عاكف: المشاركة بالانتخابات شهادة حق سيحاسبنا الله عليها

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عاكف: المشاركة بالانتخابات شهادة حق سيحاسبنا الله عليها

(27-08-2005)

أجري الحوار: نبيل عطا

مقدمة

- لو تمَّ ترشيح أحد الإخوان في انتخابات الرئاسة.. فلن ينجح

- على القيادات السياسية أن تتخلى عن فكرها القديم وتستقيم لأمر الله

- هدف الإخوان تربية الشعب وتوعيته والحفاظ عليه من التدخل الأجنبي

- كل واحد "حر" في صوته ولا توجد تعليمات بانتخاب مرشح بعينه

نجا من حبل المشنقة عام 1954م ليجلس على كرسي المرشد العام للإخوان المسلمين عام 2004م، وخرج من السجن بعد 20 عامًا قضاها أشغالاً شاقةً مؤبدةً عام 1974م بتهمة تهريب أحد الضباط الأحرار ليصوغ للإخوان المسلمين منهجًا جديدًا في التعامل مع المجتمع.. إنه مهدي عاكف المرشد العام للإخوان المسلمين.

في مقر الجماعة على "نيل" القاهرة بالمنيل تحدَّث المرشد العام "لأخبار اليوم" عن موقف الإخوان من انتخابات الرئاسة، ولمَن سيعطون أصواتهم، وحقيقة خلاف الإخوان مع الأحزاب السياسية، ولماذا لم يُرشِّح الإخوان واحدًا منهم في انتخابات الرئاسة، كما تحدَّث المرشد عن علاقةِ الإخوان بأمريكا وموقفهم من برامج المرشحين لانتخابات الرئاسة، وخططهم المستقبلية، وحقيقة الصراع الدائم بين الحكومة وحركة الإخوان منذ نشأتها على يد حسن البنا.. وكان هذا الحوار..

نص الحوار

  • قال البعض في البداية إنَّ الإخوان المسلمين سيقاطعون الانتخابات؛ لأنَّ هناك عددًا من مؤسسات الجماعة ترفض إجراء الانتخابات بهذه الطريقة، ومؤخرًا صدر بيانٌ من الإخوان يؤكد على المشاركة في الانتخابات.. فما هو الموقف الآن؟!
الموقف من انتخابات الرئاسة أخذ من الإخوان المسلمين جهدًا ووقتًا كبيرًا بتحديد قرارنا سواء بالمشاركة أو المقاطعة، وقمنا باستشارة كل مؤسسات الجماعة سواء المؤيدة أو الرافضة للمشاركة، ودار بيننا حوار "مفتوح"، واتفقنا في النهاية على ضرورة المشاركة في العملية الانتخابية، وأصدرنا بيانًا بذلك، وأكدنا فيه أنَّ هذا القرار جاء في هذا التوقيت بالذات لإعطاء الشعب درسًا في الإيجابية وضرورة أن يكون لكل منا دورٌ في حياةِ هذا المجتمع؛ لأنه لا تغيير ولا إصلاح إلا إذا ارتفع وعي الشعب المصري وقام بأداء دوره وشارك بإيجابية في صناعة مستقبله.
  • وهل هذا يعني أنَّ المشاركة ليست لانتخابِ مرشحٍ بعينه وأنه لا يوجد إصلاح ولا تغيير ومشاركتكم هي التي ستصنع هذا؟
هناك نوع من الثقافة تربى عليها المسئولون منذ الخمسينيات هي التي تُعطِّل الإصلاح وتعطل التغيير، والشعب المصري لا يبغي ثورةً ولن يدعو إلى ثورة ويتحمَّل ويصبر، وأصبح سلبيًّا للغاية، ولذلك فلا أملَ في التغيير إلا بإصلاحِ هذا الشعب أولاً ورفع وعيه حتى يصبح إيجابيًّا، وعلى القيادات السياسية أن تستغل هذه الفترة وتتخلى عن فكرها القديم وتستقيم لأمر الله، وإذا لم يحدث هذا فلا إصلاحَ، وإذا نجح الإخوان في إعطاء الشعب المصري نموذجًا للإيجابية فسنكون قد خطونا إلى الأمام خطواتٍ كثيرة، ونقول للجميع إنَّ هذه المشاركة شهادة ستحاسبون عليها أمام الله يوم القيامة.

فرحة لم تكتمل

  • هل تعيش مصر حاليًا تجربة ديمقراطية لم تشهدها من قبل، خاصةً وأنَّ هناك 10 مرشحين على منصب رئيس الجمهورية؟
كان يمكن أن تعيش مصر تجربةً ديمقراطيةً لم تشهدها من قبل لولا تعديل المادة 76 من الدستور، والذي ساهم في تشويه هذه التجربة، وقد فرحنا كثيرًا بقرارِ الرئيس ولكن الفرحة لم تكتمل؛ حيث تمَّ وضع ضوابط كثيرة أسميناها "بنكسة 76"؛ حيث تمَّ تفصيل المادة بالشكل الذي يضمن للرئيس مبارك أن يكون هو المنافس الوحيد على منصب الرئيس.
  • هذا يعني أنك لا تتوقع مفاجآتٍ في الانتخابات؟
نتيجة الانتخابات محسومة مقدمًا لصالح الرئيس مبارك، ودون الحاجة إلى تزوير كما يردد البعض، ومَن الذي يفوز سؤال لا يشغلنا إنما الذي يشغلنا وكان يشغلني أنا شخصيًّا هو قوة الأحزاب وقدرتها على التحرك وهو ما حدث؛ حيث امتلك رؤساء الأحزاب القدرة على المنافسة بشكلٍ ما وقدرة عرض برامجهم وتنظيم حملات إعلانية ودعائية وهو ما لم يكن موجودًا قبل ذلك.

قانون الطوارئ

مظاهرات ضد قانون الطوارئ
  • كيف ينظر المرشد العام للإخوان المسلمين لبرامج المرشحين لانتخابات الرئاسة؟
برامج جميع المرشحين فيها إيجابيات وسلبيات، ولكل مرشح الحق في التعبير عن رأيه وعرض خططه للمستقبل، ولكن ما يعنيني هو برنامج الرئيس مبارك والذي يحكي عن 24 سنة إنجازات ولكن للأسف الشديد لم يذكر البرنامج أي سلبيات حدثت خلال هذه السنوات، كما لم يتضمن إيجابية مهمة كانت سترفع أسهم الرئيس مبارك كثيرًا، وهي إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وقال إنَّ هناك عقولاً كثيرةً حول الرئيس ما زالت محكومة بالفكر القديم وتسيطر عليها ثقافة الخمسينيات، ولذلك فإنَّ الرئيس مبارك ليس مسئولاً عن الإساءة لصورته.
  • هل تعني أنَّ برنامج الرئيس بلا وعودٍ حقيقيةٍ قابلة للتطبيق ولم يحقق شيئًا خلال السنوات الماضية؟
لا يمكن أن نتجاهل الإصلاحات التي تمَّت والبنية الأساسية التي أُقيمت في المرافق والنقل والمواصلات، ولكن في المقابل تراكمت ديون كثيرة ساهمت في تعطيل نمو اقتصاد الدولة بالشكلِ المناسب.

لن ينجح!

  • إذا كان للإخوان المسلمين تواجد في الشارع المصري كما تقول بعض الدراسات وتصريحاتكم أنتم الشخصية.. فلماذا لم يرشح أحد الإخوان نفسه للرئاسة؟
المادة 76 والضوابط التي جاءت بها يستحيل على أي شخص مستقل مهما كانت قدراته أن يرشح نفسه؛ ولذلك لم يتمكن شخص من ترشيح نفسه سوى رؤساء الأحزاب.
  • إذا افترضنا أن هذه الضوابط غير موجودة وأن أي شخص يمكن أن يرشح نفسه، فهل سيتمكن مرشح الإخوان المسلمين من الوصول لكرسي الرئيس؟
لو كان لنا مرشح في انتخابات الرئاسة وحتى في ظلِّ نظامٍ ديمقراطي يتمتع بحرية كاملة فلن يصبح مرشح الإخوان رئيسًا لمصر؛ لأنَّ تمثيل الإخوان في الشارع حوالي 30%، وأنا لا أريد أن يكون هناك أحدٌ من الإخوان على رأسِ السلطة في ظل هذه الظروف التي يمر بها المجتمع حاليًا، ولكي يتقدم الإخوان في العمل التنفيذي فلا بد أن يكون الشعب وراءهم، ويضع الشعب مرشحه على كرسي الرئيس وإذا لم يكن خلف المرشح شعب فسيتحول إلى استبدادي!

الوصول إلى الحكم

  • هذا يعني أنكم لا تهدفون للوصول إلى كرسي الرئيس في يوم من الأيام؟
هدفنا حاليًا ليس الوصول للحكم، ولكن هدف الإخوان هو تربية الشعب وتوعيته والحفاظ عليه من التدخل الأجنبي الذي يهدف لتحطيم أخلاق الشباب وتغيير عاداته وسلوكياته ومبادئه، هدفنا هو تربية الفرد والأسرة والمجتمع حتى نصل للمستوى الذي نضمن من خلاله أن يقف وراءنا جميع الناخبين وإذا لم ننجح في تحقيق ذلك فلن يتقدم الإخوان لانتخابات الرئاسة.
  • هل هذا المفهوم هو الذي يحكم حركة الإخوان في الانتخابات النيابية على الرغم من فوزكم بـ 17 مقعدًا في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة؟
المناخ الذي نعيش فيه لا يحتمل زيادةَ عدد أعضاء الإخوان في مجلس الشعب، بدليل أنَّ الـ 17 عضوًا في الانتخابات الماضية لم تتحملهم الدولة، وفصلوا اثنين منهم، وكان لدينا عضوٌ في مجلس الشوري ولم تتحمله الدولة أيضًا، ورغم ذلك فيمكن للإخوان أن يرشحوا 200 عضو ويقفوا وراءهم وسينجحوا، ولكن يمكن أن تحدث كارثة لأنَّ النظام الحالي لا يحتمل أكثر من ذلك، وعندما يرتفع الوعي السياسي للشعب ربما تتغير الأمور.

علاقة الإخوان بأمريكا

الرئيس الأمريكي بوش
  • عندما تمَّ تعديل المادة 76 وبدأ الحديث عن انتخابات الرئاسة قيل إنكم اتصلتم بأمريكا ما حقيقة هذا الأمر؟
أيام عبد الناصر كان لي صديق شخصي وكان قريبًا جدًا من عبدالناصر، وكان يقول لي دائمًا أنا "أمقت" جميع أعوان الزعيم عبدالناصر؛ لأنهم يخفون عنه الحقيقة، وهذا ما حدث مع الرئيس مبارك؛ حيث أخبره معاونوه أننا أجرينا اتصالاتٍ مع أمريكا، وأنا قلتُ للرئيس مبارك "راجع أجهزتك!" ولم يصدق الرئيس كلامي إلا عندما قال بوش: ليس لنا علاقة بالإخوان المسلمين، وأكدت كونداليزا رايس أنَّ أمريكا لم تُجر أي اتصالاتٍ مع الإخوان المسلمين.
  • ولكن الأمريكان حاولوا الاتصال بكم؟
نعم حاولوا ورفضنا.. واشترطنا أن أي اتصالٍ مع أمريكا أو أي حكومة أخرى لا يتم إلا من خلال وزارة الخارجية المصرية، لا لشيء إلا لاحترام القيم والمبادئ التي تمَّ وضعها للتعامل مع النظام، ولن نستعين بقوى خارجية أبدًا على النظام القائم مهما بلغت الخلافات بيننا.

الحوار مع الأحزاب

  • إذا كنتم قد أخذتم قرارًا بالمشاركة في الانتخابات فلمَن سيُعطي الإخوان أصواتهم؟
نحن نحترم عقول الناس، ومن باب أولي أن نحترم عقول أعضاء جماعة الإخوان المسلمين؛ لذلك فكل واحد "حر" في إعطاء صوته للمرشح الذي يرى أنه الأصلح ولا توجد تعليمات بانتخاب مرشح بعينه، لكن المهم هو المشاركة بإيجابية في العملية الانتخابية.
إقامة علاقات جيدة مع جميع الأحزاب الموجودة على الساحة هو أمر مهم جدًا، ونحن نقبل التعامل مع جميع الأحزاب ولا نعادي أحدا، بل نأخذ بيد الجميع، ولذلك ذهبنا لهذه الأحزاب في أماكنها وجلسنا معهم وتحاورنا، ولكن بعد فترة تركتنا هذه الأحزاب وذهبت للحزب الوطني، ويومها قلتُ لهم إنَّ أي حوارٍ بعيد عن الإخوان المسلمين سوف يفشل تمامًا، وقد حدث ذلك وفشل الحوار بين الأحزاب، ورغم ذلك فنحن نريد أحزابًا قويةً، لأنه من مصلحة الدولة أن يكون منافسك قويًّا؛ ولكن للأسف الشديد الأحزاب الموجودة على الساحة ليس لها جمهور.

نملك برنامجًا وحلولاً

  • إذا كانت الأحزاب ضعيفة ولم تقدم شيئًا للشعب فهل يملك الإخوان المسلمون برنامجًا متكاملاً لحل مشاكل الشعب المصري الاقتصادية والاجتماعية، ويكون هذا البرنامج قابلاً للتطبيق؟
نعم.. نملك حلولاً كثيرةً لجميع المشاكل الموجودة في المجتمع وقابلة للتطبيق، ولكن ليس في ظل هذا المناخ؛ أي أنها لا تصلح للتطبيق حاليًا؛ لأنَّ مَن سيقوم بتنفيذ هذا البرنامج لا بد أن يكون مؤمنًا بفكر الإخوان المسلمين وأسلوبهم في مواجهة المشكلات، أما إذا أعطيتُ برنامجي لمَن لا يؤمن بي فهذا لن يفيد.

الحرية فقط!

حركة الإخوان المسلمين منذ عهد عبدالناصر وحتى الآن لا تطالب سوى بالحرية فقط، لأنَّ الله سبحانه وتعالى خلقني حرًّا وسأظل حرًّا، وقد قلتُ لعبدالناصر هذا الكلام فحكم عليَّ بالإعدام شنقًا عام 1954م بتهمة تهريب أحد الضباط الأحرار، وهي تهمة يعاقب عليها القانون بالحبس 6 أشهر فقط، وتمَّ تخفيف عقوبتي من الإعدام إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
وعندما جاء الملك سعود الفيصل لإجراء مفاوضات مع عبدالناصر بشأن الإخوان، أخبرني مدير مكتب الرئيس محمد نجيب وقتها بأنه سيتم القبض على 12 من قيادات الإخوان وأنا منهم فاختبأت في منزله، وشاهدت قوات الأمن بنفسي وهي تفتش منزلي الساعة الثالثة فجرًا، واشترط عبدالناصر لكي يتم مفاوضاته مع الملك سعود أن أُسلِّم نفسي ولكنني رفضت لأنني حر وطلب أن أكون عضوًا بهيئة التحرير ورفضتُ أيضًا؛ لأن الحرية هي أغلى ما نملكه.

مساحة التغيير والإصلاح

طوال عمري الذي يصل إلى 77 عامًا شعرتُ بانفراجةٍ وبقدرٍ ما من الحرية في عهد الرئيس أنور السادات؛ لأنه كان يجمع حوله بعض الرجال الذين يقولون له الحقيقة ويكشفون له ما يزيفه البعض حتى حدث موضوع كامب ديفيد فحدثت نكسة في العلاقات بين الإخوان والنظام.
الانفراجة الثانية التي شعرت بها كانت في بداية عهد الرئيس مبارك؛ حيث كانت هناك انفراجة كبيرة وحرية كاملة لحركة الإخوان، وكنتُ أسافر هنا وهناك دون قيدٍ ولا شرطٍ ولكن تنقلاتي الآن مقيدة.
العالم كله الآن وحتى الدول العربية وحتى القذافي وبوتفليقة آمنوا بضرورةِ التغيير والإصلاح وتحقيق الحرية الكاملة، وندعو الله أن ينفرج الحال عندنا قريبًا وتتغير العقول التي تقود؛ لأن الثوابت الفكرية لهذه العقول تحتاج لتغيير حقيقي.

المصدر