على هامش اعتقال نواب الأردن.. رب ضارة نافعة

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
على هامش اعتقال نواب الأردن.. رب ضارة نافعة

بقلم: فرج شلهوب

مقدمة

فرج شلهوب

للمرء أن يتساءل بعد أن خفت حدَّة الانفعال والنزق في السلوكِ الحكومي، إزاء قضية اعتقال النواب الأربعة، هل كان فيما جرى من توتيرٍ وإساءة لتاريخ الحركةِ الإسلامية واعتقالٍ لنوابها مصلحة للأردن، للوطن والشعب، أو حتى للحكومة؟!

وهل يمكن فهم الحكمة في السلوك السياسي الحكومي إزاء أكبر تيارٍ سياسي شعبي، وعلى نحو خاص ممثليه في المؤسسةِ التشريعية، خصوصًا وأن الحكومةَ تجهد نفسها في شرحِ التهديدات والتحديات التي تواجه البلد، سواء على صعيد انتشار الفكر المتشدد أم تحسبًا لتداعيات التحولات السياسية في الإقليم من حولنا: العراق وإيران وفلسطين وسوريا؟! والسؤال.. هل تجابه هذه التحديات أولاً: بتأزيم الوضع الداخلي، وتوتيره حتى الحدود القصوى، مع أوسع وأكبر تيار شعبي سياسي؟

وثانيًا:

بضرب مكانة المؤسسة التشريعية من خلال التجاوز على عددٍ من أعضائها، المشهود لهم بأصدق التمثيل للإرادة الشعبية والدفاع عن مصالحها، ولسببٍ مهما حاولنا النفخ فيه فإنه لا يرقى لأن يكون مبررًا منطقيًّا لكل هذا السلوك الحكومي النزق؟

وثالثًا:

بإيجاد المناخات المناسبة والملائمة لنمو الفكرالمتشدد والمتطرف، سواء بفعل التجاوز على أدوات العمل الديمقراطي، إعلامًا ومجلسًا نيابيًّا وإرادة شعبية أو غياب لغة الحوار والتخاطب عبر الكيد والاعتقال والإجراءات المتطرفة، أو بفعل دفع أكبر تيارٍ شعبي، للخروج من دائرةِ الاعتدال والتوسط والمشاركة.. إلى دائرةِ التشدد والخصومة والصدام؟

إنَّ العقلَ المبدع، لا يُواجه الأزمات باصطناع أخرى، ولا يخسر ما في يده ليكسب ما على الشجرة، ولا يطغى عنده الآني على الإستراتيجي، أو الآجل على العاجل، فالحسابات الدقيقة تقود إلى نتائج صحيحة، تمامًا مثلما أن الحساباتِ النزقة والمتسرعة والمتوترة لا تقود إلا إلى نتائج مقطوعة مشوهة ترجعنا للوراء عشرين خطوة، بدل أن تقدمنا للأمام خطوةً أو أكثر.

الحكومة أخطأت أولاً،

عندما طرحت نفسها وعبر وسائل الإعلام شريكًا أمنيًّا للإدارةِ الأمريكية في معركتها في العراق، وعندما حسمت أمرها في مربع الخصومة لبعض الجوار العربي والإسلامي، على قاعدةٍ من الحساباتِ والبيانات الخاطئة، وأخطأت مرةً أخرى عندما ذهبت بعيدًا في استعداء حركة حماس وفرضت القطيعة معها، قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة وبعدها، ودون مبررات واضحة تستوجب هذا السلوك، فضلاً عن مراهنتها على علاقةٍ أحاديةٍ متوترة مع رئيسِ السلطة وحركة فتح، ومن مربعِ المواجهة والحصار للخيار الشعبي الذي أفرزته صناديق الاقتراع.

وأخطأت الحكومة سادسًا وسابعًا وربما عاشرًا،

عندما لم تلتقط المشترك مع الحركة الإسلامية، فيما يخص الشأن الداخلي، بناءً واستقرارًا، أو ما يخص العلاقة مع حماس والحكومة الفلسطينية، أو ما تعنيه العلاقة المتوازنة مع التيار الأوسع من قوةٍ للجبهةِ الداخلية في مواجهةِ التحديات، لتذهب دون تقديرٍ سليمٍ إلى مربع العداء والاستعداء والاستهداف للحركة الإسلامية وفي أزمةٍ، جاءت تفاصيلها، متخمة بالإساءةِ للأردن، تجربة ديمقراطية أو صيغة تعايش، أو حتى اعتدال مزاج وسياسة، ليكون الحصاد كل هذا القدر من تحطم الصورة وارتباك المشهد الداخلي، وتعريضه للكثير من الأخطار.

إنَّ المصالحةَ مع الإقليم، على أهميتها، لا يجوز أن تتقدم على المصالحةِ مع الذات، وأولوية المصالح الأردنية، لا يجوز أن يسبقها أو يتقدم عليها ما هو مصلحة أمريكية أو صهيونية، لأي سببٍ أو لأي اعتبار، ومواجهة التشدد والتطرف لا يمكن أن تكون وسيلته ضرب فكرة الإصلاح السياسي والحياة النيابية، وتهميش المشاركة الشعبية ومطاردة القوى الراشدة والمعتدلة ودفعها إلى مربع الخصومة.

المصدر