واحد و خمسون عالما...ماذا نريد أكثر؟ / د.ديمة طارق طهبوب

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
واحد و خمسون عالما...ماذا نريد أكثر؟


بقلم:د.ديمة طارق طهبوب

إن من أكبر مشاكل الأمة العربية تعاملها مع الأمور بثقافة الفزعة التي تهيج في وقت الأزمة و تنسى و تتراخى بعد مدة قصيرة كأن شيئا لم يكن! و ليست مقاطعة الدنمارك ببعيدة و قد كلفتها في فترة صمودنا المليارات، و لكن ما هي الا فترة لم تقدم فيها الدنمارك الاعتذار الذي يتناسب مع عظم الخطيئة بحق رسولنا صلى الله عليه و سلم حتى انقلبنا على أعقابنا و عدنا الى الاستيراد و التواصل في الوقت الذي ما يزال فيه كثير من الاسرئيليين حتى الآن يرفضون شراء المنتجات الألمانية عقابا على تاريخها النازي و ما اقترفته بحق اليهود في الهولوكوست و المحارق المزعومة بالرغم من أن ألمانيا كفّرت و ما زالت تكفّر عن خطئها بدعهما اللامتناهي للكيان الصهيوني!

لقد غدا من السهل انتهاك مقدساتنا معتقدا و إنسانا و دولة و مقدرات دون خوف و لا حساب لأن الدول الكبرى قاست و جربت ضعف استجاباتنا و رودودنا قصيرة الأمد!

لقد أصبح البون شاسعا يوم أن كنا خير أمة أُخرجت للناس الى أن أصبح ينطبق علينا المثل القائل: لا خير في أمة تأكل مما لا تزرع و تلبس مما لا تصنع!

و المقاطعة الاقتصادية من أشد الأسلحة تأثيرا على العدو الصهيوني و الأنظمة الرأسمالية الداعمة له و تعادل في أثرها الانتصارات العسكرية،و لا يهون أحد من شربة حليب و لقمة خبز و كساء في صياغة شخصية مقاومة لا تستجيب لصغير أو كبير الشهوات و الأهواء و تحافظ على الطهر و الكسب و المطعم الحلال حتى يستجاب دعاؤها، و تعتبر قليل التضحية هذه سهم جهادها و دعما لإخوانها و تطبيقا لفكرة الجسد الواحد الذي تتداعى أعضاؤه لنجدته حتى يتخلص من مرضه

و كم يمر بعض المقاطعين بمواقف مضحكة مبكية في زيارات و نزهات تقدم فيها المشروبات الغازية كالببسي و الكوكاكولا، التي لا يخفى على أحد مساهمة الشركات المنتجة لها في دعم إسرائيل، فإذا اعتذروا عن الشرب بسبب المقاطعة ينظر اليهم نظرة تعجب و كأنهم من زمن الديناصورات هذا غير التقليل من شأنهم و موقفهم بالاستهزاء و ينسى هؤلاء أن الإمام الشافعي قال "لو علمت أن شرب الماء يثلم (يخدش أو يجرح) مروءتي ما شربته طوال حياتي" هذا و هو الماء أصل الحياة فكيف بمشروب تبين أن ضره أكثر من نفعه في الصحة و الدين و الخلق، و في الصمود على المقاطعة و لو فرديا تذكرة لكل صاحب مبدأ أن الجماعة أن تكون على الحق و لو كنت لوحدك.

لقد أفتى واحد و خمسون عالما من علماء الشريعة في الأردن بحرمة التطبيع مع العدو الصهيوني و من يسانده و بوجوب الالتزام بالمقاطعة الاقتصادية و بيّنوا الحجج الشرعية التي تجعل أي شكل من أشكال التعامل مع العدو الصهيوني من كبائر الذنوب، و أن التعامل معهم هو دعم لحربهم ضد المسلمين، و أن المال الذي يأني من هذه التعاملات مع أعداء الله و الأمة مال حرام يمحقه الله في الدنيا و يكون وبالا على صاحبه في الآخرة

و تفعيلا لفتوى العلماء قامت لجنة مقاومة التطبيع الأردنية في مجمع النقابات المهنية بالقيام بحملة تحت شعار أردن خال من بضائع العدو الصهيوني و ذلك برصد محال الخضار و الفواكه للتأكد من خلوها من المنتجات الاسرائيلية، و تقديم النصح بالحسنى للتجار الذين يستوردون البضائع، و اعلامهم بفتوى المقاطعة و البدائل، ثم مقاطعة المجاهرين و المصرين على التطبيع من التجار، و كان من ثمرات هذه الحملة المباركة امتناع سبع شركات من أصل عشرة كانت تستورد الخضار و الفواكه من المغتصبات الصهيونية

إنها بداية القطرات الصغيرة التي تعمل ببطء و هدوء و تواصل و لكنها تحدث في النهاية شرخا كبيرا في الصخرة العظيمة

كان الصحابة يقولون إذا سمعنا قول الله تعالى "يا أيها الذن آمنوا.."أصخنا السمع استجابة لنداء ربنا حتى نتلقى أمره و نهيه فتستجيب له قلوبنا و تعمل به جوارحنا، و قد جاء الخطاب للمؤمنين في فتوى العلماء و هم ليسوا واحدا و لا اثنين بل واحدا و خمسين، فماذا نحتاج أكثر حتى نعلم و نتبع؟ قيل في وصف البضائع الصهيونية: رائحتها موت، لونها دم ، و نكهتها إجرام فأي هذه نبعث لإخواننا في فلسطين و العالم؟