المحطة التاسعة ( السكن مع العجوز )

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المحطة التاسعة ( السكن مع العجوز )

·قدر الله أن يوفقنا إلى سكن، كنت أتمناه أنا وزوجتي، عند عجوز كبيرة، لا تشرب خمراً، ولاتقتني كلباً، وليس عندها في البيت رجال. وكان اسمها السيدة (ليبرت) وكانت تسكن الطابق العلوي، ونحن نسكن الطابق الأول، في بيت مستقل وحديقة مستقلة، وقد عرفنا لاحقاً أن زوجها قد مات، ولم يكن لها ألا بنتٌ واحدة متزوجة، ولم نرها إطلاقاً، إذ لم تزر والدتها طيلة سنوات وجودنا معها.

·وكان التعامل معها في السنة الأولى يغلب عليه طابع الجدية، والرسمية، وكنا نحسن إليها ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً؛ نرسل لها بعض الطعام، وندعوها لتناول فنجانٍ من الشاي ...

وبعد أن عرفتنا جيداً، وتوطدت العلاقة بيننا، أخذت تقدم لنا خدمات لا تصدق: تحملنا بسيارتها الخاصة إلى المسجد، وتأخذ زوجتي من الكلية وإليها في الوقت المحدد ... ونظن أنها قد غلبتنا بالإحسان .... حتى طمعنا بإسلامها على أيدينا، فكلمناها بذلك، وأهدتها زوجتي كتباً عن الإسلام، إلا أنها اعتذرت ولم تستجب.

·في ذات يوم كانت في حديقة المنزل - وكانت تحافظ على تناسق الحديقة وزهورها ونجيلها بشكل مستمر - وكانت الشمس ساطعة، والجو مناسباً جداً للجلوس في الحديقة، فدعتنا للجلوس معها، وأحضرت لنا مقاعد خاصة، يستعملونها لأخذ أكبر قسط من الشمس، في مثل ذلك الجو.

·جلسنا معاً وسألتنا بعض الأسئلة، وباحت لنا ببعض مكنون صدرها، سألت زوجتي قائلة: يمر يوم كامل ولا أسمع لكما صوتاً ...! حتى أنني أشك أنكما في البيت .... !! ألا تتشاجرا كباقي الأزواج ...؟؟ ضحكنا وكنا نظنها تمزح، ثم أكدت أنها جادة ... فقلنا لها: لا داعي للشجار، مادام كلٌ يعرف حقوقه وواجباته. قالت: غريب ...!! هل كل أهل الأردن مثلكم ؟؟ قلت: نعم ...!! قالت: "إن كان ذلك كذلك فستسودون العالم ...!"

·ثم قالت لنا: نساؤكم أميرات، إذا طلبن أمراً، يأتيهن إلي البيت ...! وإذا رغبن الذهاب إلى مكان ما، تأخذوهن بالسيارة من البيت، وتعيدوهن بالسيارة كذلك ...!

ثم أردفت تقول: أتدري لماذا نخرج نحن الإنكليزيات من البيوت ؟

نخرج للعمل والتحصيل ...

لأننا لا نجد من ينفق علينا ويخدمنا ...

لو نجد نصف ما تجد نساؤكم ... لما خرجنا من بيوتنا ...!

أتدري لماذا يربي الكبار منا كلاباً في البيت ؟؟

ببساطة لحمايتنا... ثم لتدل علينا إذا متنا ...!

"ابنتها لم تزرها قط خلال ثلاث سنوات علماً أنها تسكن بريطانيا".

قلت في نفسي: يا إلهي !! ليت كل نساء المسلمين يسمعن هذا الكلام ...

من هذه المرأة ... الكبيرة ... الخبيرة ...

نعم المرأة ملكة البيت. ومن مدرستها في بيتها ... وحنانها ... تتخرج الأجيال.

المصدر