تاريخ الحركة الدستورية الإسلامية

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
تاريخ الحركة الدستورية الإسلامية "حدس" - الكويت


المقدمة

حدس.jpg

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وبعد,,

عشر سنوات مرت من عمر الحركة الدستورية الإسلامية, ترسخت خلالها تجربة – باعتقادنا المتواضع – تجربة العمل السياسي الإسلامي, حاولت الحركة من خلالها أن ترسخ مفاهيم أصيلة للعمل السياسي, وضوابطها أحكام الشريعة الإسلامية وقواعدها, وأهدافها مصالح الدين والمجتمع ومنهجها الإصلاح والحكمة.

لم ترتض الحركة الدستورية الإسلامية أن تنتهج أسلوب المعارضة لذات المعارضة أو تتخذ العداء والخصومة السياسية منطلقاً لمواقفها أو تجعل المكاسب السياسية الضيقة أساسا لممارساتها أو تقبل الفجور في الخصومة قاعدة لمنافستها السياسية, بل وعلى الرغم مما واجهته من تحديات وخصومات وضغوطات إلا أنها – بفضل الله تعالى – أوجدت واقعاً سياسياً متميزاً في أصالته ومصداقيته. ومما اتخذته الحركة منهجاً لها هو طرحها مشروعات إصلاحية عدة تجسد رؤيتها لبناء المجتمع وعلاج أبرز قضاياه ومشكلاته, فكانت وثيقة "الإستراتيجية الدستورية الإسلامية لبناء الكويت" يوم تأسيس الحركة في 31/3/1991 إعلاناً لهذا المنهج حيث طرحت فيها الحركة تصورا إصلاحياً شاملاً لإعادة بناء البلاد بعد تحررها من براثن الغزو الغاشم, وساهمت بفاعلية بعد ذلك لإصدار وثيقة "الرؤية المستقبلية لبناء الكويت" التي أجمعت عليها كافة القوى السياسية والشخصيات في البلاد, واستمرت الحركة على نهجها ذاك فكان لها في كل جولة انتخابية برنامجاً انتخابياً تطرح فيه مشروعها النيابي لعلاج أهم مشكلات المجتمع وتبين قضاياه, كما كان لها مساهمات إيجابية بتحديد مواقفها ورؤيتها من قضايا الساعة.

والحركة اليوم آذ تحيى الذكرى العاشرة لتأسيسها فإنها تطرح هذه الرؤى لقضايا إستراتيجية هامة تشغل اهتمام المجتمع في حاضره ومستقبله, فالنفط قاعدة الاقتصاد الوطني, ودور القطاع الخاص في الحركة الاقتصادية, والقضية الأخلاقية أساس الأمن الاجتماعي, والتعليم ميدان الثروة البشرية, والإسكان وقضايا هامة للمرأة ومشروع الإصلاح السياسي, والحركة إذ تقدم هذه الروى إنما تؤدي جزءاً من مسؤوليتها الاجتماعية والسياسية ودوراً من أدورها الوطنية وتسعى لنماء هذا المجتمع واستقراره, كما تمد يدها للتعاون مع كل جهد مخلص يشاركها هذا الاهتمام.


الحركة الدستورية الإسلامية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين وبعد ,,,

فإن الحركة الدستورية الإسلامية ذرية من أصل طيب في بلد أصيل في كل معاني الخير "كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء" إنها أكل طيب يظهر في كل حين بصورة مشرقة جذابة تناسب عصرها وزمانها وظروفها فهي عصبة تتكرر في أرض الكويت لتنزع شوك الإثم والمعصية, ولتزرع ورد الطاعة والنصح "فالدين نصيحة". "فأبناء الحركة الدستورية الإسلامية ليسوا نزعاً خرج من الأزمة ولا صوتاً نشازاً عن نشيد العمل الإسلامي في بلدنا الصغير هذا, إنهم فتية آمنوا بربهم واستقاموا على نهج نبيهم – صلى الله عليه وسلم – مكملين طريق ورجالات رفعوا مشعل النور من قبل, إنهم ذرية جمعية الإرشاد الإسلامية, ومن قبلها سلسلة علماء من أمثال الشيخ عبد الله بن خلف...

ثم بعد ذلك جمعية الإصلاح الاجتماعي وهذه الجمعية منذ أن بزغ فجرها وظهر نورها فعم وشمل أنحاء الكويت ثم سرى هذا النور بفضل من الله في قلوب الناس فأحياهم, ورسخ في حنايا النفوس فرباها, وتأصل في أعماق الأرواح فوحدها.. وما هي إلا صدى الدعوة الأولى يدوي في قلوب هؤلاء المؤمنين ويتردد على ألسنتهم ليظهر عملاً في تصرفاتهم وسلوكهم, قد صارحت الناس جميعاً بغايتها وجلت أمامهم مناهجها, وتوجهت إليهم بدعوتها في غير لبس ولا غموض فهي أضوأ من الشمس وأوضح من فلق الصبح, وأبين من غرة النهار, فمنذ عرفها الناس ما هي إلا دعوة بريئة نزيهة, قد تسامت في نزاهتها حتى تجاوزت المطامع الشخصية واحتقرت المنافع المادية, وخلفت وراءها الأموال والأغراض, ومضت قدماً في الطريق التي يرسمها الحق تبارك وتعالى للداعين إليه.

ثم تأتي المحنة التي عصفت بالأخضر واليابس في الغزو العراقي البربري فإذا بالمعدن الأصيل لهذه الذرية يظهر في حركة المرابطين على وجه العموم وفي لجان التكافل على وجه الخصوص, ومن خلال هذه اللجان تفجرت ينابيع الخير والأصالة في عمل دائب خلال فترة الاحتلال البغيض بصور بطولية أشبه بقصص الخيال واستمر هذا الأمر إلى وقت التحرير, وبدأ البعض يبحث عن شيء من الراحة من بعد العناء والبعض يضمد جراحه من أثر معركة مخيفة طوال أشهر عنوانها الرعب والجوع والتقتيل, وفي هذه الأجواء تستمر ينابيع الخير تظهر ليتجسد الدور الإنساني لهذه الذرية في صندوق التكافل لرعاية الأسرى دور لجان التكافل بالعمل في إعادة التعمير, وفي الجانب الآخر لجنة التوعية الاجتماعية للعناية بالجانب الاجتماعي والأخلاقي. وفي عملية البناء الجديد تظهر حاجة ماسة لدور ريادي جاد لمؤسسة تقوَّم ماضي البلاد قبل الاحتلال العراقي البغيض وتستشرف المستقبل لهذا البلد, مؤسسة تؤمن بسنن الله في خلقه بما يحقق الإفادة من تجربة الأزمة وعظات التاريخ, مؤسسة تعني أهمية الربط الدائم والوثيق بين كل الإصلاحات المتبعة في عملية إعادة البناء إسلامية العقيدة والسلوك فكانت هذه المؤسسة الشعبية رغبة منا في أن نساهم في حفظ أجيالنا القادمة من مغبة تكرار الكارثة وقبل هذا وفاء منا لشهدائنا الأبرار الذين ستظل ذكراهم شاخصة أمام أبصارنا نتناقلها جيلاً بعد جيل, والذين لم يستشهدوا في معركة عادة متكافئة, ولم يقتلهم عدو قد أعدوا أنفسهم لقتاله, بل نالتهم يد الغدر الآثمة ظلماً وعدواناً.

وإكباراً منا لصمود من صمد, وثبات من ثبت من مرابطين وأسرى معتقلين. ونحن إذ نذكر ذلك في هذه الرسالة نكرر من جديد دعواتنا إلى أبناء الشعب الكويتي كله إلى الاجتماع والتناصر في دفع الحركة الدستورية الإسلامية لتقوم بواجبها وإننا إذ نطرح برنامجنا ومرشحينا نشحذ همم المخلصين للوقوف مع مرشحينا ودفع برنامجنا ليجد القوة التنفيذية له في أرض الواقع.


محورها وانتماؤها

بعد ذكرنا للجذور التي تتصل بها الحركة الدستورية الإسلامية لابد من التأكيد على حاضرها فمحورها المسجد وقالبها المصلون والصالحون من جميع أبناء الكويت ومن العاملين في كافة المهن ومن جميع الطبقات, والرأي فيها شورى تشارك فيه الأصوات الطيبة بالصيغة التي تسمح بها ظروف الإنشاء لهذه الحركة المباركة التي تسعى إلى استشراف تنموي للمستقبل القريب منا والبعيد ضمن مراحل متلازمة من إعادة البناء في كل مجال حيوي من مجالات الدولة بدءاً بالسلطة السياسية وانتهاء بالترتيبات الفنية الإدارية في البلاد مروراً بالإصلاحات الإدارية في البلاد ومروراً بالإصلاحات الاقتصادية والتربوية والخطط الإعلامية والتكوينات الاجتماعية والتشريعات القانونية – وقبل كل ذلك جميعاً – التوجيهات الشرعية, والتي من شانها أن تصبغ كل هذه المجالات البنائية بصبغة دستورية إسلامية شاملة متكاملة {صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون} (البقرة 138).

فالحركة الدستورية الإسلامية "وطنية" المنطلق "شعبية" القالب, "إسلامية" التوجه, تعكس مطالب أبناء هذا الشعب بشكل واع ومبرمج, فهي حركة سياسية شعبية, إسلامية الهوية, كويتية المنشأ.

والحركة الدستورية الإسلامية إذ تؤكد على أنه لا علاقة لها بأي تشكيل خارجي إسلاميا كان أو وطنياً أو قومياً فإنها تثبت الدور الخيري للكويت وفق القواعد الشرعية "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا" " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" فالكويت بلد المسلمين وبلد الخير منذ كان أهلها ينتزعون لقمة العيش من حيتان البحر إلى اليوم الذي أكرمهم الله فيه بخروج البترول في أرضهم, والحركة الدستورية الإسلامية إذا تتبرأ اليوم من كل من وقف مع العراق, إنما تؤكد البراءة العملية التي جسدتها حركة المرابطين ولجان التكافل والهيئة العالمية للتضامن مع الشعب الكويتي في الخارج إبان الاحتلال فهي في نفس الوقت تؤكد إغاثة الملهوفين ونصرة المظلومين من المسلمين في كل مكان وهذا إن دل على شيء فإنما يدل يؤكد إسلامية وأصالة هذا الشعب الذي تنتمي له الحركة الدستورية الإسلامية.


المنهج والبناء الفكري

العاملون في الحركة الدستورية الإسلامية يؤمنون بمنهاج, ويناصرون عقيدة ويعملون في سبيل إرشاد الناس إلى نظام يتناول شئون الحياة جميعاً وهذه سمة "الإسلام" الذي نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين ليكون به من المنذرين بلسان عربي مبين, منهج تتعاون عليه كل الأيادي المخلصة في بلدنا الكويت وتتجه نحوه القلوب جميعا, ويتنازل كل الأوضاع وهم بذلك يستفيدون من كل الأسباب الشرعية المتاحة. من غير اعتقاد أن الأسباب فعالة بذاتها, فالالتفات إلى الأسباب شرك في التوحيد وجحد الأسباب نقص في العقل, والإعراض عن الأسباب بالكلية قدح بالشرع.

والحركة الدستورية الإسلامية تؤكد أن كتاب الله تعالى وسنة رسوله – صلى الله عليه وسلم – وعمل السلف الصالح مرجعها, وإليه تحتكم في كل خطواتها وتحرص على أن تكون لكل حركة من حركاتها منظور شرعي تلتزم به, فثقافة أبنائها قائمة على كتاب الله تعالى والسنة الثابتة عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – وإفهام سلف الأمة رحمهم الله والكتابات الموافقة لذلك.

والحركة الدستورية الإسلامية لا تعتسف الطريق ولا تتعجل خطوات تؤمن بالالتحام مع كل القوى الطاهرة التي تعمل على إنجاح المشروع الإسلامي, فهي تستيقن أن النجاح لا يمكن أن يتحقق من خلال جماعة معينة بذاتها, بل لابد من الالتحام مع كل الأيادي المتوضئة في كل قطاعات الشعب.


الحركة الدستورية الإسلامية والسياسة

نحن نرى أن السياسة في الإسلام تحمل في طيها سعادة الدنيا وصلاح الآخرة, فنحن سياسيون بمعنى أننا نهتم بشئون دولتنا وأمتنا, والإسلام لا يكتفي من المسلم بالوعظ والإرشاد ولكنه يحدوه إلى الحركة الدائمة لإيجاد الحق والعدل والحرية, ووجود الحركة في إطار أمانة عامة ولجان لا يعني أننا سياسيون حزبيون نناصر حزباً ونناهض آخر بل إن منهجنا هو سلامة الصدور ونقاء القلوب والإخاء القائم على قوله تعالى : {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} وقول الرسول –صلى الله عليه وسلم- "ألا أدلكم على أفضل من درجة الصلاة والصوم؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال: إصلاح ذات البين, فإن فساد ذات البين هي الحالقة, لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين".

وتجمعنا قائم على تحقيق مقصود قوله تعالى "ولتكن منكم امة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون" واستجلاباً لمعية الله تعالى لقوله –صلى الله عليه وسلم "يد الله مع الجماعة" وعلى ذلك فنحن نمقت أي تحزب يقوم على التنابذ والتقاطع والتدابر والبغضاء والضرر بمصلحة الأمة بل حركتنا تقوم وتخدم حرية الآراء التي يبيحها الإسلام فهي تقوم على تمحيص الأمور وبحق كافة الشئون ولا تمنع الاختلاف فيما يعد تحرياً للحق, حتى إذا وضح نزل على حكمة الجميع, والأمور السياسية التي تتخذها الحركة الدستورية الإسلامية في حقيقتها تفضيل بين المصالح, واتباع لقاعدة الفقهاء في الحرص على أكبر المعروفين عند تعارضهما ولو تفويت أدناهما, واحتمال أيسر المفسدين المتعارضتين لإبعاد أعظمهما وأكبرهما ولقد أطال الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى في بيان هذه القاعدة وتصويبها والأمر بالعمل بها, حتى إنه أفتى في هذا الباب بافتاءات يظنها من لا يعرف السياسة غريبة معيبة, وأغلب مواقفنا مخرجة على هذه القاعدة في الموازنة بين مراتب المعروف والمنكر ودرجات المصالح والمفاسد, فما من تعاون مع حزب معين أو تصريح بثناء على فعله حسنة من جهة لم يتم توثيقها أو ما شابه ذلك إلا وللحركة الدستورية الإسلامية فيها تأويل مستخرج وفق هذا الافتاء. ولا تدعي الحركة الدستورية الإسلامية أن كل هذه التصرفات المعتمدة على هذه القاعدة تكون صواباً دوماً في نتائجها فإن ذلك ليس ركناً في توثيق الحركة إنما تجتهد في باب السياسة كما في غيره فتصيب وتخطئ تبعاً لمدى الفراسة وطول التجربة, وإنما الركن المهم هو أن هذا التأويل والاجتهاد يستند إلى أقوال في مذاهب أعيان الفقهاء القدماء.


أهدافها

إن الحركة الدستورية الإسلامية مدعوة أن تعمل على غرس الإسلام في كافة الحياة, وأن تحافظ على المكتسبات الدستورية والنهوض بها إلى الحد الأمثل من التطبيق والممارسة, وذلك لإعادة بناء كويت المستقبل ضمن الأهداف الإستراتيجية الآتية:

1- تطوير النظام السياسي نحو المزيد من المشاركة الشعبية, وتعديل الدستوري الكويتي سعياً إلى تطبيق أمثل لمبادئ وقواعد الإسلام السامية.

2- توطيد أركان العدل في البلاد وتحقيق المساواة بين المواطنين, والمحافظة على مبدأ الشورى في الدولة, وفق مفاهيم الإسلام العادلة التي تربي عليها الشعب.

3- إعادة بناء الإنسان الكويتي وفقاً لهويته الإسلامية المتميزة, وانتمائه العربي الأصيل, وبما يلبي احتياجات خطط التنمية في البلاد.

4- التأكيد على سيادة الشعب الكويتي على كامل أراضيه وتأمين وسائل الدفاع عنها. في إطار الوحدة "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا".

5- إصلاح النظام الاقتصادي للدولة, تحقيقاً لمبدأ التوزيع العادل للثروات وصولاً به إلى نظام إنتاجي يعتمد تعدد مصادر الدخل القومي, وفقا لما تحويه مبادئ الإسلام من شمول وتكامل.

6- تأصيل النظم الاجتماعية والتربوية والإعلامية في البلد على أسس تجمع بين متانة الفكر الإسلامي, ومواكبة مراحل إعادة البناء لركب التقدم والحضارة.

7- السعي إلى الوحدة بين دول الخليج العربي لتحقيق تكامل اقتصادي وسياسي وعسكري شامل, والتطلع لتحقيق الوحدة العربية والإسلامية في المستقبل, وذلك تجسيداً لمبادئ الإسلام الداعية إلى الوحدة ونبذ التفرق.


جذور الحركة الدستورية الإسلامية

انطلقت الحركة الدستورية الإسلامية (حدس) على يد رجال التزموا نهج الإسلام المعتدل وانتهجوا طريق التغيير السلمي حاملين لواء التيار الإسلامي الشمولي, الذي نما في أحضان جمعية الإصلاح الاجتماعي ، فساهموا في تعميق أصول وقيم الإسلام في الكويت، وفي إطار العملية السياسية القائمة التزموا مبادئ العدل والمساواة والتعددية، ورسخوا قواعد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وضوابط أحكام الشريعة وقواعدها.

وتؤمن حدس بمنهاج الإسلام كنظام شامل لجميع جوانب الحياة باعتباره أساس الأمن وقاعدة البناء، وتناصر عقيدته، وتدعو لتطبيق شريعته، وتنادي للتمسك بقيمه ونظمه، وتعمل لإرشاد المجتمع لأخلاقه.. وتنبذ الحزبية البغيضة التي تقوم على التنابذ والتقاطع والضرر بمصلحة الأمة لمصالح ضيقة.

وتسعى "حدس" لتحقيق ديمقراطية متميزة وفق أطر دستورية من خلال الممارسة السياسية والأدوات البرلمانية والوسائل المشروعة وفقا لقاعدة (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن )..

وعبر مسيرة تجاوزت السبعة عشر عاما لم تنتهج "الحركة الدستورية الإسلامية" أسلوب المعارضة لذات المعارضة، أو تتخذ العداء والخصومة السياسية منطقا لمواقفها، أو تجعل المكاسب السياسية الضيقة أساسا لممارساتها، وبالرغم مما واجهته من تحديات وخصومات وضغوطات إلا أنها أوجدت واقعا سياسيا متميزا في أصالته ومصداقيته صححت فيه مساراتِ العملِ البرلماني التشريعي والرقابي لِتَصُبَّ باتجاهِ الإنجازِ وتحقيقِ خُطَطِ الدولةِ التنمويةِ الشاملةِ وتُسَاهِمَ في تنفيذ أهدافِ المجتمع العليا وتدفعِ عجلةِ الإصلاحِ الاقتصادي والإداري وتواجه الفسادِ وإزالةِ عوامِل التأزيم وضياعِ الأولوياتِ والبرامج..


البدايات..من رحم الغزو

جاء الغزو العراقي الغاشم على الكويت في منتصف العام 1990 ليحدث صدمة عظيمة وكبيرة في نفوس الجميع, حيث وجد أهالي الكويت أنفسهم بلا سيادة ولا حكومة ولا نظام ولا جيش دون مقدمات أو سابق إنذار.

الأمر الذي ولد مقاومة وطنية تذود عن تراب بلدها وتدافع عن مقدراتها وتحافظ على أهلها، فلعبت جمعية الإصلاح الاجتماعي دورا محوريا في قيادة عملية التحرير من العدوان الغاشم بالتعاون مع باقي الجمعيات الخيرية والقوى الشعبية... فكان المسجد محور التحرير والاستقلال، حيث برزت منه الإدارة السياسية والاجتماعية؛ وجمع كلمة أبناء الكويت تحت كلمة واحدة مضحين بالغالي والنفيس.

ونشأت لجان التكافل الاجتماعي التي جسدت صور الصمود والتعاون بين جميع أبناء المجتمع على مختلف توجهاتهم ، فقامت بإرسال المعونات المادية والغذائية وتوزيعها على الأسر, ورتبت أمور الجمعيات التعاونية وأوضاع الأسواق, وتوفير الخدمات الأساسية والضرورات الحياتية, كما شكلت فرق حراسة لضمان الأمن في الأحياء ، كذلك وجدت لجان تعمل من خلال المساجد على رفع معنويات الشعب وتزويدهم بالمعاني الإيمانية المطلوبة خلال تلك المرحلة.

فامتلأت المساجد بالمصلين في كل الأوقات وكانت دروس العبر والابتلاء والتثبيت هي ديدن خطباء المساجد, فثبت الناس بفضل الله ورابطوا دفاعاً عن وطنهم وعن عقيدتهم وعن شرعيتهم الدستورية التي حاول البعث اجتثاثها من الوجود.

وبرز عمل جمعية الإصلاح من خلال إقرارها هيكلية مجتمعية مبنية على الانفتاح على المجتمع ككل، ليصبح التحرك على كل أطياف بدلاً من التمركز على الحلقات العلمية والتربوية والسلوكية في الأوساط الدينية.. وانتقلت الحركة الإسلامية من حركة فئوية إلى حركة مجتمعية تخدم الجميع في سبيل الله، وجراء ذلك نجحت بإحداث تغيير الفكري في آلية التعامل مع المجتمع لتعمق حضورها المجتمعي..

وتمحورت هيكلية التغيير في التعامل حول سبل الاندماج المتكامل في المجتمع والابتعاد عن التمحور الذاتي والالتفاف حول ذاتية الدعاة. فكانت أول الخطوات العملية في سبيل تحقيق ذلك إشراك المجتمع بكامله في اتخاذ القرار، وهذا ما حدث في منزل عيسى الشاهين يوم الجمعة 3 أغسطس 1990م.

فالتقت قيادات جمعية الإصلاح مع بعض القياديين العسكريين ليتمخض عنه تشكيل هيكل خاص "حركة المقاومة الكويتية", ثم جمع هيكل لجان التكافل مع لجان المقاومة ليكون بعد ذلك تحت اسم "حركة المرابطين".

وساهم رجال جمعية الإصلاح في تأسيس "حركة المرابطين" التي أبلت بلاءً حسناً في مقاومة المحتل، وأصدرت صحيفة "المرابطون" للدفاع عن الكويت وقادوا المظاهرات للتنديد بالغزو مطالبين الدول العربية بالتعاون لطرد المحتل الغاشم, وساهمت في إيصال الأموال للمقاومين والمرابطين في الداخل للإنفاق على المقاومة والعمليات الفدائية ضد المحتل.

ويمكن حصر جهود "جمعية الإصلاح الاجتماعي" أثناء الاحتلال العراقي فيما يلي :

أ. داخل الكويت:

1- تأسيس لجان التكافل الاجتماعي:

2- المشاركة في أعمال جمعية الهلال الأحمر الكويتية

3- المشاركة في تأسيس حركة المقاومة الكويتية

ب- خارج الكويت:

1- انشاء الهيئة العالمية للتضامن مع الكويت والتي أشهرت رسميا بجهود د. طارق السويدان في واشنطن, وبمشاركة الاعضاء أحمد الجاسر و د. اسماعيل الشطي وبدر السميط وخالد الصالح وسعد الراجحي وسليمان شمس الدين وصلاح العبد الجادر وعبدالحميد البلالي وعبد الرحمن العبيدلي وعبد الله الربيعة و عبد الله العتيقي وعبد الله المطوع وعبدالمحسن العثمان وعبد الواحد أمان وعبد الوهاب الحوطي وعيسى العيسى وفؤاد الفوزان وماجد الرفاعي ومبارك الدويلة ومحمد الراشد ومساعد عبد الجادر وناصر الصانع ويوسف الحجي من الكويت.

2- المشاركة الفعالة في المؤتمر الشعبي الكويتي بجدة برئاسة رئيس مجلس ادارتها العم عبدالله المطوع – يرحمه الله – ودوره الكبير في رأب الصدع وتوحيد الصفوف أمام المجتمع الدولي ضد العدوان العراقي..

3- المشاركة في تأسيس لجنة الإخاء الإماراتية الكويتية بعضوية مساعد العبد الجادر –يرحمه الله- ومحمد الراشد, وعبد الله العتيقي, وبراك عبد النصار "نائب القنصل العام لدولة الكويت في الامارات آنذاك.

4- المشاركة في تأسيس "اللجنة النسائية في القنصلية الكويتية" في دبي بادارة سعاد الجارالله وخوله العتيقي.

5- المشاركة في اللجنة الكويتية العليا في بريطانيا (Free Kuwait): من خلال عبد العزيز الخلف وعثمان الخضر وصلاح العبد الجادر ود.فيصل الكندري ود. فيصل مندني ود.بدر الناشي ود.ناصر الصانع.. وغيرهم.

6- المشاركة في إدارة فرع "لجنة هيئة الأعمال الخيرية الإماراتية" التي عملت في تركيا لمساعدة الكويتيين مباشرة بعد الغزو:

7- المشاركة في المؤتمر الطلابي الإسلامي العالمي للتضامن مع الكويت بالشارقة في 25/8/1991 م الذي أقامه الاتحاد الوطني لطلبة الكويت والإمارات بحضور د.عبد الله العتيقي ود.إسماعيل الشطي والشيخ عبد الحميد البلالي ومبارك الدويلة ومحمد الراشد وخالد الصالح، وممثلين عن 48 منظمة طلابية.

8- المشاركة في المؤتمر الإسلامي العالمي لرابطة العالم الإسلامي حول أزمة الخليج:

9- المشاركة في مؤتمر الاتحاد الوطني لطلبة الكويت – فرع أمريكا-للدفاع عن قضية الكويت أثناء في الفترة من31/8/1990م إلى 2/9/1990م برئاسة عبد الله المطوع يرحمه الله.


بعد الغزو مباشرة

قررت جمعية الإصلاح الاجتماعي أن تغير من هيكلية إدارة عملها وأنظمة ولوائح تعاملاتها لتتناسب مع آثار وتبعات الحدث, واعادة ترتيب أوراقها.

وقد أوجد هذا الانفتاح المجتمعي فكراً خاصاً يتوافق مع هذا الحدث فصار التفكير في مستقبل الكويت، حيث بدأ الجناح العسكري يعمل والجناح الاجتماعي يخطط, وباتت تتضح جليا فكرة إنشاء حركة سياسية ذات جذور إسلامية تتوافق مع التغيرات الإقليمية التي طرأت على الخريطة السياسية العالمية.

وترسخ إيمان بأهمية وضع خطة تربوية, وثقافية, واجتماعية, وسياسية للبلد لاستشراف المستقبل، فأخذت ترتب أوراقها، وتعيد أولوياتها ، وتنسق أعمالها ،و تجهز أوراقها للعمل السياسي ، فكان بزوغ حركة تجمع بين الجانب الدستوري والإسلامي في وقت كان التعامل مع الدستور والبرلمانات أشبه بالمحرم،


وتم الاتفاق على اسم :"الحركة الدستورية الإسلامية"..

وبدأت الحركة استطلاع آراء جميع القوى السياسية في المسودة الأولى حتى تبلورت وثيقة الحركة الدستورية الإسلامية. وتم التنسيق مع قيادات الحركة الإسلامية في الخارج.

وجاء الاعلان عن الحركة الدستورية الإسلامية يوم 31/3/1991م من خلال عرض الوثيقة التي تمحورت حول ثلاثة نقاط مهمة "التحول من حركة فئوية إلى حركة مجتمعية"، "الدعوة إلى فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء"، "التأصيل والتقعيد للقوى السياسية وتحويلها إلى كتل سياسية في خطوة مهمة للوصول للنظام الحزبي".

وتم إعداد إستراتيجية للحركة تحت مسمى (الإستراتيجية الدستورية الإسلامية لبناء الكويت). ولما كانت التحديات تواجه الحركة في تحقيق أهدافها تبنت رؤية واحدة لبناء الكويت بعد التحرير ودونتها في وثيقة وقع عليها ثلة من رجالات الكويت يمثلون شرائح المجتمع والقوى السياسية كافة (وثيقة الرؤية المستقبلية).

وارتكزت الوثيقة على أساسيات وثوابت منهجية:

  • الإيمان المطلق بقدرات الله والالتزام بتطبيق شريعته.
  • التمسك الصادق بدستور عام 1962 مذكرته التفسيرية، واحترام كامل مواده نصا وروحا والعمل على جدية تطبيقه بأمانة.
  • إصلاح الأداة التنفيذية
  • استقلال السلطة القضائية
  • الوحدة الخليجية

واستجابت الحركة الدستورية الإسلامية لكل المبادرات التي تهدف للتنسيق بين القوى السياسية الكويتية، وساهمت بشكل إيجابي للتنسيق بينها، واتخذت المبادرات في مواجهة الأحداث المتعاقبة، كما ساهمت في كسر الجمود بين القوى والتيارات السياسية.

وبدأت فكرة التنسيق في الساحة السياسية من خلال مجموعة أنشطة سياسية تهدف إلى منع التفرد بالحكم والإصرار على إشراك الشعب في رسم مستقبله, مع التأكيد على المرجعية الدستورية في الحكم.

وساهمت الحركة بفعالية كبيرة في هذا الاتجاه, حتى جاء بيانها الصادر في 5 أبريل 1991م والذي أعلن فيه عدة مطالب جوهرية تتمثل بالآتي:

1) احترام نصوص الدستور ووقف عمليات انتهاكه المستمرة, بدءاً بإلغاء قرارات 3 يوليو 1986م, والخاصة بتعليق بعض أحكام الدستور وحل مجلس الأمة, وانتهاءً بإلغاء قرار إنشاء ما يسمى " بالمجلس الوطني ".

2) تحديد موعد قريب لانتخابات مجلس الأمة على ألا يتجاوز ذلك ستة أشهر .

3) أن يحمل التغيير الحكومي القادم منهجية جديدة في الاختيار تقوم على أساس قوة الكفاءة وأمانة الأداء وشعبية التمثيل.

4) إقصاء أعضاء الحكومة المسئولين عن الفشل الذريع الذي حدث في مواجهة الكارثة ومقدماتها ومعالجة الآثار المترتبة عليها, فضلاً عن محاسبة المقصرين.

وعرضت الحركة تصورها لوزارة ما بعد التحرير من خلال بيانها الصادر يوم السبت 13أبريل 1991م على, إذ وضعت مجموعة لاءات تتمثل بالآتي :

  • لا يجوز أن نلجأ إلى الحلول الترقيعية في محاولة تلمس المخرج من كارثة الأمس...
  • لا يجوز أن نكافئ المسئولين عن أزمة الأمس بتسليمهم مسؤولية بناء المستقبل..
  • لا يجوز أن نجري تبادلا داخليا في الحقائب الوزارية...
  • لا يجوز أن نعمد إلى تولية غير القوي الأمين في مواقع المسؤولية الوزارية...
  • لا يجوز أن نأتي بأشخاص تجاوزتهم الأحداث والوقائع ليكونوا محلاً للمسؤولية.
  • لا يجوز أن نتجاوز إرادة الشعب وآراءه في مواصفات وأسلوب اختيار الوزراء وتوليتهم...
  • لا يجوز أن نكرس عدم الثقة بالشعب من خلال احتكار المناصب الوزارية الهامة...

لم تكتف القوى السياسية بالوضع القائم، بل سعت حثيثا للإعداد للمؤتمر الشعبي, ولعبت مؤسسات أهلية وشعبية من دول التحالف دوراً مهما في إقامة المؤتمر المنشود, فكان تحديد موعد الانتخابات البرلمانية الخطوة الأهم التي أقدمت عليها السلطة في مواجهة عقد هذا المؤتمر. وحينها بذلت "الحركة الدستورية الإسلامية" جهوداً كبيرة من أجل عودة التنسيق ونجحت دعوتها في جمع اللجنة التنسيقية.

وجاء إلغاء الرقابة عن الصحافة وتثبيت الدوائر الانتخابية كآخر محاولة من السلطة لتفريغ خطاب المعارضة السياسي من محتواه, بالرغم ما انتهى إليه من تفكك اللجنة التنسيقية وانشغال معظم قواها بالاستعداد للانتخابات .

واقترب موعد الانتخابات وازداد التنافس فيها، وصار مجالاً خصباُ لخلخلة جدران الثقة بين تلك القوى، وفي مواجهة هذه المحاولات تقدمت الحركة بمشروع ينظم عمل اللجنة التنسيقية، وأطلقت عليه "دائرة العمل المشترك " ( دعم) وكان على شكل وثيقة ليؤكد وحدة الصف الشعبي تجاه قضايا الوطن المصيرية الماسة بوجوده أو بسيادته أو بمكتسباته، ويوجه العمل الشعبي السياسي إلى الوجهة التي تتحقق فيها المصلحة العليا للوطن, وبالأسلوب الذي يكرس التنسيق بين جهود التجمعات والقوى السياسية المختلفة، ويوجد قواعد مشتركة لعلاقة القوى السياسية مع السلطة الحاكمة، ويعمل على تكريس وتحقيق المبادئ التي نادت بها الوثيقة التاريخية لما بعد التحرير" الرؤية المستقبلية لبناء الكويت " ، وينادي بميثاق شرف العمل السياسي الشعبي في الساحة الكويتية بين كافة القوى والتجمعات التي اختارت لنفسها المشاركة فيه.

ورغم أهمية الطرح السياسي الذي احتواه المشروع, إلا أن التنافس غير المحمود في الدوائر الانتخابية والعمل المضاد لتفتيت هذا التنسيق حالا دون لقاء القوى ببعضها, الأمر الذي جعل الانتخابات نهايةً للتنسيق في فترة ما قبل الحياة النيابية.

ومع بداية الفصل التشريعي السابع خاضت القوى السياسية انتخابات اللجان البرلمانية, وعلى إثر نتائجها اتسع الخلاف بين التيارين الرئيسيين في الساحة المحافظ والليبرالي, حتى وصل الأمر إلى شكوك وتبادل اتهامات. الوضع الذي دفع الحركة الدستورية الإسلامية إلى التنسيق مع بقية الكتل الإسلامية والمحافظة، ونشأت كتلة برلمانية إسلامية تنسق فيما بينها, وظلت هذه الكتلة تعمل طوال فترة الحياة النيابية حتى الآن.

ورأت الحركة آنذاك أن الإصلاح لن يكون إلا بالتنسيق والتعاون بين القوى السياسية الشعبية, فقدمت مقترحا للتعاون يرتكز على أساس أخلاقي وأساس إداري متضمنا دعوة إلى إيقاف كافة الحملات التهجمية والتحريضية والتشكيكية الفردية والتنظيمية, والاتفاق على المطالب المشتركة التي تضمنتها "وثيقة الرؤية المستقبلية", وتحديد أولويات العمل الشعبي لتتبناها كافة القوى السياسية, وإعلان موقف موحد ضد سياسات الاستسلام لتقديمه في المجلس, ودعم مؤسسة البرلمان وحمايتها من التطاول والتجريح.