عفوًا: لا توجد ثورة عميقة بقلم "وائل قنديل"
بت اريخ : الثلاثاء 18 يونيو 2013

البضاعة الرائجة فى سوق السياسة هذه الأيام أن المشارك فى أحداث 30 يونيويجب ألا يشغل نفسه كثيرا بمسألة نقاء الحشد الثورى من مكونات فلولية وعناصر ثورة مضادة، وفى الوقت الذى ترتفع فيه صيحات القتال ضد مصريين شاركوا فى صناعة ثورة يناير ودفعوا ثمنا باهظا قبلها، يصدمك دعوات صريحة للانصهار مع بقايا دولة مبارك.
ومن عجب أن الذين يأخذون على نظام حاكم الاستعانة بوجوه من زمن مبارك فى الحكومة ويعتبرون ذلك خيانة للثورة لا يتورعون عن معانقة أعمدة وأركان ذلك الزمن البائس على قارعة الطريق.
وقد قلت فى ذلك مبكرا جدا إنه «إذا كان استسلام نظام منتخب جاء بعد ثورة لمنطق المزاوجة بين الجديد (الثورى) والقديم (الدولة العميقة) لاعتبارات الضرورة والمنفعة مسلكا مستهجنا، فإن لجوء قيادات ثورية لاستخدام السلاح ذاته يكشف عن عوار حقيقى فى مفهوم الثورة، ويعد خللا مخيفا فى بنيتها الأخلاقية والمنطقية.
وأكرر أنه يمكن تخيل واستيعاب أن تنحو السلطة منحى براجماتيا، على اعتبار أن قيم المصلحة والمكسب هى المهيمنة على أداء الحكومات، غير أنه لا يمكن تخيل أن تكون هناك ثورة براجماتية، ذلك أن الثورة بالأساس عمل أخلاقى يجنح للرومانسية، وعليه لا يمكن تصور وجود «ثورة عميقة» على وزن «دولة عميقة»، وقد سجل كاتب هذه السطور موقفا واضحا ضد تركيبة أول حكومة تتشكل بعد انتخاب الدكتور مرسى واعتبرتها «حكومة عميقة لدولة ظريفة».
ومرة أخرى يخطئ من يتصور أن إصابة الثورة بفيروس الفلول بدأت مع التحضير لفعاليات 30 يونيووالحشد لإسقاط نظام محمد مرسي، ولا مع انفجار الغضب على الإعلان الدستورى الذى أصدره رئيس الجمهورية فى 21 نوفمبر الماضى ورفضه الجميع كونه يمنح الرئيس سلطات مطلقة.
فالحاصل أن خارطة التحالفات تبدلت قبل ذلك بكثير، وكانت بداية المأساة فى الأسبوع الأخير من سبتمبر الماضى حين أقدم عدد من الرموز السياسية، الثورية ومنتحلة صفة الثورية، على تكوين تحالف يقصى رجلا بحجم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح.. ذلك كان مستصغر الشرر الذى صار نارا أمسكت بالثورة كقيم ومبادئ محترمة، حتى وجدنا من لا يخفى استدعاءه لقوى مضادة للثورة فى هوجة الحشد ضد الرئيس وإعلانه، والاستفتاء على الدستور.
وقد سجلت ذلك فى مقال بعنوان «المأساة بدأت بإقصاء عبد المنعم أبو الفتوح»
وقبل ذلك وفى 26 سبتمبر الماضى نبهت لخطورة هذا المسلك تحت عنوان «عملية إقصاء عبدالمنعم أبوالفتوح» وقلت بالحرف: «بكل المقاييس لا يمكن تصور أن يتداعى عدد من الرموز الوطنية للنظر فى المأزق الذى تمر به مصر فى وضع دستورها، ويمارسون الإقصاء والإبعاد ضد رجل بقيمة عبد المنعم أبوالفتوح».
وكان ذلك تعليقا على أنباء متداولة عن لقاء ثلاثى بين البرادعى وصباحى وعمرو موسى.
وتمر الأيام وتقرأ تسمع عجبا يجرى على ألسنة رجال زمن مبارك يرفضون فيه ضم عبد المنعم أبو الفتوح للتيار المعارض للرئيس مرسى بذريعة الخوف على نقاء التركيبة الثورية الجديدة المهجنة، التى لا تمانع فى طرق أبواب جنرال الثورة المضادة فى «أبو ظبى» عن أية ثورة تتحدثون أيها الظرفاء؟
المصدر
- مقال:عفوًا: لا توجد ثورة عميقة بقلم "وائل قنديل" موقع: إخوان الدقهلية