وائل قنديل يكتب : الساقطون والناجحون فى امتحان الثورة العظيم
بتاريخ : الاثنين 01 يوليو 2013
أقبح مشاهد السياسة المصرية على الإطلاق ما أقدم عليه من يسمون أنفسهم «نواب التيار المدنى» فى مجلس الشورى الذين قرروا ممارسة التهريج والعبث فى لحظة تحبس فيها مصر أنفاسها قلقا وخوفا من إراقة دماء جديدة، حين قدموا استقالة أكروباتية مضحكة من المجلس فى حضرة التمرد، ثم هرولوا إلى المجلس قائلين كنا نهزر أو نهرج أو نقدم فقرة إعلامية طريفة فى سيرك الغضب المنصوب هذه الأيام.
وتزداد الكوميديا السوداء قتامة حين تعلم أن معظم المتقافزين بكل رشاقة القرود من شجرة تمرد إلى شجر المجلس الموقر معينون وغير منتخبين فى المجلس، بل إن منهم من سعى حثيثا لطلب التعيين به، الأمر الذى يجعلك تضرب كفا بكف أمام هذا السلوك البائس من سياسيين يمارسون العمل السياسة وفق منهجية «عين فى الشحم وعين فى اللحم» بالخليجى، أو «عين فى الجنة وعين فى النار» بمنطوق المثل الشعبى المصرى، والمثلان تجد لهما تلخيصا موجزا فى كلمتين هما «الانتهازية السياسية».
أعلم أن ماكينات الابتزاز والتخويف والإرهاب السياسى والإعلامى تنشط بكامل عنفوانها هذه الأيام، وأدرك أن كثيرين يمرون بحالة تصدعات نفسية رهيبة تدفعهم لإمساك العصا من المنتصف، وتصدير خطابين متعارضين حسب الظروف والأحوال، غير أنى أعلم أيضا أن المفترض فى نائب الشعب أن يكون أكثر تماسكا أخلاقيا وصلابة سيكولوجية ومعرفية تجعله قادرا على اتخاذ المواقف بعيدا عن أرضية المواءمة والمغازلة والتملق لكل الأطراف المتناقضة.
والأمر ذاته ينسحب على أولئك الثوار الذين يعلمون بينهم وبين أنفسهم أن يونيو 2013 من سلالة مختلفة تماما عن تلك التى ينحدر منها يناير الثورة فى 2011، لكنهم خوفا أو طمعا يغضون الطرف عن مهازل ترتكب باسم الثورة ولا يقدرون على أن يجأروا بالاعتراض انصياعا لهذا الحشد الهجين، فيقعون فى الأزمة ذاتها بتقديم خطابين أحدهما عام يرضخ لمنطق التفزيع باسم «الثورة» والآخر خاص يستجيب لنداء الضمير والمنطق.
وإذا كان رئيس الجمهورية قد اعترف فى خطابه الأخير بالخطأ والتقصير فى حق قوى الثورة الشبابية الأصلية، فإن هذا الاعتراف بحاجة إلى إجراءات عملية واضحة وشفافة تعيد الاعتبار لقيم ثورة يناير وترد الأمور إلى نصابها الصحيح، وتستدعى كل الطاقات الثورية المخلصة لتقوم بدورها فى تحويل الشعارات إلى واقع يتجسد على أرض الواقع.
وإذ يستحق إعلان قوى وشخصيات ينايرية بامتياز تبرؤها من هذا العبث الثورى الدموى الدائر حاليا الاحترام والتقدير، فإنه يبقى حريا بهؤلاء أن يفعلوا شيئا لإنقاذ ثورتهم من المصير الرومانى الذى تنطق كل معطيات الواقع بأنه تم استنساخه وتجرى محاولات تطبيقه حرفيا فى مصر هذه الأيام.
ولقد عاشت مصر مشاهد من هذا السيناريو قبل عام فى معركة الإعادة بالانتخابات الرئاسية، وقلنا وقتها إن الشعب المصرى خرج من هذا الاختبار الأخلاقى والحضارى بانتصار باهر على التاريخ، وأحسب أن المصريين قادرون على فعلها مرة أخرى ولن يرتكبوا خطيئة الانقلاب على مفخرة يناير 2011 ولن يقتلوا ثورتهم ويشعلوا فيها النار.
المصدر
- مقال:وائل قنديل يكتب : الساقطون والناجحون فى امتحان الثورة العظيم موقع: إخوان الدقهلية