خطاب بوش من شأنه أن يعزز خيار المقاومة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
خطاب بوش من شأنه أن يعزز خيار المقاومة

بقلم : الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

لقد جاء خطاب بوش واضحا في لغته، وتوجهه، لا لبس ولا غموض فيه، منحازا تماما للكيان الصهيوني، ومعاديا لأماني وحقوق وتطلعات شعبنا الفلسطيني، مما يسر على المحللين فهم ما انطوى عليه من سياسات، خاصة أنه لم يشكل خروجا عن الموقف الأمريكي الثابت والمتمثل في العداء للفلسطينيين وللعرب وللمسلمين،.

فلم يكن المحللون بحاجة للغوص في الأعماق لفهم الجوهر، ولكنني ولأسباب سأذكرها أرى أن خطاب بوش قد قدم خدمة جليلة للشعب الفلسطيني ولقضيته العادلة، وصدق الله العظيم إذ يقول ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم )، فهذا الخطاب الحاقد والمنحاز كان في واقع الأمر انتصارا لخيار المقاومة الفلسطينية، وصيانة للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من التآكل المتواصل، وسياجا واقيا يحول دون تمزق الصف الفلسطيني بين أنياب الغموض الخادع، ولذا فإني متفائل جدا وذلك للأسباب التالية:

أولا :

إن إعلان بوش الحرب على المقاومة حيث يقول ( وليس هناك من سبيل لتحقيق هذا السلام حتى تحارب كل الأطراف الإرهاب )، واتهامه لها، ووصفها بالإرهاب، لن يؤدي إلا إلى تعزيز مكانتها في قلوب الفلسطينيين الذين لم يمنعهم الجوع والحصار والدمار والاجتياح والاغتيال والمذابح الجماعية وكل أشكال المعاناة من تقديم التأييد المستمر لها، فآخر استطلاع للرأي بين أن 86% من الشعب الفلسطيني مع المقاومة، وأن أكثر من 60% مع العمليات الاستشهادية، وأما على صعيد الشعوب العربية والإسلامية فما من شك أن النسبة ستكون أعلى من ذلك بكثير، ولذا فإن بوش اتخذ موقفا معاديا للغالبية الساحقة في فلسطين والعالم العربي والإسلامي، مما سيدفع الجماهير العريضة إلى الالتفاف حول خيار المقاومة، لأن الجماهير بفطرتها السليمة، ووعيها، ونخوتها تقف دائما مع من تناصبه أمريكا العداء، خاصة إذا كان العداء الأمريكي يمس كرامة الأمة ذاتها وحقوقها المشروعة.

ثانيا :

إن في قول بوش ( سيظل المواطنون الإسرائيليون يقعون ضحايا للإرهابيين ومن ثم ستظل إسرائيل تدافع عن نفسها ) تنكر واضح لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، وعلى رأسها حقه في الدفاع عن نفسه ضد احتلال غير مشروع وعدوان غاشم سبب للفلسطينيين معاناة تزيد على القرن، في الوقت الذي فتح فيه الباب على مصراعيه أمام شارون كي يرتكب المزيد من المجازر بحجة الدفاع عن النفس، إن هذا الموقف العدائي من قبل بوش لم يترك هامشا للخلاف بين مختلف الفصائل الفاعلة في المجتمع الفلسطيني، ولم يترك أيضا هامشا لخيارات أخرى غير خيار المقاومة، وهذا الموقف المنحاز سينعكس إيجابا لصالح تعزيز المقاومة، وتوحيد الجهد الفلسطيني الذي كان يراد له أن يدخل في تناقضات خطيرة تبدده هباء منثورا مما يساهم في تعزيز أمن واستقرار الاحتلال.

ثالثا :

إن مطالبة بوش الأنظمة العربية بالتصدي للمقاومة المشروعة حيث يقول ( وقد سبق وقلت في الماضي إن الدول إما معنا أو ضدنا في حربنا ضد الإرهاب، وعلى كل رئيس ملتزم بالسلام فعلاً أن يضع حداً للتحريض على العنف في وسائل الإعلام الرسمية ويدين علناً التفجيرات القاتلة، إن أي دولة ملتزمة فعلاً بالسلام يجب أن توقف تدفق المال، والمعدات والمجنّدين الجدد إلى الجماعات الإرهابية التي تسعى إلى دمار إسرائيل، بما في ذلك حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله، وينبغي أن تختار سورية جانب الصواب في الحرب على الإرهاب عبر إغلاق وطرد المنظمات الإرهابية )، .
وكذلك مطالبة بوش الدول العربية بالتطبيع مع العدو أولا، إذ يقول ( أثناء تقدمنا نحو حل سلمي نتوقع من الدول العربية أن تقيم علاقات دبلوماسية وتجارية أوثق مع "إسرائيل"، تقود إلى تطبيع تام للعلاقات بين "إسرائيل" والعالم العربي )، إن هذه المطالب التعجيزية في ظل غياب الأفق السياسي الذي يمكن الأنظمة العربية من الدفاع عن نفسها أمام شعوبها في حال تأييدها لمضمون الخطاب يجعل التأييد العربي الرسمي لمحتوى هذا الخطاب أمرا صعبا ومحرجا للغاية، مما سيمكن خيار المقاومة من الإفلات من مخطط خطير يرمي إلى تضييق الخناق عليه ووضعه في قفص الاتهام، ولكن على النقيض من ذلك فقد يتعزز خيار المقاومة كخيار وطني وحيد، لأن البديل هو التسليم بالهزيمة، والتفريط بالحقوق المشروعة، وما من شك أن هذا البديل لو أخذت الأنظمة به - وما أظنها فاعلة - سيقود المنطقة بأسرها إلى زلزال سياسي يصب في النهاية في صالح خيار المقاومة.

رابعا :

وفي قوله ( لن تقوم الدولة الفلسطينية بالإرهاب، سوف تبنى من خلال الإصلاح، وسوف يتطلب الإصلاح مؤسسات سياسية واقتصادية جديدة تماما تعتمد على الديمقراطية واقتصاديات السوق والتحرك لمكافحة الإرهاب ) فقد وضع بوش القيادة الفلسطينية أمام خيارين اثنين، إما الوقوف مع خيار المقاومة، أو أن تصبح جهازا لحديا يعمل لصالح أمن واستقرار الاحتلال ورفاهية وسلامة المستوطنين، فإذا أخذت بالخيار الأول فنرى في ذلك إسنادا لخيار المقاومة، وتعزيزا لوحدة الشعب الفلسطيني، وتقوية للصف والموقف الفلسطيني، وأما إذا أخذت بالخيار الثاني، .
وبدأت في مقاومة المقاومة فستصبح سلطة معزولة متهمة مما يعزز خيار المقاومة، وستزداد عزلتها في ضمير ووجدان الجماهير الفلسطينية والعربية والإسلامية، وستصبح جسما غريبا مرفوضا، ولن ينفعها حينها الرضى الأمريكي، وكل ذلك سيعزز لا محالة خيار المقاومة، ويضع العدو الصهيوني بالتالي أمام خيارين اثنين، إما الانسحاب والإقرار بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، أو تحمل تبعات مواجهة باهظة التكاليف.

خامسا :

ئشإن سياسة الجزرة أخطر علينا بكثير من سياسة العصا، فالأولى تشرذمنا وتشق صفنا، وأما الثانية فتقربنا من بعضنا وتوحد صفنا الداخلي، وهذا هو الفرق بين يوسي سريد وشارون، إن سياسة الأول تقدم للشعب الفلسطيني ما يصرفه عن كامل حقه المشروع وفي نفس الوقت تؤسس لمرحلة خطيرة من الانقسامات الداخلية، وأما الثاني فيضع الشعب الفلسطيني أمام تعنت صهيوني واضح، مما يجعل خيار المقاومة خيار الأغلبية الساحقة، وهذا بالتأكيد سيؤدي إلى صيانة الحقوق من الضياع، وصيانة الوحدة الوطنية في بوتقة المقاومة.

فخطاب بوش على انحيازه الكامل من شأنه أن يعزز خيار المقاومة، ويبشر بمرحلة صعبة ستكون وبالا على الصهاينة المحتلين.

المصدر

للمزيد عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي

ملفات متعلقة

مقالات متعلقة بالرنتيسي

مقالات بقلم الرنتيسي

تابع مقالات بقلم الرنتيسي

.

حوارات مع الرنتيسي

حوارات مع عائلة الرنتيسي

بيانات حول إغتيال الرنتيسي

أخبار متعلقة

تابع أخبار متعلقة

.

وصلات فيديو

.