فلسطين في أيلول؟
بقلم : علي بردى
يتحسب الإسرائيليون منذ الآن لإمكان استقلال فلسطين في أيلول المقبل. يحاولون خداع العالم بذريعة أنه لا يجوز الاعتراف بالدولة الفلسطينية إلا بعد التوصل إلى اتفاق سلام مع إسرائيل.
يبتزون إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما بورقة الانتخابات الرئاسية لمنعه من تحقيق وعده بقبول عضوية فلسطين في الأمم المتحدة.
الفلسطينيون يعيشون على الأمل.
يبنون مؤسسات دولتهم. يستعدون لإعلان الاستقلال بحلول سنة 2012. فطوال 63 سنة، أخفق النظام السياسي العربي في استعادة فلسطين . لم تنفع جهود "قوى الاعتدال" ولا محاولات "قوى الممانعة".
وها هي الشعوب العربية تصيح بحكامها: سحقاً لكم!
تفيد التجارب السابقة – وأحدثها كوسوفو - أن قبول دولة جديدة في عضوية الأمم المتحدة يستوجب خطوات إجرائية محددة: أولاً، يجب على الجهة المعنية تقديم طلب رسمي إلى الأمين العام للمنظمة الدولية مرفقاً ببيان رسمي أيضاً يتضمن تعهد هذه الجهة قبول الواجبات المحددة في ميثاق الأمم المتحدة.
ويتعين ثانياً على مجلس الأمن أن يدرس الطلب بغية إصدار توصية بغالبية تسعة من الأصوات الـ15، شرط ألا تستخدم حق النقض "الفيتو" أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس: الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
وإذا أوصى المجلس بالموافقة على العضوية، ينبغي ثالثاً أن يحال الطلب على الدرس في الجمعية العمومية للأمم المتحدة.
ويجب أن يحظى التصويت عليه بغالبية ثلثي الدول الـ192 الأعضاء في المنظمة الدولية، أي 128 صوتاً، لقبول عضوية الدولة الجديدة. وتصير هذه العضوية سارية في تاريخ إصدار القرار.
انتزع الفلسطينيون حتى الآن اعترافات من 112 دولة بدولة فلسطين على حدود ما قبل حرب 4 حزيران 1967. وهم يحتاجون إلى أصوات ما لا يقل عن 16 دولة أخرى.
وثمة بلدان عدة تستعد للقيام بخطوات محددة.
ولن تمضي أشهر قليلة حتى تتوالى الاعترافات من دول أخرى في أميركا اللاتينية وأميركا الجنوبية، غير أن القرار الحاسم لا بد أن يأتي من الدول الـ27 الأعضاء في الإتحاد الأوروبي وغيرها في القارة القديمة.
الفلسطينيون يدركون هذه المرة أن مسألتي استقلال فلسطين وقبول عضويتها في الأمم المتحدة ليستا من القضايا الست لمفاوضات الوضع النهائي: الحدود، الأمن، المستوطنات، القدس، اللاجئين والمياه.
يتسلح الإسرائيليون الآن بأن أوباما وضع نفسه في "مأزق"، إذ أمل أن تكون فلسطين كاملة العضوية خلال الدورة المقبلة للجمعية العمومية للأمم المتحدة في أيلول.
يلوحون له بأوراق جماعات الضغط اليهودية خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني 2012 .
هذا المأزق قد يدفع الإدارة الأميركية الى استخدام حق النقض في مجلس الأمن لمنع قرار منح دولة فلسطين عضوية الأمم المتحدة.
إذا اختارت واشنطن عزلتها السياسية العالمية مجدداً من أجل محاباة إسرائيل، لن تكون هذه نهاية المطاف.
واحد من الخيارات الكثيرة الأخرى أمام الفلسطينيين هو السعي إلى الاعتراف بدولتهم الجديدة مباشرة من الجمعية العمومية، علماً أن هذه أصدرت القرار 377 عام 1950 خلال الحرب الكورية لإتاحة إجراء ما يعرف باسم "الإتحاد من أجل السلام".
آنذاك استخدم الإتحاد السوفياتي حق النقض مراراً لمنع مجلس الأمن من تولي مهماته للحفاظ على الأمن والسلام الدوليين. وجاء القرار ليتجاوز "الفيتو" السوفياتي، ويقلب القاعدة الإجرائية إذا كانت القضية المطروحة تشكل تهديداً للأمن والسلام الدوليين.
إذا اتخذت الأمور هذا المنحى، لن يكون تصويت الجمعية العمومية بمثابة قبول لعضوية فلسطين في الأمم المتحدة إلا إذا عاد مجلس الأمن وأوصى بهذه العضوية.
غير أن تصويتاً كهذا يمثل دفعاً لا سابق له على الساحة الدولية لتشريع إقامة الدولة الموعودة.
المصدر
- مقال:فلسطين في أيلول؟المركز الفلسطينى للتوثيق والمعلومات