لماذا اغتالوا الإمام الشهيد حسن البنا ؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

لماذا اغتالوا الإمام الشهيد حسن البنا ؟

د. أحمد محمد بحر***لعل من رحمة الله بالمسلمين أن وفق الله الإمام حسن البنا بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر 1928م حيث جاءت هذه الجماعة في مرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها الأمة، فسقوط الخلافة العثمانية، والاحتلال البريطاني جاثم فوق أرض الكنانة، والمؤامرات الكبرى على اغتصاب فلسطين وتسليمها لليهود...

د. أحمد محمد بحر 27/02/2005

لعل من رحمة الله بالمسلمين أن وفق الله الإمام حسن البنا بتأسيس جماعة الإخوان المسلمين في مصر 1928م حيث جاءت هذه الجماعة في مرحلة من أخطر المراحل التي تمر بها الأمة، فسقوط الخلافة العثمانية، والاحتلال البريطاني جاثم فوق أرض الكنانة، والمؤامرات الكبرى على اغتصاب فلسطين وتسليمها لليهود. أما الساحة الإسلامية في مصر في ذلك الوقت فكانت مقتصرة على تيارين رئيسيين: الدعوة السلفية، والطرق الصوفية وكان الخلاف بينهما مستحكماً، وكان الفكر الإسلامي رهين أروقة الأزهر ومنظوماته ومصنفاته، لذلك كانت دعوة البنا في العودة إلى شمول الإسلام كل جوانب الحياة تجديداً رائداً في مجال التفكير الإسلامي، لترد الناس إلى دينهم، وتبث روح الجهاد في نفوسهم، وتعيد صياغتهم من جديد ليكونوا جنود الحق في إرساء قواعد الإسلام الحنيف، وقد أثمرت هذه الشجرة التي سقاها البنا بدمه الطاهر، ومن ثم حرص ألاَّ تكون دعوته إقليمية بل أرادها عالمية بعالمية الدعوة الإسلامية فكان له ما أراد وهذا ما نراه اليوم على أرض الواقع بحمد الله وكرمه، فما من بلد إلا وفيه نور الإخوان يسطع.

لقد كان للقضية الفلسطينية عناية خاصة لدى الإمام الشهيد حسن البنا وخاصة بعد أن سمع نداء الاستغاثة من قبل المجاهدين في فلسطين ونداء الحاج أمين الحسيني مفتي فلسطين حين قال: أدركوا فلسطين قبل أن تصبح أندلساً أخرى، فاستجاب الإخوان المسلمون، فكانوا أول من طرق أسماع المصريين ولفت أنظارهم إلى القضية الفلسطينية، وهم أول من عرَّفوا الناس بالخطر اليهودي الذي تدعمه بريطانيا وأروبا في حين كانت الأحزاب المصرية والعربية تغط في نوم عميق، وإيماناً من البنا بالجهاد والحفاظ على استمراريته، فقد أرسل المجاهدين من الإخوان سنة 1935 ليقفوا بجانب إخوانهم المجاهدين في فلسطين وعلى رأسهم الشيخ عز الدين القسام، وأوفد البنا الصاغ محمود لبيب لفض المنازعات بين منظمة النجادة والفتوة حيث كان له الدور الكبير في ذلك.

كما قام المجاهدون الإخوان بتكوين فريق لجمع السلاح والذخيرة، وجمع التبرعات، وفتح معسكرات التدريب، فبعث البنا محمود عبده إلى سوريا لإقامة معسكرات التدريب هناك من أجل فلسطين. الإخوان المسلمون هم أول من أنشأوا صندوق القدس لجمع التبرعات لصالح المجاهدين في فلسطين، وهم أول من قاموا بمظاهرات صاخبة بعد قرار التقسيم اشترك فيها الأزهر والجامعات المصرية وقد خاطب البنا الجماهير، فقال: لبيك فلسطين دماؤنا فداء فلسطين إني أعلن من فوق هذا المنبر أن الإخوان قد تبرعوا بدماء عشرة آلاف متطوع للاستشهاد في سبيل فلسطين، وقد أوفى البنا بما قال فأرسل كتائب الإخوان لتدافع عن مسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبلوا بلاء حسنا، ولقنوا اليهود درساً لن ينسوه أبداً، وأقبلوا على الشهادة وهم ينشدون

هو الحق يحشـد أجناده ويعتد للموقـف الفاصـل

فصفوا الكتـائب آسـاده ودكوا به دولـة الباطـل

وكانت معركة كفار ديروم ، والتبه 86 شاهداً على بسالة الإخوان وحبهم للشهادة في سبيل الله ، وخاصة وأنهم غنموا 15 مصفحة يهودية بعد أن خرج منها اليهود خوفاً وذعراً من شدة ضربات المجاهدين ، لقد كانت هدية الإخوان الذين يدافعون عن شرف وكرامة الأمة في فلسطين ويقدمون الشهيد تلو الشهيد ، ويحمون ظهر الجيش المصري من رصاص العدو الصهيوني ، أن أصدر رئيس الوزراء النقراشي قراراً بحل جماعة الإخوان المسلمين 18 / 2 / 1948 م ومصادرة ممتلكاتها وزج أفرادها داخل السجون المصرية ، أما الملك فاروق فقد أصدر أوامره إلى الدبابات المصرية وللجيش المصري بفلسطين باعتقال المجاهدين من الإخوان ، وكانت الأوامر مشددة بإطلاق النار عليهم وإبادتهم إذا لم يستسلموا للجيش المصري.

الدبابات المصرية تحاصر الإخوان وتعتقلهم وهم في ساحات القتال ، والحكومة في مصر تعتقلهم ، وتبقي البنا خارج السجن ، وتجرده من سلاحه الشخصي تمهيداً لاغتياله ، وكانت جريمة القرن العشرين باغتيال البنا بأوامر من اليهود والإنجليز وبتنفيذ زبانية الملك فاروق ، لقد تنبأ البنا بهذا الاغتيال ففي صبيحة يوم الاستشهاد رأي رؤيا مفادها أن الإمام على كرم الله وجهه خاطبه قائلاً : يا حسن انتهت مهمتك ، وأديت رسالتك ، وقبلك الله وقبل منك ، فقال رحمه الله : إن رؤيا علىّ في المنام معناها الشهادة ورغم ذلك خرج من بيته لمواصلة مسيرة الدعوة ، وفي الساعة الثامنة والنصف من مساء يوم السبت 12 / 2/ 1949 م يُطلق رصاص الغدر والخيانة على الإمام البنا في أكبر ميادين القاهرة أمام دار الشبان المسلمين ، ثم ينقل إلى مستشفى القصر العيني لإسعافه " وكانت حالته ليست خطيرة " وجاءت الأوامر المشددة للمستشفى بعدم إسعافه ، وظل الدم الطاهر ينزف من جسده حتى أسلم الروح لبارئها ، لقد بلغ من خسة الحكومة المصرية وقتها أنه وبعد أن ارتكبت الجريمة النكراء ، أن أدخلت جثمان البنا إلى منزله وسط مظاهرة من رجال البوليس شاهرة المسدسات والبنادق في وجه سيدات أسرته العزل من كل سلاح ، وأرغمت السيدات على حمل النعش بين صفوف الدبابات ، بعد أن قام والده الذي تجاوز التسعين بغسله وتكفينه .. ولم يسمح لواحد من رجال هذه الأسرة بالاقتراب من الجثة .. حتى القرآن حرّم عليهم تلاوته ، ثم نقل الجسد الطاهر وسط هذه المظاهرة المسلحة إلى مسجد قيسون القريب من المنزل ولم يسمح لأحد بالصلاة ولا بالدخول إلى المسجد إلا والده ، ثم نقل الجثمان إلى المقبرة ولم يسمح لأحد بتشييعه ، حتى أن البوليس إذا رأى أحد المارة يقرأ الفاتحة كانوا يلقون القبض عليه

هكذا اغتيل البنا مجدد القرن العشرين لأنه عاش لفكرته ومات من أجلها ، لأنه بنى دعوة وأنشأ جيلاً ، وغير مجرى التاريخ لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين فلم يرض الطغاة عن ذلك !! لقد سقى شجرة الإيمان بدمه الطاهر فانبت دعوة الإخوان في كل مكان وكان لهذه الدعوة نصيب في فلسطين ، فكانت جماعة الإخوان المسلمين ، وحركة حماس وكتائب عز الدين القسام التي دوخت الاحتلال الصهيوني ، وستظل هذه الحركة الربانية باقية حتى زوال الاحتلال بإذن الله تعالى .

فسلام عليك يا إمامنا في الأولين والآخرين وإلى أن نلقاك في الفردوس الأعلى بإذن الله تعالى .