قالب:رثاء الشهيد
تركْتنا للأسئلة
الشهيد صلاح شحادة وابن أخيه بلال
شعر: خميس
تركْتنا للأسئلةْ
تدور في أذهاننا وتملأ المخيِّّلةْ
وغبتَ عنا، يا صلاحُ، فجأةً
في لحظةٍ من الزمان مذهلةْ
كان لها وقعٌ علينا
مثل وقع الزلزلةْ
فأنت كنتَ كالأبِ الروحيِّ
كنت قائدًا لنا
وكنتَ رمزًا من رموز المرحلةْ
تركتنا للأسئلةْ
ونحن بعدُ لم نزل
نستكشفُ الطريقَ نستبينُ أوَّلهْ
عقولنا حائرةٌ أفكارنا مبلبلةْ
كنّا بحاجةٍ إليكَ
كي تحثنا على الجهاد والثباتِ
كي تدلنا على الجهاتِ.. كنتَ مرشدًا لنا، وكامل المواصفاتِ
كنتَ نقطة ارتكازنا والبوصلةْ
وكنتَ في زمان الصمتِ صرخةً مجلجلةْ
يا من ضربت في العطا والبذل خير الأمثلةْ
من يوم أن رحلتَ يا حبيبنا..
كل القلوب لم تعد، ظلت إليك راحلةْ
كلُّ الشفاه لم تزل لليوم عنك سائلةْ
كل الدروب أصبحتْ موحشةً وموحلةْ
أهكذا بسرعة تركتنا؟!
مودعًا كل الذين رافقوكَ، والذين بايعوكَ، والذينَ يوم شيَّعوك، أقسموا
أن تستمر القافلةْ؟!
أهكذا بسرعةٍ
فهمتَ لبَّ المسألةْ؟
وكلَّ ما بين المماتِ
والحياة من صلةْ؟
فرُحتَ تمشي بخطىً
حثيثةٍ مستعجلةْ
مودعًا دارَ الفناءِ والحياة الزائلةْ؟
وطامعًا في جنةٍ عريضةٍ
وخير مقعدٍ وخير منزِلةْ؟!
تركتنا للأسئلةْ
نبحث عن معلِّمٍ بعدك، يا معلِّمًا
تركتنا مُعَلَّقين بين أرضٍ وسما
وراغبين دائمًا في أن نموت ميْتةً مماثلةْ
تركتنا للأسئلةْ
لأمةٍ يُرثى لها ضعيفةٍ مهلهلة
بلادها مُحبِطةٌ مخزِيةٌ ومخجِلةْ
كأنها الأصفارُ تبقى هكذًا على اليسار مهمَلةْ
تركتنا للإخوة الأعداءِ،
للمُنسِّقين في الخفاءِ،
للمفاوضينَ الطاحنين للهواءِ،
للذين يخرجوننا من مهزلةْ لِمَهزَلةْ
وللَّذين وسَّخوا صفحتهم
حتى غدت كالمزبلةْ!
لكنَّنا..
وفي سبيل الله.. موتُنا
غدا الأمنيَّةً المفضَّلةْ
سنستمرَ
ثم نستمرُّ
ثم نستمرُّ في الكفاحْ
كُنْ مطمئنًا حيث أنت الآنَ يا صلاحْ
فأنت قد عودتنا على حمل السلاحْ
ولم تعد لدينا أي مشكلةْ
وكل ما يُحاك اليوم ضدنا لن نقبلهْ
لن نقبلهْ
لن نقبلهْ
ما دام فينا جسدٌ
نصنعُ منه قنبلةْ!
إلى روح شيخ الشهداء

شعر: شادي الأيوبي
شيخَ البطولةِ عذرًا لي على شغفي ذكراكَ هيجتِ الأحزانَ في لهف كادتْ تنازعني روحي إليكَ صبًا، فقلتُ يا روحُ رفقًا بيْ ارجعي وقفي والنفسُ تخفي هوىً عذبًا يؤرقها لا تخفينَ الهوى يا نفسُ واعترفي إلى أبي مصطفى شيخ الرجال.. هفتْ منا القلوبُ وهامتْ فيه في كلف.
شيخ ولا كلُ أبطالِ الوغى ثقة
- بالحلم مشتهر بالبأسِ متصف
كالشمس تشرقْ بالبشرى لأمتِنا
- كالبدرِ يسطعُ بالآمال في الزُلَف
من ذا رأى مثلَهُ عزمًا وتضحيةً
- في زمرةِ السلفِ الأبرارِ والخلفِ
متى رحلتَ وموجُ البحرِ يبحرُ
- في آفاقِ عينيكَ يحكي عنكَ للصدف
متى هجرتَ وما زالتْ مدائنُنا
- يرنو لذكراكَ منها كلُ منعطفِ
ما كنتَ بدعًا من الفرسانِ بل
- عبرتْ على الطريق ِأسود العزِ والشرف
أما كفاكَ فخارًا يا مفارقَنا
- أن تخطفَ الأمنَ من أعماق مختطف
أُلامُ فيكَ على دمع يغالبُني
- لو يعلمونَ بما أخفي منَ الشغف
أتلفتَ روحَك نعمَ البيعُ فزتَ بهِ
- وقد تكونُ جنانُ الخلدِ في التلف
أوردتَها موردَ الإيمان في ثقةٍ
- وقلتَ يا نفسُ ذاكَ النورُ فاغترفي
وسرتَ تحدو وريحُ الغدرِ عاصفة
- من كل صوبٍ فلم تعبأْ ولمْ تَخَف
وقلتَ يا أمتي بالحق فاعتصمي
- وقلتَ يا أمتي بالوعيِ فأتلفي
وقلتَ يا أمتي داءُ العدى ظلَم
- إِما كَويناهُ يومًا بالحديدِ شُفي
أحييتَ عزمتَنا والكيدُ منتبه
- وسرتَ في طَرَفٍ والموتُ في طرف
فيا لعزمِكَ كمْ ربيتَ من بطلٍ
- ويا لصبركَ كمْ سطرتَ من صحف
والحادثاتُ صهرنَ السائرينَ كما
- تُميزُ النارُ بين الطين والخَزَف
ما كنتَ في سجنِهم كانوا بسجنِك همْ
- ضاقوا بصبرِكَ ضيقَ النفس بالشَظَف
ما كانَ دربكَ مخطوطًا بلا هدفٍ
- ولا بناؤكَ مبنيًا على جُرُفِ
نعمْ حياتُكَ كانتْ للعدى ندمًا
- وموتُكَ اليومَ ألقاهمْ إلى الأسف
فما مضيتَ لأرضِ الخلدِ في عجلٍ
- إلا وخلفَكَ آلافٌ من الأُنُف
لقد ملأتَ قلوبَ الغادرينَ أسىً
- لما ملأتَ نواديهِمْ منَ الجِيَف
حتى ارتشفتَ الردى يا شيخُ مبتسمًا
- قد يبسمُ الموتُ في أنفاس مرتشف
لمْ ندرِ موتَكَ لم نفهمْ معانيَهُ
- حتى عدا الغادرُ المحتلُ في صلفِ
وكنتَ إنْ سمعوا لحنًا ترددُهُ
- فروا كفأرٍ جبان القلبِ مرتجف
وكنتَ تزهدُ والدنيا بزينتِها
- جاءتكَ تزهو بطيبِ العيش بالترف
إنَ الدعيَ يُرائي لوْ بمقتلِهِ
- لكنَ داعية َالزهدِ الخفي خفي
ذكرى صلاح
شعر الدكتور/ محمد الشيخ محمود صيام
- لَكَ يا صَلاَحُ تَحِيَّةٌ وسَلاَمُ
- مَا نَاحَ فِي الوَطَنِ السَّلِيبِ حَمَامُ
- قدْ كُنْتَ في الميدانِ رَمْزَ شَجَاعَةٍ
- سَتَظَلُّ تَذْكُرُهُ لَنا الأيَّامُ
- بَطَلٌ لَهُ بَيْنَ الجَمِيعِ تَمَيُّزٌ
- وعلَيْهِ مِنْ حُبِّ الجَمِيعِ وِسَامُ
- والقَائِدُ الفَذُّ الذِي صَقَلَتْهُ
- تَجْرِبَةُ السِّنِينِ السُّودِ وهْوَ غُلاَمُ
- فإذا بِهِ سَهْمٌ يُصِيبُ عدُوَّنا
- واليومَ يَنْدُرُ أنْ تُصِيبَ سِهَامُ
- وصَحِبْتُهُ فعَرَفْتُ فيهِ شَمَائِلاً
- قَدْ لاَ يُحِيطُ بوَصْفِهِنَّ كَلاَمُ
- حِلْمٌ وصَبْرٌ رَغْمَ ما يَجْرِي لَنا
- مِمَّا تَطِيشُ- لهَوْلِهِ- الأحْلاَمُ
- وكذلِكَ الأبطَالُ خيرُ صِفاتِهِمْ
- فِي الحادِثاتِ الصَّبْرُ والإقْدَامُ
- وخَبَرْتُهُ فإذا بأكْبَرِ هَمِّه
- طَرْدُ الغُزَاةِ لِكَيْ يَعُمَّ سَلاَمُ
- وسَبِيلُهُ نَهْجُ النَّبِيِّ وصَحْبِهِ
- والتَّابِعِينَ فَمُصْحَفٌ وحُسَامُ
- أمَّا الحِوَارُ أوِ التَّفاوُضُ فهْوَ
- فِي مِنْهَاجِهِ- مَعَ هَؤُلاَءِ- حَرَامُ
- دَرَجُوا علَى نَقْضِ العَهُودِ ودِينُهُمْ
- سَفْكُ الدِّمَا والفَتْكُ والإجْرَامُ
- ولِذا فليسَ لرَدِّهمْ عنْ غَيِّهم
- إلاَّ فَتىً منْ شَعْبِنا مِقْدَامُ
- سِيَرُ النبيِّ وصَحْبِهِ نَهْجٌ لَهُ
- وكِتَابُ رَبِّ العَالَمِينَ إمَامُ
- وتَخَطَّفَتْهُ يَدُ المَنُونِ ونَهْجُهُ
- سَيَظَلُّ ما صَلَّى العِبَادُ وصَامُوا
- سَنُقَاوِمُ المُحْتَلَّ حَتَّى يَنْجَلِي
- هَذا الظَّلاَمُ ولَنْ يَدُومَ ظَلاَمُ
- سَنُعِيدُ للأقْصَى المُبَارَكِ عِزَّهُ
- ولَنا تُرَفْرِفُ فَوْقَهُ الأعْلاَمُ
- سنُحَرِّرُ الوَطَنَ السَّلِيبَ ولَنْ
- يَظَلَّ بساحِهِ- رَغْمَ اللِّئَامِ- لِئَامُ
- نَحْنُ الأوْلَى أجْدَادُنا قَدْ أيْقَظُوا
- واسْتَيْقَظُوا والعَالَمُونَ نِيَامُ
- وبَنَوا وعَلَّوا فِي البِنَا مَجْدًا لَنا
- كيفَ الهَوَانُ وكيفَ الاسْتِسْلاَمُ
- لَنْ يَكْتُبَ التَّارِيخُ إلاَّ أنَّنا
- قَومٌ- علَى مَرِّ الزَّمَانِ- كِرَامُ
- فإذا هَوَى بَطَلٌ فإنَّ وَرَاءَهُ
- ألْفٌ مِنَ الصِّيدِ الكِرَامِ قِيَامُ
- ذكرى صلاحٍ تذيبُ القلبَ من كمدِ
- وتلهبُ النفسَ أشواقًا بلا هَمَدِ
شيخُ الكتائب
شعر: فارس عودة
- شيخُ الكتائبِ كمْ عشنَا بصحبتِه
- عمرًا يراوحُ بينَ الحلو والنكدِ
- عاشَ الشهيدُ بعزمٍ لا يزعزعُهُ
- قصفٌ منَ الريحِ أو عصفٌ منَ الفَنَدِ
- صاغَ الكتائبَ في أبهى تألقها
- فيها النجاة وفيها عزةُ البلدِ
- هذي سبيلُكَ يا قسامُ نسلكهَا
- نهجُ النبيِّ قويمٌ غيرُ ذي أَوَدِ
- شَقَّ الدروبَ دروبَ الخيرِ يقطعُهَا
- صوبَ الجنانِ ولمْ يقعدْ ولمْ يَحِدِ
- يمضي بهَدْي رسولِ اللهِ معتمدًا
- شرعَ الإلهِ وربي خيرُ مُعْتَمَدِ
- ما كانَ يركنُ للدنيا ويعشقُها
- بلْ كانَ ينشدُ وجهَ الواحدِ الأَحَدِ
- شقَّ الطريقَ إلى الفردوسِ مبتسمًا
- وما تشبثَ بالأموالِ والولَدِ
- كمْ أُرْعِدَ الكفرُ منْ أشبالهِ فرقًا
- وليس يخشى هزيمَ القاصفِ الرَّعِدِ
- جاءتْ إليهِ جيوشُ البغي زاحفةً
- تطوقُ الأرضَ بالأرتالِ والمَدَدِ
- وبومةُ الغدرِ بالأجواءِ ناظرةٌ
- إغفاءةَ الصقرِ أو تهويمةَ الأَسَدِ
- تغدو وتخنسُ في خوفٍ وفي قلقٍ
- كأنَّ في جيدهَا حبلٌ منَ المَسَدِ
- ما كانْ يمكنُ والضرغامُ منتبهٌ
- أنْ ينعقَ البومُ أو يدنو ذوو القَوَدِ
- كمْ كانَ يُنْشِبُ في الأعداءِ مخلبَهُ
- كمْ كانَ يفصلُ بينَ الرأسِ والجَسَدِ
- يحيا الغضنفرُ في أحراجهِ مَلِكًا
- والعيْرُ يرسفُ بينَ القيدِ والوتَدِ
- والسيلُ يجرفُ دفاقًا بأوديةٍ
- غثَّ الغثاءِ ويرمي رغوةَ الزَّبَدِ
- والنجمُ يسطعُ في الآفاقِ مؤتلقًا
- والدودُ يلعقُ تُرْبَ الأرضِ في لَبَدِ
- أنتَ الغضنفرُ أنتَ النجمُ يا أبتِ
- أنتَ الشهيدُ الذي استولى على الأَمَدِ
- أنتَ الصفاءُ ونورُ الشمسِ ما سطعتْ
- أنتَ الإباءُ ورمزُ العزِّ والنَجَدِ
- قدْ عشتَ حرًا عزيزَ النفسِ مصطبرًا
- تلقى الخطوبَ بقلبٍ الواثقِ الجَلِدِ
- إذا رءَاكَ بنو صهيونَ في حُلُمٍ
- نادَوا ثبورًا وهَمَّ القومُ بالرَّفَدِ
- حتى تمنوا رياحَ الموتِ تأخذُهُمْ
- وأنَّ سارايَ لمْ تولدْ ولمْ تلدِ
- لو دُسْتَ يومًا ترابَ الأرضِ في رفحٍ
- لاهتزت الأرض في حيفا وفي صَفَدِ
- أعددتَ جندًا يهابُ الليثُ سطوتَهُمْ
- وإنْ تراءوا لهُ بالغابِ لمْ يَصِدِ
-وإنْ تنادوا على الأحراجِ فارقها
- وإنْ رآهُمْ بنبعِ الماءِ لمْ يَرِدِ
-يلقى المئينَ بعزمِ الألفِ واحدُهُمْ
- ويَجْبَهُ الجيشَ بالأحجارِ والعَمَدِ
-كأنَّ واحدَهُمْ في الحربِ كوكبةٌ
- منَ الفوارسِ لمْ تنقصْ ولمْ تَزِدِ
-لا يستجيرُ بأعدادٍ ولا عُدَدٍ
- لا يستجيرُ بغيرِ الواحدِ الصمدِ
-مثلُ الأسودِ إذا لاقوا ململمةً
- لا يسألونَ إذا شدُّوا عنِ العَدَدِ
-تلكَ العزائمُ يا منْ بِتَّ تشحذُهَا
- ليخفقَ العزَّ خفاقًا على أُحُدِ
-لكَ التحياتُ والأشواقُ نرفعُهَا
- ملءَ الحناجرِ يا إطلالةَ الأَسَدِ
-يا منْ صنعتَ بعزِّ الدينِ ملحمةً
- تسري بأمتنَا كالروحِ في الجَسَدِ
-سقيًا لكفكَ كمْ أحييتَ منْ مُهَجٍ
- كنتَ الرؤوفَ بها يا مهجةَ الكَبِدِ
-لا زالَ ذكْرُكَ في الآفاقِ يغْمُرُهَا
- طيبًا تَضَوَّعَ في الأدنى وفي البَعَدِ
-لا زلتَ تملأُ أسماعًا وأفئدةً
- تحيا بحبكَ طولَ العمرِ والأَبَدِ