حماس عصية على الانكسار والحصار

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


حماس عصية على الانكسار والحصار يزيدها قوة وتمساكاً

أبو أيمن طه أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"

الشيخ أبو أيمن طه

محمد صالح طه "أبوأيمن" أحد قادة حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وأحد رجالها الأوائل، عايش الشيخ أحمد ياسين، وعمل معه جنباً إلى جنب في تأسيس الحركة وتثبيت دعائمها، اعتقل ثماني مرات في سجون الاحتلال، وسبع مرات في سجون السلطة، وكان ضمن المبعدين إلى مرج الزهور.

يسكن الشيخ طه مخيم البريج للاجئين بعد تهجير عائلته عن قرية "يبنا" وسط فلسطين المحتلة إبان العام 48، عمل في مدارس الوكالة لمدة30 عاما، وخطيبا لمسجد التقوى في المخيم، ولمع نجمه كرجل للإصلاح لجرأته في قول الحق ودوره الاجتماعي في الإصلاح بين الناس.

قدّم "أبو أيمن طه" نموذجاً للقائد الرباني الذي رهن حياته وأبنائه لدينه ووطنه حيث هدم بيته في مطلع شهر مارس 2003 على أيدي قوات الاحتلال واعتقل جريحاً مع ابنه أيمن، ومن ثم سجن مع أولاده الثلاثة، واغتالت قوات الاحتلال ابنه ياسر أحد أبرز مهندسي العبوات بكتائب الشهيد عز الدين القسام عندما استهدفته صواريخ الأباتشي في 12/6/2003 لتنال من زوجته الحامل وطفلتها الوحيدة "أفنان".

انتخب الشيخ رئيساً لبلدية البريج خلال الانتخابات البلدية إبان العام 2005 وتسنى له تولي مهامه في أعقاب أحداث حزيران 2007 .

نلتقي الشيخ اليوم لنستطلع آراءه وتقييمه للعديد من المواقف والمراحل التي مرت بها الحركة خلال الفترة السابقة. حيث اعتبر الشيخ "أبو أيمن طه" أن تماسك الحركة وصمودها على مدار 21عاما أمام محاولات استئصالها كان نتيجة مسيرة طويلة سبقت انطلاقتها اعتمدت فيها على التربية والإعداد والتأسيس والبناء.

وحول التفوق النوعي الذي حققته حماس في المواجهة المسلحة وتفوقها على من سبقوها مع الاحتلال قال طه "نحن لا ننكر دور أحد، لكن السر في التفوق العسكري للحركة هو التربية الصحيحة، والنفس الطويل، والنية الصادقة في مواجهة العدو، والفضل ليس لمن سبق ولكن لمن صدق، والفضل لله قبل كل شيء".

وتطرق طه في حديثه إلى الاتهامات التي وجهت للحركة في أول عهدها عندما وصفت بأنها "صنيعة الاحتلال" أوضح قائلاً: "هذا الاتهام لا يستحق الرد وتعبير عن عجز وإفلاس من يتبناه، فإذا كانت حماس صنيعة الاحتلال وصنعت ما صنعت بالعدو فكيف لو لم تكن كذلك؟؟، معتبرا أن البعض أطلق هذه الاتهامات عندما رأى شعبنا يحتضن الحركة وينفض يديه من بعض التنظيمات التي أثبتت فشلها وعجزها في تحقيق تطلعات شعبنا والحفاظ على مقدراته وقضيته".

"حماس" انطلاقة في الوعي الفلسطيني

وتحدث "أبو أيمن طه" عن الانجاز الأكبر الذي حققته حماس خلال مسيرتها، قائلاً: "إنها أعطت درساً عمليا للجميع بأن الجهاد هو الطريق الوحيد لرفع الظلم عن شعبنا ودحر الظالمين، وأحدثت بانطلاقتها انطلاقة في الوعي الفلسطيني بعدما روج البعض أن شعبنا لا يملك مقومات المقاومة ولا يستطيع مواجهة العدو ولا خيار سوى المفاوضات والتنازل، كذلك جاءت حماس لتثبت أن هذا العدو لا يفهم سوى لغة القوة واندحاره عن غزة تحت ضربات المقاومة خير دليل".

نجحنا في إعادة التوازن للقضية الفلسطينية

وأضاف طه بأن حركته أعادت التوازن السياسي للقضية الفلسطينية بعد سيطرة تيار يؤمن بالمفاوضات وتقديم التنازلات كخيار استراتيجي، فوجود حماس وتمسكها بالثوابت الفلسطينية عبر عن الوجه الحقيقي للقضية، ونجحت الحركة ومعها فصائل المقاومة أن تحافظ على القضية الفلسطينية وتحميها من عبث التنازلات والتفريط".

الشيخ أحمد ياسين ومواقف مؤثرة

ووصف "أبو أيمن طه" الشيخ المؤسس أحمد ياسين بالقائد الرباني وبأنه النموذج الحقيقي لكل السالكين طريق الحق، "فرغم مرضه إلا أن إرادته النابعة من قوة إيمانه جعلته يتربع في القمة"، وقال طه: "يحضرني في هذا المقام مقولة للشيخ أحمد ياسين قاله فيها (لن أستجيب لما يدعوني إليه اليهود مهما كان الأمر حتى لو طلبوا مني أكل البطيخ سأرفض ذلك)".

وحول المواقف المؤثرة التي جمعته بالشيخ أحمد ياسين يتذكر "أبو أيمن طه" "عندما اعتقلته قوات الاحتلال إبان الانتفاضة الأولى وعجز عن انتزاع اعترافاته، فقرر المحقق مواجهته بالشيخ أحمد ياسين مدعيا أن الشيخ أعطى أوامره للجميع بالاعتراف بحجة عدم وجود فائدة من الإنكار، وعندما وقفت أمام الشيخ، طالبه المحقق بأن يتحدث إلي، فرد الشيخ: ماذا أقول كل إنسان أدرى بنفسه، فقلت: يا شيخ: أيجوز أن أدعي وأقول أني فعلت كذا وكذا وأنا لم أفعل شيئاً؟ فرد الشيخ بكل ثقة: لا يجوز، الله يقويك ويثبتك، فجن جنون المحقق لأنه الشيخ حرضني على الثبات أمامه.

كيف حافظت "حماس" على وحدتها؟

بين الفينة والأخرى تتردد بعض الإدعاءات بوجود انشقاقات داخل الحركة، وصراع على القيادة بين الداخل والخارج، والضفة وغزة، لكن الواقع في كل مرة يفند ذلك وتظهر "حماس" أكثر وحدة وتماسكاً، "أبو أيمن طه" اعتبر تلك الإدعاءات في إطار الحرب الإعلامية ضد الحركة، فحماس أكثر التنظيمات تماسكا ووحدة، معللاً: "هناك اتفاق تام على المبادئ والأهداف، وإن حصل اختلاف في وجهات النظر في الوصول للأهداف فإن الشورى تلزم الجميع، وتحسم الموقف، ويشارك أبناء غزة والضفة والسجون والخارج في صنع القرار، ويحترم رأي الأغلبية".

ورأى طه بأن حركته لم تشهد انشقاقات كغيرها رغم مرور عقدين على انطلاقتها ومرورها بأحداث جسام لأن القيادة متجددة باستمرار داخل الحركة، ولا تقديس للأشخاص مع الاحترام الكبير لأصحاب السبق، وكذلك لتبنيها الشورى التي تحكم الجميع.

التنسيق الأمني طعنة في الخلف

شهد عام 1996 ذروة الحملة الأمنية التي شنتها السلطة ضد حركة "حماس" حيث طالت تلك الحملة كافة مظاهر الوجود الحمساوي في القطاع في أعقاب سلسلة من العمليات الاستشهادية نفذتها الحركة داخل أراضي 48 اعتقل على إثرها المئات من عناصر الحركة، وأغلقت مؤسساتها وتعرضت لعملية اجتثاث حقيقي وصفها "أبو أيمن طه" بالحرب الحقيقية تماما مثلما تتعرض له الحركة الآن في الضفة الغربية المحتلة.

وأضاف طه الذي اعتقل 7 مرات في سجون السلطة بأن "حماس" لم تخطط يوما للصدام مع السلطة، بل استقبلتهم بكل ترحيب عن عودتهم إلى أرض الوطن، لكن التزام السلطة باتفاق أوسلو والتنسيق الأمني مع الاحتلال وملاحقة المقاومين كل ذلك أسهم في تفتيت وحدة الشعب.

واعتبر طه بأن حركته تحملت من السلطة ما لم يحتمل إبان العام 96 وصبرت واحتسبت لأنها كانت تدرك بأن ما تتعرض له يفضح السلطة وأهدافها ويسهم في خسارتها شعبيا.

وقال طه "لقد تعاملت الحركة بكل حكمة وسعة صدر مع اعتداءات السلطة وجرائمها بحقها في ذلك الوقت واحتسبت جراحها وجراح أبناءها كي لا تتهم بأنها لم تمنح السلطة فرصتها، وحقناً للدماء"، وتوقع أن تلقى السلطة في الضفة المصير ذاته الذي لاقته في غزة إذا استمرت في العمل كوكيل أمني للاحتلال.

"حماس" والعمل السياسي

ومن جانب آخر، أكد طه عدم وجود أي ندم لدى حركته لأنها قررت دخول معترك العمل السياسي معقباً "الندم دائما يكون في القرارات المتسرعة، التي لا تأخذ حقها من الدراسة، لكن "حماس" عندما قررت خوض الانتخابات كانت على قناعة تامة بأنه لابد من ذلك".

وحول أهم الدوافع التي أدت بالحركة للعمل السياسي قال طه "أثبتت الأحداث والوقائع أن الآخرين استغلوا غياب الحركة عن العمل السياسي، فأفسدوا في الأرض دون حسيب أو رقيب، وأرهقوا شعبنا وزادوا من معاناته إلى جانب معاناة الاحتلال، فاقتنعت الحركة بأنه لن تنضبط الأمور وهي بعيدة، فكان لابد من المشاركة السياسية وتحمل المسؤولية والدفاع عن شعبنا من عبث الفاسدين، وأثبت الواقع بأن مشاركة حماس وضعت حدا لمسلسل الفساد والفلتان، وأبرزت الصوت المقاوم على الساحة الإقليمية والدولية".

"حماس" تقوض إمبراطورية الفساد

سألنا "أبو أيمن طه" لماذا لم تمنح حماس الفرصة رغم أنها حازت على ثقة الأغلبية في انتخابات نزيهة شهد بها العالم، فأجاب طه: "إن اللص كما يكره النور لأنه يفضحه فإن أهل الشر والفساد يكرهون الخير وأهله لأنهم يفضحونهم ويكشفون حقيقتهم، لذا لجأ المفسدون إلى وضع العراقيل أمام الحركة منذ اليوم الأول لأنهم يعرفون سلفاً أن نجاح الحركة في الحكم يعني انهيار إمبراطورية الفساد التي يتربعون على عرشها".

الحصار وأثره على "حماس"

الحصار رفع من أسهم حماس هكذا رأى الشيخ "أبو أيمن" معتبراً أن مهرجان الانطلاقة الأخير خير دليل على تعاظم قوتها حول الحركة قائلاً: "إن صمود الحركة وصمود الشعب الفلسطيني أسهم في إفشال توقعات من يقفون وراء الحصار، لأنهم أرادوا أن ينقلب الناس على الحركة، وأن يلفظوها، فجاء الاحتضان الشعبي لها واضحا في مهرجان الانطلاقة ليحطم آمال من يحاصرون شعبنا، فحماس اليوم ترتفع أسهمها في الشارع الفلسطيني، وكذلك تشق طريقها بثبات في الساحة الإقليمية وتثبت حضورها رغم الحصار الخانق والمشدد".

مستقبل الحركة بعد 21 عاما

وأبدى الشيخ محمد طه الذي ينتمي لجيل المؤسسين لحركة حماس ثقته بالمستقبل الذي ينتظر حركته، قائلاً "أنا على يقين أن المستقبل لديننا وشعبنا وأمتنا ولن يردنا الله خائبين، والحركة تشق طريقها بكل ثبات رغم المؤامرات التي تتعرض لها، وهي اليوم أمل الأمة ومحط أنظارها، وما دامت تتوخى مرضاة الله في سياساتها فالنصر حليفها بإذن الله، وأمام صمودها وتمسكها بالحق ستتحطم مخططات المتآمرين".

وصية إلى قيادة الحركة والحكومة

واختار "أبو أيمن طه" أن يختم حديثه معنا بوصية لقيادة حركة حماس وللحكومة الفلسطينية قال فيها "أوصي إخواني ونفسي بتقوى الله، وبالتواضع له، وعدم الاغترار بما أنعم علينا من خير وعزة، وأن لا ننسب الفضل لأنفسنا بأي حال، وأن نحسن إلى الناس جميعا، وأن ننصف المظلوم، ولنتذكر بأن شعبنا وضع ثقته فينا، فلنكن للشعب كله بحجم الثقة التي منحنا إياها" متمنيا أن تحل الانطلاقة القادمة في ربوع المسجد الأقصى.

المصدر:فلسطين الأن