حرب الصواريخ في معركة الفرقان" إبداع بلا حدود"

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث


حرب الصواريخ في معركة الفرقان" إبداع بلا حدود"

أبدعت كتائب الشهيد عز الدين القسام خلال معركة الفرقان في ابتكار الأساليب والوسائل التي تنغص عيش الصهاينة وتنال من جنودهم المهزومين.

فكانت مفاجآت عديدة أطلقتها الكتائب خلال الحرب وأخرى تعَد للقادم، والقادم أدهي وأمر على الصهاينة المقهورين، فصواريخ القسام والجراد باتت كوابيس ليل سوداء تقض مضاجع الصهاينة في كل وقت وحين.

مفاجآت جديدة

معركة الفرقان

واستخدمت كتائب عز الدين القسام ضمن مفاجآتها الكثير من الوسائل العسكرية الجديدة على الساحة الفلسطينية والتي لم تستخدم من قبل، فقد استخدمت صواريخ الجراد بمدياتها المتزايدة خلال المعركة والتي لم يعرف أقصاها حتى الآن، إضافة إلى قذائف التاندوم والآر بي جي 29 وصواريخ عيار 107 المضادة للتحصينات، فكان لها الأثر الكبير على مجرى المعركة ونفسيات المغتصبين والجنود الصهاينة.

فصواريخ القسام والجراد كان لها الصدى الكبير والتأثير العميق في المعركة، فمع بداية الحرب الجوية وفي أول أيام الحرب أطلقت كتائب الشهيد عز الدين القسام 53 صاروخا في أجواء معقدة وطائرات صهيونية حربية واستطلاعية لم تفارق سماء القطاع على مدار الساعة، فكان لهذا الرد المزلزل وغير المتوقع من الكتائب انتكاسة كبيرة في الكيان الصهيوني وفشلا ذريعا، فالكيان الصهيوني كان يعول على الضربة الأولى لحسم المعركة.

امتصاص الضربة

استطاعت كتائب القسام امتصاص الضربة الأولى بكل حنكة وثبات، وتمكنت فوق ذلك من الرد على الهجمات الصهيونية بهجمات مركزة على أهداف عسكرية واقتصادية صهيونية.

فكتائب القسام وبعد انتهاء معركة الفرقان البطولية قدمت إحصائية لعدد صواريخها خلال الحرب، فجاء في الإحصائية أن الكتائب قامت بإطلاق 980 صاروخا وقذيفة تجاه المدن والمغتصبات الصهيونية، كانت صواريخ القسام فيها 345 صاروخ، وصواريخ الجراد 213 صاروخا، أما قذائف الهاون فكانت 402 قذيفة.

واللافت خلال الحرب هو مديات الصواريخ التي تجاوزت مناطق كان يعتبر العدو الصهيوني استهدافها خطرا استراتيجيا على الكيان الصهيوني وتهديدا لدولته المزعومة، فكان استهداف المواقع والقواعد العسكرية الصهيونية ذات الطابع الاستراتيجي ومدناً حيوية، مما شكّل توازناً في الرعب مع الاحتلال الصهيوني ونجاحاً استخبارياً لكتائب القسام ، إضافة إلى تأثير تلك الصواريخ على الكيان الصهيوني عسكريا واقتصاديا ونفسيا.

استهداف مدروس

فقد وصلت صواريخ الجراد في الحرب إلى مدى لم يتوقعه الكيان في أسوأ كوابيسه، فقد بلغ مدى الــ 50 (كيلو متر)، عندما قصفت كتائب الشهيد عز الدين القسام قاعدة "بلمخيم" الجوية التي تقع شمال مدينة أسدود، والتي تستخدم كقاعدة دفاع جوي تضم مدرجات لطيران الاستطلاع ومهاجع طيران الكوبرا، إضافة إلى حقل صواريخ جاهزة للإطلاق تحت الأرض.

ولم يقتصر الاستهداف على ذلك، فقد قصفت الكتائب قواعد عسكرية إستراتيجية في الكيان الصهيوني، حيث يقول الخبير العسكري العميد صفوت الزيات في هذا الإطار "ناهيك عن وصول مديات تلك الصواريخ إلى مناطق وأهداف ذات أهمية إستراتيجية وحيوية لدى الاحتلال الصهيوني كالقواعد الجوية الثلاث تل نوف وحتسور وحتساريم، وقاعدة الدفاع الصاروخي البالستي في بلماخيم ومدينة بئر السبع مقر القيادة العسكرية الجنوبية وميناء أسدود، وهي مناطق لم تصلها الصواريخ من قبل".

ثبات المعدل

وحول معدلات إطلاق الصواريخ اليومية خلال أيام الحرب وبقائه حول معدل ثابت، أوضح الزيات أن معدلات إطلاق الصواريخ معتدلة طوال مدة العملية بمتوسط 40 صاروخاً يومياً في الأسبوعين الأولين و20 صاروخاً يومياً في الأسبوع الأخير، مشيرا أن عمليات إطلاق الصواريخ لم تتأثر بالعمليات الميدانية على الأرض.

واعتبر الزيات أن إدامة تعرض التجمعات المدينة الصهيونية جنوب ووسط الكيان لضربات صاروخية طوال العملية دون وجود دفاع صاروخي صهيوني مقابل راكم الفشل الصهيوني وهدر عقيدة (بن غوريون) الداعية لحماية المجتمع المدني الصهيوني زمن الحرب.

فشل الأهداف

دخل العدو الصهيوني معكرته التي كان يعتبرها حاسمة ضد المقاومة في قطاع غزة يحمل أهدافا عدة أولها الإطاحة بحكم حركة المقاومة الإسلامية حماس ، وإيقاف إطلاق الصواريخ على المدن الصهيونية المحتلة، فهل كان له ذلك، وحقق أهدافه التي دخل من أجلها؟؟

على صعيد الإطاحة بحركة حماس ، فقد أدت الحرب الصهيونية إلى زيادة شعبية حركة المقاومة الإسلامية حماس في قطاع غزة والضفة المحتلة، وأصبح سكان القطاع سورا واقيا للمقاومة وداعما لها، وقدم في سبيل ذلك تضحيات جسام من أرواح وممتلكات، وعلى صعيد الضفة المحتلة فقد ازدياد الرفض الشعبي لعصابة رام الله التي تواطأت خلال الحرب ودعمت الكيان الصهيوني.

أما على الصعيد الدولي فقد انتفض العالم الحر وخرج بمسيرات جماهيرية حاشدة انطلقت تنديدا بالعدوان ودعما للمقاومة في قطاع غزة.

أما الهدف الآخر الذي تمثل في وقف إطلاق الصواريخ والقضاء على المخزون الصاروخي للقسام، فقد فشل فشلا ذريعا، حيث كانت الصواريخ تنهمر على المدن الصهيونية المحتلة والمواقع العسكرية بينما كان أيهود أولمرت رئيس وزراء الكيان الصهيوني يلقى خطاب الانسحاب أحادي الجانب من القطاع.

ويوضح العميد صفوت في هذا المجال أن أهم الأهداف التي رفعها الكيان في بداية الحرب، هي مسألة إضعاف القدرة السياسية والعسكرية لحركة حماس ، إلا أنه وبعد انتهاء تلك العملية لم يحقق هذا الهدف مما يؤشر إلى الفشل الصهيوني ونجاح الطرف الفلسطيني المقاوم في إدارة معركة الصواريخ.

تهديد إستراتيجي

لقد كانت الصواريخ خلال معركة الفرقان تهديدا إستراتيجيا على الكيان الصهيوني ومربكة لكل حساباته،

ولكن بعد انتهاء الحرب هل انتهت مفاجآت الصواريخ؟؟

في هذا السياق نقلت الصحف الصهيونية عن مصادر في الجبهة الداخلية الصهيونية تقديراتها بأن ثلاثة ملايين صهيوني على الأقل يتواجدون اليوم في دائرة الاستهداف المدفعي من قطاع غزة , وذلك عقب التجربة الناجحة التي أجرتها كتائب القسام على إطلاق صاروخ لمسافة 60كم على حد زعم المصادر الصهيونية.

ولم تتوقف مفردات المعركة عند هذا الحد، فقد كانت الخسائر الصهيونية على أصعدة متعددة، فكان منها البشرية المؤلمة، والاقتصادية الفادحة، والنفسية المدمرة، والدبلوماسية الفاضحة.

خسائر بشرية

كانت الخسائر البشرية الصهيونية خلال معركة الفرقان مؤلمة للغاية، ومما يدلل على ذلك مدى الرقابة العسكرية الصهيونية على وسائل الإعلام الصهيونية والمراسلين الأجانب، فقد برز هذا الدور الرقابي جليا خلال المعركة، وقد تعرض بعض المراسلين للتحقيق والاستجواب على خلاف ذكرهم لبعض المناطق التي تسقط عليها الصواريخ.

ويسحب الأمر على الخسائر البشرية في الحرب، فكانت المستشفيات الصهيونية مناطق عسكرية مغلقة لا تدخل إليها الصحافة.

كتائب الشهيد عز الدين القسام من جهتها أكدت في خطابها بعد انتهاء الحرب أنها قتلت خلال المواجهات المباشرة مع الجنود الصهاينة 48 جنديا وجرحت ما يزيد عن 411 آخرين ونفذت أكثر من 53 عملية قنص للجنود الصهاينة.

خسائر اقتصادية

فقد كشفت تقارير اقتصادية صهيونية أن قصف المقاومة الفلسطينية الصاروخي على جنوب الكيان الصهيوني كبد المصانع الصهيونية في الجنوب خسائر مباشرة وصلت إلى ما يزيد عن 80 مليون شيكل.

وذكرت مصادر أخرى أن الخسائر الاقتصادية الإجمالية المباشرة وغير المباشرة للكيان الصهيوني في الحرب بلغت 2.5 مليار دولار.

فالخسائر المباشرة كانت ناتجة عن التكلفة المادية للحرب وسقوط صواريخ المقاومة على القواعد العسكرية والمدن المحتلة، مما يجعل الكيان مضطرا لتوفير الدعم المالي لإصلاح الأضرار الناتجة عن القصف، فقد كشفت تقارير نشرتها مؤسسة التأمين الوطني الصهيونية أن تكلفة جندي الاحتياط الواحد بلغت 116.35 دولار في اليوم الواحد غير مشمولة بالمصاريف مثل الغذاء والسكن، وفي الحرب استدعى الكيان ما يزيد عن 10 آلاف جندي احتياطي،أما الخسائر غير المباشرة فتمثلت في تكلفة توقف الأنشطة الاقتصادية في المناطق التي تتعرض للقصف مثل المصانع والمصالح التجارية والشركات.

خسائر نفسية

لقد برز خلال الحرب تفوق المقاومة الفلسطينية ورجاحة ميزان الرعب لكفتها، فقد كانت الصواريخ المنهمرة على التجمعات الصهيونية تؤثر تأثيرا شديدا على الحالة النفسية لسكان جنوب الكيان، وكان القسام يدب الرعب في قلوب الصهاينة فكانت غزة بحق "الرعب القسامي"

فقد قال بحث أجرته جمعية "نتال" الصهيونية المتخصصة في تقديم المساعدات النفسية لمصابي الصدمة أن هناك مشكلات نفسية كبيرة لدى سكان سديروت جراء سقوط الصواريخ، بينما أشارت صحيفة "هاآرتس" في تقرير لها أن سكان ما يسمى بـ"غلاف غزة" أعربوا عن تذمرهم واستيائهم من تمركز القوات الصهيونية القرب من أماكن سكناهم مما يعرضهم للاستهداف المباشر من المقاومة الفلسطينية.

وفي هذا الموضوع يقول يائير برجون رئيس بلدية عسقلان إن هناك خسائر نفسية ومعنوية كبيرة لدى سكان المدينة التي كانت الأكثر تعرضا للهجوم الصاروخي الفلسطيني بعد سديروت.

خسائر دبلوماسية

كانت الخسائر الدبلوماسية الصهيونية أكبر بكثير مما توقع الصهاينة، فقد انكشف على حقيقته أمام الرأي العام العالمي وبرزت حقيقته وانقشعت صورته الوردية أمام العالم.

فقد اعتبرت بعض الدوائر الإعلامية والسياسية الصهيونية أن أكبر خسارة لحقت بالكيان من جراء هذه الحرب، هي تشويه صورته لدى الرأي العام العالمي نتيجة المذابح التي ارتكبها الجيش ضد المدنيين في غزة ، وغالبيتهم من النساء والأطفال.

وكتب آري شافيط في صحيفة "هاآرتس" إبان الحرب، مقالا تناول فيه ما أسماه بـ"الحملة الجنونية"، وكتب فيه يقول: "إن قصف مدينة مكتظة بالسكان هو عمل خطير، ويؤدي إلى تآكل الشرعية الدولية "لإسرائيل" في الخارج".

ويضيف أن الضغط العسكري للجيش الصهيوني "ربما يضغط على حركة حماس ، ولكنه يهدم "إسرائيل" نفسها، ويهدم صورتها، ويهدمها على شاشات التلفزيون في كافة أنحاء العالم وفي قاعات المجتمع الدولي، وفي المكان الأهم وهو الولايات المتحدة، خاصة لدى الرئيس الأمريكي باراك أوباما".

وكانت وزارة الخارجية الصهيونية قد طلبت من ممثليها خارج البلاد إرسال التقارير الإعلامية التي تنشر بشأن العدوان على غزة حول العالم، وامتلأت هذه التقارير بالتفاصيل التي دفعت العديد من شعوب العالم إلى الخروج للاحتجاج على ما يجري في القطاع والكثير من الجهات الحقوقية العربية والغربية لإعداد ملف محاكمة مجرمي الحرب الصهاينة.

هكذا انتهت حرب الفرقان البطولية، حيث انتهت الحرب ولم تنتهي تداعياتها بعد، فهل يستطيع العالم أن يحاكم العدو الصهيوني على جرائمه البشعة بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة؟؟ وهل يجرؤ العالم على تحدي الصهاينة وزجهم في أقفاص الاتهام؟؟

بقت كتائب الشهيد عز الدين القسام بقوتها وعنفوانها صامدة شامخة أمام الحرب الصهيونية على القطاع ولم تستسلم كما كان يظن البعض ويسعى لذلك، وها هي بعد الحرب تعود لسابق عهدها، لا بل أعدت المزيد من المفاجآت في انتظار أي حماقات صهيونية قادمة.

المصدر:كتائب الشهيد عز الدين القسام-المكتب الإعلامي