د. خليل العناني يكتب: المغيّبون

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د. خليل العناني يكتب: المغيّبون


(12/10/2014)

د. خليل العناني

قبل حوالي شهر قرأت خبراً عن احتفال حزب "الوفد" بالذكري السنوية لعيد "الجهاد".

ما لفت نظري ليس فقط عنوان الخبر ومضمونه والذي يشعر القارئ بأن حزب "الوفد" هو الحزب الحاكم وأن جميع القراء لابد وأن يعرفوا ويحتفلوا بـ "عيد الجهاد"، وإنما كونه يعكس حالة "التغييب" التي يعيشها من يُفترض أنه أحد أكبر وأهم الأحزاب المصرية خلال العقود الثلاثة الماضية.

ولمن لا يعرف فإن "عيد الجهاد الوطني" والذي يوافق الثالث عشر من نوفمبر كل عام هو احتفال بذلك اليوم من عام 1918 الذي ذهب فيه الزعيم سعد زغلول وعلي شعراوي وعبد العزيز فهمي إلى المندوب السامي البريطاني آنذاك السير ويجنت كي يطالبوه بالسماح لهم بالسفر إلى باريس للمشاركة فى مؤتمر "الصلح" الذي عقد بين القوى المنتصرة وخاصة فرنسا وبريطانيا فى الحرب العالمية الأولي والقوى المهزومة وخاصة ألمانيا من أجل عرض قضية استقلال مصر. ومع رفض السير ويجنت بحجة أن سعد ورفاقه لا يمثلون الشعب المصري، دعا هذا الأخير إلى بدء حملة التوقيعات الشهيرة التي فوّضت سعد ورفاقه التفاوض باسم المصريين فأصبح ذلك اليوم عيداً وطنياً للمصريين حتى جاءت ثورة 52 وألغت الاحتفال به ولم يعد يحتفل به سوى حزب "الوفد".

دعك من أن الشعب لا يعرف شيئاً عن "عيد الجهاد"، وذلك بافتراض أنه يعرف "حزب الوفد" أو من يترأسه أصلا.

ولكن ما يلفت النظر هو الحالة البائسة التي يمر بها هذا الحزب منذ عودته للحياة السياسية قبل ثلاثة عقود ونيف وتحديداً منذ رحيل الباشا فؤاد سراج الدين.

فبدلاً من أن يهتم الحزب وقيادته بالمستقبل فإنهما لا يزالان يعيشان فى "جلباب الماضي" يبحثان فيه عن رمز ومعني قديم فى ظل الفشل فى إيجاد معني ورمز جديد يمكن للأجيال المقبلة أن تتذكرهم به.

قيادة حزب "الوفد" هي أشبه بالأمير شوكت حلمي (أحمد مظهر) فى فيلم "الأيدي الناعمة" الذي كان يتفاخر بكونه أميراً و"ابن ناس" لا يريد العمل، فى حين كان يعيش "عالة" على الأخرين.

وبدلاً من أن يكون الحزب لاعباً أساسياً فى الحياة السياسية تحوّل هو وقيادته إلى "كومبارس" يقوم بدور "السنّيد" للحكومات المتعاقبة منذ مبارك وحتى الآن.

ولعل أقصى ما يقوم به الحزب هو الاستفادة من موقعه الجغرافي فى قلب "حي الدقي" ومن الفيلا الكبيرة التي تركها الباشا فؤاد سراح الدين وقاعة اجتماعاته التي يتم استخدامها فى اجتماعات القوى السياسية التي تشارك أيضا بدور "الكومبارس" فى الحياة السياسية.

وكأن الحزب يكتفي بتأجير قاعاته لغيره من القوى السياسية دون أن يكون له دور مؤثر أو قوى في صياغة مواقفها وقيادتها. وهو أمر ليس غريباً إذا ما عرفنا أن قيادة الحزب الحالية والتى تحاول الحفاظ على امبراطوريتها المالية والاقتصادية المتداخلة والمتشعبة مع الدولة ورجالها.

لم يتبق من الوفد القديم سوى "عيد الجهاد"، وهو حدث مرّ عليه ما يقرب من 96 عاماً، ويبدو أن قيادات "الوفد الجديد" قد فشلت فى حفر اسمها فى السجّل التاريخي للحزب العريق الذي تحول مع الزمن إلى مجرد أطلال وبنى قديمة فاقدة للروح والحركة.

المصدر