عنف ضباط البحيرة.. جرائم موثقة
كتب- حسن محمود:
فارس بركات.. ضحية جديدة لعنف ضباط الأمن بمحافظة البحيرة ، تكشف تجاوزات جهاز مباحث أمن الدولة والشرطة التي تصاعدت في المحافظة، بحسب مراقبين محليين بطريقة عنيفة؛ حتى وصلت إلى الشروع في القتل، والإصرار على إحداث عاهات في الضحايا.
الضابط ناجي الجمال وراء الجريمة الأحدث التي خلفت رد فعلٍ مدويًا في المحافظة؛ حيث ألقى المواطن فارس بركات من الدور الرابع بعقار داهمه جهاز أمن الدولة، تحت إشراف الجمال لاعتقال 24 من إخوان مدينة دمنهور الأحد الماضي؛ مما أدَّى إلى إصابته بأربعة كسور بالفخذ والحوض والرجل اليسرى وعظمة الأنف؛ رغم أنه يعاني في الأساس من عجز بالقدم اليمنى.
وفي محاولة لإخفاء الجريمة، حاولت وزارة الداخلية إخفاء اسم الضابط للتستر على الجريمة، وتقييد الجريمة ضد مجهول، إلا أن المواجهة القانونية لمحامي الإخوان أجهضت المحاولة، فيما أحدثت المواجهة البرلمانية التي قادها نواب محافظة البحيرة فضحًا لما حدث.
ولم تكن هذه الجريمة الأولى للجمال؛ حيث ناقشت لجنة حقوق الإنسان في مجلس الشعب مؤخرًا وقعة تعذيب أحمد عبد الفتاح عبد العال الطالب الجامعي بكلية الآداب جامعة الإسكندرية فرع دمنهور على يد نفس الضابط ناجي الجمال، داخل مقر مباحث أمن الدولة، بعد القبض عليه من حرم الكلية، أثناء مشاركته في يوم دعم غزة ؛ حيث قام الجمال باستخدام وسائل التعذيب البدنية تجاه الطالب، والتي كان منها الصعق بالكهرباء مرات عديدة، وإجباره على تقبيل أحذية ضباط في أمن الدولة.
وشهد شهر رمضان الماضي انتهاكًا لكرامة الإنسان، بإمضاء جهاز أمن الدولة أيضًا، حيث أصرَّ مخبرا أمن الدولة ب دمنهور على اصطحاب "طاهر السعيد أبو شعرة"- 24 سنة- إلى مقر الجهاز ب دمنهور ، وتلقينه "علقة ساخنة" أمام ضابطهم، تاركين آثارًا واضحةً على ظهره من ضربٍ استمر بوحشية على جسده، وذلك بسبب أن أحد المخبرين سأله في مقر عمله عن عمه؛ حيث تردد أن ابنته المنتقبة ذات نشاط واسع في الجامعة، فطلب "طاهر" بعفوية الكارنيه الخاص به، وهو ما دفع المخبر الاتصال من خلال هاتفه الجوال بمخبر آخر، واصطحابه إلى مقر أمن الدولة ب دمنهور .
وتشابهت المواقف من مدينة دمنهور إلى مدينة رشيد؛ حيث قام ضباط من جهاز مباحث أمن الدولة برشيد باحتجاز مواطنين في مقر أمن الدولة برشيد، وتعذيبهم بالضرب المبرح والصعق بالكهرباء؛ مما أدَّى إلى إثارة الأمر برلمانيًّا مرةً أخرى في طلب إحاطة قدَّمه النائب عبد الحميد زغلول في لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشعب.
وتسبب العنف في إحداث عاهة في أحد الضحايا؛ حيث قام أحمد عيسى طه أمين شرطة بحرس جامعة البحيرة بفقء عين الطالب محمد عبد المقصود الطالب بكلية التجارة ب دمنهور ، وأحد طلاب الإخوان في 21 مارس 2007 م، مما أدَّى إلى انفجارٍ بمُقلة عينه اليمنى، وبروزٍ للجسم الزجاجي خلال الجرح الموجود بالقرنية، وفقْد العدسة البلُّورية والخزانة المقدّمة؛ مما أدَّى إلى نسبة عجز بالبصر بنسبة 15%.
إلا أن القضاءَ هذه المرة تصدى بقوةٍ لما حدث، وأصدرت محكمة جنايات الإسكندرية مأمورية دمنهور في حكمٍ تاريخي بحبس أحمد عيسى طه لمدة 3 سنوات، وتغريمه 5001 جنيه على سبيل التعويض المؤقت، في أول إجراء قضائي حاسم ضد عنف حرس الجامعة ووزارة الداخلية ضد طلاب الإخوان المسلمين الذي شُهد خلال العامين الماضيين.
كما تعرضت قرية سراندوا بمركز دمنهور إلى عنف أدَّى إلى استشهاد أحد نسائها على يد جهاز الشرطة بقيادة المقدِّم محمد عمار؛ حيث قاد معركة في فجر يوم الجمعة 4 مارس 2005 م ضد الأهالي الذين فوجئوا بعملية القبض العشوائية على بعضهم، وتم حصار القرية بأكثر من 20 سيارة أمن مركزي، بالإضافة إلى تدمير بعض منازل القرية، وتعذيب وتشريد أهلها والقبض عليهم، ووضعهم في أماكن غير قانونية؛ لتستمر الشرطة في عمليات تعذيب بشعة، حتى توفِّيت شهيدة الفلاحين الشهيدة "نفيسة المراكبي" إثر صدمة بالعصب العاشر في 14 مارس 2005 م.
وترجع وقائع أزمة فلاحي عزبة سراندوا إلى بدايات عام 2005 م عندما قام أحد كبار الملاَّك- ويُدعَى صلاح نوار- بالتواطؤ مع مباحث مركز شرطة دمنهور في تلفيق القضايا للمزارعين؛ حيث تم تلفيق أكثر من خمس قضايا لعشرات الفلاحين والفلاحات لتهجيرهم من أراضيهم؛ منها: القضية 12551 لسنة 2005 م، والقضية 2825 لسنة 2005 م جنح مركز دمنهور ، والقضية 17154 لسنة 2005 م، والقضية 27917 لسنة 2005 م جنح مستأنف دمنهور ، والقضية رقم 776 لسنة 2005 م جنايات مركز دمنهور .
من جانبه يؤكد النائب صبحي صالح عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشعب أن جريمة التعذيب باتت سياسة نظام منهجية معتمدة ومرتبة، وليست خطأ أفراد تعكس رؤية النظام وعقيدته في الحكم؛ بدليل استمرار الظاهرة بلا توقف وازدياد معدلاتها، وسط حرص النظام على إعلان حمايته وحراسته لمن يقوم بها.
ويوضح أنه وفقًا لأحكام الدستور بأن سيادة القانون أساس الحكم في الدولة، وتنفيذًا لذلك؛ كان يتعيَّن على النظام معاقبة الجناة ومحاكمتهم جنائيًّا ومجازاتهم إداريًّا ومقاضاتهم مدنيًّا، مشيرًا إلى أن استمرار تجاهل القانون تنهار معه فكرة الدولة القانونية في نفس المواطن، وتسقط فكرة وجود الدولة في الواقع.
ويشير إلى أن هذا المنهج الحكومي يدفع المواطن إلى أحد سبيلين: إما الفوضى والعودة إلى ساحات شريعة الغاب والثأر والانتقام، وإما فقد انتماء المواطن لبلده ولجوئه إلى القضاء الدولي؛ على أساس أن ما يحدث يعد جرائم إبادة يعاقب عليها القانون، ويوضح أن الملاحقة السياسية والشعبية باتت لا تجدي نفعًا مع هذا النظام المتبلد وفاقد الإحساس والحياء، وأنه لم يعُد من سبيل حقيقي لاستعادة حقوق المعذَّبين وشهدائهم إلا بالإصرار على استقلال القضاء، واحترام أحكامه من الجميع.
المصدر
- خبر:عنف ضباط البحيرة.. جرائم موثقةإخوان أون لاين