المستشار أحمد مكي وقانونية جماعة الإخوان

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
المستشار أحمد مكي وقانونية جماعة الإخوان

بقلم:عبده مصطفى دسوقي

رئيس تحرير موقع ويكيبيديا الإخوان المسلمين (إخوان ويكي)

المستشار أحمد مكي

يحتاج كل منا دوما إلى تفهم الأخر وإلا أصبحت الاختلافات هي النمط السائد في المجتمع مما يؤدي إلى انهيا وسقوط الدولة بأسرها.

ومنذ أيام داهمت قوات الجيش والشرطة مقرات المجتمع المدني معدومة بإجراءات قانونية –كما قال وزير العدل- ومن ثم انتفض الجميع ينكر ويشجب هذه المداهمات وكلنا مع التنديد والشجب والاعتراض على ممارسة هذا الأسلوب، لكننا مع إخراج ما يثبت الحقيقة ووقتها الكل سواء أمام القانون.

لكن البعض أخذ يقحم جماعة الإخوان بأية وسيلة في هذا الصدد، وعلى رأسهم المستشار احمد مكي وشجب هذه المداهمات ثم ذكر أن الإخوان ليس لها سند قانوني ولها مقرات في كل مكان لماذا لم تداهم مثلا، ولا أدرى هل سيادة المستشار لم يدرك أن الإخوان ما زال يجرى عليها قانون النشأة الأول، وان قرارات الحل كلها منها ما عدا بقوة القانون ومنها ما كان سياسيا ولم يكن قانونيا ومن ثم لا يوجد سند قانوني لحل عقد الجماعة منذ أن عادت بقوة القانون عام 1951م حيث ألغت المحكمة قرار الحل، وان القرار الذي صدر عام 1954م كان بناءا على أن جماعة الإخوان حزب سياسي، لكن في مارس من نفس العام أفرج عن قادة الإخوان وعادت الجماعة مرة أخرى إلى نشاطها.

نقطة ومن أول السطر

رفع الإخوان المسلمين قضية أمام القضاء المصري لعودةجماعة الإخوان المسلمين قانونيا مرة أخرى وإلغاء قرار الحل، وقد رفعت القضية باسم الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ محمد حامد أبو النصر والدكتور توفيق الشاوي ضد رئيس الجمهورية بصفته، وظلت القضية متداولة عددا من السنين، حتى كان عام 1992م، حيث انعقد جلسة في محكمة القضاء الإداري دائرة منازعات الهيئات والأفراد (ب) بتاريخ يوم الخميس الموافق 6/ 2/ 1992م برئاسة المستشار منصور حسن غربي (نائب رئيس مجلس الدولة) وعضوية المستشار السيد محمد العوضي (نائب رئيس مجلس الدولة) والمستشار الديداموني مصطفى احمد وبحضور المستشار المساعد أحمد عبدالراضي محمد مفوض الدولة وسكرتارية محمد إبراهيم احمد أمين السر.

كان الأستاذ التلمساني قد رفع القضية بتاريخ 27/ 10/ 1977م، وبعد وفاته ضم الأستاذ حامد أبو النصر لاستكمال القضية بصفته أكبر الأعضاء سنا في مكتب الإرشاد، وذلك في جلسة 7/ 10/ 1987م، وبعدها عقد المحكمة جلستها في 5/ 6/ 1990م ثم في 10/ 7/ 1990م، وفي جلسة 6/ 11/ 1990م انضم الدكتور توفيق الشاوي للفريق المطالب بإلغاء قرار الحل.

المستشار حسن الهضيبي وعبد القادر عودة وعمر التلمسانى ومحمد خميس حميدة والحاج ابراهيم كروم

ولقد قضت محكمة القضاء الإداري في 6/2/1992م بعدم قبول الدعوى؛ لعدم وجود قرار إداري بحلِّ الإخوان، وقررت في حيثيات حكمها: أنه من حيث المستقر عليه فقهًا وقضاءً أنه يشترط لقبول دعوى الإلغاء أن يكون هناك ثمة قرار إداري سواء أكان هذا القرار إيجابيًّا أم سلبيًّا؛ فإذا انتفى مثل هذا القرار تعين الحكم بعدم قبول الدعوى، وإذا ثبت مما سلف ذكره أن ليس هناك قرار سلبي يمنع جماعة الإخوان من مباشرة نشاطها؛ فمن ثم يتعين والحالة هذه القضاء بعدم قبول هذا الطلب لانتفاء القرار الإداري».

وبناءً على ذلك الحكم؛ فإن القضاء الإداري يقر بأنه ليس هناك قرار يمنع الإخوان من ممارسة أنشطتهم، ورغم ذلك قام الإخوان برفع دعوى استئناف لذلك الحكم، ولم يحكم فيها إلى يومنا هذا، وهو حكم يحتاج إلى قرار سياسي أكثر منه إجراء قانوني.

البداية القانونية

من المعروف أن جماعة الإخوان نشأت عام 1928م وسجلت في وزارة الداخلية عام 1929م لعدم وجود وزارة الشئون الاجتماعية والتي نشأت عام 1939م في وزارة علي ماهر.

لكن بعدما اصدر النقراشي باشا في 12/ 7/ 1945م القانون رقم (49) لسنة 1945م لتنظيم عمل البر بالجمعيات الخيرية، ومن ثم سجل الإخوان كل أعمال البر والخدمة الاجتماعية تبع وزارة الشئون الاجتماعية، واجتمعت الجمعية العمومية للإخوان في 8 سبتمبر 1945م، تمَّ فيه تعريف الإخوان المسلمين -لأول مرة في قانونهم- بأنهم هيئة إسلامية جامعة، تعمل لتحقيق أغراض علمية، وعملية، واقتصادية، واجتماعية، وخيرية، وكذلك أغراض قومية، وإنسانية عالمية.

يقول الأستاذ إسماعيل تركي في بحثه: وقد حدث خلاف بين الحكومة والإخوان؛ فأغراض الإخوان أكبر بكثير من المسموح به في قانون الجمعيات، ورأت الوزارة أن تستفتي قلم قضايا الحكومة في صفة الإخوان المسلمين القانونية، وتكييف شخصيتهم المعنوية؛ فقرر قلم الحكومة في فتواه أن الإخوان المسلمين هيئة دينية اجتماعية سياسية، وأن قانون الجمعيات الخيرية لا ينطبق عليها؛ لأنه لا ينظِّم إلا نشاطًا واحدًا من أنشطة الإخوان، وهو البر والخدمة الاجتماعية.

وبناءً على ذلك نظَّم الإخوان نشاطهم في البر والخدمة الاجتماعية طبقًا لأحكام القانون، وسجلوا قسم البر والخدمة الاجتماعية كجمعية مستقلة إداريًّا عن الإخوان المسلمين، وأصبحت فروع ذلك القسم فروعًا للجمعية، كما سجلوا فرق كشافاتهم وجوالاتهم بجمعية الكشافة الأهلية، وطبقًا لأحكام قانونها، وكذلك سجلوا شركة المعاملات الإسلامية في المحكمة المختصة، وفي حدود قانون الشركات.

فأصبح للجماعة أربع كيانات قانونية: الأول هو النشاط السياسي والدعوي، وهو من الناحية القانونية يعتبر حزبًا من الأحزاب الموجودة، وتحكم مشروعية وجوده القانوني المادة (21) من دستور 1923م، كما كان هناك جمعية خيرية تخضع للقانون (49) لسنة 1945م، ونشاط الكشافة، وهو مسجل في الجمعية الأهلية للكشافة، ونشاط اقتصادي يتمثل في شركة المعاملات الإسلامية، وتخضع لقانون الشركات، ومسجلة في المحكمة المختصة بذلك.

غير أنه صدر في 8/ 12/ 1948م القرار رقم 63 لعام 48 بحل جماعة الإخوان المسلمين، غير أن الإخوان أقاموا دعوى لإلغاء قرار الحل، حيث أقام الإمام البنا وسكرتير الجماعة الأستاذ «عبد الحكيم عابدين» دعوى أخرى في 13يناير 1949م، وهي الدعوى (190) لسنة 3 قضاء إداري، وقد طالبا فيها بوقف تنفيذ القرار العسكري رقم (63) لسنة 1948م، والأوامر المترتبة عليه، وذلك على سبيل الاستعجال، أما في الموضوع فالحكم بإلغاء تلك الأوامر.

ولقد قررت محكمة القضاء الإداري الصادر في 17سبتمبر 1951م لم يمكِّن حكومة الوفد من تنفيذ مخططها؛ إذ قرر أن جمعية الإخوان المسلمين تكوَّنت في ظلِّ الحقِّ الأصيل في تكوين الجمعيات الذي أعلنه دستور 1923م، وقرر قيامه، فاكتسبت صفتها القانونية، كما تمتعت بشخصيتها المعنوية من تكوينها وفق المبادئ المقررة من إسناد هذه الشخصية إلى كلِّ هيئة استوفت عناصرها، وتوافرت لها مقوماتها من إرادة خاصة ونظام تبرز به هذه الإرادة وتظهر.

وجاء الحكم في الموضوع في القضية (190) لسنة 3 قضاء إداري ليؤكِّد الحكم السابق، ويؤكِّد أن الإخوان هيئة إسلامية جامعة، وأن الإخوان وفقوا أوضاعهم وفقًا للقوانين المعمول بها.

وبعد الثورة صدر المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 1953م بحلِّ الأحزاب السياسية القائمة وقت صدوره، وحصرها بالاسم دون أن يتضمن المرسوم اسم الإخوان المسلمين، وعندما أراد مجلس قيادة الثورة حلَّ الإخوان في يناير 1954م لم يبد أسبابًا إلا إلحاق الإخوان بالأحزاب، واعتبارها حزبًا سياسيًّا يطبق عليه المرسوم بقانون رقم (37) لسنة 1953م بحلِّ الأحزاب السياسية.

يقول عبداللطيف البغدادي في مذكراته ص(88: 91): «اجتمع مجلس قيادة الثورة في استراحة وزارة الأوقاف بمنطقة الأهرامات يوم 18/12/1953م وناقش بعض الموضوعات والتي من أهمها كيفية القضاء ومقاومة الإخوان المسلمين كما ناقشنا الطريقة المثلى لحل جمعيتهم، وأن نستفيد من الانشقاقات الموجودة داخل الإخوان بعضهم البعض ونغذيها لإضعافهم، كما ناقشنا أن حل جمعيتهم الآن سيزيد العطف عليهم وتمسك الشعب بهم.

ولقد تم اعتقال الإخوان وقادتهم وتنحية محمد نجيب عن منصبه غير أن مظاهرات عابدين استطاعت أن تعيد نجيب مرة أخرى إلى مكانه وتفرج عن الإخوان، وفي 26/ 3/ 1954م ذكرت صحيفة الأهرام في صفحتها السابعة خبر زيارة جمال عبد الناصر لمنزل المرشد العام الهضيبي لتهنئته بالإفراج، حتى أن محمد نجيب كما ذكر بغدادي في مذكراته تساءل في اجتماع 24/ 7/ 1954م عن سبب زيارة جمال للمستشار الهضيبي وأن كل ذلك يتم بدون معرفة مجلس قيادة الثورة وهو خاصة.

وبعدما تولى عبدالناصر السلطة دخل الإخوان السجون وظلوا فيها ما يقرب من العشرين عام، ولم يكن صدام عبدالناصر مع الإخوان فقط بل اصطدم مع كثير من القوى.

ومن ثم فقرارات الحل كلها ألغيت بقوة القانون أو القوة الشعبية بعد مظاهرة عابدين، كما أن جماعة الإخوان لها منهجها ومبادئها الواضحة والصريحة، كما أن لها جهادها على أرض فلسطين وارض القنال عام 1951م وقدمت الشهيد تلو الشهيد ولا يستطيع أحد أن يزايد على مواقفها نحو نهضة الوطن والحفاظ عليه طيلة الثمانين عاما.