عبد الحميد مناصرة: شاركنا فى الحكومة الجزائرية حفاظًا على تماسك الدولة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
عبد الحميد مناصرة: شاركنا فى الحكومة الجزائرية حفاظًا على تماسك الدولة

[19-10-2003]


مقدمه

"عبد المجيد مناصرة" نائب رئيس حركة (مجتمع السلم) للشئون السياسية

مبادرة الحركة تدعو لتغليب مصلحة الوطن والحوار لحل المشاكل.

(حمس) ترى أن الحقيقة الوحيدة في فلسطين هي المقاومة وما دونها.

تعيش الجزائر الآن أوضاعًا سياسية ساخنة فى ظل الصراع الحالي بين جناحي (جبهة التحرير)؛ حيث إن هناك فريقًا يؤيد الرئيس الحالي "عبدالعزيز بوتفليقة" فى الانتخابات الرئاسية القادمة، بينما يؤيد التيار الأكبر منافسه "علي بن فليس", وقد طرحت حركة مجتمع السلم (حمس) مبادرة لحل الأزمة السياسية الحالية بوصفها أحد أركان الائتلاف الحاكم, والحوار التالي يناقش مع نائب رئيس الحركة للشئون السياسية الأستاذ "عبدالمجيد مناصرة" أسباب استمرار الحركة فى الائتلاف، وومعالم مبادرتها لحل الأزمة الحالية، وواقع ومستقبل الحركة بعد وفاة رئيسها ومؤسسها الشيخ "محفوظ نحناح".

نص الحوار

  • ألا ترون أن مشاركة الحركة في السلطة قد استنفذت أغراضها؟
المشاركة في الحكومة (لا في السلطة) قامت على أساس استراتيجية المشاركة، فالقضية فرع من استراتيجية محكومة بتحقيق المصلحة الشرعية المنزلة على الواقع الجزائري، مكانًا وزمانًا، المتمثلة في الحفاظ على الدولة الجزائرية والوحدة الوطنية، وتكريس الحريات والديمقراطية، وتبليغ الصوت الإسلامي من خلال منافذ المشاركة إلى مواقع محلية ودولية لم يكن ليصلها بدونها.
وهذه المشاركة ليست مرتبطة بمادية المناصب، بل هي تؤسس لمرحلة التعايش والتعاون على البر والتقوى بعد سنوات من الهيمنة الأحادية والتهميش والإقصاء للصوت الإسلامي في كل مواقع التأثير، بالرغم من الشعبية التي تؤيده وتسنده.
وقول النبي- صلى الله عليه وسلم: "... أن تقول للمحسن أحسنت وللمسيئ أسأت"، وقول الخليفة "أبي بكر الصديق": "إن أحسنت فأعينوني، وإن أخطأت فقوموني..."، إلى غير ذلك من الأقوال المأثورة مما يقف مؤصلاً للمشاركة الواعية؛ إذ الإسلام لا يدعو إلى المعارضة المطلقة من أجل المعارضة فقط، كما لا يدعو إلى التأييد السلبي للحكام.
وبهذه الشروح يتضح أن أغراض المشاركة ما تزال قائمة من جانبنا، أما من الجانب الآخر فإن تطور الأحداث في المستقبل ستحدد احتمالات المشاركة.
  • هناك من يقول إن محاولة فصل الحركة بين السلطة والدولة لا ينطبق على الحالة الجزائرية نظرًا للغموض والتداخل الذي يكتنف المؤسسات!
أعتقد أن من الإبداعات السياسية للحركة ما أثرى به رئيس الحركة الشيخ "محفوظ نحناح"- رحمه الله- الساحة السياسية بثنائية السلطة والدولة في منظور الحركة الإسلامية، وقد استطاع أن يميز عندما كان الجميع يقف بالمطلق وبالجملة مع أو ضد الآخر، وينحو أو يميل إلى المواقف المريحة.
إن التمييز بين السلطة والدولة، أو بعبارة أدق بين الحكومة والدولة، هو متوافق مع المعنى الأكاديمي للمصطلحين؛ إذ الدولة هي (إقليم+ شعب+ حكومة)، فأنت يمكنك أن تكون ضد الحكومة، ولكن لست ضد الشعب، والإقليم بمعنى الدولة.
هذا من جانب، ومن الجانب السياسي فالحكومات الجزائرية تأتي ببرامج ورجال وفقًا لرؤيتها، ويمكن لنا أن نرفض هذه البرامج، ولكن هذا الرفض يجب أن لا يؤدي إلى المساس بالاستقرار والوحدة الوطنية والمصلحة العليا للبلاد.
ونعتبر أنفسنا الامتداد التاريخي لكل حركات الخير والعدل والصلاح في الجزائر، وورثة هذه الدولة، ولا يمكن لوريث أن يضر أو يفسد أو يلحق الضرر بما سيرثه، والقاعدة الفقهية تقول: "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه".
والدولة دولة الجميع، أما الحكومة فهي حكومة مسئوليها، ومعارضة الحكومة هي معارضة لرجالها وبرامجها.
وفي الجزائر مع الإقرار بأن النظام الديمقراطي لم يكتمل بعد، والفصل بين السلطات لم يطبق بالشكل الدستوري، فإن التمييز بين الدولة والحكومة يبقى واجبًا على الحركات السياسية التي تريد البناء لا الهدم، وتعمل على استكمال المسار الديمقراطي في ظل النظام الجمهوري.
وستظل الحركة منحازة كل الانحياز للدولة الجزائرية وفقًا لما جاء في بيان أول نوفمبر. ونقول للحكومة الجزائرية- سواء كنا فيها مشاركين أو لها معارضين- إن أَحْسَنَتْ: "أَحْسَنْتِ"، وإن أساءت: "أَسَأْتِ".


التمسك بالائتلاف

  • هل ترون أن الائتلاف ما يزال يحتفظ بصلاحياته، خصوصًا بعد الأزمة التي تعصف بمؤسسات الدولة والصراع داخل مجلس الحكومة؟
نحن نقر أن الائتلاف الرئاسي قد تزعزع في الفترة الأخيرة، ولكن لا يزال يحتفظ بكيانه، وأسفنا لخروج وزراء في الحكومة يمثلون القيادة القانونية لجبهة التحرير، ولكن هم أحرار في مواقفهم، وسنظل من دعاة الائتلاف المرتبط بمصلحة الإستقرار، غير أن الطرف الآخر في جبهة التحرير- أو من يسمون بالتصحيحيين- يعتبرون أن جبهة التحرير لم تخرج من الحكومة، باعتبار أن الوزراء الآخرين من جبهة التحرير. وعلى أية حال فهذا الائتلاف هو رئاسي، وسينتهي بالانتخابات الرئاسية المقبلة.
  • علمنا أن الرئيس "بوتفليقة" أخل بالتزاماته؛ فلماذا لا تستقيلون من الحكومة؟
الرئيس "بوتفليقة" نال تأييد حركة (مجتمع السلم) في الانتخابات الرئاسية السابقة وفقًا لأرضية اقترحتها الحركة على الأحزاب، وعقدت جلسة لمناقشتها وإقرارها، ووقَّعت عليها أحزاب الائتلاف الأربعة، وهي: (جبهة التحرير، والتجمع الوطني الديمقراطي، وحركة النهضة، وحمس)، وبقاؤنا في الحكومة هو التزام بهذا الائتلاف الرئاسي، وما جاء في الوثيقة التي ليست صكًّا على بياض، كما أنها ليست تأييدًا مبنيًّا على مناصب وكراسي، وقد أشارت الوثيقة إلى عشر نقاط تتعلق بالمصالحة الوطنية، وتكريس الديمقراطية، وتمدين النظام السياسي، ومعالجة ظاهرة العنف، واسترجاع هيبة الدولة، وتحرير المبادرات، والفصل بين السلطات، وتكريس استقلالية القضاء، واعتماد التشاور الدائم والتداول السلمي على السلطة، وعلى رأسها التشبث بالثوابت الوطنية. وأنت ترى أن هذه الثوابت لا تزال تحتاج إلى التزام، وعلى ضوئها يتحدد مستقبل الجزائر.
إن حركة مجتمع السلم (حمس) في مرات كثيرة رفعت صوتها معارضة لبعض المواقف والقرارات التي اتخذها رئيس الجمهورية واتخذتها الحكومة، ومن بينها:
-معارضة قانون العقوبات الذي جاء متعسفًا ضد الصحفي والإمام.
-معارضة مواقف الحكومة غير الواضحة تجاه القضية الفلسطينية والانتفاضة، وكانت هذه المعارضة في الشارع بتنظيم مسيرات منددة، وواقفة ضد أية محاولة من الحكومة للقيام بالتطبيع مع الكيان الصهيوني.
-النزول إلى الشارع والاصطدام بالشرطة تنديدًا بالعدوان الأمريكي على العراق.
-رفض الأمر التشريعي المتعلق بالمنظومة التربوية، والأمر التشريعي المتعلق بالقرض والنقد في الجلسة البرلمانية الأخيرة.
ومواقف أخرى في السياسات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها...
والمؤكد في حركة (مجتمع السلم) أن مشاركتها في الحكومة لا تكمم أفواهها عن قول الحق، ولا تجعل منها حركة (إمعية)، وعندما ندرك أن وجود الحركة في الحكومة أصبح ضرره أكبر من نفعه وفقًا للمصلحة المقدرة في مؤسسات الحركة، فعندئذ سيكون سهلاً الانسحاب من الحكومة؛ لأنها وسيلة وليست غاية، ومرحلية وليست أبدية.


غياب "نحناح"

  • غياب الشيخ "محفوظ نحناح" عن المسرح السياسي سيرمي بثقله على حركية الحركة؛ كيف ستسدون هذا الفراغ؟
قلنا هذا قبل المؤتمر، ونقوله- أيضًا- بعد المؤتمر؛ وهو أن الشيخ "محفوظ نحناح"- رحمه الله- قد ترك فراغًا كبيرًا في نفوسنا وفي قلوبنا وفي الحركة، وأيضًا في الساحة السياسية المحلية والدولية، وشعرنا- وشعر الجميع- بهذا الفراغ، وهذا ليس ذمًّا فيمن يأتي بعده؛ وإنما هو اعتراف بدور الشيخ "محفوظ نحناح"- رحمه الله- وتأثيره الكبيرين، ولكن سنة الله أبت إلا أن يمضي الرجال ويبقى النهج والأثر؛ النهج الذي يكوِّن الرجال الذين يتولون القيادة، والشيخ "محفوظ نحناح" لا يعوضه رجل؛ لأنه مجموعة رجال، وعندما طرحنا قبل المؤتمر مفهوم القيادة الجماعية، الذي أقرته وثائق المؤتمر بمفهوم المؤسسات والقرارات الجماعية والشورى، كان كل ذلك محاولة لسد الفراغ الذي تركه الشيخ، وسيهنأ- إن شاء الله بذلك.
  • الانتخابات الرئاسية على الأبواب؛ أين تقف حركة (مجتمع السلم) من هذا الموعد المهم؟
حركة (مجتمع السلم) معنية بشكل مباشر بالانتخابات الرئاسية، واستراتيجية المشاركة التي تعتمدها تجعل منها رقمًا أساسيًّا ومعلومًا غير مجهول من معادلة الانتخابات الرئاسية المقبلة، خاصة بعدما خرجت من المؤتمر قوية متماسكة، مصصمة على تجويد الآداء وتصحيح الأخطاء واستدراك النقص في الميادين المختلفة التربوية والتنظيمية والدعوية والشعبية والسياسية.
والحركة لا تتيه في كثرة الاختيارات، خاصة أنها جربت مرتين الانتخابات الرئاسية 1995م و1997م، جربت الترشح برئيسها، والتحالف مع مرشح آخر خارج الحركة.
ولأنها حركة جعلت الهموم همًّا واحدًا وفقًا لقول النبي- صلى الله عليه وسلم: "من جعل الهموم هَمًّا واحدًا؛ هَمَّ المعاد، كفاه الله سائر همومه، ومن تشعبت به الهموم من أحوال الدنيا لم يبالِ الله في أي أوديتها هلك"، وقد ذُكر لـ"رابعة العدوية" أن رجلاً يملك مائة دليل على وجود الله، فعلقت عليه قائلة: "لو لم يكن لديه مائة شك في وجود الله لما احتاج إلى مائة دليل"!
والحركة- ببركة الشورى- ستصل في الوقت المناسب إلى اتخاذ القرار الذي يحقق أهداف الحركة الاستراتيجية، وهي ليست مستعجلة لتبيان الموقف قبل أوانه، فكما أن "تأخير البيان عن وقت الحاجة مرفوض"، فكذلك "من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه"، وأيضًا "لا ينسب لساكت قول"، و"ماذ يفيد الصائم تحضيره لفطوره في الصباح ثم ينظر ويبقى ينظر إليه حتى وقت آذان المغرب".
وإن أولويات الحركة هي أولويات المواطن الجزائري، التي هي المعيشة والعمل والسكن والصحة والأمن والاستقرار؛ إذ لا يمكن أن تختزل الجزائر والساحة السياسية في الانتخابات وتهمش قضايا الوطن والمواطن الأساسية والحساسة.


مبادرة (حمس)

  • طرحت حركة (حمس) مبادرة من أجل الخروج من الأزمة، وقد طرحت عدة مبادرات من قبل؛ فما هو الجديد في المبادرة الحالية؟
حركة (مجتمع السلم) طرحت مبادرة سياسية منذ أكثر من شهر تحت عنوان "حماية الوطن والديمقراطية"، تهدف أساسًا إلى تحرير الساحة السياسية من التجاذب الثنائي المظهر الأحادي الجوهر، ورفع الضغوطات عن الطبقة السياسية، ونزع فتائل التأزيم وعناصر التوتر، وجاءت أيضًا لتقف في وجه الأنانية السياسية.
وتدعو المبادرة إلى تغليب مصلحة الوطن على المصالح الشخصية والحزبية، وإلى تكريس الحريات الديمقراطية، واستقلالية الأحزاب، وضمان حرية الإدارة، ونبذ العنف من كل الجهات، ولكنها تركز أساسًا على الحوار لحل المشاكل وفض النزاعات؛ سواء تعلق الأمر بمنطقتي تيزي وزو وبجاية، أو تعلقت بأزمة العنف أو بالصراع داخل جبهة التحرير، وهي موجهة أساسًا للأحزاب السياسية لتقوم بدورها وتحدد مواقفها المشتركة مما يجري في الساحة السياسية الجزائرية، وقد لاقت استحسان أغلب الأحزاب التي أرسلت إليها، وقد عقدت لقاءات ثنائية كشفت عن ضرورة عقد ندوة سياسية للأحزاب، والتحضير لهذه الندوة جارٍ بالتشاور مع الأحزاب المعنية.
  • كيف تقيمون تحركات رئيس الحركة الجديد سياسيًّا وزياراته الميدانية؟
رئيس الحركة الأخ "أبو جرة سلطاني" قرر بعد انتخابه أن يقوم بزيارات للولايات وفقًا للمحاور التي كان يذكرها الشيخ "محفوظ نحناح"- رحمه الله- وهي من التاء إلى التاء...
وهذه الزيارات تدخل في إطار التعرف والتعريف وتثمين دينامكية المؤتمر وضمان التواصل مع المناضلين في الولايات، وقد لاقت تجاوبًا وتجندًا قاعديًّا يؤكد مرة أخرى أن مناضل حركة (مجتمع السلم) هو من طراز خاص؛ ولاؤه للحركة كبير، وحبه لقيادته وثيق، وعمله متواصل.
وقد قام رئيس الحركة أيضًا بالإشراف على المبادرة السياسية المقدمة للأحزاب، وعلى ضوئها أجرى لقاءات واتصالات بأغلب رؤساء الأحزاب الأساسيين، كما كان رئيس الحركة منفتحًا على وسائل الإعلام التي أجرى معها عدة حوارات ولقاءات، أوضح فيها مواقف الحركة من المستجدات، وأعلن من خلالها تمسكه وثباته على خط رئيس الحركة الأصيل الذي رسمه وسار عليه الرئيس السابق الشيخ "محفوظ نحناح"- رحمه الله.
  • إن تمحور الصراع بين طرفي السلطة يرجعه البعض إلى غياب القوى السياسية الأخرى؛ فما تفسيركم لهذا الغياب؟
قد يكون هذا التفسير صحيحًا عند بعض الأحزاب، ولكنه لا ينعكس على كل الأحزاب السياسية، والرد على ذلك هو أن حركة (مجتمع السلم) رفضت هذا التغييب بالمبادرة السياسية التي طرحتها أصالةً عن نفسها، ونيابةً عن الأحزاب السياسية، وصحيح أن هناك من يحاول أن يغطي غابة الساحة السياسية بشجرة (الأفلان) ذات الفرعين المتناطحين؛ لتبقى الجزائر رهينة الفرعين، ويحبس الاختيار بينهما، كما حاولت بعض وسائل الإعلام أن تعطي هذا الانطباع وتجعل منه الحدث الوحيد على الساحة السياسية الجزائرية.
وهي بذلك تكون قد ظلمت المواطن صاحب الشأن، الذي لا يعنيه ما يحصل داخل (الأفلان)، ولا تعنيه ترشيحات الانتخابات الرئاسية الآن بقدر ما تعنيه لقمة العيش والأمن والشغل والصحة ومحاربة الأوبئة والأمراض ومعالجة آثار الزلزال الأخير.
  • الرأي العام يريد أن يعرف من أين يصرف رئيس الجمهورية هذه المبالغ الطائلة للولايات التي تجاوزت أرقامًا خيالية؟!
أنا مستغرب مما يتناوله البعض ويحتج على إنفاق رئيس الجمهورية على الولايات، ونحن في حركة (مجتمع السلم) نسعد لكل الأموال التي توزع على الولايات وعلى المواطنين تلبية لاحتياجاتهم التنموية، والسؤال ليس عن مصدر الأموال، ولماذا تصرف على الولايات؛ وإنما السؤال عن الأموال التي تسرق وتختلس ولم تصرف على المواطنين؟
طبعًا كل هذه الأموال تدخل في ميزانية الدولة بعضها متكفل بها في ميزانية 2003م والبعض الآخر متكفل بها في ميزانية 2004م، والانتخابات التي توزع أموال لبرامج تنموية أفضل من الانتخابات التي توزع وعودًا لا تحقق.
والبرلمان له صلاحية مراقبة هذه الميزانية، وتوزيع الأموال على الولايات بالعدل والشفافية ومراجعة الحسابات؛ حتى لا تستغل لأغراض أخرى، أو تحرف عن وجهتها التنموية.


مستقبل (حمس)

  • حركة (مجتمع السلم) انطلقت من المساجد، ثم تحولت إلى جمعية، وهاهي الآن حزب سياسي يشارك في السلطة؛ كيف تقيمون هذه السيرورة؟ وما هو المستقبل الذي تتصورنه للحركة؟
الحركة هي منهج وأهداف واستراتيجيات، وبرامج تتشكل في الأشكال التي يسمح بها واقعًا، ففي ظل الدكتاتورية والحزب الواحد كانت الحركة تنظيمًا سريًّا، وعندما فتح المجال للجمعيات أصبحت جمعية اجتماعية، ولما جاء دستور 89 وقانون الأحزاب السياسية تشكلت في صورة حزب سياسي؛ برنامجها واحد، واستراتيجيتها واحدة، وأهدافها ثابتة، تغيرت فقط وسائلها وصيغ تشكلها وخططها التكتيكية.
وستبقى الحركة تملك خاصية التكيف مع الواقع بالطريقة التي تحافظ بها على المبادئ وتسعى إلى تحقيق المصالح المعتبرة شرعًا في أي مجال من مجالات النشاط.
فالإسلام دين شامل لا يلغي جانبًا على حساب جانب آخر، أما بالنسبة لمستقبل الحركة القريب فسوف يتمحور حول النقاط التالية:
-الاستدراك التربوي بما يعالج الأمراض التي برزت في الطريق، ويضمن الوقاية منها في المستقبل، ويركز في نفس الفرد الثوابت والمبادئ ومرونة التفاعل مع الواقع.
-تصحيح الأرقام السياسية للحركة في المواعيد الانتخابية المقبلة، وقد كسبت الحركة في الفترة الأخيرة نقاطًا لصالحها في الساحة السياسية.
-الانتشار التنظيمي للوصول إلى هيكلة أوسع للمواطنين.
-تنشيط العمل الدعوي، الذي يدعو الناس إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومكارم الأخلاق، ومحاربة الفساد والظلم والانحلال والتطرف والغلو، "يحمل هذا العلم من كل خلف عدول، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين".
- تفعيل الدور الإعلامي للحركة باحتلال مواقع الكلمة والكتاب والصورة.
  • في الذكرى الثالثة لانتفاضة الأقصى؛ ما هو دور الحركة في دعم الانتفاضة، وموقفها من إدراج حركات المقاومة في خانة الإرهاب؟
مرت علينا الذكرى الثالثة لانتفاضة الأقصى، وفي الوقت نفسه الذكرى العاشرة لاتفاقيات أوسلو، وهنا تكمن المفارقة.
إن حركة (مجتمع السلم) ترى أن الحقيقة الوحيدة في فلسطين هي الأعمال البطولية الاستشهادية، التي يقوم بها شباب وشابات فلسطين دفاعًا عن أرضهم وضد الاحتلال والباقي كله سراب، فقد لهثوا وراءه سنين، فلم يجدوا سلامًا ولا أرضًا، بل دمارًا واضطهادًا وحصارًا": ﴿أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ (النور: 39).
وتظل حركة (مجتمع السلم) متضامنة مؤيدة للنشاط الفلسطيني الداعي للاستقلال والتحرير والسلام، وحركة مجتمع السلم ترفض الخلط الحاصل والمتعمد بين المقاومة- كحق مشروع للشعوب المحتلة- والإرهاب الذي يمارس اعتداءً على الأرواح البشرية.
وتعتبر ما قامت به أمريكا سابقًا والاتحاد الأوربي لاحقًا من وضع حركات المقاومة الفلسطينية في لائحة المنظمات الإرهابية منافيًا لحقوق الشعب الفلسطيني في مقاومة المحتل وتحرير أرضه؛ وهو عمل مرفوض من كافة مسلمي العالم شعوبًا ودولاً، وأيضًا من كامل الشعوب والدول التي تنحاز إلى جانب المستضعفين والمدافعين عن أوطانهم وحقوقهم.

المصدر