سعد المرصفي
مقدمة

عن عمر زاد عن الخامسة والثمانين عاما رحل عنا في يوم 17 يوليو 2018م الموافق 4 ذو القعدة 1439هـ بالكويت الأستاذ الدكتور سعد المرصفي أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، وجامعة الكويت، الذي يعدّ رائداً من رواد الحركة الإسلامية الراشدة في مصر، وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
تاركا وراءه عشرات المؤلفات في السنة النبوية والفكر الإسلامي، وكثيرا من المواقف في الدعوة والتربية، ردّ فيها على المستشرقين رداً علمياً رصيناً، فضلاً عن العديد من الأبحاث الفكرية والسياسية عن أسطورة الوطن اليهودية ، والرسول واليهود وجهاً لوجه ..وغيرها.
حيث ورى جسده الثرى بمدافن الصليبخات بالكويت بعد رحلة طويلة عاشها بين العلم والعمل الخيري على أرض مصر والكويت، مخلفا أثرا طيبا في نفوس كل من عرفه أو تعامل معه، وقد صدقت فيه مقولة من قال: "إن الرجل الصالح يترك أثرًا في كل مكان ينزل فيه"
وقد كان أن ترك الشيخ المرصفي بصمات وآثار طيبة، حيث يذكر أحد تلاميذه أنه عندما حضرته الوفاة كان يقرأ سورة تبارك على مسامع الشيخ، فرأيت الشيخ مدّ رجليه، وغطاهما فلما وصلت إلى قوله تعالى : "إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر كبير" رأيت رأس الشيخ سقط، فلمست رجليه ورأسه، فوجدته قد فارق الحياة.
بداية رحلة
فعلى أرض مصر وفي قرية المرصفي - تلك القرية التي أخرجت لمصر وللعلم والعربية عشرات من حملة ألوية الأدب والفضل حتى إن (علي مبارك) قال عن أهل هذه القرية:
- "ثم إن لأهل هذه البلدة اعتناء زائداً بتعليم أولادهم القراءة والكتابة، فيعلمونهم في الكتب، ثم يلحق كثير منهم بالأزهر، وقد برز من هذه القرية علماء أجلاء منهم الشيخ زين المرصفي، والشيخ أحمد شرف الدين المرصفي صاحب كتاب الطالع السعيد لإرشاد المريد .. وغيره، وكذلك الشيخ حسين المرصفي ..وغيرهم - التابعة لمركز بنها محافظة القليوبية ولد الشيخ سعد المرصفي في 27 مارس 1933م في بيت علم ودين، حيث قيل أن "أسرة الشيخ" تنسب إلى الإمام الحسين - رضي الله عنه - والمرء بعمله لا بنسبه.
- حفظ الشيخ سعد المرصفي القرآن الكريم، وهو دون التاسعة، والتحق بمعهد القاهرة الديني في منتصف الأربعينات من القرن الماضي، ثم درس في كلية أصول الدين بجامعة الأزهر الشريف، وحصل على ماجستير بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى في موضوع "النقد ومراحله في السنة"، ثم حصل على الدكتوراه بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى والتوصية بطبعها على نفقة جامعة الأزهر وتداولها بين الجامعات في موضوع "السنة بين أنصارها وخصومها" عام 1976م.
تأثر الشيخ بالعديد من العماء والمصلحون واقتفوا أثرهم ونهل من علمهم مثل الشيخ أمين محمود خطاب السبكي، والأستاذ الدكتور محمد أبو شهبة، والإمام الشهيد - حسن البنا، والشهيد سيد قطب - رحمة الله عليهم.
الشيخ المعلم
نهل الشيخ من صنوف العلم حتى أهلته ليجلس بين الناس بالعلم ويصبح أحد المشايخ الذين يلتف حولهم الطلاب، وعمل في العديد من المراكز وأصبح عضوا في العديد من المحافل العلمية ككونه أصبح عضوا في لجنة إعداد الموسوعة الفقهية - وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – دولة الكويت، كما أسندت له القيام بأعمال عميد كلية الشريعة والدراسات الإسلامية - جامعة الكويت - دولة الكويت: "قرار أ. د. مدير الجامعة: 726" في 27/12/1409هـ - 30/7/1989م، كما عمل أستاذا للحديث وعلومه في ذات الجامعة.
كما أنه كان عضو مؤسس في الهيئة الخيرية الإسلامية العالمية قبل أن يصبح مستشارا لها كما عمل مدرسا في كلية الحقوق بجامعة الكويت وحظى بمناقشة العديد من الأبحاث والدراسات العلمية في ذات الجامعة.
كما انه كان عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين - دبلن - أيرلندا، وعضو اللجنة المشتركة بين كليتي الحقوق والتربية - جامعة الكويت - للنظر في المقررات الإلزامية والاختيارية لمدرسي التربية الإسلامية، وعضو لجنة تطوير مناهج العلوم الشرعية، وعضو مجلس إدارة مجلة الشريعة
وعضو لجنة الدراسات العليا وتطوير المناهج، وعضو لجنة إبداء الرأي حول مقررات التربية الأساسية، وأهداف كلية أصول الدين بدولة الكويت، كما كان وكان من اللجنة العلمية التي راجعت، وأشرفت على طبع مصحف الملك فهد في السعودية، وغيرها الكثير من المناصب العلمية واللجان التحكمية ولجان تطوير التعليم في دولة الكويت.
لم ينس الشيخ عمله التربوي وسط الناس فحرص على الخطابة في مساجد الكويت يرسي فيهم قبسات من نور النبوية فعمل خطيب في مساجد - وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية – دولة الكويت – من 1972م. وكان للشيخ دروس علمية مفيدة تحت عنوان ملتقى الجمعة، حتى أنه كان يقدم حديث الروح في رمضان في إذاعة الكويت، وله عشرات الأحاديث الصوتية المسجلة، والفيديوهات.
من المحنة إلى العالمية
انتظم الشيخ سعد المرصفي في صفوف جماعة الإخوان المسلمين في مصر، وكان من أعلامها، وعاش محنة الحركة الإسلامية في مصر، وكان نزيل السجن الحربي في زمن عبد الناصر، وذاق العذاب، ولكنه خرج منه مربياً ناصحاً أميناً، أرسخ إيماناً، وهو رفيق الدكتور يوسف القرضاوي.
وما أن خرج من السجن حتى سافر إلى دولة الكويت حيث عاش بها أكثر من 40 عاما بلغ فيها للعالمية على أرضها وترك العديد من المؤلفات تجاوزت الـ200 مؤلفا والتي ناهزت عن الشريعة والسنة النبوية
ومنها:
- المستشرقون والسُنَّة وهو سلسلة للدفاع عن الحديث الشريف، أصدرته مكتبة المنار الإسلامية في الكويت.
- الجامع الصحيح للسيرة النبوية: ويقع في 2 جزءاً
- الرسول صلى الله عليه وسلم واليهود وجهاً لوجه (10) أجزاء
- أسطورة الوطن اليهودي : ويقع الكتاب في 1363ص
- شبهات حول أحاديث الرجم وردها
- أحاديث حد السرقة في ضوء أصول التحديث دراية ورواية
- أضواء على أخطاء المستشرقين في المعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي
- الخطر اليهودي
- موسوعة الوسطية
- المسؤولية الاجتماعية في الإسلام
- السحر والسحرة
- الوطن والمواطن تحت راية الإسلام
- الأمن والسلام في الإسلام
- المسؤولية الوطنية في الإسلام
- خصائص التصور الإسلامي للسلام
- دحض مفتريات القاديانية ... وغيرها الكثير من المؤلفات والأبحاث التي أثرت المكتبة الكويتية خاصة والعربية والإسلامية عامة.
كما نشرت له مجلة المجتمع الكويتية العديد من الأبحاث العلمية ومنها [وأقبلت الشعوب على المشروع الإسلامي، العدد الصادر في (21 صفر 1433هـ)، ومقال انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، العدد (8 جمادى الآخرة 1433هـ).
رحم الله الشيخ رحمة واسعة وتغمده بواسع فضله وجميل عفوه، ونفع بعمله هذه الأمة الغريقة التي في حاجة ماسة لعلمائها الصادقين ومصلحيها المتقين.
للمزيد
- مجلة المجتمع الكويتية
- عمر عبسو: الشيخ الداعية سعد المرصفي
- سعد المرصفي: المكتبة الشاملة
- وصفي عاشور أبو زيد: الشيخ سعد المرصفي، رابطة العلماء السوريين