يوم مشهود للإخوان في البرلمان المصري

من Ikhwan Wiki | الموسوعة التاريخية الرسمية لجماعة الإخوان المسلمين
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث
يوم مشهود للإخوان في البرلمان المصري


كتب- عبد المعز محمد

مقدمة

- كانوا الأغلبية في الجلسة وأجبروا البرلمان فتح ملف السفينة الفرنسية

- الحسيني يكشف خطأً لغويًّا في اتفاقية دولية كان سيكلف مصر كثيرًا

بدأ اليوم طبيعيًّا لنواب الإخوان في جلساتٍ كانت توصف في الماضي بأنها مملةٌ ورتيبة، فهي جلسات عهدها البرلمان المصري بأنها لتمويت القضايا، وهي جلسات مناقشة الاتفاقيات والمعاهدات الدولية التي وقَّعتها مصر بالفعل، وحتى نهاية الجلسة الأولى للبرلمان يوم الثلاثاء 200617/1/ لم تكن هناك أزمةٌ، ومع بداية الجلسة الثانية كان الوضع مختلفًا، حيث سبق وأن وافق الدكتور أحمد فتحي سرور- رئيس البرلمان- أثناء الجلسة الصباحية على تحويل البيانات العاجلة وطلبات الإحاطة التي قدَّمها نواب الإخوان وغيرهم من النواب بخصوص موافقة مصر على عبور حاملة الطائرات الفرنسية "كليمنصو" لقناة السويس، في طريقها إلى حوض تقطيع السفن بميناء جوجارت الهندي، وذلك بعد منعها من المرور لمدة 3 أيام، بسبب حمل السفينة مئات الأطنان من المواد السامة.

وقال النواب: إن قرارَيِ المنعِ والعبورِ ارتبطا- بالدرجة الأولى- باعتباراتٍ سياسيةٍ، وقال النواب: إن وزارة البيئة أكدت أن قرار السماح بمرور السفينة الفرنسية صدر بعد أن قامت السفارة الفرنسية بالقاهرة بتسليم وزارة البيئة وهيئة قناة السويس المستنداتِ الخاصةِ بالسفينة وحمولتها ونوعية المواد الخطرة الموجودة على متنها.

وقالت الوزارة: إن الأوراق أكدت التزام السفينة "كليمنصو" باتفاقية "بازل" لعام 1989 والتي تمنع الدول من تصدير النفايات السامة إلى دول العالم الثالث ودفنها، هذا في الوقت الذي تؤكد المعلومات الواردة من فرنسا نفسها بأن ما تحمله "كليمنصو" يهدد البيئة في مصر وغيرها من الدول التي تمر بها، ورغم ذلك وافقت مصر على عبور حاملة الطائرات العملاقة.

وأمام هذا الإصرار من نواب الإخوان قرَّر رئيس البرلمان بتحويل الموضوع للجنة الصحة والبيئة بالمجلس، وألزم وزير البيئة بالحضور، وفي اجتماع عرض ماجد جورج- وزير البيئة- موقفَ الوزارة، وأكد أن حاملة الطائرات الفرنسية "كليمنصو" ما زالت ترابط في منطقة غاطس ميناء بورسعيد على مسافة ‏18‏ كيلو مترًا من الشاطئ‏،‏ وأنها لن تعبر قناة السويس‏‏ إلى حين الانتهاء من الفحص البيئي؛ لضمان خلوها من أية مسبباتٍ ضارَّةٍ بالمياه‏‏ أو الأجواء المصرية‏.

وقال جورج: إنَّ الوزارة لم تقف مكتوفة الأيدي‏؛ لأن الأمر لا يتعلق بحماية مجرى ملاحي فقط‏،‏ بل يتعلق بسلامة مجرى عالمي من التلوث والإشعاعات الضارة‏.

ومع بداية الجلسة الثانية عرض الوزير نفس ما أكده في اجتماع اللجنة، ثم فاجأ رئيس البرلمان النواب بأنه يكتفي ببيان الوزير، إلا أن نواب الإخوان اعترضوا وطالبوا بفتح باب المناقشة، وأمام شدٍّ وجذبٍ من النواب قال النائب محسن راضي: إن القضيةَ خطيرةٌ، وتحتاج للمناقشة، ومن حقهم كنواب أن يعرضوا ما يحيط بمصرَ من مخاطرَ بيئيةٍ بسبب هذه الكارثة، مضيفًا: إنه لا يجب الاكتفاء ببيان وزير البيئة، وأمام هذا العرض طرح الدكتور فتحي سرور الموضوع للتصويت.

وكانت المفاجأة أن نواب الإخوان الذين صوَّتوا لفتح باب الموضوع كانوا يشكلون الأغلبية في الجلسة، وهو ما دفع الدكتور سرور لأخذ رأي نواب الوطني الذين مثلوا الأقلية في الجلسة، والذين وافقوا على فتح الموضوع؛ استجابةً لموقف نواب الإخوان، وقالوا: إننا لا نقل وطنيةً عن نوابِ المعارضة، وأمام هذا الموقف قرَّر الدكتور فتحي سرور فتحَ الموضوع للنقاش استجابةً لرأي الأغلبية، وهي المرة الأولى في تاريخ البرلمان التي يتم فيها الرضوخ لموقف المعارضة؛ لأنها مثَّلت الأغلبيةَ في هذه الجلسة.

وقد شهدت كلمات النواب هجومًا ضاريًّا على موقفِ الحكومة غير المفهوم في قبول وقف حاملة الطائرات كل هذا الوقت في المياه المصرية، مؤكدين أنه كان يجب أن تقرر الحكومة- من بداية الموضوع- بعودة الحاملة لبلدها مرةً أخرى، لا أن توافق بمرورها رغم رفض الهند المسبق بعدم استقبالها لها.

وشنَّ النواب أكرم الشاعر، وعلي فتح الباب، ومحسن راضي، وحمدي حسن، ومصطفى عوض الله هجومًا ضاريًا على الحكومة، واتَّهموها بأنها تُعرِّض صحة المصريين للخطر بهذا الموقف الغريب الذي راعى مصالح البعض على حساب مصلحة الوطن.

اتفاقية مكتوبة خطأ

النائب سعد الحسيني

ولم ينته الأداء الرائع للإخوان عند هذا الحد، بل ضرب نواب الإخوان مثالاً آخرَ للدقة والاحتراف البرلماني؛ حيث اعترض النائب سعد الحسيني على اتفاقية منع تهريب الآثار بين مصر وبيرو، وقال النائب: إن الاتفاقية تضمَّنت خطئًا لغويًّا فادحًا في بنودها، حيث نصًّت على "أن الأثر هو ما تُعد 50 سنةً أو 100 سنةً"، وهو ما يمثل خطورةً على محاولات الحدِّ من تهريب الآثار، وقال: إنَّ الصياغة الأصح هي "الأثر ما تعدى عمره 50 أو 100 سنةً".

وقال النائب: إنه راجع أصل الاتفاقية الواردة من وزارة الخارجية فوجدها بنفس الخطأ، وهو ما نقلته لجنة الثقافة بنفس الخطأ، وطالب بمراجعة أصل الاتفاقية باللغة الإسبانية؛ لمعرفة إن كان عدم وجود حرف الياء خطأً أم مقصودًا؛ لأن غياب هذا الحرف نقل المعنى لأمرٍ آخرَ بالمرة، وأمام هذا العرض من نائب الإخوان طلب الدكتور مفيد شهاب- وزير الشئون القانونية والبرلمانية- الكلمة، واعترف بخطأ ما جاء في مستندات الاتفاقية، وأيَّد ما ذهب إليه النائب.

وهنا طلب رئيس البرلمان بإحضار أصل الاتفاقية باللغة الإسبانية وترجمة النص، وفي أقلَّ من ربع ساعة جاءت الترجمة مؤيدةً لما كشفه نائب الإخوان بأن ترجمة وزارة الخارجية خطأ، وهو ما كان سيعرِّض الآثار المصرية للخطر، وقرَّر المجلس عودة الاتفاقية للحكومة لتعديلها وعرضها على البرلمان مرةً أخرى.

المصدر