتوقع على عادة الحروب الأمريكية أن ينطلق القصف الجوي فترة ثم تبدأ معه التحركات البرية بماذا تفسر التحرك البري مع الساعات الأولى للحرب؟
طبعًا هذا يؤكد أن طرح سيناريوهات المعركة قبل القتال مجرد تكهنات واجتهادات من المحللين العسكريين، فالتخطيط الاستراتيجي أو العسكري يحاط بدرجة كبيرة جدًا من السرية، وإذا تسربت معلومات فإما لوجود خطأ في جهاز المعلومات.
أو يكون بهدف الخداع الاستراتيجيى أو بغرض ممارسة حرب نفسية تكون بمثابة الرادع للطرف الآخر، وكان ذلك واضحًا عندما تحدثوا عن أمر القنابل التي تم إنتاجها خصيصًا لصدام حسين لإجباره على الرحيل، ومن ثم فما نراه اليوم هو المخطط الحقيقي الذي كان بعيدًا عن السيناريوهات المتوقعة.
  • ولكن هناك من يرى أن التحرك البري جاء كرد فعل على الضربات العراقية للكويت وهناك من يرى أيضًا أن الجنوب العراقي كان خاليًا من القوات العراقية مما شجع قوات العدوان على التحرك!
التخطيط الاستراتيجي لابد أن يبدأ منذ فترة كبيرة تسبق التنفيذ، وبالتالي لا يمكن تصور أن المخطط يتم تغيره مع بداية أعمال القتال لأنه في هذه الحالة يعتبر بداية فشل.
وما نراه اليوم هو أسلوب مختلف لإدارة العمليات المعتادة من القوات الأمريكية، ففي عاصفة الصحراء عام 1991م بدأت بحملة جوية وصاروخية استمرت 37 يومًا ثم حرب برية استمرت 4 أيام، وكذلك الحال في أفغانستان ضرب جوي وصاروخي لمدة 5 أسابيع ثم حدث التقدم البري نحو المدن الرئيسية.
وأما ما نراه الآن فهو صورة مختلفة جدًا فلا توجد ضربة جوية كاسحة بالدرجة المتوقعة؛ بل مجرد ضربات محسوبة على أهداف منتقاة.
ثم بداية توغل في الجنوب بلغ - وفقًا لما يذاع- نحو 15 كم من الجنوب إلى الشمال ثم إنزال بحري بريطاني في "الفاو".
والغريب في هذا التوغل عندما تشاهده تجده في صورة قوات متراصة ولا توجد أي مقاومة أو تدخل عسكري عراقي، كما أن حركة القوات الأمريكية سريعة جدًا على اختلاف المعتاد في الحروب، فمن المعتاد أن تكون سرعة التحرك بمعدل يدور حول 1-4 كم في الساعة، أما أن تسير مسافة 120 كيلو متر فهذا أمر غريب! خاصة وأن أفضل حالات النجاح هي 120-130 كم في الساعة.
  • وما هو تفسيركم إذًا لهذا الشكل الذي تسير به الحرب؟
من المؤكد أن هذه المنطقة كانت خالية تمامًا من القوات العراقية ويؤكد ذلك حجم الخسائر الواقعة، فبالرغم من أن المسافة التي تقدمتها القوات الأمريكية 150 كم إلا أن الخسائر العراقية 5 جنود فقط.
علاوة على ذلك فإن هذه المنطقة التي تمتد بين 27-32 درجة شمالاً هي منطقة محظورة على العراق منذ التسعينات.
ونفس الشيء أيضًا بالنسبة للمنطقة الشمالية من دائرتي عرض 36-39 شمالاً في منطقة تأمين الأكراد ومحرم على القوات الجوية العراقية التواجد فيها.
إذن العراق حقيقة كان لا يسيطر إلا على منطقة الوسط التي تمتد بين خطي عرض 32-36 شمالاً.
وبالتالي حتى الآن لم نرَ قتالاً حقيقيًا بين القوات وإن المعركة الحقيقية سوف تبدأ بمهاجمة العاصمة العراقية بغداد.

الجنوب العراقي

  • هناك من يرى أن فراغ الجنوب العراقي من القوات بهدف جر العدو الأمريكي إلى حرب المدن التي يتوقع صدام تفوقه فيها! فما تعليقكم؟
حسب ما هو واضح حتى الآن أن الرئيس العراقي وضع كل خططه على إدارة حرب المدن التي تعتمد بالدرجة الأولى على عدم سقوط بغداد والمدن الرئيسية، فقد أقام حولها الكثافات الدفاعية الشديدة.
ومن هنا وجدنا مقاومة شديدة حول مدينة البصرة رغم عدم وجود قوات كافية بها.
وكذلك الحال في الاستيلاء على أم القصر التي استمرت المقاومة فيها أكثر من 48 ساعة بين أنباء متناقضة عن سقوطها من عدمه واستسلام 260 جنديًا عراقيًا بها ولم يتأكد صحته حتى الآن، وإذا صح ذلك فإنها قوة متواضعة جدًا للدفاع عن مدينة، ومن ثم ما يحدث حتى الآن هو مجرد تحركات وليس قتالاً، والمغالاة بأن صدام يخطط لاستدراج قوات التحالف سابق لأوانه مع الوضع في الاعتبار أنه يجب أن ندرك أننا أمام دولة عظمى، ولها أجهزتها التخطيطية والتدميرية رفيعة المستوى، ولديها معلومات عن العراق تصل إلى 100% حصلوا عليها من خلال المفتشين الدوليين الذين كان هدفهم التأكد من كل المعلومات العسكرية داخل العراق.
علاوة على ذلك فإن أي دولة تخوض أي معركة ولديها حجم معلومات 40% تعتبر دولة محظوظة جدًا وتعتبر هذه المعلومات ثروة، فما بالك بنسبة 100% ولكن وبالرغم من التفوق الأمريكي فقد تم تحطيم ثلاث طائرات وقتل نحو 16 جنديًا حتى الآن مقابل خمسة عراقيين.
وليس من المنطق أو المقبول أن الصدفة تجعل ثلاث طائرات تتحطم في وقت واحد عقب اندلاع الحرب بـ 48 ساعة، فهذا الأمر يدل على حجم التشويش الذي تلعبه الولايات المتحدة وحجم الحرب النفسية التي تمارسها.
إضافة إلى ذلك فأنا أتوقع أكبر حرب مدن تخوضها العراق وتخوضها الولايات المتحدة ولكن بالاعتماد على الأكراد في الشمال حيث يوجد نحو 200 ألف جندي كردي تبدأ تحركاتهم بدخول المدن الرئيسية لمواجهة المقاومة وبعد أن تضعف مقاومة القوات العراقية تبدأ القوات الأمريكية في التقدم.
  • كيف تتوقعون سير المعركة حول المدن؟
سوف تكون هناك مقاومة شرسة من قِبَل العراق ولكن يصعب توقعها وفي الوقت ذاته سوف تتميز القوات الأمريكية بأجهزة الرؤية الليلية التي تملكها والتي تمنحها فرصة في الوقت الذي تصعب فيه الرؤية للقوات العراقية.
وما نراه الآن لا يمكن أن ينبئ بطبيعة النتائج ومبكرًا جدًا أن نشير إليها الآن فالأدوات الأمريكية لم يتم اختبارها وكذلك الجيش العراقي والدفاع الشعبي والقوات التي تم تدريبها على العمليات الفدائية لم يتم اختبارها أيضًا.
  • بعض الخبراء الاستراتيجيين أشاروا إلى أن الحرب في عاصفة الصحراء كانت تهدف إلى تدمير البنية الأساسية ولذلك كان الاشتراك البري آخر الخطوات، الأمر الذي يختلف مع الحرب الجارية الآن حيث يكمن في احتلال العراق والحفاظ على البنية الأساسية للحكومة الموالية للولايات المتحدة التي ستفرض على البلاد. فما مدى اتفاقك مع هذه الرؤية؟
هذا الكلام صعب أن نقره كحقائق، فحفاظ القوات الأمريكية على البنية الأساسية مشكوك فيه، فهم يعدون "أم القنابل" لاستخدامها في التدمير، والمعركة حتى الآن لم تبدأ بعد، علاوة على أنه من الواضح أن الولايات المتحدة تدير حربًا نفسية مستغلة وسائل الإعلام والمراسلين الصحفيين التي تضعهم في الأماكن المناسبة لها ثم تبالغ بعد ذلك في سير العملية الحربية والرغبة في إحداث بلبلة متعمدة.

الأسلحة البيولوجية

  • بماذا تفسر التحذيرات التي يوجها رامسفيلد للقوات العراقية بعدم استخدام الأسلحة البيولوجية والكيماوية في حالة صدور أوامر لهم من صدام؟
ليس مقبولاً أو من العقلانية أن يستخدم صدام هذه الأسلحة وإلا سيعطي للولايات المتحدة الذريعة لتؤكد للعالم أن حربها كانت ضرورية وعلى حق ومن ثم يفقد كل التأييد العالمي الذي حظي به في الفترة الأخيرة، وصدام وكل مستشاريه حريصون على أن يؤكدوا للعالم أنهم لا يملكون هذه الأسلحة وأن هذه الحرب ظالمة وغير مشروعة.
  • الحديث قبل المعركة كان يدور عن هجوم من الجنوب ناحية الكويت وآخر من الشمال تجاه تركيا وكان مستبعدًا أن يحدث هجومًا من الغرب ناحية الأردن. فبماذا تفسر ورود أخبار تشير إلى أن صدام قد صد هجومًا من ناحية الأردن؟
لم يثبت حتى الآن وجود هجوم من ناحية الأردن، فهذه مجرد أقوال وإن المخطط له هجوم من الجنوب وهو الرئيسي، وحتى الشمال لم يستخدم حتى الآن.
وبالنسبة للشمال هناك اعتقاد بأن الهجوم من ناحيته لم يحسم حتى الآن فالبرلمان التركي لم يوافق على استخدام القوات الأمريكية للقواعد الموجودة في تركيا إلا منذ 48 ساعة، وكذلك لا زال هناك خلاف بين تركيا وأمريكا حول مشاركة الأولى في التحرك نحو الأراضي العراقية؟
لا يمكن أن تبنى خطة حرب وهناك مشاكل لم تحسم، فالحديث عن حرب لا يبنى على احتمالات وإنما يبنى على حقائق مؤكدة ورغم ذلك فهناك بدائل أكيدة في الشمال العراقي حيث المطارات الجاهزة.

المصدر