مذكرات الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
مذكرات الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي
عبدالكريم خطابي7.jpg

المؤلف: روجر ماثيو نقله إلى العربية عمر أبو النصر

ما زالت شخصية محمد بن عبد الكريم الخطابي تجذب إليها الكثير من المؤرخين والباحثين ورجال السياسةوالأدب، ممن واكبوا هذه الشخصية التاريخية بالمزيد من الاهتمام والبحث، كتلك التي تناولت شخصيته في أبعادها البيوغرافية والتاريخية والسياسية، سواء داخل، الكتابات الأجنبية حول تلك الشخصية، الفريدة من نوعها.

وتبقى الكتب الأجنبية الأعمق من بين مجموع ما كتب عنها إلى حد الآن، وإن كان مجموع ما كتب حقيقتها التاريخية، في انتظار أن تتوسع أيضا دائرة الاستثمار الأدبي لها، في أبعادها التاريخية تحديدا، بمثل ما قام به كتاب وروائيون على مستوى استيحائهم لبعض الشخصيات التاريخية العربية في أعمالهم الأدبية، الروائية والمسرحية تحديدا.

كان من آخرها ما قام به بعض الروائيين العرب على مستوى إعادة تمثل سير بعض الشخصيات، من قبيل «المهدي بن تومرت»، مؤسس دولة الموحدية بالمغرب، في رواية بعنوان «الإمام» للروائي المغربي كمال الخمليشي(2005)، وشخصية «الأمير عبد القادر الجزائري» في رواية «كتاب الأمير» للروائي الجزائري واسيني الأعرج(2005)..

وبالرغم من ذلك، فإن شخصية الخطابي ظلت مثار اهتمام ومتابعة ورصد من قبل العديد من المؤرخين والباحثين ورجال الإعلام والأدب، لما يتميز به مساره الحياتي من استثناء وقيمة تاريخية مرجعية، في مقاومة المستعمر والمعارك وحرب العصابات.

وأخيرا فقط، صدر كتابان جديدان يرصدان شخصية عبد الكريم الخطابي من زوايا مختلفة ومتكاملة.

الأول جماعي، بعنوان «لجوء محمد بن عبد الكريم الخطابي إلى مصر: الأبعاد والدلالات الوطنية والدولية» (منشورات المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، 2005)، أما الثاني فهو مترجم بعنوان «مذكرات الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي» لروجر ماثيو، نقله إلى العربية عمر أبو النصر (منشورات العباسية، 2005).

وإذا كان الكتاب الأول، عبارة عن أعمال الندوة الدولية التي نظمتها المندوبية المغربية بتنسيق مع مؤسسة عبد الكريم الخطابي بمدينة الحسيمة، يتناول بالدراسة والتحليل أربعة محاور أساسية تخص : استمرارية مقاومة الخطابي، وأصداء نزول الخطابي في مصر، وعلاقة الخطابي بزعماء الحركة الوطنية المغربية، والخطابي في الخيال الإبداعي، فإن الكتاب الثاني جاء بدوره في أربعة محاور حول «مذكرات بن عبد الكريم الخطابي، وكيف حارب عبد الكريم فرنسا ولماذا؟

وعبد الكريم وأوروبا، ونهاية الحرب الريفية، عدا مقدمة للمترجم قام فيها بجرد مجموعة من الشهادات الصادرة عن بعض رجال الصحافة الأوربيين من الذين ذهبوا إلى عبد الكريم الخطابي يحاولون الاجتماع به والتحدث إليه في إبان المعارك الحربية بين الريف والإسبان (جريدة «الديلي إكسبريس» الانجليزية، المستر ورد بريس مراسل «الديلي ميل» الإنجليزية، مراسل المورنين بوست، مراسل «التايمز» في طنجة، الكاتب الفرنسي إميل بوري، المارشال ليوطي، المركيز دي سيجو نزاك، المستر كنورثي عضو مجلس النواب البريطاني، جريدة «دويتشه الجمينة تسايتونغ» الألمانية).

ومن بين ما جاء في تلك الشهادات قول المستر كنورثي عن عبد الكريم الخطابي: رجل حرب وزعيم يعرف كيف يجعل الجماهير تنقاد إليه حتى صار الناس في الهند وبغداد والقاهرة يرون فيه رجلا يصلح أن يكون أميرا للمؤمنين وحاملا لسيف الإسلام.

فإذا أصبح والحالة هذه في مركز يدعو فيه إلى الجهاد في أفريقية الشمالية وبلاد العرب والأناضول، فإن إنجلترا وفرنسا وإيطاليا تتعرض لأخطار عظيمة، ولا يبعد أن تمس هذه الأخطار دولا أخرى غير هذه أيضا. (ص7).

ويتناول الصحافي روجر ماثيو، المحرر العسكري لجريدة «لماتان» الفرنسية الأسباب الأساسية الأولى للحرب الريفية الإسبانية ـ الفرنسية، وما كان لها من نتائج. كما يسوق بعض تصريحات وأقوال محمد بن عبد الكريم الخطابي، بعد أن تمكن ماثيو من تخطي الخطوط الحربية ومقابلته واجتماعه به في الثامن من سبتمبر (ايلول) 1925على ظهر (العبدة)، الباخرة التي أقلت الخطابي إلى منفاه.

ويعتبر ماثيو تصريحات الرجل بمثابة مستندات تاريخية تتناول أمورا هي والحق يقال من أهم مستندات التاريخ في العصر الحاضر.

كما يعتبر هذه المذكرات الوحيدة من نوعها في العالم وقد صادق عليها بن عبد الكريم الخطابي، وكتب بخط يده تحتها ما نصه بالحرف: «إني أعترف بأن هذه المذكرات التي ستنشر بإمضاء محرر جريدة «لماتان» هي نفسها التي أملاها شقيقي سي محمد على الكاتب المذكور»(ص37).

ومن بين الأسباب التي دفعت ماثيو إلى نشر هذه المذكرات في كتاب قائم كونها تناولت بصراحة وصدق الأسباب الأساسية للحرب، والثقة بالغالب الفرنسي الذي راح يسلم نفسه إليه.

وفيها من التصريحات الخطيرة السياسية ومن التهم الموجهة إلى بعض الحكومات والشخصيات البارزة ما حملني على أن أترك مسؤوليتها للأمير عبد الكريم نفسه، وأن أنشرها في كتاب يكون حجة في المستقبل للذين يريدون البحث في أسباب الحرب الريفية ومصائرها ونتائجها، مع المستندات التي تثبت ما نشرته وتؤيد ما رحت أروج لإذاعته.

في هذه المذكرات، نتعرف على جوانب من السيرة الذاتية والسياسية والحربية لفائدة ثورة الريف، بدءا بالحديث عن نشأته في بلدة أجدير، فمرحلة دراسته بتطوان وفاس، فرحلته الثانية إلى فاس لأسباب سياسية هذه المرة، متأثرا في ذلك كله بوالده الذي أخذ عنه الكثير من خططه الحربية وخبرته العسكرية، فذهابه إلى مدينة مليلية، حيث عين معلما بإحدى المدارس، فتعيينه قاضيا لمحكمة مليلية ثم قاضيا للقضاة في المنطقة كلها، فاعتقاله من قبل الإسبان.

ثم تتوالى محكيات هذه المذكرات بحسب الأسئلة التي يوجهها الصحافي ماثيو لابن عبد الكريم ولشقيقه السي محمد، وفيها من التوضيحات الشيء الكثير مما يضيء تلك المرحلة الاستثنائية في تاريخ المغرب الحديث، بمعاركها وحروبها وأسبابها ومفاوضاتها ورسائلها ويومياتها، كتلك المتعلقة بحرب الثلاثة أشهر من عام 1925 (مايو، يونيو، يوليو)، بما يوازيها من حديث عن علاقة محمد بن عبد الكريم مع أوربا، مع تركيا وتحديدا مع مصطفى كمال باشا الذي كان معجبا به وبنبوغه وعظمته وجرأته، ومع الإنجليز والإيطاليين، وغيرهم، وصولا إلى تسليم عبد الكريم الخطابي لنفسه ورميه السلاح رحمة بسكان الريف وقبائله من أن تلم بهم ويلات حرب لم يبق فيها أمل، فتذهب بالبقية الباقية منهم، بمن فيهم عائلته التي خاف ابن عبد الكريم أن يصيبها مكروه من بعده. يمكن اعتبار هذا الكتاب من بين أهم المؤلفات البيوغرافية التي تمكنت من لملمة جوانب مهمة من سيرة الخطابي في أبعادها المعروفة وغير المعروفة.

المصدر