الرد على بيان الحكومة..الملف الأول
تحديد جوهر المشكلة الاقتصادية لمصر
يتمثل جوهر المشكلة الاقتصادية لمصر ،فى عجز القطاعات الانتاجية،السلعية والخدمية،عن انتاج السلع والخدمات، كما وكيفاً،بما يشبع احتياجات المواطنين.
ولهذا،فإن الحل الجذرى للمشكلة الاقتصادية لمصر ينبغى أن يتوجه للعمل على زيادة التدفقات من السلع والخدمات التى ينتجها بالفعل الاقتصاد المصرى،والعمل على استمرار تزايد هذه التدفقات من الناتج،بمعدلات مرتفعة ومتواصلة لفترة زمنية طويلة الآجل،بما ينعكس فى رفع مستوى المعيشة الحقيقى للمواطنين فى مصر.
رفع معدلات الاستثمار ( الصافى ) هو وسيلة رفع مستوى الناتج والتشغيل:
ولكى يتم تحقيق الهدف السابق،فإنه ينبغى رفع مستوى الاستثمار،الصافى،وليس الاجمالى فقط،ونعنى بالاستثمار الصافى،هو ذلك القدر من الاستثمار الذى يفوق،ويزيد،عن القدر اللازم لتعويض تجديد ما يهلك ويبلى من الأصول الرأسمالية،إن الاستثمار الصافى يعنى بتلك الزيادة الصافية فى الأصول الرأسمالية الجديدة.
والذى نلاحظه،وبشكل سريع،أن معدلات الاستثمار فى الاقتصاد المصرى منخفضة بشكل ملحوظ،وهى استثمارات اجمالية وليست استثمارات صافية،فوفقاً لآخر نشرة احصائية صادرة عن البنك المركزى المصرى،العدد رقم 117،ديسمبر 2006 ،بلغت الاستثمارات المنفذة فى عام 2005/2006 فى الاقتصاد المصرى نحو 115.8 مليار جنيه،أى تمثل نسبة 19.9 % من الناتج المحلى الاجمالى ( ويبلغ وفقاً بأرقام النشرة 581.1 مليار جنيه )،وهو معدل منخفض،إذ أن المطلوب أن يرتفع هذا المعدل عن ذلك وبما لا يقل عن 25 % لكى يتحقق معدل نمو 5 %،وينبغى أن تتزايد الاستثمارات أكثر من ذلك.
ولكن المهم،والذى نؤكد عليه مرة أخرى ،ليس الاستثمار الاجمالى،كأرقام اجمالية مطلقة،ولكن الاستثمار الصافى،الذى يعنى المزيد من الأصول الاستثمارية المضافة للاقتصاد القومى،وبالتالى تزايد مطرد فى ثروة المجتمع من رأس مال،وبالتالى فى الطاقة الانتاجية للمجتمع.
تخصيص المزيد من الموارد للاستثمار
ولذلك،ووفقاً للتوصيف السابق،فإن تحقيق معدلات عالية من النمو،يتطلب تخصيص المزيد من الموارد للاستثمار ( الصافى ) فى الاقتصاد المصرى.بما يحقق تراكم فى رأس المال وزيادة قدرات المجتمع على الانتاج فى الفترات الزمنية المقبلة.
وتخصيص المزيد من أموال الاستثمار،أى المشروعات الاناجية فى المجتمع،يعنى نشاط أكبر لهذه المشروعات،يضمن تشغيل قدر أكبر من عناصر الانتاج،ومن ثم زيادة مجموع الدخول المولدة فى العمليات الانتاجية،وزيادة الدخول حتماً سيؤدى إلى زيادة الانفاق الاستهلاكى وبالتالى رفعه مستوى معيشة المواطنين، بجانب أن التوسع فى التشغيل سيوفر المزيد من فرص العمل الجديدة والمنتجة،اسهاماً فى حل مشكلة البطالة،وهى أحد أهم مشكلات الاقتصاد المصرى حالياً،وهى نتيجة لضعف أداء الهياكل الانتاجية السلعية والخدمية،وانخفاض الحقن من التدفقات الاستثمارية الصافية فى شرايين الاقتصاد المصرى.
مشكلة سوء تخصيص الموارد فى الاقتصاد المصرى
تحدث عملية اعاقة فى التنمية الاقتصادية عندما يحدث الأتى:
1.عدم الاستغلال الكامل للموارد الانتاجية
2.سوء استعمال أو تخصيص هذه الموارد،وبخاصة تدنى المخصص للاستثمار الانتاجى.. بجانب عوامل أخرى.
ويلاحظ أن الاقتصاد المصرى يعانى من المشكلتين معاً ،وهما،أولاً: عدم الاستغلال الكامل لموارده المتاحة ، وثانياً: التخصيص غير الكفء أو سوء التخصيص،وبخاصة فى انخفاض المخصص للاستثمار،مما جعل معدلات الاستثمارات إلى الناتج،تسجل معدلات منخفضة،باتفاق الجميع،فضلاً عن انخفاض القدر المخصص للاستثمار الصافى وانخفاض كفاءته.
ولهذا نحتاج إلى تخصيص قدر أكبر من الموارد المالية للمشروعات الانتاجية فهى التى تقوم بالانفاق الاستثمارى،ومصدر تمويل هذه المشروعات من الادخارات بطريق مباشر ( من خلال مؤسسات الوساطة المالية،البنوك وغيرها)،وقدر كبير من المدخرات فى الاقتصاد المصرى يتجه إلى الودائع بأنواعها لدى هذه البنوك.ولهذا ينبغى أن يخصص القدر الأكبر من موارد البنوك فى مصر نحو الاستثمارات فى المشروعات الانتاجية،لكن الواقع غير ذلك،حيث نجد أن الحكومة تستحوذ على قدر كبير من مدخرات الأفراد لدى البنوك،وطريقها فى هذ الاستحواذ اساساً عبر ديون أذونات الخزانة والسندات،التى بلغ رصيدها فى نهاية عام 2005/2006 نحو 349957 مليون جنيه ( وفقاً لبيانات نشرة البنك المركزى،رقمم 117 ديسمبر 2006 ،ص 113 ). وفى هذا الخصوص نلاحظ الأتى:
أولاً: معدلات التزايد المرتفعة فى أرصدة السندات وأذون الخزانة من مبلغ 208592 مليون جنيه فى عام 22202/2003 إلى مبلغ 272074 مليون جنيه فى عام 2003/2004،ثم إلى مبلغ 340898 مليون جنيه فى عام 2004/2005،بزيادة قدرها 132306 مليون جنيه فى عامين فقط،بمعدل 63.4 % زيادة فى سنتين فقط،وهو رقم كبير بلاشك او جدال.
ثانياً: أن الحائز الرئيسى،أو الدائن أو المكتتب الرئيسى فى هذه الأوراق من السندات وأذون الخزانة هى البنوك ( قطاع عام وخاص وفروع أجنبية)،حيث يبلغ رصيدها نحو 83000 مليون جنيه فى الربع الرابع من عام 2005/2006 ،بنسبة 80.5 % من أرصدة السندات وأذون الخزانة،أى أنن المدخرات لدى البنوك قد توجهت لتغطية القدر الأساسى من أرصدة السندات وأذون الخزانة وليس للمشروعات الانتاجية. (لاحظ بالإضافة إلى ذلك ما تقوم به الحكومة من البيع للمشروعات العامة، وكل هذه الأموال تخصص للحكومة،وكان ينبغى أن توجه اساساً للاستثمار (الصافى) الانتاجى.
ثالثاً: إذا اضفنا إلى ذلك أرصدة الاقراض والخصم من البنوك للحكومة (ملحق رقم 2 ) ترتفع جملة المطلوبات من الحكومة للبنوك ( وذلك قبل خصم ودائع البنوك) لتصل إلى نحو 324 مليار جنيه فى يونيو 2006،ونحو 324.3 مليار جنيه فى نهاية أكتوبر 2006 .
رابعاً: مع استحواذ الحكومة على هذا المقدار الكبير من مدخرات الأفراد فى مصر( على نحو ما قد أوضحنا سابقاً: من أذون الخزانة وأرصدة الإقراض والخصم) ولأن الحكومة،كما تعلن،لا تقوم بالدور الأساسى فى الاستثمار،وتترك ذلك ،كما تقول،للقطاع الخاص،فإن قدراً كبيراً من هذه المدخرات يتجه إلى أغراض استهلاكية،أو انفاقات مالية،وهى انفاقات غير انتاجية حقيقية،ولا تسهم فى زيادة الاستثمار الصافى. (ففى الملحق (3 ) ،ووفقاً لبيانات البنك المركزى الأخيرة،فإن القطاع الحكومى لا يقوم إلا بنسبة 19.5 % من الاستثمارات المنفذة فى عام 2005/2006.(وهذا القدر ايضاً لانعتبره من قبيل الاستثمار الانتاجى الاضافى،بل هو فى غالب الأحوال إحلالى لمقابلة الاستهلاكات فى المعدات والآلات).
والخلاصة هى:
1.مشكلة الاقتصاد المصرى هى عجز القطاعات الانتاجية عن توفير السلع والخدمات المطلوبة بالكم وبالكيف لإشباع رغبات المواطنين أساساً،وتوفير فائض للتصدير.
2.الطريق الصحيح للمساهمة فى حل المشكلة الاقتصادية،هى رفع متتالى ومستمر لفترة زمنية ممتدة للاستثمار الصافى وليس فقط الاستثمار الاجمالى،مع العمل بجانب ذلك على رفع الكفاءة الانتاجية لهذا الاستثمار،بالاستفادة ما أمكن بالفن التكنولوجى الحديث فى هذا الاستثمار.
3.رغم أن ذلك يتطلب المزيد من الأموال للاستثمار الانتاجى الصافى،إلا أن الواقع أن هناك سوء تخصيص للموارد فى الاقتصاد المصرى فى نواحى عديدة،وما يخصنا فى هذا المجال،سوء تخصيص للمدخرات ،على نحو واضح تماماً.
فالحكومة تستحوذ على أكبر قدر من مدخرات المواطنين لدى البنوك فى شكل قيام هذه البنوك بالاكتتاب فى الأرصدة القائمة منأذون الخزانة ( 830 مليار جنيه فى عام 2005/2006 )أو فى محفظة الأوراق لدى البنوك (بخلاف البنك المركزى) والتى بلغت نحو 127.9 مليار جنيه فى أكتوبر 2006 ، " ص 39 من نشرة البنك المركز").فضلاً عن أرصدة الاقراض والخصم للحكومة من الجهاز المصرفى ( بخلاف البنك المركزى) وصل رصيده إلى 31.7 مليار جنيه فى أكتوبر 2006 .
مقابل ذلك ،فالحكومة مساهمتها ضعيفة جداً من النشاط الاستثمارى ( وهذا ليس دورها ) تبلغ نسبته نحو 20 % من جملة الاستثمارات المنفذة غى عام 2005/2006،بمبلغ قدره نحو 22.5 مليار جنيه ( قارن هذا برصيد أون الخزانة والسندات لدى البنوك 83 مليار،أو اجمالى أرصدة السندات والأذون نحو 350 مليار جنيه،وهى تشمل أرصدة أذون الخزانة والسندات لدى البنوك وغيرها محلياً وخارجياً)
مرفق واحد
الربع الرابع 2005/2006 | 2004/2005 | 2003/2004 | 2002/2003 | |
---|---|---|---|---|
أرصدة السندات والأذون | 349957 | 340898 | 272074 | 208592 |
أذون على الخزانة العامة | 103144 | 124907 | 83774 | 55318 |
الأرصدة من الأذون وفقاً للقطاعات الحائزة
بنوك قطاع عام بنوك قطاع خاص |
36416 |
31282 |
17749 |
14263 |
اجمالى عام وخاص | 83000 | 70519 | 53717 | 53080 |
نسبة % من أرصدة الأذون | 80.5 % | 56.5 % | 64.1 % | 96 % |
الأرصدة من السندات والأذون فى الدين المحلى بالمليار جنيه
مرفق 2
اجمالى المطلوبات من الحكومة للقطاع المصرفى
- القيمة بالمليار جنيه
اكتوبر 2006 | يونيو 2006 | يونيو 2005 | يونيو 2004 | |
---|---|---|---|---|
المطلوب من الحكومة | ||||
أوراق مالية | 292.615 | 295.974 | 3113.76 | 258.178 |
الاقراض والخصم | 31733 | 28044 | 41364 | 33075 |
الاجمالى | 324348 | 324018 | 352740 | 291253 |
المطلوب من قطاع الأعمال الخاص | ||||
أوراق مالية | 24962 | 24623 | 22500 | 17265 |
الاقراض والخصم | 221581 | 214204 | 205695 | 205831 |
الاجمالى | 246543 | 238827 | 228495 | 223096 |
المطلوب من قطاع الأعمال العام | ||||
أوراق مالية | 246 | 246 | 179 | 158 |
اقراض وخصم | 33740 | 32642 | 37242 | 35430 |
الاجمالى | 33986 | 32888 | 37421 | 35588 |
مرفق 3
الاستثمارات المنفذة فى الاقتصاد المصرى
- القيمة بالمليار جنيه
2005/2006 | 2004/2005 | ||
---|---|---|---|
الاجمالى العام | 115743.7 | 96456.4 | |
قطاع حكومى
نسبة % |
22505.5
19.5 % |
23274.6
24.1 % |
|
قطاع خاص
نسبة % |
70653.6
61 % |
49100
50.9 % |
|
شركات عامة وهيئات اقتصادية
نسبة % |
22584.6
19.5 % |
24081.8
34.7 % |
النشرة الاحصائية الشهرية ،عدد 117 ،ديسمبر 2006 ،ص 129 – 130