إحتلال الكويت بين رؤية الاخوان وعجز النظام
المقدمة
حدث غزو العراق للكويت في الثانى من أغسطس عام 1990، واستمر لسبعة أشهر فقط، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة، خضع بعدها العراق لحصار دولى استمر نحو 13 عاما، ثم اضطر في الأخير دفع تعويضات حرب كبيرة للكويت عبر الأمم المتحدة..
كانت هذه الحادثة كاشفة لأزمة النظام العربى الرسمي وعجزه عن إدارة خلافاته الداخلية، وتورطه في سياسات كانت جزء من مخططات أمريكى للسيطرة على الخليج، مما فتح الباب واسعاً أمام التدخل الأمريكي السافر فى المنطقة، وأُدخلت الشعوب العربية بسببها في دوامة من الأحداث التي نالت من استقلالها وحريتها.
كما أظهرت تلك الحادثة كذلك بعد نظر جماعة الإخوان المسلمين التى نظرت لاحتلال الكويت وما تبعها، ضمن سياق واحد متصل مع ما سبقها من حرب عراقية إيرانية استمرت لثمانى سنوات (1980-1988)، ثم ما لحقها من احتلال أمريكى للعراق عامي (2003).
كما بينت تلك الحادثة كذلك الى مدى انحياز الإخوان المسلمين للمبادئ من ناحية، ولمصلحة الامة العربية والإسلامية من ناحية أخرى. واذا كان (التاريخ هو الوعاء التطبيقى الذى يمكن من خلاله التعرف على مدى التزام الامم بقيمها والانتصار لها أو البعد عنها) كما يقول المؤرخ الدكتور زكريا سليمان بيومي (1)
فستظل هذه الاحداث محفورة فى وجدان التاريخ بما أثبتته من حقائق وما كشفته من ثَلمات داخل عالمنا العربى.
مقدمات صنعت الازمة
كانت حقبة التسعينات مليئة بتقلبات سياسية عارمة اجتاحت العالم العربى، إذ قامت الولايات المتحدة الامريكية فيها بإعادة رسم منطقة الشرق الأوسط بما يحقق مصالحها. ولم تكن جماعة الإخوان المسلمين غائبة عن المشهد بوصفها التيار الأكبر في العالم العربى.
فقد شهدت تلك الحقبة:
- انتهاء الحرب العراقية الإيرانية
- سعى أمريكا كقوة للانفرد بحكم العالم
- عجز النظام العربى الرسمي واستسلامه
فالعراق كان خارجا لتوه من حرب ضارية استمرت لثماني سنوات مع إيران (1980-1988)، والتي كانت جزءاً من خطة أمريكية استهدفت إطالة أمد الحرب، إذ دفعت أمريكا حلفائها العرب الى تأييد صدام في تلك الحرب ودعمه بالمال والسلاح، فقد كانت سياسة أمريكا في ذلك الوقت ضرب خصومها بعضهم ببعض، من أجل إستنزاف قواهم، وهذا ما حدث تجاه العراق وإيران لثمانى سنوات!
وفي وقت من الأوقات كان استمرار هذه الحرب يمثل مصلحة لدول خليجية شرط أن لا يمتد خطرها إلى هذه الدول، لذلك لم تتحرك هذه الدول لوقف الحرب إلا بعد أن امتدت إليها بعد التوسع المخيف في حرب الناقلات، كما أن هذه الحرب كانت الفرصة الكبرى للولايات المتحدة كي تكثف وجودها العسكري في الخليج، وأن تحظى بقبول دول الخليج لهذا الوجود، وهو قبول لم يحدث بهذه الصورة من قبل، كما كانت فرصة للاتحاد السوفييتي كي يقترب أكثر من الخليج، وأن ينافس الولايات المتحدة في أهم مناطقها الاستراتيجية) (2)
خرج العراق من هذه الحرب بتعاطف عربى واسع على مستوى الشعوب والأنظمة على السواء، إذ روجت الأنظمة العربية لشعوبها أن صدام في هذه الحرب كان هو حارس البوابة الشرقية للامة العربية، وهذا ما يفسر ان شعوباً مثل الأردن وفلسطين كانت متعاطفة مع العراق فيما جاء بعد ذلك من أحداث، وبنهاية الحرب ادّعت تلك الأنظمة لشعوبها كما ادّعى صدام أنه حقق أعظم انتصار في التاريخ!
بينما في الحقيقة أن العراق قد تم إستنزافه في هذه الحرب، والتى خاضها صدام بالوكالة عن الأنظمة وأمريكا، فخرج العراق من الحرب بأزمة اقتصادية حادة وبينة تحتية متهالكة، واصطدم الجنود العراقيون العائدون من الميدان الى سوق العمل بأوضاع اقتصادية صعبة، حيث كانت العمالة المصرية تشغل سوق العمل، فنشبت صدامات بين العراقيي وبين العمالة المصرية في الخليج، قُتل على إثرها العشرات من العاملين المصريين.. فبقى التعاطف الشعبى العربى، بينما تأزمت العلاقة بين صدام وبين الأنظمة العربية وخاصة الخليج.
"كان قيام إيران باقتراح وقف لإطلاق النار – بعد ثمانى سنوات - كافياً لاعتبار العراق منتصراً، لكن الحرب استنزفت موارده، وكان يملك بعد الحرب أقوى قوة عسكرية في المنطقة وصل تعدادها إلى مليون جندي، لكن الكارثة الاقتصادية والبشرية لم تكن تقل ضخامة، فعندما بدأ العراق الحرب كان يملك فائضاً مالياً مقداره 30 مليار دولار، وبعد عام من نهاية الحرب قُدرت ديونه بحوالي 100 مليار دولار، كما خسر العراق وإيران في الحرب دون احتساب خسائر توقف انتاج النفط (500) مليار دولار، عدا مليون قتيل وأكثر من مليون وسبعمائة ألف جريح من الطرفين" (3)
وبانتهاء الحرب بدأت فصل جديد بـ (احتلال الكويت) ليتم من خلال ذلك إعادة تشكيل المنطقة وفق رؤية أمريكية خالصة، حيث نجحت الضغوط الأمريكية وبتواطؤ عربى، في الحيلولة دون حل الأزمة عربياً، ليبدأ فصل جديد في تاريخ المنطقة هو الأسوأ في تاريخها المعاصر
غزو الكويت وانكشاف العالم العربى..
بدأت الأزمة بين البلدين (الكويت والعراق) في 18 يوليو 1990، عندما اتهمت بغداد الكويت بسرقة النفط من حقل الرميلة النفطي في جنوب البلاد، وطالبت بتسديد نحو ملياري يورو، وقد نفت الكويت هذه الاتهامات، كما طالبت بغداد الكويت بإلغاء الديون التي اقترضتها من الكويت خلال حربها ضد إيران (1980-1988)، معتبرة أنها دافعت بها عن هذه الدولة الخليجية أيضا.
وفي 20 يوليو 1990، بدأت الجامعة العربية وساطتين، لكنهما فشلتا، وتم تعليق المحادثات العراقية الكويتية في الأول من أغسطس في 2 أغسطس 1990، حدث الغزو، وبدأت القوات العراقية دخول الأراضي الكويتية واحتلال مواقع داخل البلاد، ووقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الوحدات الكويتية والجيش العراقي وسط مدينة الكويت.
ولم يستطع 16 ألف جندي هم تعداد الجيش الكويتى الصمود أمام 100 ألف جندي عراقي و300 دبابة، كان الوضع يفوق طاقة الجيش الكويتي، فتم احتلال المدينة خلال النهار، وفر الأمير جابر الأحمد الصباح إلى السعودية، في حين قُتل شقيقه الشيخ فهد.
طالب مجلس الأمن الدولي
- "بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية".
وجمدت واشنطن جميع الأصول العراقية في الولايات المتحدة والشركات التابعة لها في الخارج، وأوقف الاتحاد السوفياتي توريد الأسلحة للعراق. وفي 8 أغسطس أعلن الرئيس الأميركي إرسال قوات إلى السعودية.
الإخوان المسلمون .. أصحاب البيان الأول
- "لم يسبِق على مرِّ التاريخ القديم والحديث أن حاولت قوةٌ الانفراد بحكم العالم.. لقد شاهدنا قوىً حاولت على مر التاريخ السيطرةَ على أكبر جزء من العالم، ولكن أن توجد قوةٌ واحدةٌ تسعى للانفراد بالعالم، فهذا ما لم يحدث من قبل، وهو أمر جديد وخطير؛ لأنه يعني أن طرفًا واحدًا يحاول أن يُسيِّر العالم وفق رؤيته ومصالحه.
- والولايات المتحدة - لاشك- تشعر بقوتها، وكانت القاعدة التي تحكم السياسة الأمريكية هي قيادة العالم، لكن منذ أن تولى الرئيس "بوش" - الابن - حدث تغيير في هذه السياسة، مؤداه أن تحكم الولايات المتحدة العالم بدلاً من قيادته.. ومن هنا أصبح العبث بالمؤسسات الدولية قاعدةً أساسيةً، فقد أصبحت بلا وزن، وأن تكون فقط مطيةً لهذه الدولة المستبدة القوية ورئيسها، الذي يجعل من نفسه حاكمًا للعالم دون منازع"
كانت هذه كلمات المستشار المأمون الهضيبى والتي استهل بها حديثه عن موقف جماعة الإخوان المسلمين من أحداث غزو العراق للكويت عام 1990. (4)
انطلقت جماعة الإخوان المسلمين من هذه النظرة في تعاملها مع تطورات الأمور في منطقة الشرق الأوسط منذ بداية الحرب العراقية والإيرانية (1980-1988).
فقد حرصت جماعة الإخوان المسلمين على إصدار بيان إدانة في نفس يوم الغزو (2 أغسطس 1990م)، وقد حرر هذا البيان بخط يده المستشار المأمون الهضيبى نفسه، وكان عضوًا في مكتب الإرشاد، وقد جاء فيه: (إنه غير مقبول على أي أساس من الأسس) ثم قال: (إن هذا الغزو سيعطي ذريعةً للدول الاستعمارية للعودة إلى المنطقة ليس فقط منطقة الخليج، ولكن إلى كل البلاد لتحتلها احتلالاً عسكريًا، كما حدث في القرنين التاسع عشر والعشرين) وطالب البيان "صدام" بالمسارعة بالانسحاب من الكويت.
وعندما اجتمعت الجامعة العربية، وصف الإخوان ما صدر عنها من قرارات بأنها (متسرعة). وطالبوا بدلا من ذلك بإرسال جيوش من الجزائر وباكستان ومن تقبل السعودية من جيوش الدول لتقف على الحدود بين الكويت والسعودية؛ لمنع التهديد العراقي للسعودية، وذلك كتوطئةً لانسحاب القوات العراقية من الكويت. وقد طالب الإخوان بمهلة قبل أن تأتي الجيوش الأجنبية للمنطقة؛ لبذل جهد أكثر، لكن الدول العربية لم تستجب!
حاول الإخوان المسلمون الدعوة الى إجتماع إسلامي تحضره قيادات الإخوان المسلمين من جميع أنحاء العالم، يعقبه زيارة للعراق لطلب الخروج من الكويت، لكن تم إفشال هذا الاجتماع باجتماع آخر فى العاصمة الأردنية (عمان) وكان الدكتور حسن الترابي أحد أبرز الحضور فيه!
وعندما توجه المرشد العام وقتها الأستاذ "محمد حامد أبوالنصر" - يرحمه الله - والأستاذ "مصطفى مشهور" - يرحمه الله- نائب المرشد في ذلك الوقت - بصحبة الهضيبى - فوجئوا بأن ضباط الجوازات يخبرونهم بعدم صلاحية الجوازات، وعندما تم استخراج جوازات جديدة، أخبروهم بأنهم ممنوعون من السفر! (5)
وقبل يومين من إعلان الرئيس الأميركي إرسال قوات إلى السعودية فيما عُرف بعملية "درع الصحراء"، والتي سميت لاحقا بـ"عاصفة الصحراء"، أصدر (محمد حامد أبو النصر) المرشد العام للإخوان المسلمين بيانًا في 6 أغسطس 1990
جاء فيه:
- (في الآونة التي بدأ أن الخلاف بين الكويت والعراق اتخذ طريقًا سلميًا للحل والتفاهم ، فوجئنا بالغزو العسكري للكويت. فكان عملاً مروعًا ومثيرًا للدهشة ومخيبًا للآمال. ولا يغيب عن الذهن أن هذا الحدث الضخم يفتح أبواب شر خطيرة وكبيرة. ويؤثر في مجريات كفاح الشعوب الإسلامية خاصة في فلسطين المحتلة).
وحول ممارسات بعض أفراد الجيش العراقي في الكويت ، أشار البيان بالقول :
- "إن كل ما تنقله الأخبار من تصرفات لجنود الغزو مع أبناء الكويت الشقيق ، مثل النهب والإيذاء وغير ذلك ، هي من الأمور التي لا يقرها الإسلام... وأنه ليس ثمة ذنب للشعب الكويتي بكل فئاته لكي يتعرضوا لما تعرضوا له من مآسي".
وفي السياق نفسه صرح (مأمون الهضيبي) الناطق باسم الإخوان المسلمين قائلاً:
- "ان الاجتياح العراقي للكويت أمر غير مشروع وعدوان ظالم على كل المستويات، وأنه سيفتح باب التدخلات الأجنبية التي تتربص بالمنطقة ، لإعادة عهد الاستعمار... وناشدنا الرئيس العراقي سحب قواته من الكويت) (6)
أرسل الإخوان في مصر بياناً أصدروه لمؤتمر جدة في أكتوبر 1990، نددوا فيه بالغزو وطالبوا صدام بالخروج من دون قيد أو شرط، وتلاه د. ناصر الصانع واُعتبر أحد وثائق المؤتمر، والذى خطب فيه الشيخ محفوظ نحناح مسؤول الجماعة في الجزائر فألهب الألوف في خطابه، مندداً بالغزو وبحضور الأخ أحمد السعدون والشيخ أحمد القطان وبقية أعضاء الوفد الشعبي الكويتي
ولعل موقف عبدالفتاح مورو - إخوان تونس - كان مشابهاً لإخوان الجزائر، ويشهد الوفد الشعبي الكويتي الذي زار اليمن والسودان برفض جماعة الإخوان المسلمين الغزو ودعم الكويت في حقها بتحرير أرضها، ولكن هذه الفروع لم تتمكن من حضور اجتماع التنظيم العالمي في حينه للظروف السياسية والأمنية فيها! (7)
لذلك لم يكن صحيحا ما ذكره بعض الباحثين أن جماعة الإخوان المسلمين أيدت غزو العراق للكويت. (8)
موقف اخوان الكويت بعد الغزو
وباحتلال العراق للكويت، دخلت البلاد في محنة غير مسبوقة، وكان للإخوان المسلمين فى الكويت دوراً كبيراً في توفير الخدمات الأساسية لأفراد المجتمع، بالإضافة للعبهم دورًا توجيهيًا مهمًا من خلال المساجد، كما لعبت الجماعة دورًا في تعزيز شرعية الأسرة الحاكمة في الكويت وقتها في مقابل ادعاءات "صدام حسين".
كما شارك الإخوان في تأسيس حركة المرابطين للدفاع عن البلاد، بالتعاون مع باقي الجمعيات الخيرية والقوى الشعبية. بعد انتهاء الغزو ومآلاته، أعلن إخوان الكويت تأسيس الحركة الدستورية الإسلامية "حدس"، وأتت هذه الخطوة غير المسبوقة في التاريخ السياسي للكويت لتنقل فيها العمل السياسي إلى مرحلة أكثر مؤسسية من ذي قبل؛ حيث كانت القوى السياسية والاجتماعية المختلفة معروفة لدى الشارع، لكنها لم تشرعن عملها في كيانات تمثلها سياسيًا، ليتوالى إعلان الحركات السياسية عن أنفسها. (9)
اختلاف مواقف العلماء من الأزمة
صارت قضية الاستعانة بقوات أجنبية على دولة مسلمة هي قضية الساعة، ولم يستطع العلماء حسم هذا الامر من الناحية الفقهية، فأكبر مجمع إسلامى هو المجمع الفقهى التابع لمنظمة المؤتمر الاسلامى، وفيه كل دولة إسلامية ممثلة بعالم واحد، وذلك العالم ليس هو الأفضل أو الاعلم، لكنه الأقرب الى السلطة أو الى وزير الأوقاف في تلك البلد أو وزير الشئون الدينية! ومن ثَم فالفتاوى الصادرة عنه لا تمثل بالضرورة إجماع العلماء، هذا بالإضافة الى الضغوط التي تُمارَس على العلماء من هذا البلد أو ذاك.. (10)
سعت الحكومة السعودية لإيجاد المسوغ الشرعي للاستعانة بالقوات الامريكية، فأصدر عدد من كبار علماء الدين في المملكة مجموعة فتاوى تجيز الاستعانة بقوات غير إسلامية، واستقدامها إلى الأراضي السعودية. كان أبرزها الفتوى التي أصدرها المفتي العام للمملكة الشيخ عبد العزيز بن باز
ومما جاء فيها:
- "... وأما ما حصل من الحكومة السعودية لأسباب الحوادث المترتبة على الظلم الصادر من رئيس دولة العراق لدولة الكويت. ومن استعانتها بجملة من الجيوش التي حصلت من أناس متعددة من المسلمين وغيرهم لصد العدوان والدفاع عن البلاد. فذلك جائز بل تحكمه الضرورة. فهي معذورة في ذلك ومشكورة على مبادرتها".
موقف بعض علماء السعودية المضاد للاستعانة
وكانت هناك فئة من علماء السعودية قد اتخذت موقفًا مضادًا لهذا الاتجاه، معارضة لمقررات هذا المؤتمر الذي كان على رأسه مفتي المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز، حيث ذكروا بأن "الدفاع عن السعودية وتحرير الكويت ، ليس مجرد حرب ضد صدام حسين ، بل محاولة شاملة لتدمير العراق سياسيًا وعسكريًا.. وأن المستفيد الأكبر ستكون أمريكا وحليفتها إسرائيل". (11)
وعلى رأس هؤلاء العلماء المعارضين الشيخ الدكتور سفر الحوالي، الذي أعدّ دراسة قيمة حول الموضوع، بيَّن فيها:
- أن أمريكا هي التي خطَّطت لهذا الأمر، وبيَّنت له من قبل، وجهّزت "قوات الانتشار السريع"، وكان صدام أداتها في تنفيذ مخططها من حيث لا يدري، فقد درست نفسيته، واستغلت انضم علماء آخروون الى الرأي القائل بعدم جواز الاستعانة، مثل سلمان فهد العودة، والشيخ ناصر العمر، والشيخ عايض القرني، وآخرون
الإخوان يدفعون ثمن مواقفهم
واستمر الإخوان المسلمون في إدانتهم للغزو العراقى للكويت، ومطالبتهم لصدام حسين بالانسحاب من الكويت، مع تأكيدهم على وجود حل عربى واسلامى شامل، كما استمر الإخوان المسلمون في تحذيرهم من التواجد الامريكى في الخليج، واعتبار ذلك جزء من مخطط أكبر لبسط سيطرتهم على الخليج والأمة العربية بأكملها.
وقد عقد الإخوان المسلمون في سبيل ذلك العديد من المؤتمرات، ومنها مؤتمر تم تنظيمه في اتحاد المهن الطبية بالقاهرة، كرر فيه المستشار المأمون الهضيبى تحذيراته من الاستعانة بالامريكان. وقد أغضب ذلك النظام العربى الرسمي، فتم وقف المجلة التي كان الإخوان المسلمون يصدرونها (لواء الإسلام) والتي كانت تُوزع في العديد من الدول العربية بالإضافة لمصر.
كما اتخذت السعودية موقفا عدائيا من الإخوان المسلمين بسبب ذلك الموقف، وقد عبَّر أخيرا الأمير تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق عن ذلك خلال لقاء له في برنامج "الليوان" على روتانا خليجية والذي يقدمه الإعلامي عبدالله المديفر
حيث قال:
- إنه التقى ضمن لجنة بتكليف من خادم الحرمين بموفودين من الإخوان المسلمين في جدة قبيل الغزو العراقي للكويت". ولم يعطيهم الإخوان إجابة محددة بشأن موقفم من غزو الكويت. وأضاف أن وفد من الإخوان توجه إلى بغداد وأعلنوا تأييدهم لعودة الكويت إلى العراق (12)
وهكذا كان غزو العراق للكويت كاشفا لمدى عجز النظام العربى الرسمي على إدارة خلافاته البينية، وكانت تلك الحادثة كذلك دالة على الموقف المبدئى الذى وقفته جماعة الإخوان المسلمين، والتي عبر عنها البيانات الصادرة من المرشد العام محمد حامد أبو النصر ومتحدثيه
وكيف أن ذلك الغزو كان جزءاً من سياق واحد متصل، كانت الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) جزء منه، كما كانت غزو العراق (2003) كذلك جزء منه، وكلها تستهدف السيطرة على الخليج مع استنزاف الامة العربية والإسلامية، في إطار خطة أمريكية إستخدمت الجميع في حماية مصالحها في المنطقة العربية والإسلامية.
المصادر
- القيم فى الظاهرة الاجتماعية - نادية مصطفى – ص 385
- في الذكرى 31 لانتهاء الحرب العراقية الإيرانية – د فيصل الغوين
- في الذكرى 31 لانتهاء الحرب العراقية الإيرانية – د فيصل الغوين
- اخوان اون لاين - المستشار مأمون الهضيبي.. سيرة ومسيرة
- المصدر السابق
- حدث الاحداث غزو الكويت
- موقف الإخوان من الغزو والتحرير - مجلة المجتمع
- فصلية قضايا ونظرات: العدد 15 – ص 51
- أحمد فوزي سالم، كيف عاد إخوان الكويت إلى الواجهة (28/11/2016)
- الدين والسياسة – مسفر محمد صالح
- التيار الإسلامي في الخليج العربي
- "تركي الفيصل" يكشف عن موقف الإخوان من غزو الكويت ...