التبرير والتثبيط من منظور عروبي ؟؟

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
د/ مصطفى الفقي : التبرير والتثبيط من منظور عروبي ؟؟

بقلم وائل الحدينى

بعد عدة أشهر قضاها في سرد حكاياه الخفيفة في الصفحات الأخيرة عاد د/ مصطفى الفقي إلى واجهة المشهد السياسي المصري بقوة ، مرة بالتنظير ، ومرة بارتداء ثوب الحكمة والإفراط في الوعظ ، ولا يخفى على الكثيرين أزمة الفقي الذي ضاق به الكادر فبات يتلصص الأدوار ليبقى في دائرة الضوء قل الدور أو عظُم !
قضية الإمارة الإسلامية التي قتلها الفقي بحثاً ظهرت إدعاءً للمرة الأولى فى يونيو 2007 فى بيان وزعه أنصار حزب التجمع اليساري (ورثة المرحوم الحاج / أحمد الصباحي ) في أحد وقفات حركة كفاية بالقاهرة ..
لكن هذا الكلام الفج عاد د/ مصطفى الفقي ولاكه مراراً وتكراراً فى نهاية 2008 قبل أيام من ضرب غزة ، وقد يفهم فى سياق التحريض!!
والفقي (المفكرالقومي العروبي ) يشعر بالغضب والحنق تجاه حماس فقد فشل فشلاً ذريعاً فى الانتخابات البرلمانية في مصر، رغم ذلك حصل على مقعد الدائرة ، بطرق ملتوية كشفتها المستشارة نهى الزيني و155قاضياً من مجموع 160أشرفوا على انتخابات دمنهور بالبحيرة ، بينما حماس لا تعرف إلا النزاهة والشفافية من منطلق إسلامي،وشرعي ،وقيمي ،وأخلاقي ، بينما خصم الفقي (القومي العروبي) كان (إسلامياً) وهذا ربما مربط الفرس ونقطة الضعف !
فى مقال له في أهرام الثلاثاء 30ديسمبريتحدث الفقي من وجهة نظره عن أصول المقاومة : معتبراً أنها لابد أن تكون عملية محسوبة تخضع لموازنة نضالية لاتقف عند حدود الانفعال والعواطف والدعايات ، متهماً (الشيخ) حسن نصر الله بأنه جزء من مؤامرة إقليمية معروفة ضد مصر (كنانة الله فى ارضه) ـ في إشارة إلى إيران ـ التي تمثل تهديداً للامن القومي المصري الذي هو خط احمر نظراً ، لان مصر صنعت الحضارات ،واحتضنت الثقافات وعلمت الدنيا منذ طفولتها الاولى !
ثم يعود الفقي إلى حماس مذكراً : بمباركته لنضالها في مرحلة الشيوخ الأجلاء أحمد ياسين ، والرنتيسي ، لكن مؤخراً تفتحت شهيتها للسلطة ،وأصبحت طرفاً في الصراع الفلسطيني أكثر منها حركة مقاومة ، وأنها دخلت اللعبة السياسية من الشباك عبر أوسلو بدلاً من أن تدخل ساحة النضال من الأبواب !!
ربما الفقي فى هذه النقطة تحديداً أكثر إدراكا من الجميع بالأبواب الشرعية للنضال ، فقد كان أحرص الناس على الفوز بالمقعد قبل أن يضطر أسفاً للقفز عليه !
لكن الفقي ـ بالطبع ـ يدرك أن حماس قد فازت في انتخابات نزيهة لم تتح له الكنانة الفرصة في أن يراها في مخيلته نائماً أو قائماً !
ربما الفقي يفضل الانصياع لشرعيات ـ (الامرالواقع وديمقراطيات الجبر) ـ على عواهنها ، وبما أن أبومازن مهندس اوسلوا فهو الأكثر شرعية (من وجهة نظرة) ..
وبما أن أبو مازن يمارس نوعاً من النضال الآمن فهو الأكثر شرعية أيضاً ..
ولان أبومازن يستمع ويعي من محتضني الثقافات فهو الاكثر فهماً وادراكاً وانضباطاً للواقع ..
وهكذا تكون المقاومة المحسوبة !!
اما حماس فهي الاقل قدرة على التعامل مع المعطيات !! يكفي استشهاد ثمانية من مؤسسيها ، والعشرات من قياديها ، والمئات من كوادرها واعتقال العشرات من نوابها (!! )
رغم ذلك يزعم أنها دخلت اللعبة السياسية من الشباك ، ولم تدخلها عبر أبواب النضال(!!) ربما يقصد عبر أبواب الاحتلال مثل قيادات فتح المنمقين : (أبومازن ، ودحلان ، ورشيد بوشباك ، وياسر عبد ربه ، وعزام الأحمد ، والطيب عبد الرحيم وسمير مشهراوي ، والعميل نمرحماد)
أيضاً حماس تلتزم بمعايير أخلاقية ، ربما هذا لا يكفي !!
لكنها توظف تلك المعايير لاكتساب الشرعية والتعاطف الشعبي ، ربما هذا أيضا لا يكفي !
لكنها تقاوم الاحتلال وتجبره على التراجع ، لكن حكمة الفقي ً لا تؤمن أبداً بالعنتريات فمُلهمه وولي نعمته رب الحكمة فى كل المواقف ، وأمام كل الضغوط !!
أيضاً نظرة الفقي (الثاقبة) التي لا تقف أمام أزمات مصر بدءاً من رغيف الخبز ، و الغلاء ، وأزمات الوقود والفساد من ناحية الأسباب ، فهي مشكلات ناعمة لا تستدعي التمرد من العقلية المصرية صاحبة التضحيات ، لكنه يتوقف أمام نفس هذه المشكلات من زاوية التبرير والاتهام بالتآمر وكأنه يستعطف هؤلاء المعارضون :( أن يراعوا أن مصر لديها من مشكلات الثمانين مليوناً ما يكفيها ويزيد) !
حبكة الفقي من نوع الموضوعات الدعائية التسجيلية مدفوعة الاجر التي يمر القارئ عبرها دون التفاتة أو اهتمام !
كل هذا البناء الدرامتيكي المتداخل ضربه الفقي خلطاً ومزجاً والمذبحة على أشدها ، لم يكن يدرك أن البناء الداخلي الفلسطيني أكثر تماسكاً ، وأن حماس ستخرج أكثر التحاماً بجماهيرها ، وأن إسرائيل ستفرمن مقبرة غزة !
ربما أهل غزة أدرى بشعابها وأقدر على قراءة الموازنات و التعامل معها ، بينما العمى الالتفافي للبعض يحول بينهم وبين الواقع فيعيشون فى كهوف من الوهم تحت أكوام من السراب والبطولات الحنجورية الخافتة إلى حد التلاشي تحت زعم الحكمة والقراءة الواعية والفهم !
لكن الحقيقة مؤلمة : مصر كانت تستطيع أن توقف الحرب لو فتحت المعبر.
حماس لم تنقلب على فتح ولكنها تصدت للانقلاب الذي كان يقوده كيث دايتون ممثل القوى الاعظم فى عالمنا المعاصر(لفظة الفقي) ، وشرذمة من فتح !
وكان دايتون قد أكد فى لجنة الشرق الأوسط بالكونجرس الامريكي فى أواخر مايو 2007 : (أن الأوضاع ستنفجر قريباً وبلا رحمة فى قطاع غزة) ، كما أن الموفد الخاص بالأمم المتحدة (دي سوتو) قال :( إن المقربين من عباس كشفوا لنا على نحو خاص أنهم صاغوا مبادرة لحل حكومة حماس ) وكانت هذه مقدمات لبداية الأحداث التي انتهت بالحسم . فقد زادت الحواجز العسكرية وحوادث الاختطاف والقتل على الهوية حتى وصلوا إلى 22 ضحية فى إسبوع واحد وحدث الإصطدام ، ففرمنتسبي 14جهاز امني تعدادهم 55ألف جندي حتى أن الشرطة التنفيذية (5500) جندي وجدت نفسها فجأة تمسك بتلابيب الأمور ، رغم أن قرار المواجهة كان ميدانياً ولم تكن القيادة السياسية على علم به حيث سارت الأمور بسرعة كبيرة ..
كما أن القيم القومية والعروبية ـ في حدها الأدنى ـ تستلزم الوقوف مع الأخ ظالماً كان أو مظلوماً ..
ربما تفتقد ذاكرة الفقي للمعلومات ، رغم كونه مدير مكتب الرئيس لشئون المعلومات سابقاً !
فمتى يصدق الفقي دايتون ، ودي سوتو هل يقسمون له على الانجيل مثلاً !
أما بالنسبة لقوله إن معبر رفح ورغم أن قصته معروفه .... مصر ليست طرفاً فيه على أي حال فإذا كان قدر غزة أن كل معابرها تمر عبر إسرائيل وإسرائيل عدو سافر ، ومعبر رفح هو الوحيد الذي يخضع لمصر ، فهل نطلب من ليبيا مثلاً أو قطر السماح بفتح معبريهما لإدخال المعونات إلى رفح ؟!
أم أن أم الحضارات والثقافات أولى بلجوء المحاصرين والجوعى إليها ؟
ألم تُعلم الدنيا منذ طفولتها الاولى ؟ فماذا تمثل غزة (ارض العزة) بالنسبة للدنيا على اتساعها ؟
ربما هي أولى بالرعاية وأحق بالمأكل والملبس ، أما إذا كان الأمر قانونياً بحتاً فاعترافات المستشارة نهى الزيني و155قاض أولى بالاحترام والانصياع برأيي !


المصدر : نافذة مصر